موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 5, 6, 7, 8, 9
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 18, 2015 1:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وقال رضي الله عنه لسبطه سيدي إبراهيم الأعزب قدس سره : أي إبراهيم أوصيك بوصية إن أنت حفظتها وعملت بها حفظك الله تعالى في الدنيا والآخرة وأبرأك من الرياء والنفاق وعشت حميداً رشيداً مهيباً وحشرت مع الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، فقال له : أي سيدي أوصني بما تشاء تجدني مستمعاً مطيعاً ، فقال له : أي إبراهيم أحب الفقراء وأكرمهم واخدمهم وانهض لهم واخفض لهم جناحك وأظهر لهم سماحك واغتنمهم واغتنم أدعيتهم واتخذ عنهم اليد فإن لهم غداً عند الله تعالى دولة وشفاعة كشفاعة الأنبياء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : يا أبا ذر لكل شيء مفتاح ومفتاح الجنة حب الفقراء والمساكين والدنو منهم وهم جلساء الله يوم القيامة ، يا أبا ذر الفقراء ضحكهم عبادة ومزاحهم تسبيح ونومهم صدقة وينظر الله إليهم في كل يوم ثلاث مرات . ثم قال له : أي إبراهيم عش فقيراً ومت فقيراً ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال : يا بلال عش فقيراً ولا تعش غنياً ، فقال بلال : ومن لي بذاك ولا النار . ثم قال : أي إبراهيم لا تحقر الفقراء ولا تزدريهم فإن الفقر شين عند الناس وزين عند الله ، أي إبراهيم تزي بزي الفقراء وكن منهم وتشبه بهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تشبه بقوم فهو منهم ومن أحب قوماً حشر معهم . أي إبراهيم اخدم الفقراء وقف على رؤوسهم بانشراح صدر وفرح وسرور وتلذذ بخدمتهم وابذل جهدك برضاهم ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخادم في أمان الله ما دام في خدمة أخيه المؤمن وللخادم في الخدمة أجر الصيام بالنهار والقيام بالليل وكخادم المجاهدين في سبيل الله وكخادم الحاج وكخادم المرابطين في سبيل الله وكأجر كل بر في الأرض وطوبى للخادم يوم القيامة ليس على الخادم حساب ولا عذاب وللخادم شفاعة في مثل ربيعة ومضر ، فقالوا يا رسول الله وإن كان فاجراً ؟ فقال : خادم السوء أفضل عند الله من سبعين عابداً مجتهداً ومن معلم محتسب وللخادم مثل أجر من يخدمهم . ثم قال : أي إبراهيم لا تتواضع للأغنياء ولأبناء الدنيا ولا تنهض لهم ولا تقرب أبوابهم وإن دعوك ، أي إبراهيم أبناء الدنيا إن أكرمتهم أهانوك وإن أحببتهم أبغضوك وإن مازحتهم لا يهابونك وإن غبت عنهم اغتابوك وفي كل أحوالهم يعيبونك لأنهم لم يروا حبك لهم والسلام عليهم والتردد إلى أبوابهم والترحب إلا لأجل دنياهم وإنك محتاج إلى عزهم فأعز نفسك عن صحبتهم وخدمتهم فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القرب منهم والتواضع لهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : لعن الله من أكرم الغني لغناه وأهان الفقير لفقره ومن فعل ذلك فقد سمي في السموات عدو الله وعدو الأنبياء لا يستجاب له دعوة ولا تقضى له حاجة ومن تواضع لغني لأجل غناه أكبه الله في النار على وجهه . ثم قال : أي إبراهيم إذا خدمت الغني زدته تكبراً وتجبراً ونقصت من عين الله وإذا خدمت الفقير جبرت قلبه وزدت في رغبته وعظمت عند الله تعالى وخدمتك الملائكة واستغفرت لك ، ثم قال : أي إبراهيم احفظ وصيتي لك ووص بها إخوانك الفقراء والمحبين والمريدين الراغبين ، ثم قال رضي الله عنه للسيد إبراهيم وأبيه السيد علي رضي الله عنهما : اشكرا الله تعالى على نعمته واصبرا على البلاء ونوازله ولا تأمنا عقوبة الله تعالى ومكره ولا تقنطا من رحمة الله واعلما أن ما أصابكما لم يكن ليخطئكما وما أخطأكما لم يكن ليصيبكما ولا تلتمسا رضا مخلوق بسخط الخالق ولا تؤثرا الدنيا على الآخرة ولا تبخلا على الإخوان بما في أيديكما وانظرا في أمر دينكما إلى من فوقكما وفي أمر دنياكما إلى من هو دونكما ولا تخالطا أهل الكبر ولا تقربا السلطان ودعا الباطل وأهله ولا تغضبا لأنفسكما إذا شتمتما وأدبا الأهل والولد وعلماهما الرشد والعلم والخير ولا تلعنا أحداً من خلق الله تعالى ولا تحلفا بالله كذباً ولا تشهدا بالزور لأجل قريب أو بعيد ولا تعملا بالهوى ولا تلعبا مع اللاعبين ولا تلهيا مع اللاهين ولا تقولا للقصير أي قصير ولا للطويل أي طويل تريدان به عيبه ولا تمشيا بالنميمة بين الإخوان وأكثر التهليل والتكبير وقراءة القرآن على كل حال ولا تدعا الجمعة والعيدين وانظرا فيما لا يرضيكما أن يقال به أو يصنع به ثم تسنداه إلى غيركما ، ثم قال : هذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سلمان وهي الآن وصيتي إليكما أطالبكما بها بين يدي الله تعالى .

