موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6 ... 9  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أغسطس 02, 2012 5:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) المبايعة في طريق الحق عملاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذاً بما كان عليه صلوات الله وتسليماته عليه ، قال الله تعالى : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما " وفي حديث سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره ، ونقول الحق حيث كنا ولا نخاف في الله لومة لائم ) ، وقد أمر الله الأمة بالقيام بواجب العهد فقال سبحانه وتعالى : " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً " ، وقال جلت قدرته : " إن العهد كان مسئولا " ، وفي معراج السالكين يروي عن جدنا الخامس إمام الواصلين السيد حسين برهان الدين آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه سئل عن سر البيعة قال ما نصه : البيعة حد من حدود الحق يقف عنده أهل الصدق الذين صدقوا ما بايعوا الله عليه وعاهدوا الله فخافوا سؤاله وعظموا جلاله ، فتغلب على قلوبهم سلطان الهيبة وأخذهم عن علة نفوسهم إلى حضرته العلية ، فانطمست قوابس أوهامهم بأشعة أنوار عظمته فإذا سول لهم الشيطان خروجاً أو دخولاً وقفوا ذاكرين الله قائلين ( إن العهد كان مسئولا ) أولئك " الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " ، وانحجبت بصائرهم عن غيره فأبصروه بها وعن الأغيار تعاموا وعلى طريق رضاه قعدوا وإلى داعيه قاموا ، وما البيعة إلا بيع النفس وقطع علائقها والأعنة " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " فإن انطبع المبايع على الصدق ودخل حضرة قوم تجردوا من علائق رطبهم ويابسهم فقد لوحظ من النبي صلى الله عليه وسلم بمعونة " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " وعلى ذلك يقوم منار الأمر ويتم نظام الخير وتصح الوصلة إلى الله ويأخذ القلب عن الله ويصير مظهر صفة من صفات الله ، يصل بالله ويقطع بالله ويتكلم عن الله ويستهدي بالله ويسير إلى الله ويُعان من الله ، أجل ، قال الله لحبيب الله " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " وإن بيعة الإمام المبين والصادق الأمين عليه الصلاة والسلام نافذة سارية باقية هي هي ، تتلقاها الأنفاس السليمة وتعقد عليها الأكف الكريمة ، لا تبديل لكلمات الله وأهل الله نواب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا سبقت إرادة الله ، فنوّر بصدق البيعة مضمونك وانتشق نسمة قوله تعالى " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك " انتهى كلامه المبارك وفيه بلاغ .

( الطريقة الرفاعية ) الإهتمام بالتخلق بخُلُق النبي صلى الله عليه وسلم على أن أحسن الحُسْن الخُلُق الحسن وفي الخبر عن النبي الصادق الأبر عليه الصلاة والسلام ( بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وهنا سر لطيف فإنه يُفهم من كلام الشارع الأعظم صلى الله عليه وسلم أن شيئاً من مكارم الأخلاق كان موجوداً في الأمم قبل البعثة ، ولكن كلها لم يكن كاملاً كمالاً يُرضي الله سبحانه وتعالى ، وبيان ذلك أن الكرم قد كان موجوداً في العرب قبل البعثة ، غير أنه كان مشوباً تارة بالرياء وحب السمعة والشهرة وتارة بطلب العزة للنفس والتفوق وتارة بعمل الأب والجد وتارة بالمن والأذى ، فأتى المصطفى صلى الله عليه وسلم فزين الكرم بالإخلاص وجعله خالصاً لوجهه تعالى لا يريد به فاعله جزاء ولا شكوراً وقد كان قبل هذه النية ناقصاً فكمل بها كمالاً يرضي الله تعالى ، وقد كان في الأمم أيضاً وعلى الخصوص في العرب النجدة والنخوة والشجاعة وصيانة النزيل وحماية الدخيل ، وذلك إما للعصبية والجنسية وإما للسمعة والتعالي ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فمحا غبار النجدة والنخوة والشجاعة التي هي للعصبية والجنسية ، وأمر أن تكون لوجه الله ولإعلاء كلمة الله وقال أرواحنا لجنابه العالي الفداء : ( ليس منا من قاتل على العصبية لعن الله من قاتل على العصبية ) وقد زكى الأعمال كلها بالإخلاص واستودع هذا السر في القلوب فاستنارت بنور هدايته الكريمة وحسنت الأخلاق وحصل التوادد والتحابب الخالص بين الأمة ، وكملت الرأفة والرحمة وأشرق نور البر وطهرت النيات ، وقام في المسلمين حب النفع للناس كلهم على اختلاف طبقاتهم وتباين أجناسهم ومذاهبهم ومشاربهم ، يؤيد ذلك خبر " خير الناس من ينفع الناس " وأيضاً " الخلق كلهم عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله " ، فترى المسلمين يريدون النفع الديني والدنيوي لكل مخلوق ولا يعْدُون ولا على الذرات والنباتات عملاً بالخُلُق الحسن المحمدي ، وهذا هو المشرب الشريف والخُلُق الطاهر المنيف الذي تحقق به شيخنا غوث الأمة المستغاث به في المهمة علم الله المنشور وسيف المدد الإلهي المشهور إمام القوم الجليل المساعي مولانا السيد أحمد الكبير الحسيني الرفاعي رضي الله عنه وعنا به .

روى الكازروني البكري رضي الله عنه أن الإمام السيد أحمد رضي الله عنه ونفعنا بعلومه " كان ماشياً ومعه جحفل عظيم من خواص أتباعه في واسط فرآه يهودي من أغنياء اليهود وعلمائهم في الطريق فقال لجماعته الآن سأمتحن السيد أحمد فإن أخذته النخوة النفسية تركته وإلا فسأكون مسلماً من أتباعه ، فلما وصل السيد رضي الله عنه قال له الرجل يا سيدي أنت أفضل أم هذا الكلب فقال له يا أخا اليهود إن عبرت الصراط سالماً أنا أفضل منه وإلا فلا ، فبكى اليهودي وأسلم في الحال وحسن إسلامه وحاله وصار من أتباع السيد وأسلم معه أهله وعياله والكثير من جماعته ، كان ذلك ببركة حسن خلق السيد رضي الله عنه وعنا به " .

وقد تواتر حسن خلقه رضي الله عنه وأفعمت به بطون الدفاتـر وغصت به صحف طبقات الأئمة الأكابر وماذا عسى أن يُقال بشأنه وقد رأي الكثير من أهل الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يثني عليه وينسب محامد الأخلاق إليه .

وقد رأى الفقيه الولي الكبير الشيخ علي بن نعيم الحنبلي البغدادي قدس الله روحه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن السيد أحمد رضي الله عنه فقال له عليه الصلاة والسلام " الله راضٍ عنه وأنا راضٍ عنه والشريعة راضية عنه " ، وقد قال رضي الله عنه التصوف كله خلق ، فمن زاد عليك بالخلق زاد عليك بالتصوف .

قال شيخنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالرواس رضي الله عنه ( بويعت والحمد لله بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على التمسك بطريقة شيخنا ووسيلتنا إلى الله تعالى السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني ( رضي الله عنه ) والتخلق بأخلاقه ، فإن طريقته طريقة المصطفى وأخلاقه أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم ) انتهى .

( قلت ) وكفى بهذا شرفاً وفخراً وقد قال أعني الإمام الرفاعي (رضي الله عنه ) : " إني جعلت كل موحد لله تعالى من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حِل مني ، تقرباً لرسول الله عليه أكمل صلوات الله ، فإن الأعمال تعرض عليه يسُرّ بها إذا أرضته وإن العفو عن المسيء من أمته يرضيه ولا شيء عندي أعز من رضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
قال شيخنا ( رضي الله عنه ) وهذا فقه المحبين رضي الله عنهم انتهى .

وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق فقال " خالقوا الناس بخلق حسن " وسئل إمامنا شيخ مشايخ الإسلام السيد أحمد الرفاعي الحسيني ( رضي الله عنه ) وعنا به عن حسن الخلق فقـال : " هو تعظيم أمر الله والشفقة على خلق الله والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

( قلت ) وفي هذه الجملة الوجيزة كل مكارم الأخلاق والله ولي الأمر .

( الطريقة الرفاعية ) حماية القلب من الغفلة لأن الغفلة سواد القلب ويحصل هذا بالتذكير والله تعالى قال " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " الآية وقال تعالى " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " وتذكير القلب يكون بملاحظة الموت وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم للفاروق الأعظم (رضي الله عنه) " كفى بالموت واعظاً يا عمر " ، وإذا تنبه القلب بهذا الوعظ قام بإعظام كل يوم ووقت وعمل وقول أعظمة الشرع الشريف وأمر به انقياداً لأمر لله جلت قدرته وإيماناً بما جاء به الرسول الأصدق والنبي المحقق (صلى الله عليه وسلم) ، حينئذ ترى القلب المتنبه المنور بنور الموعظة الإلهية يرد كل وقت وعمل وقول ما رده الشرع الشريف وقطعه اعتصاباً لأمر الله وتعززاً به واتباعاً محضاً لجناب الحبيب الأعظم (صلى الله عليه وسلم).

قال شيخنا وإمامنا السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني ( رضي الله عنه) وعنا به : " أي سادة احفظوا قلوبكم وأوقاتكم فإن أعز شيء على الموفق وقته وقلبه وكل نفس من أنفاس الفقير أعز من الكبريت الأحمر ، فإياكم وضياع الوقت فإن الوقت سيف يقطع من قطعه " انتهى كلامه العالي وفيه بلاغ وحسبنا الله ونعم الوكيل .

( الطريقة الرفاعية ) حفظ قدر النعمة لكل منعم قلت أو جلت ، وهنا تفصيل حسن فليتدبر المنعم الحقيقي المفيض لجميع النعم كليها وجزئيها خفيها وجليها ، إنما هو الله سبحانه وتعالى ، فرؤية نعمته بالشكر له جلت عظمته تلزم بالطاعة لله والخشية لجلاله وعظمة قدرته والخوف منه ثم بعد الله سبحانه ، فالمنعم المفيض بفيض الله تعالى وفضله ، نور الإيمان والبركة والعلم والهدى والعدل ومكارم الأخلاق وحسن الحال وشرائف الأعمال وصدق المقال وتزكية النفوس وطمأنينة القلوب ، إنما هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فرؤية نعمته بالشكر تقضي بصدق المحبة له عليه من الله أفضل الصلاة والسلام ، وتلزم كل الإلزام بصحيح المتابعة له في الأقوال والأفعال والأحوال ، وتحث على عدم نسيان مظهره النوراني وعلى عدم الغفلة عن حاضرة جنابه الكريم وعلى محبة آله الطاهرين وأصحابه المرضيين وتابعيهم وتابعي تابعيهم ، وورّاثه من أهل القلوب العامرة والعلوم الظاهرة والمؤمنين أجمعين ، وتلزم أيضاً بإرادة الخير للمخلوقين كلهم تحققاً بأخلاقه النبوية الشريفة العالية صلى الله عليه وسلم .

وتأمر بمحبة الوالدين وبصلة الرحم وبالمودة لمن أوجب الله مودتهم ، وبحب الأساتذة والمشايخ أهل الحق ، الذين طهر الله مناهجهم وأكرمهم بعرفان محمدي قاموا به على نور من ربهم ، وتوجب أن يشكر لهم نعمهم المادية والمعنوية على طبقاتهم واختلاف مراتب نعمهم ومراتبهم وفي الخبر " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " وأنشد بعضهم :

من بات يكفر إحسان الأنام فلا

تبصره إلا ذميم الطور خنّاسـا


إنْ قلَّ أو كَثُرَ الإحسان محترمٌ

لم يشكر الله من لم يشكر الناسا



وفي الأثر عن المصطفى الأبر صلى الله عليه وسلم " كفران النعمة كفر " ، قال شيخنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالرواس رضي الله عنه قال : " أهل الله على رؤوس الأشهاد من ابتُلى بوصف كفران النعمة وإهمال قدر المعروف كثر أو قل ، فهو من أهل القطيعة ، وقالوا من لم يحفظ للعبد حقه لم يحفظ للمعبود حقه فإن الترقي إلى مرتبة حفظ حقوق المعبود سلمها حفظ حقوق العبيد " انتهى كلامه المبارك وهو في غاية الحسن أورده في كتاب " فصل الخطاب " فانتفع بها أيها المحب والله ولي الهداية ومنه العناية .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة أغسطس 03, 2012 9:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) قراءة القرآن وطلب العلم لوجه الرحمن ، قال شيخنا شيخ مشايخ الإسلام مولانا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به : " من انقطع عن مجالسنا لأجل قراءة القرآن العظيم أو لطلب العلم ، فهو مجاز فإن القرآن مأدبة الحق والعلم سُلّم القرب ونور الحقيقة ".

قال شيخنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي (رضي الله عنه) : " هذه الجملة الأحمدية فيها غاية الحث على قراءة القرآن وطلب العلم على أن مجالسه الشريفة لا تخلو من قراءة القرآن وبحث بعلم الشريعة أو علم الحقيقة الذي هو من لباب علم الشريعة ، وفي هذه الجملة من التعظيم لجانب الكتاب العزيز والعلم الشرعي ما فيه بلاغ لأن فقدان العلم والعلماء من أشراط الساعة قال : صلى الله عليه وسلم " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤساء جُهّالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا " .

وكذلك فالقرآن بحر الله المطمطم ، الذي لا تنقضي عجائبه به يشفي الله صدور قوم مؤمنين ويغيث العارفين ويزيد صلاح الصالحين ويهب الرأي الصالح للمتدبرين أسراره ، المتفكرين بما في نصوصه المقدسة من الحكم والأحكام ، ويفتح الله به قلوب المحققين وأفهام أهل اليقين ، فسادات أهل العرفان أهل القرآن ، ومن أهل القرآن ؟ هم الذين إذا قرأوه أتمروا بأوامره وانتهوا عما نهى عنه وطابوا به واستغرقوا الألباب بمواعظه واستسلموا لأحكامه وتدبروا معانيه وأخذوا بتفسيره بالنصوص الصحيحة عن المفسر الأعظم صلى الله عليه وسلم تلقياً عن علماء الدين أئمة الهدى في المسلمين لا يفسرون كلمة بالرأي ولا يحرفون كلمة عن موضعها ولا يذهبون بزعومهم إلى غير ما أتي به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجادلون في المتشابه أو يؤولون كما يريدون ابتغاء الفتنة ، بل يمرون الأخبار الفرقانية فيما يؤول للذات ممرها ويردون علم المراد منها إلى الله تعالى مع الجزم بتنزيهه عن سمات الحدوث وفي قراءة القرآن وطلب العلم لا يريدون إلا وجه الله ينفعون المسلمين بل وجميع المخلوقين بعلمهم ويجتذبون القلوب إلى الله بعلمهم وأولئك هم المفلحون .

ثم قال ( رضي الله عنه ) : " وإن كان الأحمدي أمّياً فعليه أن يتعلم شيئاً من القرآن بعد فاتحة الكتاب ، ليصلح به وقته ويستديم تالياً له ليحصل له نور القرآن فقد كان شيخنا وسيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه وعنا به يكثر من قراءة فاتحة الكتاب ويصلي بعد تلاوتها كل مرة على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول هو الذي دلّنا على هذا الخير العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام " انتهى .

( قلت ) فالموفق من أمتن الله عليه بقراءة القرآن وحفظه وتدبره والإنتفاع بحكمه وأحكامه وآدابه ، كما نص على ذلك شيخنا رضي الله عنه وإذا فتح الله عليه وطلب العلم لله ، فقد استكمل الخير والبركة والتوفيق بيد الله وإليه المصير .

( الطريقة الرفاعية ) الإجتماع على ذكر الله تعالى والتحلّق للذكر وافتتاحه بشيء من الصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى إخوانه النبيين والمرسلين وآل كلِّ صحب كلٍّ أجمعين ، والقيام للذكر والحادي يُسمعهم مدح المصطفى عليه الصلاة والسلام والأنبياء العظام والآل والأصحاب الكرام والأولياء والصالحين ، وينشد لهم المواعظ والحكم ثم يختمون الذكر بشيء من القرآن والصلاة والسلام على النبي وإخوانه وآله وأصحابه ويدعون لأنفسهم ولإخوانهم المسلمين ولولي أمر الأمة المحمدية وللعساكر الإسلامية ويقرؤن الفاتحة مراراً لمشايخهم ولأئمة القوم ويدعون ويذكرون الله ويصلون على النبي وينصرفون .

وقد ابتُلي القوم بأولي جمود ممن زعم العلم ولا علم له ، فهم ببادي الرأي من عند أنفسهم قد أنكروا على القوم كلهم الرفاعية وغيرهم من طوائف الصوفية ، وحطُّوا عليهم وحرّموا سماعهم والتحلُّق للذكر منهم وكفَّروهم لذلك وخبطوا خبط عشواء في فاحمةٍ ظُلْماء ، فآذوا أهل الله بحقدهم الذميم وفكرهم السقيم ، وأتوا بالوقاحة العظيمة فكذبوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضعوا لتحريم إجتماع الصوفية ولتحريم أذكارهم وسماعاتهم شيئاً من الأحاديث الموضوعة ونقلوا الفتاوى الكاذبة وأتوا بالنقول الفاسدة والأدلة الكاسدة الخائبة ، وسمُّوا مجالس الذكر رقصاً ، وخاضوا ما شاءوا أن يخوضوا والحق وراء بطلانهم وفوق زبد بهتانهم يعلو ولا يُعلى عليه ، وقد انتصر لهم الجم الغفير من أهل العلم الوفير والكمال الشهير ، فأيّدوا شأنَهم وخذلوا من شأنِهم وتبركوا بهم ونالوا الفيض منهم وأخذوا عنهم وهم قومٌ لا يُحصى عددهم .

وقد أفتى الشيخ العارف عبد الغني النابلسي طاب ثراه بتكفير من يعيب مجالس الصوفية ، لأن مجالسهم تشتمل على الجهر بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى قراءة القرآن ومدح من أحبهم الله تعالى وأكرمهم من الأنبياء والأولياء والصالحين ، فذلك العائب جعل الطاعة معصية والخير شراً والمستحب حراماً .

وأفتى بذلك أيضاً العلاّمة العماد الحلبي ، ومن المتأخرين خلائق منهم الولي العلامة الشيخ محمد آل ناصر المغربي الحسني والعلامة الزاهد الفاضل الواصل السيد محمد اليماني الحسيني آل الأهدل وقالوا جميعاً من يقول بمنع السادة الصوفية عن أذكارهم وإجهارهم بالصلاة والسلام على رسول الأنام صلى الله عليه وسلم ، ويحط على سماعهم الذي هو عبارة عن الأبيات المشتملة على مدح النبي وآله وأصحابه والأولياء الصالحين ، وفيها شيء من الحكم والمواعظ والإشارات التي تذكِّر بالله وبمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيكون ذلك المانع داخلاً تحت قوله تعالى : " منّاعٍ للخير معتدٍ أثيم " ويندرج تحت قوله سبحانه " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم " وحينئذ يحْرُم التعرض لمن يذكر الله ويصلي على رسوله بالمنع ، ويستحق المتعرض التعزير اللائق بحاله الزاجر له ولأمثاله عن ارتكاب قبيح أحواله ، ويثاب ولي الأمر وعُمّاله على منعه وتعزيره وهذا أيضاً نص فتوى العلاّمة الكبير الشيخ إسماعيل السنجيدي الشافعي عطر الله مرقده .

وقال العلامة السنجيدي في فتوى أخرى حين سئل عن جماعة من الصوفية يجتمعون في مسجد أو زاوية ويذكرون ويصيحون فهل يُمنعون من ذلك أم يجوز لهم ذلك الإجتماع والذكر والصياح فكتب :
الحمدلله ، نعم يجوز والحالة هذه ويُثابون عليه وكذا الأمر به لقوله عليه الصلاة والسلام " ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله تعالى يذكرون الله إلا غشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وحفت بهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " فظهر مما ذُكر أن المنكر على من ذكر جاهل فيتعلم لقوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " أو معاند حاسد وهو مخطيء غاية الخطأ في تعرضه لمن ذكر ، فعلى ولاة الأمور ضاعف الله لهم الأجور منعه من التعرض لمن ذكر ويثابون على منعه من ذلك الثواب الجزيل لقوله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى " والله أعلم .

( قلت ) والتجري على وضع الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم حقداً وحسداً ، ليخذل بها أمة من أهل الصلاح والتقوى وأرباب الذكر والفكر فلا شك هو ضرب من الكفر ، فقد عزا بعض المتفيهقة حديثاً وبعض روايات كاذبة إلى تفسير القرطبي والتفسير الكبير يزعم بها تكفير من قال بحلّ السماع والرقص ويزعم أن الذكر الذي اعتاده السادة الصوفية من الرقص .
فانظر لسوء الفهم ولسقم المدرك وتعجب أيها اللبيب التقي ، بما افتراه ذلك الكاذب الشقي وسأنص عليك ما خرّف به لتفهم سوء حال ذلك المفتري ، وقبح طور ذلك الخب الجري والله المعين ، قال ما نصه : قال النبي صلى الله عليه وسلم " السماع حرام ومن أحل السماع فهو كافر ومن حضر معهم فهو فاسق ومن خالف هذا الحديث فهو ملعون في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ".

( قلت ) فتدبر أيها اللبيب فرية هذا الوقح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنك إذا تدبرت ذلك عرفت خبث نيته وسوء طويته وفهمت درجة أمانته على الشريعة المطهرة وبهذا كفاية .

ثم نقل عن الحاوي ما نصه : ويكره المشي في الذكر والدوران وقيل يكفر ، روي عن سعيد بن المسيب أنه مشى رجل ودار وسقط في حال الذكر منحنياً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام " لأصحابه اذبحوه فقصدوا ذلك ثم قال عليه السلام لا تذبحوه ولكن الصقوه بهذا العمود لا أبرح من مكاني هذا حتى أجدد إيمانه ".

( قلت ) وكل هذا من الكذب الصريح على النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله واضعه ومعتقده ، وقد أطال ذلك الجريء الكذاب وأورد مثل هذه الأكاذيب ثم قال : " وإن احتج أهل الذكر بأن رفع الصوت بالذكر جائز كما في الأذان والخطبة يوم الجمعة ، فجوابه إن أدنى درجات الاختلاف إيراث الشبهة ، وما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام على الحلال فيلزم الاجتناب عن رفع الصوت بالذكر وهذا من الإجتناب عن الشبهات " انتهى كلام المجازف .

وهو لا ينطبق لا على الشرع ولا على العقل ، أما الشرع فإن الله تعالى قال : " ويُحق الله الحق بكلماته " الآية وقد قيل الحق يعلو ، فجعل ذلك المجازف الحلال مغلوباً للحرام مردود شرعاً ، وأما العقل فإنه يقضي للحق بالأحقية ، ويقول بأحقية الحق قلب المبطل وإن لم يفه بلسانه بذلك ، وهذا سر الله المضمر في الحق ، فإن كان أمر الغلبة الذي ذكره المجازف هو عبارة عن الغلبة بالقهر ، فحينئذ بقي الحق حقاً والباطل باطلاً والغلبة بينهما ثورة بغي لا حكم لها عند أهل الحق والعاقبة للمتقين ، وإن كان يريد بالغلبة ميل النفوس إليها فتلك شهوة لا غلبة وهي قد مسته واتصف بها فها هو ينتصر لنفسه وشيطانه على الذكر وأهله وإن الله لمع المتقين .

وقد سئل العلامة الشيخ عثمان الفتوحي الحنبلي رحمه الله تعالى بما سئل به العلامة السنجيدي الشافعي فأجاب بما نصه : الحمد لله الذي وفق من أراد لطاعته والاجتماع على ذكره ، وصلى الله وسلم على أفضل خلقه صلاة لا غاية لها ولا انتهاء وبعد ، فقد سئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن مجالس الذكر وفضلها فرغّب فيها وقال أي شيء أفضل وأحسن من أن يجتمع الناس فيذكرون الله ويعدّون نعمته عليهم ؟ ، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من السلف والخلف الصالح يجتمعون على ذكر الله تعالى حلقاً حلقا ، ورآهم النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه حالهم وسر بهم ، وشهد أن الله سبحانه وتعالى يذكرهم في خواص ملائكته في الرفيق الأعلى وأنهم أهل الكرم وأنهم مغفورٌ لهم ، وإن غنيمتهم الجنة وأن الله سبحانه وتعالى يباهي بهم الملائكة ويذكرهم فيمن عنده ، وإن حلقهم سميت برياض الجنة ، وأن الملائكة تحفهم بأجنحتهم ، وأن الرحمة تغشاهم في مجلسهم ، وأن السكينة تنزل عليهم ، وأن سيئاتهم تبدَّل حسنات وأنهم القوم لا يشقى بهم جليسهم ، وأن بياض وجوههم يوم القيامة يغشي نظر الناظرين ، وأن الأنبياء والشهداء يغبطونهم بمقعدهم وقربهم من الله عز وجل .

وأما الجهر بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فمن أجلّ العبادات وأشرف الطاعات ، لأن كل من يسمعه من جن وإنس ورطب ويابس وغيره ، يشهد له يوم القيامة وتحصل به فوائد كثيرة ، ومنها استعمال القلب واللسان والجوارح بالذكر وتنبيه البعيد منهم فربما يذكر الله من يسمعهم فيكون جهرهم سببا لذكره والناس مختلفون في مقاصدهم في الجهر والإخفاء بالذكر كما روى الإمام أحمد من حديث علي كرّم الله وجهه : " أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه كان يخافت إذا قرأ وكان عمر رضي الله تعالى عنه يجهر بقراءته وأن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لأبي بكر رضي الله تعالى عنه : " لم تخافت ؟ قال : " أُسمع من أناجي ، وقال لعمر رضي الله تعالى عنه : " لم تجهر ؟ قال : " إُفزع الشيطان وأوقظ الوسنان " ورواه أصحاب السنن بأتم من هذا .

قال بعض السلف ولكل من المجتمعين على الذكر ثواب ذكر نفسه وثواب سماع ذكر رفقائه ، لاسيما إن نوى بالجهر إرغام الكفار وإظهار التوحيد ورفع اسم الحميد المجيد ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " خير الذكر الخفي " فقال ابن القيم : " وإنما الذكر فهو الخلاص من القيـود والبقاء مع الشهود ومعنى الخفي أن يكون القلب سالماً مما يعرض له من الواردات الدنيوية والنفسانية والشيطانية فإذا سلم منها كان ذكره الخفي أفضل من الجهر " انتهى .

وأما الدليل على ذلك فقد نقله المفتي الشافعي أدام الله النفع به من الكتاب والسنة وقد أجمعت الأمة عليه من زمنه صلى الله عليه وسلم وإلى الآن ولم تزل الوعاظ تنقله في سائر مساجد الأمصار ، فالمنكر لذلك منكر للإجماع يستحق التعزير والله أعلم .

وسئل عن مثل ذلك العلامة الشيخ محمد أبو الفتح المالكي رحمه الله تعالى فأجاب : الحمد لله ، نعم يجوز لهم ذلك ويثابون عليه الثواب الجزيل بالقصد الجميل ، وكذا الآمر به للأخبار والآثار في طلب ذلك التي لا تخفى على من له أدنى فضيلة ومنكر ذلك على من ذكر مخطيء في إنكاره ويُخشى عليه الدخول في قوله تعالى : " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها " الآية على أن المنكِر لذلك إما جاهل أو معاند مع علمه بامتناع ذلك عليه فيقال :

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ

وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ



فعلى ولاة الأمور ضاعف الله لهم الأجور منع المتعرض لمن ذكر ويثابون على ذلك لقوله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى " والله أعلم .

وكتب تحت هذا الجواب الشيخ العلامة الزاهد حسين بن علي الطوري الحنفي ما نصه " الحمد لله ، جوابي مثل ذلك والله أعلم " .

واستُفتى بذلك العلاّمة الفهّامة المدقق المحقق الزاهد الواصل الشيخ علي النبتيتي الحنفي قدس الله روحه فأجاب بما نصه : " الحمد لله ، ذكر الله تعالى مطلوب شرعاً ولا يجوز المنع منه والأدلة على ذلك كثيرة كما ذكره مولانا المفتي الشافعي ولا فرق بين أن يكون ذلك في مسجد أو غيره ورفع الصوت بالذكر جائز في المسجد والله تعالى أعلم " .

وقال شيخنا القطب الكبير العلاّمة الجليل السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالرواس رضي الله عنه : " الجهر بالذكر من أجل العبادات وأشرف الطاعات والقُرُبات ".
روى إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه في سننه من حديث عبد الله ابن الزبير " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلّم من صلاته يقول بصوته الأعلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه " الحديث ، وروى الإمام أحمد رضي الله عنه في مسنده من طريق عقبة بن عامر رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ يُقال له ذو النجادين أنه أوّاه وذلك أنه كان رجلاً كثير الذكر لله تعالى وقد كان يرفع صوته بالذكر ".

وأما التحلّق للذكر في المساجد فجائز ويثاب فاعله لما روى ابن ماجه وغيره من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من بعض حجره فدخل المسجد فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرؤون القرآن ويدعون الله عز وجل والأخرى يتعلمون ويعلّمون فقال النبي صلى الله عليه وسلم كل على خير هؤلاء يقرؤون القرآن ويدعون الله فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وهؤلاء يتعلمون ويعلِّمون وإنما بُعثت معلماً فجلس بهم ".

وذكر ابن القيم في كلمه الطيب عن أبي خلاد قال " من دخل في الإسلام دخل في حصن ومن دخل المسجد يعني وهو مسلم دخل في حصن ومن دخل في حلقة يذكر الله فيها فقد دخل في ثلاثة حصون ".

ففي ذلك دليل صريح على استحباب الاجتماع على الذكر والتحلق له في المسجد والجلوس مع أهله في الحلقة ، ويتضمن تحذير من أدبر عنها وأعرض عن الذاكرين من غير عذر ، فمن حرّم الحلال المطلق من عند نفسه يكفر ، فما بالك بالمفروض والواجب والمستحب والمندوب فتدبر والله وليُّك.

ثم قال شيخنا رضي الله عنه : ( ولا بدع ، فقد حث أهل الله على الإخلاص حالة الذكر وأمروا به أتباعهم ، وهذا دأب وارث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه دلَّ الأُمّة على الأعمال الدينية وأمر أن تُعمل لوجه الله لا يُراد بها غيره وقد قال تعالى " ألا لله الدين الخالص " فاجهد أيها الذاكر أن تذكر مخلصاً خالصاً ، وإياك وحمل المسلمين على السوء بأن تظن الرياء بأحد منهم فإنك ما شققت على قلبه ولا يطّلع على القلوب إلا علاّم الغيوب ، ولا تغفل فإن المتهجم على أهل الله العائب لمجالس أذكارهم وسماعاتهم ما هو إلا سمج ، أو مجازف يخبط في الأحكام الشرعية جهلاً أو عناداً ويكفّر لحمقه المسلمين ، ومَن فعل ذلك وقال به يكفر والعياذ بالله والحجة وفاقية في المذاهب الأربعة المتبعة وحسبنا الله ونعم الوكيل ). انتهى كلام سيدنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه وهو في غاية الحسن فأعمل به أيها المحب وهو الغاية والله ولي الهداية .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أغسطس 04, 2012 3:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) اتخاذ حرفة للمعيشة من طريق حل ، وقد عد ذلك الإمام الرفاعي رضي الله تعالى عنه سلوكاً وأوصى أتباعه بذلك وبالغ بالوصية .

قال شيخنا الإمام السيد بهاءالدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه في " واردات الغيب " : من لم يحترف للمعيشة ويكتسبها من طريق حل فليس بأحمدي ، فإن طريق الإمام الرفاعي الأكبر رضوان الله عليه العمل لله بالإخلاص والعمل أعني الحرفة بالحلال .

وقال عليه الرضوان والتحية لأصحابه : اعملوا ولا تصحبوا البطالين ، وقال للشيخ سكران اليعقوبي الشافعي قدس الله سره : "اعمل ولو ببيع الأبرة والجرة ، واقصد بها الطاعة لأوامر نبيك يبارك لك في عملك وتُثاب وإياك والكسل فقد استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال مرة لأصحابه : لا أراكم وهِممكم همم النساء البطّالات ، فإن كسب درهمين بطريق حلال واستهلاكهما بطريق حلال أفضل من زوائد أعمالكم ، وأجذب منها بكم إلى الله تعالى وقد يكذب على الله من يحترف بالله ، وإنه لمن الذين يعبدون الله على حرف ، أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم " .

يجعلون التاج والخرقة حرفة ويئنون إظهاراً للتزهد أنّ المرضى ، وإنما أنينهم للدنيا فما هم من الحق والحقيقة والشريعة والطريقة بشيء .

وإن أهل الحق يعملون للحق ويقفون مع الحق ، يعملون بأيديهم ويُخلصون بقلوبهم ويقومون قيام الأسود الثائرة فيما يُرضي الله ، وكل أعمالهم لله ، أولئك أهل الله ، رجال الله ، عليهم سلام الله ورحمة الله وبركاته .

وقال رضي الله عنه كما في " النظام الخاص " ما نصه : قف هي دار عبرة أيها الولد ، اعتبر بها وسِرْ بكل ما فيها إلى الله ، وإياك أن يشغلك بارز منها عن ربك وإياك والبطالة ، ما أقبح الصوفي البطّال ، يدّعي الزُهْدَ وعينُه فى المالِ ويدُهُ ممدودةٌ للسؤال ، ليس من الهمة أن يرى الرجل نفسه آخذاً ، بل الهِمّة أن يرى نفسه مُعطياً ، سفل اليد أصعب من قطعها ، احترف بما تصل إليه قوّتك ويبلغه إمكانُك ، أدنى حِرفة من الأعمال والصنائع فيها لو فقهت أشرف صفة درج عليها أهل الهمم وهي الترفع عن نوال زيد وعمرو ركوناً إلى كرم الله سبحانه وتعالى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يُحِبُّ أن يرى عبده تعِباً فى طلب الحلال " ، انسجوا وشي صنعاء وبزّ فارس وخزّ اشبيلية بين سواري أروقتكم بهذه القرية واجمعوا بين صنائع العرب والفرس والروم وتصدقوا من كسبكم على إخوانكم حلالاً طيباً وآسوا وكلوا مما رزقكم الله " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " ، الطيباتُ لله إذا اكتُسِبت من حلال وأُهلكت فى حلال ، قال سيد أهل الهمم صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب المؤمن المحترف " ، أكره ما تراه العين ، رجلٌ عليه سيما الزاهدين وهِمّته هِمّة السائلين ، مَن طأطأَ للنوال ورضي بالسؤال فهو أخسُّ طبعاً مِن عجزة النساء ، لا أقول هذا لأنفّر القلوبَ مِن السائلين ، أدّوا ما عليكم مِن حقوقِ الرحمةِ بخلقِ اللهِ والتصدّقِ على الفقراءِ لوجه الله ، هذا ما وجب عليكم ولا ينزِغَنَّكُمُ الشيطانُ فتشمئز منهم نفوسكم فتُهينوهم وتروهم بعين الإحتقار ، هذا إنْ يكون ، مِن تسويلِ إبليس ودسائسه ، ولكن أقول هذا لأرفع هِمم إخواني طلاب الحق عن البطالة قال صلى الله عليه وسلم : " إنّ الله يكره العبد البطّال " .

رأيت خالي وسيدي الشيخ منصوراً سُحّ على قبره هطّالَ الرحمة وقد ردَّ هدايا بعض الفقراءِ ، فقُلتُ لهُ في ذلك ، فقال : فيها شئٌ مجتمعٌ مِن السؤال ، ولو كان عن خالصِ طريقٍ أبلجٍ لقبِلته ، يريد أن ذلك الشئ لو لم يكن مشوّه الوجه بالسؤال وكان مِن حلال طيّب ، كنتُ أقبله عملاً بالسُنّةِ المحمدية ، فإنه عليه الصلاة والسلام ردَّ الصدقة وقَبِلَ الهدية ، هذا طريق القوم ، بلى إن القوم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .

قال الإمامُ أحمد بن حنبل ، رحمه الله وعطّر قبرَه ، لولده عبدالله ، بعد أن صَحِبَ العارفَ أبا حمزة البغدادي الصوفي طيّب الله مضجعه : يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم فإنهم زادوا علينا بكثرة العمل والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة ، رحمه الله ما أكثَرَهُ إنصافاً ، وقد وصف القوم بما هم أهله ، وهذه الصفات التي يحبها الله تعالى من عباده . انتهى كلامه العالي ، وكله حثٌ على العمل باليد والزهد بالقلب وفيه من علو الهمة الغاية .

وقد قال رضي الله عنه : " نحن قومٌ لا نسأل ولا نردّ ولا ندّخر" فمِن نصِّه المبارك يُعلم أنه اكتفى بما أفيض إليه من ربه عن السؤال ، وأنه لا يرد الهدية عملاً بسُنّةِ سيد البرية عليه أفضل الصلاة والسلام والتحية ولا يدّخر شيئاً من هذه الحُطام الدنيوية زهداً بها واعتماداً على الله سبحانه وتعالى . وهذا هو الطريق الصواب الذي درج عليه الآل والأصحاب ، فخذ به ترشد ، والله سبحانه وتعالى الموفق .

( الطريقة الرفاعية ) الأخذ بما يعني والترك لما لا يعني من كل قول وعمل ، فإنه من حُسْنِ إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، هكذا علّمنا سرّ الوجود صلى الله عليه وسلم ولا غرو فمن حَسُنَ إسلامه أخذ بما يعنيه من قولٍ وعمل ، وإن الذي يعني المؤمن ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم .

قال شيخنا الإمام بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه فى (واردات الغيب) : قال سيدنا ومولانا الإمام الأكبر السيد أحمد الرفاعي الحسيني (رضي الله عنه) وعنا به : ( طريق الحق قائم على ساقين ، الأخذ بما يعني والترك لما لا يعني ، فخذ يا مبارك بكل ما يعنيك من قولٍ وعمل واترك كل ما لا يعنيك من قولٍ وعمل ، وافهم كل ذلك من قوله الله تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وكُنْ منهمكاً بما يعنيك ، تشتغل عما لا يعنيك ، ويُعطيك إذاً ربك حتى يُرضيك ) انتهى كلام سيدنا صاحب الطريقة إمام الحقيقة (رضي الله عنه) وعنّا به وفيه بلاغ والحمد لله .

( الطريقة الرفاعية ) تطبيق ما ينقل عن القوم على قانون الشريعة المطهرة حتى إذا نأى التطبيق وتعذر التأويل أنكروا نسبة ما يُنقل عنهم إليهم وجزموا بأنه من المدسوس عليهم وبرّؤا ساحة أهل الله من المؤاخذات الشرعية العقلية ، وأولياء الله تعالى لا شك ولا شبهة هم مبرؤن من كل ما يخالف الشرع الشريف ، ولا ينطبق على سيرة الآل والصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ، وتبرئة ألسنتهم المباركة مما يُنسب إليهم من الدعوى والشطح والكلمات التي تُعرب عن شوائب الحلول والإتحاد وأمثال ذلك من الطامات ، إنما هو من الحب لهم ومن إجلال مقاماتهم وإعزاز مراتبهم ، لا كما يفهم المأفونون المفتونون " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ".

قد نقل بعضهم عن الحلاج رحمه الله العجائب ولا شك أنهم زادوا عليه الكثير ومع ذلك فإن سيف الشرع أخذه حين الشرع الشريف أخذه ، وقد أفتى إمام الطائفة الجنيد ( رضي الله عنه ) بقتله ، سدّاً للذريعة وحفظاً للشريعة ، وقال له : فتحت فى الإسلام ثغرة لا يسدها إلا رأسك ، ونسب بعضهم غرائب الكلمات للعارف الجليل أبي يزيد البسطامي قدّس الله سره وروحه وأكثروا من الوضع على ألسنة الأكابر حتى جعلوا طريق القوم هدفاً للطعن واللوم .

وقد كثر الدس في كتب الشيخ محيي الدين بن عربي قُدِّس سرّه ، وسُوِّي ما دُسَّ عليه مما يخالف قانون الشريعة المطهرة فهو وإن كان فيه إغلاق كما هو مشربه في كلامه ، إلا أنه يقبل التأويل ، وكذلك فقد عزوا للقطب الجليل الفرد الجامع الأصيل خزانة الكمالات والمعاني أبي صالح محي الدين السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني (رضي الله عنه) الكثير من الكلمات التي لم تصدر منه ، ولم تنقل بسند صحيح عنه مثل الكلمات المكذوبة التي سموها الغوثية فهو عطّر الله مرقده بعيد عنها وبريء منها .

وأما ما جاء في الكتاب المُسمّى بهجة الأسرار مؤلف الشنطوفي في مناقب الشيخ عبد القادر قدس سره الطاهر من الحكايات والكلمات والروايات الموضوعات ، ففيها للأكابر كلام منهم من اتهم الشنطوفي ذاته بالكذب والغرض ومن القائلين بذلك الحافظ ابن رجب الحنبلي طاب ثراه ، وقد ذكر ذلك في طبقات الحنابلة في ترجمة القطب الجيلي نفعنا الله بمدده وعلومه ، ومنهم من قال أنه راج على الشنطوفي حكايات كثيرة مكذوبة ، وكأنهم نسبوه إلى البله وقبول ما يصح ومالا يصح .

ومنهم الحافظ الذهبي فقد ذكر في تاريخه الكبير وقال مثله العيني وابن كثير وغير واحد .

وأما الكلمة التي بنى عليها كتابه البهجة وهي إسناد قول : قدمي هذه على رقبة كل ولي لله للشيخ عبد القادر عطّر الله ضريحه ، فقد اختلفت في هذه الكلمة الأقوال فالحافظ ابن رجب الحنبلي والإمام العز الفاروثي الشافعي والذهبي والتقي الواسطي وابن كثير ، والكثير من الأكابر أنكروها وبرّؤا الشيخ قدس الله روحه ونفعنا به ، وقالوا أنها من موضوعات الشنطوفي وأنها لم تُنقل بسندٍ صحيح يُعتمد عليه ، حتى أن ابن رجب الحنبلي قال في طبقات الحنابلة في ترجمة الإمام الجيلاني حين تعرّض لذكر بهجة الشنطوفي لا يطيب لي أن أنقل شيئاً من هذا الكتاب وأطال في هذا الباب .

وأما العارف السهروردي قُدِّس سره فإنه عدها في كتابه عوارف المعارف من الشطحات التي لا تقدح بمقام قائلها ولا يُقتدى به فيها لأنها كلمة سكر وكلام السُكارى يُحمل والسكران يُعذر وله في هذه الكلمة بحثٌ طويل في العوارف في باب التواضع .

وأما مشايخنا السادة الرفاعية أفاض الله علينا من بركات أنفاسهم الطاهرة فإنهم يقتدون بسيد القوم مولانا الأكبر الرفاعي رضي الله عنه وقد نقل عنه سبطه الأجل القطب الغوث الجواد سيدنا السيد عز الدين أحمد الصياد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه في كتابه " الطريق القويم" ما نصه :
قيل له يعني لسيدنا الإمام الرفاعي قال الشيخ عبد القادر الجيلي قدّس الله روحه ونفع به على كرسيه في بغداد قدمي هذه على رقبة كل ولي لله فقال للقائل ( وهل سمعته حين قال هذه الكلمة ) ، قال لا ولكن تواتر النقل بذلك فقال : " إن صح هذا فتلك كلمةٌ صدرت عن غلبة حالٍ وسكر وجد ، وكلام السكارى يحمل ، والشيخ معذور في تلك الحالة والحق فوق هذا القول كيفما أُوِّل ، فصُن الشيخ من نقل مثل هذه الكلمة عنه فإن أولياء الله مكرَّمون والعظماء منهم أدباء ، قولهم تحت ضوابط الشرع لا يزيد ولا ينقص ، وهم متبعون لا مبتدعون وإنما الشطح بقية رعونة في النفس لا يحتملها القلب ، فينطبق بها لسان المغلوب وكلمة الشطح كلمة نقصٍ لا تُنقل ولا يؤاخذ قائلها في تلك الحالة التي هي حالة سكر تسقط عن صاحبها فيها الأقلام ".

ثم قال بعد هذا الكلام سيدنا الإمام الصياد رضي الله عنه ما نصّه : " ونقل لي الشيخ الكبير أبو يعقوب محمد بن يعقوب بن كراز قدس الله روحه أنه سمع سيدنا السيد أحمد رضي الله عنه مرةً يقول وقد ذكرت هذه الكلمة : أما أحيمد ، يعني نفسه الشريفة ، فإنه لا يرى له مزيّةً على مسلم ويرى عُنُقَه جسراً لأقدام المسلمين كلهم صالحهم وطالحهم ، فإن الخواتيم مجهولة ولا حول ولا قوة إلا بالله " انتهى .

( قلت ) قال العارف الشعراني قدس الله سره في كتابه (الأنوار القدسية ) ما نصه : ومن شأنه أي الفقير العارف إذا استفتى على شخص من الفقراء في أمور لا تدرك إلا بالذوق ، أن لا يبادر إلى الإنكار بل يتحيّل في الرد عنه ما أمكن ، هكذا كان شأن شيخ الإسلام زكريا والشيخ عبد الرحيم الأنباسي رضي الله عنهما ، فإن رأى ذلك الأمر يلزم منه فساد ظاهر الشريعة أفتى ولام عليه ، لأن صاحب هذا الكلام ناقص فليس من أهل الإقتداء ونصرة الشرع أولى من الأدب معه ، بخلاف كُمّل الأولياء كأبي يزيد البسطامي وعبد القادر الكيلاني وأضرابهما فيؤول كلامهم ما أمكن . انتهى بحروفه.

وبالنظر لهذا الأدب الشريف والمشرب اللطيف أقول هذه الكلمة : إن قلنا هي كلمة سكر ، فقد حصل التأويل بالطبع ، فإن السكران معذور وكلمته لا تُنقل وهو لا يؤاخذ وللقوم هذه الحالة في بدايتهم على الغالب رضي الله عنهم ، وإن قلنا أن مفادها اللغوي يقبل التأويل فنقول قال أعاظم المفسرين في معنى قوله تعالى " وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدقٍ عند ربهم ". قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس وابن زيد : قدم صدقٍ ، أي الأعمال الصالحة من العبادات ، وقال الحسن وقتادة هي شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال زيد بن أسلم وغيره هي المصيبة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقال أيضاً ابن عباس وغيره هي السعادة السابقة لهم في اللوح المحفوظ ، وقال مقاتل سابقة خير عندالله قدّموها وإلى هذا المعنى أشار وضاح اليمن في قوله :

مالَكَ وضاحٌ دائم الغزَلِ

الستَ تخشى تقاربَ الأجلِ


صِلْ لذي العرش واتخذ قدماً

يُنجيك يومُ العثار والزلـلِ



وقال قتادة أيضا سلف صدق ، وقال عطاء مقام صدق وقال إيمان صدق ، وقال الحسن أيضاً : ولدٌ صالحٌ قدّموه ، وقيل تقديم الله في البعث لهذه الأمة وفي إدخالهم الجنة كما قال نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، وقيل بقدم شرف ، ومنه قول العجّاج :

ذل بنو العوّام من آلِ الحَكمْ

وتركوا المُلْكَ لمُلكٍ ذي قدمْ



وقال الزَجّاج درجة عالية ، وعنه أيضاً منزلة رفيعة ، وقالوا زمن صدق ، وقالوا السَبْقُ في الزمن ، ومن هذا المعنى خبر يُحشر الناس على قدمي أي أنا السابق إلى الله والناس يُبعثون بعدي ، وفي معنى منزلة رفيعة يقول ذو الرمة :

لكم قدمٌ لا ينكر الناس أنها

مع الحَسَبِ العادي طمت على البحرِ



وقال الزمخشري : قدم صدق عند ربهم سابقةً وفضلاً ومنزلةً رفيعة ، ولما كان السعي بالقدم سُميت المسعاة الجميلة والسابقة قدماً كما سُميت النعمة يداً لأنها تُعطى باليد وباعاً لأن صاحبها يبوعُ بها ، فقيل لفلان قدمٌ في الخير وإضافته إلى صدق دلالة على زيادة فضل وأنه من السوابق العظيمة ، وقال ابن عطية : والصدق في هذه الآية بمعنى الصلاح كما نقول رجل صدق ، وعن الأوزاعي : قِدَم بكسر القاف تسمية بالمصدر ، انتهى .

فإذا نظر العاقل اللبيب والعالم الأريب إلى تفسير هذه الكلمة يعلم أن الشيخ عبد القادر قدس الله سره الطاهر على فرض صدور هذه الكلمة منه ، لم يقصد مشط الرجل الذي يستلزم بوضعه على رقاب الأولياء من دون استثناء ، إحقارهم كلهم وإذلالهم ، ولا شبهة ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين كذا جاء في الكتاب المبين .

بل كأن الشيخ يقول أعمالي الصالحة التي هي من لُباب الشرع الشريف هي نافذة على رقبة كل ولي لله وكونه هو من جنس الأولياء فكذلك تلك الأعمال الشرعية نافذة على رقبته المباركة أو أراد بذلك شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو السعادة السابقة لجنس الأولياء أو الإتباع للمصطفى عليه الصلاة والسلام وأمر الإتباع نافذة على رقبة كل ولي لله . وفي كل هذه التأويلات الشريفة فالشيخ رضي الله عنه داخل في جنس الأولياء لكونه من أكابرهم فليتدبر .

ومن القواعد المرعية أن حفظ حرمة الجنس أهم من حفظ حرمة الفرد ، على أن الفرد منضم في الجنس ولكن الجنس لا ينضم في الفرد ، وإذا سقطت حرمة الجنس سقطت بالطبع حرمة الفرد الذي هو من الجنس لا محالة ، وهناك دقائق أخر منها أن الفاضل قد يخضع للمفضول لحكمة تقتضى ، ومثلها طلب الشيخين الكريمين الدعاء من أويس القرني وطلب النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء من عمر وتجلّي الله للجبل وعدم تجلّيه سبحانه وتعالى إذ ذاك لموسى الكليم عليه السلام ، وأين فضل النجيّ العظيم موسى الكليم عليه السلام من فضل الجبل ؟

وعلى كل حال عدم نسبة الدعاوي العريضة والكلمات العظيمة التي يشكل تأويلها إلى القوم الأكابر من أهل الله تعالى أولى وأصلح ، وإذا أمكن التأويل بما لا يهضم مقامات العارفين والصالحين فهو الأليق والأنجح وكلهم معظَّمون مكرَّمون محترَمون لهم مرتبة الإجلال تحت راية قوله تعالى " ألا إن أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون " .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 05, 2012 3:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) تعظيم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً وتعظيم الأولياء والصالحين والعلماء العاملين جميعاً وزيارة قبورهم والدعاء في مشاهدهم المباركة والمحاضرة مع أرواحهم الطيبة .

قال شيخ مشايخ الإسلام مولانا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه : هؤلاء يعني الأنبياء عليهم السلام والأولياء الصالحين والعلماء العاملين من آيات الله في الأرض ومن شعائره في العوالم ، فإجلالهم وإعظام محاضرهم وعلاماتهم لأجل الله وحبهم لوجه الله من الحب لله ، وتعظيم مراقدهم فيما لا يجاوز الحق من تقوى القلوب ، ومحبتهم وإعظامهم والإستمداد من مستودعات أسرار الله المصانة فيهم المفاضة لأرواحهم بحكم النصر المُعطى لهم في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد على أنهم نواب الرسل وشهداء الله على الأمم وخاصة أمة الشهيد الأعظم صلى الله عليه وسلم ، والله قد تولى أمورهم في الدنيا والآخرة كما جاء بمحكم النص ، فذلك هو الإتيان للبيوت من أبوابها ، وفيه طلب نفحات الله تعالى بأسبابها ، يعرف ذلك أهل الخصوصية من محققي الأولياء وأعاظم العلماء الأصفياء ولا يُحرم ذلك إلا كل مفتون ولا مراء في الحق وحسبنا الله ونعم الوكيل . انتهى .

ونص الإمام حجة الإسلام الغزالي قدس الله روحه أن من يحترم في حياته يُحترم في مماته يعني من الصالحين رضوان الله عليهم أجمعين ، وما جاء من المنع إنما هو لحكمة وقتية وتلك إفراط اليهود والكثير من الملل السائرة بتعظيم أنبيائهم حتى عبدوهم وسجدوا لقبورهم ، وهذا والحمد لله لم يكن في الإسلام ، وإنما تعظيم مشاهد الأنبياء والصالحين لكونهم ممن أحبهم الله وأحبوه فإعظامهم لأجل الله والتوسل بهم إنما هو التوسل بمحبة الله لهم ، وتلك صفة من صفات الله سبحانه ونعم الوسيلة تعالى صفته المقدسة ، وهذا مفاد كلام شيخ الأمة سيدنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به .

فإنه قال كما في كتاب " حكمه الشريفة " ما نصه : النيابة المحمدية عند أهل القلوب ثابتة تدور بنوبة أهل الوقت على مراتبهم وتصرّف الروح لا يصحُّ لمخلوق ، إنّما الكرمُ الإلهي يشمل أرواح بعض أوليائه بل كلهم فيصلح شأن من يتوسل بهم إلى الله قال تعالى : " نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "

هذا الحد ، إياكم وإفراط الأعاجم ، فإن في أعمال بعضهم الإطراء الذي نص عليه الحبيب عليه صلوات الله وسلامه ، وإياك ورؤية الفعل في العبد حياً كان أو ميتاً ، فإن الخَلْقَ كلهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ، نعم ، خُذْ محبة أحباب الله وسيلة إلى الله فإن محبة الله تعالى لعباده سر من أسرار الألوهية يعود صفة للحق ونعم الوسيلة إلى الله سر أُلوهيته وصفة ربوبيته . انتهى كلامه العالي.

أقول ولا تخرج أيها المحب عن القاعدة التي مرت في محلها من أن سلخ الفعل عن المخلوق معناه أنه لا يقدر أن يفعل استبداداً وله اختيار جزئي وعليه مُجبِرٌ كلي ، قال تعالى " والله يعلم ما تصنعون " ، فإضافة الصنع للعبد من حيث اختياره الجزئي ، وقال تعالى : " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " ، ففي هذه الآية الكريمة إثبات الإختيار الجزئي والإجبار الكلي ، وأفهم ذلك من قوله سبحانه بعد الآية التي تشرفنا بذكرها فيما نصه : " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم تُرحمون " ، كلّفهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الرسول ، فهذا فعلهم الذي تختاره إرادتهم الجزئية وتكسبه أيديهم .

وبعده ، فالرحمةُ فِعْلُهُ سبحانه ، يرجع إلى إرادته الكلية ، ومثل هذه الآية وأصرح في مقامها وأقرب للأفهام من طريق واضح إحكامها ، قوله تعالى وتقدس : " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد . قل إن ضللتُ فإنما أضِلُّ على نفسي وإن اهتديت فبِما يوحي إليَّ ربي إنه سميعٌ قريب " ، فمن تدبّر إرشاد الله لنبيه في هذه الآية عرف سر الإطلاق من جهة والقيد من أخرى وعرف أن الأمر بين الأمرين وردَّ ضلال نفسه بالالتجاء المحض إلى هداية ربه فأعطى إرادته الجزئية حقها واستند بعملها الصالح إلى الإرادة الربانية الكلية واتبع سبيل من أناب ويتوب الله على من تاب .
وهنالك يقول بالطبع بإعظام ساداتنا الأنبياء والأولياء والصلحاء والعلماء والأتقياء وكلٌّ له مقامٌ معلوم ، وشفاعةُ الأنبياءِ والأولياء والصالحين حقٌّ لا يقول بردِّها إلا المُخزي المحروم ، إذ أولئك الشاهدون بالحق قال تعالى : " ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق " ، فإنهم عند الله مقبولون ، أعني الشاهدين بالحق ، ولهم جاهٌ عنده ومحبة الله الكريم الرحمن الرحيم لهم ، وجعلهم خزائن العِرفان ، وإنهم الذين يدلّون عليه ويقرِّبون إليه واختياره لهم واصطفاؤه لذواتهم فيه حقائق أسرارٍ تفيدنا حق اليقين وعلم اليقين ، إنهم عنده سبحانه من المقبولين المرضيين .

وحينئذ فإعظامنا لهم ، إنما هو إعظام لصفة المحبة التي تجلّى عليهم بها ، وإعظام مشاهدهم والتبرك بها كذلك لهذه الصفة لا لأنهم يصلون استبداداً ويقطعون ويفرِّقون ويجمعون ، بل نقول ونعتقد حكم قوله تعالى : " يوم لا يُغني مولى عن مولى شيئاً ولا هم ينصرون . إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم " ، والولاية اختصاص قال سبحانه : " يختص برحمته من يشاء " ، فالأولياء مرحومون ، والرحيم هو الله تعالى ، وإن إعظامهم يقود المرء إلى اتباع آثارهم والتخلق بأخلاقهم والعمل بما كانوا عليه وذلك من موجبات الرحمة ، لأن اتباعهم إنما هو اتباع للنبي العظيم صلى الله عليه وسلم والله تعالى قال : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله ". وبهذا بلاغ والله وليُّ المتقين .

( الطريقة الرفاعية ) آدابٌ واجبةٌ وأعمالٌ راتبةٌ وانحيازٌ إلى السُنّةِ وابتعادٌ عن البدعة ، فالآداب الواجبة أفردها جدنا الخامس ولي الله العلامة السيد حسين برهان الدين آل خزام الصيادي الرفاعي نزيل بني خالد بديار حماة الشام رضي الله عنه برسالة مخصوصة فملخص أقواله مع حفظ ألفاظها :

إعلم وفقنا الله وإياك إلى طاعته ، أن الطريقة العلية الرفاعية عزيزة الوجود وإن كانت سهلة المأخذ فأول ما يجب على السالك فيها أن يعرف الله حق معرفته ، وذلك أن يعرف أنه سبحانه بذاته الواجب الوجود الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد وأن يعرف الصفات السلبية والمعنوية وهي الحياة لله والقيام بنفسه والعلم والقدرة والسمع والبصر والقِدَم والبقاء والوحدانية والكلام والمخالفة للحوادث ، ليس كمثله شيء ، والسلبية أضداد هذه الصفات وهي مستحيلة في حقه تعالى ويجب على السالك بل على كل مسلم أن يعبد الله ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ، فإنه من الجائز على الله أن يعذب الطائع ويُثيب العاصي لكن جرت عادته تعالى كما أنبأنا كتابه الكريم ورسوله العظيم صلى الله عليه وسلم أن يُثيب الطائع ويعذب العاصي ، وفي ذلك ذكرى لأولي الألباب .

فبالمعرفة والعبادة نيل السعادة ، وبالجهل والعصيان والعياذ بالله نيل الشقاوة ، وينحط إلى محل الخزي بقضاء الله وقدره ، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون ، قال الله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " أي ليعرفوني كذا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما .

ولمعرفته سبحانه وتعالى طرق أقربها الأخذ عن أهل الذكر أي أهل العلم بالله وبشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وقال عليه الصلاة والسلام : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) أي بالغ عاقل وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن نوماً على علمٍ خيرٌ من صلاةٍ على جهل ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( أطلعتُ ليلة المعراج على النار فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، قالوا : يا رسول الله من المال ؟ قال : لا بل من العلم ) ، قال جُلّةٌ من العلماء : أراد صلى الله عليه وسلم بالعلم علم التوحيد والمعرفة وعلم الحلال والحرام ومعرفة السُنّةِ والبدعة ، لأن البدع إنما تنشأ عن الجهل وعدم العلم ومن ثم قال بعضهم : إنما يتمكن الشيطان من الإنسان على قدر قلة علمه فمن لم يدر العلم فهو ملعبة الشيطان .

ولا بد للسالك من أربعة أشياء : العلم والعمل والإخلاص والخوف ، فإن عَلِمَ ولم يعمل أو عَمِلَ بغير علمه فهو محجوب ، وإن علم وعمل ولكن لم يخلص في العمل لله فهو مغبون ، وإذا لم يخف من الله ويحذر من الآفات إلى أن يجد إلا من يوم اللقاء ، فهو مغرور .

قال شيخ مشايخنا إمام القوم سيدنا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله تعالى عنه : ( أصل طريقتنا هذه ملازمة الكتاب والسنة وترك الأهواء والبدع والصبر على الأمر والنهي ، ومن لم يزن أحواله وأقواله وأفعاله كل وقت بميزان الكتاب والسنة لا يُقتدى به في طريقتنا ولا يقدر على ذلك إلا بمجانبة البدع ، والأخذ بما أجمع عليه الصدر الأول ، لأن هذه الطريقة مبنية على الصدق والصفاء في سائر الأحوال والأقوال والتمسك بالافتقار إلى الله تعالى والذل والانكسار له والإيثار وترك التعرّض والإنكار ، وليس من الصدق إظهار الوَجد من غير وجدٍ نازلٍ ودعوى الحال من غير حالٍ حاصل ، لأنه ينبغي أن يكون أول قدمٍ للمريدِ في هذا الطريق ، الصدق ، ليصحَّ له البناء على أساسٍ صحيح ومن ذلك تصحيح الإعتقادِ بين العبدِ وبين الله تعالى ، بشأنٍ صافٍٍ مُجردٍ عن الظنون والشبهات خالٍ من الضلالِ والبدعِ ، غير مفتقرٍ إلى البراهين والحُجج ، وإن كانت البراهينُ والحُججُ قائمة وقدرتها في حضرة الإيقانِ دائمة ) انتهى كلامُ صاحب الطريقِ رضي الله عنه .

وقال بعضُ خُلفائه الكرام رضي الله عنه وعنهم : ( أولُ ما يجب ُ على سالك طريقتنا ، ترك الدعاوى الكاذبة وكتمان المعاني الصادقة والإخلاص ودوام ذكر الله والفكر الصالح والقوت الحلال ومخالفة النفس في هواها والصبر على الأذى والتباعد عن البدع السيئة وعن الكِبر والعجب والرياء والنفاق والسُمعة والمَحمَدة بغير حق والتسلّق للرياسة بغير استحقاقٍ ولا علم صالح وعن الحسد والبغض بغير موجبٍ شرعي ، وعن سوء الظنِّ بالناسِ ، وعن الكذبِ والدعوى التي يُشمُّ منها الزورُ والباطِل ، وإذا لم يكن كذلك فهو في طريقتنا دخيلٌ لا يجوزُ له الإنسلاكُ بسِلكِ رجالِ طريقتنا حتى يرجع عمّا هو فيه ممّا ذُكِرْ ).

وقال شيخُ الأمّةِ مولانا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه : إذا رأيتم الرجلَ تظهرُ له الكرامات وتنخرقُ له العادات فيطير في الهواء ويمشي على الماء فلا تغترّوا به حتى تُعرضوا عقيدته وأقواله وأفعاله على الكتابِ والسُنّةِ وسيرة السلف الصالح وانظروا كيف هو عند الأمرِ والنهي وهُنالك تُعرَف منزلته . انتهى .

فمن هذا علِمنا أن مَن كان فيه أدنى بدعة سيئة لا تجوزُ لنا مجالسته لئلاّ يعود وبالها على جُلاّسِهِ ولو بعد حين ، قال الله تعالى " فليحذر الذين يُخالفون عن أمرِهِ أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليم " ( النور - 63 ) وقال صلى الله عليه وسلّم : ( مَن أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) رواهُ البُخاري ، وروى مسلم : ( مَن عَمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ ) ، وقال صلى الله عليه وسلّم : " مَن أحدثَ في أُمّتي بِدعة أو آوى مُحدِثاً ، فعليه لعنة اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين ، لا يقبلُ اللهُ تعالى منه صرفاً ولا عدلاً " أي لا فرضاً ولا نفلاً .

والبِدع الحِسانُ من موجبات الأجرِ ، كما أن البدع السيئة من موجبات الوِزرِ ، كذا جاء في الأحاديثِ الصحيحة منها : " مَن سنَّ سُنّةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومَن سنّ سُنّةً سيئةً فعليه وزرها ووزرِ من عمل بها إلى يوم القيامة " .

فمن تأدّبَ بهذه الآدابِ الواجبة عُدَّ في رجالِ هذه الطريقة العليّة ، فإن لم يكن عالماً فليكن متعلِّماً أو مُستمعاً ولا يكن الرابعة فيهلك ، ولتكن هذه الآداب الشريفة نُصبَ عينه ومعراجه في طريقه يصل بها إن شاء اللهُ إلى حظيرةِ الفتوحِ وتضيء في سماء قلبه شمسُ الروحِ في بُرج الوضوح ، فيُحمدُ مقامُهُ وتُنشَرُ بالبركةِ أعلامُهُ واللهُ المُعين .

وأما الأعمال الراتبة في هذه الطريقة السعيدة والمحجّة النيّرة فهي في الحقيقة التأدب بآداب الشرع الشريف ، وهذا هو الأدب الصحيح المترتب في كل طريقة ، فإن مَن تأدّب بآداب الشرع يُعَدُّ من سُلاّك الطريق ، ويُرجى له الوصول ، ومَن لم يتأدّب بآداب الشرع فقد يضل الطريق ويركب الدرب الوعر والجبال ، ويُمَزَق حاله ولا يصل إلى مقصوده أبداً .

وإن ما اختاره مشايخنا السادة الرفاعية رضي الله تعالى عنهم في هذه الطريقة العليّة من آداب الشرع أولاً : صحة الصُحبة للمرشد الكامل ، فهي أهم مراتب السلوك لتنقلب طباعه بمغناطيس الصُحبة من اختيارات نفسه إلى كمال الإستسلام والإنقياد إلى أوامر المُرشد ، فتُستهلك جميع مُراداته في مُرادات الشيخ وتنقلب غفلته يقظة وبخله سخاء وكسله نشاطاً وحرصه زهداً وسوء خُلُقه حُسْن ، ويترقّى ببركة الصحبة مِن كل حالٍ دنيء إلى كل حال عليّ ، ومن كل خُلُق سيء إلى كل خُلُقٍ سَنيّ ، وتنطبع محبة الشيخ في قلبه لوجه الله انطباعاً سليماً خالصاً من العوائق والعلائق والحظوظ النفسانية وتنقطع عنه حجة القواطع ، فإذا ظهرت عليه هذه العلامات ، أمَرَهُ المُرشِد بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستغرق كله محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، بحيث إذا تقهقه في ضحكه وهو في البر الأقفر وحده يستحي من صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم ، ثم يلحق له بعد الصلاة والسلام على رسول الأنامِ صلى الله عليه وسلم ، الإستغفار بعدد معلوم ، وبعد الإستغفار ذكر الله تعالى بشرط التجرّد حالة ذكر الله من المخلوقين عظيمهم وحقيرهم ، كبيرهم وصغيرهم ، وفي أثناء السير يعالجه طبيب روحه شيخه بالرياضة إذا مسّت الحاجة وظهر للشيخ العارف شئ من موجباتها أو يعالجه بالسياحة أو بالتجرد والخلوة أو بالسهر والتهجّد أو ببذلِ ما في اليد في الله أو بالخدمة الشاقة على النفس ومع ذلك يجعله مؤسَس البنيان ممهَّد الأركان على حب الشيخ وصدق الوله بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وعدم رؤية الأغيار توكّلاً على الله وإيماناً به سبحانه .

وهذه المزيّة أدبٌ من آداب النبي صلى الله عليه وسلم والشرط الأعظم في الطريق ، وقد أمر صاحب الطريقة رضي الله عنه بالإستفاضة القلبية من قلب الشيخ ، عِلماً بأن ذلك الفيض يجيء متدليّاً من قلب صاحب الطريقة وإليه من قلب روح العوالم صلى الله عليه وسلم .

وآداب الإستفاضة الجلوس في مجلس الصلاة بعد أداء الفريضة وواجباتها ومتعلقاتها ، استقبال القبلة والتفرغ مهما أمكن من علاقات الخواطر ، وأخذ الشيخ على البال وربط القلب بقلبه ، والوقوف هناك ما دامت الروح مطيّبة والنفسُ مطمئنة والخواطر مندفعة ، فإذا ضاق حال الروح أو شبّت النفس ولعبت الخواطر هنالك يفتح المريد عنه ويستغفر الله ويختم مجلس الإستفاضة بالفاتحة ويباشر بعدها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبعدها الإستغفار ثم الذكر كما تقرر أولاً .

ومن رجال هذه الطريقة من شرط الإستفاضة بعد الوِرد قائلاً ، إن حلاوة الإستفاضة إذا بقي منها أثر في القلب يدخل من ذلك الأثر شيء حالة الذكر حظيرة القلب ، ومن أدب الإخلاص أن لا يوجد للغير أثر ، وقال من استفاض قبل الوِرد ، أن الإستفاضة باب يتوصل به المريد من شيخه إلى إمامه في طريقته إلى نبيه إلى ربه ، فإنه متى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد وصل إلى الله ، بدليل قوله تعالى : ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) ، وبعد فتح الباب يباشر الوِرد متجرِّداً عن الأغيارِ بالكليّة .

قال شيخنا الجد الخامس السيد حسين برهان الدين رضي الله عنه : " والذي أقوله أن الحال يُدرك من طور المريد ، فإن رأينا أن حلاوة الإستفاضة تغلبه ويبقى منها أثر في القلب ، فيلزم أن يجعل الإستفاضة بعد الوِرد ، وإلا فلا بأس يجعلها باباً للوِرد ، وهذا الذي عليه أكابر هذا الشأن من رجال طريقتنا الأعيان ، ثم قال : ومن أحكام هذه الطريقة العليّة الخلوة الأسبوعية في كل عام ، وابتداء دخولها في اليوم الثاني من عاشوراء ، يعني اليوم الحادي عشر من محرم ، وقد جعلوها شرطاً على كل من انتسب إلى هذه الطريقة العليّة ، طعامها خال من كل ذي روح ، وذِكرُها في اليوم الأول : لا إله إلا الله ، بعدد معلوم ، وفي اليوم الثاني : الله ، وفي الثالث : وهّاب ، وفي الرابع : حيّ ، وفي الخامس : مجيد ، وفي السادس : مُعطي ، وفي السابع : قدّوس ، وشرطوا في الخلوة بعد كل صلاة ، تلاوة هذه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة ، وهي : " اللهم صلِّ على سيدنا محمد النبي الأمّي الطاهر الزكي وعلى آله وصحبه وسلم " وذكروا لهذه الخلوة المباركة من الفتوحات المحمدية والعنايات الأحمدية ما لا يُحصى ، وكم شاهدوا لها من برهان عظيم وشأن كريم ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء واللهُ ذو الفضل العظيم .

وقد بنى صاحب هذه الطريقة السعيدة سيدنا الإمام الرفاعي سلوك طريقته على الصحبة والمحبة وعلى الصدق في الأقوالِ والأفعالِ وعلى تزكية الأخلاقِ باتباعِ الشارع الكريم صلى الله عليه وسلم ، وجعَل سُلّم ذلك كثرة الصلاة على النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم وربط القلب به والوله بمحبته والانتصار لسنته وشدة المحاضرة معه ، أرواحنا لجنابه العالي الفداء.

وقد فوّض تربية السالك للمسلك الكامل من أتباعه المجازين ، تفويض قيد لا تفويض إطلاق وذلك عبارة عن مداواة السالك بما يليق له حاله ويتحمله عقله ويقوم به وسعه ضمن دائرة الشرعِ الشريف وجعل الخلاوى والرياضات المعتادة عند البعض للقساةِ لإضعاف ثورة نفوسهم ، ولم يقل بأنها طُرُق ومنازل لا بد منها ولا غنى عنها ، فإن ذلك من سقم المدارك .

على أنه لله طرائق عدد أنفاس الخلائق ، بل قال رضي الله عنه ، يلزم مع الأمر للسالك القاسي بالعمل بها دوام ترّقب نفحات الرحمن ، فإن العبدَ لا يعلم النفحة الربانية من أين تجيء وكيف تبرز ويجب على المرشد أن يتحقق بالمعرفة النبوية والسياسة المحمدية ، فيُعطي كل سالك حق وسعه ولا ينظر لفهم السالك ، فربما اشتهى المريض من الأطعمة والأشربة ما يضرّه وهناك فالحكمة ترجع لذوق الطبيب وعقله وعلمه ، وهذا غاية ما قرّره شيخنا رضي الله عنه ، يرويه عن سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه والأمر لله وحسبنا الله .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 06, 2012 8:40 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية ) المحاضرة مع الأرواح الطاهرة بهمّة القلب ، إيماناً بالله وإجلالاً لسلطان قدرته الذي أفاض في العالَم الكياني الإتصال الأتمّْ ، يعرف ذلك أهل الخصوصية ويجهله الجاهل المحجوب الذي لم يتحقق بفهم تلك الرقيقة الكونية ، وهنا تفاصيل جليلة لا يُستغنى عنها سنورد منها إن شاء الله ما فيه بلاغ .

قال شيخنا الإمام السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي رضي الله عنه وعنّا به في " واردات الغيب " : عالمُ الكيان نقطةٌ واحدة منقوطة على صحيفة الحدث تتلجلج فيها متحركة ذات أجزاء كثيرة مركبة من صنوف لا تُعَدْ وكل تلك الصنوف مجتمعة في تلك النقطة تضمّها مادة حبرها السيّالة المُشَكّلة لكونيَّتها ، فالصنوف متصلةٌ في الحقيقة بتلك الجامعة من حِبر تلك النقطة منفصلةٌ ذرّاتُها بتلجلُجِها تموج في سابحة تلك المادة وكلها إلا من عَلِم يزعم الإنفصال كلٌّ على حِدة .

ولكل شيء منها صنفٌ خاص ولذلك الصنف خزانة غيبية تجمعه بشاهد (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه) (الحجر 21 ) فتلك الخزائن خزائن الإصدار والإيراد ألا له الخَلقُ والأمر ، تصدر الأشياء من تلك الخزائن وترد بعد ردها إليها .

فالإصدار ، التنزيل ، وكل شيءٍ يكون تنزيله بقدرٍ معلوم ، والوصلةُ في عالم الكيان حاصلةٌ بين جميعِ الذرَاتِ سيّما الأرواح ، فهي أوثق وأقرب اتصالاً ببعضها من بقية الأشياءِ لِلُطفِها ، ولذلك فمحاضرة الأرواح أسرع تأثيراً من غيرها لا مُحالة ولا فرق بين أرواح الأموات وأرواح الأحياء ، وما أجهل مَن قال بتكفير القائل بمحاضرة أرواح المشايخ وإسناد الفعلِ لها ، كأنه يزعم أن المحاضر لها يقول بفعلها بالاستبداد منها ، ولا يظن هذا بعاقل ، فضلاً عن الجماعة الكُمَّل الذين يعرفون أسرار المحاضرة ويعلمون أن الذي أودع الضياءَ في كوكب الشمس والظُلمةَ في غلغال الليل إنما هو الله الفعّال المطلق ، وهو أيضاً استودع الأرواحَ أسرارَ الفعل والقطع والوصل ، وأنها لمحيطةٌ في مستودعاتها عالمةٌ بها ، قادرةٌ بإذن الله على فعلها ، وتصحّ المحاضرة مع كل الأرواح سعيدها وشقيِّها ، نيِّرِها ومُظلِمِها ، مقبولِها ومردودِها ، رفيعِها ووضيعِها ، ولكن تلك المحاضرة تثمر بنتيجة التقابل بنسبة قوة حضور المحاضر وعلوّ همّته وجمع باله .

ولكل هذا الشأن ، أعني شأن المحاضرة ، حضرتان : حضرة حقيقة وحضرة خيال .

فحضرة الحقيقة لا يثبتها إلا المُجانسة الصحيحة بين المُحاضِر والمُحاضَر ولو بوجهٍ ما ، وإلا إذا انقطعت المجانسة فيكون ما يحدث لجمع الهِمّة حاصلة من حظيرة خيال ترسم بشكل الحقيقة وما هي بالحقيقة ، ولا ينكر ذلك إلا جاهل بأسرار الكيان غير مطّلع كل الاطِّلاع على حقائق القرآن .

وتدبّر كيف نصَّ القرآنُ العظيم على أذان سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاةُ والسلام في الناس بالحج وكيف لبّتهُ الأرواحُ حتى التي في الأصلاب ، وجاؤهُ من كلِ فجٍّ عميق رجالاً وركباناً ، نساءً ورجالاً ، قال تعالى : "وأذّن في الناس بالحج يأتوكَ رجالاً وعلى كلِ ضامرٍ يأتين من كلِّ فجٍّ عميق" (الحج – آية27) ، والفج العميق ؛ الطريق البعيد ، ومع البُعد بلوغ صوت الخليل سيدنا إبراهيم عليه السلام بقوة المدد الإلهي المُفرَغ في رَوعِهِ ، المستودَع بسِرِّهِ ، وهل ذلك الأذان المجمَل الذي نشأ عنه هذا العمل المبارك المُفَصَل إلا محاضرة الأرواح ، وتلك المحاضرة هي التي اخترقت صفوف الأرواح وصنوفها دوراً بعد دور ، وجيلاً بعد جيل ، فهي أهم وأعظم من محاضرة الأرواح التي خامرت الأجسام وقارنتها ثم فارقتها إلى خزائنها .

وهذه القوة لا تكونُ إلا لعظماءِ الأنبياء وأجِلاّءِ خواص الوُرّاث فقد روى الحافظ ابن الحاج الواسطي الشافعي قدّس الله سرّه أن الإمام منصوراً الرباني البطائحي الأنصاري ثم الحُسيني رضي الله عنه ، وقف برُواق أم عبيدة واتجه إلى القِبلة ثم إلى الشرق ثم الغرب ثم الشمال وقال : " هلمّوا تعالوا إلى هذه البقعة المباركة وتكلّم كلاماً عجيباً ، فبعد أن سكن سأله بعض أصحابه فقال : إن الله تعالى لقّح بروح ابن أختي أحمد مشارق الأرض ومغاربها ، فها أنا أدعوهم إلى هذه البقعة السعيدة " .

(قلت) وقد كان الذي أشار إليه الباز الأشهب مولانا السيد منصور رضي الله تعالى عنه وعنّا به ، فإن أم عُبيدة صارت مطاف الأُلوف من أهل الكمال وفحول الرجال ، حتى قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى حين زار سيدنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه في حياته ما نصّه :

كُنتُ عنده ، وعنده أكثر من مائة ألف إنسان ، وقد قام بكفاية الجميع ، فقلتُ له : هذا جمعٌ عظيم ، فقال : حُشِرتُ مع هامان إن خطر لي أني شيخ أحد منهم إلا أن يتغمدني اللهُ برحمته فأكون كآحادهم .

ومن هذه الجُمل المباركة تفهم أن محاضرة الأرواح ممكنة على اختلاف صنوفها إلاّ أنها لا تثبت للمحاضرة حقيقة إلا بالمُجانسة ، ولا يمكن محاضرة الأرواح التي ستبرز قوالبها بعد إلا لنبيٍّ عظيم أو وارثٍ عظيم ، وإلاّ فأرواحٍ خامرت الأجسادَ حاضرة حيّة أو غائبة متوفّاة تمكن محاضرتها وتثبت لها نتيجة حقّة بنسبة المجانسة بين الأرواح المُستَحضرة في المحاضرة ، وبين المُحاضر والكيان وجودٌ واحد مع تعدُّد الذرّات في النقطة الكيانية ، وحِبر تلك النُقطة مُرَكّب من الضياءِ والهواء .

وهذان الجوهران الجامعان بين الذرّات في النقطة ، فكلّما قدر الرجلُ على استكشاف ِ السِرِّ الكياني وتمكّنَ من صحة ربط القلب من ذرّةٍ أُخرى ، اجتذب منها نتيجةً تُعرَف ولا تُنكَر ، حسبما يمكنه بنسبة قوة محاضرته ، والوجود الكياني فيه الرفيع من الأجزاء والوضيع ، والشريف والخسيس ، فالوضيع حالة كونه من الوجود لا يتيسّر له قوة المُقاربة التامة مع الرفيع منه لاختلاف المُجانسة ، إذ المُباينة بين الرفعة والضِعة هي الحاجز ، فتدبّر ، وإذا أمعنت النظرَ تعلم أن المُحاضر بخسّته لروحٍ شريفة يصعب عليه القُرب منها وأخذ نتيجة مرغوبة عنها .

وروابط أرواح المُريدين مع انحطاطهم عن مجانسة أرواح الصالحين تحصل بصدق محبتهم لهم وعُكوفِهم على أبوابِهم وتحقُّقِهِم بمودتهم ، والاعتقادِ بهم ، فقِف عند المرتبة ، وترفّع بالعمل الصالح والإتِّباع الحسن ، وخُذْ بركة الأرواحِ الطاهرة ، ولا تسمع لاغية مَن يُحرِّف الكلم عن مواضعه ، واتق الله ولا تُشرِك به شيئاً وكفى باللهِ وليّاً . انتهى كلام شيخنا رضي الله عنه وعنّا به ، وحيثُ أنه نفعنا اللهُ بعلومه ، لم يُبقِ في هذا الباب في القَوسِ مَنزَعاً ، فقد اكتفينا بكلامه المبارك ، وهو الحُجة في هذه المَحَجّة ، وحسبنا اللهُ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

( الطريقة الرفاعية ) أخْذُ وثيقة السند التي تُعرِب عن الاتصال من المجاز بعقدٍ بعد عقدٍ في السلسلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا من الإسناد ، والإسناد من الدين ، نعم تكلم البعضُ عن انقطاع يد الإمام الحسن البصري رضي الله عنه عن سيدنا أمير المؤمنين علي المُرتضى كرّم الله تعالى وجهه وأتحَفَهُ برضوانه وسلامه ، والحالُ أن إجماع القوم من الأكابر أولياء الله رضي الله عنهم على هذا ، وناهيك منهم بالجُنيد رضي الله عنه فهو الذي أجمعت الأمة على وجوب تقليده في مذهب التصوف وقالوا مذهبه مقوّمٌ دائرٌ على محوري الكتاب والسنة فهو مع جلالة قدره أسند لبس الخرقة إلى الإمام الحسن البصري ، وأنه لبسها من الإمام علي كرم الله وجهه .

قال العلاّمة الحافظ المتقن شيخ السُنة الإمام جلال الدين السيوطي قدس الله روحه ونفع به ، في كتابه ( إتحاف الفِرقة برفو الخِرقة ) ما نصه: مسألة : أنكر جماعة من الحُفّاظ سماع الحسن البصري رضي الله تعالى عنه من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وتمسّك بهذا بعض المتأخرين فخُدِش به في طريق لبس الخِرقة ، وأثبته جماعة وهو الراجح عندي لوجوه.
وقد رجّحه أيضاً الحافظ ضياء الدين المقدسي في المختارة ، فإنه قال: قال الحسن بن أبي الحسن البصري عن علي وقيل لم يسمع منه وتبعه على هذه العبارة الحافظ ابن حجر في أطراف المختارة.

الوجه الأول: أن العلماء ذكروا في الأصول في وجوه الترجيح أن المثبت مُقَدَّم على النافي ، لأن معه زيادة علم ، الثاني : أن الحسن ولد لسنتين بقيتا من خلافة عُمَر باتفاق ، وكانت أمه خيِّرة مولاة أم سلمة رضي الله تعالى عنها فكانت أم سلمة تُخْرِجه إلى الصحابة يباركون عليه وأخرجته إلى عمر رضي الله عنه فدعا له : اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس ، وذكر ذلك الحافظ جمال الدين المزي في (التهذيب) وأخرجه العسكري في ( كتاب المواعظ) بسنده وذكر المزي أنه حضر يوم الدار وله أربع عشرة سنة.

ومن المعلوم أنه من حين بلغ سبع سنين أُمِرَ بالصلاة فكان يحضر الجماعة ويصلي خلف عثمان إلى أن قُتل عثمان رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه إذ ذاك بالمدينة ، فإنه لم يخرج منها إلى الكوفة إلا بعد مقتل عثمان ، فكيف يستنكر سماعه منه وهو كل يوم يجتمع به المسجد خمس مرات من حين ميّز إلى أن بلغ أربع عشرة سنة.

وزيادة على ذلك أن علياً رضي الله عنه كان يزور أمهات المؤمنين ومنهن أم سلمة والحسن في بيتها هو وأمه.

الوجه الثالث: أنه ورد عن الحسن ما يدل على سماعه منه ، أورده المزي في التهذيب من طريق أبي نعيم قال أبو القاسم عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا حدثنا أبو حنيفة محمد بن حنيفة الواسطي حدثنا محمد بن موسى الجرشي حدثنا ثمامة بن عبيدة حدثنا عطية بن محارب عن يونس بن عبيد قال سألت الحسن قلت يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنك لم تدركه ، قال يا بن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولولا منزلتك مني ما أخبرتك ، إني في زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شيء سمعتني أقوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر علياً رضي الله تعالى عنه.

( قلت) وذكر الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى عدة أحاديث صحيحة وبعضها حسان عن جمع من الحفاظ منهم الترمذي والنسائي والحاكم والضياء المقدسي والزين العراقي وأبو زرعة والطحاوي والدراقطني وأبو نعيم والخطيب البغدادي والحافظ بن حجر العسقلاني والقرطبي واللالكائي وغير واحد كلهم يروي حديثاً أو خبراً عن الحسن البصري عن علي رضوان الله عليه.

ثم قال الجلال السيوطي رحمه الله تعالى : قال الحافظ أبو بكر بن مستدى في مسلسلاته : صافحتُ أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عشوى النفراوي بها ، قال : صافحتُ أبا الحسن علي بن يوسف الحصري بالإسكندرية وصافحت أيضاً أبا القاسم عبد الرحمن بن أبي الفضل المالكي بالإسكندرية ، قال : صافحت شبل بن أحمد بن شبل قدم علينا ، قال : كل منهما صافحت أبا محمد عبد الله بن مقيل بن محمد ، قال صافحت محمد بن الفرح بن الحجاج الشكسلي ، قال: صافحت أبا مروان عبد الملك بن أبي ميسرة قال : صافحت أحمد بن محمد النقزي بها ، قال : صافحت أحمد الأسود ، قال : صافحت ممشاد الدينوري ، قال : صافحت علي بن الرزيني الخراساني ، قال : صافحت عيسى القصار ، قال : صافحت الحسن البصري ، قال : صافحت علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال صافحت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : صافحتْ كفّي هذه سرادقات عرش ربي عزَّ وجل ، انتهى.

ومن هذه البراهين القاطعة يُعلم علماً يقيناً أخذ الإمام الحسن البصري عن سيدنا أمير المؤمنين الإمام الأعظم علي المرتضى كرم الله وجهه ، ومن فضل الله تعالى عليَّ أني صافحتُ شيخي قطب الزمان وغوث الأوان علاّمة الوجود مولانا السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالرواس رضي الله عنه وعنّا به وهو قال لي أربع أسانيد
في المصافحة الأولى : عن ابن عمي السيد إبراهيم الرفاعي المفتي وسنده في المصافحة سنده في الإجازة إلى الإمام الأكبر سلطان الأولياء مولانا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه وهو صافح جده يوم مدِّ اليد والقصة أشهر من أن تُذكر.

والثاني : عن ابن عمي وشيخي السيد عبد الله الراوي الرفاعي وسنده أيضاً سند إجازته وهو يتصل بالإمام الكبير الرفاعي رضي الله عنه وعَنّا به وهو قد صافح جدَّه عليه الصلاة والسلام .
والثالث : عن حُجّة الله الإمام المهدي ابن الإمام العسكري رضوان الله وسلامه عليهما في طيبة الطيِّبة تجاه المرقد الأشرف المصطفوي وقال : صافحت الخضر عليه السلام في هذا الموطن ، قال : صافحتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي بخير.

قال شيخنا (رضي الله عنه) ثم دعا لي الإمام المهدي رضوان الله عليه بخير .

قال والرابع : عن الخضر عليه السلام صافحته سبعاً وثلاثين مرة آخر مرة منها في مقام الشيخ معروف الكرخي ( رضي الله عنه ) ببغداد عصر يوم جُمُعة ، فقال صافحتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتبسّم لي صلى الله عليه وسلم وقال لي: صافحتْ كفّي هذه سُرادقات عرش ربي عزَّ وجل. انتهى كلام شيخنا رضي الله عنه.

وقد صافحته (رضي الله عنه) ودعا لي بخير وآخر مرة صافحته ذكر لي هذا الحديث الشريف وتمّت ليَ البركة والسعادة بعونه تعالى والحمد لله رب العالمين.

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 08, 2012 2:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
( الطريقة الرفاعية) إعظام شأن مؤسسها وناشر أعلامها ومحكم نظامها سلطان الأولياء برهان الأصفياء لاثم يد جده سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم ألا وهو الغوث الأكبر والكبريت الأحمر شيخ الدوائر ملحق عواجز الأصاغر بأعاظم الأكابر المغيث بإذن الله والنائب عن جدِّه رسول الله في مُلْك الله ناصر السنة خاذل البدعة ركن الحقيقة عماد الطريقة برهان الشريعة السيد أحمد محيي الدين الكبير الرفاعي (رضي الله عنه) وعنّا به ونفعنا وأُمَّةَ جدِّهِ بعلومه وبركاته وطاهر نفحاته آمين.

وإعظامه لأسباب كثيرة منها أنه بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسب الوضّاح الذي طلع في سماء السيادة طلوع الصباح ، اشتهر في عالم الإمكان ودار خَبَرُ سيادته الفاطمية على كل لسان ، وسيأتي ذكر نسبه الشريف مسلسلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ومنها تمسُّكه كل التمسُّك بسُنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتحققه بالتخلق بأخلاقه وقيامه بنصرة شريعته بالأطوار والأحوال والأقوال والأفعال.

ومنها شدة شفقته على خلق الله تعالى على اختلاف طبقاتهم وأجناسهم ومذاهبهم ومشاربهم ومنها تواضعه وذله وانكساره لله تعالى وشدة كرمه وجودِهِ وعلو هممه وتواضعه للناس وقهره نفسه وعدم رؤيته نفسه على غيره مزية.

ومنها صبره على الأذى وتحمّله أثقال الناس ووقوفه في ذلك مع الحق وترفعه عن هذه الدنيا الدنيّة وتعاليه عليها وعلى المغلوبين المفتونين بها واتضاعه للفقراء والمساكين وإيثاره ولين قوله للناس بِرِّهِم وفاجِرِهم وحسن خلقه.

ومنها حُسْنَ تربيته للناس بالحكمة الكاملة والمعارف الشاملة والأطوار المحمدية والمناهج النبوية وكثرة كراماته وعظيم خوارقه وصدق حاله وجليل كماله وباهر أقواله وشريف خلاله وجميل خصالِه وهذا كله ثابت بالبراهين الطافحة والنصوص الراجحة ومؤيد برائق كلماته ومستمر كراماته ودائم بركاته وقد انبت الله تعالى في بيته الأولياء كما ينبت الربيع البقل كما نص ذلك وتبعه العلماء الأجلاّء والشُرَفاء العظماء والسادات الكُبَرَاء والحُكماء والعُرَفاء والخُلَّص من صدور الأولياء وانتهت إليه نوبة الفضائل في عصره ولم يخلفه دور الأيام ولم تقم نوبة لوليّ كما قامت له في الإسلام، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

أما نسبه الشريف المتواتر المستفيض فهو السيد أحمد بن السيد السلطان علي المكي الرفاعي الحسيني دفين بغداد بجانبها الشرقي ابن السيد يحيى نقيب البصرة ودفينها ابن السيد ثابت بن السيد الحازم علي أبي الفوارس ابن السيد أبي علي أحمد المرتضى بن السيد علي أبي الفضائل بن السيد الحسن الأصغر المعروف برفاعة الهاشمي المكي نزيل المغرب ابن السيد المهدي بن السيد أبي القاسم محمد بن السيد الحسن المُكنى بأبي موسى رئيس بغداد نزيل مكة ابن السيد الحسين عبد الرحمن الرضي المحدث ابن السيد احمد الصالح بن السيد موسى الثاني بن السيد الأمير إبراهيم المرتضى المجاب ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الشهيد السعيد أمير المؤمنين الحسين صاحب كربلاء ابن الإمام علم الإسلام أسد الله الغالب أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه واتحفه بسلامه وتحياته.

وأم سيدنا الإمام الحسين سيدتنا وقُرَّة عيوننا السيدة فاطمة الزهراء النبوية بنت روح الوجود وسيد أهل الوحي والإلهام والشهود وحبيب الله وإمام أنبياء الله سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ونسب حضرة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم في آل سيدنا الخليل إبراهيم عليه السلام ثابت بالنصوص القطعية والإجماع الذي يعلو عن النزاع والحمدلله رب العالمين.

ولسيدنا الإمام أحمد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وعنا به نسب من جهة أمهاته للصحابي الجليل سيدنا أبي أيوب الأنصاري رضي عنه الباري ولسيدنا الحسن السبط ولسيدنا الصديق الأكبر رضي الله عنهم أجمعين يعرف ذلك النسّابون المحققون ورواة الأخبار من ذوي الفضل الوفير والعلم الغزير وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وأما شفقته على الخَلْق فإنه تواتر في طبقات القوم وكتبهم بالروايات الموثوقة والنقول الثابتة الصحيحة ، أنه كان يترك رواقه الشريف ويحتطب في بعض الأحيان ويحمل الحطب على ظهره إلى بيوت الفقراء والمساكين الذين لا يقدرون على الخروج ، ويحمل لهم الماء والطعام ويفعل الكثير من أمثال ذلك من البر والمعروف مع المجذومين والزمنى من أهل العاهات والشيوخ المقعدين والضعفاء والأرامل والأيتام من المسلمين والنصارى واليهود والصابئين حتى أسلم على يديه منهم خلق كثير، وكان يقف في طرق العميان فيقودهم إلى الأمكنة التي يريدونها ، وإذا رأى ذا شيبة عاجزاً خدمه بنفسه وقضى له حاجته وقبّل يده وسأله الدعاء وإذا تجرأ عليه متجريء فآذاه صبر عليه وتحمّله ، ولم يجاز مسيئاً بإساءة قط وكان يُحسن إلى من يسيء إليه ويعفو عمّن ظلمه لوجه الله تعالى ويتواضع للخَلْق لا عن حاجة بل هو خضوع عن عِزّ ، كما قال فيه سيدنا الإمام سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي شيخ الإسلام والذي هو في عصره أستاذ الخواص والعوام بما نصه:

تواضعَ كالهلالِ أقام رسماً

خضوعٌ جاء عن عزٍّ منيعٍ


يلوح الماء من بيض القِبابِ

كذلك طورُ آل أبي تُرابِ



وأما عدم رؤيته لنفسه وعدم تعاليه على غيره فقد تواتر واستفاض ، وقد كان يُضرب به المثل وقد كان كثيرا ما يقول إيش أنا ومن أنا ويأخذ بيده شيئاً من التراب ويقول من كان من هذا وغايته إليه من يكون؟

وأما كرمه وجوده فقد ثبت بروايات العدول وصحيح النقل أن رواقه الشريف كان يجمع كل يوم عشرين ألفاً ويمدُّ لهم السماط صباحاً ومساء وليلة محيا الأسبوع يجتمع عنده أكثر من مائة ألف إنسان ويقوم بكفاية الجميع ولم يرو لنا التاريخ وقوع مثل ذلك لغيره من أولياء الإسلام وهذا باتفاق الخواص والعوام وبإجماع الطوائف من موافقٍ ومُخالف ، وأما تربيته للناس بالحكمة وآدابه الشريفة في طريقته المحمدية التي جلا بها الغُمّة فمن بعضها ما ذكره سبطه الأعظم ووارث سِرِّه المُطلسم البحر المُطمطم ، القطب الغوث الجواد مولانا السيد عز الدين أحمد الصياد الرفاعي رضي الله تعالى عنه وعنّا به في كتابه " الطريق القويم " بما نصه:

أن طريق سيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه بين جداري الإفراط والتفريط لا غلو ولا علو ولا هبوط ولا سقوط ، هدم صومعة القول بالوحدة والحلول ، ورد التبجّح بالشطحات المخالفة للمعقول والمنقول ، ونزّه جانب التوحيد عن الشرك والتعطيل والتشبيه ، ووقف في كل شأن حُكميّ أو تهذيبيّ بما يجذب إلى الوسطية ، كل أطرافه وحواشيه ، إذا فاض عليه بحر الكرم تحدّث بالنعمة، وما تعدى الحدود ، وإذا عَلّم أفاد ما يقضي بالوفاء بالعهود وإذا أرشد أوضح حال النبي صلى الله عليه وسلم ودلَّ عليه وجذب قلوب السالكين إليه ، فغوامضُ كلماتِهِ كظواهرها ودقائق تعبيراته كسهلها ، أُعطى الحظُ الأوفرُ من ناطقةِ جده صلى الله عليه وسلم وأوقفَ جموعَ أولي العلوِّ بشدّة تواضعه لله وانكساره لعظمته وذُلِّهِ لمجده وقدسه وحُسن الأدب مع المخلوقين على طبقاتهم إنسهم وجِنِّهم وصنوفهم الناطقة والصامتة ذوات الأرواح وغيرها العلويّة والسُفلية ، ولكل منهم لديه ( رضي الله عنه ) مقامٌ معلوم كما أقامه الله وعلى ما ركّبَهُ وفيما أظهرَهُ وحسبما أبرزه واستودع فيه من سر الصنع والهَدْي المفاض بعد الخلق إلى كل شيء ، هذا مع الزهد بالكل وإرجاع الأمر كله إلى الله ، إنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى كلام الإمام الصياد رضوان الله تعالى عليه.

وأما كراماته فهي خارجة عن الحصر لكثرتها ، شهد له بذلك الكبار والصغار وتواتر هذا في الأجيال والأدوار ، أحيا الله له الميِّت وأقام له المُقعدين وعافى ببركة جاهه أصحاب العاهات وأبرز على يديه البركة العامة وقَلَبَ له الأعيان وصَرّفَهُ في الخَلْق وقد أفاض له النِعَم وأسبغ عليه مزيد الفضل من مَحْضِ الكرم وأعطاه اللسان الناطق بالحكمة العجيبة ، وأتحَفه بالمواهب الغريبة ولم تزل كراماته الشريفة تُحكى بألسنة الإجلال في محافل أهل الفضل والكمال ، وناهيك منها بمدِّ يَدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لجنابه الكريم في محفلٍ عظيم ولقد سارت بها الركبان وتناقلها أفاضل كل زمان ، ولله دُرَّ سيدنا القطب الأعظم السيد محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالروّاس رضي الله عنه وعنّا به فإنه قال:

أبو العَلَمَينِ بنَ الفواطمِ سيِّدٌ

تواضعَ أقطابُ البريّةِ كلِّها


على كلِّ ساداتِ الرجالِ له اليدُ

إذا قام في دَسْتِ الولايةِ أحمدُ



ورُويَ في الوثيقة الوسطى عن العلاّمة الكبير محمد العاقولي الشافعي قدس سره بيتين يمدح بهما الإمام أبا العلمين رضي الله عنه وعنّا به وهما:

مولاي يا سلطان أمَّ عُبيدةِ

كلٌّ لهُ قَدَمٌ من الأشياخِ في


يا مَن بهِمَّتِهِ يُحَلُّ ويُعْقَدُ

نهجِ الهُدى وسِواكَ ليس له يدُ



وأما أتباعه فقد زادت عن العد وطمّت عن الحدّ ، تخرج به أعاظم الأولياء الأنجاب وانتمى إليه أكابر الأقطاب وتبرّك تشرُّفاٌ بخرقته الطاهرة الأجلاّء الأطايب من علماء المذاهب وما ألطف قول أبي المظفّر الواسطي الشافعي قُدِّس سِرُّه فيه رضي الله عنه ونصه:

حارت بناسوتِكَ الأعلى النواسيتُ

وضِمْنَ عِزِّكَ لمّا قُمتَ ُمنكسِراً


تبارك الله لم تنطق وقد رجفت

وردَّدَت ذِكركَ الأحلى المواقيتُ


بازاتُها لك دانت والفواخيتُ

برحب حضرتك البيضُ المصاليتُ



توفي رضي الله عنه في أم عبيدة بواسط العراق سنة ثمان وسبعين وخمسمائة راضياً مرضياً نائباً نبوياً وقد جدّد الله به أمرَ الدين وأيَّدَ بمنهاجه مذهب أهل الشرع المبين وصان ببركة عزمه وعزيمته في الله عقائد المسلمين وأبرد لأتباعه النيران وأزال لهم فاعلية السموم وألان لهم الحديد وأذلّ لهم السِباعَ والحيّات والأفاعي وأخضع لهم طُغاةَ الجِنِّ وصرفهم في العوالم وأطلعهم على عجائب الأسرار.

وقد تسلسَلَ في بيته المبارك الأكابر من أعاظم الورّاث المحمديين والعلماء العاملين والسادات الوارثين والأفاضل المُرشدين وهذا الفضل لا ينقطع إن شاء الله إلى يوم الدين ببركة جدِّه سيد المرسلين عليه صلوات الله الملك المعين والحمد لله رب العالمين.

وهنا سأتشرف وأقول أنا الفقير إلى الله تعالى محمد أبو الهدى بن السيد أبي البركات حسن وادي آل خزام الصيادي الرفاعي بن السيد علي بن السيد خزام بن السيد علي آل خزام بن الإمام السيد حسين برهان الدين البصري نزيل بني خالد بن السيد عبدالعلاّم بن السيد عبد الله شهاب الدين ابن السيد محمود الصوفي بن السيد محمد برهان بن السيد حسن أبي محمد الغواص دفين دمشق بن السيد الحاج محمد شاه بن السيد محمد خزام بن السيد نورالدين بن السيد عبد الواحد بن السيد محمود الأسمر بن السيد حسين العراقي بن السيد إبراهيم العربي بن السيد محمود بن السيد عبد الرحمن شمس الدين بن السيد عبد الله قاسم نجم الدين بن السيد محمد خزام السليم بن السيد شمس الدين عبد الكريم بن السيد صالح عبد الرزاق بن السيد شمس الدين محمد بن السيد صدر الدين علي بن الشيخ القطب الغوث الإمام السيد عزالدين أحمد الصيادي الرفاعي سبط الحضرة الرفاعية بن السيد ممهد الدولة عبد الرحيم بن السيد سيف الدين عثمان بن السيد حسن بن السيد محمد عسلة بن السيد الحازم علي أبو الفوارس الرفاعي الإشبيلي الذي تقدَّم ذكره العالي بنسب سيدنا الإمام الرفاعي وتقدَّم ذكر نسبه الطاهر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وأم سيدنا السيد عز الدين أحمد الصيادي رضي الله عنه سيدتنا السيدة زينب ذات النور أم الأقطاب بنت الإمام الأكبر السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه ، وأبوه القطب السيد ممهد الدولة عبد الرحيم فأمه السيدة ست النسب أخت سيدنا الإمام الرفاعي لأبويه رضي الله عنهم اجمعين. أذْكُرُ هذا تَحَدُّثاً بنعمة الله والحمد لله رب العالمين.

( ومن الطريقة الرفاعية) القولُ بإجلال الإمام الرفاعي رضي الله عنه على إخوانه الأولياء رجال الخرقة كلهم مع حفظ حقوقهم ومقاديرهم والاعتراف بكونهم إخوانه وكلهم على هُدى ، دوائر مجدهم وسيعة ، ومقاماتهم عالية رفيعة ، والأولياء لبعضهم أكفاء لا نفرق بين أحدٍ منهم رضي الله تعالى عنهم ولا نردُّ على أحد من أتباع رجال الخرقة إذا اعتقد مثل اعتقادنا بإمام طريقته ولم يُفرّط فيهضم مقادير القوم بل ندعو له بالثبات على محبته لشيخه إمام طريقته وهذه القاعدة المتفق عليها في المذاهب والطرائق وكفى بالله ولياً.

(استطرادان) لي ولله الحمد والشكر نسبة من جهة الأمومة تنتهي إلى الباز الأشهب والطراز المُذَهَّب بحر المعارف ، فيّاض العوارف القطب الغوث الجامع الرباني أبي محمد مولاي السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه ونفعنا به آمين وهي من طريق جدِّنا الإمام العارف بالله تعالى السيد محمود بن السيد عبد الرحمن شمس الدين.

فإن أم السيد محمود الشريفة برق بنت السيد الشيخ محمد الحيالي بن السيد أحمد بن السيد علي بن السيد حسين بن السيد محمد بن السيد الشيخ محمد شرشيق بن السيد محمد بن ولي الله العارف بالله السيد الشيخ عبد العزيز دفين جبل الحيال من أعمال الموصل ابن القطب الغوث الفرد الجامع الإمام الكامل معدن الكرامات والفضائل محيي الدين أبي صالح السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني قدَّس الله سره النوراني وأفاض علينا وعلى المحبين من بركاته وجليل نفحاته آمين.

وهو رضي الله عنه ابن موسى أبي صالح جنكي دوست بن عبد الله بن يحيى بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن السيد الجليل موسى الجون بن السيد عبد الله المحض بن السيد الكبير الحسن المثنى بن الإمام علم الإسلام ثاني الأئمة المستغاث بهم في المهمة ذي المجد المُخَلَّد سيدنا الإمام الحسن أبي محمد سبط النبي صلى الله عليه وسلم.

وغير خافٍ أن الإمام الجيلاني قُدِّسَ سِرُّهُ النورانيّ هو من أعاظم الأقطاب الأربعة وهم قد شاعت في القرون الوسطى ولايتهم واستفاضت كراماتهم ومناقبهم وجدَّد الله بهم السُنّة وأفاض بهم على الأُمة مزيد المِنَّة وهم مولانا الإمام السيد أحمد الرفاعي الحسيني ومولانا السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني ومولانا السيد أحمد البدوي الحسيني ومولانا السيد إبراهيم الدسوقي الحسيني رضي الله تعالى عنهم.

فالثلاثة حسينيون والإمام الجيلي حَسَنيّ وكلهم من البيت العامر المحمديّ ولا يُلتفَت لما تكلم به بعض الحُسّاد من ذوي الأغراض في أنساب البعض منهم فإن الحسد أو المُخالفة في المذهب تجر الجسور للكلام الذي لا يُقال فيعثر عثرات لا تُقال ولا بدع فالمُثبتة مُقدَّمة على النافية ومن حفظ حُجَّةً على من لم يحفظ ومع ذلك فنور النبوة ساطعٌ في مظاهر هؤلاء السادات الأربع رضي الله عنهم ونفعنا بهم ورحم الله القائل:

جعلوا لأبناءِ النبيِّ علامةً

نورُ النبوَّةِ في وسيمِ وجوهِهم


إنَّ العلامةَ شأنُ مَن لم يشهرِ

يغني الشريفَ عن الطرازِ الأخضرِ



(قلتُ) هذا القائلُ قابلَ الذي قال حين خُصِّصَت العلامةُ الخضراءُ للسادات والأشراف نفعنا الله بهم.

تيجانُ خُضْرٍ طُرِّزَت مِن سُندُسٍ

الأشرفُ السلطانُ خصَّهُمُ بها


ببراقعٍ هُدِيَت إلى الأشرافِ

شرفاً ليفرقهم عن الأطرافِ



وأعذبُ من القولين قولُ شيخِنا علاّمة الوجود القطب الغوث السيد بهاءالدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالروّاس رضي الله عنه في هذا المقام ونصه:

علاماتُ ساداتِ الرجالِ جلالةٌ

يزيد جمالاً في منصَّةِ مجدِهِ


لمقدارِهم لا لاشتهارِ ذويهِ

إذا لَبِسَ الجحجاحُ ثوبَ أبيهِ



(عودٌ حسن) قد تبيَّن لذي اللب النيِّر والعلم الكريم أن نسبنا من جهة الأمومة ينتهي لمولانا الإمام الكبير الجيلاني عطَّر الله مرقده النوراني فهو من قباب مجدنا ومن أقمار سعدنا وقد يرى الناظر في بعض كتبنا عبارات ترد ما يُنسَب لجنابه العالي من الشطحات فربما يزلق كما زلق بعض الجهلاء لغرضٍ في قلوبهم وحقدٍ في أنفسهم فيظن بوهمه قبل التحقيق وفهم المقصد ما أشاعه أولئك الطغام الذين هم لجهلهم في صنف العوام كالهوام من أننا والعياذ بالله وحاشا لله نحطَّ من رُتبة الإمام الكبير الجيلاني قنديل الكمالات النوراني رضي الله عنه فلذلك أتينا بهذه الكلمات الوجيزة شفقةً على المتصدر في مَنَصَّة الإنصاف والعلم لكيلا يزلق زلق الجاهلين ويخوض مع الخائضين.

فنقول مذهبُنا في طريقنا مذهب الشرع الشريف نردُّ ما ردّه الشرع من قولٍ وفعل ونتحقق من نُقُول الأئمة الأكابر من العلماء والأولياء أن مولانا الإمام الجيلاني رضي الله عنه افتُرِيَ عليه وعُزِّيَ ما لم يصدر منه إليه وهو رضي الله عنه من كُمَّلِ أهلِ التمكين المُتَشرِّعين الناصرين لسُنّة جدِّه سيد المرسَلين صلى الله عليه وسلم.

وقد شهد له بذلك كُمَّلُ الأكابر أهل الباطن والظاهر وناهيك منهم بإمام الرجال وسلطان الأولياء والعارفين الأبطال أبي العَلَمَين وإمام الطائفتين مولانا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه وعنّا به فإنه قل حين ذكر الإمام الجيلاني رضي الله عنه ، هو رجلُ بحرِ الشريعةِ عن يمينه ، وبحرُ الحقيقةِ عن يساره ومن أيهما شاء غرف.

فهل من كان كذلك وهو والله كذلك يُصَدَّقُ عنه أنه يقول ما لا تقبله العقول ولا تؤيده النقول ؟ وهو صاحب العلوم الزاخرة والمعارف الباهرة والأحوال الصالحة والمقامات الراجحة والتعالي في مرتبة الغوثية والتمكُّن في مقام القطبية والشرف الباذخ والقَدَم الراسخ والكمال الشرعيّ النيِّر والطراز المحمديّ المُزهر واللسان العذب والطبع الشريف والطور العالي والكرامات الجليلة التي لا تُعَد والأخلاق الطاهرة المرضية والحقائق العلوية السنية فكل ما يُنسَب لجنابه المبارك من عِلمٍ وعملٍ وحالٍ ومقامٍ صالحٍ شريفٍ عالٍ مباركٍ ، مطابِقٌ للعقلِ والنقل قَلَّ أو جَلّ ، فهو صحيحٌ وهو محل المفاخر وشيخ أهل الباطن والظاهر ولا يجحد ذلك إلا الحاسد المكابر.

وكذلك نقول بإخوانه أولياء الله أجمعين فما يُنقل عنهم من الكمال وشامخ الأقوال والأفعال وجليل الأحوال فكله إن كان مطابقاً للشرع الشريف مرضياً لدى العُقلاء من أهل الحق الذين لا يعتمون عقولهم بالهوى أو يطيشون مكنتها بالغرض ، فهو مقبولٌ مرضيٌ نصدِّقه بكلِّ أجزائنا وإلا فلإثبات منزلة الولاية الحقَّة لأهلها رضي الله عنهم ، نرُدُّ ما لم يقبله الشرعُ الشريف والعقلُ السليم ونعتقد أنه موضوع ، وضعه عليهم الكذّابون ونسبه إليهم ظُلماً الجاهلون وما الله بغافلٍ عما يعمل الظالمون.

وفي هذا المقام ففي ما أوضحناه كفاية والله ولي الأمر على أن الزنادقة وأهل الأغراض وضعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث ، فمنهم من وضع انتصاراً لمذهبه ومنهم من وضع مداهنةً لبعض الأمراء ، ومنهم من وضع ليكتسب بذلك من أوساخ الدنيا والعياذ بالله ، والأمر معروفٌ عند أهل الحديث في القديم والحديث والله مع الحق وهو الناصر للحق وكفى به ولياً ونصيرا.

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 12, 2012 7:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
(خاتمة) نسأل الله تعالى لنا وللمسلمين حُسن الخاتمة ، قال سيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنّا به : سكوتك عن ذكر نعم الله استقلالاً لها نوع من الجحود ، وصعودك بذكر النعمة عن رتبتها الحَقّة زلقٌ عن الحدود ، فاشكر إذا ذكرت ولا تزلق إذا شكرت.

(قلت) واتباعاً لهذا النص الجليل أقول قد امتنَّ الله عليَّ وله الفضل بالإندراج بسلك مولانا وسيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي وانتظمتُ بصفِّ خُدَّامِهِ وعبيد بابه وتشرفتُ بسلوك طريقته التي هي منبر الكمال ومحراب قلوب خُلَّص الرجال ومنهاج أهل المقامات الرفيعة والأحوال ، فأول يد بايعتُها وأعطيتُها يدي في هذه الطريقة العليَّة والمحجَّة المرضيَّة هي يد سيدي ووالدي وقُرَّة عيني وملاذي وأستاذي العارف الكبير صاحب القلب المنير وليّ الله تعالى وادي المكارم أبي البركات السيد الشيخ حسن آل خزام الصيادي الرفاعي عطَّر اللهُ مرقده ونوَّر ضريحه ونفعني وأولادي وأخي وأقاربي ومن تحويه شفقة قلبي ببركاته وأعاد علينا من شريف نفحاته آمين.

والثاني فهو شيخي وابن عَمِّي وبركتي ونظام انشراح روحي العارف الواصل والولي الأصيل الكامل أبو المفاخر السيد علي بن السيد خير الله الصيادي الرفاعي الحسيني شيخ المشايخ بحلب الشهباء نوَّر الله مرقده وأطلع في سموات المجد فرقده آمين ، فإني بأمر من والدي قدَّس الله روحه تبركتُ وتنوَّرتُ بأخذ الطريقة تأكيداً منه ورويتُ سندَها عنه.

والثالث فهو شيخ الوقت والزمان غوث العصر والأوان إمام أهل العلوم والعرفان وأحد أرباب الكمال الروحاني سيد أصحاب المواجيد العالية والمعاني ، كعبة المعارف ، سلطان الأولياء أولي العوارف خاتمة الصدِّيقين ، نشطة أرواح أهل الصدق واليقين ، قُرَّة عيني وتاج رأسي وإمامي وأستاذي وفخري وعياذي ورُكن اعتمادي ومحلّ اعتقادي سيدي السيد بهاء الدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الحسيني الحسني الشهير بالرواس رضي الله عنه وعنهم أجمعين.

فهو والحمد لله تعالى صار لي شيخ الفطام وباب الترقي في كل حال ومقام ، أعزني الله بعلومه ونوَّرَني بإرشاداته وفهومه وجعلني خادماً لجنابه في مرتبته قائماً بإحياء مناهجه وجلائل طريقته ونشر كلمته وإعلاء سُنَّته ، وإنه لناصر السُنّة المحمدية وبركة الحقيقة الرفاعية الأحمدية ، وواحد الزمان بلا نزاع وشيخ العرفان المحمدي المُنَزَّه عن لوث الابتداع ، وسلطان العارفين دون مدافع والغوث المتحلِّي بالختمية من غير نِدٍّ في العصر ولا منازع ، وقد انطوت في قلبي والحمد لله مناشير إشاراته ونُشرت على رأسي بالإفتخار ألوية بشاراته حتى قلتُ افتخاراً بجنابه مبتهجاً بخدمة أعتابه.

مِن نورِ وجهِكَ ضاء لي نِبراسُ

وغدوتُ رأساً لا أهابُ مُنازِعاً


وتعطَّرَت من نفسيَ الأنفاسُ

لِمَ لا وشيخي السيدُ الروَّاسُ



ورأيت مرةً سيدتنا فاطمة الزهراء النبوية عليها الرضوان والسلام والتحية فقالت يا ولدي يا أبا الهدى أنا والله من الأول كنتُ أحبك لكن بعد أن انتسبتَ إلى ولدي السيد محمد مهدي الرواس صرتُ أحبك أكثر وأكثر لأنه شيخ أهل بيتي اليوم وصاحب العلم الطويل السيد محمد مهدي محبوبي ومحبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورأيتُ مرةً أخرى سيدنا أبا بكر الصديق وسيدنا عمر الفاروق رضي الله عنهما كأنهما يمشيان في الجامع الكبير بحلب فتقدمتُ وقبلتُ يدَ كل منهما فقال لي سيدنا عمر رضي الله عنه مازلتَ تأخذُ مكاتيب من شيخك السيد محمد مهدي الرفاعي ، فقلتُ يا سيدي هو قد توفي فتبسم لي رضي الله عنه ووضع يده الشريفة على ظهري وقال السيد محمد مهدي من الذين لا يموتون ، هذا عينُ الأولياء وسيد أهل البيت اليوم ، هنيئاً لك به .
ورأيتُ مرةً سيدنا علي المرتضى الكَرَّار رضوان الله وسلامه عليه فقال لي افتح فمك ففتحتُ فمي فنفخ فيه وقال يا ولدي أنت سعيدٌ مبارك ولكني أوصيك بمحبة شيخِك السيد محمد مهدي آل خزام فهو نورُ العارفين وواحد أولادي اليوم لا تغفل عن محبته وملاحظة طالِعِهِ والسلام عليكم . انتهى.

