أول مشاركة
[align=center]الحقَائق الجليَّة في بيانِ بعض عقَائدِ ابن تيمية؟ بقلم الفقير إلى عفو ربه يونس العامري [/align] [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه ...وبعد :
قال الله تعالى (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)).
فلقد كثر الخلاف والشقاق حول رجل قد حسم فيه الأمر في القرن السابع علموا أبطاله وحذروا منها إلا نزر من الرعاع كان لا يعرف لهم قولا ولا يجدون سامعا لهم ولشذوذاتهم التجسيمية أما الرجل فهو الشيخ احمد بن تيمية رحمه الله وأتباعه معروفين بالتيمية؟؟ فأردت في خلال هذه الصفحات أن أبين لبعض الإخوة خطورة أقواله والمسائل التي خالف الإجماع فيها بعد انعقاده وتضارب أقواله بعد ثبوتها عليه وتلونه بعد الحكم عليه والتستر وإظهار الرجوع عند قيام الحجة وظهور الحق بين يديه ولكن قد قامت الحجة ومات ابن تيمية رحمه الله وقبرت أقواله معه إلا انه في هذا العصر وجد من يحيي و يقدم أقواله ويرتبها على حسب أبواب الأصول ويقيس أقوال الجهابذة بأقواله فأصبح هذا هو ديدن رسائل الماجستير والدكتورة فبمجرد مخالفة هذا الجهبذ لابن تيمية فهو قد خالف الإسلام والمسلمين وبموافقته فقد أصاب الإيمان والسنة فهذه الحقائق قد قلبت, ابن تيمية كان لا يعرف له شأن بين أقرانه أما اليوم فهو ميزان الشرع بدونه لا إيمان ولا سنة وإن لم يذكر ابن تيمية في رسالته فحدث عن هذا المبتدع الجريء الذي نسي ابن تيمية والاستدلال به فلا حول ولا قوة إلا بالله فإن كان المخالف يدعونا إلى هذا فبئس القائل والمقول وإن كان لغير ذلك فها هي أقواله وشذوذاته الواضحة وها أنا ذا سأتعرض لبعض منها بدون توسع مطيل و لا جفاء مخل بمقصوده والمتتبع لشذوذاته سيسرد مجلدا خاصا بتأليف ابن تيمية نفسه واسمه – شذوذاتي- والرسائل الرادين عليه كثيرة جدا من المعاصرين لابن تيمية إلى الآن والله الموفق.
من هو الشيخ ابن تيمية رحمه الله؟؟ :
هو الشيخ أبو العباس أحمد بن تيمية كان أبوه رجلا معروفا بالعلم والتواضع حنبلي المذهب وبعد أن مات والده رحمه الله ولي الشيخ ابن تيمية وظائف أبيه تشجيعا له للمضي على أثره ولكن غره تزكية العلماء له فأخذ يذيع بين الحين والآخر بين الفينة والفينة بدعا لم تعلم ولم يقلها أحد من قبله وأخرى أحياها بعدما اندرست فرد عليه علماء عصره ومشايخ زمنه قال تقي الدين السبكي((فإنه لما أحدثَ ابنُ تيمية ما أحدثَ في أصول العقائد، ونقضَ من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة، مظهراً أنه داعٍ إلى الحق هادٍ إلى الجنة، فخرج عن الاتِّباع إلى الابتداع، وشذَّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدسة، وأن الافتقار إلى الجزء ليس بمحال، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وأنَّ القرآن محدَثٌ تكلَّم اللهُ به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم (والتزامه) بالقول بأنه لا أول للمخلوقات!!، فقال بحوادث لا أول لها فأثبت الصفة القديمة حادثة، والمخلوق الحادث قديماً، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملّةٍ من الملل، ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة.
وكلُّ ذلك وإن كان كفراً شنيعاً مما تَقِـلُّ جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع، فإن متلقي الأصول عنه وفَاهِمَ ذلك منه هم الأقلُّون، والداعي إليه من أصحابه هم الأرذلون وإذا حُوققوا في ذلك أنكروه وفروا منه كما يفرون من المكروه، ونبهاء أصحابه ومتدينوهم لا يظهر لهم إلا مجرَّد التبعية للكتاب والسنة والوقوف عند ما دلت عليه من غير زيادة ولا تشبيه ولا تمثيل.)) أهـ وأكثر العلماء بالرد عليه وبيان معتقده والتحذير منه ومن أتباعه قال الشيخ المحدث محمود سعيد ممدوح في كشف الستور ص 6(( وقد أكثر العلماء فيما بعد من التحذير من شذوذات الشيخ ابن تيمية وكلمات التقي السبكي وابنه التاج والصلاح العلائي والحافظ العراقي وابنه ولي الدين المعروف بـ أبي زرعة العراقي والحافظ ابن حجر وبدر الدين العيني والتقي الحصني وغيرهم من معاصريهم ومن جاء بعدهم )).
ومن أراد الاستزادة في ترجمة ابن تيمية فعليه بالدرر الكامنة للحافظ ابن حجر العسقلاني ودفع شبه من شبه وتمرد للشيخ الفقيه تقي الدين الحصني وغيرهم ففيه ما يكفي .
ابن تيمية والحوادث لا أول لها :
لقد صرح ابن تيمية في كثير من كتبه بعقيدة القدم العالم بالنوع أي تسلسل الحوادث إلى ما لا بداية أي أنها قديمة مع الله في الأزل مخالفا قوله تعالى "هو الأول" سورة الحديد أي أن الله الأول مطلقا ليس معه احد وهذه الآية مشروحة بقوله صلى الله عليه وسلم "كان الله ولم يكن شيء غيره" أي كان الله ولا عرش ولا ماء ولا ضوء ولا ليل لا مكان ولا زمان ولا أي شيء من الحوادث... فكيف استجاز لا بن تيمية إثبات هذه العقيدة المخالفة للإسلام بل لو نسب هذا القول لنفسه ودافع عنه لكان أمرا آخرا أما وهو يقول أنها عقيدة الأنبياء ومن أجلها أرسلوا وهي عقيدة الصحابة والتابعين فهذه هي المصبية بعينها عقيدة التسلسل الدرامي الهستيري تصبح عقيدة الأنبياء ؟؟ والمظان التي سأذكرها على المنصف ان يرجع إلى الأصل وينظرها بعيني رأسه إن كان يكذب هاته النقول ولا نتعبك أخي بالبحث حسبك حكم ناصر الألباني على ابن تيمية في سلسلته الصحيحة في المجلد الأول في حديث عمران بن حصين وأن ابن تيمية يقول بقدم العالم وهذا معتقد شنيع فلا يهولنك اعتذار الألباني له ؟؟ لأنه شيخه وشيخ أحفاده فمن الواجب عليه الدفاع عنه وعن شذوذاته ..... الله يتولنا فهو مولنا نعم المولى ونعم النصير وأنا ألتزم بذكر النقول دون التعليق إلا ما كان عفويا ونبدأ في المقصود بعون الملك المعبود:
1- قال ابن تيمية في "الموافقة " ما نصّه (2/ 75): "وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم لا يجعلون النوع حادثا بل قديمًا، ويفرقون بين حدوث النوع وحدوث الفرد من أفراده كما يفرق جمهور العقلاء بين دوام النوع ودوام الواحد من أعيانه ". ا.هـ .
2- وقال أيضا ما نصه (1/ 245): "قلت هذا من نمط الذي قبله فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث، قوله لو كانت حادثة في الأزل لكان الحادث اليومي موقوفا على انقضاء ما لا نهاية له، قلنا: لا نسلم بل يكون الحادث اليومي مسبوقًا بحوادث لا أول لها". ا.هـ.
3 - وقال ما نصه (1/ 64): ”فمن أين في القرءان ما يدل دلالة ظاهرة على أن كل متحرك محدث أو ممكن، وأن الحركة لا تقوم إلا بحادث أو ممكن، وأن ما قامت به الحوادث لم يخل منها، وأن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، وأين في القرءان امتناع حوادث لا أول لها" ا.هـ. فهذا من غرائب ابن تيمية لأن الأفراد لا تتحقق إلا في النوع لكن سبحان من قسم العقول
ملاحظة - قال إمامنا وحبيبنا المحدث العلامة محمد زاهد الكوثري في تعليقه على السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل ما نصّه ص74: "وأين قدم النوع مع حدوث أفراده؟ وهذا لا يصدر إلا ممن به مس، بخلاف المستقبل، وقال أبو يعلى الحنبلي في "المعتمد": والحوادث لها أول ابتدأت منه خلافا للملحدة. ا.هـ. وهو من أئمة الناظم. يعني ابن القيّم. فيكون هو وشيخه من الملاحدة على رأي أبي يعلى هذا فيكونان أسوَأ حالا منه في الزيغ، ونسأل الله السلامة". ا.هـ.
فانظر أخي إلى تناقضهم وحكمهم على بعضهم البعض بالكفر والإلحاد وكفانا الله اقتتالهم (وكف الله المؤمنين القتال).
4- وقال في شرح حديث عمران بن الحصين ((ص/ 193) : "وإن قدّر أن نوعها- أي الحوادث- لم يزل معه فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل، بل هي من كماله، قال تعالى: (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (سورة النحل/17). وقال: "والخلق لا يزالون معه....لكن يشتبه على كثير من الناس النوع بالعين ". ا.هـ.
الذين عسر عليهم فهم ذلك هم قدماء الفلاسفة اليونان و ابن سينا والفرابي وخلفهم ابن تيمية فأصبح يوضح الإشكال؟؟ الذي أشكل عليهم ولو أنصف لعلم انه هو المخلط كيف جاز له أن يحقق القدم في النوع دون الأعيان رغم أن القدم لا يتحقق إلا بوجود الأعيان فسبحان الله فمن هو يا ترى الذي التبس عليه أهم أهل السنة أم من لا يفرق بين تحقق النوع في الأعيان؟؟.
5- وكذا نجد ابن تيمية ينتقد الإمام ابن حزم عند نقله الإجماع على كفر من قال أن الله معه مخلوق في الأزل أي أن الله جل وعز لـم يزل وحده ولا شىء غيره معه، وأن المخالف لذلك كافر باتفاق المسلمين، قال ما نصه –أي ابن تيمية في نقد مراتب الإجماع- ص/ 168): "وأعجب من ذلك حكايته الإجماع على كفر من نازع أنه سبحانه لم يزل وحده ولا شىء غيره معه ". ا.هـ.
وهذا النقل من أوضحها ومن أبينها دلالة على ان ابن تيمية يقول بقدم العالم وينتقد المخالف له ؟؟؟ أي القائل أن الله لم يزل وحده في الأزل ثم خلق الأشياء فهذا عند ابن تيمية مخطئ لأنه لم يقل أن الله معه مخلوق في الأزل وكأن الله علة والمخلوق معلول.
ق
7- وقال في شرح حديث النزول (ص/ 161) رادا على قاعدتين ما لا يخلوا من الحوادث فهو حادث وما لايسبق الحوادث حادث ما نصه: "إذ لم يفرقوا بين نوع الحوادث وبين الحادث المعين". اهـ.
8- وقال في تفسير سورة الأعلى "الوجه الرابع أن يقال: العرش حادث كائن بعد أن لم يكن، ولم يزل مستويًا عليه بعد وجوده، وأما الخلق فالكلام في نوعه، ودليله على امتناع حوادث لا أول لها قد عُرف ضعفه، والله أعلم " اهـ.
فما على المخالف إلا أن يسلم لأن النقول موجود ورده هذا المعتقد يعتبر انتقاد لابن تيمية وخاصة ان ابن تيمية لا يرضى إلا عقيدة القدم فسلموا وعوا النقول وكان حقا على التيمية أن ينزعوا النقول الشنيعة من كتبهم ثم بعد ذلك يتصرفوا في كتب المخالفين لهم .
9- قال ابن تيمية في مجموع الفتاوي ما نصه (6/ 300): "ومن هنا يظهر أيضا أن ما عند المتفلسفة من الأدلة الصحيحة العقلية فإنما يدل على مذهب السلف أيضا، فإن عمدتهم في "قدم العالم " على أن الرب لم يزل فاعلاً، وأنه يمتنع أن يصير فاعلاً بعد أن لم يكن، وأن يصير الفعل ممكنًا له بعد أن لم يكن، وهذا وجميع ما احتجوا به إنما يدل على قدم نوع الفعل " اهـ؟؟؟ وما هذا إلا قياس الغائب على الشاهد فتعجب من كلام شيخ الإسلام يا تيمي.
قيام الحوادث في ذات الله:
وهذا أيضا من عجائب ابن تيمية فلقد اتفق العقلاء المنزهين انه كل من قام بذاته حادث فهو حادث وهذه قاعدة عظيمة وفيها من الرد على الملاحدة ما يقطع دابرهم فجاء ابن تيمية وسفه هذه القاعدة وهذا راجع لأنه يقول بقيام الحوادث في ذاته تعالى فأصبح شر خلف لشر سلف وهم الكرّامية .
9- ونص عبارته في منهاج السنّة النبوية ما نصه (1/ 224): "فإن قلتم لنا: فقد قلتم بقيام الحوادث بالربّ، قلنا لكـم: نعم، وهذا قولنا الذي دلّ عليه الشرع والعقل. .. ".أهـ الشرع بخلافه قال الله تعالى "ليس كمثله شيء" أما العقل فهو بخلافه أيضا لان العقل يقضي بأن كل من قام بذاته فهو حادث والمطلوب منه أن يبين أي عقل يقضي بصحة ما قال ؟؟
تنبيه : ومما يعضد هذه النقول هو اعتقاد تلميذ ابن تيمية بقدم العالم وهو ابن القيم ناشر ومهذب علوم ابن تيمية الإغريقية وحذا ابن القيم حذوا بن تيمية فقال في نونيته الشهيرة البائسة التي سفه فيها عقيدة التنزيه وأثبت التجسيم والتشبيه ما نصه:
فلئن زعمتم أن ذلك تسلسل قلنا صدقتم وهو ذو إمكان
كتسلسل التأثير في مستقبـل هل بين ذلك قط من فرقان
والله ما افترقنا لذي عقل ولا نقل ولا نظر ولا برهـان
ما قال ذو عقل بأن الفرد ذو أزل لذي ذهن ولا أعيـان
بل كل فرد مسبوق بفـرد هكذا أبدا بلا حسبـان
فالبيت الأخير يقرر فيها عقيدة قدم الحوادث وانه لا بداية لها "بل كل فرد" أي من الحوادث "مسبوق بفرد" أي مسبوق بحادث قبله إلى متى "هكذا أبدا بلا حسبان" أي بلا بداية ؟؟ فإن كان هذا غير قدم العالم فلا ادري ما هو قدم العالم.
ردود العلماء على هذا المعتقد الشنيع :
هذا وقد نقل المحدّث الأصولي بدر الدين الزركشي في تشنيف المسامع اتفاق المسلمين على كفر من يقول بأزلية نوع العالم بعد أن ذكر أن الفلاسفة قالوا: إن العالم قديم بمادته وصورته وبعضهم قال: قديم المادة محدث الصور ، ما نصه: "وضلَّلهم المسلمون في ذلك وكفروهم ". اهـ.
وهنا ملاحظة يجب التنبيه لها ألا وهي قول من قال إن ابن تيمية ينفي عقيدة قدم العالم كما ذهب إليه البعض تحسينا الظن به ومستدلا على أن ابن تيمية نفسه يكفر على من قال بقدم العالم فهو قول مردود لأن ابن تيمية في رده على القائلين بقدم العالم إنما رد على من قال إن العالم قديما بصورته ومادته أمثال ابن سينا والفرابي فنحن نعلم أن ابن تيمية لا يعتقد بقدم المادة والصورة ولكنه لا ينفي قدم الصورة وحدوث المادة ولقد نقلنا عنه كيف يتهم البعض بعدم فهمهم للفرق بين قدم النوع وقدم الكل أي بين قدم المادة والصورة وقدم الصورة وحدوث المادة قال في تفسير سورة الأعلى "الوجه الرابع أن يقال: العرش حادث كائن بعد أن لم يكن، ولم يزل مستويًا عليه بعد وجوده، وأما الخلق فالكلام في نوعه، ودليله على امتناع حوادث لا أول لها قد عُرف ضعفه، والله أعلم " اهـ.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري((12/ 252) ما نصه: "قال شيخنا- يعني العراقي- في شرح الترمذي: الصحيح في تكفير منكر الإجماع تقييده بإنكار ما يعلم وجوبه من الدين بالضرورة كالصلوات الخمس، ومنهم من عبر بإنكار ما علم وجوبه بالتواتر، ومنه القول بحدوث العالم، وقد حكى القاضي عياض وغيره الإجماع على تكفير من يقول بقدم العالم، وقال ابن دقيق العيد: وقع هنا من يدّعي الحذق في المعقولات ويميل إلى الفلسفة فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر لأنه من قبيل مخالفة الإجماع، وتمسك بقولنا: إن منكر الإجماع لا يكفر على الإطلاق حتى يثبت النقل بذلك متواترًا عن صاحب الشرع، قال: وهو تمسك ساقط إما عن عمى في البصيرة أو تعام، لأن حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الإجماع والتواتر بالنقل " اهـ. والإمام ابن دقيق العيد يقصد ابن تيمية
قال القاضي عياض في الشفا: "وكذلك نقطع على كفر من قال بقدم العالـم أو بقائه أو شك في ذلك على مذهب بعض الفلاسفة والدهرية " اهـ. ومن هنا نعلم ان أصل مذهب ابن تيمية هم الدهرية والفلاسفة وقوله بأن قدم العالم النوعي عقيدة الأنبياء ما هي إلا افتراء راجع عليه وصدق المثل فانقلب السحر على الساحر" فيا ليته امسك .
وقال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في شرح الإحياء ما نصه (1/ 184) "ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته، فلم يذهب أحد من المسلمين إلى شىء من ذلك"اهـ أي ذهب إليه غير المسلمين كما مر.
وقال العلاّمة البياضي الحنفي في كتابه إشارات المرام (ص/12-13) بعد ذكر الأدلة على حدوث العالم بأسره بمادته وصورته وتسفيه قول من قال بقدم المادة والصورة أو المادة دون الصورة ما نصّه: "فبطل ما ظنه ابن تيمية من قدم العرش كما في شرح العضدية". اهـ.
قال الإمام السبكي رضي الله عنه
ولابن تيمية ردُّ عليـــــه وفـى
لكــنه خَلطَ الحــــق المبين بما
يحاوِلُ الحَشــوَ أنَّى كــــان لهُ
يـرى حـوادث لا مبـدَا لأوَّلـهـا بمقصد الردّ واستيفاء أضربه
يشوبـُهُ كَدًرٌ فـي صَفوِ مشــرَبِهِ
حثيــث سيرٍ بشرقٍ أو بمــــغرِبِهِ
في الله سبحـانَهُ عما يظُنُّ بــــــهِ
وهنالك الكثير من العلماء من أردف الرد عليه في هذه المسألة كالشيخ الإخميمي وغيره.
ابن تيمية والمكان والحد:
12- قال ابن تيمية في الموافقة مانصه ((وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله في السماء وحدوه بذلك ))
فهذا الكلام فيه إثبات الحد لله تعالى فالعجب من ابن تيمية كيف يلزم نفسه بأن يثبت ما أثبت الله لنفسه أو ما أثبته له نبه صلى الله عليه وسلم ثم يناقض نفسه ويثبت صفة لم ترد في الكتاب والسنة فأين لفظ الحد في كتاب الله أو في سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم نعم مستنده قياس الخالق على المخلوق؟؟ فهو من أعلى مراتب القياس عنده كما عهدناه فيما سبق ولكن مع العلم أنهم مختلفون في الحد فمنهم من أثبته من جهة واحدة وهنالك من أثبته من الجهات الستة كابن تيمية وأتباعه.
14- وقال أيضا في نفس الكتاب بعد سطر ((وكل أحد وبالله وبمكانه أعلم من الجهمية )) ومقصوده هنا أنه يمكن لأي واحد من أفراد المسلمين-أي عوام وأطفال- وسواهم؟-من اليهود والنصارى-أعلم من الأشاعرة والماتريدية بمكان الله تعالى فهذا نقل صريح وقول فضيح ومنطق فصيح في إثبات المكان لله تعالى ومعلوم أن إثبات المكان له تعالى نقص لما يتنج عليه من نتائج قبيحة لأنه إن احتاج إلى المكان لكان مفتقرا والافتقار محال بل هو الغني فالعرش والفرش كل يفتقر إلى الله تعالى ومما يستدل به أهل السنة في نفي المكان عنه سبحانه من النقل قوله تعالى " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" أي أن الله تعالى لا يشبهه شيء من خلقه ولا هو يشبه شيء فالنفي دخل على المثلية والتشبيه فأنى للتشبيه أن يحتمل وجها من الصحة بل ولا معشار ذلك فالآية وحدها كافية لنفي كل ما يخطر ببال البشر من الأوهام والظنون فالله تعالى منزه عن المكان لأن المكان مخلوق والمخلوق فقير فكيف جاز أن يحل فيه أما العقل فلقد قال الشيخ الإمام السنوسي رضي الله عنه في عقيدته
((وأن يكون ليس في جهة من الجهات لأنه لا يعمرها إلا الأجرام
وأن لا تكون له هو أيضا جهة لأنها من عوارض الجسم، ففوق من عوارض عضو الرأس وتحت من عوارض عضو الرجل ويمين من عوارض العضو الأيسر وأمام من عوارض البطن وخلف من عوارض الظهر ومن استحال عليه أن يكون جرما استحال أن يتصف بهذه الأعضاء أو لوازمها على الضرورة )) وهذا الكلام من جواهر العلم فاظفر به .
ابن تيمية والجلوس على العرش :
14- لقد ذكرنا فيما سبق بيان بعض عقائد ابن تيمية التي خالف فيها الإجماع بعد انعقاده فهي وإن كانت كافية لبيان فساد معتقده سنذكر البعض من النقول التي تثبت بأنه عابد الأجرام العلوية والخيال المرتسم -أي عابد شيء تخيله في رأس في جهة الفوق- أنه تعالى ينزل لا كنزولنا؟؟أي ينزل ولا ينزل بل أوقح من ذلك ينزل ولا يخلو العرش منه فهو جعل الله سبحانه وتعالى بمثابة مطاط يمتد ويتقلص قال ما نصه ((إن جمهور أهل السنة يقولون إنه ينزل ولا يخلو منه العرش))المنهاج (1/262)
15- و قال في مجموع الفتاوي (4/374) (( فقد حدث العلماء المرضيون وأوليائه المقبولون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسه ربه على العرش معه )) وهل بعد جلوس الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش مع ربه أي بجانبه بقي من التجسيم شيء ..
16- وقال تلميذه الوفي ابن القيم (( رفيع الدرجات وترفع إليه الأيدي ويجلس على كرسيه وأنه يطلع على عباده من فوق سبع سماوات )) الصواعق المرسلة 276
17- وزاد وقال مانصه (( إن الله يجلس على عرش ويجلس بجنبه محمدا صلى الله عليه وسلم وهذا هو المقام المحمود )) بدائع الفوئد (4/39) ويدعي هنا ابن القيم الجوزية كشيخه بأن الله جالس على عرشه ويجلس بجانبه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما قولهم إنهم ملتزمون بالكتاب والسنة إلا محض افتراء والرد على هذا القول معروف مشهور فلا داعي لتسويد بعض الصفحات كفانا قوله جل وعز "ليس كمثله شيء" ألم يكن كافيهم ما في هذه الآية المحكمة من أسرار التنزيه ولو فعلوا لحلوا النزاع.
نقطة الخلاف بين ابن تيمية والأشعري :
زعم البعض من المعاصرين أن الخلاف بين ابن تيمية والأشعري هو خلاف لفظي فقط ؟؟ فالأشعري يرجه التأويل وابن تيمية يرجح التفويض؟؟
ما أجمل هذا الكلام إن كان حقيقة ولكنه سراب ؟
الرد : إن كان يقصد القائل أن الأشعري يقول بالتفويض فالتفويض عند ابن تيمية من شر أقوال أهل البدع فكيف اعتبر هؤلاء أن ابن تيمية والأشعري متفقون في الإعتقاد
18- قال ابن تيمية ما نصه (( فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع ))موافقة صريح المنقول (1/118) ؟؟؟ ففي كلامه المنقول طعن في جمهور السلف وهل السلف-أي الصحابة وتابعيهم بإحسان- كانوا غير مفوضة أو مؤولة ؟؟ اللهم ارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم.
وبعد هذا نكون قد وضحنا بعض وأبرز وأهم عقائد ابن تيمية التي يدعي التحذلق فيها وهاته النقول المنقولة قليل من كثير ولو توفرت المراجع وتفرغت لطال بنا الشرح والتمحيص والتدقيق هذا وإن كان ما نقلته لكافيا في بيان عقيدة ابن تيمية المخالفة للإجماع ولمن أراد التوسع في حاله فعليه بكتاب "ردود علماء الأمة المحمدية على المبتدع الحراني ابن تيمية" لشيخنا العلامة المحدث كمال نصر الدين و"الكاشف الصغير" لشيخنا العلامة سعيد فودة حفظهما الله تعالى فلقد أسهبا وأطنبا.
وتم الفراغ منها مساءا في الدقيقة الثانية بعد الخمسين من الساعة الرابعة في الشهر الأخير وقد خلا أربع أيام منه من العام السادس بعد ألفي سنة من ميلاد المسيح عليه السلام والله الموفق لما يحبه ويرضاه.
4/12/2006
_________________ وصلى الله على النور الذاتي والسر الساري في سائر الأسماء والصفات وعلى آله وصحبه وسلم.
|