وخرج السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه في بعض البساتين ليتوضأ فنظر إلى نخلة والتمر معلق برأسها وكان معه الشيخ يعقوب بن كراز أكرمه الله بالإكرام والإعزاز فقال له : يا يعقوب انظر إلى هذه النخلة حيث رفعت رأسها جعل الله ثقلها عليها ولو حملت مهما حملت وأصل اليقطين حيث وضع نفسه وألقى خده على الأرض حمل ثقله غيره ولو حمل مهما حمل .

وقال رضي الله عنه للسيد إبراهيم الأعزب قدس سره : أي إبراهيم من تمشيخ لك فتتلمذ له ومن مد لك يده فقبلها ومن تقدم عليك فقدمه وكن آخر شعرة بالذنب فإن الضرب لا يقع إلا على الرأس .

وكان رضي الله عنه إذا رأى أحداً من الفقراء لبس ثوب صوف يقول له : أي ولدي أبصر بزي من تزينت وإلى من انتميت قد لبست لبسة الأنبياء وتحليت بحلية الأتقياء ، هذا زي العارفين فاسلك به سلوك المقربين .

وقال رضي الله عنه يوماً للفقراء : أي سادة أعينوني على أنفسكم بخمس خصال :
أولها : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته كما قال لعائشة رضي الله عنها : " يا عائشة إن سرك اللحوق بي فإياك ومجاورة الموتى ومجالستهم ولا تضعي ثوباً حتى ترقعيه " .
الثانية : موافقة السلف على حالهم .
الثالثة : لباس ثوب التعرية من الدنيا والنفس .
الرابعة : تحمل البلاء والاستسلام له .
الخامسة : لباس الوفاء واجتناب الجفاء ، كما قال بعض الحكماء : انزع لباس الجفاء والبس لباس الوفاء وعليك بلبس المرقعة فإنها لباس الذل والانكسار والتواضع وعليك بقهر النفس والهوى وترك الدنيا وبغض الرياسة .

وقال رضي الله عنه لزوجته رابعة : أي بنت الشيخ ، إن سرك اللحوق بالقوم فأقلي الطعام واهجري المنام وصلي بالليل والناس نيام .

وكان رضي الله عنه يوقظها بالليل ويقول لها : أي بنت الشيخ ، قومي إلى وردك فإن العبد إذا سلك طريق القوم كان قريباً منهم .

وكان رضي الله عنه يقول : يحتاج الفقير منكم إن كان سالكاً في طريقه مقتدراً على نفسه أن يكون فيه ست خصال :
أولها : فقد المعلوم المنقوش المدلي إلى البؤس .
الثانية : الصبر والإياس من جميع الأشياء إلا من الله تعالى .
الثالثة : كتمان السرائر حتى لا يشكو إلى مخلوق مثله .
الرابعة : ترك المسألة لكيلا يهرب إلى الخلق من باب الله تعالى .
الخامسة : أن يظهر الغنى في الفقر .
السادسة : أن يعمل لله تعالى ولا يرى أنه يعمل شيئاً .

وقال رضي الله عنه : يكون الفقير جوال الفكر جوهري الذكر كثير حلمه عظيم حكمه جميل المنازع قريب المراجع أوسع الناس صدراً وأذلهم نفساً كثير العطاء قليل الأذى ضحكه تبسماً واستفهامه تعليماً مذكراً للغافل معلماً للجاهل لا يؤذي من يؤذيه ولا يخوض فيما لا يعنيه لا يشمت بمصيبة ولا يذكر أحداً بغيبة نازحاً عن المحرمات واقفاً على الشبهات عوناً للغريب أباً لليتيم بشره في وجهه وذكر الله تعالى في قلبه مسروراً بفقره مشغولاً بنفسه أحلى من الشهد وألين من الزبد وأصلب من الحديد لا يكشف سراً ولا يهتك ستراً لطيف الحركات حلو المشاهدات حسن المذاق لين الجناب طويل الصمت حليماً إذا جهل عليه صبوراً على من أساء إليه يبجل الكبير ويوقره ويرحم الصغير ويؤدبه أميناً على الأمانات بعيداً من الخيانات ألفه التقى وخلقه الحياء كثير الحذر قليل الزلل حركاته أدب وكلامه عجب راضياً وقوراً شكوراً لا نماماً ولا مغتاباً ولا حلافاً ولا خباثاً ولا كذاباً ولا عجولاً ولا طياشاً ولا فحاشاً ولا حقوداً ولا خؤوناً الفقير كلامه موزون ولسانه مخزون وقلبه محزون وفكره يجول فيما هو كائن ويكون والله الموفق لمن يشاء من عباده .

وقال رضي الله عنه : علامة الفقير الصادق إظهار الشبع وهو جائع والفرح عند الحزن والنشاط عند الكسل والذل بعد العز والفقر بعد الغنى وأن يصير مردوداً بعد أن يكون مقبولاً .

وكان رضي الله عنه يسر بأربعة أشياء وإذا نزلت بأصحابه يفرح لهم بها ويسأل الله تعالى لهم الصبر عليها ويقول : هي شعار الصالحين ، الجوع والعري والفقر والذل .

وقال رضي الله عنه : لما كنت على جبل عرفات بايعت الله تعالى على ترك النفس والعرض والمال .

وقال رضي الله عنه : أول ما ينبغي للإنسان أن يأمر نفسه بالمعروف فإن ائتمرت يأمر الناس بالمعروف وينهى نفسه عن المنكر فإن انتهت فينهى الناس وإلا فقد قال الله تعالى : " لم تقولون ما لا تفعلون " ( الصف 2 ) ، " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " ( البقرة 44 ) .

وقال رضي الله عنه : للفقر والتصوف خصال معدودة محمودة أولها : تجريد التوحيد ثم الإيثار وإيثار الإيثار ثم حسن العشرة ثم فهم السماع ثم ترك الاختيار ثم سرعة الوجد ثم الكشف عن الخواطر ثم كثرة الصمت ثم ترك الاكتساب ثم تحريم الادخار .

وقال رضي الله عنه : علامة الفقير الصادق في جميع الحركات التقلل من المباحات والصمم عن كثير من المسموعات وأن لا يطلب المعدوم حتى يبذل الموجود وانقطاع الحيلة حتى لا يرى في كل أحواله وشدائده ورخائه وتقلبه غير خالقه ومكونه .

وقال رضي الله عنه : الفقير متى نظر إلى ما يلبس التبس عليه أمره ومتى رأى الخلق دونه ظهرت عيوبه الفقير ابن ساعته لا يومه الفقير يرى كل نفس من أنفاسه أعز من الكبريت الأحمر يودع كل ساعة ما يصلح لها ولا يضيع من وقته لحظة الفقير مثله مثل المرآة ينظر فيها كل شيء .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 18, 2015 7:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وقال رضي الله عنه : إن القلب إذا صلح صار مهبط الأسرار والأنوار والملائكة وإذا فسد صار مهبط الظلم والشياطين وإذا صلح أخبرك عما وراءك وأمامك ونبهك عن أمور لم تكن تعلمها بشيء من دونه وإذا فسد حدثك ببطلان يغيب معه الرشد وينفى معه السعد فيا طوبى لمن أصلح الله قلبه .

وقال رضي الله عنه : من لم تكن له داعية من نفسه لم تنفعه داعية غيره .

وقال رضي الله عنه : النفس ثلاثة أضرب أمارة وهي نفس الجاهلين والعصاة ولوامة وهي نفس المؤمن تسره حسنته وتسوؤه سيئته ومطمئنة وهي نفس المؤمن الموفق العارف .

وقال رضي الله عنه : مجالسنا هذه مجالس المأتم لأن الفقير لا يزال متأسفاً على ما فاته متحسراً على إدراك الفضائل يرجو الحق سبحانه ويخافه وإن سمع شيئاً من المواصلة رجا ومن المفاصلة خاف وإن دعا أجيب وإن سمع رداً بكى .

وقال رضي الله عنه : صلاة بصلاة وصلاة بسبعين صلاة وصلاة بلا صلاة فأما الأول فهو الذي يرفع مع الإمام ويضع معه وأما الثاني فهو الذي يرفع ويضع بعده وأما الثالث فهو الذي يرفع ويضع قبله .

وقال رضي الله عنه للفقراء : لا تضيعوا أوقاتكم بما ليس لكم فيه راحة فما يمضي منكم نفس إلا وهو عليكم معدوداً وإياكم وما تعتذرون منه واحفظوا وقتكم وقلوبكم فإن أعز الأشياء الوقت والقلب فإذا أهملتم الوقت وضيعتم القلب فقد ذهبت منكم الفوائد واعلموا أن الذنوب تعمي القلوب وتسودها وتمرضها .

وقال رضي الله عنه لهم : استعينوا بالله عما في أيدي الناس فما استغنى أحد بالله إلا افتقر الناس إليه واجتنبوا المزاح والمماراة وإخلاف الوعد .

وقال رضي الله عنه لهم : أي سادة إذا حصل لكم الله حصل لكم كل شيء .

وقال رضي الله عنه : من اشتد خوفه من الله تعالى اليوم كثر أمنه غداً ومن عرف عدل الله تبارك وتعالى خاف عذاب الله ومن عرف كفالة الله توكل على الله ومن تحقق بالحب لله لم يختر غير الله ومن عرف لطف الله قطع رجاءه عن غير الله تعالى ثم تلا قوله تعالى : " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " ( الكهف 30 ) .

وقال رضي الله عنه للشيخ يعقوب بن الكراز : أي يعقوب لا تعب الناس بعيوبهم فيظهر الله لك عيوباً وإن لم يكن لك عيوب وعليك بتقوى الله تعالى وطاعته ولزوم السنة والجماعة ورعاية النفس وتصفية الخلق والتجاوز عن هفوات الإخوان وستر عيوبهم وإظهار محاسنهم وأجل أصحابك الصالحين والورعين وأهل الخشية والمراقبة بالمداراة والمرافقة وآداء حقوقهم منك وترك حقك عليهم وعليك بالأدب فإن قليلاً من الأدب خير من كثير من العلم وعليك بترك الدنيا ومخالفة النفس ومعاداة الهوى فهذه بها الوصول إلى الله تعالى .

وقال رضي الله عنه : أي يعقوب اعلم أن التوفيق منه وبه وإليه وهو المعطي وهو المانع .

وقال رضي الله عنه للسيد إبراهيم الأعزب قدس سره : أي إبراهيم من علم ما يحصل له هان عليه ما يبذل .

وقال رضي الله عنه : من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله في كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره لم يثبت في ديوان الرجال .

وقال رضي الله عنه : إذا نشأ الرجل في غير الطريق فكيف يكون حاله فتقبل له ؟ أي سيدي يتمزق ويتعب ولا يصل إلى مراده سريعاً وربما رجع من بعض الطرق .

وقال رضي الله عنه : وكذلك الفقير إذا لم يستقم حاله ظاهراً وباطناً يتمزق ولا ينفعه شيخه وتدخل عليه الدواخل من كل مكان ويبقى لا يصلح لشيخه ولا لربه ويهلك مع الهالكين .

وقال رضي الله عنه للسيد عبد الرحيم : خذ قصبة صحيحة غير مرضوضة وشدها ثم قال : لا تقدر على ذلك ولكن إذا رضضتها ودستها برجلك صارت لكسرها تصلح أن تشد بها شيئاً وكذلك الفقير إذا كسر نفسه وداسها ولم يرفعها رفعه الله تعالى وجعله ظلاً نافعاً وشد به الأزر .

وقال رضي الله عنه : أي سادة قالت المشايخ بلسان حالهم : من استقام بنفسه استقام به غيره أي سادة كيف يستقيم الظل والعود أعوج .

وقال رضي الله عنه : لما انداست الطرق بالأقدام صلحت للسلامة والنجاة وصارت مقصداً لكل أحد وكذلك الفقير إذا كسر نفسه وذل وانداس واحترق بين يدي الله تعالى كان معدن الخيرات ومقصد الراحات وصار كالغيث أين وقع نفع وانتفع به فيكون رحمة وسكينة على خلق الله تعالى .

وقال رضي الله عنه : إذا أراد الفقير العز وطلب الشرف فالكل فيه إذا عرف العز بالذل والقناعة والشرف بالتواضع والعلم فإذا كان الفقير متمسكاً بهذه الأشياء وكان هيناً ليناً صح فقره وحصل له مراده .

وقال رضي الله عنه للسيد عبد الرحيم قدس الله سره : من لم يكسر نفسه لم يبلغ مراده ولم يبلغ مبالغ الرجال ولم تشد نحوه الرحال .

وقال رضي الله عنه لولده صالح : إذا لم تسلك طريقي وتتبع مناهجي بالذل والانكسار والتواضع لله ولسائر الفقراء لا أنت لي ولد ولا أنا لك أب .

وقال رضي الله عنه للفقراء يوماً : أي سادة الفقير لا يكون له قولان .

وكان رضي الله عنه يقول لهم : عليكم بإكرام الفقراء تنالوا به الشرف وتحصل لكم شفاعتهم يوم القيامة فإنهم أكبر شافع .

وقال رضي الله عنه للشيخ يعقوب بم كراز يوماً : كم طيرت طقطقة النعال من رأس وأذهبت من دين .

وقال رضي الله عنه : مثل الفقير في أول دخوله هذا الطريق مثل الكتان إذا أراد الأكار أن يزرعه يشق أولاً أرضاً جيدة ويدقها ويقسمها أقساماً ثم يرميه فيها ويشتغل بسقيه ومحافظته ومراعاته حتى ينبت فإذا استوى على سوقه ويبست تلك الشفقة عليه شد الأكار عليه وقلعه ويبسه وحواه بأزفات ودقه وأخذ رأسه ثم حبسه تحت الماء والطين أياماً ثم أخرجه ونشره ويبسه ودقه ثانية ويقول بعدما جاء منه شيء ثم قطعه قطعاً وسلمه إلى النفاض فلا يزال يضربه حتى يخرج جوهره ولا يبقى إلا لبه فإذا هو صبر على الضرب خرج منه شيء جيد وإن هو لم يصبر هلك ولم يصلح إلا للنار فإذا صبر وخرج منه شيء سلموه إلى النساء فينزهنه ويضربن عليه بالأيدي ويفرقنه طاقة طاقة ويجرينه بين أسنانهن ويبللنه بريقهن ثم يغزلنه ويفتلنه ثم يقولون : ما يجيء منه شيء إلا بالصبر فيسلمونه إلى القصار فيغسله بالماء المالح ويقول : لابد له من دخول النار فإن هو صبر أخرجه وغسله مرة أخرى ودقه بالحجر طاقة طاقة وأوصله وأدخله أضيق مكان ودقه من فوقه وتحته ويمينه وشماله فإذا صبر تحت هذه الأهوال واحتمل هذه الأثقال طواه ودقه ثم بعد ذلك غلا ثمنه وصلح لمماسة أعضاء السلاطين ، وكذلك الفقير إن هو صبر على ما يلقى من الشدائد في طاعة جميل الفوائد كانت منزلته عند الله تعالى أعظم من منزلة تلك الثياب الجميلة عند السلطان وكذلك الفقير إذا صبر وتحمل وخدم من دونه وبذل مجهوده وسمع قوله وتجاوز عن هفوات الإخوان وتذلل لهم وجعل أوقاته مغنمة وتأثر بمن هو دونه وأخلص في عمله وهجر إخوان الغفلة وفارق مواطن الهفوات وندم على ما فرط وشد مئزر الكد وأخذ في إدراك ما فات وتذكر ما مضى من زلله وتحسر عليه وحرث لما بين يديه فإذا وفقه الله تعالى لهذه السعادات صار وقته كله يقظة ونفي عنه الغفلة وأثمر له الذل والندم والخوف والكره وتواترت عليه من الله تعالى النعم فحيث أيقظه الله تعالى وسبقت له العناية وظهرت له آثار الولاية وعزت نفسه عن ملاذ الدنيا وجيفتها وحطامها وقنع منها بالقليل وكان قوته ما وجد ولباسه ستر العورة ولا يضيع أوقاته الشريفة في طلب القوت واللباس ورغبته فيما عند الله تعالى وصارت الدنيا سجنه وكثر في طلب نجاة الآخرة همه وسال دمعه وزاد شوقه ويكون دائماً في خوف الفوت وتوقع الموت ولم يفرح بشيء من الدنيا وزينتها ويكون فرحه يوم إقباله على مولاه فحصل له عند ذلك رضاه وهذه الفائدة في الدنيا والآخرة .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 21, 2015 9:35 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ودخل رضي الله عنه الرواق في بعض الأوقات فوجد الفقراء يتحدثون في قدرة الله تعالى وعظمته وقضائه وقدره فيما مضى من الأمم السابقين والموت والحياة وفي تفرد الله تعالى بالوحدانية والبقاء وأمور الآخرة فقال لهم : أي سادة بم أنتم تحدثون ؟ فأخبروه بما هم فيه فقال لهم : أي سادة هذا البحر الذي أنتم تغوصون فيه غرق فيه وفي ساحله مائة ألف وأربعمائة وعشرون ألف نبي ومائة ألف وأربعة وعشرون ألف ولي ومثلهم صديقون ومثلهم أولياء وما وجدوا له قراراً وحارت فيه أفكارهم وضاعت فيه أوهامهم وذهبت فيه عقولهم فكيف أنتم ؟! أي سادة هذا بحر عميق لا يعرف إلى وصوله طريق ولا يعلم أحد كيف حاله فكفوا عن هذا الجدال وأقصروا هذا المقال فما لكم فيه مجال ، فقال الشيخ يعقوب : أقسمت عليك بالعزيز سبحانه الذي لا عزيز غيره إيش قراره ، فقال رضي الله عنه : وإنه لقسم لو تعلمون عظيم أي يعقوب قراره آية الدبوس " لا يسئل عما يفعل " ( الأنبياء 23 ) .

وقال رضي الله عنه للفقراء : أي سادة وجدت فيما أنزل الله تعالى على إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم من الصحف : يا ابن آدم خلقتك وخلقت لك رزقك معك فإن صبرت وقنعت أكلته وأنت محمود مشكور مأجور وإن لم تقنع وتصبر سلطت عليك الدنيا تركض فيها كركض الأسد ولا يصيبك إلا ما قسمت لك وأنت غير محمود .

وقال رضي الله عنه في بعض الأيام : أي فقراء إذا كان يوم القيامة وحشر العالم في صعيد وحكم الله تعالى بين خلقه بما علم وقسم قسم الجنة وقسم النار يهب على أهل الجنة نفحة من روائح الأمن من قبل دخولهم الجنة فيسكرون ما شاء الله ثم يفيقون فيقول لهم الحق سبحانه وتعالى وهو أعلم بهم : يا عبادي هل بقي عندكم شيء من حزن الدنيا وخوفها ووصبها فيقولون : لا يا ربنا فيقول : ادخلوها بسلام آمنين ثم إنه يرسل على أهل النار نفحة الغضب قبل دخول النار فيسكنون من شدة نتنها ولهبها وجيفتها ثم يفيقون فيقول لهم الحق سبحانه : هل بقي عندكم من نعم الدنيا ولذاتها التي شغلتكم عني فيقولون : لا فيقول لهم : ادخلوا النار خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب .

وكان رضي الله عنه يرى الفرار مما لا يطاق من ضرر في الدين مشهود .

وكان رضي الله عنه يشير إلى أرباب الولاية أنهم ينتقلون من دار إلى دار ويتنعمون بأنواع التنعمات وأرباب الغواية يعاقبون بأنواع العقوبات لكثرة المخالفات .

وكان رضي الله عنه يقول : العارف الحق الذي لا يخلو ظاهره من قوانين الشرع ولا باطنه من نيران المحبة .

وقال رضي الله عنه : أي بني عثمان أنا قادر من كرم العزيز سبحانه على أن أجعل لكم على كل ميل غير أم عبيدة دولة وسيفاً وملحاً وشيوخاً ونوبة وسفراء ولولا ذلك ما سقاكم أحد شربة ماء فأحسنوا العشرة مع الفقراء ولا تعيبوهم ولا تغتابوهم .

وقال رضي الله عنه لما مرض السيد صالح قدس سره بعثت أمه إليه أن يشفع لها فيه ويسأل الله تعالى شفاءه من النبي محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم أو قالت شيخه سيدي الشيخ منصور فقال : ما اشتغلت عنه تعالى طرفة عين لا مع نبي ولا مع شيخ فكيف بولدي ! ثم قال للشيخ يعقوب : أيا يعقوب أنا طالب ما طلب سيدي الشيخ منصور أي وحقه سبحانه ثم قال على سبيل الاستفهام : يا يعقوب من أعطى محمداً صلى الله عليه وسلم ؟ فقال الشيخ يعقوب : الحق سبحانه فقال : أنا طالب ممن أعطى محمداً صلى الله عليه وسلم وبجله وشرفه واصطفاه .

وقال رضي الله عنه : ما ورد على ولي وارد إلا وبيده سيف مجذوب فإن التقاه بالبشر والرحب وإلا أخذ السيف رأسه .

وقال رضي الله عنه : من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان وأن المريد ينال من الله تبارك وتعالى ببركة شيخه بقدر ما تأدب وحفظ الحرمة وراقب السر وينبغي للمريد أن يعرف لشيخه الحق بعد وفاته كما كان يعرف له الحق في حالة حياته .

وقال رضي الله عنه : الشيخ يغار على تلميذه ومريده أن يأخذ غيره من المشايخ .

وقال رضي الله عنه : من يذكر الله تعالى بلا شيخ لا الله له حصل ولا نبيه ولا شيخه .

وقال رضي الله عنه : المشايخ عند المريدين كالقبلة والنظر إلى وجه الشيخ عبادة يزيد في الدين والعقل والإيمان ومن البلاء أمان .

وقال رضي الله عنه : العشق شبكة الحق يصيد بها قلوب أهل الصفاء ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف .

وقال رضي الله عنه : تعلموا العشق من الشمع فهو شيخ العاشقين لصفرة لونه وجريان الدمع واحتراق البدن والعشق يجلب ثلاثة أشياء : قلة الطعام وقلة المنام وقلة الكلام ، فقلة الطعام تورث الفطنة وقلة المنام تورث اليقظة وقلة الكلام تورت الحكمة .

وقال رضي الله عنه للفقراء : يحتاج الفقير منكم إلى أشياء لابد له منها مثل علم فروض الوضوء والصوم والحج وسننهما وفرائضهما وغسل الميت والصلاة عليه وكل ما ندب الشرع إليه وحب النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة الصحبة وحقوقها وشروطها ومراقبة شيخه في حياته وبعد وفاته ولزوم الأدب معه ولو علت مرتبته وإجابة أمره بلا توقف ومعرفة حقه عليه وقبول كلمة الحق في الرضا والسخط والتودد إلى الإخوان على سبيل المعونة لهم والقيام بحوائجهم في أمور الدنيا والآخرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس " وأهل التودد لهم درجات في الجنة من كانت له درجة في الجنة فهو من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وإذا كانت القضية التودد لله وبالله تثمر لكم الخير في الدنيا والآخرة .

وقال رضي الله عنه : إن قال لكم قائل أنا صعدت إلى السماء فصدقوه فإن كان كاذباً فعليه كذبه وإن كان صادقاً يصيبكم بتكذيبكم إياه المضرة .

وقال رضي الله عنه : الرجل من كان كما لا يتفكر في الأمس لا يتفكر في الغد ويتوكل على الله تعالى ويترك اللذات والتنعم ويعتاد على التعب والمشقة .

وقال رضي الله عنه : الجود الإلهي يقتضي أن يبذل السعادة للخلائق فإنه ليس فيه بخل .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 5, 6, 7, 8, 9

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 20 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط