موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3, 4, 5 ... 9  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 28, 2012 2:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين في كل وقت وحين ..

أما بعد ،،

فهذه جملة من الكتب النادرة لساداتنا الرفاعية ( شيخنا المؤسس الإمام أحمد الرفاعي الكبير ، وأحفاده السيد عز الدين أحمد الصياد ، والسيد الرواس وغيرهم من أبناء هذه الدوحة المباركة ) ، وهذه الكتب وللأسف الشديد لم تطبع من المشيخة الرفاعية بالقاهرة ، وفي اعتقادي أنه لا يوجد منها نسخ كثيرة متداولة حتى بين الرفاعية ، لذلك ألتمس من المحبين وأبناء العهد الرفاعي شيوخنا وإخواننا أن يطبعوا هذه النوادر على وريقات عسى الله أن يحفظ كتب ساداتنا أهل البيت ويجعلنا أهل للأمانة كما حفظها السابقون فلا تضيع على أيدينا نحن ، نسأل الله سبحانه ذلك وهو القادر وهو ولي ذلك ..

وهذا كتاب " نور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف "
تأليف المحدث الشهير والعارف الكبير ، بحر المعارف كنز اللطائف
السيد محمد أبي الهدى الصيادي الرفاعي قدس الله سره
وقد طبع في سورية عام 1997 م ، ولم ينتشر بمصر إلا عند القليل ، وسأكتبه بحروفه في أكثر من رسالة ..




ما للقلوب عن الحبيب غطاء

إلا إذا سكنت بها الأشياء


يبدو الحجاب عن الحبيب بنظرة

لسواه إن الحادثات عماء


من كان يقصد حبه لم يلتفت

للفانيات إذ الجميع هباء


واهجر أناساً قيد دينهم الهوى

دهراً فهم والميتون سواء


فالعبد سيده مناه وقصده

لم تلهه النعماء والآلاء


وانهج على أثر النبيين الأولى

فهم ينابيع الهدى العقلاء


لفتوا عن الأغيار عزم قلوبهم

ولأمره بصحيح حال فاؤا


تبعتهم السادات سادات الورى

العارفون الخلص النجباء


قوم إمامهم الرسول المصطفى

من تستظل بظله الشفعاء


روح الوجود منار كل حقيقة

سامي الجناب اللمعة البيضاء


نسخ الشرائع كلها بشريعة

خضعت لحكمة نصها الحكماء


خذ إثر سر الكائنات محمد

من شرفت بجنابه الأسماء


وافتح عيون السالكين بهمة

فيها لنور جنابه إيماء


واترك صنوف الحاسدين بدائهم

ما للحواسد يا بني دواء


يتلونون مع الهوى لضلالهم

طيشاً كما تتلون الحرباء


غمزوا الشريعة يا لسقم عقولهم

وبزعمهم جهلاً هم العرفاء


الحق يجلى من خلال حروفه

نور تضيء بشعه الأرجاء



نسب المؤلف الشريف رضي الله تعالى عنه



هو السيد الوارث المحمدي أبو الهدى محمد أفندي الصيادي بن الشيخ السيد حسن وادي أفندي شيخ الرواق العالي الصيادي ومقتدى الرفاعية في الديار الحلبية بن السيد علي بن السيد خزام بن السيد الشيخ علي خزام بن السيد حسين برهان الدين بن السيد عبد العلام بن السيد عبد الله شهاب الدين الزبيدي البصري بن السيد محمود الصوفي بن السيد محمد برهان بن السيد حسن الغواص دفين الشام بن السيد الحاج محمد شاه الرندي بن السيد محمد خزام دفين الموصل بن السيد نور الدين بن السيد عبد الواحد بن السيد محمود الأسمر بن السيد حسين العراقي بن السيد إبراهيم العربي بن السيد محمود بن السيد عبد الرحمن شمس الدين بن السيد عبد الله قاسم نجم الدين بن السيد محمد خزام السليم بن السيد عبد الكريم بن السيد صالح عبد الرزاق بن السيد شمس الدين محمد بن السيد صدر الدين علي بن القطب الجواد سبط الغوث الكبير السيد أحمد الرفاعي مولانا السيد عز الدين أحمد الصياد بن السيد عبد الرحيم بن السيد عثمان بن السيد حسن بن السيد عسله بن السيد حازم بن السيد أحمد بن السيد علي المكي بن السيد رفاعة ويقال له الحسن نزيل المغرب بن السيد محمد المهدي بن السيد محمد أبي القاسم بن السيد الحسن بن السيد الحسين بن السيد أحمد بن السيد أبي محمد موسى الثاني بن السيد إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي بن مولانا الإمام الحسين شهيد كربلاء بن الإمام الأعظم سيدنا علي كرم الله وجهه ورضي عنه رزقه من سيدة نساء العالمين بضعة سيد المرسلين السيدة فاطمة الزهراء النبوية رضي الله تعالى عنها بنت خاتم النبيين وحبيب رب العالمين المخصوص بمدحه " وإنك لعلى خلق عظيم " سيدنا وسندنا محمد صلى الله عليه وسلم
قوم من الشم الأنوف تورثوا

مجد السيادة كابراً عن كابر


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 28, 2012 5:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
لقد ولد رضي الله تبارك وتعالى عنه سنة الألف ومائتين وستة وستين لثلاثة أيام خلت من شهر رمضان المبارك بشيخون من أعمال معرة النعمان ، وقرأ القرآن وهو ابن سبع سنين ، ثم شرع بالكتابة فمهر وأخذ يتلقى العلوم العقلية والنقلية عن أفاضل الرجال الأعيان ، فأتقن فنونها كمال الإتقان ، وأحسنها كمال الإحسان ثم تشرف بلبس الخرقة والخلافة الرفاعية من يد والده الطاهر السر السيد الأفضل المتقدم الذكر وله إجازتان أيضاً بطريقتهم العلية الرفاعية الصيادية ( فالأولى ) لبسها بإذن والده من شيخه وابن عمه السيد الشيخ علي خير الله الرفاعي الصيادي شيخ المشايخ بحلب ، ( والثانية ) من حضرة شيخه الأجل الولي الأكمل مولانا السيد الشيخ محمد بهاء الدين مهدي الشيوخي الصيادي الرواس لبس منه الخرقة عام تشريفه بغداد وتم السلوك على يده وأخذ عنه العلوم الشرعية والتصوفية ، فعاد مصحوباً بالسلامة للديار الحلبية ، وبعد رجوعه ببرهة يسيرة حضر إلى القسطنطينية مركز الخلافة الإسلامية ، فنشر بها علم الطريقة العلية ، وانتسب إليه أفاضل الناس ، وعاد منها بنقابة جسر الشغور من أعمال حلب ، ثم بعد برهة يسيرة تولى نقابة الأشراف بحلب ، وفي تلك الأثناء لا زال يحضر إلى إسلامبول ويترقى بالتدريج إلى المراتب العلمية حتى بلغ خبره مسامع حضرة أمير المؤمنين ، وخليفة رب العالمين ، خادم الحرمين الشريفين ، ومالك أزمة المغربين والمشرقين ، ناشر ألوية الشريعة الغراء ، وباسط الكف البيضاء للأغنياء والفقراء ( السلطان الغازي عبد الحميد خان ) فأحضره لديه وعطف عليه ، وقلده مشيخة المشايخ في دار الخلافة العلية ، وألحقه إلى رتبة قضاء العسكر التي هي منتهى المراتب العلمية ، ومع هذا لا زال عاكفاً على خدمة الشرع والطريق ، بأحسن سلوك وأقدم طريق ، مواظباً على التأليف ، ومشتغلاً بغرر التصانيف ، حتى أنه ألف الكتب الجليلة الكثيرة ، والرسائل اللطيفة الوفيرة ، وقد انطبع منها الأكثر فجاء ذلك الطبع موافقاً للطبع على ألطف وضع .

من مؤلفاته رضي الله تعالى عنه



هي كتاب ضوء الشمس في قوله عليه الصلاة والسلام بني الإسلام على خمس ، وقلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الأكابر ، وفرحة الأحباب في أخبار الأربعة الأقطاب ، وحديقة الفتح في ذكر الشطاحين والشطح ، وغنية الصادقين في طريقة الصالحين ، وغنية الطالبين في سلوك طريقة المشايخ العارفين ، والجوهر الشفاف في طبقات السادة الأشراف ، وتنوير الأبصار في طبقات السادة الرفاعية الأخيار ، وسلسلة الإسعاد في تاريخ بني الصياد ، وداعي الرشاد إلى سبيل الاتحاد ، وهداية الساعي في سلوك طريقة الغوث الرفاعي ، ورسالة في التواتر ، والفجر المنير فيما ورد على لسان الغوث الرفاعي الكبير ، والصباح المنير في ورد شيخ الأولياء السيد أحمد الرفاعي الكبير ، وديوان الفيض المحمدي والمدد الأحمدي ، وكتاب الصراط المستقيم في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم ، والحقيقة المحمدية في شأن سيد البرية ، والمدد النبوي في بيان حكم العهد العلوي ، وروح الحكمة فيما يجب من الأخلاق على هذه الأمة ، والمدنية الإسلامية في الحكمة الشرعية ، وتطبيق حكم الطريقة العلية على أحكام الشريعة النبوية ، وسياحة القلم في الحكم ، والواعظ المعرب عن حقيقة المسلم المتأدب ، والسهم الصائب لكبد من آذى أبا طالب ، وتاريخ الخلفا وارثي النبي المصطفى ، والكوكب الزاهر في مناقب الغوث عبد القادر ، والعناية الربانية في ملخص الطريقة الرفاعية ، وديوانه الثاني الجامع لأشتات درر المعاني ، وحضرة الإطلاق في مكارم الأخلاق ، وقرة العين في مدح الإمام أبي العلمين ، وطريق الصواب في الصلاة على النبي الأواب ، والفرائد في العقائد ، وسلسلة النجاح ، والمشجر الأنور في آل النبي الأطهر ، ومطالع البدور في جوامع كلم الغوث الرفاعي الغيور ، وعقود الجواهر في النسب الصيادي الطاهر ، ومحجة السالكين ، وأسرار الوجود الإنساني ، إلى غير ذلك من المؤلفات الحاوية لجواهر الألفاظ ودرر المعاني ، نفع الله بها الأنام وأعاد من بركاتها علينا وعلى جميع الإسلام . آمين .

وبالجملة فهو رضي الله تعالى عنه رجل تدفق فضلاً وعلماً ، وتجسم فهماً وحزماً ، قد أعارت الصبا والشمال لطف نسيمها إلى شمائله وطباعه وحسن أوضاعه ، ودرت عليه وهو في مهد النجابة أفاويق ثدي العواتك لارتضاعه ، وأعار البرق إلى فكره سرعة وميضه ، وأهداه زخار بحر العلوم وتيار المنثور والمنظوم بسيطه طويله وعريضه ، يتوقد ذكاء ، ويتردى بالسنا والسناء ، يلوح على أساريره نور النجابة الهاشمية ، ويفوح من تقاريره مسك الطريقة الرفاعية ، وعبير المحجة الأحمدية .

نور النبوة في أسرة وجهه

يغني اللبيب عن الطراز الأخضر


تلقاه في ثوب السيادة صدره

بحر ويقذف من صحاح الجوهر


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 23, 2012 4:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد الذي لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أجمعين وعلى التابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .



أما بعد فيقول العبد المستجير بالله في جميع الأحوال والمساعي محمد أبو الهدى ابن السيد حسن وادي الصيادي الرفاعي كان الله له وللمسلمين إنه الموفق المعين .

قد سألني أناس من المحبين أسئلة مختلفة أكثروا فيها القال والقيل وخاضوا فأفرط البعض وفرط البعض وأتوا بكثير وقليل فجمعت زبدة مقاصدهم العريضة الطويلة ووضعت لها هذه الرسالة المختصرة القليلة وسميتها ( نور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف ) والله أسأل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم سالكة من طرق الحق الطريق القويم . آمين .

مقدمة في زبدة الأسئلة المطلوبة التي عقدنا لها هذه الرسالة المرغوبة وهي :

هل تجوز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبساداتنا النبيين والمرسلين والأولياء والصالحين ؟
وهل للميت إطلاع بحاسة بصره وسماعه لكلام الحي ؟
وهل يجوز نداء غير الله تعالى ، وهل يجوز نداء الميت والغائب ؟
وهل يجوز التوسل به صلى الله عليه وسلم وبالأنبياء والأولياء ؟
وهل يجوز الاستمداد من الأولياء الأحياء منهم والأموات ؟
وهل يجوز وقوع الكرامات للأنبياء والأولياء بعد الموت ؟
وهل تجوز زيارة قبور الأولياء للتبرك بها والتوسل ؟
وهل يجوز استعمال السبحة ؟
وهل تجوز الصلاة على السجادة التي تحمل إلى المساجد لأجلها ؟
وهل يجوز تقبيل يد الشيخ ؟
وهل يصح ما نقله بعضهم من تصرف أربعة من الأولياء في قبورهم كتصرف الأحياء ؟
وهل يجوز تدوين الشطحات المروية عن بعض المشايخ والقول بها وبوحدة الوجود المطلقة ؟

أقول هذه الأسئلة وقد أطال إخواننا الفقهاء والمشايخ الجدال بشأنها كل الإطالة والإنصاف ما سأذكره إن شاء الله تعالى في هذه الرسالة والله الموفق لمن أراد من عباده وهو الهادي إلى سواء السبيل .

أما الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبإخوانه النبيين والمرسلين وبالأولياء والصالحين



فالجواب : أنه لا يخفى أن الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وبإخوانه النبيين والمرسلين وبالأولياء والصالحين هي عبارة عن سؤال الشفاعة من الأنبياء والأولياء لقضاء الحوائج ودفع النوائب وتفريج الكرب والأخذ بالثأر ولا ريب أن كل من يناديهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهو عالم حق العلم أنه لا يعبد إلا الله ولا يدعى للعبادة إلا الله ولا يفعل ما يراد ويمنح ما يطلب إلا الله وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستعانة بعباد الله فيما رواه الحافظان الجزري والسيوطي طاب ثراهما : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لمن انفلتت دابته بأرض فلاة أن يقول يا عباد الله احبسوا ثلاث مرات " .

وفي رواية أخرى : " وإذا أراد عوناً فليقل يا عباد الله أعينوني " .

وأخرج ابن عساكر في تاريخه وابن الجوزي في مثير الغرام وابن النجار بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي قال : أتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فزرته فجلست بحذائه وذكر نحو ما سيأتي وروى السمعاني عن أمير المؤمنين سيدنا علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه قال : " قدم علينا أعرابي بعدما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحثا من ترابه على رأسه وقال : يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً " وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك ".

وقد أطبق المسلمون من عهده عليه الصلاة والسلام على التوسل به والالتجاء في المهمات إليه صلوات الله عليه .

هذه السيدة زينب الطاهرة بنت البتول عليها السلام لما مرت بمصرع الحسين عليه السلام صاحت يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء هذا الحسين بالعراء مزمل بالدماء كما ذكر ذلك ابن الأثير وغيره والقصة شهيرة متواترة والقائلة لهذا بنت المصطفى وقد شكت الحال لجنابه الكريم ونادته واستشفعت به فغار الله لنبيه وما مضى يسير من الزمان حتى قطع الله دابر أعدائهم ومزقهم كل ممزق وثبتت نصرة الله لأوليائه وقد استفاض بين المسلمين توسل آل النبي صلى الله عليه وسلم طبقة بعد طبقة به عليه الصلاة والسلام وبذريته وآل بيته وهم بيت النبوة ومعدن أسرار الوحي وكنوز الشريعة .

وقد نقش بعض الأئمة منهم خواتمهم بمثل هذا فكتبوا فيها :
ظني بالله حسن

وبالنبي ذي المنن


وبالوصي المؤتمن

وبالحسين والحسن



وما ذاك إلا أنهم جعلوهم شفعاءهم ووسائلهم إلى الله سبحانه .

قال في الكشاف عند الكلام على قوله تعالى " وابتغوا إليه الوسيلة " الآية 35 المائدة : ألا كل ذي لب إلى الله واسل ، وقد توسل الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام بنبينا صلى الله عليه وسلم قبل خلقه كما صحح ذلك عمدة الثقاة منهم الحاكم وصحح إسناده وعن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد إلا غفرت لي فقال تعالى : يا آدم كيف عرفت محمداً ولم أخلقه بعد قال : يا رب لأنك لما خلقتني ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله عز وجل : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي وإذا سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك " رواه الطبراني وزاد وهو آخر الأنبياء من ذريتك .

قلت ومن هذا يعلم أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بل وبكل من أحبه الله تعالى جائز أيضاً وهو المقبول المرضي عند الله سبحانه وتعالى ولا ريب أن سيد المخلوقين وأكرم المقربين إلى الله إنما هو نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم .

ومما يثبت جواز الاستغاثة بعباد الله الصالحين خاصة ، ما أخرجه الطبراني في الكبير بسنده إلى عقبة بن غزوان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا أضل أحدكم شيئاً أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني فإن لله عباداً لا تراهم " ، وقد جرب ذلك انتهى ما قاله الطبراني .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً " إذا انفلتت دابته فليناد يا عباد الله رحمكم الله " .

ومن الأخبار التي جاءت بالتوسل بالجناب النبوي عليه الصلاة والسلام حال حياته في الدنيا ما رواه جماعة منهم النسائي والترمذي في الدعوات والبيهقي عن عثمان بن حنيف : " أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله أن يعافيني ، قال : إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك ، قال : فادع ، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي ، اللهم شفعه في فقام وقد أبصر " .

وقد توسل صلى الله عليه وسلم بنفسه الطاهرة وبإخوانه الذين من قبله عليهم الصلاة والسلام وذلك فيما أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " لما ماتت فاطمة بنت أسد دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها فقال رحمك الله يا أمي بعد أمي وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده ، قال : ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال : الله الذي يحي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبله فإنك أرحم الراحمين " وكبر عليها أربعاً وأدخلها اللحد هو والعباس وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم .

أقول فإذا توسل هو صلى الله عليه وسلم بنفسه الطاهرة وبإخوانه الأنبياء الذين من قبله فكيف تمنع أمته من التوسل به وبإخوانه النبيين والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين .

وأما التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فقد سبق لك خبر الأعرابي الذي حثا على رأسه من تراب قبره صلى الله عليه وسلم وخاطبه من قبره الكريم قائلاً : أنه غفر لك وذلك بمشهد من الصحابة الكرام ، وقد رويت هذه القصة الشريفة بمحاضر أعيانهم وأكابر تابعيهم فما أنكرها منهم أحد مع أنهم أهل الحق ولا ينحرفون مقدار شعرة عن الصدق .

وروى الطبراني عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان رضي الله عنه في حاجة له فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي ابن حنيف فشكا إليه ذلك فقال له ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك لتقضى حاجتي وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ما قال ثم أتى باب عثمان رضي الله عنه فجاءه البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه على الطنفسة فقال ما حاجتك ؟ فذكر حاجته وقضاها له ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى كان الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فاذكرها .

أقول كان ذلك ببركة توسله بنبينا المكرم الوجيه الوجه عند الله صلى الله عليه وسلم وقد أرشدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام للتوسل والاستعانة بعباد الله الصالحين وقد سبق لك أمره صلى الله عليه وسلم لمن انفلتت دابته أن يقول يا عباد الله احبسوا ثلاثاً ولمن أراد عوناً يا عباد الله أعينوني وغير ذلك من الأخبار الشريفة والآثار اللطيفة .
قال سيدنا القطب السيد أحمد عز الدين الصياد سبط الإمام الرفاعي رضي الله عنهما في الوظائف الأحمدية ولا بدع فإن الله يفرج كروب المكروبين حرمة لأوليائه وأحبابه ويقضي لهم بشفاعتهم عنده حوائجهم .

ونقل عن الخطيب البغدادي قدس الله روحه ما رواه بسنده عن الحسن بن إبراهيم الخلال أنه قال : ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله سبحانه لي ما أحب .
وقال في الوظائف الأحمدية لا يخفى عليك أن جعل الوسيلة لله إنما هو من إعظام جانب التوحيد فإن العبد يشهد سوء حاله وكثرة ذنوبه فلا يجد له وجهاً ولا سبيلاً للسؤال من ربه الفعال المطلق فتجتمع همته على جعل وسيلة لله من أوليائه وأحبابه اعترافاً بالذنب وانكساراً للرب وإعظاماً لقدرته وإيماناً بأنه هو الفعال لا غيره وأحبابه الوسائل المرضية عنده لإتباعهم نبيه الكريم ولوقوفهم عند أمره العظيم ثم قال رضي الله عنه وهذا أدب الأحمديين رضي الله عنهم فلا يخرقون لظاهر الشريعة سياجاً ويعتقدون بكرامات الأولياء ويجزمون بإكرام الله لهم وغيرته لأجلهم ولا يقولون بتأثير مخلوق انتهى .

قلت يريد أنهم لا يثبتون استبداداً في الأفعال لمخلوق إلا بقدرة الله تعالى وإذنه سبحانه " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " البقرة الآية 255 .

وقد ذكر الإمام ابن الجوزي في صفوة الصفوة أن إبراهيم الحربي كان يقول : قبر معروف الكرخي الترياق المجرب .

أقول وذكر مثل هذا الخطيب البغدادي رحمه الله في تاريخه ، وصح أن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال : قبر موسى الكاظم ترياق مجرب .

وأما من فرط واعتقد أن الأنبياء والأولياء والصالحين متصرفون مستبدون قادرون بأنفسهم على الفعل والقطع والوصل من غير التجاء إلى الله تعالى وتوجه إليه فهو ممكور مبعود وقوله مردود وهو من الضلال بمكان والعياذ بالله تعالى .

ومن فرطوا وقاسوا الأنبياء والأولياء والصالحين بالأصنام والمسلمين المستمدين منهم الذين اتخذوهم شفعاء إلى الله تعالى بعبدة الأوثان فهم أقبح من أولئك وأسوأ وأضل سبيلاً ويقال بشأن مثلهم قول القائل : ويل لمن شفعاؤه خصماءه اللهم إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم " اهدنا الصراط المستقيم " الفاتحة الآية 6 .

وملخص ما قاله شيخ الأمة مولانا وسيدنا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه في برهانه وحكمه وكثير من كتبه أن التوسل بالأولياء إنما هو بمحبة الله تعالى لهم ومحبة الله لعباده الصالحين صفة له سبحانه ونعم الوسيلة إليه تعالى صفته جل وعلا وما بقي بعد هذا إلا العناد واختراع التأويلات الباطلة على غير المراد .

وأما إطلاع الميت بحاسة بصره وسماعه لكلام الحي



فالجواب فيه أن ابن همام رحمه الله ذكر في فتح القدير أنهم قالوا في زيارة القبور ، الأولى أن يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفي لا من قبل بصره فإنه أتعب لبصر الميت بخلاف الأول لأنه يكون مقابلاً لبصره لأن بصره ناظر إلى جهة قدميه إذا كان على جنبه انتهى .

وبهذا أثبت قدس الله روحه للميت إطلاعاً بحاسة بصره وأن أطباق الثرى لا تمنع بصره عن رؤية الزائر وعلى هذا فبالأولى أن لا تمنع حاسه السمع لأن حاسة البصر أضعف من حاسة السمع .
وقد أخرج الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى أنه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه ..." الحديث .
وقد أمر الشارع الكريم عليه الصلاة والسلام بخطاب أهل القبور بقول السلام عليكم وقد سلم صلى الله عليه وسلم على أهل البقيع وحاشا أن يكون من العبث ومع كل هذا فالعلم ثابت حصوله على أن العلم يكون بالروح وهو باق لتعلقه بالروح ولا مجال لإنكار سماع الأموات وعلمهم بعد الأدلة الصحيحة المصرحة بذلك عند أهل السنة والجماعة البتة كيف وقد ثبت للموتى ما هو فوق السماع والإبصار وهو الكلام وقراءة القرآن أما الكلام فقد اشتهر سماع كلام كثير منهم وقد صرح غير واحد بأن ربعي بن خراش تكلم بعد الموت وأما قراءة القرآن فقد ثبت فيما أخرجه الترمذي وحسنه عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك حتى ختمها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك حتى ختمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر " .

أقول وهذا كاف لإثبات كلام الموتى وشعورهم وقراءتهم القرآن وكم مثل هذا من الأخبار والروايات الوثيقة التي كادت تخرج عن دائرة الحصر .

وأما جواز نداء غير الله وجواز نداء الغائب والميت والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالأنبياء والأولياء



فالجواب أخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : " كنت أمشي مع ابن عمر فخدرت رجله فجلس فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمداه فقام فمشى " .

وأخرج أيضاً عن الهيثم قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص فخدرت رجله فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد فقام كأنما نشط من عقال فمن هذا ومثاله يعلم جواز نداء غير الله بل وجواز نداء الميت بعد موته قريباً كان منه أو بعيداً عنه .

وليعلم أن كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر يتحقق أنه لا يدعى للعبادة إلا الله سبحانه وتعالى وإنما المسلمون ينادون من ينادون من أحباب الله وأوليائه على جهة الشفاعة عنده ونداء المخلوق للمخلوق سواء كان ميتاً أو حياً غائباً أو حاضراً لا بأس به أما نداء الحاضر فلا يشك في جوازه عاقل وأما نداء الغائب فكاف في جوازه نداء سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يخطب على منبر المدينة لسارية رضي الله عنه وهو غائب في بلاد العجم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد عوناً أن يقول يا عباد الله أعينوني كما سبق وأما نداء الميت فيكفي في جوازه نداء النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب القليب يوم بدر بأسمائهم واحداً بعد واحد وهو يقول : إني وجدت ما وعدني ربي حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فقيل له عليه الصلاة والسلام كيف تناديهم وهم أموات ؟ فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لكلامي منهم " .

وهنا سر لطيف وهو أن النداء من المخلوق للمخلوق ليس بعبادة له أصلاً والدعاء أخص من النداء وهو خاص بالله جل وعلا ومثاله قول العبد يا رب يا الله ونحو ذلك والطلب إن كان من المخلوق للخالق تعالى سمي دعاء عبادة وإن كان من المخلوق لمن هو مثله أو أعلى رتبة من المخلوقين سمي نداء نعم يتضمن بعض النداء من المخلوق للمخلوق طلب الإعانة والإغاثة والشفاعة منه وهذا لا بأس به أصلاً لأن الأحاديث والأخبار قد صرحت بأن الأنبياء والأولياء لهم الشفاعة عند الله على قدر مراتبهم في الدنيا والآخرة ففي الدنيا بإجابة الدعاء ودفع البلاء ونزول الغيث وحل المشكلات وفي الآخرة بتفريج كربات القيامة وأهوالها وكل ذلك ثابت بالأحاديث الشريفة والأخبار المنيفة عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء " فإذا كان الأمر كذلك فكيف لا يستشفع بالرجل الصالح في المهمات .

( وفي الأوسط ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تخلو الأرض من أربعين رجلاً مثل إبراهيم خليل الرحمن فبهم يسقون وبهم ينصرون ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر .

( وبهذا ثبت ) أن السماء تمطر ببركاتهم والنصرة على الأعداء تحصل بعنايتهم فكيف لا يستغاث بهم إلى الله ويتوسل بجاههم ومحبة الله لهم وهم أحبابه وأهل حضرته ولم يرد في الكتاب ولا في السنة أن الله تعالى أو نبيه الأعظم صلى الله عليه وسلم قال لا تنادوا نبياً ولا ولياً على جهة الشفاعة .

( والذي احتج به البعض ) من قوله تعالى " فلا تدعوا مع الله أحدا " الجن 18 وقوله تعالى " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " الأعراف 194 ونحو ذلك من الآيات الكريمة الفرقانية فالخطاب فيها للمشركين الذين يدعون مع الله غيره أي يعبدونه ويفسر هذا قوله تعالى " وكانوا بعبادتهم كافرين " الأحقاف 6 وقد تقدم الفرق بين النداء والدعاء وعلى كل حال فالتوسل إلى الله بأنبيائه وأوليائه من سيرة السلف الصالح ومن الأسباب المأمور بتعاطيها شرعاً وعقلاً والمؤثر الحقيقي هو الله تعالى والأسباب لا تأثير لها باعتقاد جميع المسلمين وما المنادي المتوسل إلا كمريض تناول دواء فأكله وهو يعتقد أن الدواء سبب والله هو الشافي المعافي حقيقة والدواء لا تأثير له البتة ولا يقول عاقل من خدمة الشريعة في مشارق الأرض ومغاربها لشارب الدواء أشركت ولا يقدر أن يمنعه عن تناول الدواء وما بقي بعد هذه الأدلة الواضحة إلا الصمم عن الحق والانحراف عن الطريق الأحق فإن المنادي يقول مثلاً أدركنا يا رفاعي أو أغثنا يا ولي الله ويعتقد أنه سبب لحصول الخير والنجاة من الضر والله هو المعطي المانع الضار النافع والولي بمنزلة الدواء فمن ذا الذي ينقض كلامه أو يفوق له بالطعن سهامه والمثال ظاهر لا نزاع فيه وأما من قال بالنداء معتقداً تأثير المنادى دون الله تعالى فهو من الممكورين ولا عدوان إلا على الظالمين .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 25, 2012 4:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

وأما جواز وقوع الكرامات للأنبياء وللأولياء بعد الموت وجواز الاستمداد من الأولياء الأحياء والأموات



( فالجواب ) أما وقوع الكرامات للأنبياء وللأولياء بعد الموت فهو شائع ذائع بلغ مبلغ التواتر القطعي الذي لا يقبل الحمحمة وهنا تفصيلات جيدة إن شاء الله تعالى .

( قال جماعة ) كل ما يجريه الله تعالى على يد النبي بعد وفاته فهو معجزة له وكل ما يجريه الله على يد الولي فهو كرامة له .

( وقال آخرون ) بل كل ذلك كرامة سواء كان للنبي أو للولي لأن المعجزة مشروطة بالتحدي وبعد الانتقال من هذه الدار فهذا الشرط مفقود والذي يجريه الله حرمة للنبي إنما هو من إكرام الله تعالى له وهو كرامة ما لم يكن النبي حياً الحياة الدنيوية وأما إمكان وقوع ذلك فلا ريب فيه إذ من المقرر أن المعجزات والكرامات مرجعها إلى قدرة الله تعالى وإرادته سبحانه " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " يس 82 فالمعجزة والكرامة من الله وإنما تنسب إلى الأنبياء والأولياء على طريق المجاز لكونها جرت على أيديهم وبسببهم فهم وسائط وأسباب في إيصال المدد إلى الممدودين ولهم عليهم حق الشكر المجازي كما أن لله تعالى حق الشكر الحقيقي ولهم سلام الله ورضوانه عليهم هذه الخصوصية ولا ينكرها عليهم إلا مبعود مطموس القلب كيف لا وقد ورد في الحديث القدسي " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " الحديث .

فالذي يكون مظهراً لهذا الحديث القدسي كيف لا تنخرق له العادات وتظهر على يديه الكرامات وتنكشف بسببه الكربات وتقضى ببركته الحاجات .

( وهنا لقائل أن يقول ) ظهور الكرامة بقي مقيداً بزمن حياة الولي الحياة الدنيوية .

( فالجواب ) لما كانت الكرامة من الله ثبت أنها لا تنقطع بموت ولا بحياة بل هي دائمة مستمرة بقدرة الله عز وجل هذا بشأن الولي وأما بشأن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام حي في قبره منعم متصرف كتصرفه حال حياته الدنيوية ولا يشك بذلك من له شمة من علم السنة أو بارقة من نور التوفيق وقد صنف الحافظ الحجة الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله كتاباً في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أشبع الكلام فيه على المقصود فليراجع .

( وقد صح ) أن المصطفى صلى الله عليه وسلم رأى موسى عليه السلام قائماً يصلي في قبره ليلة الإسراء ثم رآه تلك الليلة في السماء .

وقد سمع ابن المسيب رحمه الله ورضي عنه أيام الحرة الأذان من قبر النبي صلى الله عليه وسلم مراراً ووقف هلال بن حارث المزني أحد الصحابة الكرام رضي الله عنهم أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد أصاب الناس قحط وكان ذلك في زمان سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه فقال يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : ائت عمر فاقرءه السلام وأخبره أنهم يسقون والقصة طويلة شهيرة ذكرها البيهقي وابن أبي شيبة وسيف وغير واحد فقد طلب هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو في البرزخ الدعاء لربه علماً بأنه حي عليه الصلاة والسلام وأن دعاءه غير ممتنع وأنه يسمع كلامه ويراه .

( وقد نص الحافظ السيوطي ) على أن النبي صلى الله عليه وسلم متصرف بعد موته في العالم العلوي والسفلي بإذن الله تعالى .

( قال في المواهب ) وقد ثبت أن الأنبياء يحجون ويلبون وأخرج أبو يعلى في مسنده عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون " ، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم وخبره صدق وقوله حق أن صلاتنا معروضة عليه وأن سلامنا يبلغه وأنه يرد على من سلم عليه السلام .

وأخرج ابن بكار في أخبار المدينة عن سعيد بن المسيب قال : لم أزل أسمع الأذان والإقامة في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الحرة حتى عاد الناس .

( ونص الحافظ السيوطي ) في كتابه التنوير وفي الشرف المحتم يسلسل ذلك بطرق ثلاث ومثله نص الحافظ ابن الحاج الواسطي والإمام الوتري والإمام المناوي والشهاب الخفاجي والحافظ تقي الدين الواسطي الأنصاري والإمام الجزري والأمير محمد الحسيني أمير المدينة المنورة والسيد سراج الدين وخلائق أن قطب الأقطاب وغوث الوجود بلا ارتياب مولانا السيد أحمد محي الدين الكبير الرفاعي الحسيني رضي الله عنه لما حج وقف تجاه قبر جده المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا جدي فقال له عليه الصلاة والسلام وعليك السلام يا ولدي سمع ذلك كل من حضر فلما من عليه جده عليه الصلاة والسلام بالجواب طاب لذلك وحن وأن وجثا على ركبتيه واصفر وأرعد ثم قام وأنشد :

في حالة البعد روحي كنت أرسلها

تقبل الأرض عني وهي نائبتي


وهذه دولة الأشباح قد حضرت

فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي



فمد له رسول الله صلى الله عليه وسلم يده المباركة من قبره فقبلها والناس ينظرون .

( قال الصفوري ) في نزهة المجالس والسيوطي في الشرف المحتم والإمام الرافعي في مختصره والفاروثي في نفحته والواسطي في ترياقه وغير واحد ما ملخصه : ويخشى على منكر هذه القصة سوء العاقبة والعياذ بالله لإنكاره ما أكرم الله به نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ووليه السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وما أحسن ما قاله ولي الله العارف بالله الشيخ تقي الدين الفقيه الفقير النهروندي من قصيدة امتدح بها شيخه شيخ الكل في الكل السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه عام عوده من الحجاز سنة مد اليد النبوية له قدس الله سره منها :

مد طه يمينه للرفاعي

فانجلت عندها له الأشياء


يا لها من يمين قدس نزيه

يشتهي شم عطرها الأنبياء


قد تجلى الله المهيمن لما

ظهرت وازدهت لذاك السماء


لا تقل كيف تم هذا وأيقن

يفعل الله ربنا ما يشاء


واهجر المارقين واعذر إذا ما

أنكر الشمس مقلة عمياء


أيكون النبي ميتاًَ وفي القرآن

أحياء ربها الشهداء


وبمد اليمين لابن الرفاعي

حجة في مقامها سمحاء


شهدتها المساء آلاف قوم

ورآها الأقران والأكفاء


صار ذاك المسا صباحاً فما أعجب

يوماً فيه الصباح مساء


فرح الدين والهدى وطريق الحق

بل والشريعة الغراء


وتعالى شأن النبي المفدى

وتلاشت بطبعها الأهواء



والقصيدة طويلة والقصة شهيرة . انتهى

( هذا ) وأن خلص أهل السنة والجماعة وأعيان أولياء الأمة وأكابر حملة الشريعة المطهرة يعتقدون حياة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ويخصون بكثرة المزايا في الحياة البرزخية نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ويجزمون بحياته وتصرفاته بل ومنهم من رآه عياناً ومنهم من كلمه واستفتاه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومحبيه وسلم تسليماً كثيراً .

( وما أدري ) ما الذي يضر بعض المتفقهة من هذه الخصوصية التي أعطاها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ولسائر النبيين والمرسلين صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين بل لا أشك أن إنكارها من سواد الحجب المركبة على قلوبهم أحدثتها نخوتهم الكاذبة وانتصارهم لأنفسهم ومخالفتهم لجمهور المسلمين العارفين بحقوق نبيهم صلى الله عليه وسلم ليعرف بذلك اسمهم ويقال أنهم علماء من قبيل خالف تعرف وإن كان القول بذلك منهم من الحسد لسلطان الرسالة فهو الضلال البعيد اللهم أكرمنا بمعرفة قدر نبيك صلى الله عليه وسلم وارزقنا حقيقة الأدب معه عليه الصلاة والسلام ومع إخوانه النبيين والمرسلين ومع أوليائك الصالحين أجمعين واحشرنا معهم يا رب العالمين .

وبقي هنا الكلام على جواز الاستمداد من الأولياء الأحياء منهم والأموات



وهذا سبق ما يؤيد جوازه بنصوص عديدة ويكفي في جواز ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عمر ولسيدنا علي رضي الله عنهما أن يسألا أويساً القرني رضي الله عنه الدعاء هذا مع كونهما أفضل وأعظم منه وما ذلك إلا لإعلام المسلمين أن طلب الدعاء من الصالحين جائز وهل الاستمداد إلا طلب دعاء الولي وأن يجمع همته فيتوجه إلى الله تعالى بقضاء حاجة المستمد وعلى هذا فالاستمداد من الأموات أسرع عندي لقضاء الحاجة على أنهم في بساط التخلي لله تعالى عن الأكوان وسماعهم لكلام الحي ثابت وقد سبق دليله وهنا بحث جيد وهو أن وقوع الكرامات للأولياء رضي الله عنهم ثابت بنصوص الكتاب والسنة وبالتواتر القطعي الذي لا يدافع ولو أردنا نقل الأدلة والأخبار الواردة بذلك لكتبنا عدة مجلدات وأظن أن هذا الأمر مما لا نزاع فيه فإذا ثبت وقوع الكرامة للولي وقد تقرر أن الكرامة من الله تعالى وهو مظهر لها أي محل لظهورها فما المانع من اختياره محلاً لظهور حياً كان أو ميتاً وجعل الله العبد ولياً إنما هو امتنان عليه بالسعادة الأزلية والأولياء هم أعز المخاطبين بقوله تعالى " نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة " الآية فصلت 31 وقد فسر القاضي البيضاوي رحمه الله رحمة واسعة " والنازعات غرقاً " النازعات 1 إلى قوله " فالمدبرات أمراً " النازعات 5 بصفات النفوس الفاضلة حال المفارقة فإنها تنزع عن الأبدان غرقاً أي نزعاً شديداً من أغرق النازع في القوس فتنشط إلى عالم الملكوت وتسبح فيه فتسبق إلى حظائر القدس فتصير بشرفها وقوتها من المدبرات فإذا كان كذلك والله سبحانه كرماً منه وفضلاً أعطى أرواح أوليائه هذه القوة وجعلها في حظائر قدسه مدبرة للأمور بإذنه وإرادته فما المانع من الاستمداد منها وما أدري ما يريد المغالط ؟ أيزعم تحكماً في عقائد المسلمين أن يجعل المستمد من الولي الميت أو الحي أنه اتخذه إلهاً يعبد وعكف على بابه معتقداً أنه يحي ويميت ويعطي ويمنع ويرزق ويقطع ويصل استبداداً منه من دون أمر الله وإرادته وأنه هو الآمر المريد فإن كان هذا زعمه فقد أدخل التلبيس في الدين وشوش عقائد الموحدين وهم براء مما دلسه في عقائدهم ولا يظن هذا الزعم الباطل بمسلم من أهل السنة والجماعة أصلاً سواء كان عالماً أو جاهلاً بل كل فرد من أفراد المسلمين يعتقد أن الله هو الفعال المطلق وغيره لا يقدر على تحريك شيء ولا على تسكينه إلا بإذنه سبحانه وأمره وهو تعالت قدرته يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .

( وموافقة ) لغرض بعض المشددين من الفقهاء الذين اتخذوا هذه الدعاوى حرفة شددوا فيها على الناس وهم في ما هم عليه من الأعمال أجرأ الناس على موافقة أهوائهم نقول وقولنا حق بمعونة الله سبحانه أن من كان يعتقد ما أوهمه المدعي من أن المستمد منه أعني الولي هو الفعال للمطلوب دون الله وهو المؤثر فهو عندنا وعند جميع الأمة المحمدية كافر بلا ريب ولكن لا يشك صاحب عقل في أنه لو قيل : لأجهل الناس من المسلمين الولي الذي استمديت منه في حاجتك هو الفعال أم الله ؟ فلابد أن يقول حاشا أن يكون الفعال الولي بل الفعال هو الله سبحانه وتعالى .

وأما زيارة قبور الأولياء للتبرك بها والتوسل



( فالجواب ) أن زيارة القبور مطلقاً أجازها الشارع الكريم صلى الله عليه وسلم والخبر مشهور وتخصيص زيارة قبور الأولياء والصالحينبالجواز داخل بذلك العموم واستحسانه أكثر من زيارة قبور العامة مبني على اعتقاد قرب أولياء الله من الله ومحبتهم له ومحبته سبحانه لهم وعلى هذا فالزيارة لهم لأجل الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم قال حاكياً عن ربه تعالى " حقت محبتي للمتحابين في والمتزاورين في " الحديث .

وقال عليه الصلاة والسلام : " زر في الله فإن من زار في الله شيعه سبعة وسبعون ألف ملك يقولون اللهم صله كما وصله فيك وناداه مناد طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة مقعداً " .

ولا ينافي هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ... الحديث " .

على أن النهي وقع في شد الرحال للصلاة إلى مسجد غير هذه المساجد الثلاثة لا غير أعني على سبيل الإعظام والتمييز بالفضيلة على مساجد غيره اجتهاداً من شاد الرحل يريد أن يحدث فضيلة مخصوصة لمسجد غير هذه الثلاثة على ما سواه وإلا فلا مانع من زيارة قبور الأولياء والصالحين للتبرك بها والتوسل إذ الزيارة لوجه الله تعالى وقد سبق لك ما نقله الإمام ابن الجوزي وذكره الخطيب البغدادي أيضاً في تاريخه أيضاً كل بسنده إلى رجل من الثقاة يقول : ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر يعني الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق عليهما السلام والرضوان فتوسلت به إلا سهل الله سبحانه لي ما أحب .

( وذكر الخطيب البغدادي رحمه الله ونفعنا به ) في تاريخه وقد رفع السند إلى أحمد بن العباس قال خرجت من بغداد فاستقبلني رجل عليه أثر العبادة فقال لي من أين خرجت ؟ قلت من بغداد هربت منها لما رأيت الفساد خفت أن يخسف بأهلها فقال ارجع ولا تخف فإن فيها قبور أربعة من أولياء الله عز وجل هم حصن لهم من جميع البلايا قلت من هم ؟ قال هم الإمام أحمد بن حنبل ومعروف الكرخي وبشر الحافي ومنصور بن عمار فرجعت وزرت القبور ولم أخرج تلك السنة .

( وذكر الخطيب البغدادي ) أيضاً بسنده عن أبي يوسف بن حبان قال وكان من خيار المسلمين أنه قال : لما مات أحمد بن حنبل رأى رجل في منامه كأن على قبره قنديلاً فقال ما هذا ؟ فقيل له أما علمت أنه نور لأهل القبور قبورهم بنزول هذا الرجل بين أظهرهم قد كان فيهم من يعذب فرحم .

( ونقل بسنده ) عن الإمام محمد الزهري أنه قال : قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج ويقال أنه من قرأ عنده مائة مرة ( قل هو الله أحد ) الإخلاص 1 وسأل الله ما يريد قضي الله حاجته . انتهى .

( وذكر الإمام الجليل الشيخ أبو الحسن علي الواسطي الشافعي قدس سره ) وهو الذي قال فيه الحافظ الذهبي كبير الشان منقطع القرين كلمة وفاق يريد أنه لا يختلف اثنان في فضله وجلالة قدره في كتاب خلاصة الإكسير عند ذكر سيدنا الإمام موسى الكاظم عليه السلام والرضوان ما نصه : ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله لنجح المتوسلين به إلى الله تعالى وكراماته تحار منها العقول وتقضي بأن له قدم صدق عند الله لا يزول. انتهى .

( ورأى ) الإمام البجلي رحمه الله رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له عليه الصلاة والسلام وقوفك بين يدي ولي لله كحلب شاة أو كشي بيضة خير لك من أن تعبد الله حتى تتقطع إرباً إرباً قال حياً كان أو ميتاً يا رسول الله ؟ قال حياً كان أو ميتاً .

( قلت ) غير العبادات المفروضات وكأن زيارة الولي والوقوف بين يديه أفضل من النوافل لأنها لله تعالى ومحبته فيه سبحانه فمن كان يتبرك لوجه الله بزيارة الأولياء والصالحين ويضرع بهم إلى الله ويحبهم لأجله ويعتقد أن لهم قدم صدق عند ربهم ولهم ما يشاؤون عنده وهو سبحانه وتعالى الفعال المقتدر يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد فلا بأس عليه بل ويرجى له الخير والعناية من الله عز وجل ببركتهم رضوان الله عليهم والمعترض عليه واهم .

( وأما ) من عكف على هذا القبر المزين وانقطع له عن الله عز وجل وظن أن الميت المدفون فيه يفعل ويصل ويقطع بغير أمر من الله وهو المستبد بالفعل والآمر بنفسه فهو لا ريب من الضالين والله ولي المتقين .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 25, 2012 6:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء إبريل 04, 2012 12:30 pm
مشاركات: 280
نعترف لابتفوقه في منعرفة الرئيس اتلفائز الشيخ الرفاعي


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 28, 2012 1:26 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

وأما جواز استعمال السبحة



( فالجواب ) ألف الحافظ السيوطي رسالة سماها المنحة في السبحة قال فيها أخرج الترمذي والحاكم والطبراني عن صفية رضي الله عنها قالت " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال : ما هذا يا بنت حيي ؟ قلت أسبح بهن قال قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا قلت علمني يا رسول الله قال قولي سبحان الله عدد ما خلق من شيء " والحديث صحيح .

( قلت ) وذكر جملة أحاديث مؤيدة لهذا الحديث الشريف ومن هذا ثبت أن للسبحة أصلاً في السنة وقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها على التسبيح بالنوى ودلها على ما هو أشمل وأكثر جمعاً أو كان ذلك من خصوصياته عليه الصلاة والسلام وإلا فقد اختار الأكثرون التسبيح بالعدد وقالوا فيه فضيلة عن التسبيح المجمل ولو كان مشتملاً على البلاغة والإيجاز لأن الأول من أوجز الأعمال وهو أفضلها .

وأخرج ابن سعد عن حكيم أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان يسبح بالحصى وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يسبح بالنوى المجزع .

( قلت ) والمجزع لغة الذي حك بعضه حتى ابيض فترى النواة بعضها فيه سواد وبعضها فيه بياض .

وقد أطبق السلف والخلف من أعيان القوم الأكابر على اتخاذ السبحة ولم ينقل عن أحد من السلف الصالح بل ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة بل كان أكثرهم يعدون الذكر بها ولا يرون بذلك من بأس وشوهد بعضهم يعد الذكر بالسبحة فقيل له أتعد على الله فقال لا ولكن أعد له رحمه الله ما أحسن جوابه وخلاصة الجواب لما جاء الأمر في السنة بذكر معدود في مواطن كثيرة ولم يرد نهي صريح عن اتخاذ السبحة وصارت سبباً لأداء الوظيفة المأمور بها شرعاً حسن استعمالها ولا حجة لمانع اتخاذها والله ولي الهداية والتوفيق .

وأما جواز الصلاة على السجادة في المساجد أعني السجادة التي تحمل للمشايخ وغيرهم إلى المساجد



( فالجواب ) جاء في صحيح البخاري بالسند " عن ميمونة رضي الله عنها قالت كان ـ تعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ يصلي على الخمرة " ، قال الشارح الإمام القسطلاني رحمه الله الخمرة بضم الخاء المعجمة وسكون الميم سجادة صغيرة من سعف النخل ترمل بخيوط وسميت خمرة لأنها تستر وجه المصلي عن الأرض ، وجاء غير ذلك في صحيح البخاري من الأحاديث والأخبار الشريفة الدالة على جواز الصلاة على السجادة دلالة صريحة وقد اتفق أهل العلم من المحدثين والفقهاء على جواز الصلاة على السجادة سواء كانت منسوجة من سعف النخل أو غيره كالقطن والشعر والصوف ولا عبرة بقول من قال بالكراهة لأن الجمهور على خلافه ، نعم صرح السلف بأفضلية الصلاة على الأرض ثم على ما صنع من جنس ما يخرج منها كسعف النخل والقطن وغيرهما وأن ذلك أفضل من الصلاة على ما صنع من الصوف والشعر وغيرهما ولم يكن اتخاذها للصلاة إلا للنزاهة عن الأقذار ولهذا ذهب صاحب الدر فقال حمل السجادة في زماننا أولى احتياطاً لما ورد أول ما يسئل عنه في القبر الطهارة وفي الموقف الصلاة ، انتهى ، فهذا دليل باهر واضح على استحباب حمل السجادة فضلاً عن جوازها ولا ريب فالأعمال بالنيات والله عالم الخفيات وبهذا كفاية وحسبنا الله وكفى .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 01, 2012 4:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

وأما جواز تقبيل يد الشيخ



( فالجواب ) صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل سرة الحسن رضي الله عنه والسيد الصديق رضي الله عنه قبل خد سيدتنا عائشة رضي الله عنها حين وجدها محمومة والتقبيل على أقسام فما كان للشهوة فلا شك في تحريمه ما لم يكن التقبيل للزوجة أو لمن يحل للمقبل وطؤها وما كان للشفقة كتقبيل الوالد ولده والجد حفيده فذلك جائز بدليل تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم السبطين الكريمين رضي الله عنهما وما كان لإظهار المودة فهو ملحق بهذا القسم المذكور وذلك كتقبيل النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب بين عينيه كما في شعب الإيمان وما كان لتعظيم فإن كان لسيد علوي أو عالم أو إمام عادل أو صالح فجائز بلا ريب ، أخرج أبو داود والبخاري في الأدب المفرد عن زارع رضي الله عنه وكان في وفد عبد القيس قال : " لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعد أن ذكر قصة فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يديه أخرجه أبو داود وأخرج أبو داود أيضاً من حديث عائشة رضي الله عنها أن فاطمة رضي الله عنها كانت إذا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قامت إليه فأخذت يده فقبلتها وفي هذا الخبر المبارك دلالة صريحة على جواز تقبيل يد الوالد والقيام له .

( وروى ) الطبراني عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه لما نزل عنده النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده فقبلها ، وأخرج الحاكم وصححه في مستدركه عن بريدة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل رأسه ورجليه ، وفيما أخرجه الترمذي أن قوماً من اليهود قبلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجليه .

وهذه الأخبار الصحيحة من أعظم الدلالات على جواز تقبيل يد صاحب الشرف الديني كالفاطمي والعالم العامل والإمام العادل بل وعلى جواز تقبيل أرجلهم أيضاً وإن الذي يمنع التقبيل إنما يستند إلى أنه تعظيم لغير الله وتعظيم غير الله تعالى حرام ، وهذا من التشديد إذ لو كان كذلك مطلقاً لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالتنزه عن ذلك ، وما المانع من تكريم النوع الآدمي لوجه الله والله تعالى يقول " ولقد كرمنا بني آدم " الإسراء 70 .

( وهنا سر لطيف ) وهو أن من عظم غير الله تعظيماً يدفع فاعله لمخالفة أمر الله فقد وقع في خطر التحريم وحاد عن الطريق المستقيم وإلا فتعظيم المخلوق للمخلوق تعظيماً لا يدفع لمخالفة الأوامر الإلهية وكان ذلك التعظيم لله ففاعله مثاب مأجور كما وقع ليحيى بن الحارث فإنه لقي وائلة بن الأسقع رضي الله عنهما فقال لوائلة : بايعت يدك يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال نعم ، فقال يحيى له أعطني يدك أقبلها فأعطاه إياها وقبلها ، وقبل عمر رأس أبي بكر رضي الله عنهما وقال له أنا فداؤك ولولا أنت هلكنا نقل ذلك المحب الطبري ورجال إسناده ثقاة ، وركب زيد بن ثابت فأخذ ابن عباس رضي الله عنهما بركابه فقال لا تفعل يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا ، فقبل زيد بن ثابت يده وقال هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم ، وقول كل من هذين الصحابيين الجليلين رضي الله عنهما هكذا أمرنا يدل على أن الأمر بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ليس للصحابي من آمر في الشرع غيره عليه الصلاة والسلام وقد وقع تقبيل الرأس واليد بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرج على ذلك التابعون والمجتهدون وأكابر السلف بلا نكير فعلى هذا تقبيل يد الشيخ والمعلم والوالد والشريف والإمام جائز لا نزاع وإذا كان ذلك بنية التعظيم لله سبحانه تأسياً بأصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ففيه ثواب بل ويعد من فضائل الأعمال وإذا كان لغير العالم أو الشريف والإمام والوالد والمرشد والولد أو للصديق للتودد فهو حرام والأمور باعتبار مقاصدها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وأما ما نقله بعضهم من تصرف أربعة من الأولياء في قبورهم كتصرف الأحياء



( فالجواب ) التصرف الذي عناه مدعي التصرف لهؤلاء الأولياء الأربعة خاصة هو التمكن من إظهار الكرامة ، فأما وقوع الكرامة للأولياء بعد الموت فقد سبق الدليل على جوازه ومما يؤيد جواز وقوع الكرامة للأولياء بعد الموت قولنا أن وقوع الكرامة بعد الموت أمر ممكن وكرامات الأولياء حق وكل ممكن جائز ولا يمكن القول بعدم جواز وقوع الكرامة لكونها مخلوقة لله تعالى ومقدورة له وهي من جملة الممكنات إيجاداً وإعداماً هذا ما أفاده كلام المحقق التفتازاني وغيره .

( وعلى هذا ) فلا فرق في وقوع الكرامة للولي حياً كان أو ميتاً وثبت ذلك لجميع الأولياء رضي الله عنهم وهؤلاء الأربعة من الأولياء فهم أيضاً داخلون في عموم الأولياء .

( وقال العلامة الإمام الوتري ) قدس سره في كتابه روضة الناظرين في ترجمة القطب الشيخ حياة بن قيس الحراني قدس سره النوراني ، قال فيه جماعة من الصوفية أنه أحد الأربعة الذين يتصرفون في قبورهم كتصرف الأحياء وهم على ما يقولون : الشيخ عقيل المنبجي والشيخ حياة بن قيس الحراني والشيخ عبد القادر الجيلي والشيخ معروف الكرخي رضي الله عنهم ثم قال وهذه الكلمة نقلها الشطنوفي في بهجته التي صنفها في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلي قدس الله سره والحال أن سيد القوم الذي برأ الله طريقه من اللوم مولانا وسيدنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه نص على أن تصرف الروح لا يصح لمخلوق أصلاً ولكن الكريم يمن على أرواح أوليائه فيجيب الله الضارع إليه بهم .

( قلت ) أما نص الإمام الرفاعي رضي الله عنه الذي أشار إليه الوتري قدس سره فقد أورده رضي الله عنه في كتاب حكمه الذي تكرم به على خليفته وأحد أجلاء أصحابه مولانا الشيخ الشريف عبد السميع الهاشمي العباسي قدس الله سره وهذا نصه :

( قال بعض الأعاجم ) من صوفية خراسان أن روحانية ابن شهريار الصوفي الكبير قدس سره تتصرف في ترتيب جموع الصوفية في العرب والعجم إلى ما شاء الله ذلك لم يكن إلا لله الوهاب الفعال .

النيابة المحمدية عند أهل القلوب ثابتة تدور بنوبة أهل الوقت على مراتبهم وتصرف الروح لا يصح لمخلوق إنما الكرم الإلهي يشمل أرواح بعض أوليائه بل كلهم فيصلح شأن من يتوسل بهم إلى الله قال تعالى " نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة " فصلت 31 هذا الحد إياك وإفراط الأعاجم فإن في أعمال بعضهم الإطراء الذي نص عليه الحبيب عليه صلوات الله وسلامه وإياك ورؤية الفعل في العبد حياً كان أو ميتاً فإن الخلق كلهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ، نعم خذ محبة أحباب الله وسيلة إلى الله فإن محبة الله تعالى لعباده سر من أسرار الأولوهية يعود صفة للحق ونعم الوسيلة إلى الله سر ألوهيته وصفة ربوبيته . انتهى كلام الحضرة الرفاعية .

( وقال ) العارف الشيخ أحمد الوتري قدس سره في روضة الناظرين ، سئل والدي الشيخ العارف محمد الوتري قدس سره من شيخه الغوث الجليل سيدي سراج الدين الرفاعي رضي الله عنه عن تصرف الأرواح بعد الموت ، فقال نحن أحمديون وإمامنا الذي ندعى به في هذه الطريقة غداً إن شاء الله هو السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وهو حراسة لجانب التوحيد لا يقول بتصرف الأحياء ولا بتصرف الأموات وإنما يقول بمعونة الله لمن توسل بأحباب الله .

( أقول ) وقصده من قوله لا يقول بتصرف الأحياء ولا بتصرف الأموات يريد بذلك أن لا تصرف لحي ولا ميت إلا بتصريف الله تعالى له إذ لا يمكن تصرف الحي أو الميت بنفسه .

ثم قال الوتري وبهذا يتساوى الأمر بشأن الأحياء والأموات وبساط القدرة واحد والفعال واحد نعم هو عظم أحبابه وأوليائه وصرفهم في الكائنات وسخر لهم الذرات وهو المحرك المسكن الضار النافع وهو على كل شيء قدير . انتهى ملخصاً .

( أقول ) وهذه المعونة التي تحصل من حضرة الكرم الإلهي لأرواح الأولياء بعد الموت كالمعونة التي تحدث للأحياء بالإرادة الجزئية " قل كل من عند الله " النساء 78 هذا ما عليه السلف من السادات الرفاعية وغيرهم من أئمة الأمة المحمدية عطر الله مراقدهم وهو الأصل في مذهب أهل الكمال الذين يعملون بأصول الشرع ولا ينحرفون عن طريق الصواب " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " آل عمران 8 آمين .

وأما جواز تدوين الشطحات المروية عن بعض المشايخ والقول بها وبوحدة الوجود المطلقة



( الجواب ) نص العارفون من السلف الصالح أن الشطح هو التجاوز والتبجح والتزحزح من مكان إلى مكان آخر وهو رعونة دعوى لا يحتملها القلب فيلقيها إلى اللسان فينطق بها لسان الأحمق .

( وقال آخرون ) بل هي من الزلات التي لا تصدر عن محقق أصلاً ، وقالوا الولي إذا كان حاله أكمل من مقامه تصدر منه الكلمات الزائدة والشطحات ويغلبه الوجد فيطيش طيش المعجب وقالوا الشطح الذي يلفظ به أهل السكر من العارفين هو كلام صادر عن وجد وشوق وشدة غليان وعظم عشق وهو في اللغة العربية الحركة يقال شطح يشطح إذا تحرك ويقال للبيت الذي تحرز فيه الدقيق مشطاح من كثرة ما يحركون فيه الدقيق فشطح العارفين مأخوذ من حركة أسرارهم ولسان الشطح كيف كان هو من أسباب الوقيعة بصاحبه وهو نقص في مرتبة الولاية وذلك بالنسبة إلى المتمكنين من الأولياء كمال بالنسبة إلى غيرهم لكن على شرط قبوله التأويل الحسن ، فإن من الشطح ما يقبل التأويل ومنه ما لا يقبل التأويل فالشطح الذي يقبل التأويل إن كان عن حال صادق لا يؤاخذ صاحبه وإن كان عن حالة خالية فهو من الضلال المحض والعياذ بالله والشطحات التي تصدر من أهل الأحوال الصادقة لا تقدح في مقامهم ومنازلهم ولكن لا يقتدى بهم فيها ولا يصح أن تروى أو تدون لأن ذلك من مزالق الأقدام والمتمكنون من أهل المقامات لا يصرفهم الحال إلى قول فوق التحدث بالنعمة وتراهم دائماً وقوفاً تحت لواء " إن الله كان عليكم رقيباً " النساء 1 فهم دائموا الخشية والخشوع شغلهم الأدب له والاشتغال به عن كل ما يطلعهم عليه من حوادث الأكوان وهؤلاء أهل مرتبة العبودية ومقام العبدية الذي هو أعلى مقامات المحبوبية ودونهم غيرهم كيف قال وإلى أين طال هذا ما ذهب إليه أعيان العارفين من السلف المتقدمين وعليه الكمل من خواص المتأخرين كما نص على ذلك الإمام العارف شهاب الدين السهروردي والشيخ الجليل محي الدين ابن العربي الحاتمي والإمام العسقلاني والعارف الوتري وخلائق .

قال الشيخ محي الدين في الفتوحات في باب الشطح وحاشا أهل الله أن يتميزوا عن الأمثال أو يفتخروا ولهذا كان الشطح رعونة نفس فإنه لا يصدر من محقق أصلاً فإن المحقق ما له مشهود سوى ربه وقال في الباب المذكور فكل من شطح فعن غفلة شطح وما رأينا ولا سمعنا عن ولي ظهر منه شطح لرعونة نفس وهو ولي عند الله .

( وقال أيضاً ) الشطح كلمة صادقة صادرة من رعونة نفس عليها بقية طبع تشهد لصاحبها ببعده من الله في تلك الحال وهذا القدر كاف في معرفة حال الشطح انتهى كلامه .

وقد ضل بقبول الشطحات قوم كثيرون وابتلوا بالدعوى وعمتهم البلوى والإنكار عليهم مما يجب شرعاً ولكن تحت قاعدة مقررة وهي أن كل كلمة أو عمل يصدر من مثل هؤلاء الجماعة القائلين بالشطحات المعتقدين لها ، لك أيها المنصف من دون ميل إلى غرضك وموافقة لطبعك أن تضع ذلك القول أو العمل في ميزان الشرع فإن قبله الشرع فهو مقبول وإن رده فهو مردود ، ولك أن تحرم ما حرم الله وتبغض فاعله انتصاراً لله وأن تحل ما أحل الله وتحب فاعله لله وأن تبيح ما أباح الله وليس لك أن تدخل الحلال في الحرام تحكماً منك وانتصاراً لنفسك وانقياداً لنخوتك ولا أن تدخل الحرام في الحلال أو المباح في كليهما وبهذه القاعدة تعرف من يؤاخذ من الشطاحين ومن يعذر ومن ينكر عليه ومن يسلم له حاله ويجب عليك الانتصار لله بتطهير عقائد المسلمين مما يدخله عليهم الزنادقة وأهل الغلو من الأغلاط المضرة التي تضر بعقائدهم والشطحات المذمومة هي كما قررناها لك التي تخرق سياج الشريعة وتؤذي المسلمين في دينهم إذا اعتقدوها كالكلمات التي تشتمل على حلول أو اتحاد أو ما يماثل ذلك .

( ومن الشطحات المذمومة أيضاً ) الكلمات المؤذنة بالعجب والعلو على الأمثال ، قال سيدنا ومولانا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه : ( كلمتان ثلمتان في الدين القول بالوحدة والشطح المجاوز حد التحدث بالنعمة ) وملخص ما قيل في الكلمات التي تعد من التحدث بالنعمة إنها عبارة عن قول القائل : أعطاني ربي من الخير كذا ووهبني من المقامات كذا وعلمني كذا ولكن لا يقول أنا خير منكم أنا أفضل منكم ولا يتجاوز الحد مع إخوانه ولا يدعي القطع والوصل والاستبداد بالفعل وقد أشار إلى ذلك أبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي أحد أصحاب الإمام الجنيد رضي الله عنهما بقوله : الحرية التخلص من دعوى الفعل والقطع والوصل وأهل العبودية المحضة قليل وهم الأحرار الذين آمنوا من مصائب النفس وسلموا من الأنانية الكاذبة وتجردوا من علائق طباعهم ووقفوا مع الحق وأخلصوا له وأين هم ماتوا رحمهم الله والباقون منهم ألقوا أنفسهم في زوايا الإهمال واتضعوا علماً بأن التواضع لا يفيد تجاه النفس الممتزجة بشاغلة الهوى والضعة دواء هذا الداء فلذلك عميت عنهم أبصار أهل النفوس فما رأوهم وطمحت أبصارهم لأهل الدعوى وشبيه الشيء منجذب إليه والشكل بالشكل عارف . انتهى كلامه .

وخلاصة ما قاله الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في طبقات الحنابلة فيما نقل عن حضرة القطب الجليل العارف بالله الشيخ عبد القادر الجيلي قدس الله سره ، حسبما رواه الشطنوفي في بهجة الأسرار أنه قال : قدمي هذا على رقبة كل ولي لله ، إن هذا الكلام من شطحات الشيوخ التي لا يقتدى بهم فيها ولا تقدح في مقاماتهم ومنازلهم فكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم .

قال الحافظ شيخ الإسلام أحمد المعروف بابن حجر العسقلاني رحمه الله في الدرر الكامنة حين ذكر الشطنوفي مؤلف بهجة الأسرار في مناقب الشيخ عبد القادر قدس الله سره ذكر فيها غرائب وعجائب وطعن الناس في كثير من حكاياته وأسانيده فيها .

( قلت ) ومن هذا يعلم أن الشيخ الجيلي نفعنا الله بعلومه وبركاته لم يقل هذه الكلمة ولا الكلمات المؤذنة بالعجب والمعدودة من الشطح التي عزاها له صاحب البهجة وغيره من أرباب الغلو ، والشيخ قدس الله روحه مبرأ بل ومحمي الساحة من كل ما يخالف ظاهر الشرع وقد كان على جانب عظيم من العلم والعمل والتمسك بالسنة وهذا الظن به وبأمثاله من إخوانه الأولياء قدس الله أرواحهم ولا لوم إلا على من يدون الشطحات المنسوبة للأكابر من القوم ويذهب بعقائد المسلمين كل مذهب ويجعل القوم أهدافاً لسهام المعترضين والذي أعتقده أن جميع ما يخالف ظاهر الشريعة مدسوس على أئمة الطرق من قبل أصحاب الغلو والإفراط وهم مبرؤون منه وهذا الذي يلزم كل منصف يحفظ حرمات الأولياء نفعنا الله ببركاتهم ولله در القائل :

لا تخض في سب سادات مضوا

إنهم ليسوا بأهل للزلل



وللقوم رضي الله عنهم أن يقول قائلهم ما قلته مرتجلاً :

حفظت لساني أن يقول ذميمة

وما حيلتي فيمن علي تقولا



( وزبدة ما أقول ) أن الشطحات من حيث هي لا تدون ولا يلزم القول بها ولا الاعتقاد بما تضمنته من الطامات وفضول الكلام المنهي عنه شرعاً ولنا أن نؤول ما يقبل التأويل حفظاً لمقامات القوم الأكابر الذين ينسب لهم مثل هذه الأقاويل ونقبل ما ظهر معناه الموافق لظاهر الشرع وننكر صحة وقوع ما يخالف الشرع من الكلمات المعزوة إليهم وصدورها منهم رضي الله عنهم على أنه لم يصل إلينا بأسانيد صحيحة مرضية تؤكدها شهادة العدول عن العدول ولنا حمل المسلمين على الصلاح والأدب مع القوم الكرام قدست أرواحهم ومن لم يرض إلا بإلزام القوم بهذه الكلمات وإلزام الأمة باعتقادها مع معارضتها لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل بيته رضي الله عنهم من الأدب والكلام المرضي والسيرة الحميدة والوقوف عند الحدود ولين الجانب وعدم الترفع على أحد من الناس إلا بنص قرآني وأمر رباني وحينئذ فما ذاك من الترفع بل من بيان الواقع فإذاً قوله له وعليه ونحن عن ذلك المجترئ وعن غلوه واجترائه بمعزل إن شاء الله تعالى على أن كتب السنة طافحة بتواضع النبي صلى الله عليه وسلم وتحمله وحسن معاملته للناس واجتنابه وأصحابه الكرام فضول الكلام والتبجح وأمره بإنزال الناس منازلهم والحال هو سيد المخلوقين وتاج النبيين فمن عدل عن سيرته وخالف أمره تبعاً لهوى نفسه فهو من الضلال بمكان كيف لا والله تعالى يقول : " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " النور 63 ، هذا ملخص ما أقوله في الشطحات وتدوينها .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 02, 2012 6:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

وأما القول بوحدة الوجود المطلقة



( فالجواب فيه ) أن القول بوحدة الوجود المطلقة هو عبارة عن خيال لا حقيقة له يحدثه الميل للأقوال الموهمة بالحلول والاتحاد على الطريقة التي ذهب إليها بعض أهل الأهواء ونسبوها لجماعة من أكابر الصوفية فيتسع ذلك الخيال اتساعاً باطلاً صارفاً عن الحكمة العقلية والمناهج الشرعية ويساعد على تمكنه في خزانة الفكر لقلقة بعض المتشدقة بوجه ما أنزل الله به من سلطان فيقول إذاً رب ذلك الزعم الفاسد والمذهب الباطل الكاسد ، الله خالق الأشياء وهو هي ويسقط ذلك الضال التكاليف ويعطل أحكام الشرع ويرى أن هذا الكون المجتمع هو الله سبحانه ( تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ) وقد أنكر هذا المذهب الباطل أئمة الدين وأشياخ المسلمين وأولياء الله تعالى وعلماء الأمة طبقة بعد طبقة وقد أطبقوا كلهم على تكفير معتقد هذا القول السقيم بلا نزاع .

( وقد كان العارف ابن حنيف قدس الله روحه ) يبرئ الحلاج مما ينسب إليه من الكلمات المشعرة بالحلول والاتحاد ومع ذلك أنشد بعضهم البيتين المنسوبين للحلاج عنده وهما :

سبحان من أظهر ناسوته

سر سنا لاهوته الثاقب


ثم بدا في خلقه ظاهراً

في صورة الآكل والشارب



فقال الشيخ كلمات عجيبة لعن الله قائلها ومعتقدها ، ( فانظر كيف لعن قائل هذه الكلمات ومعتقدها ) حالة كونه يبرئ الحلاج من القول بمثل هذه الأقوال .

( وقد نقل الإمام الوتري رحمه الله ) في مناقب الصالحين أن الشيخ علياً بن محمد الديلمي سئل من الشيخ ابن حنيف عن الحلاج فقال أعتقد فيه أنه رجل من المسلمين وقال فمن هذا يعلم أن اعتقاده عدم صحة ما نسب إليه من الكلمات المكفرة وأنها مدسوسة عليه وهذا ما يجب اعتقاده .

قال الوتري : ويا حبذا إن صح هذا فإن مقصود كل عبد مسلم طاهر القلب حماية دين إخوانه المسلمين . انتهى .

ولا ريب فإن ما يحصل للعارفين حالة الفناء في محبة الله والاستغراق بذكره حتى تغيب مداركهم وتنطمس شواهدهم عن الأغيار بل وعن ذواتهم فتصدر على ألسنتهم كلمات من مشرب ذلك المقام عند محوهم وسكرهم ومتى صحوا أنكروها واستغفروا الله فذلك كلام معفو عنه ككلام من جن أو خمر أو غلا دمه أو أغشي عليه وهذا مقام عين ما قاله القائل :

عجبت منك ومني

أفنيتني بك عني


أدنيتني منك حتى

ظننت أنك أني



ومنه قول شيخ الطائفتين الإمام الجنيد رضي الله عنه :

رق الزجاج ورقت الخمر

فتشابها وتشاكل الأمر


فكأنما خمر ولا قدح

وكأنما قدح ولا خمر



وهذا الذي غلط به جماعة فظنوه من القول بالوحدة المطلقة فضلوا وأضلوا وما رأينا من كلام العارفين بالله حقاً ولا من كلام العلماء الأئمة الذين ينطقون بالحق ولا تهشهم الأهوية ما يوهم معاني الحلول والاتحاد بل كلهم على قدم عظيم من الوقوف مع الكتاب والسنة كالجبال الراسية امتثالاً لقوله تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " الحشر 7 .

وحسن ما نقله الإمام الشيخ أحمد الوتري في كتابه مناقب الصالحين عن شيخه القطب الفرد الشيخ السيد سراج الدين الرفاعي رضي الله عنهما مما يهدم منار هذا المذهب الباطل أعني مذهب وحدة الوجود المطلقة قوله رضي الله عنه : هذا الوجود وجوده بوجوده معين والأحكام التكليفية لاحقة لعالم الوجود وتزول عن الموجود بزواله فما دام موجوداً فهو غير معدوم ومتى انعدم فهو غير موجود وهذا الفرق بين الحادث والقديم فإن القديم لا يزول ولا يحول والحادث يوجده الأمر ويتبعه التكليف بعده ويعدمه الأمر ويسقط عنه التكليف بعده فإذا وجد فحدوثه الوجود وإذا انعدم فحدوثه العدم أي عالم حدثه العدم ويتقلب حدثه في عالم العدم على مقتضى الإرادة الأزلية فيه وهكذا الأشياء الغير مكلفة فإنها تقوم معها أحكام الوجود كما يقتضي لها بنسبة شأن وجودها وكأن تلك الأحكام قامت مقام أحكام التكليف في الإنسان ومتى زالت الأشياء زالت عنها أحكام وجودها " فاعتبروا يا أولي الأبصار " الحشر 2 . انتهى .

وهذا رد قاطع لما تقوله أرباب الأهواء وما كل ما أحدثوه من الأقوال الفاسدة والعقائد الزائغة إلا من موضوعات أصحاب المذاهب الباطلة والقول بها كفر بحت لا يقبل التأويل .

( نعم ) أول البعض بعض هذه الكلمات المشوبة بالحلول والاتحاد وتكلفوا فوضعوا لها تقديرات وأطالوا الكلام بإصلاح ما فسد من معانيها السقيمة وكان ذلك عن حسن نية منهم جزاهم الله خيراً يريدون الإصلاح ( ولكن هل يصلح العطار ما أفسد الدهر ؟ ) ومع ذلك فما الموجب لتدوين كلمات يخالف ظاهر سبكها باطن مضمونها ، فإن كان القصد ما أوله المؤولون فلم الإيهام بسبكها الآخذ بأذهان العامة إلى المزلقة وإن كان القصد ما ظهر منها فهو من أقبح المحدثات الهادمة للعقائد الإسلامية ، وعلى كلا الحالين فتدوينها غير جائز والقول بها ولو على طريق التأويل والتكلف لتأويلها من الاشتغال بما لا يعني على أن العلم بها والجهل على حد سواء وما هي من ضروريات الدين ، وأما القائلون بالوحدة المطلقة والمعتقدون لها بلا تأويل فهم أشد من الكفار وأسوأ اعتقاداً من المثلثة وأين المثلث ممن يجعل الذرات المخلوقة كلها آلهة ؟! .

( وأظن ) أن من تكلف فأول جزم أن بعض الكلمات المروية عن ألسنة بعض أكابر القوم قد صدرت منهم البتة ومتى وجدنا مخرجاً للمسلم من التكفير يلزمنا أن لا نقول بكفره ، فباعتبار هذه القاعدة ساقهم الورع والغيرة على أولئك الكبراء العظماء لكيلا ينسب إليهم الكفر فأولوا الكلمات المنسوبة إليهم والذي أراه أن الأحسن إنكار نسبة الكلمات الفاسدة للكبار من مشايخ الأمة بل وهو الأولى عقلاً وشرعاً لأنها لم تثبت عندنا على الوجه الشرعي المرعي أنها صدرت منهم وماتوا على القول بها لنتكلف لتأويلها حفظاً لمقاماتهم العلية وإمكان الدس ظاهر وقد تجرأ قوم فوضعوا أحاديث كاذبة وتقولوا على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقد أفرد للموضوعات جماعة من علماء الدين وطهروا ساحة الشريعة الغراء مما دس فيها فعلى هذا بالأولى أن يتجرأ أرباب الأهواء على الأولياء والعرفاء بإسناد ما لا يصدر منهم إليهم .

( وقد نص العارف الشعراني وغيره ) أن يهودياً دس في كتب الشيخ محي الدين ابن العربي الحاتمي قدس سره أقوالاً كثيرة وكذلك وقع لكثير من العلماء والصالحين فإن الله ابتلاهم بجماعة من أهل الغواية كدروا مشارب طرقهم ودسوا عليهم في كتبهم ونقلوا عنهم ما لم يصدر منهم ، والفاصل الفارق بين الحق والباطل عندنا إنما هو كتاب الله تعالى وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقد خدم سنته السنية أيد الله برهانها أعلام الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين والعلماء العاملين والسادات العارفين فهي محجة بيضاء لا ضلال بعدها .

( ومن هذه التفصيلات يعلم ) أن البعض من القوم حالة انكشاف العوالم لهم واصطلام الحال عليهم يرتاحون ويخطفهم الإدلال وسكر الحال للقيل والقال فتصدر على ألسنتهم في بروز سلطان الحال لهم كلمات تؤذن بالعجب والترفع على الأمثال بل وعلى من هو أعلى منهم منزلة وأعظم مقاماً كما صرح بذلك العارف ابن العربي والإمام الشعراني وغير واحد والمتمكنون يشرف مقام تمكنهم عن ذلك لعلو مراتبهم ولكونهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه من منزلة المقام لا من منزلة الحال وأن طور المقام التمكن وطور الحال العربدة وحسن أن يقال في المتمكن :

أطاعه سكره حتى تمكن من

حال الصحاة وهذا أعظم الناس



ولنا الفخر ولله علينا الحمد والشكر على أن هذا المقام الرفيع والمحل المنيع والتمكن الثابت في ذروة الصديقية والقدم الراسخ في قمة مرتبة العبدية ، من خصائل شيخنا وسيدنا وملاذنا الغوث الأكبر والقطب الأشهر بركة الوجود وإمام أهل الشهود السيد أحمد محي الدين الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وعنا به .

ومن تشرف بمطالعة حكمه الشريفة وكتبه الجليلة المنيفة يعلم علماً يقيناً لا يصادفه شك أنه تبوأ من هذه الساحة القعساء أرفعها ومن تلك البحبوحة الشامخة أمنعها ، جعلنا الله والمحبين من حزبه وأنصاره الممدودين باتباعه ببركات أسراره آمين .

( وأما الذين ) صرعهم الوهم فانتحلوا لهم مذاهب سموها وحدة الوجود المطلقة والاتحاد والحلول التنزلي وأمثال ذلك أيدوها بآرائهم السقيمة صادموا فيها كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، فهم في وهدة الخزي والخذلان بل وفي حضيض القطيعة والحرمان ، نسأل الله العفو والعافية ، ونتوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى أن يسلك بنا الطريق المستقيم ، وأن يجعلنا من عباده الذين لا يصرفهم عن امتثال أوامره صارف الأهواء إنه البر الرحيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .


يقول مؤلفها كان الله له ، تمت ونجز بفضل الله جمعها في غرة رجب المبارك أحد شهور سنة ست وثلاثمائة وألف من هجرة صاحب المجد والعزة والشرف صلى الله عليه وسلم على يد مؤلفها غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين .

قد تم بعون العليم الخبير طبع هذا الكتاب البهيج النضير المسمى نور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف ، تأليف فرع سلالة آل الرسول صفوة بني الزهراء البتول من فضائله يقصر عنها إنشائي واختراعي حضرة السيد محمد أبو الهدى أفندي الصيادي الرفاعي أطال الله بقاه وأدام مجده وعلاه .

هذا وكان المباشر لطبعه وإذاعة نفعه الحسيب النسيب السيد محمد العبيسي الرفاعي حفظه الله وقد أشرق تمام هذا التمثيل ، في هذا الشكل الجميل ، الذي من نظر إلى حسنه اكتفى ، بمطبعة محمد أفندي مصطفى في أواخر شهر شعبان سنة 1306 من هجرة سيد ولد عدنان ، صلى الله عليه وعلى أصحابه وعلى كل من انتمى لجنابه .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 05, 2012 3:18 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

تقاريظ العلماء



ولما نجز طبعه وازدهى من ثمره الشهي ينعه قرظه فخر العلماء المحققين وخاتمة الفضلاء المدققين شيخ الإسلام والروضة الأزهرية بالديار المحروسة المصرية مولانا شمس الدين الشيخ محمد الأنبابي أدام الله طلعته وحفظ مهجته :

بسم الله الرحمن الرحيم



بحمدك اللهم نبتدي وبنور إرشادك نهتدي ونصلي ونسلم على من أرسلته بالحق المبين وأهديته رحمة للعالمين وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار وكل من قام بنصرة الدين وأوضح طريق الحق للمسترشدين ما ظهر نور الإنصاف وخفي ظلام الانحراف .

( أما بعد ) فقد اطلعت على جملة من الكتاب المسمى بنور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف تأليف العالم العامل والفاضل الكامل بقية السلف وبركة الخلف الجامع بين الشريعة والحقيقة والمرشد بنور الله إلى أقوم طريقة فرع الشجرة الهاشمية وسلالة البضعة النبوية ناشر علم الاهتدا صاحب السماحة والسيادة حضرة الشيخ محمد أفندي أبي الهدى ، فوجدته كتاباً حسن الوضع عظيم الوقع والنفع قد اشتمل على مباحث مهمة ونفائس جمة وفوائد شريفة وفرائد منيفة مع تحقيق الحق وتأييده وتزييف الباطل وتبعيده بالبراهين الساطعة والحجج الدامغة اللامعة في عبارات واضحة أنوارها لائحة ، فأحسن الله له الجزاء وأجزل له العطاء ونفع بعلومه العباد وسلك بنا وبه سبيل الرشاد . آمين .

كتبه محمد الأنبابي



وقال بديع الزمان وعين الأعيان العلم الشهير والعالم الكبير والوزير الخطير صاحب السعادة والأخلاق المستجادة ذو الفضائل التي لا يحصيها شكري حضرة عبد الله باشا فكري أطال الله به حياة الأدب ولسان العرب :

بسم الله الرحمن الرحيم



بحمدك اللهم نهتدي بنور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف ، وبالصلاة على أكرم الشفعاء عليك نتقرب زلفى ونبتغي الوسيلة إليك ، اللهم صل عليه صلاة تجزل له بها الكرامة ، وتنفعنا ببركته وبركتها في أحوال الدنيا وأهوال القيامة وسلم تسليماً كثيراً .

( أما بعد ) فقد اطلعت على طرف كثير التحف والطرف غزير المصادر والموارد جم الفوائد والشوارد من كتاب نور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف نضر الله بآثار مؤلفه وأفكاره الأيام وكشف ببوارق أنواره وأسراره ظلام الأوهام فسرحت الطرف منه في عقد نضيد من الدر الفريد وكفى من القلادة ما أحاط بالجيد فإذا هو سفر أسفر عن طول باع في الإطلاع ويد في صناعة الصياغة صناع وقلم في البراعة مطواع وأمر في دولة البلاغة مطاع وقلب بنور النبوة منير وعذب من مشارب الولاية نمير وعلم في الظاهر والباطن غزير وعلم في الشريعة والحقيقة شهير قد رصع من فصوص النصوص بالدرر الغالية وتضوع من آثار السلف الصالح بالمسك والغالية فوفى المقام حق المقال ورقى الكلام أوج الكمال من غير إطالة تورث الملال أو إقلال يستوجب الإخلال ( كلا طرفي كل الأمور ذميم ) وخير الأمور أوساطها وبلاغة الكلام مطابقته لمقتضى المقام ولا غر فمؤلفه رضي الله عنه علم الأعلام ونور الظلام وبدر التمام وجمال الأيام وبركة الأنام غصن الشجرة النبوية الميمونة وفرع الدوحة العلوية المصونة ناصر الشريعة وشيخ الطريقة وإمام الحقيقة ومقتدى الأمة وسراج الملة السيد السند العلامة الفهامة الشيخ محمد أبو الهدى أفندي الصيادي صاحب المصنفات التي عم نفعها العالمين وعظم وقعها لدى المتعلمين والعالمين والأمر أشهر من أن يذكر والشيء من معدنه لا ينكر أدام الله تعالى النفع ببركاته الظاهرة وبركات أسلافه الطاهرة ونفحات لمحاتهم الفاخرة في الدين والدنيا والآخرة .

كتبه عبد الله فكري



وقال كوكب العلماء العاملين وشمس الفضلاء المحققين رحلة الطالبين الآخذ راية الدراية باليمين الأستاذ الشيخ عبد الرحمن الشربيني حفظه الله :

الحمد لله الذي من على الأمة المحمدية بأن يبعث لها على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها القويم والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي الكريم الرءوف الرحيم المنزل عليه في الذكر الحكيم " وإنك لعلى خلق عظيم " القلم 4 وعلى آله الهادين وأصحابه حماة الدين ما حصحص الحق والبيان ووضح الصدق وبهر البرهان وما محت آيات الإنصاف دياجي الاعتساف والخلاف .

( أما بعد ) فإن لله عباداً اصطفاهم إليه وقربهم زلفى لديه وأعتقهم من ربقة النفوس الأمارة وأعلى بهم من الحق مناره ووفقهم لتأييد شريعته وحفظ سياج ملته والذب عن السمحة الحنيفية والديانة الشريفة المحمدية أولئك هم القوم كل القوم لا يأخذهم في ذات الإله لوم ولقد وقفت على كتاب نور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف للحبر الرباني والعارف الصمداني مرشد السالكين ومربي المريدين مظهر الأنوار القدسية والفيوضات الإحسانية والعلوم اللدنية الأستاذ العلامة السيد محمد أبي الهدى أفندي فرع الدوحة النبوية وفنن الأرومة الهاشمية وشيخ الطريقة الرفاعية فألفيته كتاباًَ حجته قويمة وبراهينه مستقيمة كتاب به جاء الحق وزهق الباطل وامتاز الحالي من العاطل ، فأسأل الله تعالى أن يبقي أمثاله موئلاً للدين ومؤيداً لشريعة سيد المرسلين ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وشرف وكرم ولنا بالخير تمم .

كتبه الفقير عبد الرحمن الشربيني



وقال العلامة الوحيد والفهامة الفريد مشكور الهمم والمساعي مولانا الشيخ أحمد الرفاعي أحد علماء الأفاضل الأزهرية بالديار المحروسة المصرية :

هذي فرائد مهداة إلى الظامي

فالثم لمى ثغرها واسلك هدى السامي


بكر تحلت بتحقيق وتصفية

فلا يسايرها في رميها الرامي


وكيف لا وهي من أبكار سيدنا

السيد العلمي أبي الهدى النامي


كتبه أحمد الرفاعي الأزهري



وقال العالم الفاضل والأديب الكامل كريم الأخلاق والشمائل ذو الفضيلة محمد نوري أفندي ابن المرحوم الحاج مصطفى أفندي مفتي أريحاء من أعمال حلب الشهباء ، وفق من الخير لما شاء ( آمين ) :

أشمس فضل بأفق الكون قد سطعت

فنورت بسناها حالك الدهم


أم بدر تم تجلى في سماء علا

فزال في الحال ما قد كان من ظلم


أم ضوء صبح بدا في الكون فانتشرت

أنواره في زوايا البيت والحرم


أم روضة ذات أزهار منوعة

تجري جداولها من منبع الكرم


أم قد بدا نور إنصاف أدلته

كلام طه وقول البارئ النسم


قد صاغه السيد الشهم الذي شهدت

بمجده فضلاء العرب والعجم


العالم العامل الثبت الذي اشتهرت

آثاره كاشتهار النار في العلم


أبو الهدى علم السادات عالمهم

شبل الرفاعي غوث الكون ذي الهمم


لا غرو إن حل فيه كل مشكلة

أو ضمن النظم منه جوهر الكلم


فإنه بين أهل العصر مشتهر

بالعلم والحلم والعرفان والشيم


تروى أحاديث علياه مسلسلة

من سيد علم عن سيد علم


آثاره عظمت نفعاً ومذ ظهرت

قد أذعنت لعلاها سادة الأمم


وهاك منها كتاباً عز مورده

وقد سما كل منثور ومنتظم


فصل الخطاب حوى في طي أجوبة

مقبولة عند أهل الحق كلهم


أنعم بسفر لسان الحال أرخه

زها به نور إنصاف لذي حكم



كتبه خويدم نعال أهل السنة المحمدية والطريقة الأحمدية الفقير الحقير محمد نوري ابن الحاج مصطفى المفتي الريحاوي تاب الله عليه سنة 1306 هـ



دع جهل من ضل الطريق وتاها

وخذ الطريقة من شريعة طه


واقطع حبال الزور والدعوى وكن

عبداً نأى عن نفسه وهواها


واعمل بسنة أحمد خير الورى

فهي الطريقة والضلال سواها


هي في الحقيقة لو دريت شريعة

أنوارها الغراء لا تتناهى


رفعت لواء حقيقة نبوية

قد شيد القرآن ركن علاها


من حاد عنها كان أيسر أمره

أن حارب الحسنى ومن والاها


لو كان موسى بيننا حياً لما

أخذ الطريق لربه بسواها


وبها تسلسلت الأسانيد التي

بعض الثقاة العارفين رواها


وجلت لأهل الدين نصاً صادقاً

من رده بالمنكرات تلاهى


وعليه قد درج الصحابة كلهم

والتابعون ومن أحب الله


عضت عليه بالنواجذ عصبة

للعلم تخشى دائماً مولاها


رغمت أنوف ذوي الضلالة بالذي

عرفت به بين الأنام هداها


كم قد تصوف محدث في ديننا

وأتى لبث الزيغ يرصد جاها


ورأى مخالفة الرسول طريقة

جهلاً وظن بأنه يرضاها


فأباده سيف الشريعة فانطوى

بحجاب ظلمة بدعة أحياها


قام الغبي بها يريد تصدراً

ببضاعة تعست فما أدناها


قل للذي رام التسلق للعلى

بعزيمة دون الحضيض مداها


خل العزائم يا خلي لأهلها

ودع العلى ما أنت من ذكراها


ولحظة المعكوس آذى فرية

بطل الرجال وشيخها وفتاها


أعني أبا العلمين ضيغم غابة

العرفان في بيد الهدى وحماها


روحي الفداء له إمام فضله

كالشمس في الإشراق وقت ضحاها


هو ذا الرفاعي الكبير فأين من

ساواه قدراً في الرجال وجاها


غوث لقد شهدت له أقرانه

بمناقب برد العبا غشاها


يكفيك منها أنه من بينهم

لثم اليد البيضا ونال نداها


في محفل لجب ولما أشرقت

كم عارف بين الألوف رآها


والنار تبرد والسموم بذكره

تغدو لحامل عهده أمواها


وخضوع أصناف الوحوش وذلها

لعظيم سطوته وأسد شراها


وغدو حد المرهفات مثلما

كأسنة قد أخطأت مرماها


هي كلها لابن الحسين مواهب

ولآله جل الذي أعطاها



السيد محمد أبي الهدى الصيادي الرفاعي رضي الله عنه وعنا به .


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 05, 2012 6:35 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد الأول والآخر والظاهر والباطن الساري سره في سائر الأسماء والصفات وعلى آله وصحبه أجمعين ..



وهذه محاضرة صغيرة العبارة عظيمة المعنى والفائدة ألقاها سيدنا ومولانا قطب الأقطاب السيد أحمد الرفاعي الكبير قدس الله سره ورضي عنه ورضي عنا به وهذه هي بحروفها من كتاب قديم ولله الحمد والمنه ومنه الجود وعليه التكلان :

أسرار العبادات ليعلمها المتعبدون والمتعبدات
للإمام الكبير والسيد الخطير سيدنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وقدس سره



مكارم الأخلاق المنطوية في أسرار العبادات وما تنطوي عليه من الحكم التي وضعها فيها فارضها بارئ البريات منها الوضوء والصلاة والاغتسال والصوم والزكاة والحج والحكمة الجامعة لكل ذلك قول المؤمن المخلص " لا إله إلا الله محمد رسول الله " صلى الله عليه وسلم .
***



قال الإمام أبو عمر عز الدين أحمد الفاروثي الرفاعي رضي الله عنه وعن آبائه وأجداده الأعلام حملة الشريعة الكرام في كتابه " إرشاد المسلمين " يصف الإمام السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه في كتابه هذا : كان آية من آيات الله يمشي على وجه الأرض تفجرت ينابيع الحكم من قلبه الطاهر وجرت على لسانه كالبحر الزاخر منها ما قاله رضي الله عنه سنة سبع وخمسين وخمسمائة برواق " أم عبيدة " ثالث يوم من شعبان بعد العصر في مجلسه العام الحافل بالعلماء الأعلام والأولياء الكرام والأعيان وعرفاء الزمان وهو :

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله حمداً يندرج به حمد الحامدين الذين ارتضاهم وهداهم والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبي الرحمة حبيب الله سيدنا محمد الذي أعلى الله به منار النبيين وشيد حماهم وعلى آله وأصحابه أقمار سماوات الهداية وكواكب آفاق الصديقية والولاية وعلى تابعيهم ووارثيهم ومحبيهم وعلينا وعلى عباد الله الصالحين أجمعين .

أما بعد أي سادة : نظام هذا الدين صلح بمكارم الأخلاق وهي على أربعة أركان :

فالأول إيفاء حقوق الله تعالى ، والثاني إعظام شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والثالث منع النفس عن كل ما يستتر لأجله خيفة العيب والسؤال ، والرابع بذل المعروف لخلق الله تعالى والكف عن كل ما يؤذيهم من قول وفعل .

واعلموا أي سادة : أن من حقوق الله تعالى الغيرة لأوامره أن تمتثل ، ولنواهيه أن لا تهمل ، ولكتابه أن ينصر ، ولرسوله أن يوقر ، وللقائه أن ينتظر .

الله الله يحذركم الله نفسه ، هذه الصلاة يراها المارق والجاحد والكافر والذي في قلبه مرض فيعجب لفاعلها كيف توضأ وانتهض قائماً مستقبلاً القبلة يركع ويسجد ويقوم ويقعد والعارف في حضور مع ربه في حضرة الصلاة هذه حضرة جمعت كل الحكم .

نعم : نحن لا نعمل للعلة ولا نصرف العمل للعلة ولكن نشكر من طوى الحكم بأعمالنا ، هذا الوضوء يدفع كسل الأعضاء ويحرك نشطة الدم الصالح في العروق ويصلح حرارة الأطراف ويسكن في الرأس ثائرة البخار والاستنجاء النقي الشرعي يدفع شر تسعة أدواء تصل إلى الباطنة من عدم الطهارة أقلها شبة الغلظة في العروق وحكم طهارة الثوب والبدن والنظافة فيهما وإن كانت الأثواب أطماراً فإنه يقي من وعث البشرة ويحفظ من ضماخ الجلد الذي يثبت في ورقة الجلد الحرارة الخضلة التي تقوم بالحكة والجرب والنزعة الصفراء في العروق والحموضة الكافلة لتوليد الدمامل القبيحة وما أحسن ما جاء في السنة من الاغتسال يوم الجمعة وأحسنه ما كان عن طهر أي لم يكن عن سبب جماع وفي ذلك من إكمال رتبة الحكمة الصالحة لنظام الوجود الآدمي ما فيه بلاغ ، وقد استحسن الوضوء في كل وقت من الأوقات الخمسة ولو أمكن المرء إمرار اليوم بوضوء واحد لما فيه من المنافع المغيثة للأنف بدفع سفسافة المضر بطرق الحلقوم التي تتدلى إلى الصدر ولما فيه من المنافع المغيثة للفم بتبديل غطته المشتملة على كثير من العوارض اللازمة التبديل والصالحة لإصلاح رائحته وتنقيته وتبريد شوطته التي ترمض لحم الأسنان وتكلف عروقها الملاصقة لصفها وما أحسن السواك مع الوضوء وبعده وفي غسل الوجه ومسح الأذنين من إبراد حرة الجلدة ما يصلح البشرة ويحسن مختلف دمها ويزيد الدم الصالح زيادة رشف كرار لا يفسد الأصل ولا يبقيه على فساده ويزيل خسة الصمخ من العينين والأذنين فيصلح طريقهما .

وهذا الوقوف بين يدي الله هو الاعتراف لله بالواحدية والقيام بين يديه تعالى بذلة العبدية علماً بأنه سبحانه هو الذي يحيي ويميت ويعطي ويمنع ويضر وينفع ويفرق ويجمع ويصل ويقطع وإليه المصير ، فإذا وقف العبد هذه الوقفة نزل عن مطية غروره ودعوى فعله وتسربل بسربال العجز بنفسه فاستند في كل أفعاله إلى الله تعالى ، وتحقق أنه سيحشر ويعرض على الله وأن الله سيسأله عن أفعاله كلها فهنالك يقف عند حد عبديته فلا يتجاوز على خلق من خلق الله ويأمن الناس كلهم بوائقه فإذا أبرزه الله حاكماً قادراً على الناس أوقفهم عند حدودهم وآمنهم من بعضهم ، وأقام كلمة الله فيهم ، وقاتل عليها وقتل لها وإذا أبرزه محكوماً رضي بحكم الله وانقاد لأمر الله وكان مع الحق لا مع نفسه عظم من فوقه إعظاماً لأمر الله وأعان من هو مثله لوجه الله ورحم من هو دونه مرضاة لله ، وأم هذه الحكم الصلاة " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " يعني الذكر الجامع لأحكام العبدية الذي هو الصلاة أكبر سلطاناً على النفس من كل شيء " والله يعلم ما تصنعون " " إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها " .

ولما كان الإنسان مجبولاً على النظر إلى الآثار والنظر إليها يهش به إلى نسيان الأوامر والنواهي " وإن الله بالناس لرؤوف رحيم " افترض سبحانه على العبد الصلاة في اليوم والليلة خمس مرات لينقطع عن النظر إلى الآثار وإلى طوالع الأحوال والأزمان فإن كان في قوة مطغية ذكر قوة الله الذي أزال من هو أقوى منه فهدم صومعة غروره وذل لربه ، وإن كان في مال مطغ ذكر صدمة قدر الله الذي أفقر من هو أغنى منه فانكسر لسلطانه ، وإن كان في دعة وأمن ذكر تصرف عظمة الله الذي أخاف من هو أكثر منه دعة وأعز أمناً فنكس هامة الغفلة وعكف على عتبة الكرم ، وإن كان في كرب فادح وعسر مزعج ذكر لطف الله وخوارق عناياته فإنه فرج عن من هو أسوأ منه حظاً وأهم منه كرباً وأضيق منه منزعاً فاطمأن بلطف ربه وركنت همته للاعتماد عليه سبحانه .

الصلاة الصلاة هي عمود الدين ، سلم القرب من الله حصن الأمن والإيمان ، أين أنت يا اعمى البصيرة ظننت أن الصلاة كلهوتك في خلوتك ، كغلطتك في جلوتك ، اللهم إنا نعوذ بك من فهم سده وأعماه دعوى الفهم ، اللهم إنا نعوذ بك من عقل يلتقط طيره حبات الشبه ويألف جيفها ولا نصيب له من الحكمة .

هذا الصوم نور القلب صيقل الفؤاد يفتح أبواب الفكرة المصدية ويجلو غبار مرآة السر ، يقول المطموس الفهم الميت القلب : ما هذا الجوع ولأي شيء ، ولسان الحكمة يقول له : هذا مجمع الحكم يصوم الصائم إيماناً واحتساباً ذلة لله وذبولاً تحت شراع الأمر الإلهي ليأخذ من سر الصوم ظاهر حكمة الحكم العدل الذي ساوى بما يؤول إليه بين الحر والعبد والملك والمملوك والكبير والصغير والعظيم والحقير والمأمور والأمير ، فيتخلق بأخلاق الله وينصف الناس منه في كل شؤناته وعلى قدر حاله وأقل المراتب أن ينصف بنفسه ويتحقق بمقام الإنصاف تخلقاً بأخلاق العدل الحي القيوم ، هذا إذا لم يكن له قدرة متعدية على غيره البتة ، ويذكر إن كان غنياً حال الفقراء فيرحمهم ويحنو عليهم ويحسن إليهم وإن كان فقيراً فيحمد الله الذي ساوى بينه وبين من هو فوقه ويحسن الظن بالله أن يلحقه بالأغنياء الشاكرين في النعمة كما ألحقه بهم في الحكم ، وهناك يكثر الدعاء لإخوانه الفقراء بل ولكل المسلمين ويعلم أن الإفطار لا يصح إلا على الحلال والسحور لا يكون إلا من الحلال والصدقة لا تعطى إلا من الحلال فيجهد للحلال ويكف عن الحرام ويخشع في مقام عبديته مترقباً نفحات الأنس التي تحصل لأهل المشاهدة والحضور في رمضان ، والحضور هو الغيبة عن الأغيار ودوام الخشية منه سبحانه ، وقد يكون جمع الهمة في الصيام بواسطة القلب فهو كعبة الحضور حالة الصوم كما أن الكعبة قبلة الحضور حالة الصلاة وما القلب والكعبة إلا جهتان معينتان لمحاضرة أسرار الحق وإلا فالمعبود الحق هو الله والمقصود بالذات هو وإنه لمنزه عن الجهة والمكان ولو كانت مواقع الأسرار تدل على جهة لاختلفت الجهات وتشتت عزم العزيمة وضاع المطلوب ولم يكن القصد من هذه الجهات المعينة للمحاضرة إلا جمع الهمة " فأينما تولوا فثم وجه الله " هذا في مقام المحاضرة ، وفي مقام تعفير الوجه بخدمة العبودية " فول وجهك شطر المسجد الحرام " وإذا تريض العبد بالصوم خرج من كثافة عادته وسل من غمد غفلته كما يسل السيف من قرابه ، وهناك يصلح لكل عمل ديني ودنيوي ، وإلا فمن أثقلته عادته ونام على وتدها فهو ربيطها وحلس غائلتها ، ومثل ذلك الرجل لا ينتفع به لا في مهمات الدنيا ولا في سبل الآخرة وكل أخ لا ينفع في الدنيا لا ينفع في الآخرة .

هذه الزكاة بر الصالحين وكنز العارفين تعطى من الحلال للذين قسم الله ، وكلمة الزكاة ناطقة بكلية معانيها باقتناء الحلال وطلبه من الطريق المرضي تأمر بمعناها المقصود بالتجارة والزراعة والصناعة وطرح البطالة والتعاون في الله والرأفة بالمسلمين والرحمة لهم ملزمة بشكر النعمة جاذبة همم أهل الفاقة للسعي الصالح وطلب الرزق وفيها من أسرار العلم بالله حكم أخر تصلح لأهل النهاية .

وهذا الحج موسم المخلصين تجارة الموفقين أنوذج القدوم على الحي القيوم تشد فيه الرحال إلى بيت الله وزيارة نبيه عليه أفضل صلوات الله والبقاع التي ارتضاها الله ، بعد اقتناء الزاد والراحلة واستكمال شروط الاستطاعة مالاً وبدناً وغير ذلك ، ولا يصح ويقبل إلا من مال حلال فكلمته المباركة غنتها تسوق إلى جمع المال الحلال وهجر الكسل في الأعمال وفيه من جمع الكلمة على الأمر الإلهي المرضي معان تظهر لكل ذي لب يريد الله به الخير ينهى لسان حاله عن الخلاف ويأمر بالوفاق ويشد مئزر العزم لاستحصال المطلوب المرضي ولو بشق الأنفس ويحرض على وقاية عصابة الأمة لتتمكن من حفلة دينها فتؤديها طيبة الخاطر آمنة القلب وضمن هذه المعاني الشريفة معان لو أردنا سردها لسودنا أسفاراً وأطشنا ألباباً وإن الحكمة الجامعة لكل هذه الحكم قول المؤمن المسلم الموقن الخالص :

لا إله إلا الله محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم



التوحيد لباب الحقائق وروح الحكمة وكنز كل خير والواسطة العظمى بل الوسيلة الكبرى فيه رسول الرحمة الذي جاء بالحق ومحا الشكوك وأصلح طرق القلوب فقابلها من بارئ قوالبها القبول ، اللهم صل عليه وسلم صلاة وسلاماً يليقان برفيع قدره الذي اخترته له إعزازاً لجنابه وإعظاماً لمرتبته في حظائر قدسك لتقر بعنايتك فيه عينه ويطيب قلبه وتفرح همته إنك أهل التقوى وأهل المغفرة وارحمنا بمحبتك له ونور قلوبنا بمحبته ومنا عليه وعلى آله وأصحابه أكمل الصلاة والسلام إيماناً بك وإيقاناً برسالته وانتهاضاً لمرضاتك ولا حول ولا قوة إلا بك يا علي يا عظيم .

وقال رضي الله عنه في بعض مجالسه الشريفة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة برواق " أم عبيدة " بعد كلام شريف :

أي سادة حنين أنين القلوب العارفة يأخذ أزمة السرائر إلى رفارف الحظائر الربانية فتطوف في فيفاء الملكوت الأعلى وتشق حجب الستور المسدلة على كوامن الأسرار فإذا زمت وانثنت قافلة إلى القلوب تدلت إليها بعجائب الكشوفات فحركت أحوالها فاهتز لها السر فاغترف اللسان تلك الأحوال فهاج وماج ونطق بالحقائق المكنونة ، فالمتمكن من رجال الحضرة إذا غلبه الطرب بالمنعم وصل إلى الحقيقة وما تعداها ، والمتمكن الكامل الملحوظ بعين الوقاية واللطف والصون يكتم أخباره ويصون أسراره فتضئ مصابيح قلبه ويغلب على حاله ، نعم : تذوب بشريته ويرق طوق وجوده فتطوى فيه حقيقة عجيبة ، قلبه جبل شامخ وجسده خيال مصور ، وأنشد :

كتم الغرام فزاده كتمانه

وطوى الهوى فأشاعه أجفانه


وجفا الرقاد وبات وهو مململ

تحدوه نحو حبيبه أشجانه


لم يبق منه سوى الخيال مصوراً

تحت الثياب تحفه نيرانه


ما قصده غير الوصال ونظرة

تشفي غليلاً في الفؤاد مكانه


فإذا رأى وجه الحبيب تباعدت

عنه الهموم وشتت أحزانه



قال جدي ولي الله الشيخ عمر أبو الفرج الفاروثي رضي الله عنه : لله من كلام عرفان خالص صدر على لسان سيد العارفين المتمكنين في محفل حفل بالأولياء والعرفاء وأصحاب الحقائق فأذهلهم ، كنت في ذلك المجلس السعيد فوالله رأينا سواري الرواق تميد وجدرانه تئن لعزة سلطان صدقه وتمكنه رضي الله عنه وعنا به .

_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 06, 2012 9:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن أجمل وأنفع كتب ساداتنا الرفاعية كتاب معراج السالكين إلى المقام الأمين بدلالة القطب العارف بالله تعالى السيد حسين برهان الدين وسوف أكتبه بحروفه في أكثر من رسالة بمشيئة الله تعالى ونسألكم الدعاء بظهر الغيب :

معراج السالكين إلى المقام الأمين بدلالة القطب العارف بالله تعالى السيد حسين برهان الدين
جمعه وتلقاه عنه تلميذه العالم العلامة الشيخ ناصر السويدي البغدادي نفعنا الله بهما آمين




قال السيد حسين برهان الدين الصيادي الرفاعي رضي الله عنه في رسالته المسماة بالعاصمة

ولو أن عين القلب شيل حجابها

لشاهدت الأسرار كيف تلوح


على ركبنا ذيل ابن هاشم مسدل

وجاحدنا بالسهم منه جريح


فنحن أسود الله في كل محضر

تسلسلنا للهاشمي صحيح


وموردنا عذب وسهم قلوبنا

فعول ومنا للغيوب شروح


تصيح لنا الأكوان في كل نقطة

وفي رحبنا مسك النبي يفوح


ونحن نصال القدس في مخدع العمى

فمضروبنا حتى القيام طريح


وإنا لأفهام الدقائق مهجة

وإنا لأجسام الحقائق روح


قفول المعاني في جدار بيوتنا

مقفلة تغدو بها وتروح


وبرهاننا في الأوصياء محقق

وميزاننا في الأصفياء رجيح


ومهما كتمنا سرنا عن زماننا

نرى الله يعلى أمره ويبيح


***



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أكمل وأفضل رسل الله سيدنا ورسولنا ونبينا محمد حبيب الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه .



أما بعد فيقول العبد الضعيف خادم العلم الشريف ناصر السويدي البغدادي غفر الله ذنبه وستر بكرمه عيبه آمين :

لما من الله علي وله الفضل والحمد والشكر بأخذ الطريقة الرفاعية والتشرف بالخرقة الزكية الأحمدية من شيخنا الكامل الفاضل والولي العالم العامل بركة المحبين وحجة الصالحين وموصل السالكين :
السيد حسين برهان الدين بن السيد عبد العلام بن السيد عبد الله شهاب الدين المبارك الزبيدي الرفاعي البصري بن السيد محمود الصوفي بن السيد محمد برهان بن السيد حسن الغواص بن السيد الحاج محمد شاه بن السيد محمد خزام دفين الموصل بن السيد نور الدين بن السيد عبد الواحد بن السيد محمود الأسمر بن السيد حسين العراقي بن السيد إبراهيم العربي بن السيد محمود بن السيد عبد الرحمن شمس الدين بن السيد عبد الله قاسم نجم الدين المبارك بن السيد محمد خزام السليم بن السيد شمس الدين عبد الكريم بن السيد صالح عبد الرزاق بن السيد شمس الدين محمد بن السيد صدر الدين علي بن السيد عز الدين أحمد الصياد بن السيد ممهد الدولة والدين عبد الرحيم الرفاعي بن الإمام ولي الرحمن السيد عثمان بن السيد حسن بن السيد عسلة بن السيد الحازم بن السيد أحمد بن السيد علي المكي بن السيد رفاعة ويقال له الحسن نزيل المغرب بن السيد المهدي بن السيد أبي القاسم محمد بن السيد الحسن بن السيد الحسين أحمد بن السيد موسى الثاني بن السيد إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي الأصغر السجاد بن الإمام الهمام علم الإسلام عين الأئمة الأعلام سبط الرسول عليه الصلاة والسلام الذي امتحن بأنواع المحن والبلا أمير المؤمنين مولانا الإمام أبي عبد الله الحسين الشهيد بكربلا بن إمام الأئمة وأمير نحل هذه الأمة سيد أئمة الأولياء وقائد أزمة الأصفياء الذي كل مقام شريف له ممنوح المشبه بكبار الأنبياء كآدم وإبراهيم ونوح عليهم أفضل الصلاة والسلام الذي قدره كاسمه حسن وعلي أمير المؤمنين الإمام أبي الحسن علي رزقه من زوجه فاطمة سيدة نساء العالمين بنت سيد المخلوقين عليه أفضل صلوات رب العالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أجمعين .

وذلك عام تشريفه بغداد دار السلام سنة ثلاثة عشر ومائة بعد الألف من هجرة من صوره الله على أحسن خلق ووصف في جامع الفضل وقت الضحى لإثنى عشر خلت من شهر ربيع الأول وقد أحسن الله إلي بصحبته وتفضل علي برؤيته فيا لها من ساعة كادت تكون أشرف الساعات ويا لذاك الوقت من وقت أحسن ما مر من الأوقات كيف لا والقلب انجلى به من ظلام غفلته عن الله وطرق بكليته باب الله خالصاً لله وقد وقع لي مع الأستاذ المذكور مكالمة فيها من الحكم الطريقية ما يشفي ومن الحقائق الشرعية ما يكفي فأردت أن أكتبها على شكل رسالة ليتضح عند بعض شيوخ زماننا الطريق الحقيق وليعلم علماء وقتنا كيف حال الكمل من أهل الطريق وما هي إلا سؤال مني وجواب منه رضي الله عن أسلافه وعنه .

سؤال : سألته نفعني الله والمسلمين به عن سبب سياحته وخروجه من بلدته ؟

جواب : فأجاب قائلاً : يا ولدي تتمكن محبة الإقامة من قلب المقيم فتدفعه عن طريق التنقل وتقوم لديه الأسباب وتغلق دونه الأبواب فإذا انتهز جواد الهمة وهم بالنقلة انقطعت وسائله وعظمت عليه موانعه ومشاكله فتسكن عزيمته وتبطل حركته وتصعب لديه الغربة وتحلو وتلذ عنده القربة وتجتمع له القواطع وتنقلع منه المطامع فإذا قدر السير وربك على كل شيء قدير يتلو لسان الأمر " وهو الذي يسيركم في البر والبحر " فيمر صوت الأمر على أذن اللب فيأخذ به إلى ساحة الفكر فتبرز له كوامن آراء السر وترشده إلى السير وتظهر لطائف الأسباب وتطلع بوارق الجواذب ويحن القلب إلى النقلة وتشطح العين إلى المشاهد وتطلب الأذن مسموعاً والجسد مضجعاً والرجل موطئاً والخاطر خلاناً والعزم أعواناً وكأن في الحي الآخر الشأن المعلوم أو الأمل المقسوم فإن كان أخوك كلا الرجلين طالب دنيا فقد سيق إلى هجرته وإن كان من طلاب الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله :

أسباب هذا السفر

قواد حبل القدر


تربط رجلاً ويداً

تجري كلمح البصر


حقائق رقائق

دقت لدى المعتبر


فلا تسل مسافراً

عن موجبات السفر


وكن لكل وارد

كالحاذق المنتظر


وسكت أيدنا الله ببركاته .
***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 07, 2012 5:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته عطف الله علينا قلبه عن شيخه في طريقتهم العلية ؟

جواب : فقال : شيخي أخي السيد نور الدين بن أبي السيد عبد العلام من آل خزام آل السيد أحمد الصياد سبط علم الأتقياء وعين الأولياء السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وابن ابن أخته وابن عمه قدست أسرارهم مشيخة يد وعهد وشيخي صاحب هذه الطريقة مشيخة مقام وقلب وشيخي رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيخة هدى وأدب .

يا ولدي : لا يصح للفقير طريق القوم إلا على هذا المنوال وإن من لم يربط اليد بيد شيخ ويعاهده على الصفا والوفا فليس بذي يد ولا عهد ومن لم يحصل على مقام صاحب طريقته بخلق وعلى قلبه بفيض فليس بذي مقام ولا قلب ومن لم ينتفع بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدب شريعته فليس بذي هدي ولا أدب وكيف يكون الفقير فقيراً بلا يد ولا عهد ولا مقام ولا قلب ولا هدى ولا أدب ، قال الله تعالى : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم " وقال تعالى : " إن العهد كان مسئولاً " وقال تعالى : " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " وقال تعالى : " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " وقال تعالى : " وهو أعلم بالمهتدين " وقال تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " وهذا الأدب لا سواه فألزمت آية اليد الخشية وألزمت آية العهد الوقوف عند الحد وألزمت آية المقام الوقوف مقام الشيخ السابق والطلب من حيث طلب وألزمت آية الهداية سلوك ما يوجب لك الحب وعرفتك آية الاتباع أن أدبك بصحة اتباع نبيك هو ما يوجب لك الحب ويقربك من الرب وهو غاية الطريق ونهايته وعلى ذلك بايعت الله والحمد لله وتلا هذين البيتين وسكت قدس سره :

يد وعهد وكث في المقام مع

القلب السليم ونيل الهدي بالأدب


طريقة القوم من بدء الطريق إلى

أقصى النهاية فالزم واضح السبب


***



سؤال : وسألته حفنا الله بملاحظته عن أفضل الأولياء وهن أقرب الطرق إلى الله تعالى ؟

جواب : فقال : الأفضلية في الأولياء مجهولة ، وليس لأحد من الأمة أن يحدث في الدين فإن النص خص ، وما انقطعت عنه في هذا الباب انقطعت عنه المباحث ، إلا أن القوم مع علمهم بأن الأفضلية علمها عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم رجحوا مشايخهم ترجيح اعتقاد فإن القلب يجزم والمحبة تلزم ، وليس للرجل أن يقود رجلاً انتسب إلى شيخ آخر إلى اعتقاده وجزمه وما ألزمته به محبته قود برهان بأدلة وشواهد كما عليه أكثر الناس اليوم ، وما ذلك إلا من الجهل بالشرع وسوء الأدب في الطريق ، وما على المحب لو بين بطريق الحكاية اعتقاده أو قاد إليه تلامذته وأولاده لأني أعتقد علوية سيدي السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه على غيره من أولياء الله المشهورين بأدلة أقومها لدي وآخذ بها إلي ولا أقول للقادري أو الأحمدي أو الإبراهيمي أو الشاذلي أو السهروردي وغيره تعال نبحث معك ودليلي على أفضلية شيخي على شيخك الخصلة الفلانية وكذا وكذا فإن الدليل الذي يعارضه النص مردود والشاهد الذي يرده الشرع مجحود ، وإذا قال لي كل واحد من الطوائف المذكورة : إن شيخي أفضل من شيخك بدليل كذا وكذا عندي وقيدها بنفسه فإني لا أرد عليه ، بل أقول له : ثبتك الله على محبتك وصدقك لشيخك وإن عممها ولم يقيدها بنفسه وطلب إلزام غيره صفعته بعصى الشرع وعلمت جهله ورديت عليه ، وأما لو جال في خاطرك سبب اعتقادي بعلوية سيدي السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وأفضليته على غيره فأقول لك : إن أرفع أقدام الصالحين القدم الثابت على سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وأحسن الأخلاق الخلق المأخوذ عنه والموروث منه صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عند كل من الفقراء وأصحاب هذه الخرقة أن السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه أكمل رجال عصره اتباعاً بالقدم والخلق للنبي عليه الصلاة والسلام وقد طابق اسمه اسمه وحاله حاله وفقره فقره وكماله كماله وانطبعت حقيقته على سنته وطريقته وزهده وتواضعه وتعظيم ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وليعلم لديك أن نسبة الفقر له عليه الصلاة والسلام كمال وعلو شأن فإنه تجرد من الأعراض الفانية لعلو منزلته وشرف مرتبته ولم يشتغل بغير ربه مع أن الجبال عرضت عليه أن تكون ذهباً فأباها ، وعلى هذا الأثر فقر شيخنا السيد أحمد قدس الله سره فإنه قال روح الله روحه : بايعت الله على ترك الغرض والنفس والمال وشهد له بذلك النهج والحال ، وإني أجل منزلة كل من القوم شرف الله مراتبهم وأراهم بعين التعظيم بالسوية إلا من قام له دليل زيادة الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم أو أمرني بإجلال منزلته من هو فوقه وميز لي بينه وبين غيره ممن هو دونه ، وأما أقرب الطرق إلى الله ، فالطريق إلى الله الشرع وأما ما سمعته من أن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق فتلك طرق القبول الداخلة في دائرة الشرع كقول القائل : الله وقبوله عند قولها أو كصلاة في جوف الليل وقبوله عندها أو كصدقة وغير ذلك فإذا تشرعت فإنك دخلت حيطة في دائرتها تجد الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق :

شريعة المختار للطرائق

دائرة تجمع للحقائق


بعد أنفاس الخلائق

انطوت طرائق الوصل بها للخالق


وسكت قدس سره


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 10, 2012 9:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته بارك الله لنا به عن أعظم مراتب الوصلة ؟

جواب : فقال : معرفة الله ، لأن الملائكة قالوا : " سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا " والنبيون قالوا : " سبحانك ما عرفناك حق معرفتك " فعلى قدر تمكنه في معرفة الله يزداد العبد وصلة وقرباً .

***



سؤال : قلت : وكيف يدرك العبد معرفة الله ؟

جواب : قال : إذا عرف نفسه ، ومعرفة النفس أهم الأمور للعبد لأنه يتوهم بقاءها وقوتها وقدرتها ووجودها وغناءها وتصرفها وفعلها ، والحال أنها فانية والله الباقي وضعيفة والله القوي وعاجزة والله القادر ومعدومة والله الواجب الوجود وفقيرة والله الغني ومعطلة والله الفعال ومسكينة والله الملك الجبار ، فإذا عرف معرفة أهل الحق أن نفسه الكويذبة أم هذه الخصال عرف أنها هيكل الشكوك والأوهام معدومة فانية ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .

وسكت قدس سره


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 11, 2012 5:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته عن سر البيعة ؟

جواب : فقال : حد من حدود الحق يقف عنده أهل الصدق الذين صدقوا ما بايعوا الله عليه وعاهدوا الله فخافوا سؤاله وعظموا جلاله فتغلب على قلوبهم سلطان الهيبة وأخذهم من علة نفوسهم إلى حضرته العلية فانطمست قوابس أوهامهم بأشعة أنوار عظمته فإذا سول لهم الشيطان خروجاً أو دخولاً وقفوا على قدم الاستقامة ذاكرين الله قائلين : إن العهد كان مسئولاً أولئك الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ، وانحجبت بصائرهم عن غيره فأبصروه بها وعن الأغيار تعاملوا وعلى طريق رضاه قعدوا وإلى داعيه قاموا وما البيعة إلا بيع النفس وقطع علايقها إلا عنه " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " فإن انطبع المبايع على الصدق ودخل حضرة قوم تجردوا من علائق رطبهم ويابسهم فقد لوحظ من النبي صلى الله عليه وسلم بمعونة " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " وعلى ذلك يقوم منار الأمر ويتم نظام الخير وتصح الوصلة إلى الله ويأخذ القلب عن الله ويصير العبد صفة من صفات الله يصل بالله ويقطع بالله ويتكلم عن الله ويستهدي بالله ويسير إلى الله ويعان من الله ، أجل قال الله لحبيب الله : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " وإن بيعة الإمام المبين والصادق الأمين عليه الصلاة والسلام نافذة سارية باقية هي هي تتلقاها الأنفس السليمة وتعقد عليها الأكف الكريمة " لا تبديل لكلمات الله " وأهل الله نواب رسول الله وبهذا سبقت إرادة الله فنور بصدق البيعة مضمونك وانتشق نسمة قوله تعالى : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك "

وسكت قدس سره .
***



سؤال : وسألته رضي الله عنه عن أكمل الذكر ؟

جواب : فقال : ما حصل من لسان صادق وقلب واثق ولب عاشق وحضور مع المذكور وغيبة عن الأغيار وفهم صحيح واعتقاد راجح وعزم ما شابه الكسل وذوق ما خالطه الملل وروح حنت إلى داعي " ألست بربكم " في الأزل ونفس ما خرجت عن طور الروح وفكر عطرته نفحات الفتوح وحال عن باب الحبيب ما حال وقال غير اسم المحبوب ما قال ووجد أنتجه إيمان وسكون صححه عرفان وأدب كامل وعلم لآداب الشريعة شامل ولا يكون الذاكر ذاكراً حتى يعلم ويعتقد ما قرره العلماء من أن الله واحد لا شريك له فرد لا مثل له صمد لا ضد له متفرد لا ند له قديم أزلي مستمر الوجود أبدي قيوم وأنه الحي المقيت المحيي المميت الأول الآخر الظاهر الباطن لا يماثل موجوداً ولا يماثله موجود وليس كمثله شيء ولا هو مثل شيء لا يحده المقدار ولا تحويه الأقطار ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه السموات العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورون في قبضته بائن بصفاته عن خلقه ليس في ذاته سواه ولا في سواه ذاته مقدس عن التغيير والانتقال منزه عن الغيبة والزوال قادر جبار بارئ قهار لا يعتريه قصور ولا عجز ولا تأخذه سنة ولا نوم ولا يحيط به شيء لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ولا حول ولا قوة إلا به سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً ولا تصح له نفحة الوصلة في الذكر حتى يفتح الباب بالاستفاضة من جناب الباب الأعظم نبينا وسيدنا وهادينا أبي القاسم محمد صلى الله عليه وسلم ولا يصل إلى ذلك المدرك بحق إلا بواسطة شيخه فإن الشيخ سلم المريد يصل به إلى معالي الأمور ويلزم على المريد بعد الاستفاضة من الباب المحمدي أن يقطع العلاقة القلبية عن الخلق بالكلية " ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " ثم سكت قدس سره .

***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من المكتبة الرفاعية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 13, 2012 6:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
سؤال : وسألته حفه الله بألطافه عن أول علامات الفتوح ؟

جواب : فقال : وقوع ذكر الموت في القلب لأنه يقطع الأمل ويزهد في الدنيا والزهد أول قدم القاصدين إلى الله لأن القلب متى تعلق بالخلق انفصل عن الخالق ومتى انفصل عن الخلق وصل إلى الخالق ولا قاطع للقلب عن الخلق أعظم من وقوع ذكر الموت فيه ومتى حصل ذلك تنشطت الهمة وصحت العزيمة في طلب الحق وإذا لم يحصل ذلك كسلت الهمة وتأخرت العزيمة عن طلب الحق وأسرع جواد العزم في طلب الأغيار لأن الغفلة والانتباه ضدان ولهما رفيقان رفيق الغفلة طلب الخلق ورفيق الانتباه طلب الحق .

وسكت قدس سره .


***



سؤال : وسألته أحياه الله الحياة الطيبة عن معنى لبس الخرقة ؟

جواب : فقال : حقيقته التزيي بزي المرشد في الأفعال والأحوال وقد وصفوا هذا الأمر بوصف الكسوة وعظموا شأنه وجعلوه كالمحسوس وأتبعوه بالمحسوس أيضاً ليتعين عند من سلك طريق القوم أن الشرط عندهم أن يتزيا صاحبهم بزيهم فمتى تزيا بزيهم ترتب عليه العمل بأعمالهم والتخلق بأخلاقهم والوقوف معهم في أحواله ألا ترى الرجل الجندي متى لبس كسوة الجند تعين عليه خوض المعامع والمعارك واختراق الصفوف والوقوف أمام السهام وإذا رآه أحد عرف بالبداهة أنه ممن ترتب عليه هذه الأفعال بدليل كسوته لا غير وإذا لبس لباس العامة لم ينظر من راء بذلك النظر ولا تمر على خاطر من يراه هذه الأفعال وتنسلخ عنه واجباتها بمجرد تجرده من كسوة الجند وكذلك من لبس الخرقة ولذلك قال سيدنا السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه لفقير رأى عليه جبة صوف ( يا ولدي أنظر بزي من تزييت وبخلعة من تلبست لبست لباس الأنبياء والمرسلين وتزييت بزي الأولياء والصالحين فاحفظ حق زيهم بالتخلق بأخلاقهم والعمل بأعمالهم وإلا فاخلعه عنك ) ، وإن للقوم خوافي حكم قلبية في إلباس الخرقة يطوونها حالة الإلباس للمريد فيصلح الله تعالى شأنه كما طوى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمن والإيمان في بردته الشريفة التي ألبسها كعب الصحابي صاحب " بانت سعاد " وهناك وراثة محمدية أخذها أهل القلوب عن الرسول المحبوب صلى الله عليه وسلم وسكت قدس سره .

***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 123 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3, 4, 5 ... 9  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 22 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط