موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 30 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 05, 2015 2:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
2- الجن والبعثة الشريفة


قال السيوطي في الخصائص الكبرى 1/173- 179

{ وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن يزيد بن رومان قال خرج عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله فدخلا على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأسلما وقال عثمان يا رسول الله قدمت حديثا من الشام فلما كنا بين معان والزرقاء فنحن كالنيام إذا مناد ينادينا أيها النيام هبوا فإن أحمد قد خرج بمكة فقدمنا فسمعنا بك .

وأخرج ابن سعد وأبو نعيم وابن عساكر عن سفيان الهذلي قال خرجنا في عير لنا إلى الشام فلما كنا بين الزرقاء ومعان قد عرسنا من الليل إذا بفارس يقول أيها النيام هبوا فليس هذا بحين رقاد قد خرج أحمد وطردت الجن كل مطرد ففزعنا ونحن رفقة حزاورة كلهم قد سمع هذا فرجعنا إلى أهلينا فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش بنبي خرج فيهم من بني عبد المطلب اسمه أحمد .

وأخرج أبو نعيم عن يعقوب بن يزيد بن طلحة التيمي أن رجلا مر على عمر فقال أكاهن أنت متى عهدك بصاحبتك قال قبيل الإسلام أتتني فصرخت يا سلام يا سلام الحق المبين والخير الدائم غير حلم النائم الله أكبر فقال رجل من القوم يا أمير المؤمنين أما أحدثك مثل هذا والله إنا لنسير دوية ملساء لا نسمع فيها إلا الصداء إذ نظرنا فإذا راكب مقبل فقال يا أحمد يا أحمد الله أعلى وأمجد أتاك ما وعدك من الخير يا أحمد ثم ذهب فقال رجل من الأنصار أنا أحدثك مثل هذا انطلقت إلى الشام فلما كنا بقفرة من الأرض إذا هاتف من خلفنا يقول:

قد لاح نجم فأضاء مشرقه
يخرج من ظلماء عسوف موبقه

ذاك رسول مفلح من صدقه
الله أعلى أمره وحققه .


وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس قال هتف هاتف من الجن على أبي قبيس بمكة فقال:

قبح الله رأي كعب بن فهر
ما أرق العقول والأحلام

دينها أنها يعنف فيها
دين آبائها الحماة الكرام

حالف الجن حين يقضي عليكم
ورجال النخيل والآطام

يوشك الخيل أن تراها تهادى
تقتل القوم في البلاد العظام

هل كريم منكم له نفس حر
ما جد الوالدين والأعمام

ضارب ضربة تكون نكالا
ورواحا من كربة واغتمام


فأصبح هذا الحديث قد شاع بمكة وأصبح المشركون يتناشدونه بينهم وهموا بالمؤمنين فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} هذا شيطان يكلم الناس في الأوثان يقال له مسعر والله يخزيه فمكثوا ثلاثة أيام فإذا هاتف على الجبل يقول:

نحن قتلنا مسعرا
لما طغى واستكبرا
وسفه الحق وسن المنكرا

قنعته سيفا جروفا مبترا
بشتمه نبينا المطهرا


فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ذلكم عفريت من الجن يقال له سمحج سميته عبد الله آمن بي فأخبرني أنه في طلبه منذ أيام.


وأخرج الفاكهي في أخبار مكة من حديث ابن عباس عن عامر بن ربيعة قال: بينما نحن مع النبي {صلى الله عليه وسلم} بمكة في بدء الإسلام إذ هتف هاتف على بعض جبال مكة فحرض على المسلمين فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} هذا شيطان ولم يعلن شيطان بتحريض على نبي إلا قتله الله تعالى فلما كان بعد ذلك قال لنا النبي {صلى الله عليه وسلم} قد قتله الله تعالى بيد رجل من عفاريت الجن يدعى سمحجا وقد سميته عبد الله فلما أمسينا سمعت هاتفا بذلك المكان يقول:

نحن قتلنا مسعرا
لما طغى واستكبرا

وصغر الحق وسن المنكرا
بشتمه نبينا المطهرا



وأخرج أبو نعيم والفاكهي في أخبار مكة عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما ظهر أمر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قام رجل من الجن على أبي قبيس يقال له مسعر فقال قبح الله رأي كعب بن فهر الأبيات وأصبحت قريش تقول توانيتم حتى حرضتكم الجن فلما كانت القابلة قام في مقامه رجل من الجن يقال له سمحج فقال:

نحن قتلنا مسعرا
لما طغى واستكبرا

بشتمه نبينا المطهرا

أوردته سيفا جروفا مبترا
إنا نذود من أراد البطرا



وأخرج أبو سعد في شرف المصطفى عن جندل بن نضلة أنه أتى النبي {صلى الله عليه وسلم} فقال: كان لي صاحب من الجن فأتاني فدهمني وقال:

هب فقد لاح سراج الدين
لصادق مهذب أمين

فارحل على ناجية أمون
تمشي على الصحصح والحزون


فانتبهت مذعورا فقلت: ماذا ؟
قال: وساطح الأرض وفارض الفرض لقد بعث محمد في الطول والعرض نشأ في الحرمات العظام وهاجر إلى طيبة الأمينة .
فسرت فإذا أنا بهاتف يقول:

يا أيها الراكب المزجى مطيته
نحو الرسول لقد وفقت للرشد



وأخرج ابن الكلبي عن عدي بن حاتم قال: كان لي عسيف من كلب يقال له حابس بن دغنة فبينا أنا ذات يوم بفنائي إذا أنا به مروع الفؤاد
فقال: دونك إبلك .
قلت: ما هاجك قال بينا أنا بالوادي إذا بشيخ من شعب جبل تجاهي كان رأسه رخمة فانحدر عما تزلى عنه العقاب وهو مترسل غير منزعج حتى استقرت قدماه في الحضيض وانا أعظم ما أرى فقال:

يا حابس بن دغنة يا حابس
لا تعرضن إليك الوساوس

هذا سنا النور بكف القابس
فاجنح إلى الحق ولا توالس


قال: ثم غاب فروحت إبلي وسرحتها إلى غير ذلك الوادي ثم اضطجعت فإذا راكب قد ركضني فاستيقظت فإذا هو صاحبي وهو يقول:

يا حابس اسمع ما أقول ترشد
ليس ضلول حائر كمهتدي

لا تتركن نهج الطريق الأقصد
قد نسخ الدين بدين أحمد


قال: فأغمي علي ثم أفقت بعد زمن وقد امتحن الله قلبي للإسلام.


وأخرج الطبراني وأبو نعيم عن عمرو بن مرة الجهني قال خرجت حاجا فرأيت في المنام وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى أضاء لي جبل يثرب فسمعت صوتا في النور وهو يقول:
انقشعت الظلماء وسطع الضياء وبعث خاتم الأنبياء.
ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن فسمعت صوتا في النور وهو يقول:
ظهر الاسلام وكسرت الاصنام ووصلت الأرحام .
فانتبهت فزعا فقلت لقومي: والله ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث وأخبرتهم بما رأيت فلما انتهينا إلى بلادنا جاءنا أن رجلا يقال له أحمد قد بعث فأتيته فأخبرته بما رأيت ثم أسلمت وقلت: يا رسول الله ابعث بي إلى قومي فبعثني إليهم فدعوتهم إلى الإسلام فأجابوا إلا رجلا منهم قام فقال: يا عمرو بن مرة أمرَّ الله عيشك أتأمرنا أن نرفض آلهتنا وتخالف دين آبائنا ثم قال:

إن ابن مرة قد أتى بمقالة
ليست مقالة من يريد صلاحا

إني لأحسب قوله وفعاله
يوما وإن طال الزمان رياحا

أيسفه الأشياخ ممن قد مضى
من رام ذلك لا أصاب فلاحا


فقال عمرو بن مرة: الكاذب مني ومنك أمر الله عيشه وأبكم لسانه وأكمه بصره فوالله ما مات حتى سقط فوه فكان لا يجد طعم الطعام وعمي وخرس.


وأخرج أبو نعيم والخرائطي وابن عساكر من طريق ابن خربوذ المكي عن رجل من خثعم قال كانت العرب لا تحرم حلالا ولا تحل حراما كانوا يعبدون الأوثان ويتحاكمون إليها فبينا نحن ذات ليلة عند وثن لنا جلوس وقد تقاضينا إليه في شيء إذ هتف هاتف وهو يقول:

يا أيها الناس ذوو الأجسام
ومسندوا الحكم إلى الأصنام

ما أنتم وطائش الأحلام
هذا نبي سيد الأنام

أعدل ذي حكم من الحكام
يصدع بالنور وبالإسلام

ويردع الناس عن الآثام
مستعلن في البلد الحرام


قال: ففزعنا وتفرقنا من عنده وصار ذلك الشعر حديثا حتى بلغنا أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قد خرج بمكة ثم قدم المدينة فجئت فأسلمت .


وأخرج ابن سعد والبزار وأبو نعيم عن جبير بن مطعم قال كنا جلوسا عند صنم ببوانة قبل أن يبعث رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بشهر نحرنا جزورا فإذا صائح يصيح من جوف الصنم يقول:
ألا اسمعوا إلى العجب ذهب استراق السمع للوحي ويرمى بالشهب لنبي بمكة اسمه أحمد مهاجره إلى يثرب .
قال جبير: فأمسكنا وعجبنا وخرج رسول الله {صلى الله عليه وسلم} .


وأخرج أبو نعيم عن تميم الداري قال: كنت بالشام حين بعث رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فخرجت إلى بعض حاجتي وأدركني الليل فقلت: أنا في جوار عظيم هذا الوادي فلما أخذت مضجعي إذا أنا بمناد ينادي لا أراه عذبا لله فإن الجن لا تجير على الله أحدا
فقلت: أيم الله ما تقول قال قد خرج الرسول الأمين رسول الله وصلينا خلفه بالحجون فأسلمنا واتبعناه وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد رسول رب العالمين فأسلم قال تميم: فلما أصبحت ذهبت إلى راهب فأخبرته الخبر فقال: قد صدقوك يخرج من الحرم ومهاجره الحرم وهو خير الأنبياء فلا تسبق إليه .


وأخرج أبو نعيم عن خويلد الضمري قال: كنا عند صنم جلوسا إذ سمعنا من جوفه صائحا يصيح ذهب استراق السمع للوحي ورمي بالشهب لنبي بمكة اسمه أحمد ومهاجره إلى يثرب يأمر بالصلاة والصيام والبر والصلات للارحام فقمنا من عند الصنم فسألنا فقالوا: خرج بمكة نبي إسمه أحمد.


وأخرج أبو نعيم وابن جرير والمعافي بن زكريا وابن الطراح في كتاب الشواعر بأسانيدهم عن العباس بن مرداس قال: كان أول إسلامي أن أبي لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم يقال له ضمار فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم فلما ظهر النبي {صلى الله عليه وسلم} سمعت صوتا من جوف الصنم بالليل وهو يقول:

قل للقبائل من سليم كلها
هلك الأنيس وعاش أهل المسجد

أودى ضمار وكان يعبد مرة
قبل الكتاب إلى النبي محمد

إن الذي ورث النبوة والهدى
بعد ابن مريم من قريش مهتدي


قال فكتمته الناس فلم أحدث به أحدا فلما رجع الناس من غزوة الأحزاب فبينا أنا في إبلي بطرف العقيق من ذات عرق سمعت صوتا شديدا فرفعت رأسي فإذا برجل على جناحي نعامة وهو يقول النور الذي وقع يوم الاثنين وليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في ديار بني أخي العنقاء فأجابه هاتف عن شماله لا أبصره فقال:

بشر الجن وأبلاسها
أن وضعت المطي أحلاسها
وبينت السماء أحراسها


قال: فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل
وأخرج الخرائطي والطبراني وأبو نعيم من وجه آخر عن العباس بن مرداس أنه كان يغبر في لقاح له نصف النهار إذ طلعت عليه نعامة بيضاء مثل القطن عليها راكب عليه ثياب بيض مثل القطن فقال يا عباس بن مرداس:

ألم تر أن السماء قد حفت أحراسها
وأن الحرب جرعت أنفاسها
وأن الخيل وضعت أحلاسها
وأن الذي جاء بالبر ولد يوم الاثنين في ليلة الثلاثاء صاحب الناقة القصواء فخرجت مرعوبا حتى جئت وثنا يدعى ضمارا فإذا صائح من جوفه يصيح قل للقبائل الأبيات .


وأخرج أبو نعيم من وجه ثالث عن العباس بن مرداس قال: بينا أنا نصف النهار جالس في فيء شجرة إذ طلعت علي نعامة بيضاء عليها رجل أبيض عليه ثياب بياض فقال:

عباس يا عباسها
يا ابن قيل مرداسها
ألم تر إلى الجن وأبلاسها
والحرب قد جرعت أنفاسها
وأن السماء منعت أحراسها

فانصرفت فلم أزل أسأل حتى قدم علي ابن عم لي فأخبرني أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يدعو إلى الله مستخفيا .


وأخرج ابن سعد وأبو نعيم عن سعيد بن عمرو الهذلي عن أبيه قال: ذبحت ذبيحة على الصنم فسمعت من جوفه صوتا العجب كل العجب خرج نبي من بني عبد المطلب يحرم الزنا ويحرم الذبح للأصنام وحرست السماء و رمينا بالشهب
فتفرقنا فقدمنا مكة فلم نجد أحدا يخبرنا بخروج محمد {صلى الله عليه وسلم} حتى لقينا أبا بكر الصديق فقلنا يا أبا بكر خرج بمكة أحد يدعو إلى الله تعالى يقال له أحمد قال وما ذاك فأخبرته الخبر قال نعم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وهو رسول الله .


وأخرجا من وجه آخر عن عبد الله بن ساعدة الهذلي عن أبيه قال: كنت عند صنم لنا فسمعت مناديا من جوفه ينادي قد ذهب كيد الجن ورمينا بالشهب لنبي اسمه احمد فانصرفت فلقيت رجلا فخبرني بظهور رسول الله {صلى الله عليه وسلم} .


وأخرج ابن منده عن بكر بن جبلة قال: كان لنا صنم فعثرنا عنده فسمعت صوتا يقول: يا بكر بن جبلة تعرفون محمدا .


وأخرج البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله خرجت في الجاهلية أطلب بعيرا لي شرد فهتف بي هاتف في الصبح يقول:

يا أيها الراقد في الليل الأجم
قد بعث الله نبيا في الحرم

من هاشم أهل الوفاء والكرم
يجلو دجنات الدياجي والظلم


فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا فقلت:

يا أيها الهاتف في داجي الظلم
أهلا وسهلا بك من طيف ألم

بين هداك الله في لحن الكلم
ماذا الذي تدعو إليه يغتنم


فإذا أنا بنحنحة وقائل يقول:
ظهر النور وبطل الزور وبعث الله محمد بالخيور ثم أنشأ يقول:

الحمد لله الذي
لم يخلق الخلق عبث

أرسل فينا أحمدا
خير نبي قد بعث

صلى عليه الله ما
حج له ركب وحث


ثم لاح الصباح فوجدت البعير .


واخرج أبو سعد في شرف المصطفى عن الجعد بن قيس المرادي قال: خرجنا أربعة أنفس نريد الحج في الجاهلية فمررنا بواد من أودية اليمن فلما أقبل الليل استعذنا بعظيم الوادي وعقلنا رواحلنا فلما هدأ الليل ونام أصحابي إذا هاتف من بعض أرجاء الوادي يقول:

ألا أيها الركب المعرس بلغوا
إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما

محمد المبعوث منا تحية
تشيعه من حيث سار ويمما

وقولوا له إنا لدينك شيعة
بذلك أوصانا المسيح بن مريما


وأخرج أبو سعد في شرف المصطفى بسند ضعيف أن جندع بن الصميل أتاه آت فقال له: يا جندع بن صميل اسلم تسلم وتغنم من حر نار تضرم .
فقال: ما الاسلام .
قال البرأة من الأصنام والإخلاص للملك العلام .
قال: كيف السبيل إليه .
قال: إنه قد اقترب ظهور ناجم من العرب كريم النسب غير خامل النسب يطلع من الحرم تدين له العرب والعجم فأخبر بذلك ابن عمه رافع بن خداش فلما بلغه مهاجر النبي {صلى الله عليه وسلم} إلى المدينة جاء فأسلم } اهـ .



و في سبل الهدى و الرشاد 2/212-213

(وروى الطبراني وأبو نعيم والبيهقي عن عبد الله العماني أن مازنا الطائي كان بأرض عمان، وكان يسدن الأصنام لأهله، وكان له صنم يقال له بادر.
قال مازن: فعترت ذات يوم عتيرة، وهي الذبيحة، فسمعت صوتا من الصنم يقول:

يا مازن أقبل إلي أقبل،
تسمع ما لا يجهل،
هذا نبي مرسل،
جاء بحق منزل،
فآمن به كي تعدل،
عن حر نار تشعل،
وقودها بالجندل.

قال مازن: فقلت والله إن هذا لعجب.
ثم عترت بعد أيام عتيرة أخرى فسمعت صوتا أبين من الأول وهو يقول:

يا مازن اسمع تسر،
ظهر خير وبطن شر
بعث نبي من مضر،
بدين الله الكبر
فدع نحيتا من حجر،
تسلم من حر سقر

قال مازن: فقلت والله إن لهذا لعجب وإنه لخير يراد بي.
وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت: ما الخبر وراءك ؟ قال: خرج رجل بتهامة يقول لمن أتاه: أجيبوا داعي الله يقال له أحمد.
فقلت: هذا والله نبأ ما سمعت.
فرحلت حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرح لي الإسلام فأسلمت وقلت:

كسرت بادر أجذاذا أو كان لنا
ربا نطيف به ضلا بتضلال
بالهاشمي هدانا من ضلالتنا
ولم يكن دينه مني على بال
يا راكبا بلغن عمرا وإخوتها
أني لمن قال ربي بادر قالي
قال مازن: فقلت يا رسول الله إني امرؤ مولع بالشراب والطرب وشرب الخمر والهلوك من النساء وألحت علينا السنون فأذهبن الأموال وأهذلن الذراري والرجال وليس لي ولد، فادع الله أن يذهب عني ما أجد ويأتيني بالحيا يهب لي ولدا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم أبد له بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وأته بالحيا، وهب له ولدا .
قال مازن: فأذهب الله عني كل ماكنت أجد، وأخصب عمان وتزوجت أربع حرائر ووهب لي حيان بن مازن وأنشأت أقول:

إليك رسول الله سقت مطيتي * تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطى الثرى * فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
إلى معشر خالفت في الله دينهم * فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي
وكنت امرءا بالزغب والخمر مولعا * شبابي حتى آذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر خوفا وخشية * وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي
فأصبحت همي في الجهاد ونيتي * فلله ما صومي ولله ما حجي



وروى ابن سعد وأبو نعيم عن نفيل بن عمرو الهذلي قال: ذبحت ذبيحة على صنم فسمعت من جوفه: العجب كل العجب، خرج نبي من بني عبد المطلب، يحرم الزنا ويحرم الذبح للأصنام، وحرست السماء ورمينا بالشهب.
فتفرقنا فقدمنا مكة فلم نجد من يخبرنا بخروج محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لقينا أبا بكر الصديق فقلنا يا أبا بكر خرج بمكة أحد يدعوا إلى الله تعالى يقال له أحمد ؟ قال: وما ذاك ؟ فأخبرته الخبر، قال: نعم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وهو رسول الله ) اهـ .



و في سيرة ابن كثير 1/353
(و قال الواقدي : حدثني محمد بن عبد الله الزهري : كان الوحي يسمع فلما كان الإسلام منعوا
و كانت امرأة من بني أسد يقال لها سعيرة لها تابع من الجن فلما رأى الوحي لا يستطاع أتاها فدخل في صدرها فضج في صدرها فذهب عقلها فجعل يقول من صدرها : وضع العناق و منع الرفاق و جاء أمر لا يطاق و أحمد حرم الزنا .


و قال الحافظ أبو بكر الخرائطي : حدثنا عبد الله بن محمد البلوي ـ بمصر ـ حدثنا عمارة بن زيد حدثنا عيسى بن يزيد عن صالح بن كيسان عمن حدثه عن مرداس بن قيس السدوسي قال : حضرت النبي صلى الله عليه و سلم و قد ذكرت عنده الكهانة و ما كان من تغييرها عند مخرجه فقلت : يا رسول الله قد كان عندنا في ذلك شيء أخبرك أن جارية منا يقال لها الخلصة لم يعلم عليها إلا خيرا إذ جاءتنا فقالت : يا معشر دوس العجب العجب لما أصابني هل علمتم إلا خيرا ؟
قلنا : و ماذاك ؟ قالت إني لفي غنمي إذ غشيتي ظلمة و وجدت كحس الرجل مع المرأة فقد خشيت أن أكون حبلت حتى إذا دنت ولادتها وضعت غلاما أغضف له أذنان كأذني الكلب فمكث فينا حتى إنه ليلعب مع الغلمان إذ وثب وثبة و ألقى إزاره و صاح بأعلى صوته و جعل يقول : يا ويلة يا ويلة يا عولة يا عولة يا ويل غنم يا ويل فهم من قابس النار الخيل و الله وراء العقبة فيهن فتيان حسان نجبة
قال : فركبنا و أخذنا للأداة و قلنا : يا ويلك ما ترى ؟ فقال : هل من جارية طامث ؟ فقلنا : و من لنا بها ؟ فقال شيخ منا : هي و الله عندي عفيفة الأم فقلنا فعجلها فأتى بالجارية و طلع الجبل و قال للجارية : اطرحي ثوبك و اخرجي في وجوههم و قال للقوم : اتبعوا أثرها و قال لرجل منا يقال له أحمد بن حابس : يا أحمد بن حابس عليك أول فارس فحعل أحمد فطعن أول فارس فصرعه و انهزموا فغنمناهم قال : فابتنينا عليهم بيتا و سميناه ذا الخلصة و كان لا يقول لنا شيئا إلا كان كما يقول
حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله قال لنا يوما : يا معشر دوس نزلت بنو الحارث ابن كعب فركبنا فقال لنا : اكدسوا الخيل كدسا و احشوا القوم رمسا انفوهم غدية و اشربوا الخمر عشية
قال : فلقيناهم فهزمونا و غلبونا فرجعنا إليه فقلنا : ما حالك و ما الذي صنعت بنا ؟ فنظرنا إليه و قد احمرت عيناه و انتصبت أذناه و انبرم غضبانا حتى كاد أن ينفطر و قام
فركبنا و اغتفرنا هذه له و مكثنا بعد ذلك حينا ثم دعانا فقال : هل لكم في غزوة تهب لكم عزا و تجعل لكم حرزا و يكون في أيديكم كنزا ؟ فقلنا : ما أحوجنا إلى ذلك ؟ فقال اركبوا فركبنا فقلنا : ما تقول ؟ فقال : بنو الحارث بن مسلمة ثم قال : قفوا فوقفنا ثم قال : عليكم بفهم ثم قال ليس فيهم دم عليكم بمضر هم أرباب خيل و نعم ثم قال : لا رهط دريد بن الصمة قليل العدد و في الذمة ثم قال لا و لكن عليكم بكعب بن ربيعة و أسكنوها ضيعة عامر بن صعصعة فليكن بهم الوقيعة
قال : فلقيناهم فهزمونا و فضحونا فرجعنا و قلنا : ويلك ماذا تصنع بنا قال : ما أدرى كذبني الذي كان يصدقني اسجنوني في بيتي ثلاثا ثم ائتوني
ففعلنا به ذلك ثم أتيناه بعد ثالثة ففتحنا عنه فإذا هو كأنه حجرة نار فقال : يا معشر دوس حرست السماء و خرج خير الأنبياء قلنا : أين ؟ قال : بمكة و أنا ميت فادفنوني في رأس جبل فإني سوف أضطرم نارا و إن تركتموني كنت عليكم عارا فإذا رأيتم اضطرامي و تلهبي فاقذفوني بثلاثة أحجار ثم قولوا مع كل حجر : باسمك اللهم : فإني أهدأ و أطفى
قال : و إنه مات فاشتعل نارا ففعلنا به ما أمر و قد قذفناه بثلاثة أحجار نقول مع كل حجر : باسمك اللهم فخمد و طفى

و أقمنا حتى قدم علينا الحاج فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله ) اهـ .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 05, 2015 9:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
3- الجن و الهجرة الشريفة


الروض الأنف 2/324
(وذكر عن أسماء بنت أبي بكر خفي عليها ، وعلى من معها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدروا أين توجه حتى أتى رجل من الجن يسمعون صوته ولا يرونه فمر على مكة والناس يتبعونه وهو ينشد هذه الأبيات:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد

هما نزلا بالبر ثم ترحلا ... فأفلح من أمسى رفيق محمد

ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

فيالقصي ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا يجازي وسودد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له بصريح ضرة الشاة مزبد

فغادرها رهنا لديها بحالب ... يرددها في مصدر ثم مورد

حسان بن ثابت لما بلغه شعر الجني وما هتف به في مكة قال يجيبه:

لقد خاب قوم عنهم نبيهم ... وقد سر من يسري إليهم ويغتدي

ترحل عن قوم فضلت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد

هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد

وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا ... عمايتهم هاد بها كل مهتد

لقد نزلت منه إلى أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد

وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقه في اليوم أو في ضحى الغد

ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد )اهـ .



وفي الخصائص الكبرى 1/319
(وقال البخاري سمعت أبا محمد الكوفي قال لما أراد النبي {صلى الله عليه وسلم} أن يهاجر سمعوا صوتا بمكة يقول:

إن يسلم السعدان يصبح محمد

من الأمن لا يخشى خلاف المخالف

فقالت قريش: لو علمنا من السعدان لفعلنا وفعلنا فسمعوا من القابلة وهو يقول:

فيا سعد سعد الأوس إن كنت مانعا

ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا

على الله في الفردوس زلفة عارف

قال سعد الأوس سعد بن معاذ وسعد الخزرجين سعد بن عبادة وأخرجه ابن عساكر من هذا الطريق.

وأخرجه من طريق ابن أبي الدنيا أنبأنا أبي ثنا هشام بن محمد الكلبي حدثنا عبد المجيد بن أبي عبس عن أبيه عن جده قال سمعت قريش صائحا يصيح على أبي قبيس فذكر البيت الأول فقالوا من السعود سعد بن بكر وسعد بن زيد مناة وسعد هذيم فلما كان في الليلة الثانية سمعوا صوته على أبي قبيس فذكر البيتين وزاد:

فإن ثواب الله للطالب الهدى

جنان من الفردوس ذات رفارف

فقالت قريش هذا سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأخرجه البيهقي والخرائطي نحوه )اهـ .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 06, 2015 6:54 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825

4- إسلام الجن


سبل الهدى والرشاد 2/443- 449

(الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن
قد تقدم في أبواب البعثة استماعهم لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ ابن كثير وابن حجر: وقول من قال إن وفودهم كان بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف ليس صريحا في أولية قدوم بعضهم، والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء عن استراق السمع دال على أن ذلك كان بعد المبعث، وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا عن ذلك إلى أن وقفوا على السبب فرجعوا إلى قومهم.
ولما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم قدموا فسمعوا فأسلموا وكان ذلك بين الهجرتين، ثم تعدد مجيئهم حتى في المدينة .انتهى.

وروى محمد بن عمر الأسلمي، وأبو نعيم، عن أبي جعفر رضي الله عنه وعن آبائه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجن في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة.

قال ابن إسحاق وابن سعد وغيرهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف راجعا إلى مكة حين يئس من خير ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تعالى.
قال ابن إسحاق: وهم فيما ذكر لي سبعة نفر من جن أهل نصيبين، فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا.

فقص الله تعالى خبرهم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (و) اذكر (إذ صرفنا) أملنا (إليك نفرا من الجن) جن نصيبين أو جن نينوى، وكانوا سبعة أو تسعة، وكان صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة يصلي بأصحابه الفجر.
رواه الشيخان.

(يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا) أي قال بعضهم لبعض: (أنصتوا) لاستماعه (فلما قضي) فرغ من قراءته (ولوا) رجعوا (إلى قومهم منذرين) مخوفين قومهم العذاب إن لم يؤمنوا وكانوا يهودا.

(قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا) هو القرآن (أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه) أي تقدمه كالتوراة.

(يهدي إلى الحق) الإسلام (وإلى طريق مستقيم) أي طريقه (يا قومنا أجيبوا داعي الله) محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان (وآمنوا به يغفر) الله (لكم من ذنوبكم) [ الأحقاف 29: 31 ] أي بعضها لأن منها المظالم ولا تغفر إلا برضا أربابها.
الآيات.


وروى ابن شيبة وأحمد بن منيع والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي، عن ابن مسعود قال: هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا.
قالوا: صه وكانوا تسعة أحدهم زوبعة فأنزل الله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) الآيات.


وروى ابن جرير والطبراني عن ابن عباس قالوا كانوا تسعة نفر من أهل نصيبين، فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلا إلى قومهم.


وروى الشيخان عن مسروق قال: قلت لابن مسعود: من آذن النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن ؟ قال: آذنته بهم شجرة وفي لفظ: سمرة.


وروى محمد بن عمر الأسلمي وأبو نعيم عن كعب الأحبار قال: لما انصرف النفر التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة وهم فلان وفلان والأحقب جاءوا قومهم منذرين فخرجوا بعد وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ثلاثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء الأحقب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن قومنا قد حضروا الحجون يلقونك.
فوعده رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من الليل بالحجون.


وروى الإمام أحمد ومسلم والترمذي عن علقمة قال: قلت لابن مسعود: هل صحب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد.
قال: ما صحبه منا أحد ولكنا فقدناه ذات ليلة فقلنا استطير أو اغتيل فبتنا بشر ليلة باتها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء فقلنا يا رسول الله إنا فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم.
فقال: إنه أتاني داعي الجن فذهبت معهم
فقرأت عليهم القرآن.
فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم.

وقال ابن مسعود أيضا: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بت الليل أقرأ على الجن رفقا - وفي لفظ: واقفا - بالحجون.
رواه ابن جرير.


قلت: تبين من الأحاديث السابقة أن الجن سمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بنخلة فأسلموا، فأرسلهم إلى قومهم منذرين، ثم أتوه وهم ثلاثمائة، فقرأ عليهم القرآن وهذه المرة لم يحضرها ابن مسعود، بل حضر في مرة بعدها.


وروى ابن جرير الطبراني وأبو نعيم والبيهقي وغيرهم من طرق، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة: من أحب منكم أن يحضر الليلة أمر الجن فليفعل.
فلم يحضر منهم أحد غيري، فانطلقنا فقال: إن بني إخوة وبني عم يأتون الليلة فأقرأ عليهم القرآن.
فسرنا حتى إذا كنا بأعلى مكة خط لي برجله خطا ثم أمرني أن أجلس فيه وقال لي لا تبرح منه حتى آتيك.
ثم انطلق حتى إذا قام فافتتح القرآن فغشيه أسودة كثيرة.
وفي رواية فذكر هيئة كأنهم الزط ليس عليهم ثياب، ولا أرى سوأتهم طوالا قليلا، فجئتهم فرأيت الرجال ينحدرون عليه من الجبال، فازدحموا عليه فقال سيد لهم يقال له وردان: أنا أرحلهم عنك.
فقال: إني لن يجيرني من الله أحد.
فحالوا بيني وبينه حتى ما أسمع صوته فانطلقوا فطفقوا يتقطعوه مثل السحاب ذاهبين حتى بقي رهط، ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفجر، فنزل ثم أتاني فقال: أرسلت إلى الجن.
فقلت: فما هذه الأصوات التي سمعتها قال: هذه أصواتهم حين ودعوني وسلموا علي.
ما فعل الرهط ؟ فقلت: هم أولئك يا رسول الله.
فسألوه الزاد فأخذ عظما وروثا فأعطاهم إياهما.
فقال: لكم كل عظم عراق ولكم كل روثة خضرة.
قالوا: يا رسول الله يقدرهما الناس علينا.
قلت: يا رسول الله وما يغني ذلك عنهم ؟ فقال: إنهم لا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم أكلت، فلا يتنقين أحدكم إذا خرج من الخلاء بعظم ولا بعرة ولا روثة.
فلما أصبحت رأيت مبرك ستين بعيرا.


قصة أخرى روى ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال: هم اثنا عشر ألفا جاءوا من جزيرة الموصل.

وذكر أبو حمزة الثمالي قال: إن هذا الحي من الجن كان يقال لهم بنوا الشيصبان، وكانوا أكثر الجن عددا وأشرفهم وكانوا عامة جند إبليس.


تنبيهات:
الأول: روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: كانوا تسعة أحدهم زوبعة أتوه في أصل نخلة.
وتقدم عنه أنهم كانوا خمسة عشر.
وفي رواية أنهم كانوا على ستين راحلة وتقدم أن اسم سيدهم وردان.
وتقدم عن عكرمة أنهم كانوا اثني عشر ألفا.
ففي هذا الاختلاف دليل على تكرار وفادتهم على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة كما سيأتي بيان ذلك هناك.

الثاني: في من وقفت على اسمه من الجن الذين اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أن اسم النفر السبعة أوالتسعة على الاختلاف.
فقال مجاهد كانوا سبعة ثلاثة من أهل حران وأربعة من نصيبين وكانت أسماؤهم حسى ومنسى وشاصر وماصر والأرد وإينان والأحقب.
رواه ابن أبي حاتم.

وقال إسماعيل بن أبي زياد: هم تسعة: سليط وشاصر وخاضر وحسا ومسا والأرقم والأدرس وحاصر.

وروى البيهقي عن أبي معمر الأنصاري قال: بينا عمر بن عبد العزيز يمشي إلى مكة بفلاة من الأرض إذ رأى حية ميتة فقال علي بمحفار.
فحفر له ولفه في خرقة ودفنه، وإذا بهاتف يهتف لا يرونه: رحمة الله عليك يا سرق فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تموت يا سرق في فلاة من الأرض فيدفنك خير أمتي.
فقال عمر: من أنت يرحمك الله ؟ قال: أنا رجل من الجن، وهذا سرق ولم يبق ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم أحد من الجن غيري وغيره، وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تموت يا سرق بفلاة من الأرض ويدفنك خير أمتي.

وذكر ابن سلام من طريق أبي إسحاق السبيعي - بسين مهملة مفتوحة فموحدة فمثناة تحتية - عن أشياخه عن ابن مسعود أنه كان في نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يمشون فرفع لهم إعصار ثم جاء إعصار أعظم منه ثم انقشع فإذا حية قتيلة، فعمد رجل منا إلى ردائه فشقه وكفن الحية ببعضه ودفنها، فلما جن الليل إذا امرأتان تسألان: أيكما دفن عمرو بن جابر فقلنا ما ندري ما عمرو بن جابر قالتا: إن كنتم ابتغيتم الأجر فقد وجدتموه، إن فسقة الجن اقتتلوا مع المؤمنين فقتل عمرو بن جابر وهو الحية التي رأيتم، وهو من النفر الذين استمعوا القرآن من محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عباد بن موسى، العكلي، حدثنا المطلب بن زياد الثقفي، حدثنا أبو إسحاق أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في مسير لهم وإن حيتين اقتتلتا فقتلت إحداهما الأخرى فعجبوا من طيب ريحها وحسنها، فقام بعضهم فلفها في خرقة ثم دفنها، فإذا قوم يقولون السلام عليكم - لا يرونهم - إنكم دفنتم عمرا إن مسلمتنا وكفارنا اقتتلوا فقتل الكافر المسلم الذي دفنتم، وهو من الرهط الذين أسلموا مع رسول الله صلى عليه وسلم.

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند والطبراني والحاكم عن صفوان بن المعطل نحوه، وفيه: أنه كان آخر السبعة الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا الحسن بن جهور، حدثنا ابن أبي إياس، وعن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عمه، عن معاذ بن عبد الله بن معمر قال: كنت جالسا عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء رجل فقال: ألا أخبرك يا أمير المؤمنين عجبا ؟ بينا أنا بفلاة كذا وكذا إذ إعصاران قد أقبلا أحدهما من هاهنا والآخر من هاهنا فالتقيا فتعاركا ثم تفرقا وإذا أحدهما أكبر من الآخر فجئت معتركهما: فإذا من الحيات شئ ما رأت عيناي مثله قط، وإذا ريح المسك من بعضها، وإذا حية صفراء ميتة فقمت فقلبت الحيات كما أنظر من أيها هو فإذا ذلك من حية صفراء دقيقة، فظننت أن ذلك لخير فيها فلففتها بعمامتي ودفنتها، فبينما أنا أمشي ناداني مناد ولا أراه: يا عبد الله ما هذا الذي صنعت فأخبرته بالذي رأيت ووجدت، فقال: إنك قد هديت، ذانك حيان من الجن بنو شيبان وبنو أقيش، التقوا فاقتتلوا وكان بينهم ما قد رأيت واستشهد الذي رأيت، وكان أحد الذين استمعوا الوحي من النبي صلى الله عليه وسلم.


وروى ابن أبي الدنيا وأبو نعيم من طريق بشر بن الوليد الكندي حدثنا كثير بن عبد الله أبو هاشم الناجي، قال دخلنا على أبي رجاء العطاردي فسألناه: هل عندك علم من الجن ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فتبسم فقال: أخبركم بالذي رأيت وبالذي سمعت، كنا في سفر حتى إذا نزلنا على الماء فضربنا أخبيتنا وذهبت أقيل، فإذا أنا بحية دخلت الخباء وهي تضطرب فعمدت إلى إداوتي فنضحت عليها من الماء فسكنت، فلما صلينا العصر ماتت، فعمدت إلي عيبتي فأخرجت منها خرقة بيضاء فلففتها فيها وحفرت لها ودفنتها، وسرنا بقية يومنا وليلتنا، حتى إذ أصبحنا ونزلنا على الماء وضربنا أخبيتنا وذهبت أقيل فإذا أنا بأصوات: السلام عليكم. مرتين
لا واحد ولا عشرة ولا مائة ولا ألف أكثر من ذلك، فقلت: من أنتم ؟ قالوا: الجن بارك الله عليك قد صنعت ما لا نستطيع أن نجازيك.
قلت: ما صنعت إليكم ؟ قالوا: إن الحية التي ماتت عندك كان آخر من بقي ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم من الجن.
ورواه الباوردي - بالموحدة - في معرفة الصحابة من طريق آخر وفيه أنه آخر من بقي من النفر الذين كانوا يستمعون القرآن.
قال الحافظ في الإصابة: هذه القصة مغايرة لما قبلها وقد أثبت لكل منها الآخرية، فيمكن أن الأول مقيد بالتسعة، والثاني بمن استمع بناء على أن الاستماع كان من طائفتين مثلا.

قال: وقد وقع في قصة سرق أنه آخر من بايع، فتكون آخريته مقيدة بالمبايعة.


وروى أبو نعيم في الدلائل عن إبراهيم النخعي قال: خرج نفر من أصحاب عبد الله يريدون الحج حتى إذا كانوا ببعض الطريق إذا هم بحية تتثنى على الطريق، أبيض ينفح منه ريح المسك، فقلت لأصحابي امضوا فلست ببارح حتى أنظر إلى ما يصير أمر هذه الحية.
فما لبث أن ماتت، فعمدت إلى خرقة بيضاء فلففتها فيها، ثم نحيتها عن الطريق فدفنتها، ثم أدركت أصحابي.
فوالله إنا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب فقالت واحدة منهن: أيكم دفن عمرا ؟ قلنا: ومن عمرو ؟ قالت: أيكم دفن الحية ؟ قلت: أنا.
قالت: أما والله لقد دفنت صواما قواما يأمر بما أنزل الله ولقد آمن بنبيكم وسمع صفته في السماء قبل أن يبعث بأربعمائة سنة.
فحمدنا الله تعالى ثم قضينا حجنا، ثم مررت بعمر بن الخطاب بالمدينة فأنبأته بأمر الحية فقال: صدقت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لقد آمن بي قبل أن أبعث بأربعمائة سنة.


وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عباد حدثني محمد بن زياد، حدثني أبو مصلح الأسدي، حدثني يحيى بن صالح، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، عن حذيفة العدوي قال: خرج حاطب بن أبي بلتعة من حائط له يريد النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالمسحاء التفت إليه عجاجتان ثم أجلتا عن حية كيف الحوار، يعني الجلد، فنزل ففحص له بسية قوسه ثم واراه، فلما كان الليل إذا هاتف يهتف به:
يا أيها الراكب المزجي مطيته * اربع عليك سلام الواحد الصمد
رأيت عمرا وقد ألقى كلاكله * دون العشيرة كالضرغامة الأسد
فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: ذاك عمرو بن الجوماية وافد نصيبين لقيه محصن بن جوشن النصراني فقتله، أما إني قد رأيتها - يعني نصيبين - فرفها إلي جبريل، فسألت الله تعالى أن يعذب نهرها ويطيب ثمرها ويكثر مطرها.
والآثار في هذا المعنى كثيرة ذكر طرفا منها الشيخ رحمه الله تعالى في كتابه (لقط المرجان في أخبار الجان).


الثالث: أنكر ابن عباس رضي الله عنهما اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالجن.
ففي الصحيحين عنه قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: مالكم ؟ قالوا قد حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب.
قالوا: ما ذاك إلا من شئ قد حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها.
فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامد إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد)
فأنزل الله تعالى على نبيه: (قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن) [ الجن: 1 ] وإنما أوحي إليه قول الجن.

قال الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى: وهذا الذي حكاه ابن عباس إنما هو في أول ما سمعت الجن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وعلمت بحاله ولم يرهم، ثم أتاه داعي الجن مرة أخرى
فذهب معهم وقرأ عليهم القرآن كما رواه مسلم عن ابن مسعود.
ويؤيد قول البيهقي أثر كعب السابق أول الباب.
قال البيهقي: وابن مسعود قد حفظ القصتين فرواهما.
وقال غيره: أثر ابن مسعود أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجن ورآهم، فكان ذلك مقدما على نفي ابن عباس.
وقد جاء عن ابن عباس ما يوافق ابن مسعود.
فروى ابن جرير بسند جيد قوي عن ابن عباس في قوله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) [ الأحقاف: 29 ] الآية.
قال: كانوا تسعة نفر من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلا إلى قومهم.

فهذا يدل على أن ابن عباس روى القصتين كابن مسعود.


الرابع: قال الحافظ: لا يعكر على قولنا حديث ابن عباس كان في أول البعثة، كما تقرر قوله إنهم رأوه يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فيحتمل أن يكون ذلك بعد فرض الصلوات ليلة الإسراء لأنه صلى الله عليه وسلم كان قبل الإسراء يصلي قطعا وكذلك أصحابه ولكن اختلف هل افترض قبل الخمس شئ من الصلاة أم لا فيصح هذا على قول من قال إن الفرض كان أولا صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها والحجة فيه قوله تعالى: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) [ ق: 39 ] ونحوها من الآيات.
فيكون إطلاق صلاة الفجر في هذا الحديث باعتبار الزمان لا لكونها إحدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء فتكون قصة الجن متقدمة من أول البعثة.

وقد أخرج الترمذي والطبري هذا الحديث بسياق سالم عن الإشكال الذي ذكرته من طريق أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانت الجن تصعد إلى السماء يستمعون الوحي.
وتقدم هو وأحاديث أخر تدل على أن هذه القصة وقعت أول البعثة وهو الذي تظافرت به الأخبار وهو المعتمد.) اهـ .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 12:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
البخاري كتب:
الجن والشياطين في السيرة النبوية الشريفة


.......................................................................................

المبحث الثاني: الشياطين في السيرة الشريفة، وفيه :

• الشيطان والمولد الشريف .

• الشيطان وبناء الكعبة المشرفة .

• الشيطان و البعثة الشريفة .

• الشيطان والهجرة الشريفة .

• الشيطان وغزوة بدر .

• الشيطان والصلاة .

• مسائل متفرقة ....

......................................................................

يا سيدنا النبي

يا سيدنا النبي

يا سيدنا النبي

اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق

والهادي بإذنك إلى صراطك المستقيم وعلى آله وسلم تسليما حق قدره ومقداره العظيم .



_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 12:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
1- إبليس – لعنه الله – و بيان موقفه من المولد النبوي الشريف


سبل الهدى و الرشاد 1/350

الباب العاشر في حزن إبليس وحجبه من السموات وما سمع من الهواتف لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم

نقل السهيلي وأبو الربيع وغيرهما عن تفسير الحافظ بقي بن مخلد رحمه الله تعالى أن إبليس رن أربع رنات: رنة حين لعن، ورنة حين أهبط، ورنة حين ولد النبي صلى الله عليه وسلم، ورنة حين أنزلت فاتحة الكتاب.
رن: صوت بحزن وكآبة.

وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة رحمه الله تعالى قال: قال إبليس لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ولد الليلة ولد يفسد علينا أمرنا فقال له جنوده: لو ذهبت إليه فخبلته.
فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل فركضه برجله ركضة فوقع بعدن.

وروى الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن حزبوذ رحمه الله تعالى قال: كان إبليس يخترق السموات السبع.
فلما ولد عيسى حجب من ثلاث سموات، وكان يصل إلى أربع فلما ولد النبي صلى الله عليه وسلم حجب من السبع.) اهـ .



الطبقات الكبرى ط العلمية 1/132 :


( عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُحِرَ الْجِنُّ وَرُمُوا بِالْكَوَاكِبِ.

وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَسْتَمِعُونَ. لِكُلِّ قَبِيلٍ مِنَ الْجِنِّ مَقْعَدٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ. فَأَوَّلُ مَنْ فَزِعَ لِذَلِكَ أَهْلُ الطَّائِفِ فَجَعَلُوا

يَذْبَحُونَ لآلِهَتِهِمْ مَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ أَوْ غَنْمٌ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى كَادَتْ أَمْوَالُهُمْ تَذْهَبُ. ثُمَّ تَنَاهَوْا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:

أَلا تَرَوْنَ مَعَالِمَ السَّمَاءِ كَمَا هِيَ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا شَيْءٌ! وَقَالَ إِبْلِيسُ: هَذَا أَمْرٌ حَدَثَ فِي الأَرْضِ.

ائْتُونِي مِنْ كُلِّ أَرْضٍ بِتُرْبَةٍ. فَكَانَ يُؤْتَى بِالتُّرْبَةِ فَيَشُمُّهَا وَيُلْقِيهَا. حَتَّى أُتِيَ بِتُرْبَةِ تِهَامَةَ فَشَمَّهَا وَقَالَ: هَاهُنَا الْحَدَثُ.) اهـ

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 12:30 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
2- إبليس و بناء الكعبة الشريفة


سبل الهدى والرشاد 2/172
(وروى ابن سعد وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: لما وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الركن ذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجرا يشد به الركن فقال
العباس: لا.
وناول العباس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجرا فشد به الركن فغضب النجدي وقال: واعجبا لقوم أهل شرف وعقول وأموال عمدوا إلى رجل أصغرهم سنا وأقلهم مالا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحرزهم كأنهم خدم له ! أما والله ليفرقنهم شيعا وليقسمن بينهم حظوظا وجدودا.

فيقال إنه ابليس - زاد غيره: فكاد يثير شرا فيما بينهم ثم سكنوا.) اهـ .



السيرة الحلبية 1/237
(وعن ابن عباس رضي اله تعالى عنهما لما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركن أي الحجر ذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وسلم حجرا يشد به الركن فقال العباس لا وناول العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شد به الركن فغضب النجدي وقال واعجبا لقوم أهل شرف وعقول وأموال عمدوا إلى رجل أصغرهم سنا وأقلهم مالا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحرزهم كأنهم خدم له أما والله ليفرقنهم شيعا وليقسمن بينهم حظوظا فكاد يثير شرا فيما بينهم ولعله هذا النجدي هو إبليس

فقد ذكر السهيلي أن إبليس تمثل في صورة شيخ نجدي حين حكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الركن من يرفعه وصاح يا معشر قريش أرضيتم أن يلى هذا الغلام دون أشرافكم وذوي أنسابكم انتهى
وإنما تصور بصورة نجدي لأن في الحديث نجد طلع منها قرن الشيطان ولما قال صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قالوا وفي نجدنا فأعاد الأول والثاني قال هنالك الزلازل والفتن وفيها يطلع قرن الشيطان

أقول سيأتي أنه تصور بهذه الصورة أيضا عند دخول قريش دار الندوة ليتشاوروا في كيفية قتله صلى الله عليه وسلم ودخل معهم وسيأتي ثم في حكمة تصوره بذلك غير ما ذكر ولا مانع أن يكونا حكمة لما هنا ولما يأتي) اهـ .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 12:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
3- إبليس و الهجرة الشريفة


سبل الهدى و الرشاد 3/231


(الباب الثاني في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا

روى ابن إسحاق وعبد الرزاق والامام أحمد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس، وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة، والبيهقي عن ابن إسحاق أن قريشا لما رأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا جوارا ومنعة، فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين خافوه.

فاجتمعوا لذلك واتعدوا، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس لعنة الله في هيئة شيخ جليل عليه بت له، فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا تعدموا منه رأيا ولا نصحا.

قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش:
من بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب - وأسلم بعد ذلك –
(ومن بني نوفل بن عبد مناف): طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم - وأسلم بعد ذلك - (والحرث بن عامر بن نوفل.

ومن بني عبد الدار بن قصى): النضر بن الحرث بن كلدة
(ومن بني أسد بن عبد العزى): أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الاسود - وأسلم بعد ذلك - وحكيم بن حزام - وأسلم بعد ذلك،
(ومن بني مخزوم): أبو جهل بن هشام،
(ومن بني سهم): نبيه ومنبه ابنا الحجاج،
ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن كان معهم، وغيرهم ممن لا يعد من قريش.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، وإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا.

قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم - نقل السهيلي عن ابن سلام أنه أبو البختري بن هشام - احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله: زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا ا لموت حتى يصيبه ما أصابهم.

فقال الشيخ النجدي - لعنه الله -: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لو حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء ا لباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلاوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره.

فتشاوروا ثم قال قائل منهم - ذكر السهيلي أنه أبو الاسود ربيعة بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي - نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا (كما كانت)
فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته قلوب الرجال بما يأتي به ؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا غير هذا.

فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد.

قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جلدا نسيبا وسيطا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه بأجمعهم فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم.

فقال الشيخ النجدي أخزاه الله، القول ما قال الرجل، هذا الرأي لا أرى غيره.

وذكر ابن الكلبي أن إبليس لما حمد رأي أبي جهل لعنه الله قال:

الرأي رأيان: رأي ليس يعرفه * هاد ورأي كنصل السيف معروف
يكون أوله عز ومكرمة * يوما وآخره جد وتشريف

وتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.) اهـ .



وفي نفس المرجع : 3/234

(قال السهيلي: إنما قال لهم إبليس إنه من أهل نجد لانهم قالوا: لا يدخلن معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة لان هواهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك تمثل لهم في صورة شيخ نجدي وقد تقدم في بنيان قريش الكعبة أنه تمثل في صورة شيخ نجدي حين حكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الركن من يرفعه، فصاح الشيخ النجدي: يا معشر قريش، أقد رضيتم أن يليه هذا الغلام دون أشرافكم وذوي أسنانكم، فإن صح هذا الخبر فلمعنى آخر تمثل نجديا وذلك أن نجدا يطلع منها قرن الشيطان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قيل له: وفي نجدنا يا رسول الله ؟ قال: هنا لك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان. ) اهـ .



السيرة الحلبية 2/189

(ثم إن إبليس جاء إليهم في صورة شيخ نجدي عليه طيلسان من خز وقيل من صوف أي وإنما فعل ذلك ليقبل منه ما يشير به لأن أهل الطيالسة في العادة من أهل الوقار والمعرفة ووقف ذلك الشيخ على الباب فقالوا له من الشيخ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اجتمعتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا قالوا أجل أي نعم فادخل فدخل معهم أي وإنما قال لهم من أهل نجد لأن قريشا قالوا لا يدخلن معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة لأن هواهم كان مع محمد صلى الله عليه وسلم قيل لما سمعهم يقولون لا يدخل معكم اليوم إلا من هو معكم قال لهم لما سألوه وقالوا له من أنت قال شيخ من نجد وأنا ابن أختكم فقالوا ابن أخت القوم منهم .

قيل إن إبليس لما دخل عليهم أنكروه وقالوا له من أنت وما أدخللك علينا في خلوتنا هذه بغير إذننا فقال إني رجل من أهل نجد رأيتكم حسنة وجوهكم طيبة ريحكم فأحببت أن أجلس إليكم وأسمع كلامكم فإن كرهتم ذلك خرجت عنكم فقال بعضهم لبعض هذا نجدي ولا عين عليكم منه وفي لفظ هذا من أهل نجد لا من مكة فلا يضركم حضوره معكم وعند المشورة قال بعضهم لبعض إن هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم قد كان من أمره ما قد رأيتم وإنا والله لا نأمنه الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا فتشاوروا

فقال قائل أي وهو أبو البختري بن هشام احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما اصاب أشباهه من الشعراء حتى يصيبه ما أصابهم من هذا الموت فقال الشيخ النجدي لا والله ما هذا لكم براي والله لو حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فلا تشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم حتى يبلغوكم على أمركم ما هذا براي فأنظروا رايا غيره

فتشاوروا فقال قائل منهم أي وهو الأسود بن ربيعة بن عمير نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين يذهب فقال الشيخ النجدي والله ما هذا براي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي الله به والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل بفتح أوله وضم الحاء المهملة أي ينزل ويجوز أن يكون بكسرها أي يسقط على حي من العرب فيغلب بذلك عليهم من قوله وحديثه حتى يبايعوه ثم يسير به إليكم حتى يطأكم به فيأخذوا أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد دبروا فيه رايا غير هذا

فقال أبو جهل بن هشام والله إني لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا وما هو يا أبا الحكم قال الرأي أن تأخذوا من كل قبيلة شابا جلدا أي قويا حسيبا في قومه نسيبا وسطا ثم يعطى كل فتى منهم سيفا صارما ثم يغدون إليه فيضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا قلم تقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فيرضوا منا بالعقل أي الدية فعقلنا لهم فقال النجدي القول ما قال هذا الرجل هذا هو الرأي ولا أرى غيره

فتفرق القوم على ذلك فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تبت هذه الليلة في فراشك الذي كنت تبيت عليه أي وأخبره بمكرهم وأنزل الله عز وجل عليه { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } الآية } اهـ .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 1:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
4- إبليس و غزوة بدر الكبرى


جاء في الخصائص الكبرى 1/344-345

(وأخرج والبيهقي وأبو نعيم من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال أقبلت عير أهل مكة تريد الشام فبلغ أهل المدينة ذلك فخرجوا ومعهم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يريدون العير فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا السير إليها لكيلا يغلب عليها النبي {صلى الله عليه وسلم} وأصحابه فسبقت العير رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وكان الله وعدهم إحدى الطائفتين وكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم وأيسر شوكة وأحضر مغنما فلما سبقت العير وفاتت سار رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بالمسلمين يريد القوم فكره القوم مسيرهم لشوكة القوم فنزل النبي {صلى الله عليه وسلم} والمسلمون وبينهم وبين الماء رملة دحضة فأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم كذا فأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا فأذهب الله عنهم رجز الشيطان وصار الرمل كذا ذكر كلمة أخبر أنه أصابه المطر و مشى الناس عليه والدواب فسار إلى القوم وأمد الله نبيه {صلى الله عليه وسلم} والمؤمنين بألف من الملائكة وكان جبرئيل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وميكائيل في خمسمائة مجنبة وجاء إبليس في جند من الشياطين معه رأيته في صورة رجال بني مدلج والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما اختلط القوم قال أبو جهل اللهم أولانا بالحق فانصره ورفع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يده فقال يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا فقال له جبرئيل خذ قبضة من التراب فأخذ قبضة من التراب فرمى بها وجوههم فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين) اهـ .



و في سبل الهدى و الرشاد 4/42

(وروى الطبراني عن رفاعة بن رافع، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس قال: أمد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة، وجاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته في صورة رجال من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم، وأقبل جبريل إلى إبليس فلم رآه - وكانت يده في يد رجل من المشركين - انتزع إبليس يده.

ثم ولى مدبرا وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة، ألست تزعم أنك جار لنا،
فقال: إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله، والله شديد العقاب، فذلك حين رأى الملائكة، فتشبث به الحارث بن هشام، وأسلم بعد ذلك، وهو يرى أنه سراقة لما سمع كلامه، فضرب الشيطان في صدر الحارث فسقط الحارث، وانطلق إبليس لا يلوي، حتى سقط في البحر، ورفع يديه وقال: يا رب، موعدك الذي وعدتني، اللهم إني أسألك نظرتك إياي.
وخاف أن يخلص إليه القتل، فقال أبو جهل: يا معشر الناس لا يهمنكم خذلان سراقة، فإنه كان على ميعاد من محمد، ولا يهمنكم قتل عتبة وشيبة، فإنهم قد عجلوا.
فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه بالحبال، ولا ألفين رجلا منكم قتل رجلا منهم، ولكن خذوهم أخذا حتى نعرفهم سوء صنعيهم.

ويروى أنهم رأوا سراقة بمكة بعد ذلك فقالوا له: يا سراقة أخرمت الصف، وأوقعت فينا الهزيمة، فقال: والله ما علمت بشئ من أمركم حتى كانت هزيمتكم، وما شهدت وما علمت، فما صدقوه حتى أسلموا وسمعوا ما أنزل الله تعالى فيه.
فعلموا أنه كان إبليس تمثل لهم.) اهـ .



و في السيرة الحلبية 2/407

(وجاء في حديث مرسل ما رؤى الشيطان أحقر ولا أدحر ولا أصغر من يوم عرفة إلا ما رؤى يوم بدر أي وكذا سائر مواسم المغفرة والعتق من النار كأيام رمضان سيما ليلة القدر .

وجاء أن إبليس جاء في صورة سراقة بن مالك المدلجي الكناني في جند من الشياطين أي مشركي الجن في صور رجال من بني مدلج من بني كنانة معه رايته وقال للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم .
أي كما قال لهم ذ لك عند ابتداء خروجهم وقد خافوا من بني كنانة قوم سراقة وقد تقدم أنه كان وحده ولا منافاة لجواز أن يكون جنده لحقوا به بعد .
قال فلما رأى جبريل والملائكة وفي رواية أقبل جبريل إلى إبليس فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين أي وهو الحارث بن هشام أخو أبي جهل انتزع يده من يد الرجل ثم نكص على عقبه وتبعه جنده فقال له الرجل يا سراقة أتزعم أنك لنا جار فقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب وتشبث به الحارث بن هشام رضى الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك وقال له والله لا أرى إلا خفافيش يثرب فضربه إبليس في صدره فسقط وعند ذلك قال أبو جهل يا معشر الناس لا يهمنكم خذلان سراقة فإنه كان على ميعاد من محمد ولا يهمنكم قتل عتبة وشيبة أي والوليد فإنهم قد عجلوا واللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه بالحبال وصار يقول لا تقتلوهم خذوهم باليد .

وذكر السهيلي أنه يروى أن من بقى من قريش وهرب إلى مكة وجد سراقة بمكة فقالوا له يا سراقة خرقت الصف و أوقعت فينا الهزيمة فقال والله ما علمت بشيء من أمركم وما شهدت وما علمت فما صدقوه حتى أسلموا وسمعوا ما أنزل الله فعلموا أنه إبليس هذا كلامه.

قال قتادة صدق إبليس في قوله إني أرى مالا ترون وكذب في قوله إني أخاف الله والله ما به مخافة من الله .

قال في ينبوع الحياة ولا يعجبني هذا فان إبليس عارف بالله ومن عرف الله خافه أي وإن لم يكن إبليس خافه حق الخوف .

قيل وإنما خاف أن يكون هذا اليوم هو اليوم الموعود الذي قال فيه سبحانه وتعالى { يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين } .

ورأيت عن سيدي على الخواص أنه لا يلزم من قول إبليس ذلك أن يكون معتقدا له بالباطن كما هو شأن المنافقين .

ورأيت عن وهب أن اليوم المعلوم الذي أنظر فيه إبليس هو يوم بدر قتلته الملائكة في ذلك اليوم والمشهور أنه منظر إلى يوم القيامة ويدل لذلك ما روى أن إبليس لما ضرب الحارث في صدره لم يزل ذاهبا حتى سقط في البحر ورفع يديه وقال يا رب موعدك الذي وعدتني اللهم إني أسألك نظرتك إياي وخاف أن يخلص إليه القتل .

هذا وفي زوائد الجامع الصغير عن مسلم أن سيدنا عيسى عليه السلام يقتل إبليس بيده بعد نزوله وفراغه من صلاته ويرى المسلمين دمه في حربته .

وفي كلام بعضهم ولعل المراد بيوم القيامة الذي أنظر إليه إبليس ليس نفخة البعث بل نفخة الصعق التي بها يكون موت من لم يمت من أهل السموات وأهل الأرض قيل إلا حملة العرش وجبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وهؤلاء ممن استثنى الله تعالى في قوله:
{ ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله }
ثم يموت جبريل وميكائيل ثم حملة العرش ثم إسرافيل ثم ملك الموت فهو آخر من يموت ) اهـ .



و في الروض الأنف 3/113
(قال ابن إسحاق : وعمير بن وهب أو الحارث بن هشام ، قد ذكر لي أحدهما ، الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر فقال أين أي سراق ؟ ومثل عدو الله فذهب فأنزل الله تعالى فيه :
{ وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم }

فذكر استدراج إبليس إياهم وتشبهه بسراقة بن مالك بن جعشم لهم حين ذكروا ما بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم .

يقول الله تعالى : { فلما تراءت الفئتان } ونظر عدو الله إلى جنود الله من الملائكة قد أيد الله بهم رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على عدوهم { نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون } وصدق عدو الله رأى ما لم يروا ، وقال { إني أخاف الله والله شديد العقاب } فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان نكص على عقبيه فأوردهم ثم أسلمهم .

تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام : نكص رجع .

قال أوس بن حجر أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم:

نكصتم على أعقابكم يوم جئتم ... تزجون أنفال الخميس العرمرم
وهذا البيت في قصيدة له .



هل تجسد إبليس في غزوة بدر ؟

وذكر في آخر الحديث أن عمير بن وهب هو الذي رأى إبليس يوم بدر حين نكص على عقبيه وذكر غيره أن الحارث بن هشام تشبث به وهو يرى أنه سراقة بن مالك فقال إلى أين سراق أين تفر فلكمه لكمة طرحه على قفاه ثم قال إني أخاف الله رب العالمين وإنما كان تمثل في صورة سراقة المدلجي لأنهم خافوا من بني مدلج أن يعرضوا لهم فيشغلوهم من أجل الدماء التي كانت بينهم فتمثل لهم إبليس في صورة سراقة المدلجي وقال إني جار لكم من الناس أي من بني مدلج.

ويروى أنهم رأوا سراقة فقالوا له يا سراقة أخرمت الصف وأوقعت فينا الهزيمة ؟

فقال والله ما علمت بشيء من أمركم حتى كانت هزيمتكم وما شهدت ، وما علمت فما صدقوه حتى أسلموا وسمعوا ما أنزل الله فعلموا أنه كان إبليس تمثل لهم .

وقول اللعين إني أخاف الله رب العالمين لأهل التأويل فيه أقوال:

أحدها: أنه كذب في قوله إني أخاف الله لأن الكافر لا يخاف الله .

الثاني : أنه رأى جنود الله تنزل من السماء فخاف أن يكون اليوم الموعود الذي قال الله فيه { يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين }

وقيل أيضا : إنما خاف أن تدركه الملائكة لما رأى من فعلها بحزبه الكافرين .

وذكر قاسم بن ثابت في الدلائل أن قريشا حين توجهت إلى بدر مر هاتف من الجن على مكة في اليوم الذي أوقع بهم المسلمون وهو ينشد بأنفذ صوت ولا يرى شخصه:

أزار الحنيفيون بدرا وقيعة ... سينقض منها ركن كسرى وقيصرا
أبادت رجالا من لؤي وأبرزت ... خرائد يضربن الترائب حسرا
فيا ويح من أمسى عدو محمد ... لقد جار عن قصد الهدى وتحيرا

فقال قائلهم من الحنيفيون ؟
فقالوا : هم محمد وأصحابه يزعمون أنهم على دين إبراهيم الحنيف ثم لم يلبثوا أن جاءهم الخبر اليقين ) اهـ .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء إبريل 08, 2015 11:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
5- إبليس و تعرضه لسيدنا ومولانا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – في الصلاة :



صحيح البخاري 5/29 ط مكنز

(عن أبى هريرة - رضى الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة قال « إن الشيطان عرض لى ، فشد على ليقطع الصلاة على ، فأمكننى الله منه ، فذعته ، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان - عليه السلام - رب هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى . فرده الله خاسيا » ) اهـ .


وفي صحيح مسلم 3/480 ط مكنز

(عن أبى الدرداء قال قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمعناه يقول « أعوذ بالله منك ». ثم قال « ألعنك بلعنة الله ». ثلاثا. وبسط يده كأنه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله قد سمعناك تقول فى الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك. قال « إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله فى وجهى فقلت أعوذ بالله منك. ثلاث مرات ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة ».) اهـ .


وقد حدث ذلك من الجن قبل ذلك أكثر من مرة :


منها ماحدث في رحلة الإسراء و المعراج:
سبل الهدى والرشاد 3/81
(وبينا هو يسير على لبرق إذ رأى عفريتا من الجن، يطلبه بشعلة من نار، كلما التفت رآه.
فقال له جبريل: ألا أعلمك كلمات تقولهن، فإذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، فقال جبريل: " قل أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برو ولا فاجر، من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ".
فانكب لفيه وانطفأت شعلته.) اهـ .


ومنها ما حدث ليلة الجن:
السنن الكبرى للنسائي 9/349
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ وَهُوَ مَعَ جِبْرِيلَ وَأَنَا مَعَهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ، وَجَعَلَ الْعِفْرِيتُ يَدْنُو وَيَزْدَادُ قُرْبًا، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فَيُكَبُّ الْعِفْرِيتُ لِوَجْهِهِ، وَتُطْفَأُ شُعْلَتُهُ، قُلْ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللهِ الْكَرِيمِ، وَكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ، يَا رَحْمَنُ، فَكُبَّ الْعِفْرِيتُ لِوَجْهِهِ، وَانْطَفَأَتْ شُعْلَتُهُ ") اهـ .


هذا إن صح الجمع بين الحديثين على التكرار، والله أعلم .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 09, 2015 1:35 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
وهذه بعض الفوائد المستغربة والفرائد المستعذبة في موضوعنا هذا من كتاب الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي
طـ . دار الفكر
مع الأخذ في الاعتبار أن العناوين بعضها من طبعة أخرى وبعضها من عندي

1/47- 48

{مطلب في الكلام على الجن}



(وأما ما يتعلق بالجنّ فلا بأس ببسط الكلام عليه فنقول :

جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( أن الله تعالى لما خلق أبا الجنّ سموماً من مارج من نار ، قال له تمنّ عليّ قال أتمنى أن نَرى ولا نُرى وأن نغيب في الثرى ويصير كهلنا شاباً فأعطى ذلك ) فهم يَرون ولا يُرون وإذا ماتوا غيبوا في الثرى ولا يموت كهلهم حتى يعود شاباً يعني مثل الصبيّ ثم يرد إلا أرذل العمر .

ودلّ القرآن والسنة على أن أصل الجنّ النار وإنما أحرقتهم الشهب مع ذلك لأن إضافتهم إلى النار كإضافة الإنسان إلى التراب والطين والفخار إذ المراد أصله الطين لا أنه طين حقيقة وكذلك الجان كان ناراً في الأصل لا أنه نار حقيقة للحديث الصحيح :

( عرض لي الشيطان في صلاتي فخنقته فوجدت برد ريقه على يدي ) ومن هو نار محرقة كيف يحسّ ببرد ريقه إذ لا ريق له أصلاً فضلاً عن كونه بارداً .

وقد شبههم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالنبط ، فلولا أنهم على أشكال وصور ليست ناراً لما ذكر الصور وترك الالتهاب والشرر .

وقال الباقلاني : لسنا ننكر مع كون أصلهم النار أن الله تعالى يكثف أجسامهم ويغلظها ويخلق لهم أعراضاً تزيد على ما في النار فيخرجون عن كونهم ناراً ويخلق لهم صوراً وأشكالاً مختلفة .

وقال القاضي أبو يعلى الفراء : الجنّ أجسام مؤلفة وأشخاص ممثلة ويجوز كونها كثيفة ورقيقة خلافاً لزعم المعتزلة رقتها ولذلك لا نراها .

وقال الباقلاني : إنما رآهم من رآهم لأنهم أجساد مؤلفة وجثث ، وفي حديث عند مسلم : ( خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ) .

وأخرج ابن أبي الدنيا والحكيم الترمذي وأبو الشيخ وابن مردويه أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( خلق الله الجنّ ثلاثة أصناف : صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض ، وصنف كالريح في الهواء ، وصنف عليهم الحساب والعقاب ) .
قال السهيلي : ولعل الصنف الثاني هو الذي لا يأكل ولايشرب إن صحّ أن الجنّ لا تأكل ولا تشرب .

وأخرج كثيرون أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( الجن ثلاثة أصناف : فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء ، وصنف حيات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ) .

قال السهيلي : هذا الأخير هم السعالى . قال القاضي أبو يعلى : ولا طريق للشياطين على التنقل في الصور المختلفة وكذا الملائكة إلا بأن يعلمه الله قولاً أو فعلاً إذا أتى به نقله من صورة إلى صورة أخرى لأن تصويره بنفسه محال ، لأن انتقاله من صورة إلى صورة أخرى إنما يكون بنقض البنية وتفريق الأجزاء ، وإذا انتقضت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل من الجماد ، وكيف تنتقل بنفسها ، وعلى هذا يحمل ما جاء أن إبليس تصور في صورة سراقة وجبريل تمثل في صورة دحية ، ولما ذكر عند عمر الغيلان قال : إن أحداً لا يستطيع أن يتغير عن صورته التي خلقه الله عليها ، ولكن لهم سحرة كسحرتكم فإذا رأيتم من ذلك شيئاً فأذنوا .

وفي حديث أنه ( صلى الله عليه وسلم ) سئل عن الغيلان فقال : ( هم سحرة الجن ) قال القاضي أبو يعلى : الجن يأكلون ويشربون ويتناكحون كما يفعل الإنس .

وظاهر العمومات أن جميع الجن كذلك وهو رأي قوم ، ثم اختلفوا فقال بعضهم : أكلهم وشربهم شم واسترواح لا مضغ وبلع ، وهذا لا دليل عليه . وقال أكثرهم : بل مضغ وبلع ، وذهب قوم إلى أن جميع الجن لا يأكلون ولا يشربون وهذا ساقط لا وكيل عليه ، وذهب قوم إلى أن صنفاً منهم يأكلون ويشربون وصنفاً لا يأكلون ولا يشربون .

وأخرج ابن جريج عن وهب أنه قال : إنهم أجناس فأما خالصهم فهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون ولا يتوالدون ، ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون ويموتون وهي هذه التي منها السعالى والغول وأشباه ذلك .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 09, 2015 1:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
الفتاوى الحديثية 1/48

{مطلب: مؤمنوا الجن طعامهم ما ذكر اسم الله عليه من اللحم و أما كفارهم فبالعكس من ذلك}


وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لم يصحبه أحد ليلة الجن ، وإنما افتقدوه ذات ليلة فباتوا بشر ليلة ، فلما أصبحوا فإذا به هو يجيء من قبل حراء ، فذكروا له ما كانوا فيه فقال : أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأتُ عليهم القرآن ، فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم ، وسألوه الزاد فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله تعالى عليه ) وكانوا من جن الجزيرة . ولفظ الترمذي : ( لم يذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً وكل بعرة علفاً لدوابكم . قال ( صلى الله عليه وسلم ) : فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم الجن ) وجمع بين الروايتين بأن الأولى في حق المؤمنين والثانية في حق غيرهم .
قال السهيلي : وهذا قول صحيح تعضده الأحاديث .

وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن وفد جن نصيبين أتوه ( صلى الله عليه وسلم ) ) أي مرة أخرى لكن بالمدينة ، وسيأتي أنهم أتوه بمكة أيضاً : ( فسألوه الزاد فدعا الله لهم أن لا يمروا بعظم وإلا وجدوا عليه طعاماً ) .

وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه ( أنه ( صلى الله عليه وسلم ) خرج قبل الهجرة إلى نواحي مكة . قال : فخط لي خطاً وقال : لا تحدثن حتى آتيك ، ثم قال : لا يريعنك أو لا يهولنك شيء نزل ، فتقدم شيئاً ثم جلس ، فإذا رجال سود كأنهم رجال الزط ، وكانوا كما قال الله تعالى : ) كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ ( [ الجن : 19 ] ثم إنهم تفرقوا عنه فسمعتهم يقولون : يا رسول الله شقتنا بعيدة ونحن منطلقون فزوّدنا ؟ قال: لكم الرجيع ) .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 09, 2015 1:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
الفتاوى الحديثية 1/49

{مطلب: لم يبعث إلى الجن نبي قبل نبينا قطعا}



ولم يبعث إليهم نبي قبل نبينا قطعاً على ما قاله ابن حزم : أي وإنما كانوا متطوعين بالإيمان لموسى مثلاً والدخول في شريعته .

وقال السبكي : لا شك أنهم مكلفون في الأمم الماضية كهذه الملة إما بسماعهم من الرسول أو من صادق عنه ، وكونه إنسياً أو جنياً لا قاطع به ، وظاهر القرآن يشهد للضحاك والأكثرون على خلافه انتهى .

ورسالة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) إليهم قطعية فقد أجمع عليها المسلمون ، وقد استمعوا قراءة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ببطن نخلة وكانوا تسعة كما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه آذنته بهم شجرة ، وكانوا يهوداً ) .

وجاء عن عكرمة إنهم كانوا اثني عشر ألفاً أي في واقعة أخرى لأنهم جاءوا إليه ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة والمدينة مرات مختلفة .

وأخرج البيهقي أن عمر بن عبد العزيز رأى حية ميتة وهو قاصد مكة فحفر لها وكفنها في خرقة ودفنها ، فسمع قائلاً يقول رحمك الله يا سرق وأشهد لسمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( تموت يا سرق في فلاة من الأرض فيدفنك خير أمتي ) . فقال له عمر : من أنت رحمك الله ؟ قال : أنا رجل من الجن وهذا سرق ولم يبق ممن بايع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من الجن غيري وغيره ، وأشهد لسمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( تموت يا سرق بفلاة من الأرض فيدفنك خير أمتي ) .

وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان في نفر من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فوجدوا حية قتيلة فكفنها بعضُهم ببعض ردائه ودفنها ، فلما جنَّ الليل رأوا امرأتين تسألان عنه ، وأخبرتاهم أن فسقة الجن اقتتلوا مع المؤمنين فقتلوه ، وأنه من النفر الذين استمعوا القرآن من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ثم ولوا إلى قومهم منذرين .

وأخرج ابن أبي الدنيا : أن جماعة من الصحابة رأوا حيتين اقتتلا فقتلت إحداهما الأخرى فعجبوا من طيب ريحها وحسنها فكفنها أحدهم ثم دفنها ، فسمعوا قوماً يسلمون عليهم وأخبروهم أن المقتول ممن أسلم مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقتله كافر منهم .

وجاء أن رجلاً أخبر عثمان رضي الله عنه بنحو ذلك وأنه رأى حيات ما رأت عيناه مثلها كثيرة وأنه شم من إحداها ريح المسك فكفنها ودفنها ، فسمع من يخبره بأنها حيات من الجن اقتتلوا وأن هذا الذي دفنه ممن سمع الوحي من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو نعيم عن أبي رجاء العطاردي : أنه ضرب في بعض أسفاره خباء على ماء فرأى حية تضطرب فصب عليها ماء فسكنت ثم ماتت فكفنها ودفنها ، فسار بقية يومه وليلته حتى أصبح ونزل على الماء فسمع أكثر من ألف يسلمون عليه ويدعون له ويثنون عليه بما صنع ، وأن ذلك آخر من بقي ممن بايع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) .

وأخرج أحمد والدراوردي والحاكم والطبراني وابن مردويه عن صفوان بن المعطل : أنهم خرجوا حجاجاً فلما كانوا بالعرج رأوا حية تضطرب ثم ماتت فكفنها بعضهم ودفنها ، فلما وصلوا مكة سمعوا من يسأل عن دافنها ويثني عليه ، وأخبرهم أنه آخر التسعة الذين أتوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يستمعون القرآن موتاً .

وقد مر أن الجن استمعوا منه ( صلى الله عليه وسلم ) مرات وفرقاً متعددة ، فلا مانع أن كل واحد ممن مر هو آخر من بايع من فرقته .

ومما يؤيد التعدد خبر الشيخين : أنهم استمعوا إليه وهو بوادي نخلة يصلي بأصحابه الفجر .

وصح عن ابن مسعود : ( أنه انطلق مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حتى إذا كانا بأعلى مكة خط له برجله خطاً وأجلسه فيه ، ثم افتتح ( صلى الله عليه وسلم ) القرآن فغشيه أسودة كثيرة حالوا بينهما حتى لم يسمع صوته ثم تفرقوا عنه كقطع السحاب وفرغ ( صلى الله عليه وسلم ) مع الفجر ) .

وأخرج ابن جرير وأبو نعيم عنه : ( أنه ( صلى الله عليه وسلم ) خرج ليلاً وهما بالمدينة وأخذه حتى انتهيا إلى البقيع فخطَّ بعصا خطاً ثم أجلسه فيه ، ثم انطلق يمشي حتى ثارت مثل العُجاجة السوداء فحالت بينهما ، ثم سمعه يَقْرعهم بعصاه ويقول : اجلسوا حتى كاد ينشق عمود الصبح ، ثم جاء فسأله هل رأى من شيء ، فأخبر أنه رأى رجالاً سوداً عليهم ثياب بيض فقال : أولئك جن نصيبين يسألوني الزاد ، فَمتعَتْهُم بكل عظم حاصل ، أو روثة أو بَعْرة . قلت : وما يغني عنهم ذلك ؟ قال : إنهم لا يجدون عظماً إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أكل ولا رَوْثة إلا وجدوا عليها حبَّها الذي كان عليها يوم أكلت ) .

وفي رواية : ( وما وجدوا من رَوْثٍ وجدوا ثمراً فلا يستَنْجِي أحدٌ منكم بِعَظْمٍ ولا رَوْث ) .

وأخرج الطبراني عن الزبير ( أنه ( صلى الله عليه وسلم ) انطلق ومعه الزبير إلى أن غابت عنهما جبال المدينة ، فإذا رجال طوال كأنهم الرماح ، فأرْعَد منهم حتى كاد يسقط ، فَخَطَّ له ( صلى الله عليه وسلم ) خطاً في الأرض بإبهام رجله وأجلسه وسطه ، ثم ذهب وتلا قرآناً وما نفروا حتى طلع الفجر ) الحديث .

وجاءت روايات أخر عن ابن مسعود ( أنه انطلق معه ( صلى الله عليه وسلم ) في وقائع أخرى منها أنهم اجتمعوا به ( صلى الله عليه وسلم ) وقرأ عليهم وقضى بينهم في قتيل تنازعوا فيه ) .

وأخرج أبو نعيم عن إبراهيم النخعي ( أن نفراً من أصحاب عبد الله خرجوا للحج مع رسول الله فسألوه ( صلى الله عليه وسلم ) وقالوا : زودنا ؟ فقال : لكم الرجيع ، وما أتيتم عليه من عظم فلكم عليه لحم ، وما أتيتم عليه من الروث فهو لكم ثمر ، فلما ولوا قلت : من هؤلاء ؟ قال : جنّ نصيبين ) .

قال الزركشي في الخادم وما في الإحياء من أنهم يغتذون منه بالرائحة غفلة عن السنة كهذا الحديث وحديث مسلم السابق أي لما فيهما من التصريح بأنهم يأكلون ما عليه .

وأخرج مسلم وغيره ( أنّ الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) أي حقيقة وحمله على المجاز رَدَّه ابن عبد البر بأنه لا معنى لصرفه عن حقيقته الممكنة .

وأخرج مسلم وغيره ( أنه ( صلى الله عليه وسلم ) مسك يدي من لم يسميا على طعام بين يديه وقال : إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه ، وأنه جاء بهذين يَسْتَحِل بهما فأخذتُ بيديهما ، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع أيديهما ) .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 09, 2015 1:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
الفتاوى الحديثية 1/50
{ مطلب: هل تجوز مناكحة الجن أم لا }



واستدلوا لتناكح الجن فيما بينهم بقوله تعالى :
{ وَإِذَا قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لآِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } [ الكهف : 50 ]
فهذا يدل على أنهم يتناكحون لأجل الذرية .

وقال تعالى :
{ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمان : 56 ]
وهذا يدل على أنه يتأتى منهم الطمث وهو الجماع والافتضاض .


وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ } [ الكهف : 50 ]
قال : هم أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عدداً .


وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : إن الله جزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن، والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة .

وأخرج البيهقي عن ثابت قال : ( بلغنا أن إبليس قال : يا رب إنك خلقت آدم وجعلت بيني وبينه عداوة فسلطني على أولاده ؟

فقال : صدورهم مساكن لك .
قال : يا رب زدني ؟
قال : لا يولد لآدم ولد إلا ولد لك عشرة
قال : يا رب زدني ؟
قال : ) وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الأٌّمْوَالِ وَ الأٌّوْلَادِ ( [ الإسراء : 64 ] .


وأخرج ابن المنذر عن الشعبي أنه سئل عن إبليس هل له زوجة قال : إن ذلك العرس ما سمعت به .


وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : باض إبليس خمس بيضات فذريته من ذلك .
قال : وبلغني أنه يجتمع على حوض واحد أكثر من ربيعة ومضر ، وأخذ من: { وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الأٌّمْوَالِ وَ الأٌّوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا } [ الإسراء : 64 ] أنه قد يقع التناكح بين الجني والإنسية وعكسه خلافاً لمن أحاله .


وأخرج ابن جرير وغيره عن مجاهد أنه إذا جامع الرجل أهله ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فذلك قوله تعالى:
{ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمان : 56 ] .

قال بعض الحنابلة والحنفية : لا غسل بوطء الجني والحق خلافه إن تحقق الإيلاج .


قيل : أحد أبوي بلقيس كان جنياً ، وفيه حديث رواه أبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر .


واختلف العلماء في جواز نكاحهم شرعاً وجاء عن مالك رضي الله عنه أنه أجازه ولكنه كرهه لئلا يدعي الحبالى من الزنا أنه من الجن ، وكذا كرهه الحكم بن عيينة وقتادة والحسن وعقبة الأصم والحجاج ابن أرطاة .


وأخرج جرير عن أحمد وإسحق أنه ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عنه ، ومن ثم كرهه إسحق لكن في ( الفتاوي السراجية ) للحنفية أنه لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء لاختلاف الجنس ، وبه أفتى شيخ الإسلام البارزي من أئمتنا ، لأن الله تعالى امتنّ علينا بأن خلق لنا من أنفسنا أزواجاً فلو جاز نكاح الجن ما حصل الامتنان بذلك .


قال المفسرون : معنى الآية أي آية النحل والروم { جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم ، وصوّب ابن العماد قول ابن يونس في ( شرح الوجيز ) بحل نكاحهم . وصح عن الأعمش أنه قال : تزوج إلينا جني فقلت له : ما أحب الطعام إليكم . قال الأرز . قال : فأتيناهم به ، فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحداً ، فقلت : فيكم من هذه الأهواء التي بيننا ؟ قال : نعم ، قلت : فما الرافضة فيكم ؟ قال : شرنا .


وأخرج الطبراني وأبو نعيم وأبو الشيخ أنه اختصم عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الجن المسلمون والمشركون فأسكن المسلمين القرى والجبال والمشركين ما بين الجبال والبحار .

وفي حديث عند ابن عدي ( أنه ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن البول في القزع ) بفتح القاف والزاي والعين المهملة وهو البياض المتحلل بين الزرع وقال : ( إنه مساكن الجن ) .


والحق أن الجن مكلفون ، فقد حكى الفخر الرازي وغيره الإجماع عليه .


قال العز بن جماعة : والملائكة مكلفون من أوّل الفطرة .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 09, 2015 2:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
الفتاوى الحديثية 1/51
{ مطلب: الأصح أن الجن ليس فيهم نبي و لا رسول}


وجمهور الخلف والسلف أنه لم يكن منهم رسول ولا نبيّ خلافاً للضحاك ومعنى { رُسُلٌ مِّنْكُمْ } [ الأنعام : 130 ] أي من مجموعكم وهم الإنس أو المراد بهم رسل الرسل ، ومما يدل لما قاله الضحاك ما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى:
{ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأٌّرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأٌّمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمَا} [ الطلاق : 12 ] قال : سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى .

وذلك لأن التشبيه في مطلق النذارة بمعنى أن قوماً من الجن منهم في الأرض فسمعوا كلام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) للإنسيين ، وعادوا إلى قوم من الجن فأنذرهم : للحج فرأوا حية تتثنى عن الطريق أبيض ينفح منه ريح المسك ، فتخلف بعضهم عندها إلى أن ماتت فكفنها ودفنها ثم أدرك أصحابه ، فجاءهم أربعة نسوة من جهة المغرب فقالت واحدة أيكم دفن عمر ؟ ومن عمر ؟ قالت : أيكم دفن الحية ؟ قلت : أنا ، قالت : أما والله لقد دفنت صوّاماً قوّاماً يأمر بما أنزل الله ، ولقد آمن بنبيكم وسمع صفته في السماء قبل أن يبعث بأربعمائة سنة ، فحمدنا الله ثم قضينا حجنا ، ثم مررت بعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة فأنبأته بأمر الحية فقال : صدقت . سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( لقد آمن قبل أن أبعث بأربعمائة سنة ) .


وأخرج ابن أبي الدنيا أن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه رأى حية فأخبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ( ذلك عمر بن الهوماية وافد نصيبين لقيه محصن بن جوشن النصراني فقتله ) الحديث .


وجاء من عدة طرق يبلغ بها درجة الحسن ( أن هامة بن هيم بن لاقيس بن إبليس جاء للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ومعه أصحابه وهم قعود على جبل من جبال تهامة فأخبر أنه ليالي قتل قابيل هابيل كان غلاماً وأنه كان ممن آمن بنوح وأنه عاتبه على دعوته على قومه حتى بكى وأبكاه وأن له شركة في هابيل فهل له توبة فأمره بأشياء يفعلها من حملتها أنه يتوضأ ويسجد سجدتين ففعل لوقته ، فأخبره أن توبته نزلت من السماء فخر لله ساجداً حولاً ، وأنه آمن بهود وعاتبه كما وقع له مع نوح ، وأنه زار يعقوب وكان من يوسف بالمكان الأمين ، وأنه كان يلقى الناس بالأدوية وتتلقاه الآن ، وأنه لقى موسى فعلمه من التوراة وأمره أن يقرأ منه السلام على عيسى ابن مريم إن لقيه ، وأنه لقى عيسى فأقرأه ذلك ، وأن عيسى أمره أن يقرىء السلام على محمد ( صلى الله عليه وسلم ) إن لقيه فبكى ( صلى الله عليه وسلم ) ثم قال : وعلى عيسى السلام ما دامت الدنيا وعليك السلام يا هامة بأداء الأمانة ، ثم سأله أن يعلمه من القرآن كما علمه موسى من التوراة ، فعلمه الواقعة والمرسلات وعَمَّ والكوثر وقل هو الله أحد والمعوذتين وقال : ارفع إلينا حاجتك يا هامة ولا تدع زيارتك ) .

وفي حديث آخر ( أنه في الجنة ) .


وبين السبكي في ( فتاويه ) أنهم مكلفون بشريعته ( صلى الله عليه وسلم ) في كل شيء بخلاف الملائكة على القول بإرساله إليهم ، فإنه يحتمل أنهم كذلك وأنها في شيء خاص .


وقال ابن مفلح الحنبلي : إنهم مكلفون في الجملة كافرهم في النار ومؤمنهم في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم خلافاً لمن قال : لا يأكلون ولا يشربون فيها أو أنهم في رَبَضِها ، ونقل عن شيخه ابن تيمية أنهم مشاركون لنا في جنس الأمر والنهي والتحليل والتحريم لا على السواء ، قال : بلا نزاع أعلمه بين العلماء ، وأطال الكلام في مناكحتهم ومعاملتهم وتوابعهما ومر أن فيهم جميع الأهواء : وجاء عن قتادة وغيره وعن السدي : أن فيهم قدرية ومرجئة رافضة وشيعة .


وأخرج البزار أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( مَنْ صلَّى منكم من الليل فليَجْهَر بقراءته فإنَّ الملائكةَ تُصليِّ وتَسْمَعُ لقراءته وأن مؤمني الجن الذين يكونون في الهواء ، وجيرانه معه في مسكنه يصلون بصلاته ويسمعون لقراءته ، وأنه ليطْرُد بِجَهْرِه بقراءتِه عن داره وعن الدور التي حوله فُساق الجن ومردة الشَياطين ) .


وفي آثار وأخبار أخرى : أن مؤمنيهم يصلون ويصومون ويحجون ويطوفون ويقرؤون القرآن ويتعلمون العلوم ويأخذونها عن الإنس وإن لم يشعروا بهم ، وكذا رواية الأحاديث .


وأخرج الشيرازي : أن سليمان أوثق شياطين في البحور فإذا كان سنة خمس وثلاثين ومائة خرجوا في صور الناس وأبشارهم فجالسوهم في المجالس والمساجد ونازعوهم القرآن والحديث .


وأخرجه العقيلي وابن عدي بزيادة : أن تسعة أعشارهم تذهب إلى العراق وعشرهم بالشام .


وأخرج البخاري عن سفيان الثوري : أخبره رجل كان يرى الجن أنه رأى قاصاً يقص في مسجد الخيف فتطلبه فإذا هو شيطان ، وجاءت آثار أخرى بنحو ذلك .

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: نظرات في عالم الجن والشياطين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 09, 2015 2:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2011 10:41 am
مشاركات: 2825
الفتاوى الحديثية 1/52
{ مطلب: في ثوابهم وعذابهم وحياتهم وموتهم...}


واعلم أن العلماء اتفقوا على أن كافرهم يعذب في الآخرة .

وعن أبي حنيفة وأبي الزناد وليث بن أبي سليم أن مؤمنهم لا ثواب له إلا النجاة من النار ثم يقال لهم كونوا تراباً مثل البهائم ، والصحيح الذي قاله ابن أبي ليلى والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وأصحابهم رضي الله عنهم : أنهم يثابون على طاعاتهم .

ونقل عن أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم أنهم يدخلون الجنة ، ونقله ابن حزم عن الجمهور واستدلوا بقوله تعالى:
{ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ} [ الأنعام : 132 ] فإنه ذكر بعد الجن والإنس .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس : أن الملائكة كلهم في الجنة والشياطين كلهم في النار ، والذين فيهما الإنس والجن .

وذكر الحارث المحاسبي : أنا نراهم في الجنة ولا يرونا عكس الدنيا .

وذهب بعض الحنفية أنهم لا يرون الله وإليه يميل كلام ابن عبد السلام لأنه صرح بمنع الرؤية للملائكة ووافقه جماعة من الحنفية ، لكن الأرجح أن الملائكة يرونه كما نص عليه إمام أهل السنة والجماعة الشيخ أبو الحسن الأشعري في كتابه ( الإبانة في أصول الديانة ) وتابعه الإمام البيهقي وغيره كابن القيم والحداد والجلال البلقيني .

قال الجلال ، وكذلك الجن يرونه لعموم الأدلة ، ومر في الأحاديث المتعلقة بالملائكة التصريح في حديث البيهقي وأبي الشيخ والخطيب وابن عساكر بأن الملائكة يرون ربهم ، ولعل ابن عبد السلام لم يطلع عليه وإلا لم يخالفه .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير عن قتادة قال : قال الحسن : الجن لا يموتون .
فقلت : قال الله تعالى : { أُوْلَائِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنِّ وَ الإِنسِ } [ الأحقاف : 18 ] .
أي ففي الآية دليل على أنهم يموتون فإن أراد الحسن أنهم لا يموتونِ مثلنا بل ينظرون مع إبليس فإذا مات ماتوا معه .
قلنا : إن أراد ذلك في بعضهم كشياطين إبليس وأعوانه فهو محتمل ، وإن أراد أنهم كلهم كذلك نافاه ما قدمناه من الوقائع الكثيرة أنهم ماتوا وكفنوا ودفنوا .

وأخرج أبو الشيخ أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل أيموت الجن ؟ قال: نعم ، غير إبليس وابن شاهين عنه أن الدهر يمرّ بإبليس فيهرم ثم يعود ابن ثلاثين .

وابن أبي الدنيا عن الربيع بن يونس قيل له أرأيت هذا الشيطان الذي مع الإنسان لا يموت ؟ قال : وشيطان واحد هو أنه ليتبع الرجل المسلم في الفتنة مثل ربيعة ومضر .

وابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عند عبد الله بن الحارث قال : الجن يموتون ولكن الشيطان بكر البكرين لا يموت .

قال قتادة : أبوه بكر وأمه بكر وهو بكرهما ، ومر في خبر هامة ما يدل على طول أعمارهم .

وبلغ الحجاج أن بأرض الصين مكاناً إذا أخطأوا فيه الطريق سمعوا صوتاً يقول : هلموا الطريق فبعث ناساً وأمرهم أن يتخاطؤها عمداً فإذا كلموهم يحملون عليهم وينظرون ما هم ، فلما فعلوا حملوا عليهم
فقالوا : إنكم لن ترونا ،
قالوا : منذ كم أنتم ههنا ؟
قالوا : لا نحصى السنين غير أن الصين خربت ثمان مرات وعمرت ثمان مرات ونحن ههنا .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : وُكِّل ملك الموت بقبض أرواح المؤمنين والملائكة ، وملك بالجن وملك بالشياطين وملك بالطير والوحوش والسباع والحيات فهم أربعة أملاك .




الفتاوى الحديثية 1/52
{ مطلب: في القرين ....}



وأخرج مسلم ( أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال لعائشة : مع كُلِّ إنسان شَيْطان ومَلَك . قالتْ : أَوَ معك يا رسول الله ؟ قال : نعم ، ولكنَّ الله أعَانَنِي عليه حتى أَسْلَم ) .

وفي رواية لمسلم أيضاً ( ما منكم مِنْ أحدٍ إلا وقَدْ وُكِّلَ به قرينُه من الجن وقَرينُه من الملائكة قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي إلا أن الله عز وجل أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ) .
وأسلم معناه صار مسلماً .
وهذا من خصائصه لخبر أبي نعيم ( فُضِّلَتُ على آدم بخَصْلتين كان شيطاني كافراً فأعانني الله تعالى عليه حتى أسْلَم ، وكن أزواجي عوناً لي وكان شيطان آدم كافراً وزوجتهُ عوناً على خطيئته ) .
أي إنها صورة خطيئة لما هو مقرر أن الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر عمداً وسهواً ، وجميع ما روي عنهم مما يخالف ذلك فيؤول كما بينه المحققون في محاله خلافاً لمن وهم فيه ، كجماعة من المفسرين والأخباريين ممن لم يحققوا ما يقولون ويدرون ما يترتب عليه فيجب الإعراض عن كلماتهم وترهات قَصَصهم الكاذبة وحكاياتهم .

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والبيهقي أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال: ( إن الشيطان واضعٌ خُرطومَه على قلب ابن آدم فإنْ ذَكَر الله خَنَسْ وإن نَسِيَّ التقم قَلْبَه}
أي نشب فيه وسوسته ويحدثه بالأفكار الرديئة لأنه يجري منه مجرى الدم كما في الحديث الصحيح ، ويدل عليه قوله تعالى:
{ الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ} [ الناس : 5 ]
وبه يرد على من أنكر سلوكه في بدن الإنسان كالمعتزلة .

ومن ثم قيل لأحمد رضي الله عنه : إن قوماً يقولون : إن الجني لا يدخل في بدن المصروع من الإنس ؟
فقال : يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه .
أي فدخوله في بدنه هو مذهب أهل السنة والجماعة .

وجاء من عدة طرق ( أنه صلى الله عليه وسلم ) جيء إليه بمجنون فضرب ظهره وقال : اخرج عدوّ الله فخرج ، وتفل في فم آخر وقال : اخرج يا عدو الله فإني رسول الله ) قال ابن تيمية : وعامة ما يقول أهل العزائم فيه شرك فليحذر .

وأخرج جماعة أن ابن مسعود قرأ في أذن مصروع
{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } [المؤمنون : 116 ] إلى آخر السورة فأفاق ثم أخبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك فقال : ( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً مؤمناً قرأها على جبل لزال) .


وجاء من عدة طرق أن للوضوء شيطاناً يقال له الولهان .

قال التميمي : أول ما يبدأ الوسواس من الوضوء ، ومن ثم أمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالتعوّذ بالله من وسوسة الوضوء .

قال طاوس : هو أي الولهان أشد الشياطين .

وأخرج مسلم عن عثمان بن أبي العاص قال : قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسهما عليّ ، فقال : (ذلك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوّذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً ) .

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن وسواس الرجل يُخبر وسواس الرجل فمن ثمَّ يفشُو الحديث .

وجاء عمر أنه حدث نفسه بشيء ولم يظهره لأحد فوجده مع الناس فقال خرج به الخناس ، ووقع لغيره أيضاً ، وإنما أطلت الكلام على هذا السؤال لما فيه من الفوائد المستغربة والفرائد المستعذبة .} .

انتهى النقل من الكتاب الفتاوى الحديثية

_________________
مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم

الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 30 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 8 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط