الفترة الرابعة: فتح العراق على يد الإمام المهدي(ع)
وأحاديثه كثيرة جداً في مصادر الجميع ، عن دخول المهدي(ع)إلى العراق، وتحريره من بقايا قوات السفياني ، ومن مجموعات الخوارج المتعددة ، واتخاذه قاعدة دولته وعاصمتها .
ولم أجد تحديداً دقيقاً لوقت دخوله(ع)إلى العراق ، ولكن يأتي في حركة ظهوره(ع)أنه يكون بعد بضعة شهور من الظهور المقدس ، وبعد تحرير الحجاز ، وربما معركة الأهواز أو بيضاء إصطخر التي يهزم فيها قوات السفياني هزيمة ساحقة .
وتصف بعض الروايات دخوله الى العراق جواً بسرب من الطائرات كما في الحديث التالي عن الإمام الباقر(ع)في تفسير قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لاتَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ) ، قال: ينزل القائم يوم الرجفة بسبع قباب من نور لايعلم في أيها هو ، حتى ينزل ظهر الكوفة ) .
وهذه الرواية بالإضافة إلى ما فيها من جانب إعجازي تدل على أن الوضع الأمني يستوجب من الإمام المهدي(ع)هذا الإحتياط ، فبالإضافة إلى معاداة الوضع العالمي له ، لا يكون قد أتم تطهير الساحة الداخلية في العراق .
وتعبير (ينزل) وبعده (حتى ينزل ظهر الكوفة) يفهم منه أنه لاينزل الكوفة أو النجف رأساً ، فقد ينزل في العاصمة أولاً ، أو في قاعدة عسكرية ، أو في كربلاء ، كما تذكر بعض الروايات .
وتذكر الأحاديث عدداً كبيراً من أعماله(ع)في العراق ومعجزاته . وسوف نستعرضها في حركة ظهوره ، ونذكر منها هنا مايتعلق بالوضع العام في العراق ، وأهم ذلك تصفيته(ع)لوضعه الداخلي والقضاء على القوى المضادة الكثيرة ، حيث تذكر الأحاديث أنه يدخل الكوفة - أي العراق- وفيه ثلاث اتجاهات متضاربة، يبدو أنها الاتجاه المؤيد له(ع)، والاتجاه المؤيد للسفياني والثالث اتجاه الخوارج .
فعن عمرو بن شمر عن الإمام الباقر(ع)قال ذكر المهدي(ع)فقال: ( يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له . ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء ! ) . (الإرشاد للمفيد ص362 ).
والكوفة في هذا الحديث وأمثاله تعبير عن العراق ، ووجود ثلاث رايات فيه لابد أن يكون منها أنصاره الخراسانيون واليمانيون ، كما يدل الحديث التالي المستفيض في مصادر الشيعة والسنة عن أمير المؤمنين وعن الإمام الباقر(ع)قال: ( تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان (إلى) الكوفة ، فإذا ظهر المهدي بعثت له بالبيعة) ( البحار:52/217 ) .
ويظهر أن الحركات المضادة له(ع)تكون كثيرة سواء من جماعات الخوارج ، أو جماعات السفياني وغيرهم ، وأنه(ع)يستعمل سياسة الشدة والقتل لمن يقف في وجهه ، تنفيذاً للعهد المعهود إليه من جده رسول الله (ص) .
فعن الإمام الباقر(ع)قال: ( إن رسول الله(ص)سار في أمته باللين ، كان يتألف الناس ، والقائم يسير بالقتل ، بذلك أمر في الكتاب الذي معه ، أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحداً . ويلٌ لمن ناواه) . (البحار:52/353) .
والكتاب الذي معه هو العهد المعهود إليه من رسول الله بإملائه(ص)وخط علي(ع)وفيه كما ورد: ( أقتل ، ثم أقتل ، ولا تستتيبن أحداً) !
وعن الباقر(ع)قال: (يقوم القائم بأمر جديد ، وقضاء جديد، على العرب شديد. ليس شأنه إلا السيف ولايستتيب أحداً ، ولا تأخذه في الله لومة لائم).(البحار:52 /354 ) .
والأمر الجديد هو الإسلام الذي يكون قد دثره الجبابرة وابتعد عنه المسلمون ، فيحييه المهدي(ع)ويحيي القرآن ، فيكون ذلك شديداً على العرب الذين يطيعون حكامهم المعادين له ويحاربونه(ع) .
فعن الإمام الصادق(ع)قال: ( إن القائم يلقى في حربه ما لم يلق رسول الله (ص) ، لأن رسول الله أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة الخشبة المنحوتة ، وأن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه) . (البحار:52/363) .
وقد رأينا كيف يتأول الحكام وعلماء السوء التابعين لهم آيات القرآن في معاداة الإسلام وعلمائه .