الاسلام والديموقراطية
حسام عيتاني - جريدة السفير اللبنانية /٠٩/١٢/ ٢٠٠٤
بعد ستة شهور على صدور تقرير <<إسلام ديموقراطي ومدني>> عن مؤسسة <<راند>> الاميركية، نُشر قبل ايام تقرير <<الديموقراطية والاسلام>> عن مؤسسة ابحاث لا تقل اهمية ونفوذا هي <<كارنيغي للسلام>>.
اثار التقرير الاول الذي أعد لحساب وزارة الدفاع واشرفت عليه شيريل بينارد، ردود فعل سلبية في الاوساط الاسلامية التي تراوحت مآخذها عليه من اسم المشرفة كونها زوجة زلماي خليل زاد، عامل ادارة بوش على كابول، ولتضمنه دعوة الى تعزيز الاسلام الصوفي في المجتمعات العربية كونه اسلاما <<انسحابيا>> نابذا للنشاطية السياسية والاجتماعية (وكأن ما ينقص هذه المجتمعات هو اسلام <<اقتحامي>> من صنف القاعدة واشباهها).
كما انتقد كتّاب عرب يعتبرون في صفوف المخضرمين والمجلين، دعوة تقرير <<راند>> الى الاهتمام بالقوى العلمانية والليبرالية، واستنتجوا وهم الذين لم يقرأوا من التقرير، باعترافهم، الا شذرات نشرتها مجلة عربية تصدر في لندن، وهذه عادة متأصلة فيهم، أي عدم الاطلاع حتى على الادبيات التي تعنيهم مباشرة الا لمامًا ومن ثم التنطح للرد عليها وقذفها بأشنع النعوت ان القوى العلمانية وحتى اليسارية العربية اصبحت في مصاف العملاء لأن السيدة بينارد رأت فائدة ما للمصالح الاميركية في توسيع رقعة نفوذ قوى لادينية في السياسات العربية.
واصبحت خطيئة تلك الباحثة مثّلثة: هي زوجة خليل زاد واجرت دراستها لحساب البنتاغون ودعت الى ادخال نوع من <<المدنية>> والديموقراطية على الاسلام الى جانب السماح لقوى غير اسلامية (بالمعنى السياسي) بالنشاط الحر.
المهم ان دراسة <<كارنيغي>> التي اعدها غراهام فولر وهو رجل استخبارات سابق وباحث مستقل وضيف دائم على الفضائيات العربية، تنحو في اتجاه آخر.
فمنذ الصفحة الاولى يرى الكاتب ان الاسلام والديموقراطية لا يتناقضان. ويشخص علل العالم العربي بأنها النفط الذي توزعه السلطات كمِنة منها على شعب يفترض ان يبادلها عطاءاتها بالولاء، وانخفاض مستوى المعيشة والدخل في الدول غير النفطية والصراع العربي الاسرائيلي والجغرافيا والدعم الغربي للانظمة المستبدة والايديولوجيا الاسلامية التي تستغل السلطات الصراع ضدها لكبح المسار الديموقراطي.