[center][table=width:100%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/16.gif);border:10 inset gray;][cell=filter:;][I][align=justify]الأخوة الأعزاء :
في موضوع الإمام الشعراني لاحظت أن مشاركاتي قد أتت على فترات متباعدة , ولاحظت أنها افتقدت للترابط والتتابع المطلوب , فرأيت أن أجمعها مرتبة مع شيء من الاختصار الذي لايخل بالمضمون , مع البدء بعرض نماذج من التحريف والدس الذي تعرض له تراث هذا الإمام الجليل .
دأب أهل الباطل في زماننا هذا على محاربة تراث الأمة والنيل من ثوابتها مستخدمين في ذلك ما تطوله أيديهم من أدوات وإمكانات .
وأشد ما يقومون به وطأة وتأثيرا هو تعرضهم لرموز الأمة من علماء وأولياء وبالطبع الهدف من ذلك واضح.
فإذا اهتزت صورة هذا العالم أو ذاك الولي تشوهت لدى الأجيال الناشئة صورة الاتجاه الذي ينتمي إليه هذا الرمز والأمثلة عديدة , وما تطاولهم وتبديعهم أئمة أجلاء كالنووي وابن حجر العسقلاني ببعيد .
غير أن الاتجاه الذي حظي بالقسط الوافر من هذه الحرب الشعواء هو " التصوف " ومرجع ذلك إلى أسباب عديدة , لعل أهمها من وجهة نظري حالة التردي والوهن التي يمر بها التيار الصوفي في الوقت الراهن والتي تكفل للمغرضين الآثمين حرية الحركة في توجيه ما يشاءون من تهم وافتراءات على المنهج الصوفي والصوفية بوجه عام .
ومن أكثر الشخصيات التي نالها سخافات وجهالات هؤلاء الحمقى شخصية الإمام المجاهد ولي الله سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنا به . فإنه علي الرغم من أن الاتجاه الصوفي وعلي مدي تاريخ الأمة قد حظي بما لم يحظى به أي اتجاه آخر من حيث سعة الانتشار والقدرة علي البقاء وعدد المنتسبين والقائمين علي رعاية هذا الاتجاه , كما أنه قد ذخر بالأئمة والعلماء من جميع فروع العلم من فقهاء ومفسرين ولغويين إلي محدثين ومتكلمين وأطباء ومؤرخين 00000 الخ - فقلما نجد عالما من علماء الأمة إلا وهو صوفي - علي الرغم من كل هذا تعرضت التجربة الروحية الصوفية لما لم يتعرض له أي اتجاه آخر من افتراءات وأكاذيب . والسبب بالقطع معلوم , لمن يعلم ويدرك ماهية اللعين إبليس ووظيفته في الكون .
فإبليس وجنوده وأعوانه لن يتركوا الأمة كي يخرج منها عُبّاد بالليل لو صاحوا لزلزلت الدنيا بخصوم الأمة ومادت بهم الأرض يعيدون سيرة رهبان الليل فرسان النهار .
هو لا يريد عليه لعنة الله أن يرى " عز الدين بن عبد السلام " آخر يأمر الريح فتأخذ بأعداء الأمة يمنة ويسرة , كما حدث مع الأول في معركة المنصورة ,كرامة أجراها الله على يده ,فكان لابد من منع ذلك بشتى الوسائل .
وكانت أحد أهم وأنجح الوسائل هو تشويه صورة أئمة التصوف والصوفية بصفة عامة, وسيؤدي ذلك بالطبع إلي تنفير جماهير الأمة من التصوف فيتوقف الرافد البشري الذي يمد التيار الصوفي وتتكون حالة من العداء للتصوف بين صفوف الأمة وتتجه جماهير الأمة إلي تيارات واتجاهات أخري منها ما له طابع ديني ولكن لن يكون بنفس قوة التصوف بل سيعطي ويكون خبرة سلبية لدى الناس عن التدين والمتدينين فتتجه البقية الباقية من أبناء الأمة إلي تيارات واتجاهات لا دينية ونتيجة ذلك معروفة بالطبع .
وبذلك تكتسب تلك التيارات جميعها أرضا علي حساب التصوف الذي هو مقام الإحسان في الدين , فينحسر المد الصوفي ويتبع ذلك اتساع الهوة والفجوة بين الأمة ودينها .
وهذا هم المطلوب ليسهل كسر الأمة وإذلالها ثم تدميرها , وخصوصا ونحن في زمن لا يريد أهله أن يبذلوا أقل مجهود للبحث عن الحق وأين يكون . يكفي أن يري السواد الأعظم من أهل زماننا شخصا ملتحيا مجلببا علي شاشة إحدى الفضائيات أو يستمع له علي شريط كاسيت أو اسطوانة كمبيوتر أو يحصل علي كتاب أو كتيب هدية مجانية للشيخ فلان ثم يعتقد هذا الشخص المستمع أو المشاهد أو القارئ أنه قد أصبح حائزا علي علم الأولين والآخرين .
أما القراءة المتأنية والبحث العلمي المنهجي وعرض ما يسمع أو يقرأ أو يشاهد علي ميزان العلم والمعرفة فضلا عن الدراسة المتخصصة فقد أصبح كل هذا في ذمة التاريخ وعفا عليه الزمن لدى الأكثرين إلا من رحم الله .
ونجحت الخطة الإبليسية إلى حد ما وبدرجة مرضية فها هم أولياء الرحمن يسبون صباح مساء وها هم أبناء الأمة يسهرون ليلهم لاركعا سجدا كأهل الله من الصالحين , ولكن أمام مالا يرضي الله من قول أو فعل إلا من رحم الله.
ولكن كيف سيشوه إبليس عليه لعنة الله هذه الصورة الناصعة البياض لأهل الله من الصوفية ليتسنى له تنفيذ ما سبق ذكره ؟ الأمر بسيط فكما جند الكذابون الوضاعون للحديث وللمذاهب البدعية فليكمل خلفهم ما بدأه سلفهم وليدس في كتب التصوف وليحرف بعضها وليحرق ويمزق البعض الآخر وهل من فعل هذا في مؤلفات الفقه والتفسير وبقية العلوم الأخرى يعز عليه أن يفعل هذا بالتراث التصوفي ؟! ولكن كما قيض الحق سبحانه وتعالى رجال الجرح والتعديل لصيانة السنة النبوية المطهرة, وأئمة الفقه والعقيدة لدحض أهل البدع والأهواء وفضح كذبهم وأباطيلهم , قيض الحق سبحانه وتعالي علماء ربانيين أوقفوا حياتهم علي صيانة التصوف من أيدي المبطلين
وكان من هؤلاء العلماء الأجلاء سيدي عبد الوهاب الشعراني رضى الله عنه وعنا به.
ولكنه رحمه الله بما انتهج وخطى من خطوات علي هذا الطريق أصبح خطرا مهددا لما يسعى له إبليس وجنوده من الإنس والجن .
فكان ولابد من الحرب علي هذه الخطوات المضيئة , وبدأت رحى الحرب هذه في حياة إمامنا الشعراني رضي الله عنه وعنا به.
ولكن الإمام كان مسبوقا ولم يكن سابقا بفعله هذا وقيامه بصيانة النهج الصوفي وبالمنافحة عنه فسبقه في هذا المضمار ثلة من الصالحين , وما كتب كالرسالة القشيرية والتعرف لمذهب أهل التصوف إلا شاهد على هذا.
فلماذا تعرض الإمام الشعراني رضي الله عنه وعنا به لما لم يتعرض له أيا من سابقيه في هذا المضمار؟!
مرجع ذلك إلى الآتي :
امتاز إمامنا الشعراني رضي الله عنه وعنا به وتفرد عمن سبقوه من أئمة التصوف بخصائص ومميزات عدة تجعله في نظر المتربصين بالأمة خطرا جللا , فهم كما بينت سابقا وحسب وجهة نظري الشخصية يرون أن مكمن قوة وصلابة هذه الأمة في كونها أمة موصولة بالله جل وعلا , وفي سعيهم الحثيث والدؤوب لقطع هذه الصلات كان ومازال هدفهم الأول والأهم هو القضاء علي النهج السلوكي الصوفي الذي يتجسد من خلاله وبداخله مراد الحق جل وعلا من خلقه للإنسان والذي نجده في قوله تعالي " إني جاعل في الأرض خليفة " وقوله تعالي " أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ".
فشخص كإمامنا الشعراني رضي الله عنه وعنا به يمثل تحديا لهذا النهج المتربص بالأمة للآتي : يمتاز إمامنا الجليل عن غيره من أئمة التصوف بغزارة الإنتاج العلمي في مختلف العلوم الشرعية من تفسير وفقه إلي أصول وعقائد وعلوم الحديث وصولا إلي مؤلفاته في علم التصوف والتي أعطته وأكسبته شهرة كصوفي غلبت شهرته كإمام جليل في علم الفقه وبقية علوم الدين.
وبين يدي الآن وأنا أخط هذه السطور ثبتا بمؤلفاته وقد بلغت 103 منها ما وصل إلي 6 مجلدات "وقد قال أحد من اطلع علي مؤلفاته : لو ضبطت الكراريس من مؤلفاته وحسبت أيام حياته من ولادته إلي وفاته لزادت في كل يوم ثلاثة كراريس وهذا من العجائب والنوادر " أهـ قلت: ولا عجب في ذلك فمن أطاع الله أطاع الله له كل شيء وسخره له حتى الوقت .
صحيح أن هناك علماء أجلاء قد فاقت مؤلفاتهم مؤلفات إمامنا من حيث العدد والتنوع وصحيح أن كثيرا منهم صوفية كالإمام المجتهد شيخ الإسلام تقي الدين السبكي والتي وصلت مؤلفاته إلي 150 مؤلف .
ولكن نجد أن اشتغالهم بالعلوم الدينية الأخرى عمل علي قلة إنتاجهم وإسهامهم في علم التصوف فنجد أن شهرتهم كفقهاء ومفسرين ومحدثين غلبت علي شهرتهم كصوفية.
كما أننا نعلم جميعا أن التصوف علم ذوق ومواجيد وقواعده تعتمد في المقام الأول علي الممارسة والتجربة أكثر من الاعتماد علي النقل والتدوين بعكس العلوم الدينية الأخرى , مما عمل علي قلة المؤلفات الصوفية بصفة عامة في مكتبتنا الإسلامية مقارنة بنظيراتها في بقية فروع ديننا الحنيف .
كما وأنه في القرون السابقة للإمام الشعراني كانت الأمة أكثر تمسكا والتزاما بمعاني الزهد ومجاهدة النفس .
ولذلك نلاحظ أن مؤلفات الأئمة لتوضيح وشرح النهج الصوفي قد ظهرت علي ساحة التأليف الديني في مرحلة متأخرة نسبيا عن بقية مؤلفات العلوم الشرعية الأخرى.
لهذه الأسباب وغيرها نجد أن الإمام الشعراني رضي الله عنه وعنا به قد فاق غيره من علماء التصوف في شرح وتبيين النهج الصوفي كما كان له - كما أشرنا من قبل - إسهاماته الجادة والمتميزة في بقية العلوم الإسلامية .
فمع بداية ظهور الأفكار التيمية الشاذة المغلوطة في القرن السابع الهجري وبداية حدوث تغيرات اجتماعية وسياسية جديدة ظهرت علي ساحة الأمة الإسلامية كان ولابد من حفظ وصيانة علم التصوف كتراث تفخر به الأمة وكصيانة لمنهج سارت في دروبه أمة الإسلام على مدي تاريخها المجيد .
فتوافر بذلك لإمامنا الجليل من الدوافع والأسباب ما لم يكن متوفرا لغيره من الأئمة كي ينهض ويضطلع بهذا العمل الكبير حتى يتم حفظ وصيانة هذا العلم النفيس .
وإذا كان الإمام القشيري دفعه ما كان يراه في القرن الرابع إلي تأليف رسالته فما الظن بما كان في القرن التاسع الذي عاش فيه إمامنا الشعراني بما شمله بالطبع من تغيرات اجتماعية وسياسية ؟ فبدأ الإمام الجليل مرحلة فارقة في تاريخ الحركة الصوفية فقد بدأ خطوات مباركة وسعى سعيا مشكورا في وضع النهج الصوفي وصياغته في سلسلة من المؤلفات تجعل من السهل والميسور على الجميع التعرف علي التصوف كمنهج مدون له أصول وقواعد .
فبدأ رضي الله عنه وعنا به مرحلة جليلة من مراحل التأليف العلمي صاغ خلالها قواعد التصوف وشروحاتها , وجمع سير الصالحين وشرح ما أستشكل من مصطلحات علم التصوف علي غير أهله , ونافح وجاهد ضد أدعياء التصوف , وضد محترفي الكذب والتطاول على الأولياء والصالحين على السواء .
فشخص كهذا لهو سيف مسلط علي رقاب المتربصين بالأمة , فكيف يتركون إماما جليلا كهذا له اليد الطولى في مختلف فروع العلوم الشرعية وامتاز علي غيره بأنه أصبح علما علي التصوف ؟!
فلو ترسخ في ذهن الناس أنه عالم جليل في الفقه والتفسير والحديث والعقيدة والأصول والجميع يعلم بأنه من أكابر الصوفية , فكيف إذا سيروجون أكاذيبهم علي جموع الأئمة بأن الصوفية جهال ينفرون من العلم ويحضون مريديهم علي الجهل وأنهم سبب تخلف الأمة وليست لهم أية إسهامات في الحياة العلمية الإسلامية وأنهم .... وأنهم .... وأنهم.... الخ سلسلة الكذب والتدليس والتضليل التي تمارس ضد التصوف والصوفية .
فلسان حال المبتدعة والزنادقة يقول " فعلماء كالنووي والسيوطي والقسطلاني والقاري والعز ابن عبد السلام واللقاني الغزالي وابن حجر وغيرهم كثير , من السهل جدا أن نعمل علي إخفاء وطمس كونهم صوفية . فأولا شهرتهم كمحدثين وفقهاء ومفسرين ..... الخ كل في مجاله تغطي وتطغي علي شهرتهم كصوفية وإسهامهم في مجال علم التصوف ضئيل جدا جدا إذا ما قورن ببقية تراثهم العلمي .
وأما ما يشير من قريب أو بعيد إلي تصوفهم من تراثهم العلمي أو تراث غيرهم فمن السهل جدا إخفاؤه تماما , فتحت عناوين اختصار مؤلفات التراث وتهذيبها سنخفي جزءا كبيرا من ذلك. ومن طريق آخر يمكننا عند الطبع حذف ما تبقي من إشارات تدل علي تصوفهم وستتكفل عوامل الإهمال واللامبالاة بإضاعة وإهدار جزء كبير من ذلك التراث , أو عندما يطبع أو يظهر للناس نكون نحن المسيطرين علي تلك العملية فلنظهره في بعض الأحيان كما هو ولكن مصحوبا بتعليقات غبية واستدراكات قميئة ممجوجة من قبيل " ضعفه الإمام العلامة فلان أو هذا مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة " أو أن الغزالي قد تاب ورجع عن تصوفه ومات وصحيح البخاري علي صدره!!!! .
ولكن هذه التعليقات علي الرغم من ذلك سيكون لها مفعول السحر علي العوام والبسطاء من الناس وعندما تزداد قبضتنا علي مجريات الأمور فلنصدر هذا البيان الذي يقول ( كتب حذر منها العلماااااااااااء ) " .
ولكن مع شخص كالإمام الشعراني ينطق كل حرف تسطره يداه في أي فن يكتب فيه بأنه ينتمي لهؤلاء القوم ورثة رهبان الليل فرسان النهار , الذين تفرق خوفا منهم قلوب وأبدان أعداء الأمة , الوضع مع رجل كهذا سيختلف كثيرا جدا فتراثه بأكمله ينطق كل حرف فيه قائلا : علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله خاصة , وأن سيرتهم أحسن السير وطريقهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق . فلنضع إستراتيجية خاصة في التعامل معه : لندس في كتبه ونحرف مؤلفاته بما يجعله فاقدا للمصداقية لدي طبقات الأمة وبدلا من أن يصبح نعمة أنعم الله بها علي الفكر الصوفي لنجعله نقمة وبدلا من كونه مدافعا ضد الأباطيل المدسوسة على التصوف فلنجعله في نظر الناس باطلا من هذه الأباطيل .
لنضع سيفه الذي سله علي رقابنا في قلب ما سعي لنشره وتحقيقه .
تلك كانت خطة أهل الزيغ والضلال والتي مازالت تمارس وبكل شدة ووقاحة وبلا أدنى أمانة علمية ضد الإمام الجليل بصفة خاصة وأهل الله من الصوفية بصفة عامة.
لقد أعلن من ترجم للإمام الشعراني - كما سيأتي إن شاء الله - أن تراثه العلمي تعرض للدس والتحريف وأعلنوا براءة الإمام من هذا وقد أتى هذا الإعلان بعد أن أوفوا هذا الإمام الجليل قدره وأبانوا عن علمه وفضله.
ولكن المغرضون الآثمون أبوا إلا أن يرموا بهذا كله عرض الحائط ساعين بكل جهد إلي استكمال ما بدأه أسلافهم من ضلال وبهتان , بل إن الإمام الجليل عليه رضوان الله قد أعلن وأكد علي وقوع الدس والتحريف في كتبه - كما سيأتي إن شاء الله - وهو حي يرزق , ولكنهم صموا آذانهم وهرول خلفهم من غضب الله عليه وجعل عقله في أذنيه وأملى له واستدرجه من حيث لا يعلم كي يآذنه بالحرب.
وبالطبع لا يخفي علي عاقل لماذا الإصرار علي هذا الموقف من أشباه البشر هؤلاء.
وبعد هذه الإلمامة السريعة حول شخصية إمامنا الجليل وما ثار ويثار وما سيثار حولها من تخرصات وأباطيل :
أبدأ مستعينا بالله عز وجل وسائلا منه التوفيق والسداد ومصليا علي سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الأطهار وسلم تسليما كثيرا ومبتهلا للعلي القدير أن يرضى عن ساداتنا صحابته الأبرار الأخيار وعن تابعيهم بإحسان إلي يوم الدين اللهم آمين , وبعد :
أبدأ هذا المبحث المختصر عن الإمام الجليل سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه وعنا به وهو يحتوي علي :
أولا : ترجمة علمية موثقة لهذا الإمام الجليل, تهتم بإبراز وتوضيح منزلته وقيمته العلمية , وتقريرات الأئمة الأعلام بوقوع الدس والتحريف في كتبه . ثانيا : عرض لجزء من تراثه الزاخر يشمل :
1- استعراض لنماذج من التحريف والدس الذي تعرض له جزء من تراثه العلمي ممثلا في كتابه " الطبقات الكبرى " ومقابلته مع نسخة خالية من التحريف والتخريف والدس.
2- ما سجله الإمام الجليل بنفسه وتقريره بوقوع دس وتحريف في مؤلفاته وهو كان مازال على قيض الحياة . أولا : تراجم الأئمة الأعلام لسيدي عبد الوهاب الشعراني
- يقول الإمام الحافظ عبد الرءوف المناوي في كتابه " الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية " [4 / 69 – 74] :
" عبد الوهاب بن أحمد الشعراوي ، شيخنا الإمام العامل ، والهمام الكامل ، إنسان عين ذوى الفضائل ، وعين إنسان الواصلين من ذوى الوسائل ، العابد الزاهد ،الفقيه المحدث ، الصوفي المربى المسلك ، وهو من ذرية الإمام محمد بن الحنفية ... فغلب الحسد على طائفة من الفقهاء والصوفية ، فدسوا عليه في بعضها كلمات تخالف ظاهرها للشريعة ، وعقائد زائغة ، ومسائل تخالف الإجماع ، وأقاموا عليه القيامة ، وشنعوا وسبوا ، ورموه بكل عظيمة ، وبالغوا في الأذى والنميمة ، فخذلهم الله تعالى ، وأظهره عليهم ، وكان مواظبا على السنة ، ومجانبا للبدعة ، مبالغا في الورع ، مؤثرا ذوي الفاقة على نفسه، حتى بملبوسه ، متحملا للأذى ، سالكا طريق العفو ، موزعا أوقاته على العبادة ، ما بين تصنيف و تسليك وإفادة ... وكان يسمع لزاويته دويا كدوي النحل ليلا ونهارا ما بين ذاكر وقارئ ومتهجد ومطالع للكتب وغير ذلك ... ولم يزل قائما على سذلك معظما في صدر الصدور مبجلا في عيون الأعيان بالخير والحبور حتى نقله الله في دار كرامته في سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة ، وكانت جنازته جمع حافل من العلماء ، والفقهاء ، والأمراء ، والفقراء، ودفن بجانب زاويته بين السورين ومضى وخلف ذكرا باقيا وثناءا عطرا ذكيا زاكيا ومددا لا ينكره إلا معاندا محروما ولا يجحده إلا مباهت مأثوم . " أهـ مختصرا .
- قال الإمام ابن العماد الحنبلي في كتابه " شذرات الذهب في أخبار من ذهب " [8 / 437 – 439 ] ذاكرا قول الإمام المناوي ومقره عليه :
" وحسده طوائف فدسوا عليه كلمات يخالف ظاهرها الشرع وعقائد زائغة ومسائل تخالف الإجماع ، وأقاموا عليه القيامة وشنعوا وسبوا ، ورموه بكل عظيمة ، فخذلهم الله وأظهره عليهم ... وكان عظيم الهيبة وافر الجاه والحرمة . أهـ مختصرا .
- يقول الإمام ابن عابدين خاتمة محققي المذهب الحنفي في [ حاشية رد المحتار ( 3 / 303 ) ] :
" كما وقع للشيخ الشعراني أنه افترى عليه بعض الحساد في بعض كتبه أشياء مكفرة، وأشاعها عنه، حتى اجتمع بعلماء عصره، فأخرج لهم مسودة كتابه التي عليها خطوط العلماء فإِذا هي خالية عما افْتُرِيَ عليه . " أهـ
- وقال حاجي خليفة في كتابه "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون " ( 1 / 227 ) : البحر المورود في المواثيق والعهود للشيخ : عبد الوهاب بن أحمد الشعراني المتوفى : سنة ستين وتسعمائة . (دس فيه : بعض أعدائه ما يخالف الشرع ووقعت الفتنة في القاهرة لأجله ذكره في : ( الميزان ). أهـ
- كما ورد في موسوعة " سيرة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم " [3 /239 , 256 ] : " لقد أنار الشعراني الطريق في كثير من الجوانب والاتجاهات ,فكان حقيقا بأن يتصفح الناس سيرة هذا العبقري الذي ترك بعده ثروة فكرية وعلمية كثير منها لم يسبق إليه . ....هو الإمام الجليل عبد الوهاب بن أحمد بن علي الملقب بالشعراني , والشعراني هو لقب لجده ...وينتهي نسب الشعراني إلى الإمام علي كرم الله وجهه ... وكانت أسرة الشعراني عريقة في الصلاح والتقوى ..... هذا ولا يفوتنا التنبيه على أن الشعراني لم يسلم من الحسّاد والحاقدين الذين ضمنوا بعض كتبه أغاليط , ودسوا بينها افتراءات هو بعيد عنها كل البعد " أهـ مختصرا
ثانيا : عرض لجزء من تراثه الزاخر يشمل :
1- استعراض لنماذج من التحريف والدس الذي تعرض له جزء من تراثه العلمي ممثلا في كتابه "الطبقات الكبرى "ومقابلته مع نسخة خالية من التحريف والتخريف والدس.
أنقل لكم ما قاله محقق كتاب الطبقات الكبرى عن الدس في كتاب الطبقات الكبرى للشعراني :
أولاً : فكرة عن الكتاب :
الكتاب كما كُتب على غلافه بأنه :
أول طبعه محققة في العالم . المحقق هو : الشيخ عبد الرحمن حسن محمود .
ومما كُتب على الغلاف أيضاً : قوبلت هذه الطبعة على مخطوطة نادرة ، ومقابلة قراءة كاملة على طبعة بولاق عام 1292 هـ وعدة مخطوطات بمكتبة الأزهر الشريف ، وهي خالية تماماً من التحريف والتخريف .الناشر : مكتبة الآداب ، 42 ميدان الأوبرا ـ القاهرة الطبعة الأولى . 1414 هـ ـ 1993 م وحقوق الطبع محفوظة لمكتبة الآداب ( على حسن ) .
ثانياً : بعض ما قاله المحقق في مقدمته الكتاب صفحة رقم 25 ، تحت عنوان :
كتاب ( الطبقات الكبرى ) والكذب على الشيخ رحمه الله ورضى الله عنه ما نصه :
"وأما ما كذب على الشيخ الشعراني في هذا الكتاب " لواقح الأنوار في طبقات السادة الأخيار " فكثير ، وقد مكننا الله تعالى من الاطلاع على تراجم نظيفة أثبتناها في نسختنا هذه ، وأشرنا إلى كلٍ في موضعه .
إن النسخة التي كتبها الشيخ بيده رحمه الله تعالى قد فقدت ، أو هي في سرداب من سراديب المكتبات , أو أضاعوها ليتمكنوا من دس ما يمكن دسه فيما تنسخه أيديهم .
والنسخ الموجودة في بعض تراجمها زيادة عن المطبوع أو نقص ، فما رأيت فيه مخالفة تستحق أن تظهر نقلته برمته ، بدلاً عن ما في النسخ المطبوعة ، وما لا : تركته كما هو ، وإليك بعض من المخالفات الواضحة :
في ترجمة الشيخ أبى الحسن الشاذلي رضى الله عنه ص 6 ج 2 من المطبوعة ما نصه :
" والمشي مع زوجتك إلى السوق في حاجة من حوائجها ، وركوبك خلفها على الحمار وغيره " ا هـ .
وهي عبارة تمجها العقول السليمة ، حتى ولو كانت المرأة زوجته . وصحتها من النسخة التي تحت يدي ما نصه :
" والمشي مع زوجتك إلى السوق في حاجة من حوائجها ، وركوبها خلفك على الحمار وغيره " اهـ
- في المطبوعة ص 95 جـ 2 في ترجمة الشيخ " محمد الشويمي " ما نصه :
" وخرج له بالعصا ، وقال : إن لم ترجع يا محمد وإلا استلفتك من ربك !! " اهـ
وهذه الجملة فيها جرأة ووقاحة وفحش لا يصدر عن عالم بالله . لواقع أنها كذب محض ، إذ نصها من النسخة التي راجعت عليها :
" وإن لم ترجع يا محمد ،أسقطتك وآذيتك " اهـ .
- في المطبوعة ص 106 ج 2 في ترجمة الشيخ محمد المغربي رحمه الله تعالى ما نصه : " فهذا هو التوحيد الحالي العام المشار إليه في الآية بقوله : { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } أى هذا التوحيد الباطن ، فتفطنوا له إن كنتم فقهاء ، فإنه محتاج إلى الفهم ، وهو موضع علم الباطن الرباني " اهـ
أمّا ما في المخطوطة التي قابلت عليها ، فنصه هكذا :
" فهذا هو التوحيد الباطني للعالم المشار إليه في الآية بقوله : { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } أي هذا التسبيح الرباني " .
- في ترجمة الشيخ على أبو خوذة ص 122 ج2 ما نصه :
" وقال لى مرة احذر أن تنيكك أمك ، فقلت لعبد من عبيده : ما معنى كلام الشيخ ؟ قال : يحذرك أن يدخل حب الدنيا في قلبك ، لأن الدنيا هي أمك " اهـ .
وفى المخطوطة التي راجعت عليها ما نصه :
" اجتمعت به كثيراً، فقلت له مرة : أوصني ! فقال : احترس أن تلعب بك أمك ، فقلت لعبيده : ما معنى هذا ؟ فقالوا : احذر أن تميل إلى الدنيا بقلبك " اهـ
- في ترجمة الشيخ " على وحيش " ج 2 ص 135 من المطبوعة :
" وكان إذا رأى شيخ بلد وغيره ينزله من على الحمارة ، ويقول له : امسك رأسها لى حتى أفعل فيها ، فإن أبَى شيخ البلد تسمر في الأرض حتى لا يستطيع يمشى خطوة ، وإن سمع حصل له خجل عظيم " اهـ
والترجمة التي أثبتها بالكامل في هذا الكتاب من المخطوطة التي استعنت بها ليس فيها هذا الكلام إطلاقاً .لذلك صوّرتها لك أيها القارئ الكريم مع المقدمة لتقرأها بعينك ويستريح قلبك : أن هؤلاء الناس قد افترى عليهم مَنْ قدوته مغرضو اليهود والنصارى ، في الافتراء على أهل الله ، والكذب عليهم .أهـ
ومعذرة على ورود بعض الكلمات أو الجمل ذات المعاني الغريبة والبذيئة وعذرا لذوق الأخوة القراء .
يتبع إن شاء الله [/align][/B][/cell][/table][/center]
_________________ رضينا يا بني الزهرا رضينا بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا
يا رب
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
|