كان دائماً لروكفيللر اهتمام خاص بالصّين، كون شركة النفط التي يملكها تعتبر المزوِّد الوحيد بالبنزين والكيروسين في الصين.
فقام بتأسيس الهيئة الطبية الصينية، وبناء كلية بكين الطبية المتحدة، آخذاً دور الأب الحنون الذي جاء ليوزع المعرفة على أبنائه البسطاء.
وقد استثمرت شركة روكفيللر مبلغ 45 مليون دولار في عملية خسيسة لإفساد الطب الأصيل في الصين.
وتمّ تأسيس هذه الكليات على أساس أنها ستستفيد من هبات روكفيللر إذا تمكنت من إقناع 500 مليون مواطن صيني أن يرمي في النفاية جميع الطرق العلاجية الآمنة والمفيدة المستندة على الأعشاب التي يصفها أطبائهم الشعبيين الحكماء، اللذين يحملون خبرة قرون من الزّمن والتي تفوق منفعتها تلك العقاقير والأدوية المسرطنة المصنوعة في الولايات المتحدة.
هذه الأدوية السامة التي يتم استبدالها بأدوية جديدة أخرى بمجرد ظهور الأعراض الجانبية المميتة بعد أن يعجزوا عن التستّر على هذه العيوب.
وإذا لم يتمكن هؤلاء الأطباء الصينيين الحكماء من إثبات فعالية علاجاتهم الأصيلة كالوخز بالإبر عن طريق التجارب على كم هائل من الحيوانات المخبرية، فستعتبر أنها ليست ذات قيمة علميّة، ولن تعتبر نتائجها الإيجابية ذات أهمية بالنسبة لهؤلاء السّحرة والمشعوذين الغربيين.
وعندما استلمت الشيوعية زمام الأمور في الصين ولم تعد التجارة أمراً ممكناً، لم تعد روكفيللر مهتمة بصحة الشعب الصيني ونقلت اهتمامها إلى دول أخرى مثل اليابان والهند ودول أميركا اللاتينية.
".. لا يمكن أن تقود أية دراسة صادقة لحياته المهنية إلا إلى نتيجة واحدة وهي أنه كان ضحية لأبشع العواطف، حب المال، حيث يعتبر المال هو الغاية.
وكان هذا المهووس بالمال يخطط بصبر وبسريّة تامّة لزيادة ثروته .... وقد حول التجارة إلى حرب ودمّرها بأساليبه القاسية والفاسدة .... وأطلق على منظمته العظيمة اسم المنظمة الخيريّة، وأشار إلى ذهابه المستمر إلى الكنيسة والصدقات التي يقدمها كدليل على استقامته، وهذا ليس إلا تستراً بالدّين.
ليس هناك سوى كلمة واحدة يمكن أن ننسبها إلى كل هذا النفاق..."
هذا هو الوصف الذي أطلقته أيدا تاربل Ida Tarbell على جون. دي. روكفيللر Joh.D.Rockefeller في كتابها "تاريخ شركة" 'History of the Standard Oil Company' والذي نشرته مجلة "مكلور" Mc,Clure على شكل حلقات عام 1905، وكان هذا قبل "مذبحة ليدلو " بعدة سنوات، حيث كان روكفيللر عندها لم يصل بعد إلى قمة الشرّ الذي حققه بعدها.
ولكن بعد الحرب العالمية الثانية كان من الصعب أن يقرأ أحد، سواء في أميركا أو خارجها، نقداً أو أي كلام سلبي عن روكفيللر أو عن روكفيللر الإبن الذي سار على خطى والده، ولا عن أحفاد روكفيللر الأربعة اللذين حاولوا منافسة أسلافهم المؤسّسين.
ولا تحوي الموسوعات المتنوعة المنتشرة في مكتبات العالم الغربي سوى المديح لهذه الأسرة، ولكن كيف حصل هذا؟