موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 6 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الحرب النفسية ( من كتابات د.نبيل فاروق)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 9:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس يونيو 14, 2007 2:19 pm
مشاركات: 5953
[align=center]الحرب النفسية

من كتابات د/نبيل فاروق
[/align]
[align=center]


الحرب النفسية ... الجزء الأول
عبر التاريخ .. (1)
[/align]


مدافع .. قنابل .. دبابات .. طائرات .. صواريخ ..

عشرات الأسلحة ، فى كل حرب ، تحبس أنفاسنا ، وتعتصر قلوبنا ، وتفجر مزيجا من الخوف والأنبهار والذعر وربما الأرتياع ايضاً.
وما إن تنشب حرب من الحروب حتى نشاهد صور القصف الجوى والانفجارات ، وامطار القنابل والرصاصات والدم ..
وفى اعمق اعماقنا ،نتصور ان هذه هى الحروب..
دمار ووبال ودماء وانهيارات وقتلى وصرعى .. و .. و ..
ومن كثرة ما تحتشد الصور والمشاهد فى ذهننا ، وفرط ما يراق فى كياننا من ألم ومرارة ، ننسى دوما أن كل هذا مجرد صورة مادية للحرب
وليس كل الحرب
فخلف كل هذا ،و بين سطوره ،وقبله وبعده وفى الخلال ايضاً، تدور دوما حرب طاحنة ضروس ، قد لا تنطلق فيها رصاصة واحدة ، ولعى الرغم من هذا فالخبراء يعتبرونها جزء أساسياً من الحرب الشاملة
إنها الحرب المعنوية ..
أو الحرب النفسية ..

وعلى الرغم ان معظمنا يعرف المصطلح تماما، وربما يردده كثيراً ايضاً ، ألا ان القليلين .. والقليلين جداً من يدركون معناه ..
معناه الحقيقى ..
وندرة هى من تعرف تاريخه , وبدايته ,نشأته الأولى عبر التاريخ ..

فالحرب النفسية ، هى الحرب تلك التى تستهدف نفسية الخصم ومعنوياته ، دون جسده وقدراته الفيزيقية..

الحرب التى تسعى لتشكيل فكره ، وتوجيه عقله إلى هدف محدود ، يخالف حتماً كل ما يمكن أن يجعله فعالاً ، فى ميدان الحرب والقتال ..

لقد عرف العالم تلك الحروب النفسية منذ زمن بعيد .. بعيد للغاية

فالتاريخ يعود بنا ، فى هذا الشأن ، الى ما يقرب من ثلاثة آلاف وخمسمائة عام ..

بالتحديد فى عهد (تحمتس الثالث ) (1490 - 1436 ق. م) وتحتمس الثالث هذا هو سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشر ، وقد آل اليه العرش وهو فى الأربعين من عمره ، على عكس من سبقه من فراعنه الأسرة كلها ..

وعندما تقلد ( تحتمس الثالث ) عرشه ، كانت منطقة الشرق الأوسط كلها غارقة فى خضم من الأضطربات والعواصف السياسية ، التى لم ترق له أبداً ، مما جعله يتخذ قراراً خطيراً جداً ، بمقاييس ذلك العصر..

قرار أن يسيطر على المنطقة كلها ..

وفى سبيل هذا ، خاض ( تحتمس الثالث ) سبع عشر حمله حربية طافرة ..

والتاريخ يقول : أنه قد أذهل اهل عصره ..

فبمبادرة مذهلة ، ألغى (تحتمس الثالث ) كل النظم القتالية والعسكرية والتى كانت متبعة من قبله وقسم الجيش إلى قلب وجناحين بحيث ينقض القلب على الخصم ، فى حين يطوقه الجناحين فتضطرب صفوفه وترتبك قيادته من فرط المفاجاة وعنف الهجوم الجانبى ..
ولأول مرة عبر التاريخ أبتكر (تحتمس الثالث ) ما يعرف بأسم الحرب الخاطفة ، وهذا بشن هجمات سريعة وقصيرة ومفاجئة للعدو، ومن جهات مختلفة ، وفى أية ساعة من الليل والنهار ..
وأدرك خصوم (تحتمس الثالث ) أنهم امام قائد رهيب ، لا قبل لهم بمواجهته عسكرياً ، وخاصة مع توالى أنتصاراته ،لذا فكًرأحد قادتهم فى خدعة جديدة ومبتكرة - فى ذلك الحين - ويعتبرها العلماء أول لمحة للحرب النفسية عبر التاريخ

ففى معركة مجدو ،أشهر المعارك التى خاضتها جيوش (تحتمس الثالث) ، كانت كل الخيول ، التى تجر عرباته الحربية ، من الذكور ؛ نظرا لأن الذكر فى الخيل أكثر قوة ،وأكثر أحتمالا ، واقدر على مواجهة القتال وأضطربات الحروب ..

لذا أطلق قائد الاعداء فريسة أنثى وسط خيول العربات الحربية ؛حتى يشيع فيها الاضطراب فتتقاتل فيما بينها ، وتثير قلق الجنود وتوترهم ..

لكن قائد الجيوش (تحتمس الثالث) وهو ( امنحتب الثالث) فهم الخدعة على الفور وما أن أقتربت الفرسة من المعسكر ، حتى انقض عليها ، وبقر بطنها وأفسد خطة العدو كلها ...

وسجل التاريخ الواقعة ..

وبدأت الحروب النفسية ..

وعبر التاريخ نجد عشرات الأمثلة ، على تلك الحروب النفسية واثرها فى تغيير خط سير المعارك ..

ومن أشهر ما حدث فى الحروب وبالذات عندما ينقص الجيشان بعضهما على بعض ويختلط الحابل بالنابل ، هو ان يصرخ بعضهم ، مدعيا أن قائد الجيش الخصم قد لقى مصرعه..

تلك الصرخة كانت تشيع الفوضى والاضطراب بين الجنود ، وتربكهم على نحو يسمح لجيش الخصم بالأنقضاض على قلبهم وضربهم فى المقتل ..

أيضاً كان الجنود قديما يربطون أغصان الأشجار ، فى ذيول الخيول ؛لكى تثير خلفهم عاصفة من الغبار توحى بأن عددهم يفوق واقعهم بعدة مرات .

وفى فتح مكة عندما امر (خالد بن الوليد)جنوده بأن يشعل كل منهم ناراً ، كانت هذه عبقرية من عبقريات الحرب النفسية ..

فامعتاد عندما يهبط اليل ، أن تشعل كل مجموعة من الجنود ناراً ، وتلتف المجموعة كلها حولها ، وكان من المعتاد ان يحصى الطرف الأخر النار ويضرب عددها فى متوسط كل مجموعة تلتف حولها ، ليعرف تعداد جيش الخصم تقريبا ..

وعندما رأى أهل مكة تلك النيران ، تصوروا أنه هناك مجموعة من الجند تلتف حول كل نار ، مما أوحى إليهم بأن الجيش هائل الحجم على نحو لا قبل لهم به ..

المغول والتتار ايضاً كانت لهم سياستهم فى الحرب النفسية ففى كل مرة ، وقبل وصولهم إلى بلد ما ، كان جواسيسهم يسبقونهم إليها ، وهم يتحدثون لغة أهلها ويرتدون ثيابهم ،أو ثياب بلد اخر صديق ..

وفى الأسواق، كان الجواسيس يتحدثون عن جيوش قادمة..

عن أعدادها الهائلة ..

وقدراتها المخيفة ..

وضخامة جنودها ..

ومهارتهم ...

وقوتهم ..

والناس فى الأسواق تسمع ..

وتصدق ..

وترتجف..

و من ألسنة هؤلاء الناس تنتقل تلك الدعاية المغرضة إلى آذان وقلوب الجنود و الجيوش

وعندما تلتقى الجيوش ، يكون المغول او التتار فى أوج قوتهم ووحشيتهم ، وخصومهم خائفون إلى درجة توحى بأنهم قد أنهزموا فعلياً ، قبل حتى أن يبدأ القتال ..

هذه هى الحرب النفسية الحقيقية ...

الحرب التى تحطم معنوبات خصمك ونفسيته ، قبل أن ترفع سلاحك فى وجهة ..

بل وقبل حتى أن يرى هذا السلاح ، أو يدرك قوته ..

وهذا الجزء من الحرب النفسية وهو ما يطلق عليه اسم حرب الترهيب ..

او هى الحرب التى تثير الخوف فى أعماق الخصم وترهب كل ذرة فى كيانه ..

ولكن هناك حرب نفسية من نوع معكوس تماماً..

أو هى حرب الترغيب ..

وأشهر مثال يمكن ان نطرحه ، لذلك النوع الثانى من الحروب ، هو ما فعله القائد الفرنسى(نابليون بونابرت) عندما بدا حملته الفرنسية على مصر (1798 - 1801 م)،

فقد حاول أجتذاب المصريين إلى صفه بأن أعلن انه إنما جاء كمسلم ،لحماية المسلمين والإسلام ، وانقاذ المصريين من جبروت وتعنت المماليك ...

ومن المعتاد ألا يعتمد فريق ما على حرب الترغيب وحدها دون لمحة او لمحات تجاورها ، من حرب الترهيب..

وتذكروا ان (نابليون ) قد أرفق كلماته السابقة ، بأستعراض لقوة جيشه ومدافعه التى أرهبت المماليك ، وكانت بالنسبة للمصرين أشبه بالقنبلة الذرية فى عصورنا هذه ،كما رآها العالم عام 1945 م ..

وفى عالم الواقع يستحيل دائما أن يستخدم نوع واحد من الحربين ، خلال زمن الحروب ، أو حتى فترات السلم ، لكن الفترات الهادئة ترتبط دوما بسياسة الترغيب ، بأكثر مما تترتبط بسياسة الترهيب ، وما يحدث حولنا ، منذ عقدين من الزمن ، هو ذروة الحرب النفسية الترغيبية ، والتى أعتمدت على أبهار الشعوب العربية بنمط الحياه الاستهلاكية الأمريكية ، بيحيث تصور البعض ان أمريكا هى جنة الله فى الأرض،بل تجاوز البعض هذا ، إلى تعليق العلم الأمريكى على سيارته ، أو أبرازه على صدر ثيابه ، أو فى التشبه بالأمريكين ن فى الزى وفى اللهجة وفى اللغة والأسلوب والياة أيضاً..

وبدون أى تعنتات يعتبر خبراء الحرب النفسية ان أولئك المتامركين هم أضعف الكل ، أذا انعدم إحساسهم بالشخصية المستقلة لذواتهم ، وعدم ثقتهم بانفسهم ، أو احترامهم لنفسهم ، يدفعهم للتشبه بنمط أخر ، على نحو يمسخ كيانهم كله ،فينسلخون من عروبتهم دون ان يصبحوا بالفعل كمن تشبه بهم ..

بأختصار يرقصون على السلم ..

وعلى هامش الحياه أيضاً ..

أما فى زمن الحروب فالغلبة طبعا لأسلوب الترهيب الذى يبالغ بشدة فى قوة الأسلحة

ودقتها ..

وقدرتها المدهشة على أصابة الهدف ..

وعندما فجرت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتها الذرية الأولى ، فى مدينة هيروشيما اليابانية ، فى أغسطس 1945، لم تكن تضع نهاية للحرب العالمية الثانية (1939 -1945م) وأنما بداية لحرب إرهابية نفسية تهدف إلى إعلام العالم انه لديها سلاح لا قبل لأحد به ، وأنها أصبحت سيدة العالم بلا منازع ...

لكن الحكمة الألهية تقتض ألا تنفرد قوة ما بالسيطرة على العالم أبداً ..

فلقد أمتلكت روسيا القنبلة الذرية أيضاً ..

وأنعكست الحرب النفسية على الأمريكيين ، الذين أصابتهم عقدة الحرب النووية ، وحمى بناء المخابئ والكوابيس ، والانهيارات العصبية المستمرة ..

وأساليب عديدة ومتعددة، وتتطور دوما ، مع تطور وسائل الأعلام والأتصال ، فمن رويات وحكايات الجواسيس فى الأسواق ، إلى إلقاء المنشورات بالطائرات ،إلى ما وصلنا إليه الآن من قنوات فضائية مفتوحة ، وشبكات أنترنت ، وهواتف للأتصالات الدولية

وكل هذا يعتمد على الدعاية

وكلمة الدعاية هنا تشمل كل ما يتم ترديده ، عبر كل الوسائل سالفة الذكر ؛للتأثير على الخصم ، وتحطيم روحه المعنوية

وعلى الرغم من أختلاف الوسائل تنقسم الدعاية فى مضمونها وتأثيرها إلى نوعين كبيرين فحسب ،و إلى ثلاث فئات مختلفة وفقا لمصدر إطلاقها ، و ..

وهذا ما ستنحدث عنه بأذن الله
وبالتفصيل


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 29, 2010 5:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4146
مكان: الديار المحروسة
الدعاية و الإشاعة في الحرب النفسية :‏

هناك دعاية دفاعية و هجومية ، الدفاعية : هي الدعاية التي تخدم المجهود الحربي و تدعم الجبهة الداخلية و تزيد النفوس ثقة ، و توضح الاهداف . أما الهجومية : فهي التي تقصد الى التأثير على عقول الاعداء و عواطفوهم ، او تكون فيها استحالة المحايدين و تقوية صداقة الاصدقاء ، و تستخدم الدعاية تكتيك القتال ، فهي تهاجم في مكان و تنسحب الى آخر و تستخدم اجهزة الاعلام لتحقق أهدافها في التمويه و الخداع .‏

أما الاشاعة : فهي خبر يتناقله الناس و يصعب مقاومة تصديقه ، ليس من برهان عليه سوى إن به من الوقائع ما يجعل الناس يترددون إزاءه ويكتفون بتناقله ، وخاصة إذا كان هناك بعض الموضوعات تحتاج إلى توضيح من الاعلام بأخبار صحيحة مع دلائل .‏

وتكثر الاشاعات في الازمات ومروجوها اشخاص مهزوزون ليس لهم انتماء ، ثقافتهم ضئيلة وسطحية ، يكره ذاته والآخرين وتروج الاشاعة في الاوساط المثقفة والشعبية على السواء، وتهدف الى :إثارة الفرقة ، إثارة الشغب ، إثارة الفضول ، إثارة الاعصاب ، ويكون محتواها مروعاً ، هداماً فظيعاً ، أو معبراً عن امنيات معينة يبتغيها مروجها .‏

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 29, 2010 5:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4146
مكان: الديار المحروسة




دراسه اسرائيلية حول الحرب النفسيه من مركز بيجن - السادات

المقدمة



تعتبر التنظيمات الفلسطينية وتنظيم حزب الله تنظيمات قليلة العدد والعدة بالمقارنة مع (إسرائيل)، وقد توصلوا إلى إنجازات عسكرية وسياسية ملموسة؛ فقد أدت عمليات حزب الله إلى إخراج (إسرائيل)من جنوب لبنان، وأدت الانتفاضة الأولى إلى إقامة دولة فلسطين الفعلية، ولا زالت الانتفاضة الثانية مستمرة وما زال من السابق لأوانه تقدير نتائجها.

لقد أدار الفلسطينيون وحزب الله الحرب ضد (إسرائيل) بوتيرة هادئة، وذلك من خلال استخدام وسائل نفسية كثيرة، وأدى نجاحهم المبهر إلى تدريس أساليبهم في الأكاديميات العسكرية في جميع أنحاء العالم. ومن الواضح أنه من غير المناسب تحليل المنجزات بالأدوات الدارجة للحرب التقليدية طالما أنها لم تحصل مثل هذه الحرب، وهذا الفصل ينطلق من زاوية الاعتقاد أن هذه المنجزات نبعت من تطبيق شريعة الحرب والتي تربط بين الحرب على وتيرة هادئة وسياسة مخططة ومنسقة من خلال بث المعلومات، وباختصار هي الحرب نفسية.

هذه الدراسة توضح أفكارا أساسية ومحددة حول موضوع الحرب النفسية، وتعطي عددا من التطبيقات وعددا من الوصايا للمستقبل.



الفصل أ :

ماهي الحرب النفسية ؟



تحديد ومضمون.

إن التعابير اللغوية والأدبية تتخبط حول التعريف الدقيق للحرب النفسية،(1) وبصورة عامة فالمقصود هنا هو استخدام وسائل ليست عنيفة (خلال الحرب) لتقريب أهدافها.

وحسب ما سنرى لاحقا فمن الممكن توسيع أو تقليص الفكرة، و تغيير هذا المصطلح حسب الضرورة. وإن مصدر الحرب النفسية التي تشكل قاعدة (حديدية) لا يمكن الخروج عنها، وهذه القاعدة بحاجة للتنسيق الوطيد بين المستوى العسكري والسياسي.



الحرب النفسية لا تحسم الحروب، ولكنها تكون أداة إضافية في جعبة القيادة العسكرية مثل: سلاح الجو، المدفعية أو المدرعات، فمثال ذلك حرب الخليج التي لم تُحسم عن طريق وحدات الحرب النفسية ولكن عن طريق الهجوم الأرضي؛ حيث أدى استسلام عشرات الآلاف من الجنود العراقيين في أعقاب رسائل الحرب النفسية إلى حقن دماء الكثير بالنسبة (لقوات التحالف)، إضافة إلى توفير وسائل قتالية كثيرة. و قد استسلم هؤلاء الجنود بسبب الرسائل التي بثت لهم والتي خففت عليهم مسألة الأسر وعددت لهم خيارات الاستسلام مما دفعهم إلى التغلب على شعورهم بحب الوطن وخوفهم على مصائر عائلاتهم.



وإن ثمن هذا الإنجاز بكل بساطة بيانات من الورق ونداءات عن طريق مكبرات الصوت، وقنابل تمثيلية(خداعية)، وأدت إلى تصاعد موجة الهروب من الجيش والاستسلام بشكل مضطرد كلما تزايدت الانتصارات في ساحة المعركة.

التاريخ والمصطلح



موضوع الحرب النفسية معقد بشكل كبير ومليء بالمشاعر، وفي (إسرائيل) فإن عبء الشعور بشفافية هذه المشاكل خلال هذه الحرب ذات تأثيرات كبيرة بشكل خاص و مختلف.



المسار الأخلاقي

للوعي علاقة بالحرب النفسية مثل الدعاية وغسل الدماغ وسياسة الإغراء (الغوغائية) وما شابه ذلك، وهذه الأفكار تقف بتعارض مع القيم العالمية في أعقاب الثورة الفرنسية، وبالأساس حقوق الفرد الديمقراطية وحرية التفكير وإقناع الجماهير لأهداف سياسية مثل وقت الانتخابات الذي يثير الهواجس و التغرير.



المسار المعنوي أو الدلالي

وقد جدت كلمة (بروبوجندا) أي الدعاية في القرن السابع عشر، وهي اختصار لاسم منظمة أنشئت من أجل مساعدة الكنيسة الكاثوليكية لضم المؤمنين لصالحها، وعملت هذه المنظمة على مستوى العالم. وفي أمريكا الجنوبية كانت هذه المنظمة سببا في تنصير ملايين الهنود الحمر، وحتى هذا اليوم فإن تفسير الكلمة هو "الدعاية".



وفي إطار التحضيرات الحربية في بداية الحرب العالمية الأولى أنشأ الألمان جهازا إعلاميا لجموع الجماهير المختلفة.وعندما انخرط البريطانيون في الحرب أنشأوا جهازا معقدا وذو فاعلية كافية بعد صراعات بيروقراطية داخلية، وحينها كان من الممكن رؤية الفرق بين النظام الديمقراطي والنظام الدكتاتوري، وكانت أكثر الصحف شهرة تقف على رأس وزارتين مهمتين فصحيفة (لوراد بيبر بروك )كانت ناطقة باسم وزارة الحرب الإعلامية . وصحيفة (هولارد نورث كليف )ناطقة باسم دائرة الدعاية المعادية.



وبعد عقدين من الزمن وعلى اثر نشاطات الأجهزة النازية لـ(جوزيف جبلس) وقبول هذا المصطلح (بروبوجندا)كان لها مغزى سلبيا واضحا لم يتحرر منها حتى اليوم، ولقد فهم البريطانيون أهمية استخدام المعلومات بهدف النصر في الحرب، وقاموا بإنشاء جهاز لهذا الهدف، لكن هذا الاسم كوّن مشكلة بسبب استخدام الألمان مصطلح (البروبوجندا) ولذلك اختار البريطانيون مصطلح آخر هو (الحرب السياسية).وعندما دخل الأمريكيون للحرب انشأوا قيادة مشتركة مع البريطانيين وسمي هذا المصطلح الدعائي الجديد باسم (الحرب النفسية).



ووضعت الحرب الباردة أمام الولايات المتحدة مشكلة قديمة جديدة، فمن ناحية (البروبجندا) هي أداة لأنظمة دكتاتورية، ومن ناحية أخرى فإنه لا يمكن تجاهل فاعلية هذه الأداة. فكان الحل الدلالي للمشكلة يتمثل بتغيير المصطلح ليصبح (العلاقات العامة)، والحل المنظم جعل هذه الدعاية في الخفاء وعلى ذلك تم الاستناد إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ(CIA) والهيئة الجديدة باسم وكالة الإعلام الأمريكية وأنشئت من أجل نشر معلومات .



إن انتشار مصطلح (الحرب النفسية) قد تضائل وتم الاحتفاظ به للنشاطات العسكرية التقليدية، ففي حرب فيتنام تم استعمال هذا المصطلح ضمن نشاطات المسار النفسي وسميت (بالعمليات النفسية) أو باختصار (psyop) وربما بسبب اعتقادهم أن لكلمة (عمليات) دلالة لسلسلة عمليات دقيقة وقصيرة، وهذا المصطلح مستخدم حتى اليوم على الرغم من وجود جهود للبحث عن مصطلح جديد.



دولة (إسرائيل)

في السنوات الأولى لقيام دولة (إسرائيل) اضطر قادتها للتعامل مع مشكلة إيجاد مصطلح للدعاية وبث المعلومات والأفكار، وكان هناك تردد من استخدام مصطلح الدعاية بسبب استخدام هذا المصطلح من قبل النازيين، ورغم ذلك فمن الواضح أن لهذه المعلومات أهمية واضحة في الحرب، والحل الوسط لهذا الأمر تمثل في نقل موضوع الحرب النفسية في المجال العسكري لوحدة صغيرة من شعب الاستخبارات والقطاع المدني من الاستخبارات العامة ، وضمن الحياة المشتركة كانت مهمة تشكيل الرؤيا العالمية من قبل رجال الدولة وهم أول من فهم أهمية الدعاية والمهمة الموكلة لمن يعمل بها، ولذلك كانت هناك نزاعات غير متوقفة في موضوع السيطرة على بث ونشر المعلومات.



ومع بداية حرب الاستقلال بدأ الصراع على الهيكلية والصلاحيات، وفي هذا المجال تم أيضا الاتفاق على حل وسط هو أن يكون مكتب وزارة الخارجية هو المسؤول عن الدعاية الخارجية، والوكالة اليهودية مسؤولة عن الدعاية لجموع اليهود في جميع أنحاء العالم، وقسم جديد هو (مركز الاستعلامات) المسؤول عن الدعاية لسكان الدولة وفي هذا القسم كانت هناك نزاعات كبيرة(2).



إن الاسم الجديد لهذا القسم يعبر عن طريق مأساة استخدام المصطلح، ومنذ حرب الاستقلال مازالوا يستخدمون رسائل من الجيش (الإسرائيلي) ضمن مصطلح الدعاية مثل استخدامات "دعاية التجنيد" الخ.. ومع بداية عام 1949 بدأ استخدام مصطلح "استعلامات"، وهذه الكلمة في لفظها الجديد لا مثيل لها في اللغات الأخرى ومغزاها هو الدعاية والتوضيح، لكن ولأسباب استعارية مجازية كان من غير الممكن استخدام كلمة " الدعاية " من أجل توضيح التصور الذي يضع (إسرائيل) في حالة خاصة وذلك انطلاقا من الاعتقاد بأنه من حق (إسرائيل) الوجود بأمان وسط محيطها .



فرضت (إسرائيل) المصطلح على العالم اليهودي وعلى من كان معها في علاقات دبلوماسية، ووزارة الخارجية عملت في الإعلام الذي سمي باسم "قسم الاستعلامات" ولمدة عدة عقود وحتى الانتفاضة، وفي اتحاد نقابات العمال " الهستدروت" الصهيونية كان هناك قسم بهذا الاسم حتى تم إنهائه في نطاق عمليات تنظيمه من جديد في سنة 1997.



ورغم ذلك فإن كلمة "الإعلام" هي جزء من المعجم الصهيوني العالمي إضافة إلى كلمات أخرى مثل "مبعوث"و "هجرة العودة لإسرائيل". و مما يزيد صعوبة استخدام المصطلح هو استخدام الاختصارات العسكرية مما يؤدي إلى إساءة فهم مهمة الدعاية في الحرب والاختصارات (الإسرائيلية) للكلمات في الحرب النفسية مثل استخدام (ح-ن- أسود) أي حرب نفسية سوداء و (ح-ن –أبيض ) أي حرب نفسية بيضاء.. وهكذا فإن هذا المصطلح يساعد على بلبلة وتشويش الأفكار، علاوة على أن هذه التقنية متخصصة للتوقيع على الرسائل الموجهة، مثل (ح_ن_أيبض) وتعني بيان موزع في ساحة المعركة بختم قائد ميداني محلي يدعو فيه إلى الاستسلام، وأيضا فإن (ح-ن- اسود) بيان مختوم ختما مزورا.



وعلى النقيض يوجد في الجانب الآخر في المفردات العسكرية العربية عدة مصطلحات لها علاقة في الموضوع المعلوماتي(3) "وزارة الإعلام " وتفسيرها " الوزارة الحكومية للإعلام "، وفي دول عربية كثيرة تكون جزءً من الأجهزة الحكومية، وفي الستينات تعلم الفلسطينيون كيفية بداية ونشأة حروب الاستقلال لدول مختلفة مثل الجزائر، وكوبا وفيتنام وقد استفادوا من دراسة هذه الحروب والصراعات، وأطلقوا مصطلح " حرب العصابات " و "حرب الأعصاب" لأبعاد نفسية للحرب، ومن هنا نستنتج أنه وفي المراحل الأولى من الصراع اختار الفلسطينيون إمكانيات مختلفة سرية للأبعاد النفسية للحرب.



الخلاصة: من الممكن القول إن "مصطلح الدعاية" يقع الآن في مراحل عدم الثبات في المفهوم، وإن هدفه بث المعلومات من أجل الحصول على أهداف سياسية، أي المصطلح الدلالي السلبي ولذلك يتم استخدامه بصورة قليلة، أما في (إسرائيل) فيستخدمون مصطلح الاستعلام ضمن مصطلح الحرب النفسية ويستخدمونه لتحديد النشاطات التي لها علاقة بتقريب المصالح ضمن المجالات العسكرية في زمن الحرب، بكن التصور الأمريكي حسب ما سيأتي فقد توسع بشكل كبير استخدام مصطلح الحرب النفسية والاستعلامات السياسية. وسيعرض هذا الفصل لاستخدام المعلومات من وجهة النظر العسكرية والسياسية.



6-10 fm دليل الجيش الأمريكي لاستخدام المعلومات .

من أجل المقارنة في تحليل المنهج الأمريكي لموضوع بث المعلومات في الحرب، تم في العقدين الأخيرين استثمار جهود منظمة لبحث علمي واسع نما وكبر ضمن شريعة الحرب، ومن الممكن تطويع هذه المعلومات كي توافق (إسرائيل)، وتكمن أهمية التصور الأمريكي بتوسيع الحرب النفسية الشاملة لكل معلومة من جميع المصادر التي من الممكن أن توصل إلى المصالح الأمريكية فيما بعد مدى هذا التصور، و طموحه في السعي لإنشاء جهاز متكامل لكل أجهزة الدولة التي لها علاقة بالمعلومات العسكرية والمدنية على حد سواء؛ وذلك من أجل أن يكون العمل متلائما وانطلاقا من أهداف محددة سابقا وبشكل يعود بالنفع على مصالح الدولة.



ومثال ذلك هناك أجهزة تعمل على نشر الثقافة الأمريكية في جميع أنحاء العالم وحسب المستويات المقصودة وذلك من قبل عمالقة الصحافة في البيت الأبيض و الحكومة و " CIA" ووحدات الحرب النفسية وضباط العلاقات العامة في وحدات الجيش، و بذلك تم فهم موضوع الإعلام و نشر المعلومات على أنه وحدة كاملة أو مجموعة كاملة.



وتعتبر الوثيقة الأمريكية المركزية غير الواضحة بشكل جزئي المرشد العسكري الأمريكي لموضوع أهمية المعلومات (6-100 fm 100-6 field manal )(4) الذي يتطرق إلى المعلومة على أنها ذات أهمية عليا في الحرب المستقبلية وتتعرض إلى أساسيات الأفكار لاستخدام المعلومة الاستراتيجية الأمريكية. ويتفرع استخدام المعلومة إلى عدد من المجالات هي: مجال الحرب النفسية الذي يتخصص بالسيطرة على المعلومة الموجهة لجماهير مختلفة وخاصة إلى عدو قائم وموجود أو احتمالية وجود هذا العدو، و مجال علاقات الجيش مع الإعلام(5) الذي يتعامل أساسا مع الجماهير وهي الهدف المدني والعام للولايات المتحدة، ومجال ثالث هو حرب المعلومات والذي يعمل على إرسال المعلومات انطلاقا من وجهة نظر هذه القنوات، مثل الكمبيوتر وشبكات المعلومات بطرق مختلفة لاستغلال هذه الحرب مع العدو مثل إرسال الفيروس لأجهزة العدو والتشويش الالكتروني والمغناطيسي وما شابه ذلك.



وانسجاما مع (fm 100-6) يوجد كتاب توجيه وإرشاد لموضوع قانون الحرب لموضوع الحرب النفسية (33-1-5-fm)(6) وهذه هي قوانين الحرب منذ القدم و قد وضعت النصوص الأولى في بداية الحرب الباردة ، وتحتوي هذه الوثائق على تجديد للأفكار بعيدة المدى في عقيدة الحرب النفسية الموجودة منذ الحرب العالمية الأولى .



ليس هناك الكثير من التجديد(7) لكن الجديد هو عموميات مواضيع مصنفة مثل علاقات الجيش والإعلام وارتباطه بالمجال التخريبي السري في الحرب النفسية. وأمر آخر وضع في كتاب الإرشاد المذكور سابقا وهو فتح وكشف عن المعلومات للحاجة لوجود مدخل معلوماتي حر.

والبرهان على ذلك هو أن جميع هذه الكراسات للإرشادات موجودة على الانترنت وإن أي شخص يستطيع الحصول عليها، ويحتمل أنه مازال هناك مكان للمناورة بين تدفق المعلومات بصورة حرة وبين فاعلية هذه المعلومات بهدف تقريب المصالح العسكرية والسياسية، وإن السرية المخفية تكون قيودا حول الموضوع.



استخدام المعلومات الاستراتيجية – درجات متفاوتة

يوزع دليل الحرب النفسية (fm33-1-5) مهام الولايات المتحدة لمستويات متعددة، فالمستوى الاستراتيجي يقع على المقياس الشامل، من ضمن أجهزة الدولة وبإشراف من الرئيس ومندوبيه.

والمستوى الذي يليه هو المستوى العملي والفعال وهدفه تجهيز السكان في حالة العمليات الحربية ،و الهدف هنا تعريف مناسب لقوة عظمى والتي تضع على رأس أولوياتها مصالحها بصورة شاملة .



إن إرسال الجيش إلى مناطق متوترة يحتم علينا الاستفادة من الخبرات السابقة، لذلك علينا تجهيز السكان في المنطقة لمجيء الجيش كي لا يفسر وجوده لأمور قد تضر باحتمالية نجاح وجود هذا الجيش، وفي حالة مثل هذه فإن بث المعلومات في المنطقة في الأساس من مسؤولية الجيش وعلى مستوى عالي يتعاون مع المستوى السياسي.

وهناك المستوى التكتيكي ويتم التعامل من خلاله مع كل ما هو مقبول أو معروف في الحرب النفسية في ساحة المعركة وبشكل منظم حتى على مستوى الوحدات العسكرية الصغيرة.



وهدف المستوى الأخير هي مرحلة التأسيس (التعزيز والتقوية) تحضير الوضع العام للجماهير في تلك المنطقة المحتلة للواقع الجديد وذلك من أجل منع واقع سلبي مثلما حصل لـ (إسرائيل) في لبنان عندما لم تفلح في تطوير علاقاتها مع المدنيين والأحزاب المختلفة عندما كانت على الأرض اللبنانية.



وفي الجيش الأمريكي اُنشأ جهاز متطور من أجل فحص وتحليل وتشكيل المعلومات واستخلاص الرسائل ونشرها وذلك من أجل الأهداف المنشودة، وهذه الوحدة متحركة ومتنقلة وعلى استعداد للذهاب إلى أي مكان في العالم وفي أسرع وقت.

ويقع مركزها في قاعدة قيادة القوات الخاصة في (فورت براج) fort bragg في شمال كارولاينا وتقوم وحدة الحرب النفسية العسكرية بتشغيل مطابع متحركة واستوديوهات ومحطات بث عن طريق الطائرات للراديو والتلفزيون، وهنا يكون الجنود مدربون على هذه المهام من تصوير و إعلام وبث ورسم، وطباعة.. الخ، ومهمة هذه الوحدة تزويد خدمات ومستلزمات حسب الطلب وقد عملت هذه الوحدة كثيرا في (بنما) و (هاييي) في حرب الخليج أيضا.



وفي حرب الخليج اصطدمت الوحدة بمعارضة من جانب عدد من القواد العسكريين بسبب تحريك الطائرات، وطلب القادة الفائدة من نشاطات الحرب النفسية وحقائق واضحة دون وجود أية عوائق لعدم إمكانية الفصل بين تركيبة الحرب النفسية خلال الحرب، ومثال ذلك السبب والعامل الذي يقف لهبوط معنويات جيش العدو في ساحة المعركة، فهل هي الرسائل أو القنابل أو القصف، إن هذا الوضع قد تغير بشكل كبير في حرب الخليج لأن (88000) جندي عراقي قد استسلموا لقوات التحالف وجزء من هؤلاء الجنود رفعوا بيانات كان قد وزعها التحالف وهي (طريق آمن) وفي هذه البيانات ضمانات بالحماية لكل جندي عراقي، على الرغم من أن احتفاظ الجندي بهذه البيانات يعرضه للعقاب الشديد.



ومنذ عام 1991 تطلع القادة العسكريون بصورة أوسع إلى فكرة إنشاء وحدات الحرب النفسية، وهناك جيوش معروفة ومتعددة لديها وحدات عسكرية كبيرة للحرب النفسية مثل الجيش البريطاني، والفرنسي، والألماني، والإيطالي.

لا خلاف أن في (إسرائيل) يعتبر موضوع المعلومات كأداة استراتيجية دخل عليه تحسن ملموس وفي الألفية الثالثة فإنه من الواجب على الأجهزة الأمنية والسياسية أن تدرس وتختار من جديد الجهود الفكرية الجماعية والمنظمة التي بذلت في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا ودراسة تطبيق عناصر جديدة من بينها العلاقة مع (إسرائيل)، ومن أجل تنسيق وتجهيز نفسها للتحديات الأمنية التي يضعها الفلسطينيون ودول المواجهة أو دول الطوق.



العناصر الأساسية للحرب النفسية

في الحرب النفسية يوجد ثلاثة عناصر أساسية وهي الجمهور المستهدف، الرسائل، وقنوات البث.

ومن الممكن تقسيم الجمهور المستهدف إلى ثلاثة أقسام:البيت (المواطنون)، العدو، الحياد، والجمهور الأكثر أهمية هم المواطنون فعندما تطلب الدولة تجنيد عناصر سكانها للحرب فهي مضطرة أن تقوم بعملية إقناع مواطنيها بالموافقة على التضحية خاصة في الحرب التقليدية، وفي أوقات الحرب الباردة فإن هناك تجنيدا جزئيا لكن الدولة مضطرة أن تتعامل وتتأقلم مع صعوبات أخرى مثل التذمر والتشكك على توزيع غير عادل لعبء المسؤولية ويجب إقناع المواطنين أنه عندما يكون الحديث عن خطر يهدد الوجود تتطلب الكثير من التضحيات، ويجب أن يتم إقناع الجنود الذين يتم تجنيدهم بضرورة تجسيد أهداف الحرب، وأن احتمالية النصر للدولة التي لا تنجح في اجتياز هذا الأمر ضعيفة. وتشكل حرب لبنان 1982-2000 مثالا للفشل في الخطاب الموجه للشعب.



والجمهور الثاني هو العدو وهذه الجماعة تنقسم إلى قسمين وهم: الجيش والمدنيين، ويكمن هنا الهدف في إقناع العدو بأن ينزع منه الأمل في النصر وأن هذا هدف ضائع وكلما انتهت الحرب مبكرا أكثر كان ذلك من الأفضل، ومن أجل هذا يتم استعراض معطيات القوة والخبرة التاريخية وهكذا فإن الجانب الأضعف يعرض موارده البشرية واستعداد رجاله للتضحية كوسيلة مفضلة.



والجمهور الثالث هو الجمهور الحيادي والذي ليس له علاقة مباشرة في الصراع، والهدف هنا كسب رأيهم أو على الأقل منعهم من مساندة العدو.

والعنصر التالي هو الرسائل وعلى ضوء تحليل الرسائل في حروب القرن الماضي من الممكن أن نستخلص عددا من الرسائل القيمة الموجهة للجماهير وسكان المنطقة وللعدو تركز على قلة الأمل بالنصر وغرس الخوف في ذاته وبث الشعور بالذنب.



ويرمي استهداف مقاتلي العدو إلى التسبب لهم في الارتباك والتردد والرضوخ والاستسلام أو الهرب من المهمات وعلينا مواجهة جنود العدو من خلال احترامه وتقدير شجاعة قلبه وتضحياته، ويجب أن نراعي رغم ذلك ضعف الأمل على نفسيته ويجب أن تهتم هذه الرسائل بالإجابة على تخوف الجنود من مصير عائلاتهم بعد سقوطه في الأسر(8). وهذا النوع من الرسائل في الحرب مشهور وهو " أنه لا يوجد أي شيء ضدكم، ولكن ضد القيادة السيئة المسؤولة عنكم، ساعدونا على إسقاطهم وإن هذه الحرب اللعينة ستنتهي فورا " وهذه الرسائل لها أثر في حالة انحراف الناس وتكتلهم حول هذه القيادة الفاسدة في أوقات الحرب.



ولا زالت الرسائل الأكثر شيوعا بيان " المعبر الأمن" الذي وجد في الحرب العالمية الأولى ويركز على إقناع المقاتل في الاستسلام والأسر بصورة خاصة، وينتج هنا هاجس عدم الثقة عن مثل هذه الرسالة الذي يتطلب إسنادا وتوقيعا بالوثائق الرسمية الموقعة من قبل قائد كبير على هذه البيانات، وهذه البيانات تحرص على الاستسلام ومكتوبة بلغة أصحاب هذه المناطق وذلك من أجل توسيع دائرة الإيمان بهذه البيانات ومعدة ظاهريا للجنود اللذين لديهم القابلية للسقوط في الأسر، وفي حالة أن هذه البيانات لا تؤدي بصورة مباشرة للسقوط في الأسر فإنها تؤثر على معنويات الجيش حيث انتشارهم.



تركز الرسالة المركزية في الحرب النفسية على بشاعة هذه الحرب علاوة على أن هذه الحرب تعمل على حصد الأرواح البشرية، وعلى مر التاريخ الإنساني تم تطوير أساليب كثيرة تخصصت في التغلب على الخوف الطبيعي في الحرب، ولتخلق أناسا كانوا رسلا للسلام ومسخرين أقلامهم من أجله، قد حولتهم إلى قتله، يعملون من أجل زعيم أو فكرة، وإن إحدى الطرق للحصول على هذا الهدف هي جعل الجندي يعمل على الفطرة العسكرية.

ويكمن هدف الحرب النفسية في إخلال الوضع النفسي داخل صفوف العدو وحملهم للتفكير بالعموميات وبأفكار واقعية في كل فرد وفي بعض الأحيان جعله يشعر بالذنب، وهذا الأسلوب أثبت نجاعته أكثر من غيره وهكذا كان في فيتنام.



تشجيع التفكير الأخلاقي والشعور بالذنب أمور تؤثر على قدرة الجندي في أن يجرح أو أن يقتل، وعلى هذه الرسائل الموجهة أن تخترق حاجز آلية التفكير التي يمر بها العدو علاوة على أنه في الصدامات التقليدية يكون لهذه الرسائل أثر أكبر فيتأثر بها المتدينون، وأثر الدعاية في معاناة المدنيين موجودة منذ فجر التاريخ وهي جزء مهم من هذه الحرب.

وتدور الحرب التقليدية في عصر التطور التكنولوجي على الأغلب من مسافات بعيدة حيث لا يكون هناك أي مواجهات جسدية مع العدو، وفي الحرب الباردة تكون الصدامات عبارة عن أحداث عرضية قصيرة وزمن طويل وباتصال مباشر، وفي مثل هذه الظروف من الممكن تنشيط مبدأ الإنسانية والشفقة جراء معاناة الناس، ومن الأفضل مهاجمة مكان آخر وفي ساعة أخرى وهكذا.



وفي النهاية فإن قنوات البث هي الطرق المستخدمة في نقل الرسائل وطرق الاتصال الجماهيري، والتجمع السهل للوصول إليه هو السكان الأصليين وهؤلاء يتأثرون بواسطة الإعلام إضافة إلى المحاضرات والموسيقى والإعلانات..

وهناك عدد قليل من الجمهور من الصعب الوصول إليه وهم المحايدون ومن أجل الوصول إليهم يجب استخدام تقنية العلاقات العامة وإجراء استطلاعات لمواضيع خارجية عبر الإعلام المحلي وشراء مناطق الإعلام وقنوات وزارة الخارجية (الدبلوماسية والتجارة) واتصالات ثقافية وتعتبر الجماعة الأكثر تصلبا هي العدو، وليس فقط تحديد كل رسالة تصل على أنها معادية ومضرة بأهداف الحرب وهذا ما يدفع العدو على وقف قنوات البث المعادي إلى جيشه ومواطنيه.



الحل الذي وجد في الحرب العالمية الأولى للوصول للجمهور المعادي ومازال استخدامه قائما كما ذكر سابقا هو توزيع البيانات على جيوش العدو بأشكال متعددة (من الطائرات أو عن طريق قذائف مدفعية) وهنا لا يستطيع العدو منع هذا البث، بالإضافة إلى بذل جهود للتأثير على الإعلام العالمي، المنتشر بحياد وعلى مستوى عال من الثقة وفي حال مشاهدة العدو أو السماع به مثل القنوات العالمية والانترنت فإنها تعتبر وسائل بث مؤثرة على العدو، وهناك طريق آخر لنقل الرسائل للعدو هي عن طريق العملاء المعارضين للحكم أو من يطمحون في أن يكونوا البديل لهذا الحكم ومثال ذلك عمل قسم الاستخبارات البريطاني في الحرب العالمية الثانية بتنظيم بث إذاعي في ألمانيا عن طريق ضابط ألماني معارض لهتلر، وقام بالبث المتحرك من على ظهر شاحنة من شوارع ألمانيا وعلى أرض الواقع كان بثا صحافيا بريطانيا تم بثه من بريطانيا.



وهنا فإن (إسرائيل) متهمة من قبل الفلسطينيين بنشر بيانات في اللغة العربية يخيل أنها كتبت وطبعت على يد الفلسطينيين, وقد أثارت هذه البيانات نزاعات وخلافات بين الفلسطينيين خلال الانتفاضة الأولى وهذه الخطوة سميت بدعاية سوداء black propaganda أما في اللغة العسكرية (الإسرائيلية) فسميت بالحرب النفسية السوداء.



خلال المائة سنة الماضية تراكمت خبرات كبيرة في نصوص مخاطبة العدو وإنتاج رسائل جذابة، وهكذا تم طباعة بيانات على الوجه الآخر للعملة والنقود حيث تم طباعة وجه العملة الأول بشكل أوراق نقدية والوجه الآخر صور إباحية، ومثل هذه البيانات فإنها تكون بمثابة بطاقة البراءة في حالة إلقاء القبض على هؤلاء الجنود، وفي بعض الدول فإن حكم من يحتفظ بمثل هذه الرسائل هو الموت.



أساليب العمل – اتجاهات فكرية أخرى

هناك أسلوبان إضافيان للعمل وهما ابتكار مبادرات الأحداث واستغلال هذه المبادرات والمناسبات، والهدف من هذه المبادرات هو خلق أحداث حقيقية مقنعة من بدايتها وحتى النهاية ومثال ذلك توقع حدوث المجازر أو الهجوم، والتفوق بهذا الأمر يكمن في أن العناصر الدعائية تقع ضمن السيطرة من المبادرة، ومثال ذلك الهجوم الذي كان على ألمانيا من قبل الجنود البولنديون حيث كانت ذريعة للألمان لغزو بولندا سنة 1939. وخلال الانتفاضة الأولى بادر الفلسطينيون لإرسال سفينة وعلى ظهرها مئات اللاجئين المطرودين من فلسطين في أسلوب المغامرة في محاولة لدخولهم أرض فلسطين، وهنا فإن ما كان ينقصهم هو استثمار الجهد الكبير الذي كان عليهم أن يستخدموه في إكمال تنظيم هذه المسيرة.



ومن السهل جدا الأخذ بهذه الأساليب وذلك من أجل استغلال الفرص في الحرب النفسية ومثال ذلك ما حدث عام 1915 حيث تم إصدار وسام خاص في ألمانيا على شرف سفينة لوزيتانيا الأمريكية التي أغرقها الألمان.و قد استغل البريطانيون هذه الحادثة وجعلوا من هذه الأوسمة أداة شيطانية كبيرة و قاموا باستنساخ مئات الآلاف من هذه الأوسمة إضافة إلى طباعتهم بيانات إعلامية تعرف الألمان على أنهم حيوانات مفترسة وهذا الأمر ساهم مساهمة كبيرة في دخول أمريكا للحرب، ومثال آخر هو استغلال (إسرائيل) لحادثة مقتل جنديين من الوحدات الخاصة الإسرائيلية (مستعربين) على يد الفلسطينيين المتظاهرين عندما كشف أمر الجنديين في رام الله وذلك من أجل إبراز وجه شيطاني لعامة الفلسطينيين.



فصل ب

تطبيق مبادئ الحرب النفسية من قبل الفلسطينيين وحزب الله.



لم يأت موضوع الحرب النفسية في الصراع (الإسرائيلي) على أيام حرب الخليج، ومن خلال استعراض سريع لاستخدام الحرب النفسية من أيام حرب الاستقلال نرى أن هناك مفاهيم تم استثمارها بأشكال معينة من كلا الطرفين.

فخلال الغزو المصري في مايو 1948 وزع المصريون بيانات باللغة العبرية على المستعمرات التي تقع جنوب البلاد مستعمرة "يد مردخاي " ومستعمرة " نير-عم " ودعتهم فيها إلى الاستسلام، وهذه البيانات كانت نتيجة جهود عسكرية لأسلوب الحرب النفسية للجيش المصري لكنها دلت على الخطأ في فهم الأمور من قبل الجيش المصري، (9) وفي البيان الذي ألقى على مستعمرة (نير –عم) كان يوجد خطأ أساسي ومهني في هذا البيان الذي كان وزع من قبل المسؤول عن إدارة الحرب النفسية فقد كان عليه أن يمتنع عنها، وهي تطرقه إلى موضوع ثقافة العدو وكان عليه أن يتطرق إلى ثقافته، حيث توجه القائد المصري إلى المدافعين عن المستعمرات وطلب منهم من خلال هذه الرسائل أمورا استدل بها من القرآن أو حسب ما أوضح أنها من التوراة.



وهذا التوجه لم ينجح في التأثير على معنويات الجنود العالية المدافعين، وكان الخطأ الأكبر يكمن في أن هذه البيانات الموجهة كانت على أساس ديني وكان معظم سكان هذه المستعمرة من العلمانيين هذا بالإضافة إلى الأخطاء في الكتابة والنص التي جعلت من هذه البيانات أضحوكة.



أما حرب الأيام الستة فقد كانت قصيرة بحيث لم تسمح باستعمال أساليب الحرب النفسية بصورة مفيدة وفي مقابل ذلك وبعد انتهاء الحرب نفذت خطوات واسعة لما يسمى بالحرب النفسية في أوساط السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية و قطاع غزة حيث عملت هذه الحرب النفسية على التأكيد على قوة (إسرائيل)، وأنه من مصلحة الفلسطينيين الحفاظ على الهدوء و الأمن.



تشهد حرب تشرين عام 1973 أيضا على قصة انهيار أجهزة الجيش والإعلام الحيويتين في الحرب النفسية وخاصة التعامل مع الصحافة الأجنبية في (إسرائيل)، فخلال الحرب لم تؤد القيادة العامة أفضلية في بث المعلومات واستغلالها لأهداف استراتيجية، وفي معرض الحرب النفسية "التكتيكية" في ساحة المعركة فإن هناك احتمال وقوع أحداث عرضية محلية متفرقة، مثل الإعلان عن عمليات الإعدام لقائد سوري من أصل درزي، في حين أنه قتل في ساحة المعركة، وهنا كان الهدف هو عبارة عن دق إسفين بين النظام ومواطنيه الدروز.



مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري قال إن (إسرائيل) قامت بجهود كبيرة في مجال الحرب النفسية أثناء حرب لبنان(10) حيث وزعت بيانات على مدينة صور تحث سكان مدينة صور أن يفسحوا المجال للجيش (الإسرائيلي) بالعبور شمالا، ووزعت أيضا بيانات لقادة الجيش السوري وذلك من أجل إقناعهم بالاستسلام، وبث صوت (إسرائيل) في اللغة العربية للمقاتلين الفلسطينيين رسائل من أجل تحطيم معنوياتهم وهكذا.



الفلسطينيون من جانبهم قطفوا ثمار العلاقة مع الصحافة الأجنبية التي دامت لسنين طويلة، الذين انتشروا في لبنان في هيئة معقدة حيث استخدم الفلسطينيون العصا والجزرة, وعلى سبيل المثال كانت الجزرة هنا هي السماح للصحفيين إجراء اللقاءات الصحفية مع كبار قادة منظمة التحرير والزيارات إلى قواعد المنظمة وكانت العصا عبارة عن عقوبات على الصحفيين تبدأ بالتهديد و تنتهي بالقتل(11).



الفلسطينيون والانتفاضة والرد الإسرائيلي

تعتبر الانتفاضة الأولى التي بدأت في كانون ثاني 1987 قصة مثيرة للنجاح حيث فهم الفلسطينيون في المراحل الأولى من الصراع أن الخيار العسكري في حرب العصابات لن يأتي بالثمار المنشودة، لذلك استثمروا كثيرا في مجال الإقناع وكان العمل على مجموعة السكان المحليين الفلسطينيين سهلا حيث كان أسلوب العمل بالنسبة لمنظمة التحرير في الجبهة الداخلية أسهل من أي شئ آخر وتمحورت بالتغلب على الصعاب التي كانت في بث المعلومات، وكانت الجبهة الداخلية مستعدة لاستقبال المعلومات، وكانت العوائق الأساسية هي القيود التي وضعتها الرقابة (الإسرائيلية) وفقدان الإعلام المستقل، و استخدام الفلسطينيون الوسائل المضادة وهي المواجهة الدائمة مع الرقابة (الإسرائيلية) وتوسيع دائرة الإفصاح في التعبير عن الصراع الذي استمر لسنوات وذلك من خلال تجنيد منظمات دولية لحرية التعبير عن الرأي، وحول موضوع الإعلام استخدم الفلسطينيون خدمات الإعلام في الدول العربية مثل بث راديو منظمة التحرير من بغداد خلال الانتفاضة وراديو جبريل من دمشق إضافة إلى تطوير وسائل إعلامية كثيرة مثل بيانات مطبوعة وبث الإشاعات.



الأساس الذي تبنته المنظمات الفلسطينية هو جمع أكبر كم من المعلومات المقبولة والمضبوطة، ونشرت وكالات من داخل المجتمع الفلسطيني محسوبة على منظمة التحرير إضافة إلى وكالات مستقلة معلومات عن آخر الأحداث المتجددة، مكنت من التقديم لآراء متعددة إضافة إلى خدمات مثل الترجمة إلى المراسلين العالميين، وعملت منظمات معلوماتية صغيرة مثل Palestine press service pps - التابعة لإبراهيم قراعين و ريموندا الطويل، اللذين عملا من خلال مكتب صغير ومن سنوات السبعينات أنشأوا علاقات وطيدة مع مراسلين أجانب، وقاموا بترجمة مواد تخص المجتمع الفلسطيني من اللغة العربية إلى الإنجليزية وربطوا بين مراسلين يتطلعون إلى المعلومات وبين قصص ذات قيمة إعلامية كبيرة.



وخلال الانتفاضة عرض فلسطينيون و(إسرائيليون) خدماتهم على شبكات التلفزة الأجنبية ولكل مكان في العالم يهتم بالصراع ويعتبر أن هؤلاء الأشخاص المحليين الذين يعملون لصالح منظمة إعلام خارجية خلية حيوية في العلاقة بين المراسل الأجنبي والواقع المحلي، الفلسطينيون قاموا بهذه المهمة على خير وجه، و كان العمل مع وكالات الأنباء بموافقة سياسية من قبل فيصل الحسيني.



وجلب هذا الاستثمار نتائج إيجابية للفلسطينيين أمام الشاشة وكان التلفزيون الأردني الذي يتم استقبال بثه في (إسرائيل) مفيدا بالنسبة لهم وذلك من حيث نشرات الأخبار التي أصبحت مصدر أخبار مهما بالنسبة لفلسطينيي الـ48 الذين بحثوا عن مشاهد في التلفزيون لأحداث الضفة الغربية وقطاع غزة لم تقم نشرات الأخبار (الإسرائيلية) ببثها وأصبحت هذه المواد مصدرا هاما للمعلومات المرئية.



وحول توجه الفلسطينيين إلى "المدنين الأعداء: مواطني (إسرائيل)" فقد أجرى الفلسطينيون ذلك بواسطة الصحافة (الإسرائيلية) حيث أنشأوا علاقات عمل جريئة مع مراسلي الضفة الغربية ومع مراسلين آخرين في الصحافة المركزية (الإسرائيلية)، وغير هذا التوجه صحافة المجلات الفلسطينية التي صدرت في اللغة العبرية مثل " (الجسر) لكنها لم تنجح في التغلغل داخل قطاع قليل من الناس حتى اليسار في المجتمع (الإسرائيلي).



وكانت رسالة الانتفاضة المركزية تجاه العدو والمحايدين: هي أن الاحتلال (الإسرائيلي) غير شرعي وغير أخلاقي، ولذلك يجب الاستعجال في مسيرة السلام من أجل حقن الدماء وتوفير المعاناة، ونتج من خلال هذه الرسائل الموجهة رسالة أخرى أكثر أهمية ذكرت أنفا وهي الشعور بالذنب. بالإضافة إلى رسالة أن التخوف (الإسرائيلي) من قيام دولة فلسطينية، تم من خلال تحييد الفلسطينيين نتيجة القوة (الإسرائيلية) الهائلة وأدت الرسالة الأخيرة إلى أشياء متناقضة الأول: أبرزت الفجوة والفرق بين القوي أمام الضعيف، ومن ناحية أخرى قللت من التخوف لدى (الإسرائيليين).



ومثال على تنظيم مبادرة فلسطينية لمحاولة العودة والدخول إلى أرض فلسطين نظمت سفينة النقل المسماة (سول فرين) والتي سميت "بسفينة العودة" وكان من المقرر أن تبحر هذه السفينة من اليونان باتجاه شواطئ فلسطين وعلى متنها اللاجئون الفلسطينيون الذين تم طردهن من فلسطين ، وتم تشكيل جهاز إعلامي كبير حول هذا الأمر ووصل العشرات من المراسلين إلى أثينا لعدة أيام ، وفي النهاية أغرقت هذه السفينة في شاطئ قبرص نتيجة لوضع لغم في أرضية السفينة وألغي هذا الأمر وكان من الواضح بالنسبة للصحفيين حول الجهة التي وقفت وراء هذا العمل.



نشاطات أجهزة الإعلام في (إسرائيل)

على الجانب الآخر من النشاطات الفلسطينية في زمن الانتفاضة كانت أجهزة الإعلام (الإسرائيلية) متخلفة وسرعان ما انهارت في بضع ساعات، ولم تستطع إذاعة الجيش (الإسرائيلي) الوقوف أمام الضغوطات، حيث لم يتفهموا الحاجة للمعلومة الجاهزة للبث مسبقا، واستخدمت وحدة جهاز الناطق باسم الجيش (الإسرائيلي) فقط للردود حسب قواعد" اللعبة المناسبة" أو (fair play) الأمريكية، بسبب التأخير وعدم إمكانية الحصول على إجابة فورية تلخصت جميع الإجابات بالإيجاز، "الجيش يفحص أسباب الحادث" والإجابة الأكثر وضوحا جاءت بعد عدة أيام ولم تشمل أو تلخص الأحداث الشاذة، كان عمل الضباط المرافقين والذين من المفترض أن يشكلوا العامود الفقري للنشاطات الصحفية مع المراسلين أوقات الطوارئ حسب فهمهم فقط ولم يكن العمل مهنيا وحسب ما يتطلبه أسلوب الرسائل مع المراسلين(12).



وحسب الفلسطينيين استخدمت (إسرائيل) أسلوب الحرب النفسية (السوداء) عن طريق نشر بيانات مزيفة وإشاعات كانت السبب في النزاع داخل المجتمع الفلسطيني(13)، واستخدم الفلسطينيون هذا الأسلوب في بث الراديو التابع لأحمد جبريل من دمشق واستخدم هذا البث أيضا في رفع معنويات الفلسطينيين وبث رسائل مشفرة حقيقية ووهمية، وحاولت (إسرائيل) التشويش على هذا البث ولكن ولسبب نقص بعض الأمور توقف التشويش.



الوحدات الخاصة (الإسرائيلية) التي عملت في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة مثل (شمشون، ودفدفان) عادت بالفائدة النفسية والعملية (من دون قصد)، ودفعت الشهرة التي ظهرت لهذه الوحدات والتي عرفت في أذهان الناس على أنها وحدات القتل والموت الكثير من المطلوبين الفلسطينيين إلى تسليم أنفسهم.

وفي النهاية فإن الهوة في مصادر الطرفين دفعت الفلسطينيين للقيام بمبادرة جديدة ومنظمة في مجال المعلومات، واستخدم (الإسرائيليون) في الأساس مصادر عسكرية فشلت أمام التحديات التي وضعها الفلسطينيون من خلال معلومات منظمة وجوهرية، ولا شك أن تسويق القضية الفلسطينية سهل جدا، ولكن هذه الأسباب السهلة لا تعطي توضيحا للفشل (الإسرائيلي)، وقد تغيرت الصورة في الجولة الثانية من الانتفاضة.



أحداث 2000-2002

شكلت الأحداث التي تلت شهر تشرين أول من عام 2000 مانعا إضافيا أمام استغلال نجاحات الحرب النفسية الفلسطينية، حيث يدور الحديث عن دولة فلسطينية فعلية، فمن جهة الحرب النفسية فإن هناك قيودا للفلسطينيين في استخدام الأسلحة التي تسبب بوقوع قتلى (إسرائيليين) كثر، وهذا الواقع الجديد أثر على الإنجازات الأساسية التي أنجزت خلال الانتفاضة الأولى.



إن أساس الحرب النفسية في الانتفاضة الثانية هو العمل في اتجاهين وهما ضربات (الإرهاب) من جانب و من جانب آخر وجود نموذج ضعيف"ضحية"، ويوجد للفلسطينيين وسائل إعلامية مستقلة سهل الوصول إليها مثل –راديو وتلفزيون- ولكن يحاول هؤلاء استغلال تجنيد السكان الأصليين على الرغم من العوائق من جانب السلطة وحقا فإن الفلسطينيين لم يفقدوا حاسية المبادرة واستغلال الفرص في النزاع، في حال أن (الإسرائيليين) مترددون و متخبطون بأخلاقيات الدعاية (باستثناء عملية خطف الجنود في رام الله حيث لم يشاهد هناك صور مفصلة ولكن دلالات، مثل الدم على كف الشاب الفلسطيني)، لا يوجد للفلسطينيين أي مانع لعرض أعضاء داخلية نتيجة إصابتهم برصاص الجيش (الإسرائيلي) حيث تم عرض صور تلفزيونية ونشر صور في الصحف.



واستغلال صور جمجمة الطفلة اليهودية المثقوبة بالرصاص التي قتلت في الخليل (شلهيفت بس) كانت مبادرة خاصة ولم تكن مبادرة من قبل الحكومة (الإسرائيلية) تمثلت الرسالة المركزية للفلسطينيين التي استخدموها في الانتفاضة الثانية في (ظلم الاحتلال )، وفي هذا الجانب فإن (إسرائيل) ما زالت متخبطة حول مسألة تشويه مكانة ياسر عرفات، أو اعتبار هذا الأمر كرسالة هادفة في الحرب النفسية، في حين أن الفلسطينيين يستخدمون موضوع (ظلم الاحتلال) والضرر الأخلاقي، وأن هذه الرسالة تؤدي إلى محايدة الضرر النابع من عمليات "الانتحاريين".




للمزيد تابع الرابط http://www.palestine-info.info/arabic/s ... /haarb.htm

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 03, 2011 2:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس يونيو 14, 2007 2:19 pm
مشاركات: 5953
[align=center]الحرب النفسية

من كتابات د/نبيل فاروق
[/align]

[align=center]الحرب النفسية ... الجزء الثانى
الدعاية .. (2)
[/align]


المتهمون بالحرب النفسية فى العالم كله ، يعتنقون عددأ من السياسات ، الخاصة بوسائل غرس تأثيرات بعينها ، فى المجتمعات والشعوب او فى الجيوش المقاتلة ، ويتأثرون دوماً بعدد من عباقرة الحروب النفسية ، أو عمالقةلعبة الدعاية وعلى راسهم جميعا ً ، ودون أدنى استثناء ،الألمانى النازى (جوزيف جوبلز) ..

و(جوبلز) هذا أول وأخطر من أستخدم فن الدعاية - كوسيلة للحرب النفسية و سبيل إلى غسيل المخ ، واعادة توجيه الفكر ، إلى وجهة بعينها ، يتم أختيارها وتحديدها مسبقاً ، وذلك منذ عام 1929م ، عندما بدأ نجم (اودلف هتلر ) يلمع ، فى سماء السياسة الألمانية ، مع صعود الحزب النازى وسياسته الجديدة التى جعلها (جوبلز) تبدو اشبه بالأمل الوحيد فى الخروج من فخ الاقتصاد المنهار، وروح هزيمة حرب العالمية الأولى ، ومعاهدة (فراساى) المجحفة ، إلى جنة التطور والسيطرة ، وحلم ألمانيا ، زعيمة أوربا والعالم أجمع ..

وبعبقرية (جوبلز ) ، وأساليبه المتطورة ، بزغ الحزب النازى ، وحصل على أكبر عدد من المقاعد (الرايشستاج) ، وأصبح (هتلر) رئيسا للوزراء ، عين (جوبلز ) وزيرا للدعاية ، فأطلق هذا الاخير مهارته وعبقريته أكثر وأكثر ليقفز (هتلر)إلى مقعد الرياسة ،ويبدأ فى تنفيذ حلم ألمانيا النازية الكبرى ..

وهنا ادرك الكل أهمية الدعاية ، وخطورتها ، وتأثيرتها الرهيبة فى الشعوب والأفكار والمعنويات ..
وبدأ الخبرا يدرسون فن الحرب النفسية ..

والدعاية ..

ويضعون الحقائق ..

والقواعد ..

والأساليب ..

والاتجاهات ..

والأن وبعدما يقرب من ستين عاماً ، على سقوط الرايخ الثالث ، وانهيار ألمانيا النازية ،وانتحار (هتلر) ، وأندحار (جوبلز) ، أصبحت الحرب النفسية علماً ضخماً ، له كتب ، وقواعد ، ومراجع ، ويتم أستخدامه فى كل الحروب ..

وكل أوقات السلم أيضاً ..

بل وفى كل ساعة وكل ثانية .. وتقول هذه المراجع إن الدعاية فى أساسها تنقسم إلى قسمين كبيرين ، فهى إما دعاية استراتيجية أو دعاية تكتيكية ..

والدعاية الأستراتيجية ، ومن واقع تسميتها ، هى دعاية شاملة ، واسعة الأنتشار،بطيئة المفعول ، قوية التأثير ، لاتستهدف أفراد بعينهم ،بل تستهدف أنماطاً كاملة ،ولاتسعى خلف تغيير أفراد ،أنما تحوير فكر او اتجاه ،او خلق نمط سلوكى او أجتماعى جديد ،يناسب فى أسلوبه وتطوره ، كل ما يحقق مصالح صاحب الدعاية ومستخدمها ..

واكبر مثال لهذا النوع من الدعاية هو حالة العولمة التى تسعى إليها الولايات المتحدة الأمريكية ، وتسعى من خلالها إلى فرض النمط والنموذج الامريكى على كل الشعوب الأخرى ، من خلال مغريات طويلة الأمد ، ومتغيرات بطيئة التأثير مثل تغيير النمط الغذائى

من مأكولات الوطنية المعتادة ،إلى انواع الوجبات الجافة السريعة ، وزرع النمط الأستهلاكى المتغير بسرعة ، بديلا عن روح الإنتاج والصبر على النتائج المستقبلية وغيرها من وسائل التأثير التى تنتشر وتتغلغل بين شباب أى مجتمع وتبدأ فى تغييرهم وتبديلهم رويداً رويداً ، دون ان يشعروا ،إلى أن يصبح ملبسهم ،وأسلوب تعاملهم ، وحتى تفكيرهم ، أمريكيا تماما ، مما يمحو طابعهم الوطنى ، ويفسد أنتمائهم وارتباطهم بأوطانهم ..

والدعاية الأستراتيجية قوية وفعالة للغاية إذا إنها فى النهاية تخلق مواطناً يميل إلى بلد اخر ، ولديه استعداد أكبر للخيانة والعمالة ويسهل أجتذابه وتحريكه ، ليتحول فى النهاية إلى قطعة من الشطرنج ، على لوحة مطلق الدعاية ..

وهنا تكمن خطورتها ..

وخطورة تاثيرها البطئ ..

والعميق ..

والفعال جداً ..

والدعاية الأستراتيجية تستخدم اوقات السلم ،أو فى الحروب المعنوية مثل الحرب الباردة الشهيرة الطويلة ، بين أمريكيا والإتحاد السوفيتى
باكثر مما تستخدم فى أثناء الحروب المباشرة ؛نظراًلأن تأثيراتها لا يمكن ان تظهر فى وقت قريب يتناسب مع فترات اشتعال وأنتهاء الحروب فى العصر الحديث ..

وهنا يأتى دور الدعاية التكتيكة ..

والدعاية التكتيكية هى دعاية مباشرة ، قوية ، سريعة التأثير ، وسريعة النتائج أيضاً، وهى تستهدف أموراً بذاتها ، أو أشخاص بعينهم ، فتهاجمهم بعنف سديد وضرواة تنشر فضائحهم ،وتجسم اخطائهم ،وتلقف لهم أتهامات ، وتوصمهم بالخيانة ،والعمالة وغيرها ..

وأقوى انواع الدعايات التكتيكية ، هى ما بنى على لمحة من الواقع ، كأن يكون هناك حاكم ديكتاتورى النزعة بالفعل ، فتصنع منه الدعاية وحشاً كاسراً ،وسفاحاً دموياً ، وشيطاناً بلا أخلاق أو ضمير ..

وعندما تستند الدعاية التكتيكة على لمحة حقيقة يسهل تصديقها ،ويسهل انتشارها ، وتتحول إلى قوة هائلة قادرة على تصديقها ،ويسهل انتشارها ، وتتحول إلى قوة هائلة قادرة على تحقيق الكثير ..

والكثير جداً ..

أما لو بنيت الدعاية التكتيكية على غير أساس من الصحة ، فهى تنهار فور أنطلاقها ، بل تتحول فوراً إلى دعاية مضادة ، بالغة القوة والتاثير ، لو أحسن الخصم أستغلالها وتوجيهها ..( مثال من عندى< أميرة السلام >: فى الحرب عندما يقدف أحدهم رمح يخترق الأخر أذا كان الاخر منتبه ومحترف يمكنه أن يبتعد عن طريق الرمح يمسك به ويرده لقاذفه ليقتله )

فالجيوش ، التى تتم تغذيتها على نحو منتظم ، وبوفرة واضحة فى الغذاء ، لا يمكن ان تنتشربداخلها شائعة عن نقص الغذاء ،او انعدامه ، او حتى سوئه ، إنما ستتحول الشائعة فوراص مثار للسخرية، ومدعاة للاقتناع بكذب الخصم ، وغفلته ، وسؤ تقديره للأمور..

الدعاية التكتيكية إذن تستخدم فى الحروب ،او خلال الأزمات لتحقيق نتائج سريعة ، مباشرة ، وقوية خلال فترة محدودة ..

هذا بالنسبة لتأثير الدعاية ..

اما بالنسبة لنوعيتها فهى تنقسم غلى ثلاثة أقسام رئيسية مهمة للغاية ..

الدعاية البيضاء ، والدعاية الرمادية ، والدعاية السوداء ..

والرابط اللونى ، هذا لا يرتبط بطبيعة المادة ، التى تقدم من خلال الدعاية ، سواء كانت مظلمة أو مضيئة ، لكنه يرتبط بالمصدر الذى يطلق الدعاية نفسها ..

فالدعاية البيضاء هى دعاية معروفة المصدر ، تطلقها دولة ، أو جهة معروفة و معلنة ؛للتأثير على شعب أو جيش دولة خصمة أو عدوة ..

والمثال الأكبر على هذا ، هو الإذاعات الموجهة التى تصدر عن دولة ما ، تعلن عن نفسها فى وضوح ، ولكنها تستخدم فيها لغة الدولة الخصم ، والأساليب التى تجذب شعبها ، وربما أغنياتها ومواضيعها المفضلة أيضاً ، بحيث تدس بين هذا وذاك بعض الأخبار التى ربما تكون صحيحة او لا ، لترك تأثير خاص فى الشعوب أو الجيوش ..

ولكى تنجح الدعاية البيضاء لابد أن تستند إلى شىء من الحقائق التى يدركها شعب أو خيش الخصم حتى لا يفقد الثقة بها ، خاصة وأنها تصدر من مصدر معروف بعدائه وخصومته ..

أما الدعاية الرمادية فهى دعاية غير واصحة المصدر تبدأ وتنتشر ، وربما تنتهى أيضا ، دون
أن يظهر بوضوح من الذى أطلقها بالضبط ، ومن المستفيد منها بالتحديد ..

والدعايات الرمادية تحتاج إلى أكبر قدر ممكن من الذكاء والحنكة ، نظراًلأنها لابد ألا تحمل بصمة واضحة ومحددة

لذا فمستخدمها يكون فى المعتاد خبيراً فى مجاله ، وأستاذاً فى فن التعامل من الجماهير ، وتوجيه فكرها ، وتحوير أتجاهاتها ، دون إشارات واضحة ، أو توجيهات مباشرة جلية ..

ومن الممكن ان تكون الدعايات الرمادية مقروءة ، أو مسموعة ، أو حتى مرئية ، وفقاً لمقتضيات الموقف ، ونوع الوسائل المتاحة والمنتشرة ، وفى منطقة الخصم ، والتى يمكن أن تكون ضعيفة ومحدودة ،أو شديدة التطور ، بحيث تغوص عبر شبكات الانتر نت ، ورسائل المحمولة ، وغيرها ..

أما الدعاية السوداء ، فهى أخطر وأشرس اونواع الدعايات ، لو أحسن التعامل معها ، على الوجه الصحيح ..

والدعاية السوداء هى دعاية مباشرة ولكنها تصدر حتما عن مصدر يخالف المصدر المعلن ، كأن تنشئ (إسرائيل )مثلا محطة إذاعية باللغة العربية ، يعمل فيها يهود من أصول عربية ، على نحو يوحى بأنها محطة للمعارضة فى الخارج ..

أو يمكن أن يكون هذا عبر مواقع الأنترنت ، التى تطلق عبر الشبكة ، بأعتبارها من مصدر قومى معارض مثلاً ،فى الحين انها فى الواقع تنطلق من موقع معاد تماماً ..

وتأثير الدعاية السوداء هو أقوى تأثير معروف ، من بين كل أنواع الدعاية الاخرى ؛لأنه يكسب ثقة المستمع ، او المشاهد ، أو المتابع ، الذى يتعامل ، معها بأعتبارها مصادر صديقة ، تسعى إلى صالحه ومستقبله ، فى الحي أنها فى واقعها مصادر عدوة تسعى لتدميره والقضاء عليه ..

والتاريخ يحمل لنا عشرات الأمثلة ، للدعايات الناجحة فى كل الحروب ، وكل المجالات ، والتى تبدأ من اطلاق الشائعات ،إلى إلقاء المنشورات ، التى تحوى إما الترهيب أو الترغيب ،إلى الإذاعات الموجهة ، والمستفزة والملتوية ، والمتخفية ، إلى أفلام السينما ، والأفلام التسجيلية ، والكتب والروايات ، وإلى ماتطور إليه العلم الآن ، من رسائل هاتفية قصيرة ، ومواقع شبكة الإنترنت ، والرسائل البريدية الإلكترونية ..

ومن بين كل هذه الوسائل ، تعتبر الشائعات هى الأقوى والأكثر تأثيرا و ....

وهذا ما سنتابعه ..
الحرب النفسية .... الجزء الثالث ..... والاخير


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 17, 2011 7:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس يونيو 14, 2007 2:19 pm
مشاركات: 5953
[align=center]
الحرب النفسية

من كتابات د/نبيل فاروق
[/align]

[align=center]الحرب النفسية ... الجزء الثالث و الأخير
الشائعات.. (3)
[/align]



الشائعات .....

من بين كل انواع الحرب النفسية ، التى استعرضها التاريخ ، فى عالم الجاسوسية ، تحتل الشائعات مكانة خاصة ..
خاصة للغاية فعلى عكس كل الوسائل الأخرى ، تنطلق الشائغات دوماً من بؤرة مجهولة ، يصعب تحديدها ، أو تتبعها على نحو منطقى وسليم ،فالشائعة يمكن أن تبدأ من مصنع كبير ،أو مقهى صغير ، أو حتى من قلب أخطر جهاز ، فى أية دولة من دول العالم ..

وهذا يتوقف على طبيعة الشائعة ، وأهميتها ، وخطورتها وما يمكن أن يؤدى إليه ، بعد ان تتوغل فى المجتمع ، وتستقر فى وجدانه ، وتصبح لها قوة رهيبة ، ربما تنزاح أمامها الحقائق نفسها ..

والاستهانة بالشائعات خطأ فادح ، مهما بدت الشائعة تافهة أو غبية ا حتى تفتقر إلى المنطق و العقل السليمين ..

وقبل أن نناقش هذه النقطة ، دعنى اعيد ذهنك إلى شائعة مضحكة بدت كدعابة على الأرجح، ثم لم تلبث أ قويت ، مع ترديدها المستمر ، حتى تجاوزت كل الحدود المنطق الطبيعى ..

والحديث هنا عن تلك الشائعة ، التى أنتشرت فجأة لتقول :إن الفنان المبدع (محمد صبحى ) مسيحى الديانة !

شائعة كان ينبغى أن تثير الضحك والسخرية ، وتبدو واضحة السخافة واللا منطقية ،وعلى الرغم من هذا ، فقد فوجئنا بها تنتشر ..

وتنتشر ..

وتنتشر..

ومع انتشارها ، راح بعض الخبثاء ينسجون مبررات أكثر سخافة لإقناع الآخرين بأن (محمد محمود صبح) الشهير بالفنان (محمد صبحى ) ، رجل مسيحى الديانة..

والسخيف أن التبرير نفسه غير منطقى ..

لكن الأسخف أن الناس صدقت ..

ورددت ..

وأثبتت قوة الشائعات ..

وفى الوقت الذى كان فيه مطلق الشائعة ينقلب على ظهره ضحكاً وسخرية ، من ذلك الشعب الساذج ، الذى صدق شائعة سخيفة كهذه ، كان على الفنان (محمد صبحى) أن يتحدث الى الصحف ، وعن كذب الشائعة ، التى سخر منها شخصياً فى البداية ، بغض النظر عما ورد بها بأعتبار أن مؤلفها ومرددها شخص أساء إلى الاديان ، دون وعى او منطق .. او ربما هو شخص تعمد هذا!!

المهم أنه ، على الرغم من كل ماقيل ، ومن تكذيب (صبحى )نفسه للأمر ، ظل هناك من يصدق ..

ومن يردد ..

ومن يجادل ..

وهكذا الشائعات ..

من السهل أن تطلقها ، ومن الصعب ، وربما الصعب جداً أن توقفها ..

وأحد الأسباب الرئيسية للشائعات ، رغبة البعض فى الظهور بمظهر الشخص المتميز ، والمطلع ، والعارف ببواطن الأمور ..

وهذه أسوأ صفة فى الوجود ..

وتتضاعف نسبة السوء ، لو أن صاحب تلك هذه الصفة ينتمى بالفعل إلى جهة سيادية أو أمنية ، أو سياسية ، بحيث توحى كلماته بالثقة والمصداقية ، حتى لو لم يكن يعلم شيئا عما يتحدث عنه فى الواقع ..

فليس من الضرورة ، أن يكون أحد العاملين فى جهاز الشرطة مثلا ، على لم بكل ما يدور هناك ، بل من الطبيعى جداً أن يجهل الكثير مما يحدث ، والإ فسيصبح جهاز الشرطة كله أشبه بمقهى عام ، يردد الكل فيه الأسرار ، بل ويعلنها لكل العاملين بلا استثناء ،دون أية قواعد للسرية وأمن الجهاز والدولة ..

وهذا ينطبق أيضاً على العاملين فى أجهزة المخابرات ، ومجلس الوزراء، ومجلس الشعب ، وكل الجهات السيادية الأخرى ..

وفى معظم الأحيان ، يكون الشعور بقلة الشأن ، هو الدافع الرئيسى ، للعاملين الصغار ، أو صغار كبار الموظفين ، كما يطلق عليهم ، لكى يتظاهروا بالأهمية ، عن طريق إدعاء أنهم يعرفون أسرار المكان ..

بل وأسرار الدولة نفسها ..

وفى بعض الأحيان ، يتظاهر هؤلاء المرضى النفسيين بأنهم على علم حتى بما يطلق على اسم (قرارت المطبخ)..

والمقصود بالمصطلح هنا هو تلك القرارات ، ذات طابع السيادى للغاية ، بحيث لا يمكن أن يعلم بها سوى كبار القادة ، وعلى أرفع المستويات ، ورئيس الوزراء ، أو رئيس الجمهورية شخصياً
ومثل هذه القرارت تكون دوما على درجة عالية جداً من السرية حتى أن الرئيس والقادة لا يبلغون زوجاتهم بها ..

فما بالك بموظفيهم ، فى الدرجات العليا..

والدرجات الوظيفية الأدنى ..

ولكن العجيب أن الناس لا تفكر ..

أو تبحث ..

أو تناقش ..

فقط تصدق ..

وتنبهر ..

وتردد ..

وهنا تكمن الكارثة .
وهنا تكمن أيضاً قوة وحطورة الشائعات ، على كل المستويات ..

والشائعات ، من ناحية قوتها ، وقدرتها على التغلغل ، وما تتركه حلفها من تأثيرات ، تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية ..

وأشهر أنواع الشائعات ، ما يعرف باسم الشائعة الزاحفة ..

والشائعة الزاحفة هذه هى أقوى الشائعات تأثيراً واكثرها قدرة على هزيمة الحقائق نفسها ،أذا إنها ، وكما يتضح من اسمها تبدأ هادئة ،بطيئة ، ولكنها تمتلك من القوة ما يسمح لها بالزحف فى المجتمعات ، وبالأنتقال بين الألسنة والآذان فى سرعة ، بحيث تصبح راسخة قوية ، مقنعة ، حتى و إن لم تستند إلى منطق سليم ..

والغرض الرئيسى للشائعة الزاحفة ، هو توجيه الفكر العام نحو أمر بعينه ، أو فكرة بذاتها ، بحيث تقر فى القلوب والنفوس ، وتصبح قادرة على تحطيم الروح المعنوية ، أو سلب الإرادة العامة ، عندما تحين لحظات المواجهات ..

وأشهر ما عروف من الشائعات الزاحفة ، هو فكرة قوة الجيش الإسرائيلى ، ومناعته ، وفكرة أنه غير قابل للهزيمة ..

وخلال الحرب العالمية الثانية ، استخدم (جوبلز) ، وزير الدعاية النازى ، شائعة السلاح السرى الألمانى ، ليحطم إرادة الإنجليز ، ويوهمهم بأن هزيمتهم حتمية ، حتى لو أوحت تطورات الموقف بعكس هذا ..

والشائعة الزاحفة قادرة على دفع شعب كامل إلى الاستسلام قبل حتى أن يواجه عدوه ، لتصوره أن هذا العدو يفوقه قوة بمئات المرات ، أو يمتلك سلاحاً رهيباً ، قادراً على إبادته بلا رحمة ..ألخ ..

أما النوع الثانى من الشائعات فهو الشائعة العنيفة ..

وهذا النوع من الشائعات يعتمد على نشر أكذوبة قوية ، مخيفة ، تدفع فئة ما ، أو حتى كل الفئات إلى الغضب والثورة والاندفاع إلى التدمير أو التخريب ، دون أن تتوقف للتفكير فى الموقف ، ودراسته ، وتبين صحته او كذبه ..

والمثال الواضح للشائعات القوية ، هو أحدث الأمن المركزى فى أواخر ثمانيات القرن العشرين(ابريل1986م) ، عندما سرت بين قوات الأمن المركزى شائعة تقول إن فترة تجنيدهم ستتضاعف فى ظروف معيشة سيئة للغاية ..

وبمنتهى العنف ، أنطلق جنود الأمن المركزى يعلنون رفضهم ..

وغضبهم..

وثورتهم..

وأشتعلت الدنيا كلها ..

وهذا بالضبط هدف الشائعات العنيفة ..

أن تطلق المشاعر والانفعالات من عقالها ، بمنتهى العنف والقوة ، دون تفكير أو تدبير ..
ومن هنا يبدوا واضحاً أن الشائعات العنيفة هى عكس الشائعة الزاحفة تماما ، فهى تبدأ بسرعة والغرض منها نتائج سريعة ومباشرة ، و..

وعنيفة ..

تبقى امامنا إذن النوع الثالث والأخير من الشائعات وهو ما يعرف باسم الشائعة الغائصة ..

والشائعة الغائصة تشبه كثيراً الشائعة الزاحفة ، من حيث بطئها ،وتوغلها ، وتغلغلها ، لكن تختلف عنها فى أنها لا تمس قطاعاً حيوياً دائماً أو مستمراً من المجتمع ، وإنما تمس أمراً يتعلق باوقات محدودة بعينها ، بحيث تغوص الشائعة فى المجتمع معظم الوقت ، ثم تعود إلى السطح ، عندما يأتى دورها أو موسمها ،أو تأتى مناسبتها ..

فلو انها شائعة تتعلق بنقص الموارد الغذائية مثلاً، فهى تختفى معظم أياما لسنة ، لأن المواد متوفرة بالفعل ، ثم تعود إلى الظهور مع مواسم الصيف مثلاً أو فى بدايات شهر رمضان ..

والشائعات المالية هى أشهر أنواع الشائعات الغائصة ، مثل شائعات إصدار الحكومة لقانون ،يبيح لها الأستيلاء على الزدائع البنكية للمواطنين ، او على العملات الحرة فى أرصدتهم ، وهى شائعة ترتبط دوماً بالأزمات الأقتصادية فهى غائصة دوماً فى المجتمع ، ثم تظهر فجأة ، إذا ما واجهالمجتمع ازمة مالية ، حتى ولو كانت مرحلية او مؤقته ..

ومن كل ما سبق يبدوا من الواضح أن الشائعات هى أحد أسلحة الحروب عبر العصور ..

بل هى أقوى أسلحة الحرب الخفية ..

الحرب النفسية.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 17, 2011 8:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4146
مكان: الديار المحروسة
بارك الله فيك يامحب مولانا

على النقل المميز لي سؤالي خاص بكيفيه ومتي استخدام هذا الاسلوب فى الحرب
اي ان كيف بث الرعب فى قلب اعداءك

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 6 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 15 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط