[font=Traditional Arabic] [align=center]" اسلوب التعتيم عند بني أمية "[/align] كما استخدمت بنو أمية اسلوب التوريط , فقد استخدمت أيضا اسلوب التعتيم على العوام وتضليلهم . وأثناء ذلك جمعوا كل من في قلبه حقد على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومنحوه فرصة ذهبية ليطعن خنجره في قلب الأمة المحمدية , فأصبح جيش بني أمية وسيلة جذب , وأكبر مركز تجمع في هذا الوقت لكل من آذى الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم . وكأن الشيطان نادى فيهم ألحقوا بأخوانكم لا يغلبونكم عليهم !!! عن السدى عن أبي الديلم قال لما جىء بعليّ بن الحسين أسيراً فأقيم على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم ، وقطع قرن الفتنة , فقال له عليّ أقرأت القرآن ؟ قال : نعم . قال : قرأت آل حم ؟ قال : قرأت ولم أقرأ آل حم قال : ما قرأت ﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ قال : فإنكم لإياهم ؟ قال : نعم . - قال النبهاني في تعليقه على الحكاية عندما أوردها في كتابه الشرف المؤبد لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم : " ما أحسب أن هذا الرجل كان مؤمنا , بلي كان مؤمنا ولكن بالجبت والطاغوت فإن هذا الهذيان لا يصدر عن لسان مؤمن بالله ورسوله وكيف يستقر الإيمان في قلب رجل يحمد الله علي قتل آل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم واستئصالهم , وما أظن أن أبا جهل كان لله ورسوله أعدى من هذا الملحد , ولعلنا لا نعدم في زماننا هذا من هو علي شاكلته في الضلال بكراهة أهل بيت النبوة , ومعدن الرسالة فقد رأينا من إذا سمع بذكر مزية امتازوا بها أو منقبة أسندت إليهم , ووصفوا بها من الله تعالي أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو السلف الصالح , أو علماء الأمة وأوليائها يقطب وجهه ويتغير خلقه , ويود بلسان حاله أن تلك المزية لم تكن لهم , وقد يتكلف الأقاويل الواهية والأخبار الموضوعة والآثار المصنوعة ليطفئ بها نور الله تعالي ﴿ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ الصف . أهـ كلام النبهاني وذكر الطبري في تاريخه : " فلما قدموا عليه جمع من كان بحضرته من أهل الشأم ، ثم أدخلوهم ، فهنئوه بالفتح ، قال رجل منهم أزرق أحمر ونظر إلى وصيفةٍ من بناتهم فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه ، فقالت زينب : لا والله ولا كرامة لك ولا له إلا أن يخرج من دين الله ، قال : فأعادها الأزرق ، فقال له يزيد : كف عن هذا ... " . والفرق شاسع بين بني أمية وآل البيت , أورد اليافعي في مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان , وابن العديم في بغية الطلب في تاريخ حلب , والإتليدي في إعلام الناس بما وقع للبرامكة : قال الشيخ نصر الله بن مجلي وكان من الثقات الأمناء وأهل السنة ، قال : رأيت في المنام علي بن أبي طالب عليه السلام , فقلت : يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطف ما تم ؟ فقال لي عليه السلام ، أما سمعت أبيات ابن الصيفي في هذا ؟ فقلت : لا ، فقال : اسمعها منه . ثم استيقظت فباكرت إلى دار الحيص بيص ، فخرج إليّ فذكرت له الرؤيا ، فشهق وأجهش بالبكاء , وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي إلى أحد ، وإن كنت نظمتها إلا في ليلتي هذه وهي : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] ملكنا فكان العفو منا سجية ... فلما ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الأسارى وطالما ... غدونا عن الأسرى نعف ونصفح وحسبكم هذا التفاوت بيننا ... فكل إناء بالذي فيه ينضح [/poet] ا هـ . نعم كل إناء بالذي فيه ينضح , وهذا ما يليق بآل البيت وقد قال تعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ إبراهيم : (27:24) و قال الشاعر : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] بأبهِ اقتَدَى عَدي في الْكرَمْ ... ومَنْ يُشابِهْ أَبَهُ فَما ظَلَمْ [/poet]وقال آخر : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] خلائق دلتنا على طيب أصلها ... ومن طيب أصل المرء طيب فعاله [/poet]وقد قال عنترة : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ ... ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ [/poet] [align=center]***[/align] ولسيدنا الحسين عليه السلام شعر جميل منه : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] يا دهر أفٍّ لك من خليل ... كم لك بالإشراق والأصيل من صاحبٍ أو طالبٍ قتيل ... والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الأمر إلى الجليل ... وكل حيٍّ سالك السبيل [/poet] وفي معناه قول عنترة : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] كَمْ يُبْعِدُ الدَّهْرُ مَنْ أَرْجُو أُقارِبُهُ ... عنِّي ويبعثُ شيطاناً أحاربهُ فيالهُ من زمانٍ كلَّما انصرفتْ ... صروفهُ فتكتْ فينا عواقبهُ دَهْرٌ يرَى الغدْرَ من إحدَى طبَائِعهِ ... فكيْفَ يَهْنا بهِ حُرٌّ يُصَاحِبُهُ [/poet] ومن شعر عنترة في هذا المقام أيضا : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] بكَرتْ تخوفني الحتوفَ كأنني ... أَصْبحْتُ عن غَرض الحَتوفِ بِمَعْزِل فأَجَبْتُهَا إنْ المَنيَّة مَنْهلٌ ... لا بدَّ أنْ أُسْقَى بكأْس المنْهل فاقني حياءك لا أبالكِ واعلمي ... أني امرؤ سأموتُ إنُ لم أقتل إنَّ المنيَّة لو تُمثَّلُ مُثِّلتْ مثلي ... إذا نزلوا بضنك المنزل والخيلُ ساهِمة ُ الوجُوهِ كأَنَّما ... تسقى فوارسها نقيع الحنظل وإذا حملتُ على الكريهِة لم أقلْ ... بعد الكريهة ِ ليتني لم أفعل [/poet]وهذه الأبيات هي التي تمثل بها سيدنا زيد بن سيدنا علي زين العابدين رضي الله عنهم وأرضاهم , كما جاء في تاريخ دمشق والكامل في التاريخ , وكان من كلام سيدنا زيد مع أبي إسحاق : " يا أبا إسحاق ، خرج بنا أسيرين عن غير ذنب ولا جرم ولا جناية ، فشق بنا الحجاز وأرض الشام وأرض الجزيرة إلى العراق إلى تيس من ثقيف ، يلعب بنا ، وتمثل بالأبيات السابقة لعنترة وهي : بكَرتْ تخوفني الحتوفَ كأنني ... ومن الغريب هنا هو عندما بلغ هشام بن عبد الملك تغيبه ، فقال سالم : يا أمير المؤمنين ، قد كان قال لي حيث أعلمته أنه لا بد من الشخوص إلى يوسف بن عمر : ما أحب الحياة أحد إلا ذل ، فقال هشام : ويحك كيف لم تخبرني ؟ والله لو أخبرتني لحقنت دمه ، ولوصلت رحمه !!! لاحظوا معي لؤم هشام بن عبد الملك في رده , إنه يضع نفسه في صورة المظلوم , وهذا من دأبهم للتعتيم على الناس وإخفاء حقدهم وكرههم لآل البيت , وهذا من جنس فعل يزيد بن معاوية من ندمه على قتل سيدنا الحسين عليه السلام , الذي أشار إليه السيد الشريف أ.د محمود صبيح في كتابه : " أحجار الزيت ". وإذا كان الأمر كما زعم هشام من ندمه على ما حدث , فلما التمادي ؟ فمن المعروف أنه أرسل إلى سيدنا يحيى بن زيد من يقتله , وليس من يسترضيه , ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل قام بصلب جسمان سيدنا زيد أربعة أعوام , وكذلك فعل مع أبنه , فهل هذا فعل من ندم ؟! ففي تاريخ دمشق : " حمل يحيى بن زيد العلوي إلى بخارى مقيداً ، ونعي إليه والده ، فأنشده بعض الشعراء قصيدة ، فقال : دع ما تقول واسمع ما أقول وأنشأ يقول : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] إن يكن نالك الزمان ببلوى ... عظمت شدة عليك وجلت وتلتها قوارع داهيات ... سئمت دونها النفوس وملت فاصطبر وانتظر بلوغ مداها ... فالرزايا إذا توالت تولت [/poet] ا.هـ وقال عندما صار إلى خرسان طالبا بثأر أبيه : [poet font="Traditional Arabic,2,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""] لكل قتيل معشر يطلبونه ... وليس لزيد بالعراقين طالب [/poet]وفي تاريخ دمشق : " ولم يعقب يحيى ، وتولى قتله سلم بن أحوز المازني بالجوزجان بقرية أرغومة ، وكان نصر بن سيار عامل خراسان بعث سلم بن أحوز إلى يحيى ، فقتله بعد حرب شديد ، وزحوف ومواقف ، ثم أصاب يحيى سهم في صدغه فسقط إلى الأرض ، وانكبوا عليه ، فاحتزوا رأسه ، فأنفذه سلم إلى نصر ، فأنفذه نصر إلى هشام ، فوصل إليه وهو بالرصافة ، وصلبت جثته بجوزجان . فلم يزل مصلوباً حتى ظهر أبو مسلم فوارى جسده ، بعد أن تولى هو الصلاة عليه . وكتب أبو مسلم بإقامة النياحة ببلخ سبعة أيام بلياليها ، فناح وبكى عليه الرجال والنساء والصبيان ، وأمر أهل مرو ، ففعلوا مثل ذلك ، وما ولد في تلك السنة مولود بخراسان من العرب ومن له حال ونبأ إلا سمي يحيى . وقال أبو مسلم لمرار بن أنس : إنه لم يبق من قتله يحيى بن زيد أحد يعرف بعينه إلا سورة بن محمد الكندي ، وهو شجى في لهاتي . وكان سورة من فرسان الكرماني ، فمضى إليه مرار فقتله ، فقال له أبو مسلم : اليوم ساغ لي الشراب ، ودعا أبو مسلم بديوان بني أمية فجعل يتصفح أسماء قتلة يحيى بن زيد ومن سار في ذلك البعث لقتاله ، فمن كان حياً قتله ، ومن كان ميتاً خلفه في أهله وفي عشيرته بما يسوءه " ا هـ . [align=center]أنتهى الفصل الثاني : " بين بني أمية وبني أسرائيل " وسنبدأ إن شاء الله تعالى في الفصل الثالث والأخير " بين بين الإمام المهدي والمسيح عليهما السلام "[/align] [align=center]يتبع إن شاء الله تعالى[/align][/font]
_________________ قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب وأن تنهض الأشراف عند سماعـه قياما صفوفا أو جثيا علـى الركـب
|