فى المشهد الأمريكى لنهاية التاريخ. مصر إلى أين؟
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم : محمد تاج الدين
18 مارس 2013
فى صيف عام 2006 جمعتنى صحبة طيبة فى العاصمة البريطانية - لندن - ببعض قدامى الأصدقاء من جماعة الإخوان المسلمين من بينهم الدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية والدكتور محمد أحمد إبراهيم والدكتور محمد عبدالغنى حسنين أعضاء مكتب الإرشاد وقلت لهم يومئذ بالحرف أن نظام مبارك قد انتهى عالمياً واستنفد وأن الإتجاهات السياسية العالمية أو النظام العالمى الجديد يرى أن مصر لابد أن تكون قوة عالمية فى الشرق الأوسط مثلها مثل تركيا، وأن يحكمها الإخوان المسلمين فهم القوة الوحيدة المنظمة التى عنيت بتدريب وتثقيف كوادرها، وعنيت بالانتشار الشعبى، والوحيدة التى يمكن أن تحكم مصر وقلت تحديدا إننى أتصور أن رئيسا مثل المهندس خيرت الشاطر قد يكون رئيساً لمصر مقبولاً من كافة الإتجاهات العالمية، وأن الأخ حسن مالك تحديدا وجه مقبول كرئيس للوزراء أو وزير للاقتصاد، لم يكن ذلك رجماً بالغيب وإنما قراءة لما بين السطور فى عدة مقالات غربية على مدار أعوام.
ولم يلق حديثى قبولا لديهم على الإجماع بل ربما أثار موجة من الضحك واتهمنى الأصدقاء بإننى لم أزل على العهد منذ الصبا أحلق فى سماء الأحلام المستحيلة ولم أزل حتى الآن على رأيى، ولم يزالوا هم أيضاً على رأيهم رغم تحقق جزء كبير مما قلته فى ذلك الوقت، إلا أنهم يؤمنون بأن أمريكا على رأس النظام العالمى تنصب لهم فخا لإفشالهم، وأراهم مخطئين فأمريكا تظن أنها تصنع يوم القيامة، ووجود الإخوان أو مثلهم على رأس الحكم فى مصر هو أحد العناصر الرئيسية لهذا التصور التوراتى، وما زلت أرى أن مصر بمساعدة عالمية شبه حتمية سوف تنمو، وتزدهر، وتصبح قوة عظمى فى منطقة الشرق الأوسط اقتصادياً وسياسيا وعسكرياً قادرة على استرجاع فلسطين فى الفترة من 2017 إلى 2027 وهو تاريخ له معناه التوراتى، وسوف يستمر حُكم التيار الإسلامى بها ما لا يقل عن ثلاث دورات رئاسية متتالية، تحدث فيها من الأحداث ما لا يخطر على بال شعوب المنطقة، وكل ذلك لأن الله ينصر هذا الدين ولو سعوا لهدمه، وسوف ينقلب صِدام الحضارات الجارى تسعيره على قدم وساق إلى ربيع المنطقة الحقيقى، وعصر سيادة الإسـلام ونهاية التاريخ فعلاً، وفناء الشيطان الأكبر على الأرض.
فى عام 1992 بعد سنتين من إستقرار الحكم فى أمريكا للرئيس بوش الأب المهندس الأكبر للسياسة الأمريكية فى الفترة من 1970 إلى 2010 وضع أستاذ العلوم السياسية والإقتصادية الأمريكى فرانسيس فوكوياما FRANCIS FUKUYAMA كتابه المشهور (نهاية التاريخ) يرى فيه أن البشرية قد وصلت بالحضارة الغربية إلى منتهى ما يمكن أن تصل إليه موصياً بأن شيئاً جديدا واجب الحدوث حتى لا يتوقف التقدم، ونهاية التاريخ التى يشير اليها الكاتب لا تخلو من تصور توراتى، فدور الانسان عندما ينتهى يبدأ دور الرسل والتدخل الإلهى.
وفى عام 1996 وضع أستاذ العلوم السياسية والإقتصادية الأمريكى صمويل هنتنجتون SAMUEL P. HUNTINGTON كتابه الشهير صدام الحضارات الذى يعتبر الحلقة التالية لكتاب فوكوياما وتصوره فى هذا الكتاب رشح الإسلام للصدام مع الحضارة الغربية، كى ينتهى الصدام بسيادة الأخيرة على الكون وهذا الصدام الذى يشير إليه لا يخلو أيضاً من تصور توراتى وهو حرب نهاية التاريخ حينما يتحالف ملك الشمال (تركيا) مع ملك الجنوب (مصر) على حرب إسرائيل وتنتهى بنزول المسيح وانتصار الفكر والحضارة الغربية بقيادته على الإسلام.
الكتابان صاحبا موجة إرتفاع مد الفكر اليمينى المحافظ فى أمريكا وساعدا فى الحملة التى روجها هذا الإتجاه من العداء للإسلام وشيطنته ووصفه بالإرهاب وحتمية الحرب عليه.
هـذه التصـورات التـوراتية تحتـاج أحداثاً متتالية تؤدى إليها، أولها إيقاظ العدو (الاسلام) وتأهيله للصدام ثم تهيئة الأحداث التى تؤدى إلى الصدام المؤدى إلى حرب نهارية التاريخ، والكتابان وما حويا من أفكار لا يخرجان عن كونهما صورة عصرية فى ثوب أكاديمى تروج للتصور الصهيونى البروتستانتى الأمريكى لسيناريوهات نهاية التاريخ كما استقاها مفكرو الـW. A. S. P أو البيض الانجلوساكسون البروتستانت، أو شعب الله المختار الذى سوف يقود البشرية إلى حرب هرمجدون التى تؤدى إلى النزول الثانى للمسيح وحكمه الأرض الألف عام السعيدة، التى يكبل فيها الشيطان ويسود العدل والسلام.
والعدل والسلام هنا هو الحضارة الغربية التى يرون أنها المسيحية الملهمة اليهم فى أكمل صورة للدين الإبراهيمى، وانهم الـW. A. S. P شعب الله المختار منذ ما قبل الخلق PREDESTINATION المكلف بهذه المهمة المقدسة، وفى هذا التصور تتحالف مصر مع باقى أشتات الشعوب العربية بعد تقسيمها إلى دويلات أو قبائل مع ملك الشمال وملك الشرق والاحباش لتغزو إسرائيل وتنجح إلى أن ينزل الرب لإغاثة شعبه، وهنا يؤمن شعب مصر كله بالمسيح وتؤمن باقى البرية .
فهل الربيع العربى الذى نعيشه اليوم هو فصل من فصول التصور التوراتى الأمريكى لنهاية التاريخ؟! والإنتصار النهائى على الإسلام؟! كما يُخططون وهل تكون ثماره كما يتصور المخططون؟ أم كما وعد الله المؤمنين. تكاد إرهاصات يوم القيامة تتطابق فى تصور الرسالات الإبراهيمية الثلاثة وتكاد تكون معظم أحداثها قد وقعت وما أعتى القوى البشرية واطغاها إلا جنود لله يحقق بهم إرادته وما يعلمون، قال الله تعالى (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [سورة الأنفال: آية 30]
- الربيع العربى ودوره فى نهاية الأيام
رغم عدالة وصدق الغضب الشعبى فى ثورات الربيع العربى، هل هناك احتمال أن هذا المشهد بجملته كان مخططاً له أمريكياً بما فى ذلك التمهيد له بدعم فترات الطغيان التى مهدت وأدت إليه حتى إذا حان الموعد أشعلت براكين الغضب المكتوم وزكت نيرانه؟ وانطلقت ثورات الشعوب بغير موعد ولا قيادة، وتم توجيهها من الخارج إلى حيث يريد أعداء الشعوب - لا إلى ما تريده الشعوب، نظرية المؤامرة تبدو لنا لوناً من ألوان الخيال الأدبى الجذاب وغير الواقعى رغم أن الواقع الفعلى للتاريخ الغربى كله يدور حول نظرية المؤامرة وفكرة نظرية المؤامرة ابتدعها الإعلام الغربى للتهوين من شأن المؤامرات إذا كشفت وهذا ما حدث بالفعل.
فقد صنع الغرب صدام حسين بتعاون مخابراتى مصرى أمريكى وصعد للقمة وقاد العرب لتنفيذ مراحل من المؤامرة الأمريكية ونُفذت وانتهى دوره وأطلقت عليه رصاصة النهاية ولم يزل البعض يعبدونه من دون الله.
وكتب الملك حسين كتابه الشهير الذى اختفى ولم يبق له من أثر سوى رد الكاتب المصرى إبراهيم نافع عليه فى مقاله الشهير (الكتاب الأبيض لصاحب التاريخ الأسود) وفى كتابه الأبيض قال الملك حسين كلنا عملاء أولنا الملك فهد وآخرنا حسنى مبارك ومازلنا لا نصدق حتى عندما صرخ الأمير عبدالله ولى العهد السعودى آنذاك فى وجه القذافى قائلاً انت مين جابك ولم يحر الأخير جواباً ولم نشغل نحن بالنا بالموضوع الذى نقلته على الهواء كل وسائل الاعلام اتهام صريح بالعمالة وأدى القذافى رسالته وانتهى دوره واطلقت عليه رصاصة النهاية ومازلنا فى غمامة.
تاريخ المنطقة العربية مع الغرب منذ نشأة الحركة الصهيونية العالمية كله يقطع بأننا عِشنا مؤامرة تعددت فصولها من تحطيم أمة الخلافة الإسلامية التى كانت تتربع على 50% من بترول العالم - بالاحتلال - وتأليب الأقليات، وبتزكية النعرات القومية، فالثورات فالحروب العالمية فالانتداب، وتقسيم ما بقى من تركة الخلافة، حتى التقسيم كان ينطق بالمؤامرة، فعندما دخل اللورد - جنرال ادموند اللنبى المدينة المقدسة القدس - ترجل ودخلها على قدميه من بوابة يافا إحتراماً للمدينة المقدسة.
لقد كان أول مسيحى منذ ثمانية قرون يحكم المدينة، وقال الآن انتهت الحروب الصليبية، نفس الأمر فعله القائد الفرنسى هنرى جورود عندما دخل دمشق فى 23 - 7 - 1920 توجه إلى قبر صلاح الدين مباشرة وركله قائلاً الحروب الصليبية انتهت الآن، هذه مشاعر دينية متدفقة لا تناسب تسليم المدينة لليهود والمسلمين مناصفة إلا إذا كان فى الأمر خبيئة ومؤامرة، وحتى خطط تقسيم تركيا بين الأرمن والإغريق والطليان والروس ذابت كلها بلا مبرر وعلى العكس عملت انجلترا بحماس خفى على الإبقاء على تركيا والعهدة بها إلى زعيم مصنوع من يهود الدونما والجيش الذى رضع العلمانية من مدارس الإرساليات لتبقى تركيا علمانية ثمانين عاماً إلى موعد معلوم. لقد كان أمرا مرتباً بصورة مسرحية هزم فيها الغازى كمال أتاتورك قوات الإغريق والأرمن والطليان وأصبح معبود الجماهير فمحا فى لحظات ما جاهدت بريطانيا العظمى فيه أربعة قرون فى الهند وفشلت فى محو الوجه الإسلامى للأمة.
وبتكرار السيناريو فى معظم أقطار الخلافة الممزقة انسلخ عالم الخلافة من جلده الإسلامى ولطخ معالم وجهه بمساحيق التجميل من عادات الحضارة الغربية، فحكم البلاد طغاة من العسكر عبدتهم الشعوب وتراجعوا بها إلى الخلف عشرات الأعوام فى مواجهة عالم كله يسير إلى الأمام وكل ذلك أيضاً إلى موعد معلوم. موعد لم يكن فى الأفق ما يُنبئ به أو يؤدى إليه فأحداث تونس ومصر وليبيا وسوريا وما سوف يتبعها محيرة وتثور حولها آلاف من علامات الإستفهام.
وكلما كَشفت لنا الأيام عن الحقائق يكون تاريخ البكاء والغضب قد انتهى واعتدنا الواقع الذى كنا لا نتصور يوماً أن نقبله، وهو أيضاً (تاريخ المنطقة مع الغرب) يقطع بأمرين - ربما يصطدمان بعقائد رسخت فى اذهاننا ويصعب علينا تغييرها - لكن الأمر يستدعى التأمل والتدبر وإعادة التفكير مع عدم إهمال نظرية المؤامرة لأنها فى واقع الأمر الحقيقة الوحيدة خلف الأحداث المتشابهة والمتكررة فى الشرق الأوسط.
- الأمر الأول أحداث المنطقة منذ سنة 1880 كانت مخططا غربيا لأكثر من مائة عام
هذه الأحداث هى ثمار الاتفاقات السرية التى جرت فى الخفاء بين دول الغرب والتى بدأت بالحلف الثلاثى TRIPLE ALLIANCE سنة 1882 بين فرنسا وروسيا وامبراطورية النمسا والمجر ثم انضمت اليه ايطاليا لمواجهة وتقليص الدولة العثمانية ثم مؤتمر برلين سنة 1884 لتقسيم أفريقيا وتنصيرها ومروراً بالعديد من الاتفاقات السرية الثنائية والثلاثية والرباعية لتقسيم العالم الاسلامى، مثل اتفاقات النوايا الحسنة بين فرنسا وانجلترا ENTE CORDIALE 1904 ثم الاتفاق الانجليزى الروسى 1907 ثم الفرنسى الروسى 1917 ثم سايكس بيكو 1917 ووعد بلفور 1916. كل هذه الاتفاقات صنعت تاريخ المنطقة فى غيبة أهلها وافترضت أمورا سوف تحدث بعد هذه الاتفاقات بعشرات السنين وذلك رغم الوعود والاتفاقات للعرب أو الاتراك.
وكلها (الاتفاقات السرية) حركتها السياسة البريطانية الأمريكية بمعاونة الرأسمالية العالمية من خلف الأستار والتلاعب بأطماع الدول الكاثوليكية والارثوذكسية المتخلفة (فى عرف البروتستانت) والعرب الأكثر تخلفاً، وإلا ما استطاع هرتزل الصحفى البسيط أن يتنبـأ بأن الدولة اليهودية فى فلسطين ستكون واقعاً بعد 50 عاماً وهو تماماً ما حدث.
إن خطوات إقامة الدولة الإسرائيلية كانت موضوعة بالكامل قبل مؤتمر بازل 1897 واستندت القوى المخططة لها إلى التمكن المطلق للقوى البروتستانتية من العالم عسكرياً وإقتصادياً وأقصد بذلك خاصة (المانيا وانجلترا والولايات المتحدة) وقد برزت فى هذا الوقت بالذات نظريات تبنتها تجمعات فكرية تنادى بعالم واحد تحكمه حكومة واحدة من بريطانيا وأمريكا وإنها - هذه الدول قد وضعت تصورها للأحداث لتتطابق مع فهمهم لتفسير نبوءات الكتاب المقدس وهو تفسير تنفرد به بين جميع طوائف المسيحيين فعلامات الساعة وردت بوضوح فى ماثيو (24:22) ومارك (14:1) وموعد مولد الدولة الإسرائيلية فى يوم واحد سنة 1947 هـو موعد كتابى كما يرون، وقيام الدولة المفاجئ دون عناء أى (وضع قبل آلام الوضع) أمر كتابى أيضاً.
ثم اتباع إعلان الدولة بحروب تمثل آلام الوضع، هو أيضا تصور توراتى أمريكى - وضم القدس إلى إسرائيل فى موعد محدد سنة 1967 هو أيضاً تصور توراتى أمريكى وإنشاء المعبد ووقوف عدو المسيح بمحرابه خلال جيل (40-60) عاماً من ضم القدس لإسرائيل أى ما بين
(2007 - 2027) هو أيضاً تصور توراتى أمريكى وارد فى الحسبان حدوثه بين عشية وضحاها، ومن ثم فوجود قوى إسلامية حقيقية وقوية قادرة على الحرب حول إسرائيل فى هذه المدة من 2007 إلى عام 2027 هو تصور توراتى صهيونى أمريكى واجب الحدوث قبل النزول الثانى للمسيح.
أما عدو المسيح الذى لابد أن يظهر فى منطقة الشرق الأوسط قبل نزول المسيح ويعيدها إلى منطقة الرخاء واللبن والشهد فقد إجتمعت آراء الزعماء البروتستانت عـلى أنـه رأس الكنيسة الكاثوليكية وهذا الرأس أو رأس الدول الأوروبية العشرة (رؤية توراتية) التى سوف تتوحد لتكون دولة واحدة فى نهاية التاريخ وتكون وريث الدولة الرومانية الغربية (بمعنى أن ينخفض عدد دول الاتحاد الأوروبى إلى عشر فقط) هو الذى سيكون أول مَن يقف بمحراب المعبد الجديد معلنا عن الشرق الأوسط الجديد أو بلاد الوفرة والخضرة الدائمة.
فالمعبد بكل مكوناته جاهز للانشاء فى يوم واحد ووقوف البابا الجديد أو الرئيس الجديد للإتحاد الأوروبى الجديد به كأول عمل دولى له وارد أيضـا، لهذا الغرض ولد الاتحاد الأوروبى علمانياً معاديا للرب ANTI CHRIST شعاره إعادة بناء برج بابل الذى هدمه الرب فى تحد واضح للإرادة الإلهية شعار له رمـوز ودلالات لا يقرؤها إلا الخواص، وتغيير ملك الشمـال (تركيا) أى النظام التركى من علمانى إلى إسلامى، وملك الجنـوب (مصر) بنفس الطريقة هو أيضاً تصور توراتـى أمـريكى صهيونـى صرح به القطب الاسرائيلى الامريكى العلمانى بنيامين نيتنياهو. واجتماع ملك الشمال مع ملك الجنوب فى معاهدة صلح مع إسرائيل تدوم حوالى ثلاث سنوات ونصف هو أيضاً تصور توراتى أمريكى صهيونى لم يحدث ولكنه مرجح حدوثه بعد تغير النظام الحاكم فى تركيا (الملك) وانتقاله إلى الاخوان المسلمين، وكذلك فى مصر بحكم الاخوان المسلمين، والتقارب الواضح بين البلدين واستمرار العلاقة مع إسرائيل رغم العداوة المنهجية بينهم ونقض هذه المعاهدة من جانب مصر واعلانها الحرب على اسرائيل ودخول جيوش مدعومة بالجيوش التركية والايرانية بعد ثلاث سنوات ونصف وارد الحدوث أيضاً فهذه الجيوش الثلاثة فقط هى الباقية القوية من الجيوش العربية أو من جيوش المنطقة وهو تصور توراتى أيضاً واستثنت هذه الجيوش من مخطط التدمير الذى شمل جيوش العراق وسوريا وليبيا، وهى جيوش سبق وشاركت فى الحرب العربية الإسرائيلية لأنها (الجيوش الباقية) جيوش القيادة.
التصور الأمريكى التوراتى لأحداث العالم القادمة تستحق مقالاً منفرداً لكن كل المقدمات تدل على أن أمريكا كما مضت بجد فى تحقيق ما سبق ماضية بجد أيضاً فى وضع وتنفيذ سيناريوهات الأحداث القادمة عملاً بالمبدأ البروتستانى [إذا استطعت مساعدة الرب على تحقيق نبؤاته التى وردت بالكتاب المقدس ولم تفعل فقد إثمت]، وهى ترى أنها تملك مساعدة الرب على تحقيق نبؤاته الواردة بالكتاب المقدس وفق التفسير البروتستانتى للكتاب المقدس فلم لا تفعل.
- الأمر الثانى: أمريكا هى التى تستخدم إسرائيل وليس العكس
منذ بدء الحركة الصهيونية ونحن نؤمن بان إسرائيل هى الى تقودها وتقود معها العالم الغربى - وانها افتعلت أحداث الاضطهاد وروجت لها كمبرر للهجرة وإقامة دولة إسرائيل.
والواقع أن الحركة الصهيونية العالمية هى حركة مسيحية بروتستانتية وليست يهودية ولا تمت لليهودية بصلة وأنها نشأت فى أعقاب حركة التصحيح البروتستانتى فى القرن السادس عشر وأنها رأت أن هجرة يهود الشتات إلى فلسطين أمر حتمى للنزول الثانى للمسيح وبدء الألفية السعيدة وإقامة مملكة الله على الأرض ولكنها فشلت فى دفع اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين ونتيجة لذك جرى تغير رأى مارتن لوثر أبوالحركة البروتستانتية فى اليهود من المديح فى أول دعوته إلى الذم فـى آخر أيامه، والثابت من التاريخ أن اليهود المتدينين قاوموا الحركة الصهيونية منذ ثورة التصحيح وإلى قيام المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة هرتزل بينما دعمها قلة من اليهود العلمانيين، ولم تزل هذه المعارضة اليهودية قائمة حتى اليوم رغم قيام الدولة التى يراها المتدينون اليهود عودة غير كتابية وعصيانا جديدا للرب سوف يدفعون ثمنه بغضب ربانى يماثل غضبه عليهم عند الشتات الأول وعليه فالواقع أن الصراع العربى الاسرائيلى هو صراع عربى صهيونى، وأن الصهيونية حركة سياسية دينية بروتستانتية ومن ثم فهو صراع إسلامى - صهيوبروتستانتى - تحرك أحداثه الدول البروتستانتية وعلى رأسها الولايات المتحدة وتستخدم فيه العرب وإسرائيل فى آن واحد أو المسلمين واليهود فى آن واحد لتحقيق نبؤات الرب الممهدة للنزول الثانى للمسيح وحكمه الأرض ألف سنة سعيدة يكبل فيها الشيطان ويعم السلام والعدل.
إذا صح التصور السابق فإن الحركة السياسية والاقتصادية والعسكرية فى منطقة الشرق الأوسط وهى قلب العالم الاسلامى - بما فى ذلك اسرائيل - تحركها المخططات الصهيوبروتستانتية الأمريكية بكل ما تملك من مؤثرات وهى كثيرة - إقتصادية - وعسكرية - واستخباراتية - وأممية أى قوة القانون الدولى وهذا أيضاً أحد حلقات التصور الصهيو بروتستاتنى لنهاية التاريخ عالم واحد ودين واحد وحاكم واحد.
- فما هو التصور الصهيونى البروتستانتى لنهاية التاريخ فى الرؤية الامريكية؟
- وهل ما تم من أحداث فى مؤتمر بازل حتى اليوم يتطابق مع هذه الرؤية؟
- وإذا كان ما سبق من أحداث مطابقاً لها فهل حتماً تتطابق معها الاحداث التالية؟
- وإذا تطابقت الأحداث القادمة مع هذه الرؤية فما هو مصير الشرق الأوسط؟
- وأخيراً هل تملك القـوة البروتستانتية من الامكانيات ما يسهل لها تطبيق هذا التصور؟
كل هذه الأسئلة نجيب عليها فى الحلقه المقبلة.
رابط المقال من الأهرام الرقمي :
http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=1219523