موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 224 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 5, 6, 7, 8, 9, 10, 11 ... 15  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:19 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
موقف الإمام مالك بن أنس
وكان أهل المدينة قد استفتوا مالك بن أنس فى الخروج مع محمد، وقالوا: إن فى أعناقنا بيعة لأبى جعفر، فقال: إنما بايعتم مكرهين؛ وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى محمد، ولزم مالك بيته.


المراسلات
كتب المنصور إلى محمد بن عبد الله كتاباً ابتدأه بأن قال: بسم الله الرحمن الرحيم
) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(
)المائدة 33-34) ، ولك عهد الله وميثاقه وذمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أن أؤمنك وجميع ولدك وإخوتك وأهل بيتك ومن اتبعكم على دمائكم وأموالكم وأسوغك ما أصبت من دم أو مال وأعطيك ألف ألف درهم، وما سألت من الحوائج وأنزلك من البلاد حيث شئت، وأن أطلق من فى حبسى من أهل بيتك؛ وأن أؤمن كل من جاءك وبايعك واتبعك أو دخل فى شيء من أمرك، ثم لا أتبع أحداً منهم بشيء كان منه أبدا، فإن أردت أن تتوثق لنفسك فوجه من أحببت يأخذ لك من الأمان والعهد والميثاق ما تتوثق به والسلام .
فكتب إليه محمد: بسم الله الرحمن الرحيم
) طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (
)القصص 1-6)، وأنا أعرض عليك من الأمان مثل ما عرضت على، فإن الحق حقنا، وإنما ادعيتم هذا الأمر لنا، وخرجتم له بشيعتنا، وحظيتم بفضلنا،
فإن أبانا عليا كان الوصى، وكان الإمام، فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء،
ثم قد علمت أنه لم يطلب الأمر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا، لسنا من أبناء اللعناء ولا الطرداء ولا الطلقاء، وليس يمت أحد من بنى هاشم بمثل الذى نمت من القرابة والسابقة والفضل - وإنا بنـو أم رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلّم - فاطمة بنت عمرو فى الجاهلية، وبنو بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم - فاطمة فى الإسلام - دونكم إن الله اختارنا واختار لنا، فوالدنا من النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلّم أفضلهم، ومن السلف أولهم إسلاما على بن أبى طالب، ومن الأزواج أفضلهم خديجة الطاهرة، وأول من صلى إلى القبلة ، ومن البنات خيرهن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وإن هاشماً ولد عليا مرتين، وإن عبد المطلب ولد حسناً مرتين، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ولدنى مرتين، من قبل حسن وحسين، وإنى أوسط بنى هاشم نسباً، وأصرحم أماً وأباً، لم تعرق فى العجمة، ولم تنازع فى أمهات الأولاد، فمازال يختار لى الآباء والأمهات فى الجاهلية والإسلام، حتى اختار لى فى النار، فأنا ابن أرفع الناس درجة فى الجنة، وأهونهم عذاباً فى النار، فلك ذمة الله على، إن دخلت فى طاعتى، وأجبت دعوتي، أن أؤمنك على نفسك ومالك، وعلى كل حدث أحدثته، إلا حداً من حدود الله أو حقاً لمسلم أو معاهد، فقد علمت ما يلزمنى من ذلك، وأنا أولى بأمر منك وأوفى بالعهد، لأنك أعطيتنى من الأمان والعهد ما أعطيته رجلاً قبلى، فأى الأمانات تعطيني؟ أمان ابن هبيرة!! أم أمان عمك عبد الله بن علي!! أم أمان أبى مسلم!! فلما ورد كتابه على المنصور قال له أبو الأيوب المورياني: دعنى أجبه عنه، قال: لا، إذا تقارعنا على الأحساب دعنى وإياه،


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:20 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
ثم كتب إليه المنصور:
" بسم الله الرحمن الرحيم " أما بعد فقد بلغنى كلامك، وقرأت كتابك فإذا جل فخرك بقرابة النساء، لتضل به الجفاة والغوغاء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء، ولا كالعصبة والأولياء؛ لأن الله جعل العم أباً، وبدأ به فى كتابه على الوالدة الدنيا، ولو كان اختار الله لهن على قدر قرابتهن، لكانت آمنة أقربهن رحماً، وأعظمهن حقا، وأولى من يدخل الجنة غدا، ولكن اختار الله لخلقه على علمه فيما قضى فيهم واصطفائه لهـم؛ وأما ما ذكـرت من فاطمة أم أبى طالب وولادتها، فإن الله لم يرزق أحداً من ولدها الإسلام، لا بنتاً ولا ابناً، ولو أن رجلاً رزق الإسلام بالقرابة رزقه عبد الله، ولكان أولاهم بكل خير فى الدنيا والآخرة، لكن الأمر يختار لدينه من يشاء، قال الله عز وجل
) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(
)القصص 56)، ولقد بعث الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم وله عمومة أربعة، فأنزل الله عز وجل
) وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(
)الشعراء 214) ، فأنذرهم ودعاهم فأجاب اثنان أحدهما أبى، وأبى اثنان أحدهما أبوك، فقطع الله ولايتهما منه، فلم يجعل بينه وبينهما إلا ولا ذمة ولا ميراثاً؛ وزعمت أنك ابن أخف أهل النار عذابا، وابن خير الأشرار، وليس فى الكفر بالله صغير، ولا فى عذاب الله خفيف ولا يسير، وليس فى الشر خيار، ولا ينبغى لمؤمن - يؤمن بالله - أن يفخر بالنار، وسترد فتعلم،
) وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(
)الشعراء 227(
وأما ما فخرت به من فاطمة أم على وأن هاشما ولده مرتين ومن فاطمة أم حسن وأن عبد المطلب ولده مرتين وأن النبى ولدك مرتين فخير الأولين والآخرين رسول الله لم يلده هاشم إلا مرة ولا عبد المطلب إلا مرة ،
وأما أمر حسن وأن عبد المطلب ولده مرتين، وأن النبى ولدك مرتين، فخير الأولين والآخرين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لم يلده هاشم إلا مرة، ولا عبد المطلب إلا مرة،
وزعمت أنك أوسط بنى هاشم نسباً وأصرحهم أماً وأباً، وأنه لم تلدك العجم، ولم تعرق فيك أمهات الأولاد، فقد رأيتك فخرت على بنى هاشم طراً، فانظر ويحك أين أنت من الله غدا!! فإنك قد تعديت طورك، وفخرت على من هو خير منك - نفساً وأباً وأولاً وآخراً - إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، وما خيار بنى أبيك خاصة وأهل الفضل منهم إلا بنوا أمهات الأولاد، ما ولـد فيكـم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أفضل من على بن حسين، وهو لأم ولد ولهو خير من جدك حسن بن حسن، وما كان فيكم بعده مثل محمد بن على، وجدته أم ولد، ولهو خير من أبيك، ولا مثل ابنه جعفر وجدته أم ولد، وهو خير منك، وأما قولك إنكم بنو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فإن الله تعالى يقول فى كتابه
) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ (
)الأحزاب 40) ، ولكنكم بنو ابنته وإنها لقرابة قريبة، ولكنها لا تجوز الميراث ولا ترث الولاية، ولا تجوز لها الإمامة فكيف يورث بها، ولقد طلبها أبوك بكل وجه، فأخرج فاطمة رضى الله عنها نهاراً ومرضها سراً ودفنها ليلاً، فأبى الناس إلا الشيخين، ولقد جاءت السنة التى لا اختلاف فيها بين المسلمين: أن الجد أبا الأم والخال والخالة لا يورثون، وأما ما فخرت به من على وسابقته، فقد حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الوفاة فأمر غيره بالصلاة ثم أخذ الناس رجلاً بعد رجل فلم يأخذوه، وكان فى السنة فتركوه كلهم دفعاً له، ولم يروا له حقا فيها، وأما عبد الرحمن فقدم عليه عثمان، وقتل عثمان وهو له متهم، وقاتله طلحة والزبير، وأبى سعد بيعته وأغلق بابه دونه، ثم بايع معاوية بعده، ثم طلبها بكل وجه وقاتل عليها، وتفرق عنه أصحابه، وشك فيه شيعته قبل الحكومة، ثم حكم حكمين رضى بهما، وأعطاهما عهد الله وميثاقه، فاجتمعا على خلعه، ثم كان حسن فباعها من معاوية بخرق ودراهم، ولحق بالحجاز وأسلم شيعته بيد معاوية، ودفع الأمر إلى غير أهله، وأخذ مالا من غير حله، فإن كان لكم فيها شيء فقد بعتموه وأخذتم ثمنه، ثم خرج عمك حسين على ابن مرجانة، فكان الناس معه عليه، حتى قتلوه وأتوا برأسه إليه، ثم خرجتم على بنى أمية، فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل، وأحرقوكم بالنيران ونفوكم من البلدان، حتى قتل يحيى بن زيد بخراسان، وقتلوه رجالكم وأسروا الصبية والنساء، وحملوكم بلا وطاء فى المحامل، كالسبى المجلوب إلى الشام، حتى خرجنا عليهم وطلبنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم وأورثناكم أرضهم وديارهم، وسنينا سلفكم وفضلناه فاتخذت ذلك علينا حجة، وظننت أنا إنما ذكرنا أباك وفضلناه للتقدمة منا له، على حمزة والعباس وجعفر، وليس ذلك كما ظننت، ولكن خرج هؤلاء من الدنيا سالمين، متسلما منهم مجتمعاً عليهم بالفضل، وابتلى أبوك بالقتال والحرب، وكانت بنو أمية تلعنه كما الكفر فى الصلاة المكتوبة، فاحتججنا عليهم وذكرناهم فضله، وعنفناهم وظلمناهم بما نالوا منه. ولقد علمت أن مكرمتنا فى الجاهلية سقاية الحاج الأعظم وولاية زمزم، فصارت للعباس من بين إخوته، فنازعنا فيها أبوك فقضى لنا عليه عمر، فلم نزل نليها فى الجاهلية والإسلام، ولقد قحط أهل المدينة، فلم يتوسل عمر إلى ربه ولم يتقرب إليه إلا بأبينا، حتى نعشهم الله وسقاهم الغيث، وأبوك حاضر لم يتوسل به، ولقد علمت أنه لم يبق أحد من بنى عبد المطلب بعد النبى صلى الله عليه وآله وسلّم غيره، فكانت وراثته من عمومته، ثم طلب هذا الأمر غير واحد من بنى هاشم، فلم ينله إلا ولده، فالسقاية سقايته، وميراث النبى صلى الله عليه وآله وسلّم له، والخلافة فى ولده، فلم يبق شرف ولا فضل فى جاهلية ولا إسلام - فى دنيا ولا آخرة - إلا والعباس وارثه وموروثه. أما ما ذكرت من بدر فإن الإسلام جاء، والعباس يمون أبا طالب وعياله، وينفق عليهم للأزمة التى أصابته، ولولا العباس أخرج إلى بدر كارهاً لمات طالب وعقيل جوعاً، وللحسا جفان عتبة وشيبة، ولكنه كان من المطعمين، فأذهب عنكم العار والسبة، وكفاكم النفقة والمؤونة، ثم فدا عقيلاً يوم بدر، فكيف تفخر علينا وقد علناكم فى الكفر، وفديناكم وحزنا عليكم مكارم الآباء، وورثنا دونكم خاتم الأنبياء، وطلبنا بثأركم فأدركنا منه ما عجزتم عنه، ولم تدركوا لأنفسكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:21 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
المستشارون
لما ظهر محمـد وإبراهيم استشار أبو جعفر المنصور دهاة العرب منهم: عمه عبد الله بن على ( وهو محبوس عنده ) وبديل بن يحيى وجعفر بن حنظلة البهرانى فى كيفية مواجهة هذا الحدث.
فأما عمه عبد الله بن على فقال: فما ترون ابن سلامة صانعا يعنى أبا جعفر قالوا لا ندرى والله قال إن البخل قد قتله، فمروه فليخرج الأموال فليعط الأجناد فإن غلب فما أوشك أن يعود إليه ماله، وإن غلب لم يقدم صاحبه على درهم واحد،ثم أوصاه قائلا: ارتحل الساعة حتى تأتى الكوفة فاجثم على أكبادهم فإنهم شيعة أهل هذا البيت وأنصارهم، ثم احففها بالمسالح فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه أو أتاها من وجه من الوجوه فاضرب عنقه، وابعث إلى سلم بن قتيبة ينحدر عليك وكان بالرى واكتب إلى أهل الشأم فمرهم أن يحملوا إليك من أهل البأس والمجدة ما يحمل البريد، فأحسن جوائزهم ووجههم مع سلم. وأما بديل بن يحيى، فكان السفاح يشاوره، فأرسل إليه، وقال له: إن محمدا قد ظهر بالمدينة! قال: فاشحن الأهواز بالجنود، قال: إنه إنما ظهر بالمدينة، قال: قد فهمت، وإنما الأهواز الباب الذى تؤتون منه، فلما ظهر إبراهيم بالبصرة قال له المنصور ذلك، قال: فعاجله بالجنود واشغل الأهواز عليه.
وأما جعفر بن حنظلة البهرانى فقال: وجه الجند إلى البصرة، قال: انصرف عنى حتى أرسل إليك، فلما صار إبراهيم إلى البصرة أرسل إليه، فقال له ذلك فقال: إياها خفت، بادره بالجنود، قال: وكيف خفت البصرة؟ قال: لأن محمداً ظهر بالمدينة وليسوا أهل حرب، بحسبهم أن يقيموا شأن أنفسهم، وأهل الكوفة تحت قدمك، وأهل الشام أعداء آل أبى طالب، فلم يبق إلا البصرة.
وقال له أيضا: " فاحمد الله ظهر حيث لا مال ولا رجال ولا سلاح ولا كراع ابعث مولى لك تثق به فليسر حتى ينزل بوادى القرى فيمنعه ميرة الشأم فيموت مكانه جوعا , ففعل المنصور ذلك ".
لِـمَ لم ينزل النفس الزكية على أمان أبى جعفر المنصور ؟
لأن أبا جعفر المنصور أمن ابن هبيرة ثم قتله, وأمن عمه ثم حبسه, وقتل حفص بن سليمان الخلال أحد وزرائه حدثته نفسه بأن يبايع علويا ويدع العباسيين حينما وجد البيعة لهم وليست لأولاد فاطمة الزهراء عليها السلام، وشرع يعمى أمرهم على قواد شيعتهم، فبادر كبارهم وبايعوا السفاح وأخرجوه فخطب الناس فما وسع حفص بن سليمان إلا المبايعة فاتهموه ثم قتلوه .
ثم غدر المنصور بأبى مسلم الخراسانى الذى قامت على أكتافه الدولة العباسية بحيث أنه قتل حوالى ألفى ألف (2 مليون إنسان) , فقتله سنة 137هـ .

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:22 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571

ثم أن عبد الله بن الحسن استشار سليمان بن على بن عبد الله بن عباس وهو عم المنصور وقال له: يا أخى بيننا من الصهر والرحم ما تعلم، فما ترى؟ فقال سليمان: والله لكأنى أنظر إلى أخى عبد الله بن على حين حال الستر بيننا وبينه، وهو يشير إلينا، إن هذا الذى فعلتم بى، فلو كان المنصور عافياً على أحد عفا عن عمه، يشير إلى خبر المنصور لما حبس عمه عبد الله بن على، فقبل عبد الله بن حسن رأى، سليمان، وعلم أنه قد صدقه ولم يظهر ابنه.
ومن الأسباب أيضا ما حكوه من أن المنصور كان قد حج سنة أربعين ومائة، فقسم أموالاً عظيمة فى آل أبى طالب، فلم يظهر محمد وإبراهيم، فسـأل أباهما عبد الله عنهما فقال: لا أعلم لى بهما، فتغالظا فأمصه المنصور، فقال امصص كذا وكذا من أمك!! فقال عبد الله: يا أبا جعفر بأى أمهاتى تمصني!! أبفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ؟! أم بفاطمة بنت الحسين بن علي؟! أم بأم إسحاق بنت طلحة؟! أم بخديجة بنت خويلد؟! قال لا بواحدة منهن، ولكن بالجرباء بنت قسامة بن زهير، وهى امرأة من طيئ.
أسقط المنصور حجاب الهيبة والإجلال عن عمدة أهل البيت فى هذا الزمان, فماذا بقى, كأنه بهذا الأسلوب يضطره إلى عدم إظهار ولديه كأنه يقول له " لا تظهر ولدك " فسأتخذ ما يكفى لتوريط الكل.
إذا دخلت الأمور فى مرحلة الـ " لا عودة " فأهل البيت هم آخر قوة مازالت موجودة بعد التخلص من بنى أمية ثم عمهم الذى كان فى صفهم ثم أبى مسلم الخراسانى.
قال ابن كثير: " وقد جاء محمد بن عبد الله بن حسن إلى أمه فقال: يا أمه إنى قد شفقت على أبى وعمومتى ولقد هممت أن أضع يدى فى يد هؤلاء لأريح أهلى فذهبت أمه إلى السجن فعرضت عليهم ما قال ابنها فقالوا: لا، ولا كرامة بل نصبر على أمره فلعل الله يفتح على يديه خيرا ونحن نصبرن، وفرجنا بيد الله إن شاء فرج عنا وإن شاء ضيق وتمالؤ كلهم على ذلك رحمهم الله ".

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:27 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
المنجمون

لما بلغ أبا جعفر ظهوره أشفق منه فجعل الحارثى المنجم يقول له يا أمير المؤمنين ما يجزعك منه فوالله لو ملك الأرض ما لبث إلا تسعين يوما.
وكان يبحث عن أخيه ( إبراهيم بن عبد الله المحض ) بواسطة المنجمين أيضا
وكان إبراهيم قد قام الأهواز قبل ذلك فاختفى عند الحسن بن حبيب، وكان محمد بن حصين يطلبه ( يبحث عنه )، فقال يوماً: إن أمير المؤمنين كتب إلى يخبرنى أن المنجمين أخبروه: أن إبراهيم نازل بالأهواز، وهو فى جزيرة بين نهرين، وقد طلبته فى الجزيرة وليس هناك، وقد عزمت أن أطلبه غداً بالمدينة، لعلّ أمير المؤمنين يعنى بقوله - بين نهرين - بين دخيل والمسرفان.


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:28 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
مسير عيسى بن موسى لقتال النفس الزكية

وجه المنصور ولى عهده عيسى بن موسى لقتال محمد بن عبد الله المحض وأمره بالمسير إلى المدينة لقتال محمد بن عبد الله بن حسن، فقال: شاور عمومتك يا أمير المؤمنين،
فقال المنصور: امض أيها الرجل - فوالله ما يراد غيرى وغيرك، وما هو إلا أن تشخص أنت أو أشخص أنا، فسار وسير معه الجنود، وكان عيسى ولى عهد المنصور إذ ذاك، فقال المنصور حين سار عيسى: لا أبالى أيهما قتل صاحبه، وبعث معه محمد بن أبى العباس السفاح، وكثير بن حصين العبدى، وحميد بن قحبطة، وهزار مرد وغيرهم، وقال له المنصور حين ودعه: يا عيسى، إنى أبعثك إلى ما بين هذين، وأشار إلى ما بين جنبيه، فإن ظفرت بالرجل فاغمد سيفك، وابذل الأمان، وإن تغيب فضمنهم إياه فإنهم يعرفون مذاهبه، ومن لقيك من آل أبى طالب، فاكتب إلى باسمه، ومن لم يلقك فاقبض ماله، وكان جعفر الصادق تغيب عنه، فقبض ماله، فلما قدم المنصور المدينة قال له جعفر فى معنى ماله، فقال: قبضه مهديكم،
عن المدائنى، قال: أمر أبو جعفر عيسى: إذا قتل محمدا إن قدر أن لا يذبح طائرا فليفعل وقال له: أفهمت يا أبا موسى - ثلاثا - قال: فهمت.
فلما وصل عيسى إلى فيد كتب إلى الناس فى خرق الحرير، منهم عبد العزيز بن المطلب المخزومى، وعبيد الله بن محمد بن صفوان الجمحى، وكتب إلى عبد الله بن محمد بن عمر بن على بن أبى طالب، يأمره بالخروج من المدينة فيمن أطاعه، فخرج هو وعمر بن محمد بن عمر، وأبو عقيل محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل فأتوا عيسى.


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:29 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
الخطاب ظاهر من عنوانه
وعن ماهان مولى قحطبة قال: لما صرنا إلى المدينة أتانا إبراهيم بن جعفر بن مصعب طليعة فطاف بعسكرنا حتى حزره، ثم ذهب عنا فرعبنا منه، حتى جعل عيسى وحميد بن قحطبة يقولان: فارس واحد يكون طليعة لأصحابه! فلما كان عنا مد البصر نظرنا إليه مقيماً لا يزول، فقال حميد: ويحكم انظروا، فوجه إليه فارسين، فوجدا دابته عثرت به فتقوس الجوشن فى عنقه فقتله، فأخذ سلبه ورجعا بتنور مذهب لم ير مثله. قيل كان لمصعب جده أمير العراق.
ولما بلغ محمداً قرب عيسى من المدينة، استشار أصحابه فى الخروج من المدينة والمقام بها، فأشار بعضهم بالخروج عنها، وبعضهم بالمقام بها، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : رأيتنى فى درع حصينة فأولتها المدينة، فأقام ثم استشارهم فى حفر خندق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، فقال له جابر بن أنس - رئيس سليم - يا أمير المؤمنين: نحن أخوالك وجيرانك وفينا السلاح والكراع، فلا تخندق الخندق، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم خندقه لما أعلمه الله به، وإن خندقته لم يحسن القتال رجالة، ولم توجه لنا الخيل بين الأزقة، وأن الذين نخندق دونهم هم الذين يحول الخندق دونهم، فقال له أحد بنى شجاع: خندق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فاقتد أنت به، وتريد أن تدع أثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لرأيك!! قال: إنه والله - يا ابن شجاع - ما شيء أثقل عليك وعلى أصحابك من لقائهم، وما شيء أحب إلينا من مناجزتهم، فقال محمد: إنما اتبعنا فى الخندق أثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، فلا يردنى أحد عنه فلست بتاركه فأمر به فحفر، وبدأ هو فحفر بنفسه الخندق، الذى حفره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم للأحزاب، وسار عيسى حتى نزل الأعوص، وكان محمد قد جمع الناس وأخذ عليهم الميثاق: ألا يخرج منهم أحد، ثم خطبهم فقال: إن عدو الله وعدوكم قد نزل الأعوص، وإن أحق الناس بالقيام بهذا الأمر، لأبناء المهاجرين والأنصار، ألا وإنا قد جمعناكم وأخذنا عليكم الميثاق، وعدوكم فى عدد كثير، والنصر من الله والأمر بيده، وأنه قد بدا لى آذن لكم، فمن أحب منكم أن يقيم أقام، ومن أحب أن يظعن ظعن ؛ فخرج عالم كثير، وخرج ناس من أهل المدينة بذراريهم وأهليهم إلى الأعراض والجبال، وبقى محمد فى شرذمة يسيرة، فأمر أبا القلمس برد من قدر عليه، فأعجزه كثير منهم فتركهم.
عن عثمان الزبيرى قال اجتمع مع محمد جمع لم أر أكثر منه إنى لأحسبنا كنا مائة ألف فخطب محمد وقال: إن هذا قد قرب وقد حللتكم من بيعتى. قال: فتسللوا حتى بقى فى شرذمة وهرب الناس بذراريهم فى الجبال، فلم يتعرض عيسى لأذاهم وراسل محمدا يدعوه إلى الطاعة فقال: إياك أن يقتلك من يدعوك إلى الله فتكون شر قتيل أو تقتله فيكون أعظم لوزرك .


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:30 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
الخبرة والحرفية
وكان المنصور قد أرسل ابن الأصم مع عيسى بن موسى ينزله المنازل، فلما قدموا نزلوا على ميل من المدينة، فقال ابن الأصم: إن الخيل لا عمل لها مع الرجالة، وإنى أخاف إن كشفوكم كشفة أن يدخلوا عسكركم، فتأخروا إلى سقاية بن عبد الملك بالجرف وهو على أربعة أميال من المدينة، وقال: ولا يهرول الراجل أكثر من ميلين أو ثلاثة حتى تأخذه الخيل، وأرسل عيسى خمسمائة رجل إلى بطحاء ابن أزهر - على ستة أميال من المدينة - فأقاموا بها، وقال: أخاف أن ينهزم محمد فيأتى مكة، فيرده هؤلاء، فكانوا بها حتى قتل محمد، وأرسل عيسى إلى محمد يخبره أن المنصور أمنه وأهله، فأعاد الجواب: يا هذا، إن لك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قرابة قريبة، وإنى أدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه والعمل بطاعته، وأحذرك نقمته وعذابه، وإنى والله ما أنا بمنصرف عن هذا الأمر حتى ألقى الله عليه، وإياك أن يقتلك من يدعوك إلى الله: فتكون شر قتيل، أو تقتله فيكون أعظم لوزرك. فلما بلغته الرسالة قال عيسى: ليس بيننا وبينه إلا القتال.
ما خرج أهل البيت ولكن اضطروا للدفاع عن أنفسهم
قال محمد للرسول: علام تقتلوني؟ وإنما أنا رجل فر من أن يقتل، قال: إن القوم يدعونك إلى الأمان، فإن أبيت إلا قتالهم قاتلوك، على ما قاتل عليه خير آبائك طلحة والزبير، على نكث بيعتهم وكيد ملكه.
ونزل عيسى بالجرف لاثنتى عشرة خلت من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة وذلك يوم السبت، فأقام السبت والأحد وغدا يوم الاثنين فوقف على سلع، فنظر إلى المدينة ومن فيها، ونادى يا أهل المدينة: إن الله تعالى حرم دماء بعضنا على بعض، فهلموا إلى الأمان، فمن قام تحت رايتنا فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن خرج من المدينة فهو آمن، خلوا بيننا وبين صاحبنا فإما لنا وإما له. فشتموه فانصرف من يومه وعاد من الغد، وقد فرق القواد من سائر جهات المدينة، وأخلى ناحية مسجد أبى الجراح هو على بطحان، أخلى تلك الناحية لخروج من ينهزم، وبرز محمد فى أصحابه ورايته مع عثمان بن محمد بن خالد بن الزبير، وكان شعاره " أحد أحد "، فبرز أبو القلمس وهو من أصحاب محمد، فبرز إليه أخو أسد، فاقتتلوا طويلاً فقتله أبو القلمس، وبرز إليه آخر فقتله، وقال حين ضربه: خذها وأنا ابن الفاروق، فقال رجل من أصحاب عيسى: قتلت خيراً من ألف فاروق، وقاتل محمد يومئذ قتالاً عظيماً، فقتل بيده سبعين رجلاً، وأمر عيسى حميد بن قحبطة فتقدم فى مائة كلهم راجل سواه، فزحفوا حتى بلغوا جداراً دون الخندق، عليه ناس من أصحاب محمد، فهدم حميد الحائط وانتهى إلى الخندق، ونصب عليه أبواباً وعبر هو وأصحابه عليها، فجازوا الخندق وقاتلوا من وراءه أشد قتال من بكرة النهار إلى العصر، وأمر عيسى أصحابه فألقوا الحقائب وغيرها فى الخندق، وجعل الأبواب عليها وجازت الخيل، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وانصرف محمد فاغتسل وتحنط ثم رجع، فقال له عبد الله بن جعفر: بأبى أنت وأمى، والله مالك بما ترى طاقة أتيت الحسن بن معاوية بمكة فإن معه جل أصحابه!! فقال: لو خرجت لقتل أهل المدينة، والله لا أرجع حتى أقتل أو أُقتل، وأنت مني فى سعة فاذهب حيث شئت، فمشى معه قليلاً ثم رجع عنه، وتفرق عنه جل أصحابه، حتى بقى فى ثلاثمائة رجل يزيدون قليلاً، فقال بعض أصحابه: نحن اليوم بعدة أهل بدر.

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:32 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
إنَّا أهل بيت لا نفر
صلى محمد الظهر والعصر، وكان معه عيسى بن خضير وهو يناشده: إلا ذهب إلى البصرة أو غيرها، ومحمد يقول: لا والله لا تبتلون بى مرتين، ولكن اذهب أنت حيث شئت، فقال ابن خضير: وأين المذهب عنك؟! ثم مضى فأحرق الديوان، الذى فيه أسماء من بايعهم، وقتل رياح بن عثمان أخاه عباس بن عثمان، وقتل ابن مسلم بن عقبة المرسى، ومضى إلى محمد بن خالد القسرى وهو محبوس؛ ليقتله فعلم به، فردهم الأبواب دونه فلم يقدر على قتله، وكان محمد بن عبد الله قد حبس محمد بن خالد بعد ما أطلقه، ورجع عيسى بن خضير إلى محمد فقاتل بين يديه حتى قتل، وتقدم حميد بن قحطبة، وتقدم محمد بن عبد الله فلما صار ببطن مسيل سلع عرقب فرسه، وعرقب بنو شجاع الجهنيون دوابهم، ولم يبق أحد منهم إلا كسر جفن سيفه، فقال لهم محمد: قد بايعتمونى ولست بارحاً حتى أقتل، فمن يحب أن ينصرف فقد أذنت له، واشتد القتال فهزموا أصحاب عيسى بن موسى مرتين أو ثلاثاً، فقال يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر: ويل أمه فتحاً، أو كان له رجال!! وصعد نفر من أصحاب عيسى على جبل سلع، وانحدروا منه إلى المدينة،
قال محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن أبى فروة: إنا لعلى ظهر جبل سلع ننظر وعليه أعارين جهينة إذ صعد إلينا رجل بيده رمح قد نصب عليه رأس رجل متصل بحلقومه وكبده وأعفاج بطنه قال: فرأيت منه منظرا هائلا وتطيرت منه الأعاريب وأجفلت هاربة حتى أسهلت.
وعلا الرجل الجبل ونادى على الجبل رطانة لأصحابه بالفارسية كوهبان فصعد إليه أصحابه حتى علوا سلعا فنصبوا عليه راية سوداء،ثم انصبوا إلى المدينة فدخلوها وأمرت أسماء بنت حسن بن عبيد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب وكانت تحت عبد الله بن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بخمار أسود، فنصب على منارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فلما رأى ذلك أصحاب محمد تنادوا دخلت المدينة وهربوا. قال: وبلغ محمدا دخول الناس من سلع فقال: لكل قوم جبل يعصمهم ولنا جبل لا نؤتى إلا منه.


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:33 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
أحجار الزيت
وفتح بنى أبى عمرو الغفاريون طريقاً فى بنى غفار لأصحاب عيسى، فدخلوا منه أيضاً وجاءوا من وراء أصحاب محمد، ونادى محمد النفس الزكية حميد بن قحطبة: أبرز إلى فأنا محمد بن عبد الله، فقال حميد: قد عرفتك، وأنت الشريف ابن الشريف، الكريم ابن الكريم، والله، لأبرز إليك بين يدى من هؤلاء الأغمار واحد، فإذا فرغت منهم فسأبرز إليك، وجعل حميد يدعو ابن خضير إلى الأمان، وابن خضير يحمل على الناس رجلاً، لا يصغى إلى أمانه وهو يأخذهم بين يديه، فضربه رجل من أصحاب عيسى على إليته فحلها، فرجع إلى أصحابه فشدها بثوب، ثم عاد إلى القتال، فضربه إنسان على عينه فغاص السيف، وسقط فابتدروه فقتلوه وأخذوا رأسه، وكأنه باذنجانة مفلقة من كثرة الجراح فيه، فلما قتل تقدم محمد فقاتل على جيفته، فجعل يهدّ الناس هدّاً، وكان أشبه الناس بقتال حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه، ولم يزل محمد يقاتل حتى ضربه رجل دون شحمة أذنه اليمنى، فبرك لركبتيه وجعل يذب عن نفسه، ويقول: ويحكم ابن نبيكم مجرح مظلوم، فطعنه ابن قحطبة فى صدره فصرعه، ثم نزل إليه فأخذ رأسه وأتى به عيسى، وهو لا يعرف من كثرة الدماء ، وقيل إن عيسى بن موسى اتهم حميد بن قحطبة وكان على الخيل، فقال له: ما أراك تبالغ!! فقال له: أتتهمني!! فوالله لأضربن محمد حين أراه بالسيف أو أقتل دونه، قال: فمر به وهو مقتول فضربه ليبر يمينه، وقيل بل رمى بسهم وهو يقاتل، فوقف إلى جدار فتحاماه الناس.
فلما وجد الموت تحامل على سيفه فكسره، وهو ذو الفقار، سيف على بن أبى طالب رضى الله عنه، وقيل بل أعطاه رجلاً من التجار، كان معه وله عليه أربعمائة دينار، وقال خذه فإنك لا تلقى أحداً من آل أبى طالب إلا أخذه وأعطاك حقك، فلم يزل عنده حتى ولى جعفر بن سليمان المدينة، فأخبر به فأخذ السيف منه وأعطاه أربعمائة دينار، ولم يزل معه حتى أخذه منه المهدي، ثم صار إلى الهادى فجربه فى كلب فانقطع السيف، وقيل بل بقى إلى أيام الرشيد، وكان يتقلده وكان به ثمانى عشرة فقارة.
وقال محمد بن عبد الله لعبد الله بن عامر السلمي: تغشانا سحابة فإن أمطرتنا ظفرنا، وإن تجاوزتنا إليهم فانظر إلى دمي عند أحجار الزيت.
قال: فو الله لقد أطلتنا سحابة فلم تمطرنا، وتجاوزتنا إلى عيسى وأصحابه فظفروا، وقتلوا محمداً ورأيت دمه عند أحجـار الزيـت، وكان محمـد يلقب بـ " المهدى " رحمه الله.
ولما أتى عيسى برأس محمد قال لأصحابه: ما تقولون فيه؟ فوقعوا فيه، فقال بعضهم: كذبتم ما لهذا قاتلناه، ولكنه خالف أمير المؤمنين، وشق عصا المسلمين، وإن كان لصواماً قواماً فسكتوا
.


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:35 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
وأرسل عيسى بن موسى ألوية فنصبت فى مواضع بالمدينة، ونادى مناديه: من دخل تحت لواء منها فهو آمن ، وأخذ أصحاب محمد فصلبهم ما بين ثنية الوداع إلى دار عمر بن عبد العزيز صفين، ووكل بخشبة ابن خضير من يحفظها، فاحتمله قوم من الليل فواروه سراً، وبقي الآخرون ثلاثاً، ثم أمر بهم عيسى فألقوا فى مقابر اليهود، ثم ألقوا بعد ذلك فى خندق " ذباب "،فأرسلت زينب بنت عبد الله، أخت محمد - وابنته فاطمة إلى عيسى: إنكم قد قتلتموه وقضيتم حاجتكم منه، فلو أذنتم لنا فى دفنه!! فأذن لهما فدفن بالبقيع.
وقطع المنصور الميرة عن المدينة فى البحر، ثم أذن فيها المهدى.
وورد الخبر بقتل محمد بن عبد الله على أخيه إبراهيم بالبصرة يوم العيد، وكان إبراهيم قد استولى على البصرة، فخرج فصلى بالناس، ونعاه على المنبر وأظهر الجزع عليه.
وأرسل عيسى بن موسى الرأس إلى المنصور مع محمد بن أبى الكرام بن عبد الله بن على بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب، وبالبشارة مع القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، وأرسل معه رؤوس بنى شجاع، فأمر المنصور برأس محمد فطيف به فى الكوفة وسيره إلى الآفاق.
وكان المنصور قد بلغه أن عيسى بن موسى قد هزم، فقال: كلا، فأين لعب صبياننا بها على المنابر ومشورة النساء؟ ما أنى لذلك بعد. ثم بلغه أن محمداً هرب، فقال: كلا، إنا أهل بيت لا نفر، فجاءته بعد ذلك الرؤوس.
ولما وصل رأس محمد إلى المنصور كان الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب عنده، فلما رأى الرأس عظم عليه وتجلد خوفاً من المنصور، فالتفت المنصور إليه وقال: أهو هو؟ قال: نعم، ولوددت أن الله تعالى قاده إلى طاعتك، ولم تكن فعلت به كذا، قال: وأنا وإلا فأم موسى طالق، ولكنه أراد قتلنا فكانت نفسنا أكرم علينا من نفسه.
ولما رأى المنصور رؤوس بنى شجاع قال: هكذا فليكن الناس! طلبت محمداً فاشتمل عليه هؤلاء، ثم نقلوه وانتقلوا معه، ثم قاتلوا معه حتى قتلوا.
مكث محمد بن عبد الله من حين ظهر إلى أن قُتل شهرين وسبعة عشر يوما.
وكان مقتل محمد وأصحابه يوم الاثنين بعد العصر لأربع عشرة خلت من شهر رمضان خمس وأربعين ومائة عند أحجار الزيت.

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:36 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب
كان ظهوره بالبصرة فى أول شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة، وكان قبل ظهوره قد طلب أشد الطلب، فحكت الجارية له أنهم لم تقرهم أرض خمس سنين، مرة بفارس، ومرة بكرمان، ومرة بالجبل، ومرة بالحجاز، ومرة باليمن، ومرة بالشام، ثم إنه قدم الموصل وقدمها المنصور فى طلبه، فحكى إبراهيم عن نفسه قال: اضطرنى الطلب بالموصل حتى جلست على مائدة المنصور، ثم خرجت وقد كف الطلب.
وجرت لهذا ألوان فى اختفائه وربما يظفر به بعض الأعوان فيطلقه لما يعلم من ظلم عدوه, ثم اختفى بالبصرة وهو يدعو إلى نفسه فاستجاب له خلق لشدة بغضهم لأبى جعفر.
ثم لما ظهر محمد النفس الزكية وغلب على الحرمين وجه أخاه إبراهيم إلى البصرة فدخلها فى أول رمضان فغلب عليها وبيض أهلها ورموا السواد ( أى لبس ثياب بيضاء وكان العباسيون قد فرضوا على الناس لبس السواد ) وخرج معه عيسى بن يونس ومعاذ بن معاذ وعباد بن العوام وإسحق بن يوسف الأزرق ومعاوية بن هشيم بن بشير وجماعة كبيرة من الفقهاء وأهل العلم.
هاجم إبراهيم البصرة ونادى منادي إبراهيم: لا يتبع منهزم ولا يدفق على جريح، ومضى إبراهيم بنفسه إلى باب زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن العباس، وإليها ينسب الزينبيون من العباسيين، فنادى بالأمان وألا يعرض لهم أحد، فصفت له البصرة ووجد فى بيت مالها ألفى ألف درهم، فقوي بذلك وفرض لأصحابه لكل رجل خمسين درهماً.
ثم عزم إبراهيم على السير، فأشار عليه أصحابه البصريون أن يقيم ويرسل الجنود، فيكون، إذا انهزم لك جند أمدتهم بغيرهم، فخيف مكانك واتقاك عدوك، وجبيت الأموال وثبتت وطأتك، فقال من عنده من أهل الكوفة: إن بالكوفة أقواماً لو رأوك ماتوا دونك، وإن لم يروك قعدت بهم أسباب شتى، فسار عن البصرة إلى الكوفة، وكان المنصور - لما بلغه ظهور إبراهيم - فى قلة من العسكر فقال: والله ما أدرى كيف أصنع!! ما فى عسكري إلا ألفا رجل، فرقت جندي!! فمع المهدي بالري ثلاثون ألفاً، ومع محمد بن الأشعث بأفريقية أربعون ألفاً، والباقون مع عيسى بن موسى، والله، لئن سلمت من هذه لا يفارق عسكري ثلاثون ألفاً، ثم كتب إلى عيسى بن موسى بالعود مسرعاً، فأتاه الكتاب وقد أحرم بعمرة فتركها، وعاد وكتب إلى سلم بن قتيبة فقدم عليه من الرى، فقال له المنصور: اعمد إلى إبراهيم ولا يروعنك جمعة، فوالله - إنهما جملا بنى هاشم المقتولان، فثق بما أقول، وضم إليه غيره من القواد. وكتب إلى المهدى يأمره بإنفاذ خزيمة بن خازم إلى الأهواز، فسيره فى أربعة آلاف فارس فوصلها، وقاتل المغيرة، فرجع المغيرة إلى البصرة، واستباح خزيمة الأهواز ثلاثاً، وتوالت على المنصور الفتوق: من البصرة والأهواز وفارس وأواسط والمداين والسواد، وإلى جانبه أهل الكوفة فى مائة ألف مقاتل، ينتظرون به صيحة، فلما توالت الأخبار عليه بذلك أنشد:
وجعلت نفسى للرماح درية .
إن الرئيس بمثل ذاك فعول .
ثم وجه المنصور إلى إبراهيم، عيسى بن موسى فى خمسة عشر ألفاً، وعلى مقدمته حميد بن قحطبة فى ثلاث آلاف، وقال له - لما ودعه - : إن هؤلاء الخبثاء - يعنى المنجمين - يزعمون أنك إذا لاقيت إبراهيم، تجول أصحابك جولة حين تلقاه، ثم يرجعون إليك وتكون العاقبة لك. قال: ولما سار إبراهيم عن البصرة مشي ليلة فى عسكره سراً، فسمع أصوات الطنابير، ثم فعل ذلك ليلة أخرى فسمعها أيضاً، فقال: ما أطمع فى نصر عسكر فيه مثل هذا، فعلموا أنه نادم على مسيره، وكان ديوانه قد أحصى مائة ألف، وقيل كان معه فى طريقه عشرة آلاف، وقيل له ليبيت عيسى بن موسى، فقال: أكره البيات إلا بعد الإنذار، وقال له بعض أهل الكوفة: ائذن لى بالمسير إلى الكوفة، أدعو الناس سراً ثم أجهر، فإذا سمع المنصور الهيعة بأرجاء الكوفة، لم يرد وجهه شيء دون حلوان، فاستشار إبراهيم بشير الرحال، فقال: لو وثقنا بالذى تقول لكان رأيا، ولكنا لا نأمن أن تجيئك منهم طائفة، فيرسل إليهم المنصور الخيل، فيأخذ البريء والصغير والمرأة، فيكون ذلك تعرضاً للمآثم، فقال الكوفي: كأنكم خرجتم لقتال المنصور وأنتم تتوقون قتل الضعيف والصغير والمرأة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يبعث سراياه، فيقاتل ويكون نحو هذا، فقال بشير: أولئك كفار وهؤلاء مسلمون، فاتبع إبراهيم رأيه وسار حتى نزل باخمرا، وهى من الكوفة على ستة عشر فرسخاً مقابل عيسى بن موسى، فأرسل إليه سلم بن قتيبة يقول: إنك قد أصحرت، ومثلك أنفس به عن الموت، فخندق على نفسك حتى لا تؤتى إلا من وجه واحد، فإن أنت لم تفعل فقد أعرى أبو جعفر عسكره، فتخفف فى طائفة حتى تأتيه فتأخذ بقفاه، فدعا إبراهيم أصحابه وعرض عليهم ذلك، فقالوا: نخندق على أنفسنا ونحن ظاهرون عليهم؟ ! لا والله لا نفعل، قال: فنأتى أبا جعفر، قالوا: ولِمَ وهو فى أيدينا، متى أردناه؟ ! فقال إبراهيم للرسول: أتسمع، فارجع راشداً.
ثم إنهم تصادفوا، فصف إبراهيم أصحابه صفاً واحداً، فأشار عليه بعض أصحابه بأن يجعلهم كراديس، فإذا انهزم كردوس ثبت كردوس، فإن الصف إذا انهزم بعضه تداعى سائره، فقال الباقون: لا نصف إلا صف أهل الإسلام، يعني قول الله تعالى
)إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ(
)الصف 4) ثم التوا واقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم حميد بن قحطبة وانهزم الناس معه، فعرض لهم عيسى يناشدهم الله والطاعة، فلا يلوون عليه، وأقبـل حميد منهزماً فقال له عيسى: الله الله والطاعة، فقال: لا طاعة فى الهزيمة، ومر الناس فلم يبق مع عيسى إلا نفر يسير، فقيل له: أو تنحيت عن مكانك حتى يثوب إليك الناس، فتكر بهم؟ فقال: لا أزول عن مكانى هذا أبداً حتى أقتل أو يفتح الله على يدي، والله لا ينظر أهل بيتي إلى وجهي أبداً وقد انهزمت عن عدوهم، وجعل يقول لمن يمر به: اقرأوا أهل بيتى السلام، وقولوا لهم :لم أجد فداء أفديكم به أعز من نفسي، وقد بذلتها دونكم، فبينما هو كذلك لا يلوى أحد على أحد إذ أتى جعفر ومحمد ابنا سليمان بن على ظهور أصحاب إبراهيم، ولا يشعر باقي أصحابه الذين يتبعون المنهزمين، حتى نظر بعضهم فرأى القتال من ورائهم، فعطفوا نحوه ورجع أصحاب المنصور يتبعونهم، فكانت الهزيمة على أصحاب إبراهيم، فلولا جعفر ومحمد لتمت الهزيمة، وكان من صنع الله للمنصور أن أصحابه لقيهم نهر فى طريقهم، فلم يقدروا على الوثوب ولم يجدوا مخاضة فعادوا بأجمعهم، وكان أصحاب إبراهيم قد مخروا الماء ليكون قتالهم من وجه واحد، فلما انهزموا منعهم الماء من الفرار، وثبت إبراهيم فى نفر من أصحابه يبلغون ستمائة، وقيل أربعمائة، فقاتلهم حميد وجعل يرسل بالرؤوس إلى عيسى، وجاء إبراهيم سهم عائر فوقع فى حلقه فنحره، فتنحى عن موقفه وقال: أنزلونى، فأنزلوه عن مركبه وهو يقول: وكان أمر الله قدراً مقدوراً، أردنا أمراً وأراد الله غيره، واجتمع عليه أصحابه وخاصته يحمونه ويقاتلون دونه، فقال حميد بن قحطبة لأصحابه: شدوا على تلك الجماعة حتى تزيلوهم عن موضعهم، وتعلموا ما اجتمعوا عليه، فشدوا عليهم فقاتلوهم أشد القتال، حتى أفرجوهم عن إبراهيم وخلصوا إليه وحزّوا رأسه، فأتوا به عيسى بن موسى، فأراه ابن أبى الكرام الجعفرى، فقال: نعم هو رأسه، فنزل عيسى إلى الأرض فسجد، وبعث برأسه إلى المنصور، وقيل كان سبب انهزام أصحاب إبراهيم، أنهم لما هزموا أصحاب المنصور وتبعوهم نادى منادى إبراهيم: ألا تتبعوا مدبرا فرجعوا، فلما رآهم أصحاب المنصور راجعين ظنوهم منهزمين، فعطفوا فى آثارهم وكانت الهزيمة. قال: وبلغ المنصور الخبر بهزيمة أصحابه أولاً، فعزم على اتيان الرى، فأتاه "نوبخت" المنجم فقال: يا أمير المؤمنين، الظفر لك، وسيقتل إبراهيم فلم يقبل منه، فبينما هو كذلك إذ أتاه الخبر بقتل إبراهيم.

_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:41 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
وحمل رأس إبراهيم إلى المنصور، فوضع بين يديه فلما رآه بكى، حتى جرت دموعه على خد إبراهيم، ثم قال: أما والله إن كنت لهذا كارهاً، ولكنك ابتليت بى وابتليت بك، ثم جلس مجلساً عاماً وأذن للناس، فكان الداخل يدخل فيتناول إبراهيم، ويسيء القول فيه ويذكر فيه القبيح، التماساً لرضا المنصور، والمنصور ممسك متغير لونه، حتى دخل جعفر بن حنظلة البهرانى، فوقف فسلم ثم قـال: عَظَّم الله أجرك يا أمير المؤمنين فى ابن عمك، وغفر له ما فرط فيه من حقك، فاستقر لون المنصور وأقبل عليه، وقال: مرحبا أبا خالد ههنا، فعلم الناس أن ذلك يرضيه، فقالوا مثل قوله. قيل ولما وضع الرأس بين يدى المنصور بصق فى وجهه رجل من الحرس، فأمر به المنصور فضرب بالعمد، فهشمت أنفه ووجهه، وضرب حتى خمد وأمر به فجروا برجله فألقوه خارج الباب.


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:42 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
موقف الإمام أبى حنيفة والفقهاء مع إبراهيم
قال خليفة: صلى إبراهيم العيد بالناس أربعا وخرج معه أبو خالد الأحمر وهشيم بن بشير وعباد بن العوام وعيسى بن يونس ويزيد بن هارون ، ولم يخرج شعبة وكان أبو حنيفة يأمر بالخروج وكان أشدهم فى ذلك أبا حنيفة.

قال إبراهيم بن محمد الفزارى يحدث الأوزاعى قتل أخى مع إبراهيم الفاطمى بالبصرة فركبت لأنظر فى تركته فلقيت أبا حنيفة فقال لى: من أين أقبلت وأين أردت فأخبرته أنى أقبلت من المصيصة وأردت أخا لى قتل مع إبراهيم فقال: لو أنك قتلت مع أخيك كان خيرا لك من المكان الذى جئت منه قلت: فما منعك أنت من ذاك قال لولا ودائع كانت عندي وأشياء للناس ما استأنيت فى ذلك.

حدثنا محمد بن خالد البرقى، قال: كان أبو حنيفة يقول فى أيام إبراهيم ليبلغه ذلك! إنما أمر علي عليه السلام ألا يجهز على جريح، ولا يقتل مدبر فى قوم لم يكن لهم فئة يوم الجمل، ولم يفعل ذلك بصفين؛ لأن القوم كانت لهم فئة.

قال زفر بن الهذيل: كان أبو حنيفة يجهر بالكلام أيام إبراهيم جهارا شديدا فقلت له: والله ما أنت بمنته حتى توضع الحبال فى أعناقنا قال: فلم يلبث أن جاء كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى أن احمل أبا حنيفة قال: فغدوت إليه ووجهه كأنه مسح قال :فحمله إلى بغداد فعاش خمسة عشر يوما ثم سقاه فمات وذلك فى سنة خمسين ومات أبو حنيفة وله سبعون سنة "

قال حماد بن زيد : ما بالبصرة إلا من تغير أيام إبراهيم إلا ابن عون.
وحدثنى ميسور بن بكر سمع عبد الوارث يقول فأتينا شعبة فقلنا:كيف ترى ؟ قال: أرى أن تخرجوا وتعينوه فأتينا هشاما الدستوائى فلم يجبنا فأتينا سعيد بن أبى عروبة فقال: ما أرى بأسا أن يدخل رجل منزله، فإن دخل عليه داخل قاتله
عمر بن شبة
حدثنا خلاد بن يزيد سمعت شعبة يقول: باخمرا بدر الصغرى
وقال أبو نعيم: لما قتل إبراهيم هرب أهل البصرة برا وبحرا واستخفى الناس وقتل معه الأمير بشير الرحال وجماعة كثيرة
لحق إبراهيم بأخيه فقد كان يقول: "ما أتى علي يوم بعد قتل محمد إلا استطلته حباً للحاق به".
وكان مقتل إبراهيم يوم الاثنين لخمس ليال بقين من ذى القعدة سنة خمس وأربعين ومائة، وكان عمره ثمانيا وأربعين سنة، ومكث منذ خرج إلى أن قتل ثلاث أشهر إلا خمسة أيام.


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحجار الزيت
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين فبراير 26, 2018 11:43 pm 
غير متصل
Site Admin

اشترك في: الاثنين فبراير 16, 2004 6:05 pm
مشاركات: 24571
رأس سيدنا إبراهيم بن عبد الله المحض

شرفت الديار المصرية برأس سيدنا إبراهيم كما أشرنا إلى ذلك عند الحديث على رأس سيدنا زيد بن على. قال الكندى: " ثم قدمت الخطباء إلى مصر برأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فى ذى الحجة سنة خمس وأربعين ومئة، فنصبوه فى المسجد الجامع. وقامت الخطباء فذكروا أمره. "
قال المقريزى فى تعريفه لمسجد " مسجد تبر " : هذا المسجد خارج القاهرة مما يلى الخندق، عُرف قديماً بالبئر، والجميزة، وعُرف بمسجد تبر، وتسميه العامة مسجد التبن وهو خطأ، وموضعه خارج القاهرة قريباً من المطرية.

قال القضاعيّ: مسجد تبر بنى على رأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه، أنفذه المنصور فسرقه أهل مصر ودفنوه هناك، وذلك فى سنة خمس وأربعين ومائة، ويُعرف بمسجد البئر والجميزة.قال موفق الدين بن عثمان: " قدم به فى سنة 145 هـ، و بنوا عليه المشهد المعروف بمسجد التبن - و يقال التبر - بمسجد بحرى القاهرة بظاهر رأس الطالبية.. شرفه أهل مصر و دفنوه فى التاريخ المذكور .. و المشهد معروف بإجابة الدعاء ـ و الله أعلم بالصواب".


_________________
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 224 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 5, 6, 7, 8, 9, 10, 11 ... 15  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 15 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط