( الطريقة الرفاعية) إعظام شأن مؤسسها وناشر أعلامها ومحكم نظامها سلطان الأولياء برهان الأصفياء لاثم يد جده سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم ألا وهو الغوث الأكبر والكبريت الأحمر شيخ الدوائر ملحق عواجز الأصاغر بأعاظم الأكابر المغيث بإذن الله والنائب عن جدِّه رسول الله في مُلْك الله ناصر السنة خاذل البدعة ركن الحقيقة عماد الطريقة برهان الشريعة السيد أحمد محيي الدين الكبير الرفاعي (رضي الله عنه) وعنّا به ونفعنا وأُمَّةَ جدِّهِ بعلومه وبركاته وطاهر نفحاته آمين.
وإعظامه لأسباب كثيرة منها أنه بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسب الوضّاح الذي طلع في سماء السيادة طلوع الصباح ، اشتهر في عالم الإمكان ودار خَبَرُ سيادته الفاطمية على كل لسان ، وسيأتي ذكر نسبه الشريف مسلسلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها تمسُّكه كل التمسُّك بسُنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتحققه بالتخلق بأخلاقه وقيامه بنصرة شريعته بالأطوار والأحوال والأقوال والأفعال.
ومنها شدة شفقته على خلق الله تعالى على اختلاف طبقاتهم وأجناسهم ومذاهبهم ومشاربهم ومنها تواضعه وذله وانكساره لله تعالى وشدة كرمه وجودِهِ وعلو هممه وتواضعه للناس وقهره نفسه وعدم رؤيته نفسه على غيره مزية.
ومنها صبره على الأذى وتحمّله أثقال الناس ووقوفه في ذلك مع الحق وترفعه عن هذه الدنيا الدنيّة وتعاليه عليها وعلى المغلوبين المفتونين بها واتضاعه للفقراء والمساكين وإيثاره ولين قوله للناس بِرِّهِم وفاجِرِهم وحسن خلقه.
ومنها حُسْنَ تربيته للناس بالحكمة الكاملة والمعارف الشاملة والأطوار المحمدية والمناهج النبوية وكثرة كراماته وعظيم خوارقه وصدق حاله وجليل كماله وباهر أقواله وشريف خلاله وجميل خصالِه وهذا كله ثابت بالبراهين الطافحة والنصوص الراجحة ومؤيد برائق كلماته ومستمر كراماته ودائم بركاته وقد انبت الله تعالى في بيته الأولياء كما ينبت الربيع البقل كما نص ذلك وتبعه العلماء الأجلاّء والشُرَفاء العظماء والسادات الكُبَرَاء والحُكماء والعُرَفاء والخُلَّص من صدور الأولياء وانتهت إليه نوبة الفضائل في عصره ولم يخلفه دور الأيام ولم تقم نوبة لوليّ كما قامت له في الإسلام، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
أما نسبه الشريف المتواتر المستفيض فهو السيد أحمد بن السيد السلطان علي المكي الرفاعي الحسيني دفين بغداد بجانبها الشرقي ابن السيد يحيى نقيب البصرة ودفينها ابن السيد ثابت بن السيد الحازم علي أبي الفوارس ابن السيد أبي علي أحمد المرتضى بن السيد علي أبي الفضائل بن السيد الحسن الأصغر المعروف برفاعة الهاشمي المكي نزيل المغرب ابن السيد المهدي بن السيد أبي القاسم محمد بن السيد الحسن المُكنى بأبي موسى رئيس بغداد نزيل مكة ابن السيد الحسين عبد الرحمن الرضي المحدث ابن السيد احمد الصالح بن السيد موسى الثاني بن السيد الأمير إبراهيم المرتضى المجاب ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الشهيد السعيد أمير المؤمنين الحسين صاحب كربلاء ابن الإمام علم الإسلام أسد الله الغالب أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه واتحفه بسلامه وتحياته.
وأم سيدنا الإمام الحسين سيدتنا وقُرَّة عيوننا السيدة فاطمة الزهراء النبوية بنت روح الوجود وسيد أهل الوحي والإلهام والشهود وحبيب الله وإمام أنبياء الله سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ونسب حضرة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم في آل سيدنا الخليل إبراهيم عليه السلام ثابت بالنصوص القطعية والإجماع الذي يعلو عن النزاع والحمدلله رب العالمين.
ولسيدنا الإمام أحمد الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وعنا به نسب من جهة أمهاته للصحابي الجليل سيدنا أبي أيوب الأنصاري رضي عنه الباري ولسيدنا الحسن السبط ولسيدنا الصديق الأكبر رضي الله عنهم أجمعين يعرف ذلك النسّابون المحققون ورواة الأخبار من ذوي الفضل الوفير والعلم الغزير وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأما شفقته على الخَلْق فإنه تواتر في طبقات القوم وكتبهم بالروايات الموثوقة والنقول الثابتة الصحيحة ، أنه كان يترك رواقه الشريف ويحتطب في بعض الأحيان ويحمل الحطب على ظهره إلى بيوت الفقراء والمساكين الذين لا يقدرون على الخروج ، ويحمل لهم الماء والطعام ويفعل الكثير من أمثال ذلك من البر والمعروف مع المجذومين والزمنى من أهل العاهات والشيوخ المقعدين والضعفاء والأرامل والأيتام من المسلمين والنصارى واليهود والصابئين حتى أسلم على يديه منهم خلق كثير، وكان يقف في طرق العميان فيقودهم إلى الأمكنة التي يريدونها ، وإذا رأى ذا شيبة عاجزاً خدمه بنفسه وقضى له حاجته وقبّل يده وسأله الدعاء وإذا تجرأ عليه متجريء فآذاه صبر عليه وتحمّله ، ولم يجاز مسيئاً بإساءة قط وكان يُحسن إلى من يسيء إليه ويعفو عمّن ظلمه لوجه الله تعالى ويتواضع للخَلْق لا عن حاجة بل هو خضوع عن عِزّ ، كما قال فيه سيدنا الإمام سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي شيخ الإسلام والذي هو في عصره أستاذ الخواص والعوام بما نصه:
تواضعَ كالهلالِ أقام رسماً
خضوعٌ جاء عن عزٍّ منيعٍ
يلوح الماء من بيض القِبابِ
كذلك طورُ آل أبي تُرابِ
وأما عدم رؤيته لنفسه وعدم تعاليه على غيره فقد تواتر واستفاض ، وقد كان يُضرب به المثل وقد كان كثيرا ما يقول إيش أنا ومن أنا ويأخذ بيده شيئاً من التراب ويقول من كان من هذا وغايته إليه من يكون؟
وأما كرمه وجوده فقد ثبت بروايات العدول وصحيح النقل أن رواقه الشريف كان يجمع كل يوم عشرين ألفاً ويمدُّ لهم السماط صباحاً ومساء وليلة محيا الأسبوع يجتمع عنده أكثر من مائة ألف إنسان ويقوم بكفاية الجميع ولم يرو لنا التاريخ وقوع مثل ذلك لغيره من أولياء الإسلام وهذا باتفاق الخواص والعوام وبإجماع الطوائف من موافقٍ ومُخالف ، وأما تربيته للناس بالحكمة وآدابه الشريفة في طريقته المحمدية التي جلا بها الغُمّة فمن بعضها ما ذكره سبطه الأعظم ووارث سِرِّه المُطلسم البحر المُطمطم ، القطب الغوث الجواد مولانا السيد عز الدين أحمد الصياد الرفاعي رضي الله تعالى عنه وعنّا به في كتابه " الطريق القويم " بما نصه:
أن طريق سيدنا الإمام السيد أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه بين جداري الإفراط والتفريط لا غلو ولا علو ولا هبوط ولا سقوط ، هدم صومعة القول بالوحدة والحلول ، ورد التبجّح بالشطحات المخالفة للمعقول والمنقول ، ونزّه جانب التوحيد عن الشرك والتعطيل والتشبيه ، ووقف في كل شأن حُكميّ أو تهذيبيّ بما يجذب إلى الوسطية ، كل أطرافه وحواشيه ، إذا فاض عليه بحر الكرم تحدّث بالنعمة، وما تعدى الحدود ، وإذا عَلّم أفاد ما يقضي بالوفاء بالعهود وإذا أرشد أوضح حال النبي صلى الله عليه وسلم ودلَّ عليه وجذب قلوب السالكين إليه ، فغوامضُ كلماتِهِ كظواهرها ودقائق تعبيراته كسهلها ، أُعطى الحظُ الأوفرُ من ناطقةِ جده صلى الله عليه وسلم وأوقفَ جموعَ أولي العلوِّ بشدّة تواضعه لله وانكساره لعظمته وذُلِّهِ لمجده وقدسه وحُسن الأدب مع المخلوقين على طبقاتهم إنسهم وجِنِّهم وصنوفهم الناطقة والصامتة ذوات الأرواح وغيرها العلويّة والسُفلية ، ولكل منهم لديه ( رضي الله عنه ) مقامٌ معلوم كما أقامه الله وعلى ما ركّبَهُ وفيما أظهرَهُ وحسبما أبرزه واستودع فيه من سر الصنع والهَدْي المفاض بعد الخلق إلى كل شيء ، هذا مع الزهد بالكل وإرجاع الأمر كله إلى الله ، إنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى كلام الإمام الصياد رضوان الله تعالى عليه.
وأما كراماته فهي خارجة عن الحصر لكثرتها ، شهد له بذلك الكبار والصغار وتواتر هذا في الأجيال والأدوار ، أحيا الله له الميِّت وأقام له المُقعدين وعافى ببركة جاهه أصحاب العاهات وأبرز على يديه البركة العامة وقَلَبَ له الأعيان وصَرّفَهُ في الخَلْق وقد أفاض له النِعَم وأسبغ عليه مزيد الفضل من مَحْضِ الكرم وأعطاه اللسان الناطق بالحكمة العجيبة ، وأتحَفه بالمواهب الغريبة ولم تزل كراماته الشريفة تُحكى بألسنة الإجلال في محافل أهل الفضل والكمال ، وناهيك منها بمدِّ يَدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لجنابه الكريم في محفلٍ عظيم ولقد سارت بها الركبان وتناقلها أفاضل كل زمان ، ولله دُرَّ سيدنا القطب الأعظم السيد محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالروّاس رضي الله عنه وعنّا به فإنه قال:
أبو العَلَمَينِ بنَ الفواطمِ سيِّدٌ
تواضعَ أقطابُ البريّةِ كلِّها
على كلِّ ساداتِ الرجالِ له اليدُ
إذا قام في دَسْتِ الولايةِ أحمدُ
ورُويَ في الوثيقة الوسطى عن العلاّمة الكبير محمد العاقولي الشافعي قدس سره بيتين يمدح بهما الإمام أبا العلمين رضي الله عنه وعنّا به وهما:
مولاي يا سلطان أمَّ عُبيدةِ
كلٌّ لهُ قَدَمٌ من الأشياخِ في
يا مَن بهِمَّتِهِ يُحَلُّ ويُعْقَدُ
نهجِ الهُدى وسِواكَ ليس له يدُ
وأما أتباعه فقد زادت عن العد وطمّت عن الحدّ ، تخرج به أعاظم الأولياء الأنجاب وانتمى إليه أكابر الأقطاب وتبرّك تشرُّفاٌ بخرقته الطاهرة الأجلاّء الأطايب من علماء المذاهب وما ألطف قول أبي المظفّر الواسطي الشافعي قُدِّس سِرُّه فيه رضي الله عنه ونصه:
حارت بناسوتِكَ الأعلى النواسيتُ
وضِمْنَ عِزِّكَ لمّا قُمتَ ُمنكسِراً
تبارك الله لم تنطق وقد رجفت
وردَّدَت ذِكركَ الأحلى المواقيتُ
بازاتُها لك دانت والفواخيتُ
برحب حضرتك البيضُ المصاليتُ
توفي رضي الله عنه في أم عبيدة بواسط العراق سنة ثمان وسبعين وخمسمائة راضياً مرضياً نائباً نبوياً وقد جدّد الله به أمرَ الدين وأيَّدَ بمنهاجه مذهب أهل الشرع المبين وصان ببركة عزمه وعزيمته في الله عقائد المسلمين وأبرد لأتباعه النيران وأزال لهم فاعلية السموم وألان لهم الحديد وأذلّ لهم السِباعَ والحيّات والأفاعي وأخضع لهم طُغاةَ الجِنِّ وصرفهم في العوالم وأطلعهم على عجائب الأسرار.
وقد تسلسَلَ في بيته المبارك الأكابر من أعاظم الورّاث المحمديين والعلماء العاملين والسادات الوارثين والأفاضل المُرشدين وهذا الفضل لا ينقطع إن شاء الله إلى يوم الدين ببركة جدِّه سيد المرسلين عليه صلوات الله الملك المعين والحمد لله رب العالمين.
وهنا سأتشرف وأقول أنا الفقير إلى الله تعالى محمد أبو الهدى بن السيد أبي البركات حسن وادي آل خزام الصيادي الرفاعي بن السيد علي بن السيد خزام بن السيد علي آل خزام بن الإمام السيد حسين برهان الدين البصري نزيل بني خالد بن السيد عبدالعلاّم بن السيد عبد الله شهاب الدين ابن السيد محمود الصوفي بن السيد محمد برهان بن السيد حسن أبي محمد الغواص دفين دمشق بن السيد الحاج محمد شاه بن السيد محمد خزام بن السيد نورالدين بن السيد عبد الواحد بن السيد محمود الأسمر بن السيد حسين العراقي بن السيد إبراهيم العربي بن السيد محمود بن السيد عبد الرحمن شمس الدين بن السيد عبد الله قاسم نجم الدين بن السيد محمد خزام السليم بن السيد شمس الدين عبد الكريم بن السيد صالح عبد الرزاق بن السيد شمس الدين محمد بن السيد صدر الدين علي بن الشيخ القطب الغوث الإمام السيد عزالدين أحمد الصيادي الرفاعي سبط الحضرة الرفاعية بن السيد ممهد الدولة عبد الرحيم بن السيد سيف الدين عثمان بن السيد حسن بن السيد محمد عسلة بن السيد الحازم علي أبو الفوارس الرفاعي الإشبيلي الذي تقدَّم ذكره العالي بنسب سيدنا الإمام الرفاعي وتقدَّم ذكر نسبه الطاهر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأم سيدنا السيد عز الدين أحمد الصيادي رضي الله عنه سيدتنا السيدة زينب ذات النور أم الأقطاب بنت الإمام الأكبر السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه ، وأبوه القطب السيد ممهد الدولة عبد الرحيم فأمه السيدة ست النسب أخت سيدنا الإمام الرفاعي لأبويه رضي الله عنهم اجمعين. أذْكُرُ هذا تَحَدُّثاً بنعمة الله والحمد لله رب العالمين.
( ومن الطريقة الرفاعية) القولُ بإجلال الإمام الرفاعي رضي الله عنه على إخوانه الأولياء رجال الخرقة كلهم مع حفظ حقوقهم ومقاديرهم والاعتراف بكونهم إخوانه وكلهم على هُدى ، دوائر مجدهم وسيعة ، ومقاماتهم عالية رفيعة ، والأولياء لبعضهم أكفاء لا نفرق بين أحدٍ منهم رضي الله تعالى عنهم ولا نردُّ على أحد من أتباع رجال الخرقة إذا اعتقد مثل اعتقادنا بإمام طريقته ولم يُفرّط فيهضم مقادير القوم بل ندعو له بالثبات على محبته لشيخه إمام طريقته وهذه القاعدة المتفق عليها في المذاهب والطرائق وكفى بالله ولياً.
(استطرادان) لي ولله الحمد والشكر نسبة من جهة الأمومة تنتهي إلى الباز الأشهب والطراز المُذَهَّب بحر المعارف ، فيّاض العوارف القطب الغوث الجامع الرباني أبي محمد مولاي السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه ونفعنا به آمين وهي من طريق جدِّنا الإمام العارف بالله تعالى السيد محمود بن السيد عبد الرحمن شمس الدين.
فإن أم السيد محمود الشريفة برق بنت السيد الشيخ محمد الحيالي بن السيد أحمد بن السيد علي بن السيد حسين بن السيد محمد بن السيد الشيخ محمد شرشيق بن السيد محمد بن ولي الله العارف بالله السيد الشيخ عبد العزيز دفين جبل الحيال من أعمال الموصل ابن القطب الغوث الفرد الجامع الإمام الكامل معدن الكرامات والفضائل محيي الدين أبي صالح السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني قدَّس الله سره النوراني وأفاض علينا وعلى المحبين من بركاته وجليل نفحاته آمين.
وهو رضي الله عنه ابن موسى أبي صالح جنكي دوست بن عبد الله بن يحيى بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن السيد الجليل موسى الجون بن السيد عبد الله المحض بن السيد الكبير الحسن المثنى بن الإمام علم الإسلام ثاني الأئمة المستغاث بهم في المهمة ذي المجد المُخَلَّد سيدنا الإمام الحسن أبي محمد سبط النبي صلى الله عليه وسلم.
وغير خافٍ أن الإمام الجيلاني قُدِّسَ سِرُّهُ النورانيّ هو من أعاظم الأقطاب الأربعة وهم قد شاعت في القرون الوسطى ولايتهم واستفاضت كراماتهم ومناقبهم وجدَّد الله بهم السُنّة وأفاض بهم على الأُمة مزيد المِنَّة وهم مولانا الإمام السيد أحمد الرفاعي الحسيني ومولانا السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني ومولانا السيد أحمد البدوي الحسيني ومولانا السيد إبراهيم الدسوقي الحسيني رضي الله تعالى عنهم.
فالثلاثة حسينيون والإمام الجيلي حَسَنيّ وكلهم من البيت العامر المحمديّ ولا يُلتفَت لما تكلم به بعض الحُسّاد من ذوي الأغراض في أنساب البعض منهم فإن الحسد أو المُخالفة في المذهب تجر الجسور للكلام الذي لا يُقال فيعثر عثرات لا تُقال ولا بدع فالمُثبتة مُقدَّمة على النافية ومن حفظ حُجَّةً على من لم يحفظ ومع ذلك فنور النبوة ساطعٌ في مظاهر هؤلاء السادات الأربع رضي الله عنهم ونفعنا بهم ورحم الله القائل:
جعلوا لأبناءِ النبيِّ علامةً
نورُ النبوَّةِ في وسيمِ وجوهِهم
إنَّ العلامةَ شأنُ مَن لم يشهرِ
يغني الشريفَ عن الطرازِ الأخضرِ
(قلتُ) هذا القائلُ قابلَ الذي قال حين خُصِّصَت العلامةُ الخضراءُ للسادات والأشراف نفعنا الله بهم.
تيجانُ خُضْرٍ طُرِّزَت مِن سُندُسٍ
الأشرفُ السلطانُ خصَّهُمُ بها
ببراقعٍ هُدِيَت إلى الأشرافِ
شرفاً ليفرقهم عن الأطرافِ
وأعذبُ من القولين قولُ شيخِنا علاّمة الوجود القطب الغوث السيد بهاءالدين محمد مهدي آل خزام الصيادي الرفاعي الشهير بالروّاس رضي الله عنه في هذا المقام ونصه:
علاماتُ ساداتِ الرجالِ جلالةٌ
يزيد جمالاً في منصَّةِ مجدِهِ
لمقدارِهم لا لاشتهارِ ذويهِ
إذا لَبِسَ الجحجاحُ ثوبَ أبيهِ
(عودٌ حسن) قد تبيَّن لذي اللب النيِّر والعلم الكريم أن نسبنا من جهة الأمومة ينتهي لمولانا الإمام الكبير الجيلاني عطَّر الله مرقده النوراني فهو من قباب مجدنا ومن أقمار سعدنا وقد يرى الناظر في بعض كتبنا عبارات ترد ما يُنسَب لجنابه العالي من الشطحات فربما يزلق كما زلق بعض الجهلاء لغرضٍ في قلوبهم وحقدٍ في أنفسهم فيظن بوهمه قبل التحقيق وفهم المقصد ما أشاعه أولئك الطغام الذين هم لجهلهم في صنف العوام كالهوام من أننا والعياذ بالله وحاشا لله نحطَّ من رُتبة الإمام الكبير الجيلاني قنديل الكمالات النوراني رضي الله عنه فلذلك أتينا بهذه الكلمات الوجيزة شفقةً على المتصدر في مَنَصَّة الإنصاف والعلم لكيلا يزلق زلق الجاهلين ويخوض مع الخائضين.
فنقول مذهبُنا في طريقنا مذهب الشرع الشريف نردُّ ما ردّه الشرع من قولٍ وفعل ونتحقق من نُقُول الأئمة الأكابر من العلماء والأولياء أن مولانا الإمام الجيلاني رضي الله عنه افتُرِيَ عليه وعُزِّيَ ما لم يصدر منه إليه وهو رضي الله عنه من كُمَّلِ أهلِ التمكين المُتَشرِّعين الناصرين لسُنّة جدِّه سيد المرسَلين صلى الله عليه وسلم.
وقد شهد له بذلك كُمَّلُ الأكابر أهل الباطن والظاهر وناهيك منهم بإمام الرجال وسلطان الأولياء والعارفين الأبطال أبي العَلَمَين وإمام الطائفتين مولانا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه وعنّا به فإنه قل حين ذكر الإمام الجيلاني رضي الله عنه ، هو رجلُ بحرِ الشريعةِ عن يمينه ، وبحرُ الحقيقةِ عن يساره ومن أيهما شاء غرف.
فهل من كان كذلك وهو والله كذلك يُصَدَّقُ عنه أنه يقول ما لا تقبله العقول ولا تؤيده النقول ؟ وهو صاحب العلوم الزاخرة والمعارف الباهرة والأحوال الصالحة والمقامات الراجحة والتعالي في مرتبة الغوثية والتمكُّن في مقام القطبية والشرف الباذخ والقَدَم الراسخ والكمال الشرعيّ النيِّر والطراز المحمديّ المُزهر واللسان العذب والطبع الشريف والطور العالي والكرامات الجليلة التي لا تُعَد والأخلاق الطاهرة المرضية والحقائق العلوية السنية فكل ما يُنسَب لجنابه المبارك من عِلمٍ وعملٍ وحالٍ ومقامٍ صالحٍ شريفٍ عالٍ مباركٍ ، مطابِقٌ للعقلِ والنقل قَلَّ أو جَلّ ، فهو صحيحٌ وهو محل المفاخر وشيخ أهل الباطن والظاهر ولا يجحد ذلك إلا الحاسد المكابر.
وكذلك نقول بإخوانه أولياء الله أجمعين فما يُنقل عنهم من الكمال وشامخ الأقوال والأفعال وجليل الأحوال فكله إن كان مطابقاً للشرع الشريف مرضياً لدى العُقلاء من أهل الحق الذين لا يعتمون عقولهم بالهوى أو يطيشون مكنتها بالغرض ، فهو مقبولٌ مرضيٌ نصدِّقه بكلِّ أجزائنا وإلا فلإثبات منزلة الولاية الحقَّة لأهلها رضي الله عنهم ، نرُدُّ ما لم يقبله الشرعُ الشريف والعقلُ السليم ونعتقد أنه موضوع ، وضعه عليهم الكذّابون ونسبه إليهم ظُلماً الجاهلون وما الله بغافلٍ عما يعمل الظالمون.
وفي هذا المقام ففي ما أوضحناه كفاية والله ولي الأمر على أن الزنادقة وأهل الأغراض وضعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث ، فمنهم من وضع انتصاراً لمذهبه ومنهم من وضع مداهنةً لبعض الأمراء ، ومنهم من وضع ليكتسب بذلك من أوساخ الدنيا والعياذ بالله ، والأمر معروفٌ عند أهل الحديث في القديم والحديث والله مع الحق وهو الناصر للحق وكفى به ولياً ونصيرا.