الطبقات الكبرى 3\25-27
قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ قُثَمَ مَوْلًى لابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((كَتَبَ عَلِيٌّ فِي وَصِيَّتِهِ إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِي غَيْرُ طَاعِنٍ عَلَيْهِ فِي بَطْنٍ وَلا فَرْجٍ.
قَالُوا: انْتُدِبَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ. وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ. وِعِدِادُهُ فِي مُرَادٍ. وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ. وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ. فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيُقْتَلَنَّ هَؤُلاءِ
الثَّلاثَةَ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَيُرِيحَنَّ الْعِبَادَ مِنْهُمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ: أَنَا لَكُمُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَالَ الْبُرَكُ: وَأَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ: أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ.فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاقَدُوا وَتَوَاثَقُوا لا يَنْكُصُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَمَّى وَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ. فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ. ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ. فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ. وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ. فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا قَطَامِ بِنْتُ شُجْنَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ تَيْمِ الرَّبَابِ. وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ نَهْرَوَانَ فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا. فَقَالَتْ: لا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تُسَمِّيَ لِي. فَقَالَ: لا تَسْأَلِينَنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكِ.
فَقَالَتْ: ثَلاثَةُ آلافٍ وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ آتَيْتُكِ مَا سَأَلْتِ. وَلَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجَرَةَ الأَشْجَعِيَّ فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ. وَبَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ. فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ: فَضَحَكَ الصُّبْحُ فَقُمْ. فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ وَشَبِيبُ بْنُ بَجَرَةَ فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ. [قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: وَأَتَيْتُهُ سَحَرًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ وَأَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ وَاللَّدَدِ.
فَقَالَ لِي: ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا لِي مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ شَرًّا لَهُمْ مِنِّي. وَدَخَلَ ابْنُ النَّبَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: الصَّلاةُ. فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَامَ يَمْشِي وَابْنُ النَّبَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّلاةَ الصَّلاةَ. كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ.] فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلانِ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ: فَرَأَيْتُ بَرِيقَ السَّيْفِ وَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ: لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ لا لَكَ! ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا فَضَرَبَا جَمِيعًا فَأَمَّا سَيْفُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قرنه ووصل دِمَاغِهِ. وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ.
وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: [لا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ. وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ. وَأُخِذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ. فَقَالَ: أَطِيبُوا طَعَامَهُ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِهِ عَفْوًا وَقِصَاصًا وَإِنْ أَمُتْ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ.] فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ: ما قتلت إلا أباك. قالت: فو الله إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ. قَالَ: فَلِمَ تَبْكِينَ إِذًا؟ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَمْتُهُ شَهْرًا. يَعْنِي سَيْفَهُ. فَإِنْ أَخْلَفَنِي فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ. وَبَعَثَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ابْنَهُ قَيْسَ بْنَ الأَشْعَثِ صَبِيحَةَ ضَرْبِ عَلِيٍّ. عَلَيْهِ السَّلامُ. فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ انْظُرْ كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: رَأَيْتُ عَيْنَيْهَ دَاخِلَتَيْنِ فِي رَأْسِهِ. فَقَالَ الأَشْعَثُ: عَيْنَيْ دَمِيغٍ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ وَتُوُفِّيَ. رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ. لَيْلَةَ الأَحَدِ لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ. وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ. وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ.))أهـ
أرأيتم أحبابي في الله الوقاحة والجرأة الغير طبيعية - يا ترى كانوا بيتعاطوا إيه وقتها -أرأيتم كيف يحن الفرع إلى الأصل وكيف يقتدون بأبيهم الروحي - ابن ملجم- في الإقدام على الإنتحار وقتل أنفسهم طالما أن ذلك في النهاية يحقق لهم ما يريدون حتى ولو كان ما يريدونه هو.............. والعياذ بالله .