وقد جعلتُ هذه البشارات خاتمة لكتابي هذا وبالله التوفيق.
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين . آمين.


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 14, 2012 7:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذا كتاب فذلكة الحقيقة في أحكام الطريقة لسيدي العارف بالله تعالى السيد محمد مهدي الحسني الحسيني المعروف بالرواس رضي الله تعالى عنه .

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف رضي الله تعالى عنه



الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات من الأعمال ، والصلاة والسلام علي زعيم الرسالة وشمس النبوة الساطع في سماء الجلالة مع دور الأعصار والأجيال ( محمد ) المخلوقات و ( أحمد ) الكائنات وعله الموجودات وسيد السادات نبينا ورسولنا وشفيعنا وسيدنا ومولانا الحبيب الغيور الذي أخرج الله به الأمة من الظلمات إلى النور صلي الله عليه وعلي آله الهداة المرضيين و أصحابه الكرام أكابر الدين وعلي التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين آمين .

( أما بعد ) فيقول العبد الفقير إلى الله تعالي ( محمد مهدي ) المنعوت في الحضرة بغريب الغرباء الملقب ببهاء الدين والمكنى بأبي البراهين آل خزام الصيادي الرفاعي الحسيني غفر الله له ولوالديه وللمسلمين وأغاثهم جميعا بنفحات عنايته التى امتن بها علي خواص عباده في العالمين آمين .

هذه رسالة جليلة ووثيقة جميلة سميتها ( فذلكة الحقيقة في أحكام الطريقة ) تشتمل على ثلاثة عشر وثلاثمائة مادة لتكون علي عدد ساداتنا المرسلين عليهم صلوات الملك المعين هى طريقي الناجح ومنهاجي الصالح أطالب فيها كل من ينتمي إلى ويعول في طريق الله علي وقد ألزمت بها نوابي وخلص أحبابي ليكون على منوالها سيرهم في الطريق ، وبمقتضاها ذهابهم في هذا المنهاج الوثيق والله ولي التوفيق وهو سبحانه الهادي إلى سواء الطريق .


المادة – 1 : الأخذ في المعتقدات بما أخذ به السلف الصالح من أهل السنة والجماعة الذين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثلوا أوامر الله جلت قدرته ووافقوا السواد الأعظم من أئمة الدين عليهم رضوان رب العالمين فاقتدوا بإمام من الأربعة الأعلام الذين جمع الله تعالي عليهم كلمة الأمة وقلدوا بكل أعمالهم المعصوم الأعظم صلى الله عليه وسلم واتخذوا الإمام قدوة في إرائة طريق الشرع كالذي يدل الرجل علي الهلال بإشارات وعلامات حتى إذا رأى الهلال اكتفي برؤيته عن عين غيره ، والإمام أعلم من المقتدي بدقائق الشرع وعلوم الصحابة ورواياتهم وإحكام اتفاقهم واختلافهم ، وأوثق في علم الترجيح لإحاطته أكثر ممن دونه وكل نص فرعي جاء في المذاهب أخذ به المتأخرون ووضعوا لمعناه إسمًا فهو مستند إلى أصل صحيح من عمل النبي صلى الله عليه وسلم أو قوله العالي أو إلى عمل أخذ به الآل والأصحاب ينشق عن وجه يؤول إلى الآمر المطاع عليه الصلاة والسلام فاتبع أيها المحب سبيلاً المؤمنين ولا تزلق مع الهالكين وكن مع الصادقين والله وليك والسلام .

المادة – 2: شدة المحبة لحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة خالصة ثابتة بحيث يكون عند المؤمن أحب إليه من نفسه وأمه وأبيه والناس أجمعين يعظم قدره وينصر أمره ويتبعه في سنته ويخدمه في شريعته ويفرغ أخلاقه الكريمة في الأمة ولا ينقض له عهداً ولا يتجاوز له حداً وينتهض لإعلاء كلمته التي جاء بها موافقاً في ذلك السلف الصالح من الأمة لا محدثاً في دين الله ولا عادياً علي أمر الله ولا منتقصاً لأحباب الله ولا غالياً ولا عالياً ناهجاً في منهاجه الطريقة الوسطى واقفاً كله لمرضاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم غير فظ ولا غليظ القلب يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة كثير الذكر لله كثير الصلاة والسلام علي رسول الله صلى الله عليه وسلم محباً لآله الكرام وأصحابه الأعلام طارحاً الشقائق التي تأخذ بقلوب الأمة إلى التفرقة واقفاً بكمال الأدب في أحواله وأقواله مع جماهير السلف من الآل والصحابة والعلماء أئمة الدين والأولياء العارفين كل ذلك حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإعظاماً لشأنه وانتهاضاً بخدمته وخدمة دينه وأمته ودوام كلمته والله المعين.

المادة- 3 : دوام الحضور : وهو تمزيق حجاب الغفلة التي تضرب على القلب وسبب ذلك حب الدنيا والانهماك كل الانهماك بها والميل الشديد لعلائقها ، والعقل النير يضرب عنها صفحاً ولا يهملها البتة في ظاهر الأمر ، بل إذا كان من أهل التمكين الكامل يسعى بإعمار أمر الأمة فيها ولا يعبأ بشأن نفسه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قام بأمر الأمة قيام من لا يموت وبأمر نفسه قيام من يظن أنه يلاقي الله في طرفة العين وهذه الهمة على هذا الوجه تطلب من المحمديين الذين أفاض الله عليهم فيض رسوله صلى الله عليه وسلم فهم نوابه ووراثه ، ولا بأس أن يعلي المرء شأن أهله وعياله ومن تجب عليه نفقته ويدخر لهم من المال الحلال الصالح ما يغنيهم عن الناس ، بل ذلك من واجبات الشرع ، ولكن عليه أن لا يفارق في ذلك طريق الشرع ولو مقدار شعرة ، وأن لا يغفل ، وعدم الغفلة لا يكون إلا بذكر هادم اللذات أعنى الموت ، وقد قال الهادي الأعظم صلى الله عليه وسلم : " كفي بالموت واعظاً يا عمر " فإذا أكثر المرء من ذكر الموت مزق حجاب الغفلة ومتى انتفت الغفلة صح الحضور وكفي بالله ولياً .

المادة –4 : صفاء النية التي هي روح الأعمال كلها ، قال عليه الصلاة والسلام : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء ما نوى " الحديث ، ومن هذا النص العالي تفهم أن النية إذا فسدت لا يصح العمل مطلقاً ، ويقول بعض أرباب القلوب : أصلح النية ونم في البرية يعنى بين السباع والوحوش وطراق البر من قطاع الطرق واللصوص ولا تخف بإذن الله تعالى .

المادة – 5 : التفقه في الدين ، وهو ينقسم إلى قسمين : الأول : تعلم العبادات والمعاملات ، والثاني : تعليمه للناس ، يدلك على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا حسد إلا في اثنتين ، رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " ، وقال عليه الصلاة والسلام : " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم والله يعطي " ، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم يستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر " ، فمن هذا النص علمنا أن الفقه والحكمة وجميع علوم الأنبياء هي ميراثهم الذي بقي للامة واختص به العلماء ولذلك قيل فيهم ورثة الأنبياء وعليهم أن ينشروا ميراث النبي صلى الله عليه وسلم في أمته ليهتدي النادي بهديه عليه الصلاة والسلام ، فالذي يتعلم العلم لله ويعلمه لله هو الفقيه ، والمطلوب من كل من يسلك الطريق إلى الله تعالي على منهاجنا المبارك أن يتفقه في الدين ليعرف كيف يعامل الله في أعماله التي تؤول إلى الله وليأخذ الفقه في الدين عن علماء مذهبه الذي انتمي إليه من المذاهب الأربعة المتبعة التى جمع الله عليها كلمة المسلمين أعنى مذهب الإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أبى حنيفة والإمام أحمد رضي الله تعالي عنهم أجمعين ، وهذا ما يجب على العامة، وأما الخاصة أعنى العلماء فيجب عليهم تعليم إخوانهم المسلمين ما علمهم الله تعالي من علم الدين والعاقبة للمتقين .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 15, 2012 3:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة – 6 : التباعد عن البدع القولية والفعلية التي تزلق عن طريق السلامة والعياذ بالله ، كالقول بالحلول والاتحاد ، وكالعلو في الأرض والفساد وكالتلفيق في الأعمال ، كما يفعله أهل الانتحال وكمخالفة المذاهب الأربعة المتبعة والانزلاق إلى الأخذ بالكتاب والسنة بدون موافقة أحد الأئمة الأربعة بزعم العمل بالسنة فإن ذلك من أهم البدع السيئة لتضمنه هدم جدار الإجماع وتكذيب سلف الأمة بلا علم ولا هدي ولا كتاب منير والانحراف عن طريق الجماعة والسواد الأعظم الذي من شذ عنه شد في النار وكشق العصا ، واتباع الهوى ، وإضرار المسلمين في أموالهم ودينهم ، ومروءتهم ، وكإبطال الحق ، واثبات الباطل ، وكسب السلف من الصحابة والعلماء والأولياء وكالتبجح بالاعتراض علي أحكام الدين المبين بالطيش والجهل والفهم السقيم ، وكتحريف حكم وإحداث ما لم يرضه الشرع ويؤيده عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل آله وأصحابه الكرام رضي الله تعالي عنهم وكالدعوى العريضة والشطح المتجاوزين حد التحدث بالنعمة وكتفضيل الأنبياء والأولياء علي بعضهم بغير وجه صحيح يؤيده الحكم وكرد النصيحة واحتقار الصالحين والمساكين وحب الأغنياء والمتكبرين والتقرب من أهل الزيغ والبدعة والإلحاد وكصحبة الكاذبين وترك الصادقين ، فالتباعد عن البدع القولية والفعلية التي تماثل ما ذكرناه دأب الصالحين ومنهج العارفين والله خير الناصرين .

المادة – 7 : رد الأمور إلى الله تعالى توكلاً عليه ، وحد ذلك إسقاط الاعتماد على الأسباب مع الأخذ بها من مضمون كلام سيدنا الصديق الأكبر رضي الله تعالي عنه : ( ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله قبله ) .

المادة – 8 : الأدب في كل قول وفعل ، فإن الأدب من الحياء والحياء من الإيمان ، وفي الأدب التخلق بخلق النبي صلى الله عليه وسلم وهو أرواحنا لغبار قدميه الكريمين الفداء قال : ( أدبنى ربي فأحسن تأديبي ) .

المادة – 9 : الصدق : وهو ضد الكذب ، ومن الصدق الاندماج في الصادقين وفي ذلك امتثال أمر الله ، قال سبحانه : ( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) .

المادة – 10 : الوفاء بالعهد وذلك من المروءة وهي من الإيمان ، وفي الخبر ( لا دين لمن لا وفاء له ) .

المادة – 11 : الأمانة : وهي ضد الخيانة ، وفي الخبر لا دين لمن لا أمانة له ، وفي الخبر أيضاً كل خلة يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب .

المادة –12: التمسك بالسنة وخذل البدعة ، قال صلى الله عليه وسلم " من تمسك بسنتي عند فساد أمتى فله أجر مائة شهيد " ، وقال صلى الله عليه وسلم " من أهان صحب بدعة آمنة الله يوم الفزع الأكبر " .

المادة- 13 : الانضمام للذاكرين الصالحين الذين يذكرون الله ويذكرون به ، ومباعدة الغافلين وطرح أقوالهم ، قال تعالى : ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) أى ضائعاً .

المادة –14 : تذكير المرء بأيام الله ليكون المرء واعظاً لنفسه ثم لغيره وإلا فيقال فيه : ( طبيب يداوي الناس وهو عليل ) .

المادة –15 : محاسبة النفس على كل نفس ، ولا يصح للمرء هذه الرتبة حتى يقف بكله من طريق فهمه تحت لواء قوله تعالي : ( إن الله كان عليكم رقيبا ) .

المادة –16 : الاهتمام بأدب اللسان فلا ينطقه إلا بما يرضي الله تعالي .

المادة – 17 : القيام بأدب النظر ، فلا يصرفه للمستعارات الفانيات ولا يبعث منه لحظة خائنة ، قال تعالي : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) .

المادة –18 : صون السمع عن كل ما نهى الشرع عنه كالغيبة وقول الهجر والفحش والكذب وبواعث البطالة من الملاهي وغيرها تحققاً وتخلقاً والعون من الله .

المادة – 19: الاعتياد على تلاوة شيء من كتاب الله تعالى كل يوم قل أو كثر مع التدبر ، فإن كان المريد أمياً اكتفي بتلاوة الفاتحة ، وإن شاء ألحق بها سورة الإخلاص والمعوذتين فإن القرآن كله نور .

المادة –20: كمال الأدب حالة ذكر الله تعالي سواء كان ذلك مع الإخوان أو بالانفراد فإن طريقنا يشمل الذكرين الجلي والخفي ، أما الجلي فمع الإخوان في حلق الأذكار ، وأما الخفي فهو ورد المرء يخلو به مع الله تعالي ، ولا ينفع كلاهما بغير الأدب الصحيح وهو صحة الحضور مع المذكور ليذكره الذاكر معتبراً بآياته معظماً لجلال سلطانه ألا إلى الله تصير الأمور .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أغسطس 18, 2012 10:32 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة –21: الأدب الأعظم حالة تلاوة الصلاة والسلام علي النبي صلى الله عليه وسلم ليكون المصلي عليه كأنما يصلي عليه وهو بين يديه عارفاً ما أمكنه بجليل قدره وعظمة شأنه وأنه الرحمة للعالمين والإمام لجميع المرسلين والباب لوصلة المتقين والشفيع للمذنبين عليه أفضل صلوات الباري المعين .

المادة –22: إعظام شأن النبوة والرسالة وفي ذلك إعظام ساداتنا النبيين والمرسلين وإجلال شريف مقاديرهم وحد ذلك تفخيم مراتبهم فوق المخلوقين جميعاً وتفخيم مرتبة خاتمهم الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم فوق مراتبهم والقول بأنهم كلهم عبيد الله تعالى اختارهم واصطفاهم وله الإرادة المطلقة ( ألا له الخلق والأمر ) فإعظامهم من إعظام الله ولا إله إلا الله .

المادة –23 : احترام الأولياء والصالحين والعلماء العاملين لأنهم ورثة الأنبياء على الحقيقة وإجلال شأنهم أحياء كانوا أو أمواتاً ، رأى الفقيه البجلي الكبير طاب ثراه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : عظني يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : وقوفك بين يدي ولي لله كحلب شاة أو كشى بيضة خير لك من أن تعبد الله حتى تتقطع إرباً إرباً ، قال حياً كان أو ميتاً يا رسول الله ، قال حياً كان أو ميتاً ، قلت وكفاك نص الكتاب المكنون ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون َ) ، والولاية اختصاص بالرحمة من الرحيم المنعم الكريم ليست بمقيدة بحياة أو موت بل لما كانت من الرحمة ، ففي حالة الموت هى أعم وأليق ولذلك فالرحمة الإلهية تشمل قصاد الأموات من الأولياء والنادبين لهم والمستنصرين بهم اللاجئين إليهم رضوان الله عليهم ، وضربة لازب على من استمد من أرواح ساداتنا الأنبياء والأولياء والصالحين أن لا يشهد لهم فعلاً في الكون ولو مقدار ذرة استبداداً من عند أنفسهم بل يعلم العلم اليقين أن العون الإلهى قد خصهم بالقبول فحمى حماهم وصان من ناداهم ورحم من والاهم ، وأعطاهم حتى أرضاهم ، فكما يجب النظر بتجريدهم عن الفعل استبداداً يجب إعظامهم وعدم إهمال منزلتهم ، فهم شهداء المحبة ، وفرسان حضرات القرب وسادات كتائب القبول ( لهم ما يشاءون عن ربهم ) فمن وادهم واد الله ومن حادهم حاد الله أولئك حزب الله إلا إن حزب الله هم الغالبون ، إلا أن حزب الله هم المفلحون ، ولا يغرنك زعوم الكاذبين وعبيد الدرهم والدينار من المدخلين فتظن أن حالهم من حال القوم فتنتقد بغير حق وتعتقد بغير حق ، فإن الاختصاص يفرغ في العبد حالاً صحيحاً ، وزهداً مليحاً ، وتقوم له العناية فتعليه ، وتنهض به الصيانة الربانية فتواليه فيسمو بمحض العون الرباني ، لا بالدرهم ولا بالدينار ولا بشقاشق الأقوال ، ولا بزوالق الأحوال ، وعكسه الكاذب جداره وأساسه وسقفه خرب في خرب في خرب وقد يلبس الكاذب لباس الصادق وما هو هو ، فما كل من نط عرج ، ولا كل من طقطق حلج ، فدقق العبرة ، وحدق النظرة وقف من الحق، والله عون المحق ، واحترم مشاهد الأولياء أهل الحضرة ، ولا يزلقنك قول من لم يعلم دقائق الشرع وأسرار الأحكام ، فيقيس السراب على الشراب ، والسقف علي الباب ، واعلم أن حرمة مشاهد الأولياء من التعظيم للسر الإلهى الذي اختصوا به ، فمشاهدهم لا شك مهابط الرحمات الإلهية ، وجواذب النفحات الربانية تترقب فيها نفحات الرحمن ، فكرمهم واحترامهم وعظمهم وقف بهم عند الحدود ، لا تعلو بهم ولا تغلو ، ولا تسفل بهم ولا تهمل ، فكلا الطريقين سم قاتل ، سلم إذا زرتهم عليهم وسق قفول القلوب إليهم وسل الله الخير والعفو والعافية ببركة محبته لهم ، وول وجهك عن الشطاحين الذين يتجاوزون حد التحدث بالنعمة وكرم كل القوم وافرد بالإعظام شيخك وأمام طريقك ، وكن شرعياً نقياً ، وتوله بأهل الحق ولهاً يشغل قلبك بهم لتكون من حزبهم ولتسير في ركبهم مع قوافل الآمنين ( اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) .

الماده – 24 : الشفقة على خلق الله وتلك الشفقة مطلقة تشمل الناس كلهم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وتشتمل الذرات والمغيبات والبارزات العلويات والسفليات ، وفي حكم تلك الشفقة مراتب يقدم فيها الأولى فالأولى فكن حاذقاً بإنزال صنوف المخلوقين في مرتبة الشفقة كل صنف فيما أوجبه الله له ولا تمهل حكم الشفقة المطلقة ليكون لك الحظ الأوفر من التخلق بأخلاق الله ولتقوم بذلك بمزية الامتثال لأمر رسول الله عليه أجل صلوات الله وتسليمات الله ، فقد قال وهو بعد رب العالمين أصدق القائلين :(( تخلقوا بأخلاق الله )) فقم بهذا السر النير بإمكانك وفيما يساعدك فيه حكم وقتك وزمانك والأمر لله وحسبنا الله .

المادة – 25 : النصيحة : وهي إرادة الخير لمن تبذل له وانما هي لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم وبهذا جاء الحديث الصحيح ، فانصيحة لله صدق الإيمان به وتنزيهه عن سمات الحدوث ، والنصيحة لكتاب الله الايمان به بأنه من عند الله أنزله على حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا مع العمل به فى الحالين الأمر والنهي ، والنصيحة للرسول الله صلي الله عليه وسلم الإيمان به وإجلال مقامه والقيام بإمتثال أوامره ونصرة شريعته والعمل بها وإفراغ أخلاقه في الأمة والغيرة له بدوام كلمته العالية في الأرض والتعظيم للآله وأصحابه ووراثه جيلاً بعد جيل إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ، والنصيحة لأئمة المسلمين صونهم والانتصار لهم وإفراغ حال النبي فيهم وتقريب أهل الصدق والحق منهم وإبعاد أهل الخيانة والكذب عنهم ، وإلزامهم باتباع السلف من صالحي الأمة عليهم رضوان الله أجمعين وإرادة الخير لهم فى دينهم وأنفسهم وما يؤول إليهم ، والنصيحة لعامة المسلمين حسن الدلالة لهم على ما أمر الله به ونهى عنه وإيقافهم عند حدود الله وتعليمهم دين الله وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلزامهم بصحبة الصالحين والبعد عن الزائغين والملحدين والمفسدين في الدين والمضرين للمسلمين والبغاة والفاجرين والعصاة المتجاهرين وإن الله لمع المحسنين .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 19, 2012 2:33 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة- 26 : الصبر فى دين الله لاجل الله ولباب ذلك ما نص عليه إمامنا في طريقنا سيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به وهو : الصبر على المفقود والرضا بالموجود والوفاء بالعهود والوقوف عند الحدود.

المادة –27 : الزهد وما هو لبس الخشن وأكل الخشن وإنما هو إخلاء القلب من محبة الدنيا وإملاؤه بمحبة الله تعالى وما يؤول إليه ، ومع هذا الخلق فسقوط الدنيا بحذافيرها من طريق حل في يد العبد لا يضره في مقام زهده ويقال :

كم من فتى لابس للخيش تحسبه

ناج وذلك عند العارفين شقي


وكم فتى يلبس الديباج أشغله

حب الذي خلق الإنسان من علق



ولهذا السر ورد (( إن الله لا ينظر إلي صوركم ولا إلي ثيابكم ولكن ينظر إلي قلوبكم التي في صدوركم )) .

المادة – 28 : صحة المودة للإخوان في مقامي التعميم والتخصيص ، ففي مقام التعميم لكل مؤمن وفي مقام التخصيص لكل من كان أخاً لك في طريقتنا ، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، فهذه الماخآه من مقام التخصيص ، وقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) من مقام التعميم ، فأعط المقامين الحقين والله وليك .

المادة- 29 : الترفع عن الأذى لكل ذرة قلت أو جلت ، وقد قيل : البر لا يؤذي الذر ، فإن النفس الميالة للإيذاء هي وعاء شر ، وإن النفس الميالة للإحسان هي وعاء خير ، وإن العون الإلهي محيط بأهل الخير وإن الله لمع المحسنين .

المادة – 30 : لين الكلمة ولو للفظ الغليظ والخبل الجاني ، فقد أمر بذلك موسى وهارون عليهما السلام في خطابهما لفرعون ( وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) .

المادة – 31 : عدم الانحراف بلين القول ولطف الملايمة عن الحق ، قال الله تعالى لنبيه : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ) .

المادة – 32 : البشر والبشاشة وترك العبوسة تجاه كل أحد فإن ذلك من خلق النبى صلى الله عليه وسلم .

المادة –33 : التواضع لله ثم لخلق الله لأجل الله وفي الخبر " من تواضع لله رفعه الله " .

المادة-34 : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولتكن أيها المحب في الحالين حكيماً وفي البلاغين حليماً وفي الطورين عظيماً .

المادة –35 : السخاء وحده أن لا يصل إلى درجة التبذير ولا يتجاوز الإمكان وهذا هو المنصوص ، فلا تبسطها كل البسط ولا تجعلها مغلولة إلى عنقك وتدبر الآية الكريمة الناطقة بهذا والله وليك .

المادة –36 : التعاون على البر والتقوى وتركه في الإثم والعدوان ، قال تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) .

المادة – 37 : أن تحب من الخير الديني والدنيوي لأخيك ما تحب لنفسك وبمثل هذا أخبرنا حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

المادة-38 : رعاية حال الباطن فوق رعاية حال الظاهر وذلك أن تبذل قصارى جهدك بتنقية القلب من الحقد على الناس والحسد لأحد منهم وإرادة السوء لهم وأن تعمل بدفع كل كمين سيء في القلب وتتخذ مكانه ضده من الحسن وتستعين على العمل بذلك فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله .

المادة – 39 : الإحسان لمن أساء والعفو عمن ظلم ، هذا مع القدرة عليه فإن ذلك من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وبمثل ذلك جاءنا عنه الخبر وثبت الأثر.

المادة –40 : الرحمة بكل ذي روح وإفراغ آثار الرحمة في طبقات ذوات الأرواح بما تمكنك منه قدرتك ويساعدك فيه حظك الذي وهب لك كل على ما شرع الله له وأوجبه .

المادة – 41 : إقامتك الغريب والقريب في الحق سواء لتكون متصفاً بالعدل الذي هو ضد الظلم وحينئذ تكتب في ديوان أهل الحق من أهل الحق .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 20, 2012 3:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة - 42 : انتصافك من نفسك قبل غيرك في كل قول وعمل يتعدى إلى الغير .

المادة – 43 : سوق إخوانك للعمل والعلم والصناعة فلا يكون أحد منهم كلاً على أحد وفي ذلك نصيب عظيم من علو الهمة وعلو الهمة من الإيمان .

المادة – 44 : احتقار السؤال لا احتقار السائل ، فإن احتقار السائل انحطاط عن الشفقة وزلوق عن حكم قوله تعالى : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) وإذا هززته للعمل والقناعة فلتكن في ذلك صحيح النية لين الكلمة وينبغي أن تخفي ذلك عن غير من نصحت .

المادة – 45 : موالاة من والى الله ومعاداة من عادى الله والقيام في الأمرين لله فلا يدخل حظ النفس في البين طرفة عين .

المادة – 46 : جمع القلوب على الله بما لا يسئم ولا ينفر والتوسط في القول والعمل حالة السير بجمع القلوب ليكون النهج محمدياً والسير مرضياً وكفى بالله ولياً .

المادة – 47 : التباعد كل التباعد عن كل ما يوجب التفرقة في المسلمين من قول وفعل امتثالاً لقوله تعـالى : (وَلَا تَفَرَّقُوا) وحـذراً مــن قوله تعالـى : (فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) .

المادة – 48 : غض الطرف عن الأطماع التي تشغل الخاطر ولا تلايم الشرع والوقوف بغير بطالة وعطالة تحت راية قولة تعالى : (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) .

المادة – 49 : الطاعة لمن يوليهم الله أمر المسلمين بالحق عملاً بقوله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) ، ومن ذلك امتثال أوامر العلماء والمرشدين الذين يهدون إلى الله بهدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أذ هو المتبع في الأقوال والأعمال .

المادة – 50 : عدم فوت الفرصة بالانتصار إلى الله تعالى بتأييد أمر دينه في ملكه طمعاً بحظ قوله تعالى : (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) .

المادة – 51 : تقديم المسنونات على العادات والعمل بالأوامر تعبداً وإن كانت حكمها ظاهرة البرهان جلية النفع غير أن الحكمة الشرعية مع وضوحها لا يعمل لها بل العمل لله تعالى ليخلص العمل ، قال تعالى : ( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) .

المادة –52 : التجرد من مقام الإخلاص عن طلب نتيجة تحدث عنه ، ففي الخبر من أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه وجرت على لسانه ومن أخلص لتتفجر لم تتفجر .

المادة – 53 : وحدة القلب لله تعالى في الكثرة عكس من يكون حاله الكثرة في الوحدة ومتى تم هذا المقام للعبد الموفق يتساوى له الأمر فى الكثرة والوحدة .

المادة – 54 : صحيح التسليم لله تعالى في كل حال ومقال ، وهذا ينتج الرضا عن الله وهناك لا يريد العبد إلا ما يريده له ربه ونور ذلك أن يقف قلباً في هذه البحبوحة المباركة مع استكشاف أسرار القدر بالعمل والسعي الصالح فلا يهدم للحكمة الشرعية جدراراً ولا يطمس للتسليم الحق مناراً وهناك لا يكون فى حاله من البطالين الذين طمهم الكسل ولا ممن عمهم الفشل وليفطن لقوله تعالى : ( خذوا حذركم ) ، وغير هذه الآية من النصوص الفرقانية التي توضح هذه الحكمة المحمدية .

المادة –55 : طرح ثوب الشهرة وما يشاكله من موجبات السمعة تخلقاً بالأدب المحمدي والطور المصطفوي .

المادة – 56 : عدم التلصص في الحق قال تعالى (وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ).

المادة – 57 : السكوت فيما لا يبلغه الإمكان فإن ذلك من آداب السنة السنية ومن خلال حكماء الآل الكرام على جدهم وعليهم الصلاة والسلام .

المادة – 58 : صرف الهمة لإصلاح عقائد الأمة بإقامة البراهين النظرية ، وجلي الدلائل النقلية ، وبهذا يأخذ من لم يعلم من الإخوان عمن يعلم والعون من الله .

المادة – 59 : صرف النظر عن حصول الكرامات في الطريق فإن الأولياء يستترون من الكرامات كما تستتر المرأة من دم الحيض .

المادة –60 : التباعد عن القيل والقال وكثرة السؤال والتختل والاحتيال فكل ذلك مناف لآداب الرجال أرباب المقامات والأحوال .

المادة – 61 : حفظ المجالس فإنها بالأمانات ، وإن أقبح الناس من يخون أمانة المجلس .

المادة – 62 : طهارة المجلس من اللغو الباطل والغيبة والنميمة والحيلة والدسيسة حتى يكون مجلس خدام القوم مجلس أدب وعلم وحكمة تقود إلى العمل الصالح والكلم الطيب .

المادة – 63 : ترويح القلوب تارة فتارة بالمباحات والسماع الصالح المشتمل على ذكر الله والثناء عليه ، وعلى مدائح النبى صلى الله عليه وسلم وعلى ذكر آله وأصحابه ووراثه من الأولياء العلماء بخير وعلى حكمة صالحة ونكتة شريفة وكلمة طيبة ولا ينتقد المباح من له أدنى شمة من علم الشرع فاعمل بذلك أيها المحب وصن مجلسك من فترات الأقوال ولغط الألسن بما لا يعني والله ولي التوفيق .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


آخر تعديل بواسطة محب الدين الصوفى في الاثنين أغسطس 20, 2012 10:29 pm، عدل 1 مرة

أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 20, 2012 5:17 pm 
متصل

اشترك في: الاثنين أكتوبر 31, 2011 9:05 pm
مشاركات: 16605
مدد ياسيدنا يارفاعى مدد

اخى الفاضل محب الدين الصوفى بارك الله فيك وزادك علما وحكمة

رجاء بسيط اخى الفاضل لو سمحتم لى اخى الفاضل زيادة حجم الخط وجزاكم الله ورسوله صلى الله عليه واله وسلم من فضله........معزرة اخى العتب على النضارة

_________________
ومَـن تَكُـن برسـولِ اللهِ نُصرَتُـهُ *** اِن تَلْقَـهُ الأُسْـدُ فــي آجامِـهَـا تَـجِـمِ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة أغسطس 24, 2012 7:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة –64: عدم التقيد بالطعام والشراب واللباس كي لا يكون الرجل حلس عادته ، فإن من يكون حلس عادته لا يجيء منه شيء ، وقد جاء في الخبر الأصدق (( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم )) وفي خبر شريف آخر (( إن الله يحب كل متبذل لا يبالي ما لبس )) .

المادة –65: الالتصاق بالعالم الصالح والفرار من ذي علم مذق اللسان يطير مع هواه يزيغ وهو يزعم أنه على شيء ، ولك أيها المحب أقول :

تمسك بذي علم منير على هدى

فأهل الهدى مثل النجوم الزواهر


وإن أخا علم به الزيغ كامن

أضر على الإسلام من ألف كافر



المادة –66 : محبة الصالحين وكراهة العاصين وما ألطف قول سيدنا الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه :

أحب الصالحين ولست منهم

وأرجو أن أنال بهم شفاعة


وأكره من بضاعته المعاصي

وإن كنا سواء في البضاعة



هذا وهو من سادات الصديقين في زمانه فتعلم هذا الخلق ينفعك الله تعالى به إن شاء الله .

المادة- 67 : العفو عن المسيء من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأجله عليه الصلاة والسلام ويحسن هنا أيضاً ذكر ما قاله الإمام الأجل الشافعي رضي الله تعالى عنه وعنا به فهو في غاية الحسن ما نصه :

من نال مني أو علقت بذمته

أبرأته لله راجي منته


كيلا أعوق مؤمناً يوم الجزاء

ولا أسوء محمداً في أمته



المادة –68 : الوقوف مع الشرع في كل ما يؤول إلي المعاملة مع الله تعالى ، قال سبحانه : (فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) .
المادة – 69 : التوقي كل التوقي من الإعراض عن ذكر الله تعالى ، قال جل وعلا : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) وضنك المعيشه يكون بسلب القناعة والعياذ بالله تعالى .

المادة – 70 : السؤال في أمر الدين للتعلم ولتصحيح العمل فيما لم يعلم ، قال تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) .

المادة – 71 : عدم الدخول فى الدنيا أعني بقلب مشتغل بها ، ملهوف عليها موله بشئونها ، همه هي ، قال عليه الصلاة والسلام : (( العلماء العاملون بالعلم أمناء الله في أرضه وأمناء رسله ما لم يدخلوا في الدنيا ، فإذا دخلوا في الدنيا ، فاحذروا منهم في دينكم )) .

المادة –72 : الاهتمام كل الاهتمام بإحياء ما أماته الناس من السنة والأخلاق المحمدية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ، فقيل : من الغرباء يارسول الله ؟ فقال : هم الذين يصلحون ما أفسده الناس من سنتي )) .

المادة –73 : الخشية في الصلاة وصحة المحاضرة مع الله فيها ، قال تعالـى : ( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) وقال عليه الصلاة السلام : ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً ومقتاً ) ، والخشية إذا استولت على القلب حالة الصلاة تكون ناهية له عن الفحشاء والمنكر .

المادة –74 : صحة التفكر فى مصنوعات الله إعظاما لجلاله وإجلالاً لسلطانه ففي الأثر : تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله فإن تفكر ساعة أفضل من عبادة ستين سنة .

المادة –75 : الخوف من الله تعالى ، قال تعالى ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى(40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) وإن المرء لا ينهى النفس عن الهوى إلا إذا خاف الله تعالى فإن الخوف سوط الله يقوم به نفساً تعودت سوء الأدب .

المادة –76 : العمل الصالح ورد كل ما يشاب بشرك خفي أو جلي ، قال تعالى : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) .

المادة – 77 : التنحي عن مجلس اللغو واللهو ، فقد أجمع القوم على أن البطالين واللاهين واللاغين لا ينتفعون ولا ينفعون .

المادة – 78 : عدم الانخراط بين اثنين قعدا على سر كيف كان .

المادة – 79 : الوقوف بين العبوسة والبشر فى الطور الدائمي ليكون الوقار درع المرء فإن الوقار من سيما الأنبياء والمرسلين والأولياء والصديقين .

المادة –80 : الترفع عن الكبر والمتكبرين فإن الكبر على المتكبر صدقة ، ولا يتحلى بحيلة الكبر إلا من وجد ذلة في نفسه يزعم سترها بكبره .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 27, 2012 6:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
المادة – 81 : إباءة الضيم فلا يقيم على ضيم انهضاماً لبيت أو متاع فإن الترفع عن هذا من سنة النبيين والمرسلين عليهم صلوات رب العالمين ، ولكن يكون ذلك عند بلوغ الأمر الغاية وعدم الإمكان لدفع الضيم باليد أو باللسان أو بسبب من الأسباب فهنالك ترك البيت والوطن والمتاع إباءة للضيم سنة تعقبها من الله منة .

المادة – 82 : قهر النفس بموافقة الحق فإن قهرها بالغلبة والرياضة لا على وجه حق وطريق شرعي من دسائس الشيطان ومخالفتها مع الموافقة لأحكام الشرع من الإيمان ولا برهان بعد عيان .

المادة – 83 : حفظ الحقوق ولو بجلسة ساعة أو بشربة ماء فما دونها ، فإن ذلك من أخلاق الأنبياء ومن شيم الأولياء .

المادة – 84 : صون الطبع عن تجسس أحوال الناس فإن ذلك من سقوط الهمة ، قال تعالى ( ولا تجسسوا ) ولا يدخل في هذا ما عليه الولاة والأمراء إذا كان بحق لقصد حق بوسائط من أهل الحق .

المادة –85 : عدم الغلظة في الدين فإن النبي صلى الله عليه وسلم كره أن يرى فى ديننا غلظة .

المادة – 86 : صيانة الحال والخاطر والباطن والظاهر من التصنع والتفعل في حال أو قول أو فعل فإن ذلك من الرياء وهو شرك خفي وفيه حطة في الهمة .

المادة – 87 : عدم الطغيان بالغني فإنه من نسيان الله تعالى ومن الغفلة عن تصرفه في الأحوال وقلبها من حال إلي حال ، وفي الكتاب العزيز : (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى(6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) .

المادة – 88 : عدم التعزز بشيء من الفانيات فإن من اعتز بغير الله ذل ومن استغنى بغيره سبحانه حقر وقل .

المادة – 89 : عدم الانتصار إلى النفس مع حسن التسليم لله ، قال شيخنا الإمام الأكبر الرفاعي رضي الله عنه وعنا به : من انتصر لنفسه تعب ومن سلم الأمر لمولاه نصره من غير عشيرة ولا أهل .

المادة – 90 : عدم التعزز بالمشايخ حالة كون المتعزز بهم فارغ الجيب من بضائع علمهم وعملهم فإن ذلك من أسباب القطع والعياذ بالله تعالى .

المادة – 91 : صدق الولاء لله ولرجال الله ليحسب المرء في عداد القوم وليكتب من رجال قافلة الحق وروح ذلك اتباع الأحكام وهجر الأوهام .

المادة – 92 : الوقوف مع الحق في البيع والشراء والأخذ والإعطاء بحيث يصون لصاحبه الدانق ويحاسبه عليه فلا يأخذ ولا يعطي إلا بحق فإن المعاملة أدبها الشرعي هذا والسلام ، وأما في معاملة الأخوة الروحية فإن أعطي له أخذ وشكر، وإن أعطى غيره ترفع عن النظر إلى ما أعطاه ، ومن لم يدار الحق بأخذه وفي إعطائه ويصون للناس حقوقهم ولو في ما دون الدانق لا يجيء منه شيء ولا يحسب في الرجال على شيء ، وفي الآثار : تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد الزوجة ، فافهم هذا السر وترفع بالباقي عن الفاني والله وليك .

المادة – 93 : خوف القصاص عن الأعمال كليها وجزئيها فإنه يبلغ عدل الحكم العدل أن يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء .

المادة – 94 : التذلل لله في الخلوات وحفظ القلب في ذلك ، فإنه يقال : كم من مصل في الحرم وهو يرائي أهل خراسان .

المادة – 95 : حرمة الجيران ، فقد أوصى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجار ومازال يوصيه بالجار حتى ظن عليه الصلاة والسلام أنه سيورثه .

المادة – 96 : السبق بالسلام على المسلمين تعظيماً لهم وإكراما لسيدهم صاحب السنة صلى الله عليه وسلم .

المادة – 97 : إطعام الطعام لوجه الله تعالى لا لشهرة ولا لسمعة ولا لغرض من أغراض من أغراض الكون فذلك من سنة إبراهيم وولده النبي العظيم عليهما الصلاة والسلام .

المادة – 98 : الانتصاب لله على الأقدام فى الليل والناس نيام فذلك من سنته عليه الصلاة والسلام .

المادة –99 : ترك الخصام والكلام فيما لا يعني فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

المادة – 100 : تلافي الذنب حالة وقوعه بالندم والاستغفار وعدم القنوط ، فقد جاء فى كتاب الله (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا).

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6 ... 9  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 35 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط