حفظكم الله و متعكم بالصحة شيخنا الجليل الفاضل الشيخ فراج يعقوب وكل عام وحضرتك بألف خير أسعدني مروكم الطيب وجزاكم الله خيرا كثيرا
______________ الأمير والدرويش - ترانيم صوفية أحمد بهجت ********** (14)
.. ابتسم شيخ الدراويش وقال : مولانا عظيم التواضع ، ولعل نفسه اللوامة هي التي تتحدث إلينا .. هل يهجر الأمير مقام الأنس إلى مقام الخوف إستبشاراً بقوله تعالى ( ولمن خاف مقام ربه جنتان .. . قال الأمير وهو يزداد إحساساً بالحرج .. لم يدر هذا في خاطري أيضا .. لقد جئت اسأل .. سئمت من الأجساد وأريد أن أعرف .. . قال شيخ الدراويش : آه.. جاء سادتنا لامتحاننا اذن .. نسأل الله المدد قال الأمير : أنت لا تفهم ما اقوله ايها الدرويش الطيب .. لقد تأملت الدنيا فوجدتها تمتلىء بالآلام والعبث ، وساءلت نفسي متحيراً .. لماذا خلق الله الخلق .. ولماذا خلق الله الشر .. جئت اسأل كيف تكون التوبة ، وجئت اسأل عن معنى التقوى .. إن الكلمة تتردد كثيراً في القرآن الكريم ، وأنا لا أفهم معناها .. وقد سألت عنها المفتي يوماً فظل يتحدث عنها حتى أدركني النوم ، وخجلت أن أسأله عنها حين إستيقظت ... هذا ما جئت لمعرفته أيها السادة . تهامس الدراويش فيما بينهم ، وقالوا للأمير : سوف نختار لك أصغر الدراويش سناً للإجابة على أسئلتك ، وهؤلاء هم السالكون حديثاً في الطريق .. فإذا رأيت حال السالكين عرفت مقام الواصلين . قال الأمير : أنتم تصرون على أنه إمتحان فلا بأس بما ترونه . . ، مازالت الدنيا عالقة بأطراف ثيابه حضر الدراويش الثلاثة وجلسوا أمام الأمير .. قال أولهم : سأل ضيفنا الأمير لماذا خلق الله الخلق .. والجواب هو الحب إن الله خلق الخلق ليحسن إليهم ، إن الحياة نعمة حتى لو حاصرتها آلاف العذابات ، جاء في الحديث القدسي قوله سبحانه : كان الإحسان قصدي من الخلق . وجاء في الحديث القدسي قوله تعالى : كنت كنزاً مخفياً فأردت أن يفيض عطائى فخلقت الخلق .. فبي عرفوني .. أيضا قال الله تعالى في محكم كتابه ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) و ان عبادة العابدين لا تزيد شيئاً في ملكه ، وكفر الكافرين لا ينقص شيئاً في ملكوته .. العبادة إذن مجد وهبه الله للعابدين ، وهي عطاء وإحسان يمن الله به على عباده .. ولذلك قال سادتنا العارفون بالله : عرفنا الله قبل أن نعرفه ، واعطانا قبل أن نسأله ، وخلقنا وهو غير محتاج إلينا .. ألا يعني ذلك أنه أحبنا قبل أن نحبه ؟
إنتهى الدرويش الأول وتكلم الثاني فقال : سأل ضيفنا الأمير لماذا خلق الله الشر ، لقد خلق الله الخير وخلق الخلائق من الإنس والجن ، وجعل لهم إرادة حرة فلك أن تختار ، من هنا نبع الشر ، والخير والشر نهار الإرادة وليلها ، وهما لازمان للإبتلاء ويحققان جوهره ، قال الحق (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)
تكلم الدرويش الثالث في التوبة فقال إنها انتقال من حال إلى مقام انتقال من حال ظلم النفس والآخرين إلى مقام العدل مع النفس و رد المظالم وهذه هي التوبة عند العوام ، أما عند الخواص...
فهي إخراج الأغيار السوي من القلب حتى يتفرغ القلب الله وحده ، والتوبة غصن والتقوى ثمرة ، والتقوى تبدأ من اتقاء ما يغضب الحق عز وعلا ، وتنتهي برؤية الحق وحده والفناء عمن سواه .
يتبع
_________________
مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم
|