موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 11 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت ديسمبر 19, 2020 9:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

بعد أن استقدم "محمد عليّ" جحافل السانسيمونيين إلى مصر تحت دعاوى مختلفة ، وبعد أن بدأت معاول الهدم عملها في تغيير الهوية المصرية ، وضعت في عهد حفيده الخديوي "إسماعيل" اللبنة الأخيرة في تلك المرحلة.

تمهيداً للانتقال إلى المرحلة النهائية وهي تسليم كامل الدولة المصرية لأيدي الاحتلال الإنجليزي لأكثر من 70 سنة.

تم فيها ما تم بما نعيش تبعاته حالياً ولأمد لا يعلمه إلا الله.

أنشب الاحتلال الانجليزي مخالبه وأنيابه في كامل مفاصل الدولة ومختلف القطاعات ليصل بها إلى ما خطط له طغمة اللئام من القابعين في الظلام.

وشهد عهد إسماعيل على ما شهد من فتح أبواب الدولة أمام الماسونية والماسون علناً وجهاراً نهاراً.

وشهد عهد إسماعيل تكبيل الدولة وخنقها بالديون تمهيداً لإيقاعها بكل يسر وسهولة.

وشهد عهد إسماعيل تلاطم أمواج من الفتن والدعوات الهدامة وانسياب المستشرقين في أكناف الدولة.

وكل له غرض وكل له سبيل والهدف واحد هو إضاعة تلك الدولة ومسخ هويتها.

عهد إسماعيل هو من أعطى صك الوجود لمدارس النخر والهدم في مختلف مؤسسات الدولة الدينية والاقتصادية والسياسية على السواء.

عهد إسماعيل هو بداية النفق الذي أدخلت إليه الدولة المصرية بأكملها.

عهد أعطى المبرر لوجود دعوات النخر والهدم للتراث وتقديمها في ثوب التجديد والحداثة.

ومهما حاولت الوصف فالواقع أبلغ من أي بيان وأصدق من سوق الكلام.

فهذا عرض لبعض ملامح هذا العصر وكيف تم فيه وبه تلميع وجوه وإعطائها خق الوجود - كمدرسة الأفغاني - وكيف تاهت فيه البلاد بين هؤلاء وأولئك من مستشرقين ومغفلين وأباطرة المال العالمي وسماسرة الشعوب وتجار الدم.

وإجمالاً بين كل متربص لئيم وخائن أثيم ، وبين وأحمق جاهل وغافل ذاهل.

فلنتابع هذه النقول :

كل ما تعانيه مصر الآن من جراء الإحتلال البريطاني وكل ما عانته منه في سبعة وأربعين عامًا مضت, وكل ماستعانيه منه إلى أن يحصل على استقلالها التام, مرتبط بالحوادث التي كانت مصر مسرحًا لها من عهد الخديوي اسماعيل باشا إلى أن احتل الإنجليز القاهرة في 14 سبتمبر سنة 1882 . وذلك ان هذه الحوادث كانت مقدمات أو عللا والحالة التي نحن فيها الآن نتائج لها أو معلولات, وقد كان هذا داعيًا لأن نعرف تلك الحوادث معرفة بحث ودراسة لنعرف كيف ومن أين ابتدأنا ولكننا مع الأسف لا نعرف عنها إلا صورة مبهمة يذهب مرور الأيام بمالها في أذهاننا من الأثر فليس فينا الآن من درسها ووضع فيها كتابا باللغة العربية مع أن الأوربيين وضعوا فيها عشرات من الكتب ذات القيمة فرنسية وانجليزية وألمانية وايطالية.

وحتى هذه الكتب التي وضعها الأوربيون, والتي لا ريب في أن بعضا منها كتب رجال اشتركوا بأنفسهم في تلك الحوادث فكتابتهم تعتبر مستندا يقابل بغيره من المستندات لاستخراج الحقائق التاريخية كما أن بعضا آخر كتبه رجال لم يشتركوا بأنفسهم في الحوادث ولكنهم استطاعوا أن يصلوا إلى المستندات الرسمية الخاصة بها في وزارات الدول فكتابتهم تعتبر مستندا آخر, هذه الكتب لم ينقل منها إلى اللغة العربية على ما أعلم إلا كتاب وضعه اللورد كرومر بعد خروجه من مصر وكتاب آخر وضعه مستر تيودور روثستين ونشرته في سنة 1923 لجنة التـأليف والترجمة والنشر.

وقد يكون السبب في قلة اهتمامنا بدرس تلك الحوادث وبتعريب ما كتبه الأوربيون فيها أن أشخاصًا من الذين ساهموا فيها بنصيبٍ كبير كانوا أحياء إلى زمنٍ قريب, وبعض هؤلاء الأشخاص لم تكن لهم سلطة يخشى جانبها كعرابي ومحمود سامي ورياض ولكن شخصًا آخر هو الخديوي توفيق باشا كانت له ولابنه عباس باشا من بعده سلطة تخشى وهو محور دارت حوله الحوادث في سنتي 1881 و 1882 فكان من الصعب على الباحث المصري أن يجتنبه أو يجتنب الحكم على موافقة .

وهو إذا كتب هذا الحكم إما أن يكتبه كما يوحيه إليه ضميره وحينئذ قد يكون ضد توفيق باشا فيستهدف لغضب ذوي السلطة واما أن يكتبه مصبوغًا بصبغة المداراة واذن يكون بحثه غير برئ ويفقد قيمته.

وهذا الذي يقال في التأليف يقال في التعريب لأن كل الذين قرأوا المؤلفات الأوربية التي وضعت في هذا الموضوع يعلمون أن أصحاب هذه الؤلفات اختلفت آراؤهم في مواقف توفيق باشا فكان منهم من بررها ومنهم من خطأها ولكنهم جميعًا لم تخل كتابتهم عنه من غمز جارح.

ولعل كتاب اللورد كرومر ((مصر الحديثة)) وكتاب اللورد ملنر ((انجلترا في مصر)) هما وحدهما اللذان خلوا من مثل هذا الغمز.
ولكن هذا السبب ليس عذرًا صحيحاً, وهو إن صح لا يكون إلا لوقت , وفي رأيي أن هذا الوقت انقضى وأن الأوان قد آن لان يدرس الباحثون منا تلك الحوادث التي كانت مصدر ما نحن فيه الآن من المتاعب .

ولهذا اخترت ((للبلاغ)) أن يمهد سبيل هذا البحث بأن يعرب بعض المؤلفات الأوربية التي تعتبر مستندات فعرب مترجموه كتاب ((التاريخ السري لاحتلال انجلترا لمصر)) :

Secret history of the inglish occupation of egypt

ومؤلفه مستر ألفريد سكاون بلنت الذي شهد بنفسه حوادث سنتي 1881 و 1882 وكان فيها متصل بعرابي وجرى شطر كبير منها على يديه .

وكتاب ((المسألة المصرية)) ــ La Question Egyptienne ــ ومؤلفه مسيو دي فريسينيه الذي كان رئيسا لوزارة فرنسا حينما ضرب الانجليز الإسكندرية واحتلوا القاهرة.

وكتاب ((النار والسيف في السودان))

Fire and sword in the sudan

ومؤلفه سلاطين باشا الذي بقى في أسر المهدي إلى أن أعيد فتح السودان في سنة 1897.

وقد نشرت هذه الكتب متوالية في ((البلاغ)) ورأيت اليوم أن أجمعها في كتب ليتيسر اقتناؤها وحفظها .

وهذا كتاب ((التاريخ السري لاحتلال انجلترا لمصر )) ولها وسيليه الآخران.

مستر ا.س.بلنت

نشأ مستر بلنت مؤلف ((التاريخ السري لاحتلال انجلترا لمصر )) في أسرة عريقة في الغنى والجاه وبدأ حياته السياسية وهو لا يزال فتيا فعين في الثامنة عشرة من عمره ملحقاً بالوكالة الإنجليزية في أثينا ثم بقى يتنقل في المناصب بعد ذلك اثنتي عشرة سنة في الوكالات والسفارات الإنجليزية في طول أوروبا وعرضها إلى أن اعتزل خدمة الحكومة في سنة 1859 .

وكان قد تزوج حفيده الشاعر المعروف اللورد بيرون فشرع يطوف معها في البلاد الشرقية فطاف في تريكيا سنة 1873 وفي الجزائر سنة 1874 وزار مصر أول مرة سنة 1875 .

وفي هذه الزيارة رأى الفلاحين وجال بينهم جولة أرته ما كان فيه من البؤس والبلاء (1) بسبب الديون التي كان الخديو اسماعيل باشا قد أوقع البلاد فيها والضرائب الباهظة العديدة والتي كانت تجنى منهم بالكرباج لسداد تلك الديون.

وغادر مستر بلنت القاهرة في ربيع سنة 1876 فزار بلاد العرب وأنشأ علاقات بينه وبين بعض القبائل فيها ثم عاد في السنة نفسها إلى انجلترا.

وفي صيف سنة 1877 رجع يطوف في الشرق فزار حلب وانحدر في الفرات إلى بغداد وعقد في رحلته هذه علاقات مودة مع القبائل التي مر بها في طريقه.

وفي سنة 1878 ذهب إلى دمشق وعرف فيها السير ادوار ماليت وكان اذ ذاك سكرتيرا للسفارة الانجليزية في الأستانة وكان يطوف مثله في سوريا.

والسير ماليت هذا هو الذي كان قنصلا عاما لدولته في القاهرة في سنتي 1881 و 1882 فهو الذي جرت على يديه كل حوادث هاتين السنتين في مصر.

ثم انتقل مستر بلنت إلى نجد ثم الهند ثم كر راجعا إلى عدن وفيها علم بعزل الخديو اسماعيل في سنة 1879 ثم واصل رحلته فسار إلى السويس ومنها إلى الاسكندرية ثم عاد إلى بلاده

عاد وقد أخذت تساوره أفكار كثيرة عن الشرق والشرقيين وتملكته فكرة استقلال العرب فصار يعمل لها ويحدث فيها رجال السياسة في بلاده.

وكانت هذه الفكرة تبعث في الشرق إلى الشرق كلما استقر في انجلترا فلم يكد يستقر فيها عاما بعد رحلته تلك حتى أبحر في 4 نوفمبر سنة 1880 إلى مصر فلما وصل إلى القاهرة عرف فيها بعض شيوخ الأزهر وتتلمذ لواحد منهم هو الشيخ محمد خليل كي يدرس عليه اللغة العربية واتصل بمريدي السيد جمال الدين الأفغاني وزار الشيخ محمد عبده في حي الأزهر يوم 28 يناير سنة 1881 فانعقدت بينهما من ذلك اليوم أواصر صداقة استمرت ربع قرن وذكر مستر بلنت هذا اليوم في كتابه فقال :

((يجب أن أميزه على سائر الأيام لأنه فتح لي باب صداقة بقيت الآن ربع قرن مع رجل من أحسن وأحكم الرجال العظام )) .

وبعد أن أقام في القاهرة زمنا ذهب إلى جدة فأقام فيها أياما ثم عاد منها إلى مصر فسوريا وفي شتاء سنة 1881 أي في الوقت الذي كانت فيه نار الحركة العرابية قد اشتعلت عاد مستر بلنت إلى مصر فاتصل بعرابي وبكل مؤيديه من الضباط والنواب وبغيرهم من الوزراء ورجال السياسة المصريين.

وكان السير ماليت قنصلا عاما لانجلترا في القاهرة فلما عرف صداقته للعرابيين طلب منه أن يقنعهم بأن ((مذكرة الدولتين (2))) لا ترمي إلى السوء فقبل مستر بلنت أن يقوم بهذه بالمهمة .

وهو يقول أنه أداها كارهاً لأنه لم يكن مقتنعًا بما كان يحاو أن يقنع به غيره ويقول أيضاً أنه لم ينجح في وساطته.

واستمر يعاون ((الحزب الوطني)) الذي كان مؤلفاً اذ ذاك برياسة عرابي فنشر برنامجه في جريدة التيمس ثم لما رأى أن الحوادث أخذت في مصر دوراً خطيراً.

وأن السير ماليت يستخدم الكذب والتشوية في محاربة الوطنيين المصريين سافر إلى انجلترا ليطلع مستر غلادستون رئيس الحكومة البريطانية ورجال السياسة البريطانيين والرأي العام البريطاني على الحقيقة وليحاول ردهم عن سياسة العداء.

وكان له سكرتير شرقي اسمه صابونجي فأرسله إلى مصر ليوافيه بأخبارها .

فبقى بلنت يسعى في لندن فخاطب مستر غلادستون ونشر كتابات كثيرة في الصحف البريطانية وخاصة في التيمس وكان مما نشرته له التيمس في يونيو سنة 1882 خطابات حارب فيها السياسة التي يجري عليها السير ماليت والسير أوكلند كولفن (العضو الإنجليزي في المراقبة الثنائية التي كانت مضروبة على مالية الحكومة المصرية اذ ذاك) وفضح ما تحتوي عليه هذه السياسة من تعمد التشويه وإفساد الجو السياسي وذكر أنهما استعانا به حينما كان يحسن الظن بهما فتوسط لهما عند الوطنيين المصريين غير مرة ولكنه وقف بعد ذلك على دسائسها فاشمأز واضطر أن ينفصل منهما.

فما كادت التيمس تظهر بهذه الخطابات حتى ثارت ضجة حولها في مجلس اللوردات في جلسة 23 يونيو (3) واضطر السير اوكلند كولفن أن يصرح في أول يوليو بأنه لم يكلف السير بلنت البتة ((بمفاوضات رسمية)) وإنما كان يقول أنه توسط بناء على طلب ماليت وكولفن وساطة غير رسمية.

واستمر بلنت يجاهد فتارة يخيل إليه أنه ناجح وتارة يرى الفشل بارزاً أمام عينيه إلى أن ضربت الاسكندرية وانتهت معركة التل الكبير وسلم عرابي وزملاؤه أنفسهم للجيش البريطاني فأخذ يهتم بالدفاع عنهم أمام قضاتهم وعين لهم محاميين بريطانيين على نفقته ونفقة جماعة من أصدقائه اكتتبوا لهذا الغرض.

وبلغ ما دفعه للمحاميين قريباً من ثلاثة آلاف جنيه.

يتبع إن شاء الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هامش :

(1) صفحات 13 و 17 و 19 من كتابه هذا.
(2) مذكرة فرنسا وانجلترا للخديو توفيق باشا في 7 يناير سنة 1882 وقد أرسلتاها على أثر اجتماع مجلس النواب المصري وقالتا فيها أنهما تؤيدان سلطة الخديو ولا تريان سلاماً لمصر إلا بتأييد هذه السلطة.وكان الغرض منها تحدي مجلس النواب . وسيأتي الكلام عنها.
(3) كتاب ((الحالة الدولية لمصر والسودان)).
La situation interriationale de legypte et du soudau jules cocheris لمؤلفه جول كوشيري صفحة 146.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل وعصرنا الحاضر
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت ديسمبر 19, 2020 9:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس إبريل 09, 2015 7:45 pm
مشاركات: 2368
تسجيل حضور ومتابعة
جزاكم الله خيرا

_________________
اللهم صل على سيدنا محمد
باب الاستجابة
نبي التوبة و الإنابة
صاحب طيبة المستطابة
والرفعة المهابة
وعلى آله وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل وعصرنا الحاضر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 25, 2020 4:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

أكرمكم الله الأخت الفاضلة (حليمة).

ويسعدني دائماً متابعتكم وكذا مروركم الكريم.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل وأثره في عصرنا الحاضر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 17, 2021 8:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

وبعد بضع سنين أوي مستر بلنت الي مصر وأقام في ضيعة كانت له في المطرية - بضواحي القاهرة – اسمها "الشيخ عبيد" وكان جاره فيها الشيخ محمد عبده فأطلعه في سنة 1904علي مسودات"التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر" فراجعها الشيخ وصحح ما رآه فيها مستحقا" للتصحيح.

وكان الشيخ محمد عبده يلح علي مستر بلنت في طبع كتابه هذا بالانجليزية وكان ينوي أن ينقله هو إلي العربية لولا أن المنية عجلته في سنة1905.

فلما توفي حزن عليه مستر بلنت حزن الصديق علي الصديق ثم طبع كتابه بالانجليزية فبقي كذلك إلي أن تولي قلم الترجمة في البلاغ نقله إلي العربية.

وفي سنة1910عقد الحزب الوطني المصري تحت رياسة محمد فريد بك مؤتمرا في بروكسل للاحتجاج علي الاحتلال وكان مستر بلنت قد انتقل إلي انجلترا فأرسل إليه في13 سبتمبر خطابا أنحى فيه بأشد اللوم علي بقاء الاحتلال وعلي السياسة التي تتبعها انجلترا في مصر وحذر المصريين من هذه السياسة فقال كلمات ننقلها هنا لأنها تشد له بالصراحة والاخلاص.

قال مخاطبا المصريين [1] :

"احذروا منا فإننا لانريد لكم شيئا"من الخير.

لن تنالوا منا الدستور ولاحرية الصحافة ولاحرية التعليم ولاالحرية الشخصية.

وما دمنا في مصر فالغرض الذي نسعي إليه من البقاء فيها هو أن نستغلها لمصلحة صناعتنا القطنية في منشستر, وأن نستخدم أموالكم لتنمية مملكتنا الأفريقية في السودان".

ثم قال :"لم يبقي لكم عذر اذا أنتم انخدعتم في نياتنا بعد أن وضح الأمرفيها وضوحا "تاما".

فاحذروا أن تنساقوا إلى الرضى باستبعاد بلادكم ودمارها".

ثم أخذ ينصح للوطنيين المصريين فقال :

"ثابروا علي أن تعارضونا معارضة جهرية كل يوم.

اطلبوا بلسان واحد وفي كل فرصة أن يوضع حد لما تتألمون منه وأن نعود نحن إلي حظيرة القانون وأن نسحب جنودنا من بلادكم وأن نكف عن التدخل في شئؤونكم.

اطلبوا ذلك فإنكم بطلبه لاتخسرون شيئا" اذ نحن غرباء عنكم ومن حقكم أن تطالبونا بترككم.

ذكرونا دائماً ، وبكل وسائل الإعلان ، بألا حق لانجلترا أن تتصرف عنكم تصرف السيد وأنكم لا تريدوننا حاميين لكم ولا مستشارين ولا منظمين لإداراتكم.

ولا تتركوا لنا عذراً نعتذر به لندعي لأنفسنا شيئاً من ذلك.

يتبع إن شاء الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هامش :

[1] مجموعة المؤتمر الوطني المصري.Congres National Eg صفحة87 وصفحة89


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 19, 2022 7:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

التاريخ سلسلة واحدة ومن لم يأخذ عبرة من الماضي ‏لمعرفة عمق وأبعاد ما يحدث في الحاضر سيكون حكمه ‏وتصوره للحل غير صائب.‏

ومن حاول فصل الماضي عن صراعات الحاضر وفق ‏تصورات لايسندها تاريخ أو جغرافيا فقد جانبه ‏الصواب.


نتابع :

لا يسع كل من يقرأ تاريخ مصر من عهد إسماعيل باشا إلى اليوم إلا أن يحكم بأن هذا العهد كان بدء النكبات التي توالت على هذه البلاد بعد ذلك حتى رمت بها بين براثن الاحتلال.

فإن قصة الديون التي اندفع فيها إسماعيل باشا بطيش لا مثيل له كانت مأساة نقلت البلاد من الرخاء وراحة البال إلى الخراب ثم إلى الوقوع في شباك النفوذ الأجنبي ثم إلى الثورة ثم الاحتلال.

ومهما يقل القائلون في الإصلاحات التي أنشأها إسماعيل باشا فإن مأساة ديونه تذهب بكل قول لأنها بإيقاعها البلاد في الخراب قضت على جميع الإصلاحات ثم لأنها زادت بعد ذلك فقضت على استقلال البلاد.

وقد وصف اللورد ملنر [1] إسماعيل باشا فقال إنه "المثل الكامل للتبذير ، وأعظم من عرف في التاريخ بالسفه مع عدم الاكتراث بالعواقب" ثم قال إنه "لم تكن له مبادئ يصدر عنها بل كانت له أعمال جنونية تمتاز بأنها تشبه في ضخامتها ضخامة الأهرامات أو معبد الكرنك". ثم استمر فقال إن "الاستبداد كان خلقاً فيه ولكنه مع ذلك نزل حتى صار مستعطياً وأسيراً".

تلك هي الأوصاف التي وصفها به اللورد ملنر ، واللورد ملنر سياسي إنجليزي يعرف أن ديون إسماعيل كانت أول عامل في الحوادث التي استغلتها انجلترا حتى وضعت يدها على مصر فليس من السهل أن يتهم بالكاهية له والحقد عليه.

ونمر الآن مرور السهم بقصة هذه الديون فنقول أنه لما تولى إسماعيل العرش سنة 1863م كان كل الدين الذي على مصر 3.292.000 جنيه انجليزي [2] وكانت ضريبة الفدان 40 قرشاً وكانت البلاد في رخاء ظاهر فشرع يبني القصور ويقيم الحفلات وينشئ المشروعات الضخمة بغير تروية ولا حساب كأنما كانت كل فكرته أن يعلن عن نفسه لا أن يصلح.

فأنشأ طرقاً ومعامل وورشاً وصناعات كانت كلها ضخمة ولكنها لم تكد توجد حتى أُهملت وصار كثير منها مأوى للوحوش [3].

واندفع في حب الظهور فأدهش ملوك أوروبا بما كانوا يسمونه كرمًا شرقيًا وما هو إلا الإسراف القاتل.

وقد بقيت حفلاته التي أقامها لملوك أوروبا وملكاتها وأمرائها وأميراتها في فتح قناة السويس مثلًا يتحدث به الأوربيون إلى اليوم في كل ما يكتبونه عنه.

وكان بدهيًا أن ميزانية مصر لا تتحمل هذه النفقات فكان من الضروري لإسماعيل أن يستدين فاندفع بما فيه من عدم المبالاة بالعواقب فما زال حتى قضى على مصر.

بدأ فعقد أول قرض في سنة 1864م بفائدة 7 في المئة غير الاستهلاك.

وعقد في سنة 1865م قرضًا ثانيًا. ثم مضت سنة 1866م بغير أن يعقد قرضًا ولكن لما جاءت سنة 1867م جدت به الحاجة إلى قرض ثالث.

وكان قد برع في التمهيد للاقتراض وفي التظاهر بالبذخ استجلابًا لأرباب الأموال فجعل لمصر جناحًا في معرض عام فتح في تلك السنة في باريس ثم جاء بنفسه إليه وأخذ يظهر من ضروب الإسراف ما لفت إليه الأنظار.

ولم يبرح باريس حتى عقد مع محل مالي فيها قرضًا بمبلغ 296 مليون فرنك أي قريبًا من 12 مليون جنيه.

يتبع إن شاء الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انجلترا في مصر صـ 236.

[2] يقول مسيو دي فريسينيه في كتابه "المسألة المصرية" أن إسماعيل باشا لما تولى العرش أصدر بياناً بالدين الذي تركه سلفه سعيد باشا أدخل فيه ثمن ال 176 ألف سهم التي كانت حصة مصر في شركة قناة السويس والتي كان على مصر أن تدفع قيمتها ، فكان هذا البيان 367 مليون فرنك أي نحو 14 مليون جنيه ونصف مليون ، وكان ثمن الأسهم مقدرًا في هذا المجموع بمبلغ 88 مليون فرنك وهو لا يصح أن يعتبر دينًا.
على أننا لم نجد لهذا التقدير الذي أصدره إسماعيل باشا مستندًا صحيحًا ووجدنا كل مصادر التاريخ تقول إن دين مصر في ذلك الوقت لم يكن يتجاوز ثلاثة ملايين جنيه.

[3] انظر كتاب Croquis Egyptieus صـ 85 لمؤلفه V. de Khonshy.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 20, 2022 4:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

وفي العام التالي 1867م عقد قرضًا رابعًا فبلغ مجموع ما اقترضه 25.500.000 تتراوح فائدتها الإسمية بين 7 و 8 في المئة ، أما فائدتها الحقيقية فتتراوح بين 12 و 26 في المئة [1].

وحينئذ قلقت الحكومة العثمانية لما قد يكون من تأثير هذه الديون على مصر فحظرت على إسماعيل أن يستدين ، ولكنه بالرغم من هذا الحظر عقد في سنة 1870م قراضًا مع البنك الفرنسي المصري بمبلغ 175 مليون فرنك وبفائدة 13 في المئة ورهن فيه بعض أملاكه وأملاك أسرته.

وهذا القرض هو الذي كان يسمى قرض الدائرة السنية.

وحينئذ كتب الباب العالي إلى الحكومة الإنجليزية باعتبار أنها ممثلة لمعظم دائني إسماعيل "يحتج مقدمًا على كل اتفاق مالي يمس دخل مصر بالذات أو بالواسطة ولا يكون جلالة السلطان قد أقره" [2].

وهل تظن أن شهوة الاقتراض في إسماعيل وقفت عند هذا الحد أو أنه شعر بالهاوية التي تحفرها هذه القروض تحت أقدامه وأقدام مصرفكبح جماح نفسه ؟

كلا ، ولم تزدد الشهوة فيه إلا استحكامًا ولم يبق له شاغل يشغله إلا ابتكار الحيل لاجتذاب المرابين وعقد القروض معهم.

ولكن سنة 1870م كانت سنة الحرب بين ألمانيا وفرنسا وكانت هذه الحرب قد أقفلت أسواق أوروبا فماذا يفعل ؟

إنه إذن يلجأ إلى حيلة غريبة يبتز بها الأموال من كل ذي مال بين المصريين ، وهي أن يصدر ما سمي "قانون المقابلة" وفيه تتعهد الحكومة لكل من يدفع مقدمًا ضرائب ست سنوات على أطيانه بإعفائه من نصف الضرائب على هذه الأطيان إلى الأبد.

وبهذه الحيلة يحصل إسماعيل على خمسة ملايين جنيه ينفقها إلى أن تفتح أمامه أسواق المرابين في فرنسا وانجلترا.

يتبع إن شاء الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] كتاب "المسألة المصرية" لمسيو دي فريسينيه صـ 148 و 149.

[2] تقرير بعثة كيف صـ 1 وسيأتي ذكره.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 23, 2022 6:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

وكانت ديون إسماعيل إلى هذه الساعة شخصية يقع عبئها على أملاكه وأملاك أسرته المرهونة ثم على دخل الحكومة في عهده بمقتضى ماله من سلطة التصرف في هذا الدخل ، ولكنها لا تقع على دخل الحكومة بعد عهده.

وكان إسماعيل قد وضع يده بأساليب مختلفة على أطيان واسعة من أملاك الفلاحين لأن المرابين ذكروه بأن جميع أطيان القطر المصري كانت ملكًا للوالي في عهد جده محمد علي باشا وبأن سعيد باشا هو الذي خالف هذه القاعدة ونزل عن ملكيتها للأهالي.

وكان قصد المرابين من ذلك أن يحصلوا على أعظم ضمان ممكن لأموالهم وأطماعهم.

ولكن بقاء الديون شخصية كان من شأنه أن يضع حدًا للاقتراض فما بلغ إسماعيل هذا الحد ورأى أن الباب العالي يحتج مقدمًا على كل اتفاق مالي يمس دخل مصر بالذات وبالواسطة فكر في أن يزيل هذه العقبة من وجهه وأن يحصل من الباب العالي على السلطة التي تبيح له أن يرهن دخل الحكومة كي يحول ديونه الشخصية إلى ديون على الحكومة وكي يتسع المجال أمامه إلى قروض جديدة.

وفعلًا سعى لهذه الغاية في الاستانة وأرسل إليها نوبار باشا فما زال ينثر فيها الذهب حتى حصل على فرمان سنة 1873م وبه نال إسماعيل لقب "خديو" وصار عرش مصر إرثًا لأبنائه بعد كان للأرشد في أسرة محمد علي وصار من حق إسماعيل أن يتصرف التصرف التام المطلق في شؤون البلاد المالية.

فحول كل ديونه السابقة إلى ديون على الحكومة رهن فيها جزءًا كبيرًا من الدخل ثم شرع يطرق أبواب الماليين في انجلترا وفرنسا لقرض لم يكن يرضيه في هذه المرة إلا أن يكون 800 مليون فرنك أي نحو 32 مليون جنيه.

ورهن إسماعيل في هذا القرض دخل السكك الحديدية ودخل ميناء الإسكندرية وكل دخل مرهون من قبل يصبح حرًا بعد سداد ما عليه.

وكان إسماعيل ونوبار قد بذلا كل الحيل وكل الجهود كي ينجح هذا القض ولكن لما فتح الاكتتاب فيه في باريس ولندن لم يغط فخسرت أسهمه الربع من ثمنها في أيام قليلة أي ثمانية ملايين جنيه.

وجاءت بعد ذلك سنة 1874م وكان لابد لإسماعيل من أن يقترض لأن الاقتراض صار عادة له سنوية ثم لأن قروضه السابقة بلغت حدًا صارت إيرادات الحكومة المصرية عاجزة معه عن أن تسد فوائدها السنوية فكان الاقتراض ضروريًا لسداد هذه الفوائد.

وإلا أفلس إسماعيل ولم يبق في استطاعته بعد ذلك أن يلعب بالأموال.

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 26, 2023 6:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

التاريخ سلسلة واحدة ومن لم يأخذ عبرة من الماضي ‏لمعرفة عمق وأبعاد ما يحدث في الحاضر سيكون حكمه ‏وتصوره للحل غير صائب.‏

ومن حاول فصل الماضي عن صراعات الحاضر وفق ‏تصورات لايسندها تاريخ أو جغرافيا فقد جانبه ‏الصواب.

نتابع :

ولما كانت تجربة القرض السابق قد دلته على أن أسواق أوروبا لم تعد تعطيه فوق ما أعطته ارتد إلى الأمة المصرية كما ارتد إليها في إنشائه قانون المقابلة فابتدع ما سماه "الرزنامة" وجعله نوعًا من أنواع صناديق الإيداع وطلب من المصريين أن يودعوا فيه أموالهم ليأخذوا بدلًا منها مرتبات دائمة تختلف باختلاف ما يودعه كل منهم على أن يكون كل مال يودع ملكًا للحكومة من ساعة إيداعه لا يحق لصاحبه أن يسترده.

فلم يقبل المصريون على هذا النوع من الإيداع لأنهم كانوا قد جربوا إسماعيل وعرفوا قيمة تعهداته فاستخدم سلطته في إكراههم على الإيداع حتى حصل بذلك على بضعة ملايين من الجنيهات.

ثم لم يكفه هذا فأصدر في الوقت نفسه سندات ، أو بعبارة أخرى أوراقًا مالية ، على الخزينة المصرية بثمانية ملايين جنيه بفائدة 10 إلى 15 في المئة وأكره المصريين على أن يشتروها.

وفي سنة 1875م توقفت الحكومة التكية عن دفع ديونها وأعلن إفلاسها فأثر ذلك في أسهم القروض المصرية فانزعج إسماعيل إذ رأى أنه صار من الإفلاس قاب قوسين أو أدنى.

ولم يكن في استطاعته أن يقترض ولا أن يبتز مالًا من المصريين بحيلة من الحيل.

فبحث في خزائنه فوجد أن أسهم مصر في شركة قناة السويس وعددها 176.602 لا تزال باقية فعرض على الحكومة الفرنسية أن تشتريها بأبعة ملايين جنيه فلم تعطه الجواب بسرعة ، ولكن الحكومة البريطانية علمت بهذا العرض فتقدمت له بالمال الذي يطلبه على عجل فباعها الأسهم بواسطة بيت روتشيلد في 25 نوفمبر تلك السنة. [1].

وإلى هنا بلغت ديون إسماعيل القمة ووقفت البلاد من جرائها على حافة الهاوية.

وقد حصرت هذه الديون بعد ذلك بقليل أي حينما صدر "قانون التصفية" فكانت كما يأتي : -

- الدين الممتاز : 22.688.800 جنيه إنجليزي.

- الدين الموحد : 58.040.326 جنيه إنجليزي.

- قرض الدائرة السنية : 9.518.804 جنيه إنجليزي.

- قرض الدومين : 8.500.000 جنيه إنجليزي.

- المجموع : 98.748.930

فإذا استبعدنا من ذلك الثلاثة ملايين التي اقترضها سلفه سعيد باشا كان مجموع ما اقترضه إسماعيل من سنة 1863م إلى سنة 1875م أي في ثلاث عشرة سنة قريبًا من 96 مليونًا.

وهذا عدا خمسة ملايين أخذها في "قانون المقابلة" وخمسة ملايين أخرها أخذها في "الرزنامة" وثمانية ملايين أخذها في السندات التي أصدرها على الخزينة وأربعة ملايين ثمن أسهم شركة قناة السويس وملايين أخرى استولى عليها من كبار التجار وكبا المزارعين لم تحصر ولم تقيد في حساب.

يتبع إن شاء الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] يؤخذ من كتاب وضعه مسيو شارل رو أحد النواب الفرنسيين تحت عنوان "برزخ وقناة السويس" في سنة 1901م أن الحكومة البريطانية قبضت عن هذه الأسهم من سنة 1870م إلى سنة 1894م فائدة قدرها 5 ملايين فرنك في السنة أي 120 مليونًا. ثم قبضت من سنة 1895م إلى سنة 1900م حصة كانت تتراوح كل سنة بين 16 و 17 مليونًا أي 85 مليونًا . فيكون مجموع ما قبضته من الربح لغاية سنة 1900م – 205 ملايين أي ضعف الثمن الذي اشترت به من إسماعيل . وهذا غير الربح الذي قبضته من سنة 1900 إلى اليوم "أي تاريخ نشر الكتاب المنقول منه الموضوع سنة 1937م".أما ثمن هذه الأسهم في هذا الوقت فيقترب من 900 مليون فرنك ذهبًا.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 15, 2023 10:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

التاريخ سلسلة واحدة ومن لم يأخذ عبرة من الماضي ‏لمعرفة عمق وأبعاد ما يحدث في الحاضر سيكون حكمه ‏وتصوره للحل غير صائب.‏

ومن حاول فصل الماضي عن صراعات الحاضر وفق ‏تصورات لايسندها تاريخ أو جغرافيا فقد جانبه ‏الصواب.


نتابع :

في أعماق الهاوية.‏

ولأية حكومة جمع إسماعيل هذه الديون ؟

لحكومة مصر التي كان كل دخلها في ‏عهد سعيد باشا لا يزيد على خمسة ‏ملايين جنيه ، وكان في عهده هو ، بعد ‏أن زيدت ضرائب الأطيان من 40 إلى ‏‏160 قرش وبعد أن أرهق أهلها ‏بعشرات من الضرائب ، لايزيد على ‏تسعة ملايين ونصف مليون.‏

وبأية فائدة فائدة كان إسماعيل يقترض ‏هذه الديون ؟

بفائدة إسمية بين 7 و 12 و13 في المئة ‏وفائدة حقيقية بين 13 و 26 في المئة ‏كما أثبت ذلك مستر "كيف" الذي ‏سيأتي أن الحكومة البريطانية أرسلته في ‏ديسمبر سنة 1875م ليفحص الحالة ‏المالية المصرية.‏

على أن مبالغ هذه الديون لم تصل كاملة ‏إلى يد إسماعيل بل كان مقرضوه من ‏المرابين يكتبون القرض كاملًا ثم يقدمون ‏له حسابًا طويلًا بالسمسرة وبالفوائد ‏التي يحجزونها مقدمًا على أساس 26 في ‏المئة كي يكون الباقي منها 7 في المئة ‏كما هو مذكور في العقد ثم بغير ذلك ‏من المصروفات والأتعاب والهبات ‏‏"البقشيش".‏

وكان إسماعيل يقبل منهم هذه الحسابات ‏بسهولة.‏

ولهذا دل التحقيق على أنه لم يستلم من ‏القرض الكبير الذي عقده في سنة ‏‏1873م بمبلغ 32 مليون جنيه غير 20 ‏مليون وسبعمائة ألف جنيه.‏

ولم يستلم من القرض الذي عقده في ‏سنة 1870م بمبلغ 7 ملايين جنيه غير ‏‏5 ملايين جنيه.‏

ثم لما احتج الباب العالي على ذلك رشا ‏إسماعيل الصدر الأعظم فأسدل الستار ‏وعاد كل شيء إلى السكوت.‏

وأخيرًا أن كل الذين فحصوا مالية مصر ‏في تلك الأوقات مجمعون على أن ‏إسماعيل لم يستلم سوى ما يقرب من ‏‏54 مليون جنيه من كل القروض التي ‏عقدها والتي تقدم أنها بلغت حوالي 96 ‏مليونًا.‏

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 20, 2023 7:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

التاريخ سلسلة واحدة ومن لم يأخذ عبرة من الماضي ‏لمعرفة عمق وأبعاد ما يحدث في الحاضر سيكون حكمه ‏وتصوره للحل غير صائب.‏

ومن حاول فصل الماضي عن صراعات الحاضر وفق ‏تصورات لايسندها تاريخ أو جغرافيا فقد جانبه ‏الصواب.


نتابع :‏

وانظر كيف كان تأثير هذه الديون في ميزانية الحكومة ، حصرت الميزانية في سنة 1877م فكان مجموع الإيرادات 9.543.000 مليون جنيه ثم كان ما خصص منها للديون بين فوائد واستهلاك 000 .473 .7 مليون جنيه يضاف إليها الوريكو المخصص للباب العالي وما كان على الحكومة أن تدفعه لشركة قناة السويس في تلك السنة يكون الباقي من الإيرادات 000 .070 .1 مليون جنيه.

فبهذا المليون الواحد والسبعين ألفًا كان على الحكومة أن تنفق على جميع شئون البلاد : على موظيفها وعلى الجيش والبوليس والري والتعليم والمحاكم والصحة العمومية وغير ذلك من كل ما يجب أن تقوم به الحكومة.

ولم تكن مصروفات الحكومة في ذلك الوقت عادية بل كان فيها عنصر مخيف هو المصروفات المخصصة للموظفين الأجانب والتعويضات الفاحشة التي كانت تدفع في كل وقت للأفاقين من الأجانب.

وذلك أن إسماعيل رغب منذ توليته العرش في أن يجعل مصر قطعة من أوروبا ، وبما أن الفكرة كانت تتحول عنده بسرعة إلى رعونة ظن أنه مستطيع ذلك بالإكثار من الموظفين الأوربيين وبإعطائهم المرتبات الضخمة وبإسدائهم الهدايا والنعم ليثنوا عليه وعلى كرمه.

ثم لما وقع في الدين انهالت عليه من الدائنين ومن الحكومات الأجنبية سيول من مستعطي الوظائف فلم يجسر أن يرد أحدًا.

حتى إذا جاءت سنة 1877م التي مر ذكرها كانت مرتبات الموظفين الأجانب 000. 373 ألف جنيه فإذا هي خصمت من المليون والسبعين ألفًا التي تقدم ذكرها لم يبق للحكومة ولجميع شئون البلاد غير 000. 700 ألف جنيه.

أما التعويضات للأفاقين فإن أكثر عشراء إسماعيل في السنين الأخيرة كانوا قومًا كل همهم أن يستثيروا شهوات نفسه وأن يقضوا هذه الشهوات ليقتنعوا من ورائها كل ما يمكن اقتناصه من المغانم.

فتقدموا له بطلبات امتيازات لإنشاء بمعامل وللبحث عن معادن ولجلب صناعات أوربية ولغير ذلك من الأعمال.

ولم تكن طلباتهم هذه جدية ولم يكن قصدهم منها أن يعملوا وإنما كان كل قصدهم أن يجعلوا على الامتيازات ثم أن يتعللوا بأية علة من العلل كي يلقوا مسئولية فشلهم على الحكومة وكي يطالبوها بتعويض.

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: عهد إسماعيل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 21, 2023 7:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14302
مكان: مصـــــر المحروسة

التاريخ سلسلة واحدة ومن لم يأخذ عبرة من الماضي ‏لمعرفة عمق وأبعاد ما يحدث في الحاضر سيكون حكمه ‏وتصوره للحل غير صائب.‏

ومن حاول فصل الماضي عن صراعات الحاضر وفق ‏تصورات لايسندها تاريخ أو جغرافيا فقد جانبه ‏الصواب.


نتابع :‏

وكان إسماعيل سهلًا في دفع هذا التعويض حين كانت أبواب القروض لا تزال مفتوحة في وجهه وحين كانت يده تبذر هذه القروض يمينًا وشمالًا فكان ذلك يشجعهم ويجعلهم حوله جيشًا جرارًا.

ولكن لما سدت أبواب الاقتراض في وجهه لجأوا إلى المحاكم المختلطة معتقدين أنها لابد آخذة بناصرهم ضده.

وكانت هذه المحاكم قد أنشئت في سنة 1876م فأحصيت التعويضات المطلوبة من الحكومة المصرية أمامها في تلك السنة وحدها فكانت 40 مليون جنيه.

ويروى في هذا أن إسماعيل استقبل ذات يوم واحدًا من أولئك الأفاقين أصحاب الامتيازات وكانت نافذة الغرفة مفتوحة فنادى موظفًا من موظفي قصره وقال له :"أغلق بالله هذه النافذة لئلا يصاب السيد (مشيرًا إلى زائره) ببرد فيكلفني ذلك عشرة آلاف جنيه".

وفي أثناء ذلك كانت حالة الشعب أسوأ الحالات ، فضرائب الأطيان زيدت كما قلنا من 40 إل 160 قرشًا والضرائب الأخرى لم تكن تعد لأن إسماعيل كان كلما وقع في الحاجة اقترح ضريبة جديدة ، وجعل الكرباج وسيلته إلى تحصيلها.

ثم لما ذكره المرابون كما تقدم بأن جميع الأراضي كانت ملكًا للوالي وأن جده محمد علي بقى إلى عدة سنوات صاحب الامتياز في تجارة مصر الخارجية عول على إحياء هذه الحقوق في شخصه.

فأخذ يرهق المزارعين حتى تصبح الأراضي عالة عليهم فيضطروا إلى بيعها بأثمان بخسة أو إلى تركها والفرار منها فيضع يده عليها.

وبهذه الطرق استولى على خمس الأراضي الزراعية في القطر ولما يمض على حكمه بضع سنين.

وحسبنا أن ننقل هنا ما كتبه مستر بلنت وصفًا لحالة الفلاحين وقد رآهم إذ ذاك بعينه ، قال :

"كان من الأمور النادرة في تلك الأيام أن يرى الإنسان شخصًا في الحقول وعلى رأسه عمامة أو على ظهره شيء أكثر من قميص . وحتى في ضواحي القاهرة ، وبالأكثر في الفيوم التي يممنا بوجوهنا شطرها بمجرد حصولنا على الجمال ، يمكنني أن أقول إن الحالة كانت كذلك . وكان بين مشايخ القرى قليلون يملكون عباءة ، وأينما ذهبنا كانت الحال كذلك ، وغصت مدن الأرياف في أيام الأسواق بالنساء اللائي أتين لبيع ملابسهن وحليهن الفضية للمرابين الأروام لأن جامعي الضرائب كانوا في قراهن والكرباج مشهر في أيديهم ، فابتعنا مصوغاتهن الزهيدة وأصغينا إلى قصصهن واشتركنا معهن في استنزال اللعنات على الحكومة التي جعلتهن عرايا".

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 11 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 17 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط