السد الإثيوبي وصبغة النشأة الصهيونية.
الفكرة الصهيونية تميزت منذ ظهورها للعيان وإلى الآن بميزتين هامتين ألا وهما :
1- التدرج في الحركة والنمو حسب المتاح.
2- سياسة الأمر الواقع.
يضاف لهاتين الصفتين ثالثة تتمثل في الظهور بمظهر الضعف والبراءة وعدم الإضرار بالآخرين بل على العكس تظهر بأنه ستعود فوائد جمة على الغير من وجودها وحركتها.
ولما سبق من حلقات الموضوع والتي أوضحت تغلغل الأفعى الصهيونية في تلك المسألة فلا عجب بعدها أن يتراءى لنا تلك الخصائص الصهيونية في مراحل نشأة هذا السد على الوجه التالي.
فهذا السد ارتفاعه سيبلغ نحو 145م ، في حين يبلغ طوله نحو 1800م ، وتبلغ سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب من المياه وسيحتوي على 15 وحدة لإنتاج الكهرباء قدرة كل منها 350 ميجاوات.
السد سيبنى على النيل الأزرق الذي يزود نهر النيل بنحو 50 مليار متر مكعب في السنة أي ما يعادل نحو 60% من مياه النيل وهذا السد يقام في نهاية النيل الأزرق داخل إثيوبيا عند المنحدرات التي مع السودان.
وهو أحد المشروعات المائية المقترحة من "مكتب الاستصلاح الأمريكي" منذ عام 1964م.
وكان اسمه في تلك الدراسة "سد الحدود" لأنه يقع على مسافة 15 - 20 كيلومتراً من الحدود السودانية.
ووفق دراسة مكتب الاستصلاح الأمريكي فقد كان الارتفاع المناسب 85 متراً بسعة تخزينية 11.1 مليار متر مكعب.
وفيما بعد قيل : إنه يمكن تعلية هذا السد وزيادة طاقته التخزينية.
ولم تضع الحكومة الإثيوبية هذا السد ضمن خطتها الإنشائية المعلنة ، لكنها أدرجته في فبراير 2011م خلال اندلاع الثورة المصرية ، وتنحي الرئيس مبارك.
ولم تكشف إثيوبيا رسمياً عن هذا السد حتى نشرت صحيفة إثيوبية خبراً عنه آنذاك ، مما اضطر الحكومة الإثيوبية لإعلان عزمها تنفيذ هذا المشروع ، وفق مواصفاته المعروفة من قبل الدراسات الأمريكية.
ويعد ميليس زيناوي - رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل - الأب الروحي لهذا المشروع فهو من تبناه وأحياه.
تم الإعلان عن هذا المشروع كما سبق وتقدم في شهر فبراير 2011م وقت اندلاع الثورة المصرية كما تم الإعلان عن تغيير إسم السد في نفس التوقيت من "سد الحدود" إلى سد "إكس" نسبة إلى "إكسبرس" باعتبار أن هذا المشروع سيكون "قاطرة التنمية" لإثيوبيا.
وتمت زيادة الارتفاع قليلاً ، وزيادة سعة التخزين للسد إلى 17 مليار بدلاً من 11 مليار كما جاء في الدراسات الأمريكية في الستينيات ، وإلى هذا الحد كان السد مقبولاً.
ولكن في مارس 2011م تم الإعلان عن زيادة ارتفاع السد مرة أخرى ، وكذلك سعته التخزينية إلى 62 مليار متر مكعب ليكون بذلك أكبر سد في إثيوبيا.
ووقتها قال ميليس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل : إن هذا المشروع بهذه السعة ، سيكون أهم مشروع لإثيوبيا في الألف سنة الجديدة ، فتم تغيير الإسم إلى "سد الألفية".
وتم وضع حجر الأساس في إبريل 2011م.
وآنذاك قال وزير الموارد المائية الإثيوبي : إن السد سيختزن 67 مليار متر مكعب بدلاً من 62 ملياراً المعلن عنها في شهر مارس.
وتم تشكيل لجنة للسد وتغير اسمه مرة ثالثة إلى "سد الألفية الإثيوبي العظيم" رغبة من القيادة السياسية في إعطاء إسم ضخم وطني يلهب حماس الإثيوبيين.
كما تم رفع سعته التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب ، ورفع طاقة توليد الكهرباء من 1200 ميجاوات وفق الدراسات الأمريكية إلى 5250 ميجاوات في "سد الألفية" ثم إلى 6000 ميجاوات في الوقت الحاالي.
وخلال 45 يوماً فقط تغير اسم السد ، وتغيرت الخصائص والسعة التخزينية ، حيث تم إطلاق أربعة أسماء مختلفة على السد حتى وصلنا إلى اسم "سد النهضة" وزيد في ارتفاعه ثم رفعت السعة التخزينية أربع مرات.
كل هذا تم بينما كانت مصر منشغلة بالثورة فلم يصدر عنها رد في تلك الفترة.
قلت وبالله التوفيق :
ألا يتفق معي أخي المتابع بعد هذا العرض فيما ذهبت إليه من كون الصبغة الصهيونية تنضح من ثنايا هذا المشروع.
يتبع إن شاء الله.