موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3, 4, 5 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت مارس 12, 2005 1:28 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله , وآله ومن والاه .
أما بعد .. أقدم لإخوانى فى الموقع المبارك عرضا لكتاب من أروع الكتب المؤلفة فى علم التصوف , وهو كتاب ( الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى )
وأبدأ أولا بذكر نبذة سريعة عن الشيخ العارف سيدى ابن عطاء السكندرى , ثم أعرض بعد ذلك حكمه وشيئا من شروح أهل الله عليها , والله الموفق .

ترجمة المؤلف
اسمه :
تاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله السكندرى أبو الفضل ,المالكى مذهبا , الشاذلى طريق نشأفى الاسكندرية وبها تلقى ثقافته الأولى .

وتاريخ ابن عطاء الله يتصل اتصالا وثيقا بتاريخ الحركة الفكرية وتاريخ التصوف فى مصر فى القرنين السادس والسابع الهجريين .
فقد ولد سنة ( 658هجريا _ 1260 ميلاديا ) وتوفى فى جمادى الآخرة سنة (709 هجريا _ 1309 ميلاديا )

شيوخه :
أخذ العلم من علماء أجلاء منهم :
1ـ شيخه الإمام أبو العباس المرسى رضى الله عنه الذى هو تلميذ الإمام أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه
وقد لازم اثنى عشر عاما
2ـ ومنهم شيخه فى النحو الإمام المارونى
3ـ ومنهم شيخه الأبرقوهى

تلاميذه :
ومن تلاميذه الإمام العظيم تقى الدين السبكى

علمه :
كان إماما فقيها عالما جليلا وكان نموذج وحده بين المتصوفة , فقد جمع علوم الظاهر و علم الحقيقة , و برز فيها جميعاً
و لما استكمل علوم الظاهر كان ينكر على المتصوفين طريقتهم وعلومهم , و ما أن أتيحت له الفرصة و تعرف على القطب الربانى أبى العباس المرسى , حتى اهتدى بهديهم و آمن بطريقتهم , و اعترف بعلومهم
بل صارالتلميذ المفضل لأبى العباس المرسى .
ثم ساعدته العناية فصار واحداً من كبار المتصوفين و من المشار إليهم بالبنان .

قصته مع شيخه أبى العباس المرسى :
و يذكر ابن عطاء قصة تعارفه بأبى العباس فيقول كما جاء في كتابه " لطائف المنن " :
كنت لأمره _ أى أبي العباس _ من المنكرين , و عليه من المعترضين , لا لشىء سمعته منه , ولا لشىء صح نقله عنه , حتى جرت وبين بعض أصحابه مقالة , و ذلك قبل صحبتى إياه , و قلت لرجل منه , ليس إلا أهل العلم بالظاهر , و هؤلاء القوم يدعون أموراً عظيمة , ظاهر الشرع يأباها , ثم قلت فى نفسى , دعى أذهب إلى هذا الرجل و انظر فى شأنه فصاحب الحق له إمارات لا تخفى , فأتيت مجلسه فوجده يتكلم فى الانفاس التى أمر الشارع بها فقال : " الأول إسلام , و الثاني إيمان , و الثالث إحسان .
و إن شئت قلت الأول عبادة , والثانى عبودية , والثالث عبودة .
و إن شئت قلت : الأول شريعة , والثاني حقيقة , والثالث تحقق .
فما زال يقول : و إن شئت قلت , و إن شئت قلت , إلي أن بهر عقلي , و علمت أن الرجل إنما يغترف من فيض بحر إلهى و مدد ربانى , فأذهب الله ما كان عندى "
و يستطرد إبن عطاء الله فى قصته مع الشيخ أبي العباس فيقول : " ثم أتيت إلي المنزل فوجد معني غريباً لا أدري ما هو , فإنفردت في مكان أنظر إلي السماء وإلي كواكبها و ما خلق الله فيها من عجائب قدرته , فحملني ذلك على العودة إليه مرة أخرى .
فأتيته فأسؤذن لي عليه , فلما دخلت عليه قام قائماً و تلقاني ببشاشة و إقبال , حتي دهشت خجلاً , و إستصغرت نفسى أن أكون أهلاً لذلك , فكان أول ما قلت له : يا سيدى انا والله أحبك , فقال أحبك الله كما أحببتني .
ثم شكوت إليه ما أجده من هموم و أحزان فقال :
" أحوال العبد أربع لا خامس لها : النعمة , و البلية , و الطاعة , و المعصية , فإن كنت بالنعمة فمقتضي الحق منك الشكر , وإن كنت بالبلية فمقتضى الحق منك الصبر , و إن كنت بالمعصية فمقتضي الحق منك الأستغفار , و إن كنت بالطاعة فمقتضي الحق منك شهود مننه عليك فيها "
فقمت من عنده و كأنما كانت الهموم و الأحزان ثوباً نزعته .
ثم سألني بعد ذلك بمدة , كيف حالك ؟ فقلت : أفتش عن الهم فما أجده , فقال : إلزم , فوالله إن لزمت لتكونن فقيهاً فى المذهبين , يريد مذهب أهل الشريعة من أصحاب العلوم الظاهرة و مذهب أهل الحقيقة من أصحاب علوم الباطن .

ثناء العلماء عليه :
و قد أثنى العلماء عليه ثناء جميلا .
فقد قال ابن حجر في مدحه : صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشاذلي و صنف مناقبه و مناقب شيخه , و كان المتكلم على لسان الصوفية في زمانه .

و قال الذهبي : كانت له جلاله عظيمة ووقع في النفوس و مشاركة في الفضائل وكان يتكلم بالجامع الأزهر بكلام يروح النفوس , ومزج كلام القوم بآثار السلف فكثر أتباعه و كانت عليه سيما الخير.

و قال ابن الأهدال : الشيخ العارف بالله , شيخ الطريقين و إمام الفريقين , كان فقيها عالماً... وله عدة تصانيف كلها مشتملة على أسرار و معارف و حكم و لطائف و من طالع كتيه عرف فضله .

مؤلفاته :
1_ أصول مقدمات الوصول
2_ تاج العروس الحاوى لتهذيب النفوس
3- الطريق الجادة فى نيل السعادة
4_ لطائف المنن فى مناقب الشيخ أبى العباس المرسى وشيخه أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنها .
5_مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح فى ذكر الله الكريم الفتاح
6_ وكتابه الفذ الحكم العطائية , وسيأتى الكلام عنه قريبا .

وفاته :
توفى رضى الله عنه فى القاهرة فى شهر جمادى الآخرة سنة 709 هجريا وكان كهلا ,وكانت جنازته حافلة
ودفن بالقرافة وله قبر يزار .

والآن نتحدث عن الحكم العطائية :
وهى حكم منثورة على لسان أهل الطريقة الصوفية احتوت على التصوف وتطبيق الشريعة.
ولما صنفها عرضها على شيخه ابى العباس المرسى , فتأملها وقال له : لقد أتيت يابنى فى هذه الكراسة بمقاصد الإحياء (أى إحياء علوم الدين للغزالى ) وزيادة .
ولذلك تعشقها أرباب الذوق , لما رق من معانيها وراق , وبسطوا القول فى شرحها وبيانها وصارت تدرس وتشرح لأنها زبدة التصوف .

ويقوم كتاب الحكم على دعائم أربعة :
الأولى : علم التذكير والوعظ .
والثانية : تصفية الأعمال وتصحيح الأحوال .
الثالثة : تحقيق الأحوال والمقامات .
الرابعة : المعارف والعلوم الإلهية .
ثم ختم بطائف من المناجاة .

وعدد الحكم الواردة هى (مائتان وثلاث وستون حكمة – 263 )

ولما كان علم التصوف إنما هو نتائج الأعمال الصحيحة , وثمرات الأحوال الصافية , كما قيل ( من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم ) بدأ ابن عطاء الله بالكلام عن العمل فقال :

الحكمة الأولى ( من علامة الاعتماد على العمل , نقصان الرجاء عند وجود الزلل )

وسيأتى شرح تلك الحكمة من كلام أهل الله فى المشاركة القادمة بعون الله تعالى , ومدد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 17, 2005 7:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكرنا فى المشاركة السابقة أن سيدى ابن عطاء الله السكندرى تحدث عن العمل وما ورد فيه فى الحكمة الاولى وهى :

( من علامة الأعتماد على العمل , نقصان الرجاء عند وجود الذلل )

الأعتماد على الشىء هو : الأستناد عليه والركون اليه
والعمل : حركة الجسم أو القلب , فإن تحرك بما يوافق الشريعة سمى طاعة , وإن تحرك بما يخالف الشريعة سمى معصية

والأعمال ثلاثة أقسام :
عمل الشريعة , عمل الطريقة , عمل الحقيقة

فالشريعة : أن تعبده , والطريقة أن تقصده , والحقيقة أن تشهده
فالشريعة لإصلاح الظواهر , والطريقة لإصلاح الضمائر , والحقيقة لإصلاح السرائر

وأصلاح الجوارح بثلاثة أمور : بالتوبه والتقوى والأستقامة
وأصلاح القلوب بثلاثة أمور : بالإخلاص والصدق والطمأنينة
وأصلاح السرائر بثلاثة أمور : بالمراقبة والمشاهدة والمعرف .

والسرائر هنا هى الأرواح بذلها وإنكسارها , حتى تتهذب وترتاض بالأدب والتواضع وحسن الخلق .
فإذا تطهرت السرائر ملأت بالعلوم والمعارف والأنوار

وإذا كان الكلام عن الأعمال فلابد لها من تصفية الجوارح أو القلوب أو الأرواح , ولا يصح الأنتقال إلى مقام حتى يحقق ما قبله , فإذا تزكى الظاهر وتنور بالشريعة أنتقل من عمل الشريعة الظاهرة الى عمل الشريعة الباطنة وهى التصفية من أوصاف البشرية على ما يأتى :

فإذا تطهرت من أوصاف البشرية تحلت بأوصاف الروحانية وهى الأدب مع الله فى تجلياته التى هى مظاهره فحينئذ ترتاح الجوارح من التعب , وما بقى إلا حسن الأدب .

قال بعض المحققين : من بلغ الى حقيقة الإسلام لم يقدر أن يفتر عن العمل , ومن بلغ الى حقيقة الإيمان لم يقدر أن يلتفت الى العمل بسوى الله ,
ومن بلغ الى حقيقة الإحسان لم يقدر أن يلتفت الى أحد سوى الله

ولا يعتمد المريد فى سلوك هذة المقامات على نفسه ولا على عمله ولا على حوله وقوته , وإنما يعتمد على فضل ربه وتوفيقه وهدايته وتسديده
قال تعالى (( وربك يخلق ما يشاء ويختار , ما كان لهم الخيرة ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( لن يدخل أحدكم الجنة بعمله))

والأعتماد على الله من تحقق المعرفة بالله .
وعلامة الأعتماد على الله أنه لا ينقص رجاؤه إذا وقع فى العصيان , ولا يزيد رجاؤه إذا صدر منه إحسان

أى لا يعظم خوفه إذا صدرت منه غفلة كما لا يزيد رجاؤه إذا وقعت منه يقظة , قد أستوى خوفه ورجائه على الدوام
لأن خوفه ناشىء عن شهود الجلال , ورجاؤه ناشىء عن شهود الجمال , وجلال الحق وجماله لايتغيران بزيادة ولا نقصان
بخلاف المعتمد على الأعمال , إذا قل عمله قل رجاؤه , وإذا كثر عمله كثر رجاؤه لشركه مع ربه وتحققه بجهله , ولو فنى عن نفسه وبقى بربه لستراح من تعبه وتحقق بمعرفة ربه .

ولابد من شيخ كامل يخرجك من تعب نفسك الى راحتك بشهود ربك , فالشيخ الكامل هو الذى يريحك من التعب لا الذى يدلك على التعب .

" من دلك على العمل فقد أتعبك , ومن دلك عن الدنيا فقد غشك , ومن دلك على الله فقد نصحك " كما قال الشيخ ابن مشيش رضى الله عنه .

والدلالة على الله هى الدلالة على نسيان النفس فإذا نسيت نفسك ذكرت ربك
قال تعالى ( واذكر ربك إذا نسيت ) أى ما سواه .
و سبب التعب هو ذكر النفس و الإعتناء بشئونها و حظوظها , و أما من غاب عنها فلا يلقى إلا الراحة
و لا تدرك الراحة إلا بعد التعب و يحصل الظفر إلا بالطلب .
و نتابع في الحكمة الثانية إن شاء الله تعالى
و صل اللهم وسلم على سيدنا محمد و آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 23, 2005 4:48 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
[color=#660000]الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا
سوف نكمل إن شاء الله شرح حكم سيدى ابن عطاء الله السكندرى ومعنا اليوم الحكمةالثانية وهى :

( إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك فى ا لأسباب من الشهوة الخفية , وإرادتك الأسباب مع إقامة الله إياك فى التجريد انحطاط عن الهمة العلية )

التجريد فى اللغة : هو التكشيط والإزالة , تقول جردت الثوب أى أزلته عنى , وتجرد فلان أزال ثوبه
أما عند أهل الصوفية فهو على ثلاثة أقسام : تجرد الظاهر فقط , أو الباطن فقط , أو هما معا
و تجريد الظاهر هو: ترك كل ما يشغل الجوارح عن طاعة الله .
و تجريد الباطن هو : ترك كل ما يشغل القلب عن الحضور مع الله
و تجريدهما هو إفراد القلب و القالب لله تعالى
و الاسباب : عباره عن ما يتوصل به إلى غرض ما ينال فى الدنيا
و التجريد : عباره عن عدم تشاغله بتلك الاسباب

لاجل ذلك فمن اقامه الحق تعالى فى الاسباب و اراد هو الخروج منها فذلك من شهوته الخفية و إنما كانت من الشهوة لعدم وقوفه مع مراد الله تعالى به و إرادته هو خلافه ذلك
و لتوضيح المسألة أكثر ما ذكره في التنوير :

أن من شأن العدو ان ياتيك فيما انت فيه مما اقامك الله فيحقره عندك يتطلب غير ما اقامك الله فيه فيشوش عليك قلبك و يكدر وقتك
و ذلك انه يأتى للمتسبيبين فيقول لهم لو تركتم الاسباب و تجردتم لاشرقت لكم الانوار و لصفت منكم القلوب و الاسرار قائلا و كذلك صنع فلان و فلان
و يكون هذا العبد ليس مقصودا بالتجريد و لا طاقة له به انما صلاحه فى الاسباب فيتركها فيتزلزل إيمانه و يذهب إقانه و يتوجه إلى الطلب من الخلق و الى الاهتمام بأمر الرزق فيرمى فى بحر القطيعه و ذلك قصد العدو منه أنما يأتيك فى صوره ناصح كما اتى أبويك فيما اخبر الله تعالى عنه بقوله تعالى " و قال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجره إلا ان تكون ملكين او تكونا من الخالدين و قاسمهما إنى لكما لمن الناصحين "
و كذلك يأتى للمتجردين و يقول لهم إلى متى تدركون الاسباب ألم تعلموا ان ترك الاسباب تتطلع معه القلوب إلى ما فى إيدى الناس و يفتح باب الطمع ولا يمكنكم الاسعاف و الايثار ولا القيام بالحقوق وعوض ماتكون منتظراً لما يفتح به عليك من الخلق فلو دخلت فى الاسباب بقى غيرك منتظراً ما يفتح به عليه منك إلا غير ذلك و يكون هذا العبد قد طاب وقته و انبسط نوره ووجد الراحه بالانقطاع عن الخلق فلا يزال به حتى يعود إلى الاسباب فتصيبه كدورتها و تغشاه ظلمتها و يعود الدائم فى سببه احسن حالا منه لان ذلك ما سلك طريقا ثم رجع عنها و لقصد مقصداً ثم انعطف عنه
فافهم و اعتصم بالله ( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم )
و انما قصد الشيطان بذلك ان يمنع العباد الرضاعن الله تعالى فيما هم فيه وان يخرجهم عن مختار الله لهم إلى مختارهم لأنفسهم
وما ادخلك الله فيه تولى إعانتك عليه و مادخلت فيه بنفسك وكلك إليه ( وقل ربى ادخلنى مدخل صدق واخرجنى مخرج صدق و اجعل لى من لدنك سلطاناً نصيراً )
و الذى يقتضيه الحق منك ان تمكث حيث اقامك حتى يكون الحق سبحانه هو الذى تولى إخراجك كما تولى إدخالك و ليس الشأن ان تترك السبب بل الشأن ان يتركك السبب
قال بعضهم تركت السبب كذا و كذا مرة فعدت إليه ثم تركنى السبب فلم اعد اليه
و دخلت على الشيخ رضى الله عنه و فى نفسى العزم على التجريد قائلا فى نفسى إن
الوصو ل الى الله تعالى على هذه الحاله بعيد من الاشتغال بالعلوم الظاهره ووجود المخالطة للناس فقال لى من غير ان اسأله صحبنى انسان مشتغل بالعلوم الظاهرة و متصدر فيها فذاق من هذا الطريق شيئا فجاء إلى فقال يا سيدى اخرج عما انا فيه واتجرد لصحبتتك فقلت له ما ليس الشأن ذا و لكن امكث فيما انت فيه و ما قسم الله لك على ايدينا فهو إليك واصل .
ثم قال الشيخ و نظر إلى و هكذا شأن الصديقين لا يخرجون من شىء حتى يكون الحق سبحانه وتعالى هو الذى تولى اخراجهم
فخرجت من عنده و قد غسل الله تلك الخواطر من قلبى ووجدت الراحة فى التسليم لله تعالى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم " ا ه كلامه فى التنوير فى هذا المعنى .
و صل اللهم و سلم على سيدنا محمد و على آله وسلم تسليما كثيرا
[/color]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 24, 2005 6:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسام تسليما كثيرا
سوف نكمل اليوم بإذن الله الحكمة الثالثة من حكم سيدي ابن عطاء الله السكندري وهى:

(سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار )

السوابق في اللغة هي: جمع سابقة وهى المتقدمة
والهمم: جمع همة, والهمة قوة انبعاث القلب في طلب الشيء و الاهتمام بها فإن كان ذلك الأمر رفيعاً في معرفة الله و طلب رضاه سميت همة عالية, و إن كان أمراً خسيساً كطلب الدنيا و حظوظها سميت همة دنية .
و الهمم السوابق : هي قوى النفس التى تنفعل عنها بعض الموجودات بإذن الله
و تسميها الصوفية همة : فيقولون أحال فلان همته على امر ما فإنفعل له ذلك
و هذه الهمم السابقة لا تنفعل الاشياء عنها إلا بالقضاء و القدر و هو بمعنى قولنا بإذن الله تعالى فهى على حال سبقيتها و نفوذها لا تخرق اسوار الأقدار و لا تنفذها
و هذه الهمم قد تكون للاولياء كرامات , و قد تكون لغيرهم إستدراجاً و مكراً , كما تكون للعائن والساحر و قد ثبت إن العين حق و السحر حق
و للتوضيح :
أنه يجب ان يعتقد أنها أسباب لا تاثير لها ولا فاعلية و أن الفاعل هو الله تعالى وحده .
وصل اللهم على سيدنا محمد و آله و سلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مارس 28, 2005 4:13 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
[الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كبيرا كثيرا

الحكمة الرابعةمن حكم سيدنا ابن عطاء الله السكندرى و هى :

( أرح نفسك من التدبير , فما قام به غيرك عنك لا تقم به أنت لنفسك )

التدبير في اللغة: هو النظر فى الأمور و أواخرها
تناول الكلام عن التدبير على ثلاث أقسام :
قسم مذموم, و قسم مطلوب , و قسم مباح

فأما القسم المذموم:

فهو الذى يصحبه الجزم و التصميم سواء كان دينياً او دنيوياً لما فيه من قلة الادب و ما يتعجله لنفسه من التعب , إذ ما قام به الحى القيوم عنك لما تقوم به انت عن نفسك و غالب ما تدبره لنفسم لا تساعده رياح الاقدار , و تعقبه الهموم و الاقدار
لذلك قال أحمد بن مسروق " من ترك التدبير فهو فى راحة "
وقال سهل بن عبد الله " ذروا التدبير و الاختيار , فأنهما يكدران على الناس عيشهم "
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه " لا تختر من امرك شيئاً و اختر الا تختار , وفر من ذلك المختار , و من فرارك , و من كل شىء إلا الله تعالى : ( و ربك يخلق من يشاء و يختار )

أما القسم المطلوب :

فهو تدبير ما كلفت به من الواجبات , و ما ندبت اليه من الطاعات , مع تفويض المشيئة والنظر إلى القدره , و هذا يسمى النيه الصالحة
و قد قال عليه الصلاة و السلام " نية المؤمن خير من عمله "
و قال صلى الله عليه وسلم حاكياً عن الله صلى الله عليه وسلم
" إذا هم عبدى بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنه كامله"
و هذا مفهوم قول الشيخ فما قام به غيرك , إذ مفهومه ان ما لم يقم به عنك و هو الطاعه لا يضرك تدبيره و لذلك قال ابراهيم الخواص رضى الله عنه
" العلم كله فى كلمتين :
لا تتكلف ما كفيت ولا تضيع ما استكفيت "
فقوله لا تتكلف ما كفيت هو القسم الأول المذموم , و قوله لا تضيع ما استكفيت هو القسم التانى المذموم
و قال الشيخ ابو الحسن الشاذلى رضى الله عنه :
" و كل مختارات الشرع و ترتيباته ليس لك منه شىء انما هو مختار الله لك و اسمع و اطع , و هذا محل الفقة الربانى و العلم الإلهامى , و هو أرض لتنزل علم الحقيقة المأخوذ عن الله تعالى لمن استوى "
و قوله لمن استوى :
اى كمل عقله و تمت معرفته و استوت حقيقته مع شريعته لكن لا ينبغى الاسترسال معه فيشغله عن الله

أما القسم المباح :

فهو التدبير فى امر دنيوى او طبيعى مع التفويض للمشيئة و النظر لما يبرز من القدرة غير معول على شىء من ذلك و عليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم " التدبيبر نصف المعيشة "

و للتوضيح ما قاله الشيخ فى كتابه " التنوير فى اسقاط لتدبير "

اعلم أن الاشياء انما تذم و تمدح بما تؤدى إليه
فالتدبير المذموم ما شغلك عن الله , و عطلك عن القيام بخدمة الله , و صدك عن معاملة الله
و التدبير المحمود هو الذى يؤديك إلى القرب من الله و يوصلك إلى مرضاة الله .

و صلى اللهم وسلم على سيدنا محمد و على آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 31, 2005 7:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719

الحمدلله , والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم - بإذن الله - الحكمة الخامسة من حكم سيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( اجتهادك فيما ضمن لك , وتقصيرك فيما طلب منك , دليل على انطماس البصيرة منك )

الاجتهاد فى الشىء : استفراغ الجهد والطاقة فى طلبه .
والتقصير : هو التفريط والتضييع .
والبصيرة : ناظر القلب , كما أن البصر ناظر القالب .

فالبصيرة لاترى إلا المعانى , والبصر لايرى إلاالمحسوسات

فإذا أراد الله فتح بصيرة العبد أشغله فى الظاهر بخدمته , وفى الباطن بمحبته , فكلما عظمت المحبة فى الباطن والخدمة فى الظاهر قوى نور البصيرة حتى يستولى على البصر , فيغيب نور البصر فى نور البصيرة , فلا يرى إلا ما تراه البصيرة من المعانى اللطيفة والأنوار القديمة .

وإذا أراد الله خذلان عبده أشغله فى الظاهر بخدمة الأكوان , وفى الباطن بمحبتها , فلا يزال كذلك حتى يطمس نور بصيرته , فيستولى نور بصره على نور بصيرته , فلا يرى إلا الحس , ولا يخدم إلا الحس ( أى عالم المادة المحسوس ) , فيجتهد فى طلب ما هم مضمون من الرزق المقسوم , ويقصر فى ما هو مطلوب منه من الفرض المحتوم .

والشئ المضمون للعبد هو رزقه الذى يحصل له به قوام وجوده فى دنياه .

ومعنى كونه مضمونا أن الله تعالى تكفل بذلك , وفرغ العباد عنه , ولم يطلب منهم الاجتهاد فى السعى فيه , ولا الاهتمام له .

والشئ المطلوب من العبد هو العمل الذى يتوصل به إلى سعادة الآخرة , والقرب من الله تعالى من عبادات وطاعات .

ومعنى كونه مطلوبا أنه موكول إلى اكتساب العبد له , واجتهاده فيه , ومراعاة شروطه وأسبابه وأوقاته .

بهذا جرت سنة الله تعالى فى عباده .. قال الله عز وجل – فى المعنى الأول الذى ضمنه للعبد – ( وكأين من دآبة لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ) .

وقال تعالى - فى المعنى الثانى الذى طلبه منه – ( وأن ليس للإنسان إلا ماسعى ) .

وقال إبراهيم الخواص : العلم كله فى كلمتين .. لاتتكلف ما كفيت , ولا تضيع ما استكفيت .

وقال سيدى ابن عطاء الله السكندرى فى التنوير فى قوله تعالى ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) أى قم بخدمتنا ونحن نقوم لك بقسمتنا .

فمن قام بهذا الأمر على الوجه الذى ذكرناه من الاجتهاد فى الأمر المطلوب منه , وتفريغ القلب عن الأمر المضمون له فقد انفتحت بصيرته , وأشرق نور الحق فى قلبه , وحصل على غاية المقصود , ومن عكس هذا الأمر فهو مطموس البصيرة , أعمى القلب , وفعله دليل على ذلك .

وفى تعبيره بالاجتهاد إشارة إلى أن طلب الرزق من غير اجتهاد لابأس به للمريد , ولا يدل ذلك على انطماس بصيرة صاحبه إلا إن اقترن به تقصير فيما أمر به .

فإذا كان الله تعالى قد رزق أهل الجحود , كيف لا يرزق أهل الشهود ؟!!!!
وإذا كان سبحانه قد أجرى رزقه على أهل الكفران , كيف لا يجرى رزقه على أهل الإيمان ؟!!!!!

وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 05, 2005 5:00 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً

معنا اليوم الحكمة السادسة من حكم سيدى بن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا يكن تأخر امد العطاء مع الإلحاح فى الدعاء موجباً ليأسك , فهو ضمن لك الإجابة فيما يختار لك لا فيما تختار لنفسك , و فى الوقت الذى يريد لا فى الوقت الذى تريد )

الإلحاح فى الشىء هو: تكرره على وجه واحد
والدعاء هو : طلب مصحوب بأدب فى بساط العبودية لجناب الربوبية
و الموجب للشىء ما كا اصلا فى وجوده , و اليأس قطع المطامع

حكم العبد الا يتخير شيئاً على مولاه و يجزم بصالحية حال من الاحوال له لأنه جاهل من اى وجه قد يكره الشىء و هو خير له و يحب الشىء و هو شر له
قال سيدى ابو الحسن الشاذلى :
" لا تختر من امرك شيئاً و اختر الا تختار و فر من ذلك المختار و من فرارك و من كل شىء إلى الله عز و جل ( و ربك يخلق ما يشاء و يختار ) .

فعلى العبد ان يسلم نفسه إلى مولاه و يعلم ان الخير له فى جميع ما به يتولاه وإن خالف ذلك مراده و هواه .
قال الشيخ العربى رضى الله عنه :
الناس تقضى جوائجهم بالحرص فيها و الجرى عليها , و نحن نقضى حوائجنا بالزهد فيها
و الاشتغال بالله عنها .

و إن كان لابد من الدعاء فليكن دعاؤك عبودية لا طلباً للحظ ,فإن تركت الحظوظ صبت عليك الحظوظ , و إن غلب عليك وارد الطلب و طلبت شيئاً ثم تأخر عنك و قت العطاء فيه , فلا تتهم الله فى وعده " أدعونى أستجب لكم "

ولا تيأس من نواله ورفده , فإن الله ضمن لك الاجابة فيما يريد من خير الدنيا و خير الاخرة و قد يكون اجابك و عين لذلك و قتاً هو اصلح لك و انفع فيعطيك ذلك فى الوقت الذى يريد لا فى الوقت الذى تريد و قد قال تعالى ( و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة )
وما موصولة اى و يختار الامر الذى لهم فيه خيرتهم
و قد يمنعك لطفاً بك لكون ذلك المطلب لا يليق بك و يؤخر لك ذلك لدار الكرامة و البقاء و هو خيرا لك و ابقى
وفى الحديث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم :
" ما من داع إلا و هو بين إحدى ثلاث إما ان تعجل له طلبته , و إما ان يدخر له ثوابها , و إما ان يصرف عنه من السوء مثلها "

إذاً الإجابه امرها لله تعالى يجعلها متى شاء و قد يكون المنع و تأخر العطاء إجابه و عطاء لمن فهم عن الله تعالى ذلك فلا ييأس العبد من فضل الله تعالى إذا رأى منعاً او تأخيراً و إن ألح فى دعائه
و سؤاله و قد يكون تأخير ذلك للأخره خيراً له
فقد جاء فى بعض الاخبار
" يبعث عبد فيقول الله تعالى له ألم آمرك برفع جوائجك إلىُ فيقول نعم و قد رفعتها إليك فيقول الله تعالى ما سألت شيئاً إلا اجبتك فيه ولكن نجزت لك البعض فى الدنيا و ما لم انجزه فى الدنيا فهو مدخر لك فخذه الان حتى يقول ذلك العبد ليته لم يقض لى حاجه فى الدنيا "

و قد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النهى عن الاستعجال فى إحابة الدعاء فى قوله
( يستجاب لاحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت فلم يستجاب لى )
قال الشيخ عبد العزيز المهدوى رضى الله عنه : من لم يكن فى دعائه تاركاً لاختياره
راضياً باختيار الحق تعالى له فهو مستدرج ممن قيل له " اقضوا حاجته فإنى اكره ان اسمع صوته "
فإن كان مع إختيار الحق تعالى لا مع اختياره لنفسه كان مجاباً و إن لم يعط , و الاعمال بخواتمها

و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و سلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 07, 2005 7:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا
سوف نستعرض اليوم بإذن الله تعالى الحكمة السادسة من حكم سيدى بن عطاء الله السكندرى .وهى :

( لايشككنك فى الوعد عدم وقوع الموعود وإن تعين زمنه
لئلا يكون ذلك قدحا فى بصيرتك , وإخمادا لنور سريرتك )

التشكيك فى الشىء هو : التردد فى الوقوع وعدمه
الوعد : هو الأخبار بوقوع الشىء فى محله
والموعود : هو المخبر به , والقدح فى الشىء : هو التنقيص له والغض من مرتبته
والبصيرة : هى القوة المهيمنه لإدراك المعانى
والسريرة : هى القوة المستعدة لتمكن العلم والمعرفة

وأعلم أن النفس والعقل والروح والسر شىء واحد , ولكن تختلف التسامى بإختلاف المدارك , فما كان من مدارك الشهوات فمدركه النفس وما كان من مدارك الأحكام الشرعية فمدركه العقل
وما كان من مدارك التجليات والواردات فمدركه الروح
وما كان من مدارك التحقيقات والتمكنات فمدركه السر والمحل واحد
وإخماد الشىء خفاؤه بعد ظهوره

فالحق سبحانه وتعالى لايخلف الميعاد فمن وعده مولاه شيئا وإن كان معين الوقت ثم لم يقع ذلك الموعود فلا ينبغى أن يشككه ذلك فى صدق وعد ربه لجواز أن يكون وقوع ذلك الوعد معلقا على أسباب وشروط أستأثر الحق تعالى بعلمها دون العبد
فعلى العبد أن يعرف قدره ويتأدب مع ربه ويسكن إليه فيما وعده به ويطمئن إليه ولا يتشكك فى ذلك ولا يتزلزل أعتقاده فيه , فمن كان على هذا الوصف فهو عارف بالله تعالى سالم البصيرة منور السريرة

ومن الأمثلة على ذلك ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال له :
ألم تخبرنا أنا ندخل مكة , فقال له عليه الصلاة والسلام :
( أقلت لك هذا العام ؟ فقال لا, فقال إنك داخلها ومطوف بها )

فلابد لك من تصديق ما وعدك الله به وحسن ظنك به وبأوليائه ولا سيما شيخك
فإياك أن تضمر التكذيب أو الشك فيكون ذلك قدحا فى بصيرتك وقد يكون سببا فى طمسها ويكون ايضا إخمادا أى إخفاء وإطفاء لنور سريرتك , فترجع من حيث جئت , وتهدم كل ما بنيت
فانظر أحسن التأويلات وألتمس أحسن المخارج .

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 11, 2005 6:26 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و آله وسلم تسليماً كثيراً

معنا اليوم بإذن الله تعالى الحكمة السابعة من حكم سيدى بن عطاء الله السكندرى و هى :

( إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال إن قل عملك , فإنه ما فتحها لك إلا و هو يريد ان يتعرف إليك , ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك و الأعمال انت مهديها إليه ؟
و أين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك)

فتح هنا : بمعنى هيأ و يسر , و الغالب أستعماله فى الخير
و الوجهة : هى الجهة و المراد هنا الباب و المدخل
و التعريف : طلب المعرفه تقول تعرف لى فلان : إذا طلب منى معرفته
و المعرفة : تمكن حقيقة العلم بالمعروف من القلب حتى لا يمكن الانفكاك عنه بحال
و المبالاة التهمم بفوات الشىء

إذا تجلى لك الله تعالى بإسمه الجليل او بإسمه القهار و فتح لك منها باباً ووجهة لتعرفه منها
فاعلم أن الله تعالى قد أعتنى بك و أراد ان يجتبيك لقربه و يصطفيك لحضرته
فإلتزم الأدب معه بالرضا و التسليم , و قابله بالفرح و السرور
و لا تبال بما يفوتك بها معها من الأعمال البدنية , فأنما هى وسيلة للأعمال القلبية
فإنه ما فتح هذا الباب إلا و هو يريد أن يرفع بينك و بينه الحجاب

ألم تعلم أن التعرفات الجلالية هو الذى اوردها عليك لتكون عليه وارداً
و الاعمال البدنية أنت مهديها إليه لتكون إليه بها واصلاً
و فرق كبير بين ما تهديه انت من الاعمال المدخولة و الاحوال المعلولة , و بين ما يورده عليك الحق تعالى من تحف المعارف الربانية و العلوم اللدنية

فطب نفساً ايها المريد بما ينزل عليك من هذه التعرفات الجلالية و النوازل القهرية
و مثل ذلك كالأمراض و الاوجاع و الشدائد و الاهوال , و كل ما يثقل على النفس
و يؤلمها كالفقر و الذل و أذية الخلق و غير ذلك مما تكرهه النفوس

فكل ما ينزل بك من هذه الأمور فهى نعم كبيره و مواهب غزيرة تدل على قوة صدقك
إذ بقدر ما يعظم الصدق يعظم التعرف " أشدكم بلاءً الانبياء , فالامثل فالامثل "

و الصدق متبوع, و إذا اراد الله أن يطوى مسافة البعد بينه و بين عبده سلط عليه البلاء
حتى إذا تخلص و صفى صلح للحضرة كما تصفى الفضة و الذهب بالنار لتصلح لخزانة الملك

و ما زال الشيوخ و العارفون يفرحون بهذه النوازل و يستعدون لها فى كسب المواهب
و كان الشيخ سيدى على العمرانى رضى الله عنه يسميها ليلة القدر و يقول :
كل الحيزة هى ليلة القدر التى هى خير من الف شهر و ذلك لأجل ما يجتنيه
العبد من أعمال القلوب التى الذره منها افضل من أمثال الجبال من اعمال الجوارح
و لذلك قال
" إذا طرقت بابى من الدهر فاقة – فتحت لها باب المسرة و البشر
و قلت لها اهلاً و سهلاً و مرحباً – فوقتك عندى احظى من ليلة القدر "

روى عن سعيد المقبرى : قال سمعت ابا هريرة يقول " قال الله تبارك و تعالى
إنى ابتلى عبدى المؤمن فإذا لم يشك إلى عواده حللت عنه عقدى و بدلت له لحماً خيراً من لحمه و دماً خيراً من دمه ثم قلت له استأنف العمل "

قال الشيخ اليزيدى رضى الله عنه :
هذه التعرفات الجلاليه على ثلاثة أقسام :
- قسم عقوبة و طرد
- و قسم تأديب و تنبيه
- قسم زيادة و ترق
أما الذى هو عقوبة و طرد : فهو الذى يسىء الادب فيعاقبه الحق تعالى , و يجهل فيها فيسخط و يقنط و ينكر فيزداد من الله طرداً و بعداً " نسأل الله العفو و العافيه"
و أما القسم الذى هو تأديب : فهو يسىء الادب فيأدبه الحق تعالى فيعرفه فيها و ينتبه لسوء أدبه و ينهض عن غفلته فهى فى حقه نعمة فى مظهر نقمة
و أما الذى هى فى حقه زيادة و ترق : فهو الذى تنزل به هذه التعرفات من غير سبب فيعرف فيها و يتأدب معها و يترقى بها إلى مقام الرسوخ و التمكين .

"و لذلك قال بعضهم بقدر الإمتحان يكون الإمتكان "

فإذا أنزل الله على العبد شيئاً من البلايا فليستشعر ما ذكرناه و ليجعله نصب عينيه و ليجدد تذكاره على نفسه حتى يحصل له من السكون و الطمأنينة ما يحمل عنه أثقال ذلك و يزيل عنه مرارته و يوجده حلاوته
و عند ذلك يكون حاله فى بلا ئه حال الشاكرين .

و صل الله على سيدنا محمد و على آله و سلم تسليماً كثيراً.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس إبريل 14, 2005 8:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله و الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله و على آله وسلم تسليماً كثيراً

معنا اليوم بإذن الله تعالى الحكمة الثامنة من حكم سيدى ابن عطاء الله السكندرى و هى :

( تنوعت أجناس الأعمال بتنوع واردات الأحوال )

تنويع الشىء : هو تكثيره
والأعمال هنا : عبارة عن حركة الجسم
والواردات والأحوال : عبارة عن حركة القلب
فالخاطر والوارد والحال محلها واحد وهو القلب , لكن مادام القلب تخطر فيه الخواطر الظلمانية والنورانية سمى ما يخطر فيه خاطرا
وإن أنقطعت عنه الخواطر الظلمانية سمى ما يخطر فيه واردا أو حالا
فإن دام ذلك سمى مقاما

أعمال الجوارح تابعة لأحوال القلوب , فإن ورد على القلب قبض ظهر على الجوارح أثره من السكون
وإن ورد عليه بسط ظهر على الجوارح أثره من الخفة والحركة
وإن ورد على القلب زهد ظهر على الجوارح أثره وهو ترك وإحجام أى تأخر
وإن ورد على القلب رغبة وحرص ظهر على الجوارح أثره وهو كد وتعب
وإن ورد على القلب محبة وشوق ظهر على الجوارح أثره وهو شطح ورقص
وإن ورد على القلب معرفة وشهود ظهر على الجوارح أثره وهو راحة وركود , إلى غير ذلك من الأحوال وما ينشأ عنها من الأعمال .
وقد تختلف هذه الأحوال على قلب واحد فيتلون الظاهر فى أعماله
وقد يغلب على قلب واحد حال واحد فيظهر عليه أثر واحد
فقد يغلب على الشخص القبض فيكون مقبوضا فى الغالب , وقد يغلب عليه البسط كذلك إلى غير ذلك من الأحوال
وفى الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله , ألا وهى القلب )
ولأجل هذا المعنى أختلفت أحوال الصوفية :
فمنهم عباد , ومنهم زهاد , ومنهم الورعون , والمريدون , والعارفون .

قال الشيخ زروق رضى الله عنه فى قواعده:
قاعدة: النسك الأخذ بكل مسلك من الفضائل من غير مراعاة لغير ذلك
فإن رام التحقيق فى غير ذلك : أى النسك فهو العابد
وإن مال للأخذ بالأحوال فهو الورع
وإن آثر جانب الترك طالبا للسلامة فهو الزاهد
وإن أرسل نفسه فى مراد الحق فهو العارف
وإن أخذ بالتخلق والتعلق فهو المريد

وقال فى قاعدة أخرى : لايلزم مع أختلاف المسالك أختلاف المقاصد
بل يكون متحدا مع أختلاف مسالكه كالعبادة والزهادة والمعرفة
مسالك لقرب الحق على سبيل الكرامة وكلها متداخلة
فلابد للعارف من عبادة وإلا فلا عبرة بمعرفته إذ لم يعبد معروفه
ولابد له من زهادة وإلا فلا حقيقة عنده إذ لم يعرض عما سواه
ولابد للعابد منهما إذ لا عبادة إلا بمعرفة أى فى الجملة
ولا فراغ للعبادة إلا بزهد , والزاهد كذلك إذ لا زهد إلا بمعرفة أى فى الجملة , ولا زهد إلا بعبادة وإلا عاد بطالة

نعم فمن غلب عليه العمل فعابد , أو ترك فزاهد , أو النظر لتصريف الحق فعارف . والكل صوفية

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا













أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 19, 2005 5:48 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله وسلم تسليما كثيرا

اليوم معنا بإذن الله تعالى الحكمة التاسعة لسيدى ابن عطاء الله السكندرى و هى :

( الأعمال صور قائمة, و أرواحها و جود سر الإخلاص فيها )

الأعمال هنا : عبارة عن الحركة الجسمانيه أو القلبية
و الصور : جمع صورة و هو ما يتشخص فى الذهن من الكيفيات
و الروح : السر و هنا عبارة عما يقع به الكمال المعتبر فى الأعمال
الإخلاص : إفراد القلب بعبادة الرب و سره لبه و هو الصدق المعبر عنه بالتبرى من الحول و القوة إذ لا يتم إلا به و إن صح دونه
و الإخلاص نفى الرياء و الشرك الخفى و سره : نفى العجب و ملاحظة نفسه

فإخلاص كل عبد فى اعماله على حسب رتبته و مقامه

فأما من كان من الأبرار
فمنتهى درجة إخلاصه ان تكون اعماله سالمة من الرياء الجلى و الخفى و قصد موافقة اهواء النفس طلباً لما وعد الله به المخلصين من جزيل الثواب و حسن المآب و هرباً من العقاب و هذا من التحقق بمعنى قوله:
(إياك نعبد)
اى لا نعبد إلا اياك و لا نشرك فى عبادتنا غيرك و حاصل أمره إخراج الخلق عن نظره فى اعمال بره مع بقاء رؤيته لنفسه فى النسبة إليها و الإعتماد عليها

و اما من كان من المحبين المقربين
فقد جاوز هذا إلى عدم رؤيته لنفسه فى عمله
فاخلاصه إنما هو شهود إنفراد الحق تعالى بتحريكه و تسكينه من غير ان يرى لنفسه فى ذلك حولا و لا قوة و يعبر عن هذا المقام بالصدق الذى به يصح مقام الاخلاص اى و هو من التحقق بمعنى قوله :
( و إياك نستعين ) أى لا نيستعين إلا بك لا بأنفسنا و حولنا و قوتنا

فعمل الاول هو العمل لله تعالى و عمل الثانى هو العمل بالله تعالى
فلعمل لله يوجب المثوبة و العمل بالله يوجب القربة

كما قال ابن الفارض :
ليس سؤلى من الجنان نعيماً *** غير أنى أحبها لأراك
و قال آخر :
كلهم يعبدون من خوف نار *** و يرون النجاةحظاً جزيلا
أو بأن يسكنوا الجنان فيضحوا *** فى رياض و يشربوا السلسبيلا
ليس لى فى الجنان و النار رأى*** انا لا ابتغى بحبى بديلا

و بهذا يتبين الفرق بين المقامين و تباينهما فى الشرف و الجلالة
فإخلاص كل عبد هو روح اعماله بوجود ذلك تكون حياتها و صلاحيتها للتقرب بها و يكون فيها أهلية وجود القبول لها و بعدم ذلك يكون موتها و سقوطها

قال بعض المشايخ : صحح عملك بالإخلاص و صحح إخلاصك من الحول و القوة

و قال بعض العارفين :
لا يتحقق الإخلاص حتى يسقط من عين الناس و يسقط الناس من عينه
و لذلك قال آخر :
كلما سقطت من عين الخلق عظمت فى عين الحق

ولا يتحقق الخروج من النفس و التخلص من دقائق الرياء من غير شيخ أبداً
والله تعالى أعلى و أعلم

و صل اللهم على سيدنا محمد و آله و سلم تسليما كبيرا]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 26, 2005 6:04 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله و سلم تسليما كثيرا

اليوم معنا بإذن الله تعالى الحكمة العاشرة من حكم سيدي ابن عطاء الله السكندري و هي :

( إدفن وجودك فى أرض الخمول , فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه )

الدفن : هو التغطية و الستر
و الخمول: هو سقوط المنزلة عند الناس
و نتاج الشجرة ثمرتها : أستعير هنا للحكم و المواهب و العلوم التى يجتنيها العبد من
المعرفة بالله
و ذلك عند موت نفسه و حياة روحه

و لا شىء اضر على المريد من الشهرة و انتشار الصيت لأن ذلك من أعظم حظوظه التى هو مأمور بتركها و مجاهدة النفس فيها وفى هذا تكلم أهل الله كثيرا و منهم :
قال إبراهيم ابن ادهم رضى الله عنه :
" ما صدق الله من احب الشهرة "

و قال بعضهم :
" طريقتنا هذه لا تصلح إلا لأقوام كنست بأرواحهم المزابل "

و قال ايوب السختيانى رضى الله عنه :
" و الله ما صدق الله عبد إلا سره ان لا يشعر بمكانه "

و قال رجل لبشر بن الحرث رضى الله عنه :
" أوصنى فقال اخمل ذكرك و اطب مطعمك "

و قال بعضهم رضى الله عنهم :
" ما أعرف رجلا احب ان يعرف إلا ذهب دينه و افتضح "

و قال أيضاً :
" لا يجد حلاوة الآخرة من احب ان يعرفهم الناس "

و قال بعض الحكماء :
" الخمول نعمة و النفس تأباه, و الظهور نقمة و النفس تهواه "

الخمول هو الخفاء فى أعين الناس

و الخمول هو إسقاط المنزلة عند الناس و كتمان سر الولاية و كل ما يسقط المنزلة عندهم
و ينفى تهمة الولاية فهو خمول
و بقدر تحققك بوصف الخمول يتحقق لك مقام الاخلاص حتى تتخلص بذلك من رؤية إخلاصك
و بهذا يتباين لك إفلاس جميع الناس الا من رحم الله تعالى فإن الإخلاص فى غاية الصعوبة على النفس و انه اعز الأشياء فى الوجود

و قيل لسهل بن عبد الله رضى الله عنه :
" اى شىء اشد على النفس : قال الاخلاص لأنها ليس لها فيها نصيب "
و قال يوسف بن الحسين رضى الله عنه :
" اعز شىء فى الدنيا الاخلاص و كم اجتهد فى إسقاط الرياء عن قلبى فكأنه ينبت فيه على لون اخر "

فإذا اخمل العبد نفسه و ألزمها التواضع و المذلة و أستمر على ذلك حتى صار له خلقا و جبلة
بحيث لا يجد لضعته ألماو لا لمذلته طمعاً
فحينئذ تتزكى نفسه و يستنير بنور الإخلاص قلبه و ينال من ربه أعلى درجات الخصوصية و يحصل على أوفر نصيب من المحبة الحقيقية
قال الشيخ ابو طالب المكي رضى الله عنه :
" و متى ذل فى نفسه و أتضع عند نفسه فلم يجد لمذلته طمعا ولا لضعته حساً فقد صار الذل
و التواضع كونه فهذا لا يكره الذم من الخلق لوجود النقص فى نفسه ولا يحب المدح منهم لفقد القدر و المنزلة فى نفسه فصارت الذلة و الضعة صفة له لا تفارقه لازمة لزوم الزبالة للزبال و الكساحه للكساح وهما صنعتان له كسائر الصنائع ربما فخروا بهما لعدم النظر إلى نقصهما
فهذه ولاية عظيمة له من ربه قد ولاه على نفسه و ملكه عليها فقهرها بعزه
و هذا مقام محمود محبوب و بعده مقام المكاشفات بأسرار الغيوب "
ثم قال : " و من كان حاله مع الله تعالى الذل طلبه و استحلاه كما يطلب المستكبر العز و يستحليه إذا وجده فإن فارق ذلك الذل ساعة تغير قلبه لفراق حاله كما إن المتعزز إذا فارق العز ساعة تكدر عليه عيشه لان ذلك حياة نفسه "

فإذن لابد للمريد من إسقاط جاهه و إخماد ذكره و فراره عن مواضع اشتهاره و تعاطيه أمورا مباحة تسقطه من أعين الناس
" كقصة السائح الذى سمع به ملك زمانه فجاء إليه فلما علم بذلك السائح استدعى بقلاً و جعل يأكله اكلا عنيفاً بمرأى من الملك فلما رآه على تلك الحالة استحقره و استصغره و انصرف عنه زاما له "

فإذا التزم العبد هذه الطرق من الرياضات ماتت نفسه وحيا قلبه و قرب من حضرة ربه و اجتنى ثمرة غرسه على غاية الكمال و التمام و تلك الثمرة أخلاق الإيمان التى تكيفت بها نفسه
و صارت كصفات ذاتية له و هي نتيجة الحكمة التى أنبتها الله فى قلوب عباده المتواضعين
" ومن يؤت الحكمة فقد اؤتى خيراً كثيراً"
قال سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام :
" اين تنيت الحكمة قالوا فى الأرض فقال عليه الصلاة و السلام : كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الارض"

و قد ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم فى مدح الخمول و ذم الشهره احاديث كثيره منها :
فى حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" رب أشعث اغبر ذي طمرين تنبو عنه اعين الناس لو اقسم عن الله لأبره فى قسمه "

و فى حديث آخر ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" يكون فى امتى رجلا يقال له أويس القرنى يدخل فى شفاعته عدد ربيعه و مضر لو اقسم على الله لأبره فمن لقيه بعدى فليقرئه منى السلام ثم سئل عن علامته ؟
فقال : هو رجل أصهب اشهل ذو طمرين ابيضين له أم و قد كان به بياض فدعي الله عز و جل فأذهبه عنه إلا مقدار دينار أو الدرهم لا يؤبه له مجهول في الأرض معروف فى السماء "

فالخمول كما قال الشيخ زروق رضى الله عنه:
" تحقق النفس بوصفها الأدنى و شعورها به ابداً , ووصفها الأدنى هو الذل , و كل ما يثقل عليها فمرجعها للتحقيق بوصف التواضع وفائدته تحصيل العمل و كمال الحقيقة "

تنبيه : هذه الأدوية التى ذكرنا انما هى فى حالة المرض
و اما من تحقق شفاؤه و كمل فناؤه فهو عبد الله سواء أظهره او اخفاه
و فى هذا قال ابو العباس المرسى :
" من احب الظهور فهو عبد الظهور و من احب الخفاء فهو عبد الخفاء , و عبد الله سواء عليه اظهره او اخفاه "

و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 01, 2005 7:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719

الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله و على آله وسلم تسليما كثيراًً

معنا اليوم الحكمة الحادية عشر من حكم سيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ما نفع القلب شىء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة )

النفع : إيصال الفائدة
والقلب : القوة المستمدة لقبول العلم
و العزلة : إنفراد القلب بالله , و قد يراد بها الخلوة التى هى إنفراد القالب عن الناس و هو المراد هنا ,
إذ لا ينفرد القلب فى الغالب إلا إذا إنفرد القالب
و ميدان بالفتح و الكسر فى الميم : مجال الخيل استعير هنا للأفكار إذ ترددها فى مواقعها كتردد الخيل فى مجالها
و الفكرة : سير القلب إلى حضرة الرب و هى على قسمين :
فكرة تصديق و إيمان , و فكرة شهود و عيان على ما يأتى .

لا شىء انفع للقلب من عزلة مصحوبة بفكرة , لأن العزلة كالحمية و الفكرة كالدواء , فلا ينفع الدواء من غير حمية ولا فائدة فى الحمية من غير دواء .
فلا خير فى عزلة لا فكرة فيها , ولا نهوض لفكرة لا عزلة معها
إذ المقصود من العزلة هو تفرغ القلب , و المقصود من التفرغ هو جولان القلب و إشتغال الفكرة
و المقصود من إشتغال الفكرة تحصيل العلم و تمكنه من القلب
و تمكن العلم بالله من القلب هو دواؤه و غاية صحته , وهو الذى سماه الله القلب السليم
قال الله تعالى فى شأن القيامة :
( يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) أى الصحيح

و قد قالوا : إن القلب كالمعدة إذا قويت عليها الأخلاط مرضت , و لا ينفعها إلا الحمية , وهى قلة مواردها و منعها من كثرة الأخلاط .
وفى الحديث الشريف :
( المعدة بيت الداء , و الحمية رأس الدواء )

وكذلك القلب إذا قويت عليه الخواطر واستحوذ عليه الحس مرض وربما مات , ولا ينفعه الا الحمل منها ، و الفرار
من مواطنها و هي الخلطة

فإذا اعتزل عن الناس واستعمل الفكرة نجح دواؤه و استقام قلبه , و إلا بقى سقيماً حتى يلقى الله بقلب سقيم بالشك و الخواطر الرديئة نسأل الله العافية .

قال الجنيد رضى الله عنه :
أشرف المجالس الجلوس مع الفكرة فى ميدان التوحيد .

قال الشيخ أبو الحسن رضى الله عنه :
ثمار العزلة الظفر بمواهب المنة و هى أربعة :
كشف الغطاء , و تنزل الرحمة , و تحقق المحبة , و لسان الصدق فى الكلمة , قال الله تعالى :
( فلما اعتزلهم و ما يعبدون من دون الله وهبنا له ..)

و اعلم أن فى الخلوة عشر فوائد :

1- السلامة من آفات اللسان .
فإن من كان وحده لا يجد معه من يتكلم .
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رحم الله عبد سكت فسلم , أو تكلم فغنم )

وقد قيل فى كثرة الكلام :
قلة الورع , و عدم التقوى , و طول الحساب , و نشر الكتاب , و كثرة الطالبين , و تعلق المظلومين بالظالمين , وكثرة الأشهاد من الكرام الكاتبين , و دوام الإعراض عن الملك الكريم

2- حفظ البصر , والسلام من آفات النظر .
فإن من كان معتزلاً عن الناس سلم من النظر إليهم
قال تعالى ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه )
قال بعض الأدباء " من كثرت لحظاته دامت حسراته "

3 _ حفظ القلب و صونه عن الرياء و المداهنة و غيرهما من الأمراض .
قال بعض الحكماء : من خالط الناس داراهم ، و من داراهم راءاهم ،و من راءاهم وقع فيما وقعوا فهلك كما هلكوا
قال بعض الصوفية : قلت لبعض الأبدال المنقطعين إلى الله كيف الطريق إلى التحقيق ؟
قال : لا تنظر إلى الخلق فإن النظر إليهم ظلمة .

4- حصول الزهد فى الدنيا و القناعة منها .
وفى ذلك شرف العبد و كماله , و سبب محبته عند مولاه لقوله صلى الله عليه وسلم ( ازهد فى الدنيا يحبك الله , و ازهد فى فيما ايدى الناس يحبك الناس )

5- السلام من صحبة الاشرار , و مخالطة الارذال .
ففى بعض الأخبار " مثل الجليس السوء كمثل الكير إذا لم يحرقك بشراره علق بك من ريحه "

6- التفرغ للعبادة و الذكر و العزم على التقوى و البر
قال أبو طالب المكى فى قوت القلوب : و أما الخلوة فإنه تفرغ القلب من الخلق , وتجمع الهم بالخالق , وتقوى العزم على الثبات .

7- و جدان حلاوة الطاعات , و تمكن لذيذ المناجاة , لفراغ سره , و هذا مجرب صحيح .
قال أبو طالب : و لا يكون المريد صادقا حتى يجد فى الخلوة من الحلاوة و النشاط والقوة ما لايجده فى العلانية , وحتى يكون أنسه فى الوحدة وروحه فى الخلوة , وأحسن أعماله فى السر .

8- راحة القلب والبدن .
فإن فى مخالطة الناس ما يوجب تعب القلب بالاهتمام بأمرهم , وتعب البدن بالسعى فى أغراضهم , وتكميل مرادهم , وإن كان فى ذلك ثواب .
فقد يفوته ما هو أعظم وأهم وهو جمع القلب فى حضرة الرب .

9- صيانة نفسه ودينه من التعرض للشرور والخصومات التى توجبها الخلطة .
فإن للنفس تولعا وتصارعا للخوض فى مثل ذلك إذا اجتمعت بأرباب الدنيا وزاحمتهم فيها .

10- التمكن من عبادة التفكر والاعتبار , وهو المقصود الأعظم من الخلوة .
وفى الخبر ( تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة ) .
وكان سيدنا عيسى عليه السلام يقول " طوبى لمن كان كلامه ذكرا , وصمته تفكرا , ونظره عبرة , وإن أكيس الناس من دان نفسه , وعمل لما بعد الموت " .
وقال الحسن رضى الله عنه : الفكرة مرآة تريك حسنك من سيئك , ويطلع بها أيضا على عظمة الله وجلاله إذا تفكر فى آياته ومصنوعاته .
فهذه ثمرات عزلة أهل البداية .

وأما أهل النهاية … فعزلتهم مصحوبة معهم ولو كانوا وسط الخلق
لأنهم رضى الله عنهم أقوياء محجوبون بالجمع عن الفرق
وبالمعنى عن الحس
استوى عندهم الخلوة والخلطة
لأنهم يأخذون النصيب من كل شئ
ولا يأخذ النصيب منهم شيئا .

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا





أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 06, 2005 5:18 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثانية عشر من حكم سيدى ابن عطاء الله السكندرىوهى :

( كيف يشرق قلب , صور الأكوان منطبعة فى مرآته )

يشرق : بضم الياء أى يستنير ويضىء
صور الأكوان : أشخاصها وتماثيلها الحسية والمعنوية
والأكوان : أنواع المخلوقات دقت أو جلت
منطبعة : أى ثابتة , وأنطبع الشىء فى الشىء : ظهر أثره فيه
والمرآة بكسر الميم: آلة صقيلة ( أى لامعة) ينطبع فيها ما يقابلها
فكما قوى صقلها قوى ظهور ما يقابلها فيها
وأستعيرت هنا البصيرة التى هى عين القلب التى تتجلى فيها الأشياء حسنها وقبيحها

جعل الله قلب الأنسان كالمرآة ينطبع فيها كل ما يقابلها وليس لها إلا وجهة واحدة
فإذا أراد الله عنايته بعبد شغل فكرته بأنوار ملكوته وأسرار جبروته
ولم يعلق قلبه بمحبة شىء من الأكوان الظلمانية والخيالات الوهمية
فانطبعت فى مرآة قلبه أنوار الإيمان والإحسان , وأشرقت فيها أقمار التوحيد وشموس العرفان

والى ذلك أشار الششترى فى بعض أزجاله بقوله :

أغمض الطرف ترى … وتلوح أخبارك
وأفنى عن ذى الورى … تبدو لك أسرارك
وبصقل المرا … يه يزول إنكارك
ثم قال :
الفلك فيك يدور … ويضىء ويلمع
والشموس والبدور … فيك تغيب وتطلع

أى وبصقل مرآة قلبك يزول إنكارك للحق فتعرفه فى كل شئ
فيصير قلبك قطب فلك الأنوار تبدو فيه أقمار التوحيد وشموس العرفان

وإذا أراد الله تعالى خذلان عبد بعدله وحكمته أشغل فكرته بالأكوان الظلمانية والشهوات الجسمانية , فانطبعت تلك الأكوان فى مرآة قلبه
فانحجبت بظلماتها الكونية وصورها الخيالية عن إشراق شموس العرفان وأنوار الإيمان
فكلما تراكمت فيها صور الأشياء انطمس نورها وأشتد حجابها
فلا ترى إلا الحس ولاتتفكر إلا فى الحس
فمنها ما يشتد حجابها وينطمس نورها بالكلية فتنكر وجود النور من أصله
ومنها ما يقل صداها ويرق حجابها فتقر بالنور ولا تشاهده وهو مقام عوام المسلمين , وهم متفاوتون فى القرب والبعد وقوة الدليل وضعفه كلا على قدر يقينه , وقلة تعلقاته الدنيوية

كما جاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لكل شئ مصقلة , ومصقلة القلوب ذكر الله "

فإذا علمت أن القلب ليس له إلا وجهة واحدة , إذا قابلها النور أشرقت , وإذاقابلتها الظلمة أظلمت , ولا تجتمع الظلمة والنور أبدا
لذلك تعجب الشيخ بقوله : كيف يشرق قلب بنور الإيمان والإحسان وصور الأكوان الظلمانية منطبعة فى مرآة قلبه ؟
فالضدان لا يجتمعان . قال الله تعالى :
( ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه )

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 10, 2005 4:50 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله صلى الله على آله و سلم تسليما ً كثيراً

معنا اليوم الحكمة الثالثة عشر من حكم سيدي ابن عطاء الله السكندرى و هي:

( أم كيف يرحل إلى الله و هي مكبل بشهواته )

الرحيل: هو النهوض و الانتقال من وطن إلى وطن
و هو هنا من نظر الكون إلى شهود المكون, او من الوقوف مع الأسباب إلى رؤية مسبب الأسباب
او من الغفلة إلى اليقظة , او من حظوظ النفس إلى حقول الله , او من علم اليقين إلى عين اليقين
او من عين اليقين إلى حق اليقين
او من مقام السائرين إلى وطن المتمكنين

و المكبل : هو المقيد
و المراد بالشهوات : هو كل ما تشتهيه النفس و تميل اليه

الرحيل مع التكبيل لا يجتمعان , فما دام القلب محبوساً بالميل إلى شىء من هذا
العرض الفانى و لو كان مباحاً فى الشرع فهو مقيد به و مكبل فى وطنه
فلا يرحل إلى الملكوت , و لا تشرق عليه انوار الجبروت
فتعلق القلب بالشهوات مانع له بالنهوض إلى الله لأشتغاله بالإلتفات
لذلك ترك الاكابر لذاتها حتى قال بعضهم :
" لدغ الزنانير على الاجسام المقرحة ايسر من لدغ الشهوات على القلوب المتوجهة "

فاقطع عنك عروق العلائق , و فر من وطن العوائق , تشرق عليك أنوار الحقائق
لهذا كانت السياحة و الهجرة من الأمور المؤكدة على المريد
إذ الإقامة فى وطنه الحسى لا يخلو معها من التعلقات الحسية

و قد قالوا :
الفقير كالماء إذا طال فى موطن واحد تغير , و إذا جرى عذب
و بقدر ما يسير فى الحس يسير فى المعنى , و بقدر ما يسير القالب يسير القلب
و الهجرة سنه نبوية , و منذ هاجر النبى صلى الله عليه و سلم لم تكن له راحة إلا فى السفر للجهاد , حتى فتح الله عليه البلاد و كذلك الصحابة رضوان الله عليهم لم يستقرفى وطنه
إلا القليل منهم , حتى فتح الله على ايديهم سائر البلاد و هدى الله بهم العباد
نفعنا الله ببركاتهم آمين


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3, 4, 5 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 21 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط