الجزء الثاني والأخير
[نشر في الملحق الأسبوعي للعرب اليوم الأردنية في 2/5/2005]
وضعه دايفيد كابلان
وترجمه د. إبراهيم علوش .
وهكذا، جاء تبلور استراتيجية الوصول إلى عموم العالم الإسلامي بينما كان جنود أمريكا في الخطوط الأمامية لحرب الأفكار يرتقون أخيراً إلى مستوى أدائهم الطبيعي.
فبالرغم من البداية المتثاقلة، تلقت السي أي آيه CIA زيادات دراماتيكية في المال والرجال والأصول ساعدتها على تطوير عملها نوعياً.
نعم، ما زال يعوزها منهجٌ متكاملٌ في الانقضاض على جذور الإرهاب الإسلامي، بيد أن بعض محطات السي أي آيه في الخارج باتت تتقدم بمبادرات جريئة وخلاقة، منها صب الأموال لتحييد الوعاظ والمنظمين الإسلاميين المتشددين المعادين لأمريكا.
كما يقول مسؤول تقاعد مؤخراً :
"إذا عرفت أن الملا عمر مثلاً يدعو لنهجه على قارعة إحدى الطرقات، فعليك أن تجعل الملا برادلي Bradley (أي الذي يبطن التوجه الأمريكي, وبرادلي أيضاً اسم لدبابة أمريكية – المترجم) على القارعة المقابلة للطريق ليدعو بدوره".
وفي الحالات الأكثر خطورة، يضيف المسؤول نفسه، يتم اعتقال الدعاة و"التحقيق" معهم.
كان عملاء الاستخبارات السريين قد أسسوا مواقع إنترنت جهادية وهمية واستهدفوا وسائل الإعلام العربية بالدعاية المضادة، ولكنهم يبقون حذرين في هذا إلى حدٍ كبير.
فعلى النقيض من الأيام الحلوة للحرب الباردة يمكن لنشر الدعاية المضادة في زمن الإنترنت أن يجد طريقه بسهولة إلى وسائل الإعلام الأمريكية (مما قد يحدث بلبلةً غير مطلوبة من خلالها للرأي العام الأمريكي- المترجم).
"ولهذا يبقى عملاؤنا وجلين نوعاً ما"، كما يوضح أحد المتقاعدين من السي أي آيه.
بعض نشاطات هؤلاء، في الواقع، ثانوية تماماً.
ويضيف عميل سري سابق:
"أكبر إنجاز سمعت عنه لهم هو يافطة كبيرة معينة تمكنوا من زرعها في إحدى مباريات كرة القدم اعتبروها نجاحاً مدوياً".
وما زال استقطاب اللغويين والضباط الموهوبين إلى الميدان يمثل مشكلة فاقم منها استنزاف حرب العراق.
وحول هذا يمزح أحد أهم جواسيسنا السابقين بعد تقاعده:
"لدينا 300 عميل سري في العراق، و400 على وشك الذهاب إليه، و400 آخرون عادوا لتوهم منه" –
عملياً كل جهاز العمل السري الخارجي (عملياً المقصود هو أن الحفاظ على احتلال العراق يعيق بشدة الجهد الاستخباري الأمريكي خارجه، وهي من إنجازات المقاومة العراقية التي تقدمها للأمة – المترجم).
وينهمك بحرب الأفكار محللو الوكالة أيضاً في مقر السي أي آيه خارج واشنطن.
فمكتب الشؤون عابرة القوميات في السي أي آيه أسس فريقاً للمعلومات والتأثير العالميين Global Information and Influence Team مهمته وضع التقييمات لأهم أهداف أمريكا الخارجية.
وقد استضاف مكتب الشؤون عابرة الحدود في السي أي آيه في شهر شباط/ فبراير المنصرم مؤتمراً للديبلوماسية العامة ركز على استراتيجية التأثير على ستة بلدان هي الصين ومصر وفرنسا وأندونيسيا ونيجيريا وفنزويلا .
(وتذكرون أن الديبلوماسية العامة هي تلك التي تتبعها أمريكا للتأثير على الشعوب وليس الحكومات – المترجم).
وكذلك عقدت تحت رعاية السي أي آيه سلسلة من المؤتمرات حول التأثير الافتراضي على الإنترنت جمعت في جلساتها أكثر خبراء صناعة الكومبيوتر تقدماً لبحث كيفية مكافحة الاستخدام الإرهابي للإنترنت.