 |
Site Admin |
اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm مشاركات: 24573
|
هوَ اللَّه لا نُحصي لآلائهِ شكرا ... لهُ الحمدُ في الأولى له الحمدُ في الأخرى وَكيفَ نؤدّيهِ بشكر حقوقهِ ... وَنعمتهُ بالشكرِ تَستوجبُ الشُكرا وَأشهدُ أَن اللَّه لا ربّ غيره ... وَأنّ لهُ في خلقهِ النفعَ والضرّا لهُ كلُّ ما قَد كان أو هو كائنٌ ... وَما لِسواه في الورى ذرّةٌ صغرى وَمَهما يَكُن منهم ومهما يكُن لهم ... فَإنّ لهُ في ذلكَ الخلق والأمرا غَنيٌّ على الإطلاقِ عن كلّ كائنٍ ... وَكلٌّ له بالفقرِ قد أحرزَ الفخرا همُ الكلُّ مَقهورون تحتَ قضائهِ ... وَلن يَقدروا أَن يَدفعوا عنهمُ القهرا وَكلُّ فِعال الفاعلينَ فعالهُ ... إِذا فَعلوا خيراً وإن فَعلوا شرّا وَليسَ لَهُم مِنهم سوى كسبِ فعلهم... فَنالوا بهِ إِثماً ونالوا به أجرا لإحسانهِ كلُّ الورى كلّ لمحةٍ ... مَحاويجُ لولا لطفهُ اِنعدموا فورا وَهُم درجاتٌ يَجتبي من يشاءهُ ... فَيمنحهُ قُرباً ويمنحه برّا وَيختصُّ مَن يختارهُ بِشفاعةٍ ... إِذا شاءَ في الدُنيا وإن شاء في الأخرى وَمَن يحجر الوهّاب عن فيض فضلهِ ... فلا رحمَ الرحمنُ من يزعمُ الحجرا وَأشهدُ أنّ المُصطفى خير رسلهِ ... وَأعظمُهم فَضلاً وأرفَعهم قدرا محمّدٌ المُختارُ مِن معدنِ الوَرى ... كَما اِختارَ مِن بينِ الحَصا الحاذق الدرّا عَليهِ صلاةُ اللَّه مقدار فضلهِ ... صَلاةً تفوقُ العدّ والحدَّ والحَصرا وَبعدُ فإنّي سقتُ نحوَ عداتهِ ... عَساكرَ تُرديهم وإن حُسبَت شِعرا بِإمدادهِ أقسامها خمسةً أتت ... مُنظّمةً قد أحرَزَت كلُّها النَصرا أَتى المُصطفى والناسُ في ليلِ غيّهم ... فَأشرقَ في أُفقِ الهُدى بينَهم بَدرا أَتانا بدينٍ فاقَ حُكماً وحِكمةً ... وقَد قهَرَ الأديانَ بُرهانُهُ قَهرا أَتى بكتابِ اللَّه للناسِ مُعجزاً ... وَضمّنَ كلّ العلمِ منه لنا سِفرا وَكلُّ علومِ الخلقِ مِن كلّ عالمٍ ... تُرى قطرةً إِن قابلت ذلك البحرا وَقَد فضَلَ القرآنُ كلَّ مقالةٍ ... كَما فضَل المَولى خلائقَهُ طرّا وَلَو قَصَدت كلُّ الخلائقِ فَهمهُ ... لَما فَهِموا مِن عُشرِ أَسرارهِ العُشرا بِقدرِ التُقى للَّه يفهم سرّهُ ... وَما بِسوى تَقواهُ يُفهمُهم سرّا وَسنَّتهُ تِربٌ له وهيَ شرحهُ ... وَمَن جاءَ بِالقرآنِ فهوَ به أدرى وَما نطقَ المُختارُ قطُّ عَنِ الهوى ... وَما بِسوى وَحيٍ لهُ أعملَ الفِكرا هُما نيّرا أفقِ الهُدى كلُّ مُهتدٍ ... يَرى مِنهُما الشمسَ المُنيرةَ والبدرا وَما كلُّ مَعنىً مِنهُما مُتعسّرٌ ... لكلِّ اِمرئٍ لكن مع عُسرهِ يُسر فَما كانَ مَعلوماً منَ الدينِ ظاهراً ... فَهِمناهُ لا نحتاجُ تقليدَنا حبرا وَما اِحتيجَ منهُ لاِجتهادٍ فإنّنا ... بِأحكامهِ نَقفو أئمّتنا الغرّا مُحمّدٌ النعمانُ أحمدُ مالكٌ ... بُحورُ علومٍ كَم لنا قذفت درّا نُجومُ هدىً شمسُ النبيِّ تُمدّهم ... بِأنوارِهم للناسِ ثغرُ الهدى اِفترّا لِطاعةِ مَولاهُم وَتقواهُ لازموا ... وَصاموا وَقاموا داوَموا الفكر والذِكرا فَعلَّمَهم أَحكامهُ من كتابهِ ... وَأَفهَمهم مِن سنّةِ المُصطَفى السرّا وَأَشهَدهم ما لَم يرِد فيهما مَعاً ... بِنورِهما قاسوا عَلى قدرهِ قدرا فَأَقوالُهم منهُ وليسَ لَهُم سوى ... مَظاهرِهم أَجرى بها اللَّه ما أجرى وَكلُّ خِلافٍ جاء عنهم فإنّه ... لَنا رَحمةٌ مع أنّه قَد أتى نزرا فَبَعضٌ أَتانا القولُ عنه مُخفّفاً ... وَبَعضٌ بقصدِ الأجرِ قد شدّد الأمرا فَكلٌّ على حقٍّ ومَن قال بعضهم ... عَلى خطأٍ قَد قال إنّ لهُ أجرا فَما اِختَلفوا في الدينِ إلّا لحكمةٍ ... وَما اِبتدَعوا في الدينِ نَهياً ولا أمرا أُولئكَ أهل الذكرِ كانوا حياتَهم ... وَمِن بَعدِهم أَبقى لهم ربُّهم ذِكرا وَما القصدُ إلّا عِلمهم وهو حاصلٌ ... إِذا خاطَبونا أَو قَرَأنا لهُم سفرا بِهِم أُمّةُ المُختارِ في دينها اِقتَدت ... مَذاهِبُهُم لِلحشرِ لا تفقدُ النَشرا رَواها بِحُسنِ الضبطِ عَنهم أئمّةٌ ... وَقَد ملؤوا الأقطارَ مِن نشرِها عطرا وَما هيَ إلّا مِن شريعةِ أحمدٍ ... جَداولُ تَجري كلُّ قومٍ لهم مجرى وَقَد أشبهَ الإسلامُ بيتاً مُربّعاً ... عَليها اِستَوى قَصراً وقامَ بها حصرا مَذاهِبُهم مثلُ المَرايا صَقيلةٌ ... بِها اِرتَسم القُرآنُ والسنّةُ الغرّا فَأقوالُهم آياتهُ وَحديثها ... بِمَعناهُما لكن عباراتُهم أخرى قَدِ اِقتَبسوا مِن نورِ أحمد نورهم ... فَبانَ لهُم ما في شَريعتهِ أجرى وَمِن بَعدهم جاؤوا بمِقدارِ بُعدهم ... عنِ المُصطفى صارَ الظلام لهم سِترا بِنسبةِ بُعدِ الشمسِ يحصلُ نورها ... لِقومٍ غَدا قلّاً لقومٍ غَدا كُثرا وَكُلُّ إمامٍ جاءَ عنهم وصيّةٌ ... لأصحابهِ ما بَينهم لَم تَزل تُقرا إِذا صحّ قولُ المصطفى فهو مذهبي ... وَما قلتهُ مِن قبلُ فاِرموا بهِ الجُدرا وَما زالتِ الحفّاظُ من كلِّ مذهبٍ ... تُحرّرهُ حتّى غَدا ذَهباً نضرا شَريعةُ خيرِ الخلقِ شمسٌ منيرةٌ ... وَأنوارُها قَد عمّتِ البرَّ وَالبحرا أَضاءَت بها الأكوانُ بعدَ ظَلامِها ... وكَم ذا أمدّت مِن أئمّتنا بدرا لَقَد أَشرَقَت فيهم وفي كلِّ مؤمنٍ ... وَأَعطَت لكلٍّ مِن أشعّتها قدرا وَلكن بِقدرِ القابليّة نورُها ... يَكونُ قَليلاً بالمقابلِ أو نزرا وَهل يَستوي أَن قابلت بشُعاعها ... جَواهِرَهم أو أنّها قابلَت صخرا وَأجهلُ خلقِ اللَّه من قال إنّها ... بإِشراقها ساوَت معَ الحجرِ الدرّا وَكَم مِن إمامٍ جاءَ في كلِّ مذهب ... كبيرٍ بهِ قَد أحرزَ المذهبَ الفخرا وَما مِنهمُ فردٌ بِدعوى اِجتهادهِ ... سَمِعنا لهُ في غير مذهبهِ مَسرى بَلى مِن طريقٍ للولايةِ واضحٍ ... يَجوزُ بقاءُ الإجتهاد ولا حجرا وَأَمّا طريقُ الدرسِ بالنفسِ والهوى ... فَكَم أوصَلَت للسالكينَ بها شَرّا قَدِ اِجتَهدوا فيها بحُكم نُفوسهم ... فَنالوا بِها مِنها الكبائرَ والكِبرا نَعَم كلُّ قَرنٍ يبعثُ اللَّه فيه من ... يُجدّدُ أمرَ الدينِ ينصرهُ نَصرا وَذلكَ إمّا واحدٌ أو جَماعةٌ ... بِكثرةِ عِلمٍ أو بِمَنقبةٍ أخرى عَلى الكلِّ مِن مولاهُ هتّانُ رحمةٍ ... تُمازجُ منهُ الروحَ والجسمَ وَالقبرا وَكَم مِن قُرونٍ قَد تَوالت ولَم يُجِل ... بِدَعوى اِجتهادٍ مُطلق عالمٌ فِكرا فَكيفَ اِدّعاهُ الجاهلونَ بِعَصرنا ... فَما أَقبحَ الدَعوى وَما أَفظعَ الأمرا وَأوّلُهم قَد كانَ شَيخاً مُشرّداً ... بهِ مَلكُ الأفغانِ أَجرى الّذي أجرى أَراد فَساداً في ديانةِ قومهِ ... عَلى قربهِ منهُ فَأبعدهُ قهرا تَسمّى جَمالَ الدينِ مع قبحِ فعلهِ ... كَما وَضعوا لفظَ المفازَةِ للصَحرا يَقولونَ هذا المُصلحُ الأكبرُ الّذي ... بهِ صارَ حُكمُ الدينِ في عَصرِنا يُسرا مَذاهبُ أهلِ العلمِ ممّن تَقدّموا ... تُوافقُ أَحوالَ الزَمانِ الّذي مرّا وَأَبدعَ هَذا الشيخُ لِلناسِ مَذهباً ... يُوافقُ في تَيسيرِ أَحكامهِ العَصرا غَدا كلُّ عَبدٍ فيه صاحبَ مَذهبٍ ... بهِ صارَ في الأحكامِ مُجتهداً حرّا فَقد كانَ تنّوراً لطوفانِ غيّهم ... وَلكن محلَّ الماءِ فارَ لَهُم جَمرا أَتى مصرَ مَطروداً فعاثَ بقُطرها ... فَيا قبحهُ شَيخاً ويا حُسنهُ قطرا
بِتاريخِ ستٍّ والثمانين قَد تَلت ... مَع المائتينِ الألفَ في الهجرة الغرّا حَضرتُ بفقهِ الشافعيّ خطيبهُ ... عَلى شيخِ شربينٍ فألفيتهُ بَحرا وَجاءَ جَمالُ الدين يَوماً لدرسهِ ... فَألقى عَلى الأستاذِ أسئِلةً تَترى فَفاضَت عَليهِ مِن مَعارفِ شَيخنا ... سُيولٌ أَرتهُ علمهُ عندهُ قَطرا وَإِذ شمَّ منهُ الشيخُ ريح ضلالهِ ... وَإِلحادهِ أَولاهُ مَع طردهِ زَجرا وَذاكرتهُ يَوماً فأخبرَ أنّه ... كَأُستاذِنا لَم يُلفِ في مصرهِ حبرا وَمِن بعدِ هَذا حازَ في مصرَ شُهرةً ... وَأَلقى دُروساً للفلاسفِ في مِصرا وَحينَ أتاهُ ذلكَ الحينَ عبدهُ ... وَأمثالهُ أَفشى لهُم ذلكَ السرّا أَسرّ لَهُم محوَ المذاهبِ كلّها ... لِيرجعَ هذا الدينُ في زعمهِ بِكرا فَلَم يلف مِنهم غيرَ خلٍّ موافقٍ ... سميعٍ له قولاً مطيعٍ له أمرا فَساقَ عَلى الإسلامِ منهم جحافلاً ... يَرى فِرقةً سارَت فَيُتبعها أُخرى أَغاروا على الإسلامِ في كلِّ بلدةٍ ... فَما تَركوا نَجداً وَما تَرَكوا غورا شَياطينُ بينَ المُسلمينَ تَفرّقوا ... بإِغوائِهم كَم أَفسَدوا جاهلاً غمرا قَدِ اِختَصروا بالجهلِ دين مُحمّدٍ ... وَما تَرَكوا من عُشرِ أحكامهِ العُشرا لَقَد زَعَموا إِصلاحهُ بفسادِهم ... وَكَم حمّلوهُ مِن ضَلالاتِهم إِصرا كفيران قصرٍ أفسدَت فيهِ جهدَها ... تَرى نفسَها قد أصلَحت ذلكَ القَصرا فَما بالُهم لا يُصلحون نُفوسهم ... أما هيَ بِالإصلاحِ مِن غيرِها أحرى وَقد جاءَ في القرآنِ ذكرُ فَسادِهم ... وَزَعمهمُ الإصلاحَ في السورة الزهرا وَفي درّهِ المنثورِ سلمان قائلٌ ... همُ بعدُ لم يأتوا فَخُسراً لهم خسرا وَها هم أتَونا مثلَ ما قال ربُّنا ... بِأوصافِهم فاِعجَب لَها آيةً كبرى خَوارجُ لَكِن شيخُهم غير نافعٍ ... وَلكنَّهُ قَد كانَ أزرقَ مغبرّا وَقَد جاءَ في الأخبارِ وصفُ مُروقهم ... منَ الدينِ مثلَ السهمِ للجهةِ الأخرى بِفِعل البُرستنتِ اِقتدوا باِجتِهادهم ... لِقولِ رَسولِ اللَّه لو دخلوا جُحرا أُولئكَ قَد ألغَوا زوائدَ دينهم ... وَقد ضلّلوا في ذلكَ القسَّ والحَبرا قَدِ اِجتَهدوا في دينِهم حينَما رأوا ... مَجامِعَهم زادتهُ في نكرهِ نُكرا وَمَهما يكُن عذرٌ لهم باِجتِهادهم ... فَمُجتهدونا اليومَ قَد فَقدوا العُذرا وَمَع كونِهم مثل البُرستنتِ فارَقوا ... أَئمّتهم كلٌّ غَدا عالماً حبرا فَقَد قلّدوا أهلَ المجامعِ منهمُ ... بِمُؤتمرٍ للبحثِ في الدينِ في مصرا بهِ سننَ القومُ النَصارى تتبّعوا ... عَلى الإثرِ لَم يَعدوا ذِراعاً ولا شبرا فللَّه درُّ المُصطفى سيّدِ الوَرى ... فَقَد طابَقَت أخبارهُ كلّها الخُبرا أَمِن بعدِ قول اللَّه أكملت دينكم ... يُريدونَ في الإسلامِ أَن يُحدِثوا أمرا يَقولونَ لا نَرمي كِتاباً وسنّةً ... وَنَتبعُ زَيداً في الديانةِ أو عمرا وَذلكَ حَقٌّ قصدُهم فيه باطلٌ ... وخيرُ كلامٍ قَد أَرادوا به شرّا أَرادوا بهِ مِن جَهلِهم بِنفوسهم ... لترفعَ دَعوى الإجتهادِ لهُم قَدرا فَصارَت جميعُ الناسِ ساخِرةً بهم ... كَما يدّعي الحجّامُ سَلطنةً كبرى وَما أَخَذت كلُّ المذاهبِ عندنا ... بِغيرِ كتابِ اللَّه والسنّةِ الغرّا أَئمّتُنا الأخيارُ قد شَرَحوهما ... وَهُم بِكلامِ اللَّه وَالمُصطفى أدرى وَأَشقى الوَرى من ضلَّ في ليلِ غيّهِ ... وَما قلّدَ الساري الّذي شاهدَ البَدرا فَكلُّ دَعاوي الإجتهادِ نَردُّها ... وَنَرمي بِها بَحراً ونَرمي بها برّا وَما يدّعيهِ اليومَ غيرُ حثالةٍ ... بِأسفل حوضِ العلمِ كدّرتِ المجرى قَدِ اِجتَهدوا في خذلِ دينِ مُحمّدٍ ... وَإِن زَعَموا بِالإجتهادِ له نصرا قَدِ اِجتَهدوا أَن لا تكاليفَ عندهم ... فَصاروا إِباحيّينَ لا نهيَ لا أمرا وَما العلمُ شرطُ الإجتهادِ ولا التُقى ... لَديهم ولكِن كلُّ عبدٍ غدا حرّا فَيفعلُ في الأحكامِ فعلَ دوابهِ ... إِذا أُطلِقَت مِن دونِ قيدٍ إلى الصحرا وَأَقوى شُروطِ الإِجتهادِ لَديهمُ ... وَقاحةُ وَجهٍ حدّهُ يفلقُ الصَخرا وَكَم ذا رَأَينا في الأُلى يدّعونه ... تُيوساً وكَم ذا قَد رَأينا بهم حُمرا نَعم جَهلُها جَهلٌ بسيطٌ وجهلهم ... بِتركيبهِ قَد صارَ أَقواهُما ضرّا وَقَد جاوَزوا أَطوارَهم ودوابهم ... عَلى حالِها ما جاوَزَت مِثلَهُم طَورا فَما قطُّ شاهَدنا حِماراً مُسابقاً ... جَواداً وَتيساً صارعَ الليثَ وَالنِمرا وَهُم لو تعدّوا ألفَ طورٍ ومثلها ... حُدوداً وأَطواراً لَما جاوزوا القعرا يَقولونَ إنّا كالأئمّة كلّنا ... رِجالٌ وما زادوا على أحدٍ ظفرا لَقد أَخطؤوا أينَ الثريّا منَ الثرى ... وَما لبغاثِ الطيرِ أن يشبه النَسرا نَعَم مثلُهم وزناً بوزنٍ وصورةٍ ... عَلى صورةٍ كالتربِ قد أشبه التِبرا وَلَو ثمَّ مِرآةٌ يرونَ نُفوسهم ... بَها لَرأوها بينَ أهل النُهى ذرّا يَقولونَ أَغنانا كتابٌ وسنّةٌ ... وَلَم يُبقيا فينا لِغَيرهما فَقرا وَفي الألفِ مِنهم ليسَ يوجدُ حافظٌ ... لِجزءِ حَديثٍ قلَّ أَو سورةٍ تُقرا وَما قَرؤوهُ مِنهُما عَن جهالةٍ ... فَلا فاهمٌ معنىً ولا عالمٌ سرّا وَما نَهيا عنه وما أمَرا بهِ ... فَلا سامِعٌ نهياً ولا طائعٌ أمرا تراهُم إباحيّين أو هُم نَظيرهم ... إِذا كنتَ عَن أسرارهِم تكشفُ السِترا وَكلُّ اِمرئٍ لا يَستحي في جدالهِ ... مِنَ الكذبِ وَالتلفيق مهما أَتى نُكرا فَمَن قالَ صلّوا قال قائلهم له ... يَجوزُ لَنا في البيتِ نَجمعُها قَصرا وَإِن قيل لا تشرَب يقولُ شَرِبتها ... بِقصدِ الشِفا أَو قالَ ليس اِسمُها خمرا فَيجهرُ كُلٌّ بالمَعاصي مجادلاً ... بِما نَفثَ الشيطانُ في قلبهِ سرّا فَلا صامَ لا صلّى ولا حجّ لا حبى ... فَقيراً وإِن أَودى به فقرهُ برّا وَفي الألفِ منهم واحدٌ ربّما أتى ... مَساجدَنا لَكِن إذا كانَ مُضطرّا وَأَخبَرَني مَن لا أشكُّ بصدقهِ ... بأَن قَد رَأى من بالَ منهم بلا اِستِبرا وَلازمهُ حتّى أَتى بعدُ مَسجداً ... فَصلّى وَلَم يُحدِث منَ الحدثِ الطُهرا وَآخر منهُم قَد أقام صلاتهُ ... بدونِ اِغتِسالٍ مَع جَنابتهِ الكُبرى عَلى وجهِ كلٍّ من ظلامٍ علامةٌ ... بهِ عرّفت مَن لم يكُن يعرفُ الأَمرا بِهِم غربةُ الدينِ اِستَبانت بِعَصرنا ... فَيا قُبحَهم قَوماً ويا قبحهُ عصرا يَقولونَ عصرُ النورِ فيهِ تنوّروا ... وَلكنّهُ مِن نورةٍ تحلقُ الشَعرا وَقَد حلَقت أَديانَهُم من قلوبهم ... فَما تَرَكت مِن نورِ إِيمانهم إثرا مَعادنُ سوءٍ يتّقي المرءُ شرّهم ... يُجامِلُهم جَهراً ويلعَنُهم سرّا وَيجلبُ مِغناطيسَ إِلحادهم لهم ... منَ الناسِ لعناتٍ وإن لعَنوا الغَيرا عُداةٌ لكلِّ المُؤمنينَ قُلوبهم ... لَهُم مُلِئت حِقداً وإن أَظهَروا البِشرا ذِئابٌ على الإسلامِ صالوا وَما اِكتفوا ... بِأَنيابِهم حتّى بهِ أَنشَبوا الظفرا مَقاريضُ أعراض بِأَلسنةٍ لهم ... حِدادٍ بِها قَد أَشبهوا الجرذُ والفَأرا لَهُم أَوجهٌ كالصخرِ مثل قلوبهم ... وَلَكن بِها ماءُ الحَيا ما له مجرى وَإِنّي وَإِن أحكُم لِظاهرِ حالِهم ... بِإِسلامِهم بِالقولِ لا أكفلُ السرّا فَفي وَجهِ كلٍّ قَد بدا من ظلامهِ ... دُخانٌ يُرينا أنّ في قلبهِ جَمرا وَلَم أَجتَمِع واللَّه منهم بواحدٍ ... وَذاكرتهُ إلّا وَددتُ لهُ القَبرا وَلَم أَستَمِع دَعواهُ إلّا مقتّهُ ... وَإلّا قرأتُ الحمقَ في وجههِ سطرا وَلَم أرَ إلّا ناقصَ الدينِ والحِجا ... بهِم فاسدَ الأفكارِ من أدبٍ صفرا وَأَعداؤُهم مِن بَيننا كلُّ عالمٍ ... وَلا سيّما إِن كانَ في فقههِ بَحرا وَإِن كانَ مَشهورَ الوِلايةِ ضُمّنت ... جَوانحُهم مِن بغضهِ الحصّة الكبرى وَأَحبابهُم أهلُ الغِوايةِ مِثلهم ... وَمَهما يكُن أَغوى يكُن عندَهم أحرى مُناسبةٌ جرّت لكلِّ مُناسب ... مُناسِبهُ إِن ساءَ ذلك أو سرّا لَقد أَحرَزوا ما شانَ مِن كلّ بدعةٍ ... وَما أَحرَزوا مِن فضلِ أصحابِها العشرا جِبلّاتهُم بِالسوءِ قد جُبلت وهم ... عَلى خُلقِ الأشرارِ قد فُطروا فطرا أُولئكَ أَنصارُ الضلالِ وحزبهُ ... وَإِن قدّر الرَحمنُ مِنهم لنا نصرا فَإيّاكَ أَن تغترّ مِنهم بفاجرٍ ... وَإِن أنتَ قَد شاهدتَ مِن فعلهِ الخيرا فَذلكَ شَيءٍ جاءَ ضدّ طِباعهم ... وَقد فَعَلوا أَضعافَ أَضعافهِ شرّا وَكَم أيّد الإسلامَ ربّي بفاجرٍ ... فَنُهدي له لا الفاجر الحمدَ والشكرا أَشدُّ منَ الكفّار فينا نكايةً ... وَأَعظم مِنهم في دِيانتنا ضرّا منَ الكفرِ ذو الإسلامِ يأخذ حذرهُ ... وَمِن هؤلاءِ القومِ لا يأخذ الحِذرا مُعاشِرُهم يَسري له من ضلالهم ... مَفاسدُ تُرديه ويَحسَبُها خيرا عَلى دينِنا ساقوا كتائبَ كتبهم ... وَفي حَربهِ جاءَت جرائدُهم تترى بِها فَتحوا للناسِ بابَ ضلالهم ... بِها رَفعوا الدُنيا بها خفَضوا الأخرى بِها خَلَطوا بالحقِّ باطلَ غيّهم ... بِها مَزَجوا الإسلامَ بِالمللِ الأخرى لَقَد أخرَجوا في صورةِ النصحِ كذبها ... بِبهرجةٍ غرّوا بها الجاهلَ الغِرّا وَقَد دوّنوا فيها مَذاهبَ غيّهم ... وَفي ضِمنها دسّوا الدسائسَ وَالمَكرا فَصارَت لهُم كالأمّ أحكامُهم بها ... مُدوّنةٌ لكنّها وَلدت شرّا وَنِسبَتُهم عندَ الأئمّة مثلها ... لَدى كُتبهم كالشهدِ قِست بهِ الصَبرا فَيا أمّةَ الإسلامِ يا خير أمّةٍ ... بِسبلِ الهُدى تَقفو أئمّتها الغرّا عَليكُم بكتبِ الدين من كلّ مذهبٍ ... وَمِنهم ومِن أقوالهم فاِلزَموا الحذرا سَفينةُ دينِ اللَّه فيها نَجاتُكم ... إِذا فارَ تنّور الفسادِ لكم فَورا مَذاهِبُكم نعمَ الحصونُ لدينكم ... فَلا تفتُروا عَنها ولا تبعُدوا فِترا أَلا فاِحذَروا الأسدَ الضَواريَ مرّة ... وَمِن هؤلاءِ المارقينَ اِحذَروا عَشرا مَجاذيمُ مِن داءِ الضلالةِ كلُّهم ... فَما أَحدٌ مِن دائهِ أبداً يبرا تَجارت بِهم أَهواؤُهم كالّذي جَرى ... بِه كَلبٌ يعدي إِذا نهشَ الغَيرا وَهُم كلَّ يَومٍ باِزديادٍ كأنّهم ... أَبالِسةٌ بالحكِّ قَد ولّدَت أُخرى وَكلّهمُ رِجسٌ ولَكن دُعاتُهم ... نَجاسَتُهم جاءَت مغلّظةً كُبرى فَلو غُسلوا في البحرِ وَالبحرُ طافحٌ ... لَما أثّر البحرَ المُحيطُ بِهم طهرا كَأسنانِ مشطٍ كلُّهم في ضَلالهم ... فَلا أَحدٌ يُبدي على أَحدٍ فَخرا وَلا تائبٌ مِنهم وهل ثمَّ توبةٌ ... وَهُم لا يرَون الوِزرَ في نفسهِ وِزرا فَقَد ملكَ الشيطانُ ملكاً مؤبّداً ... نَواصيهم وَاللحمَ وَالعظمَ والشعرا أُجاهِدهُم ما دمتُ حيّاً فإن أَمُت ... تَركتُ لَهم جيشينِ نَظميَ والنثرا وَلستُ أُبالي إِن أفُز بِجهادهم ... إِذا فاتَني فَتحٌ لروميّة الكُبرى
يتبع بمشيئة الله
|
|