3- 2 -3 الحرب السياسية.
"إن الانتصار في الحرب يتم عن طريق زهق الأرواح وإتقان فن المناورة.
وبقدر ما تكبر قيمة القائد العسكري بقدر ما يزداد استخدامه للمناورة ويقل استهدافه للأرواح ...
هناك أنواع مختلفة من المناورات في الحرب، القليل منها يتجسد في ميدان المعركة.
وهناك مناورات في إدارة الوقت وفي الدبلوماسية وفي علم النفس."
[سير ونستون تشرشل "الحرب الكبرى" مجلد ١، صفحة 498] (1933)
من البديهي أن خطوات الحرب على الإرهاب التي أوردنا سالفًا تعج بالمخاطر، ليس أقلها زعزعة دعائم الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط .
ولسنا نتحرك هنا في فضاء جغرافي فارغ، بحيث إن كل خطوة نخطوها لا بد ستكون لها تداعيات من شأنها أن تؤثر في باقي دول المنطقة.
ومن المتوقع أن تشهد إيران تفكك شبكتها الاستراتيجية في العالم العربي دون إطلاق عمليات إرهابية ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية، لأنها في الوقت الحاضر تعيش حالة من الحصار الداخلي، وقد تحتاج إلى تعبئة الموالين للنظام من أجل حشد الطاقات ضد الإمبريالية الأمريكية وتقويض القوى التي تعارضها في الداخل باسم الدين والدفاع عن الوحدة الوطنية.
ولهذا ينبغي علينا توفير كل الدعم الممكن للقوى المعارضة للنظام في إيران، فهي بحاجة إلى الدعم المالي والدعائي والدبلوماسي .
يتوجب علينا العودة إلى كتب الحرب العالمية الثانية ودراسة أساليب الحرب البريطانية.
نحن بحاجة إلى مكتب خاص يدير الجانب الإعلامي لهذه الحرب.
فالخطة التي عمل المكتب الأمريكي الخاص بمعلومات الحرب خلال الحرب العالمية الثانية كانت تسعى إلى دفع شعوب الدول المتحالفة مع ألمانيا إلى وأد جهود الحرب والضغط على حكوماتها للانسحاب من الحرب أو إسقاط تلك الحكومات إذا ما قاومت ضغوط شعوبها .
ومن أهم الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها ضمن الحرب السياسية والسيكولوجية الإعلام الصادر باللغة العربية، فمن السمات التي طبعت العالم العربي وأخضعته لسيطرة مؤسسة الدولة وأجهزتها الرقابية هي الشعارات السائدة:
أمة واحدة، رئيس واحد، إذاعة واحدة، محطة تلفزيونية واحدة.
وعلى الرغم من أن التكرار المتعمد واللامتناهي للأكاذيب لا يحولها بالضرورة إلى حقائق، لكنها تُتخم المشهد السمعي والمرئي للشعوب بالأكاذيب.
وفي ظل هذه الأجواء تختفي الحقيقة تمامًا كما يمكن لمسه في التحليل الذي قدمه الرئيس فاكلاف هافيل Vaclav Havel للنظام الشمولي،حيث إن الكذب يتلبس لباس المعرفة العامة .