موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 26 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 4:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

إن ظاهرة قمع الأفكار المعارضة للسلطة العلمية القائمة ليست ظاهرة جديدة بل تعود آلاف السنين إلى الوراء.

كان أوّل إجراء يتخذه الغُزاة أو المستعمرين عند احتلالهم لبلاد جديدة هو تدمير الثقافة القائمة لاستبدالها بثقافة متوافقة مع السلطة المحتلة.

فبعد كل احتلال أو غزوة موفّقة، كانت المكتبات أوّل ما يتم استهدافه بالإضافة إلى المجتمع العلمي القائم في البلاد والذي كان يُباد بالكامل.

والسبب ليس مجرّد "سلب ونهب" كما يصوره لنا التاريخ، بل السبب الحقيقي هو القضاء على الثقافة القائمة لاستبدالها بثقافة المحتلّ، حيث أن هذه السياسة كانت سائدة وعرف القدماء جيداً أنها مجدية بشكل كبير.

فالثقافة التي يفرضها المحتل بين الشعوب الخاضعة للاحتلال ستفرّخ أجيالاً من الموالين له بشكل أعمى، وهذا سيوفّر عليهم استنزاف جهود كبيرة في عمليات القمع والإرضاخ للمعارضات الواسعة التي لا بد من أن تنتفض بين فترة وأخرى لمقاومة السلطة المحتلة.

يقال أن الاسكندر هو الذي بنى مكتبة الاسكندرية، والتي اعتبرت في حينها منارة للعلوم والثقافة المتطورة.

لكن ربما نجهل أن الاسكندر هو ذاته الذي دمّر مكتبة بيريسبوليس في بلاد فارس بالإضافة إلى الكثير من هذه المؤسسات الثقافية في الهند وأفغانستان وسوريا الكبرى.

نستنتج من ذلك أن الاسكندر، من خلال بناؤه للمكتبة، كان في الحقيقة يبني مؤسسة ثقافية تكرّس الثقافة اليونانية على حساب ثقافات محلية قديمة.

والأمر الذي لا شكّ فيه هو أن تلك الثقافات القديمة التي طمسها الاسكندر كانت أكثر تطوراً ورخاءً.

أعتقد أن البعد الزمني الطويل الذي ننظر من خلاله إلى التاريخ البعيد يعمل عمل الغشاوة القاتمة التي تمنعنا من معرفة الحقيقة.

فمكتبة الإسكندرية التي أنشأها الاسكندر، لازلنا اليوم نظن بأنها مثّلت منارة آخر ما توصّلت إليه العلوم في تلك الفترة، ونشعر بالامتنان له بسبب هذا العمل النبيل.

لكن لم يفطن أحد إلى حقيقة أن تلك المكتبة التي بناها الاسكندر كانت بالنسبة لمن عايش فترة حكمه تندرج ضمن عملية ممنهجة لتدمير الثقافة العلمية القائمة في ذلك الوقت ومحاولة تكريس ثقافة أخرى متدنية تقضي على الثقافة السائدة لصالح المحتلين.

ويجب أن نتذكّر بأنه ليس من صالح أي مستعمر أو محتل أن ينشر ثقافة متنورة في البلاد الخاضعة تحت سيطرته.

أعتقد أن ما فعله الاسكندر بالشعوب التي غزاها هو ذاته ما فعله الأسبان خلال فتحهم لأمريكا الجنوبية، وليس هناك من بقي على قيد الحياة من معارضيه لكي يقول الحقيقة.

وكما هي الحال مع أمريكا الجنوبية التي أصبحت ثقافتها، الرسمية على الأقل، تمجّد كولومبوس واكتشافه لتلك القارة المسكينة بدلاً من لعنته ألف مرة (كما يفعل المفكرين المستقلين)، أعتقد أن الثقافة التي خلفها الاسكندر في البلاد التي احتلها هي السبب الرئيسي وراء تمجيد هذا الرجل الطاغية وتأليهه، لأنه بكل بساطة لم يبقى هناك أي ثقافة معارِضة له حيث تم سحقها بالكامل.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 4:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

كان تدمير السجلات المطبوعة والمخطوطات القديمة أعظم بكثير مما هو متوقع .

فمكتبة الإسكندرية الأولى (والتي كانت عظيمة) احتوت يوماً على مليون مخطوط يتضمن مواضيع عن العلوم والفلسفة وأسرار العالم القديم (متضمنة أيضاً فهرس كامل للمؤلفين في 120 نسخة مع سيرة ذاتية مختصرة لكل مؤلف) وفي إحدى أحداث التخريب المقصود، دمر يوليوس قيصر 700000 مخطوطة نادرة في هذه المكتبة!

هل تعلم أن مكتبة الإسكندرية استخدمت في إحدى الفترات كمصدر للوقود لـ 400 حمام عام من حمامات المدينة حيث استمرّ حرق الكتب لمدة ستة أشهر؟!

وهذا الدمار الكلي طال أوراق البردي في مكتبة ممفيس Memphis أيضاً.

هل تعلم أنه لم يصل إلينا من الأدب اليوناني والروماني سوى أقل من واحد بالمائة؟!

ربما لهذا السبب لازلنا جاهلين عن ما كان يجري بالضبط في العالم القديم..

نحن لسنا على اطلاع بتراثنا الإنساني القديم.

يقول الباحث أندرو توماس Andrew Tomas بأنه علينا أن نعتمد على الأجزاء غير المترابطة والعبارات والمقاطع الهزيلة في سبيل بناء صورة عن الماضي.

إن ماضينا البعيد هو عبارة عن فراغ مملوء عشوائياً بلوحات تذكارية وتماثيل ورسومات وعدة أدوات ومصنوعات أثرية سخيفة.

لو أن مكتبة الاسكندرية صمدت حتى اليوم، لكان التاريخ العلمي مختلفاً تماماً، ولكنا تعرفنا على عظمة أسلافنا القدماء ورقيهم.

إليكم بعض الأحداث الموثّقة التي ذكرتها السجلات التاريخية التي تروي تفاصيل مملّة عن المجازر التي تعرّضت لها المكتبات:

ـ في سنة 335 ق.م أحرق الإسكندر الأكبر مكتبة برسيبولس، ويقال أنه كان فيها عشرة آلاف مخطوط.

ـ في سنة 270 ق.م ، قام الإمبراطور الصيني " تسي شن هوانغ " بإحراق جميع الكتب العلمية والتاريخيّة الصينيّة، ويقال أنّ عددها كان مئة ألف مخطوط .

ـ وفي الصين أيضاً، نشر الإمبراطور شي هوانغ تي إعلاناً عام 213 ق .م. يقضي بتدمير عددا لا يحصى من الكتب.

ـ وقد دمرت مكتبة قرطاج والتي كانت تضم 500.000 مخطوط بنار أشعلها الرومان مدة سبع عشر يوماً وذلك في عام 146 ق.م وهذا ما حصل كذلك لمكتبة بيرغاموس Pergamos في آسيا الصغرى والتي تحتوي على 200000 نسخة.

ـ في سنة 48 ق.م، أحرقت جميع الكتب الملحقة بمعبد أبولو في اليونان .

ـ في سنة 48 ق.م، قام يوليوس قيصر بإحراق مكتبة الإسكندريّة .

ـ وفي مدينة أوتن الفرنسية Autun، طمست العديد من المخطوطات المذهلة في مجالات الفلسفة والطب وعلم الفلك وعلوم أخرى وذلك على يد يوليوس قيصر. هذا ولم تنجوا أية مخطوطة منها.

ـ في السنة الأولى بعد الميلاد، أحرق الإمبراطور الروماني أغسطس كل الكتب الغريبة على الرومانيين، ومصدرها الهند والتبت ومصر الفرعونية، وكان عددها ألفي كتاب.

ـ في سنة 54م، أمر القدّيس بولس بإحراق جميع الكتب الموجودة في مدينة أفسوس .

ـ في سنة 296م، أمر الإمبراطور دقليانوس بحرق جميع الكتب والمخطوطات الإغريقيّة والفرعونيّة الموجودة في البلاد .

ـ في نهاية القرن الثالث، قام الحكام المسيحيون بإحراق جميع مكتبات أفسوس مرة ثانية، والتي احتوت على الآلاف من الكتب والمراجع النّادرة.

ـ في سنة 389م، أحرق الإمبراطور تيودوسيوس جميع المكتبات المعروفة في عصره، وكانت أعدادها هائلة جداً.

ـ في السنة 490م، أحرقت مكتبة الإسكندريّة مرة ثانية.

ـ في سنة 510م، هاجمت الجماهير مكتبة روما وأتلفوا كل ما احتوته من كتب ومخطوطات مهمّة تعد بعشرات الآلاف.

ـ في سنة 641م، أحرقت مكتبة الإسكندريّة مرة ثالثة.

ـ في سنة 728م ، أحرق ليون ايزوري مكتبة بيزنطة، وكان فيها ما يزيد على نصف مليون كتاب.

ـ في سنة 789م، أحرق الملك شارلمان جميع المخطوطات والمراجع الوثنيّة المضادة للكنيسة .

ـ وقد دمر القسم الأكبر من الأدب الأوروبي الكلاسيكي بسبب التدمير المنظم من قبل الكنيسة البابوية في سبيل القضاء على الوثنية.

طالت هذه العملية جميع أنحاء أوروبا.

والشيء المفاجئ هو نجاة كتابات هوميروس رغم إتلاف مجموعة معروفة لبيزيسترتوس في أثينا بنفس الوقت، وذلك في القرن السادس .


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 4:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

ـ أحرق ليو إزاروس Leo isaurus في القرن الثامن 300000 كتاب في القسطنطينية.

ـ في سنة 1221م، أحرق هولاكو مكتبات العراق.

ـ في القرن الثالث عشر كان الكهنة المسيحيين قد انتهوا من إحراق كل المكتبات في جميع أنحاء أوروبا.

ـ في القرن الرابع عشر، قامت محاكم التفتيش بحرق جميع الكتب والمراجع المضادة للمسيحية خوفاً من تأثيرها السلبي على الشعب.

ـ في القرن السادس عشر، قام الأرشيدوق "دييغو دي لاندا" بحرق كل مكتبات المكسيك القديمة.

ـ بحث الغزاة الأسبان عن كل الآداب المتعلقة بحضارة المايا وقاموا بتدميرها دماراً كاملاً بصفتها علوم وثنية (باستثناء أربع وثائق فقط! موجودة الآن في متاحف أوروبية).

وقد تحدث الكثير من الشهود عن الصرخات المعذبة التي أطلقها علماء المايا خلال رؤيتهم أعمالهم وأعمال أسلافهم تحترق أمام أعينهم وتتتطاير مع اللهب مما أدى إلى انتحار البعض منهم.

ـ في سنة 1566م، أمر نائب ملك البيرو، كان اسمه "فرانشيسكو الطليدي"، بحرق كل الرسوم والنقوش الموجودة على اللّوحات وجدران المعابد القديمة، والتي تحدثت جميعها عن حضارات أمريكا الجنوبية التي لازالت غامضة حتى الآن.

ـ أقر مجلس ليما في العام 1583م، بحرق الحبال المعقودة quipas التي كتب شعب الإنكا تاريخهم وتاريخ أسلافهم عليها!....

يا لها من مذبحة..! فقدت فيها أعظم مخازن المعرفة في العالم القديم.. وإلى الأبد..

ـ في القرن الثامن عشر، هبط الكاهن سيكار إلى مصر، وراح يجوب البلاد ويشتري المخطوطات النادرة من الأهالي ثم يحرقها!

ـ في سنة 1790م، قامت محاكم التفتيش بإحراق جميع أعمال العبقري البرتغالي "جيسماو" الذي توصل إلى صنع أول طائرة في التّاريخ الإنساني المكتوب، بالإضافة إلى علوم الكيمياء الغريبة التي أبدع بها.

ـ في الحروب النابليونيّة، تم تدمير أو نهب الكثير من المكتبات الكبيرة في أوروبا.

ـ في الحرب العالمية الأولى، دمرت مكتبات أو حرقت أو نهبت.

ـ الحرب العالمية الثانية، تم تدمير مكتبات كثيرة تحتوي على مخطوطات ومراجع نادرة لا يمكن استعاضتها أبداً.

وفقد الإنسان علوم كثيرة تم التوصل إليها حديثاً، لكنّها اختفت من الذاكرة الإنسانية بعد هذا التاريخ..

وربما إلى الأبد.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 4:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

يجب أن نتذكر أمراً مهماً هو أنَّ كلَّ معركة، كلّ ثورة أو انقلاب جماهيري عبر التاريخ الإنساني الطويل، لا بدّ من أن يتمّ فيها حرق وتدمير ونهب الكتب والمراجع والمخطوطات والتّماثيل والرّسومات والنّقوش وغيرها من أشياء تمثّل فكر معيّن شاء القدر أنء يمحوه تماماً من الوجود.

يمكننا تكوين فكرة بسيطة عن مدى التدمير الذي كان يجري في الماضي للثقافات، من خلال الاقتباس المُختصر المأخوذ من كتاب "بصمات الآلهة" Fingerprints of the Gods للكاتب "غراهام هانكوك"Graham Hancock خلال تصويره لما كان يجري للثقافات المحلية في أمريكا اللاتينية بعد الفتح الأسباني للبلاد.

يقول "هانكوك" في الفصل 13 من كتابه (واصفاً موقع شولولا التاريخي في المكسيك):

".. الماضي، رغم أنه غالباً ما يكون جافاً ومغبراً، نادراً ما يكون أبكماً.

فأحياناً يمكنه الكلام بعاطفة وشغف.

يبدو لي بأنه يفعل ذلك هنا في هذا الموقع، حيث شهد على عملية التذليل النفسي والجسدي الذي عانته الشعوب المحلية في المكسيك عندما قام الفاتح الأسباني هيرناندو كورتيز بقلع ثقافة كاملة من جذورها كما يقطف عابر سبيل زهرة عباد الشمس..

.. في شولولا، التي كانت مركزاً للحجّ وعدد سكانها يفوق 100.000 نسمة في فترة الغزو، لا بدّ من أن الأمر تطلّب الكثير من القمع والإذلال من أجل النجاح في مسح الثقافة المزدهرة التي شهدتها في تلك الفترة .

فما كان أفضل من إذلال معبد كويتزالكوتل Quetzalcoatl، أجمل جبل صناعي شيّده الإنسان، حيث تم تحطيم وانتهاك قدسية المعبد الذي وقف يوماً على قمة هرم مدرّج عملاق، واستبداله بكنيسة..

.. كان كورتيز وأتباعه قليلو العدد بالمقارنة مع الشولوليين.

عندما دخل مع فرقته العسكرية إلى المدينة، لم يدركوا مدى الحظ الذي كان يحالفهم. لقد ظنّ السكان المحليون بأن النبوءة قد تحققت!

فالأسبان، ذوات البشرة البيضاء، والذين كانوا يرتدون دروع معدنية براقة، مثّلوا بالنسبة للمحليين عودة النبي كويتزالكوتل وأتباعه عبر البحار الشرقية..


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

.. بسبب هذا التوقّع المُنتظر، ما كان على الشولوليين الساذجين والواثقين سوى السماح للأسبان بأن يصعدوا المدرج المؤدّي إلى الفناء الشاسع التابع للمعبد القابع في قمة الهرم العظيم.

وراحت مجموعات من الفتيات المزيّنة تستقبلهم بالرقص والغناء والعزف على آلات موسيقية متنوعة، بينما راح الخدم يتقدمون نحوهم ويقدمون لهم أطباق مُعرّمة من الخبز واللحم المطبوخ بطريقة تليق بالملوك..

.. أحد المؤرخين الأسبان والذي كان شاهداً على ما جرى هناك من أحداث، وصف كيف كان المحليون من كافة الشرائح الاجتماعية يظهرون للضيوف عشقهم وتبجيلهم العميق بوجوههم السعيدة والمتعبّدة.

راحوا يتجمهرون حول المجوعة الغريبة ويتنصّتون لما ستقوله.

بعد استيعاب هذا الوضع غير المتوقع من قبل كورتيز، وزّع بعض من جنوده على كافة مداخل المعبد لحراستها، ثم أصدر الأمر، فسحب الجميع سيوفهم وراحوا يذبحون بمضيفيهم...

مات ستة آلاف شخص في هذه المجزرة الرهيبة.

لقد غُدر بهؤلاء المساكين دون أي سابق إنذار. فلم يكن أي منهم، وحتى حراس المعبد، يحملون سيوف أو أقواس أو دروع خلال استقبالهم للأسبان..

.. إنه لأمر غريب أن يكون الفاتحون استفادوا بنفس الطريقة في كل من البيرو والمكسيك، أي بالاستناد على أساطير محلية تتنبأ بعودة إله ذو لحية وأبيض البشرة.

وإذا كان هذا الإله المُنتظر يتخذ هيئة بشرية، فمن المؤكّد بأن المقصود هو شخص متحضر جداً مع مستوى رفيع من الأخلاق.

وهذه هي الصفات ذاتها التي وجب أن يتحلى بها كويتزالكوتل الذي انتظره المكسيكيين، وكذلك فيراكوتشا Viracocha الذي ينتظره البيروفيين..

.. إن التشابه الكبير بين ملامح الأسبان وملامح الآلهة المنتظرين فتحت الكثير من الأبواب أمام الفاتحين والتي يستحيل لولاها أن تُفتح بهذه السهولة.

لكن بعكس المواصفات المثالية التي تحدث عنها المحليين في كل من البيرو والمكسيك، كان القائدان الأسبانيان كورتيز (في أمريكا الوسطى) وبيزارو (في الآنديز) وأتباعهما ذئاباً كاسرة.

لقد أكلوا البلاد وشعوبها وثقافاتها بالكامل.

لقد دمروا كل شيء...



صورة

معبد كويتزالكوتل Quetzalcoatl، أجمل جبل صناعي شيّده الإنسان. تم استبداله بكنيسة .

صورة

هذا الهرم أضخم من الهرم الأكبر في الجيزة بثلاث مرات


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد أغسطس 04, 2013 4:28 am
مشاركات: 1140
بسم اللة الرحمن الرحيم
نعم هذا اسلوب معظم الغزاة ولكن ان كان الاسكندر هو ذي القرنين فالامر
مختلف فربما يكون قد تخلص من ثقافة وثنيةالي ثقافة افضل مع اللابقاء علي الحضارة النافعةفقد كان مصلحا كماذكر في سورة الكهف


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

الأخت الفاضلة (moredh) :

على حسب معلومات الفقير قطعاً الإسكندر ليس هو ذو القرنين - والله أعلى وأعلم -

كما يجب أن ننتبه إلى أن الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم عند دخولهم لمصر والشام وفارس والهند والسند وما وراء النهر وغيرها من الأمصار لم يقوموا بالاعتداء على التراث الحضاري والفكري لهذه البلاد بحجة القضاء على الثقافات الوثنية .

بل على العكس نشطت فيما بعد حركة ترجمة حافلة لنقل التراث المعرفي لهذه البلدان للعربية .

ولعلكِ أختي الفاضلة الكريمة عند إتمام قراءة الموضوع بعد انتهاء بقية المشاركات ستدركين الهدف من هذا الموضوع وغيره من موضوعات نقلها الفقير بغرض التنبيه إلى وجود قوى ما تعمل على احتكار المعرفة لصالحها وحرمان الغير منها أياً كان هذا الغير طالما هو لا ينتمي لهم .

جزاكِ الله خيراً أختنا الفاضلة وأسعدني مروركِ الكريم .


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

.. بعد وصولهم إلى المكسيك، وعيونهم معمية بالجهل والتعصّب والطمع، قام الأسبان بمحو إرثاً إنسانياً كاملاً.

وبهذا العمل جرّدوا المستقبل من أي معرفة تتعلّق بالحضارات المجيدة والرائعة التي إزدهرت يوماً في أمريكا الوسطى..

.. فمثلاً، ما هي حقيقة ذلك التمثال الحجري المتوهّج الذي كان يقبع في حرم المكستك Mixtec عاصمة أتشيوتلان؟

لقد عرفنا عن هذه التحفة الرائعة من خلال كتابات شاهد من القرن السادس عشر واسمه الأب بورغوا Burgoa حيث قال :

.. كان هذا الشيء رائعاً وله قيمة لا تُثمّن، حيث كان نوع من الزمرّد وبحجم ثمرة الفليفلة (أو حجم التفاحة الكبيرة)، ويقبع على قمته عصفوراً معدنياً محفوراً ببراعة وإتقان كبيرين، وبنفس البراعة، تم إحاطة هذا الحجر المتوهّج بأفعى معدنية ملفوفة حوله وفي وضعية الإجهاز عليه.

كان الحجر شفافاً جداً لدرجة أن ضوءه المتوّهج انبعث من داخله بقوة تضاهي لهب الشمعة.

كان حجراً قديماً جداً، وحتى المحليين يجهلون أصوله الحقيقية، لكن تقليد عبادته يعود إلى زمن غابرة في القدم..

.. ما الذي يمكننا تعلّمه لو استطعنا تفحّص هذا الحجر اليوم؟

وكم كان عمره الحقيقي؟

للأسف الشديد، لا نستطيع معرفة ذلك، لأن الأب بينيتو Benito، المبشّر الأول في أتشيوتلان، صادر الحجر من الهنود وقام بتحطيمه وسحقه إلى أن تحوّل إلى غبار، هذا مع أن أحد الأسبان عرض عليه ثمناً يُقدر بثلاثة آلاف قطعة ذهبية للحصول عليه.

وضع المسحوق في كمية من الماء ثم خلط المحلول وقام بعدها بسكبه على الأرض وداس عليها..

.. بالإضافة إلى كل ذلك التدمير الشامل، الفاسق والإباحي، للكنوز الثقافية والعلمية لتلك البلاد، يبدو أن كورتيز لم يكتفي، فحتى الهدية التي تلقاها من إمبراطور الأزتك (مونتيزوما)، وهي عبارة روزنامتين دائريتين، تتخذ كل منهما شكل قرص كبير بحجم عجلة العربة، إحداهما من فضة والأخرى من الذهب الخالص.

كان كل منهما محفوراً عليه نقوشاً هيروغليفية رائعة، والتي يمكن أن تحمل معلومات قيّمة. قام كورتيز، فوراً ودون تردد، بإذابتها وتحويلها إلى سبائك..


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

.. لقد قام الكهنة والرهبان المتعصبون، بشكل مُنظّم ومنهجي، بجمع وحرق كافة مستودعات المعرفة المتراكمة عبر قرون طويلة في تلك البلاد .

ففي العام 1562 مثلاً، في الساحة العامة لمدينة ماني Mani (جنوب مدينة ميريدا في ولاية يوكوتان)، قام الكاهن دييغو دي لاندا Diego de Landa بحرق الآلاف من مخطوطات تعود لحضارة المايا الغابرة، عبارة عن رسومات وهيروغليفيات منسوخة على جلود الغزلان وملفوفة ومحفوظة منذ آلاف السنين.

كما قام هذا الرجل المؤمن والتقي بتدمير وتحطيم عدد كبير من التماثيل (أصنام) والهياكل، وجميعها طبعاً كانت تُصنّف من عمل الشيطان، ومن تصميم الروح الشريرة تهدف إلى تضليل الهنود ومنعهم من تقبل الدين الجديد..

كتب الأب دي لاندا يقول في مذكراته:

.. لقد وجدنا أعداداً كبيرة من الكتب [مكتوبة بحروف هندية] لكنها لا تحتوي على شيء سوى الأكاذيب والخرافات وشعوذات الشيطان، لذلك قمنا بحرقها جميعاً.

وهذا العمل أصاب الهنود بحزن كبير وألم شديد لم يزول قبل مضي وقت طويل..

.. أعتقد بأن ليس فقط الهنود أصيبوا بهذا الألم الشديد، بل كل شخص أراد معرفة الحقيقة عن الماضي البعيد..

.. لقد ساهم الكاهن دييغو دي لاندا من خلال الحملة المقدسة التي شنها الأسبان للقضاء على الشيطان، في عملية محو كامل وشامل لذاكرة الماضي العظيم لتلك البلاد.

أشهر المتعصبين في هذا الأمر هو الأب خوان دي زماراغا Juan de Zumarraga، مطران بلاد المكسيك، والذي كان يتفاخر بتدميره لـ20.000 تمثال و5000 معبد.

في تشرين ثاني من العام 1530م، أمر هذا الكاهن بحرق أحد الأرستقراطيين من هنود الأزتك بتهمة ارتداده عن الدين والعودة لعبادة إله المطر.

وفي هذه المناسبة بالذات، جمع في سوق تيكسكوكو كومة كبيرة جداً من المخطوطات والوثائق الفلكية واللوحات الفنية والنصوص الهيروغليفية وغيرها من أشياء علمية تم مصادرتها من السكان عبر فترة 11 سنة، ثم حرقها بالكامل..

.. من خلال تدمير هذا المخزن الذي لا يُعوّض من المعرفة والتاريخ، ضاعت فرصة ثمينة لاستعادة ذاكرتنا عن الماضي البعيد للبشرية.

ما الذي بقي من السجلات المكتوبة عن شعوب أمريكا الوسطى؟

شكراً للفاتحين الأسبان، أقلّ من عشرين مخطوطة ولفيفة أصلية فقط..


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

.. نحن نعلم بأن الكثير من الوثائق التي حرقها الرهبان إحتوت على سجلات تعود للماضي البعيد جداً.

ماذا كانت تقول تلك السجلات الضائعة؟

ما هي الأسرار التي تحملها؟..

افترض ولو للحظة أن بلدتك قد أزيلت عن الوجود للأبد بفعل كارثة مفاجئة, هل بإمكانك أن تتخيل ما يمكن أن تجده الأجيال التالية نتيجة لذلك؟

هل سبق وخطر ببالك أن أبنيتنا الفخمة اليوم هي ليست سوى واجهات مباني مدعمة بشبكات فولاذية هشّة؟

وحتى دون وجود كارثة كونية، فإن مدننا الأساسية ستصبح عبارة عن قطع صخرية وكتل إسمنتية محطمة ومتلاشية بعد مضي ألف سنة فقط.

وسوف تتفتت الطرق الإسفلتية المعبدة إلى قطع صغيرة وتشكّل طبقة صلبة تحت أرض زراعية تنمو عليها النباتات, وستصبح شبكة السكك الحديدية المعقدة عبارة عن غبار أحمر تتقاذفه الرياح.

القليل من الأواني المنزلية سوف تنجو من التعرية بعد مرور هذا الوقت الطويل، أما الكتب الورقية، فلا يمكن أن تستمر أكثر من عدة قرون (هذا إن لم يتم نسخها).

وحتى أن البلاستيك سوف يتحلل بعد تعرضه للعوامل الخارجية لفترات طويلة, وهذا ينطبق على كل شيء مادي.

نعم هذا صحيح..

فإن مجففات الشعر والسيارات والسجاد ستنتهي غباراً...

حتى الصور الفوتوغرافية..

كل الأبنية الفولاذية والمعدنية ستصدأ وتتفتت في الأرض ولن يبق سوى القليل من التماثيل والأبنية الحجرية في وسط المدينة.

أما الحجر فهو المادة الوحيدة الغير قابلة للتلف والذي سينقذ الحضارة الميتة.

أليس هذا مدعاة للسخرية ؟..

فالطبيعة تسمح للأبنية الحجرية فقط بالبقاء وليس الأبنية الإسمنتية ذات الدعامات والعارضات المعدنية.

ربما لن يبق شيء في الضواحي ليشير إلى أنها كانت موجودة, باستثناء بعض الأحجار ذات الرءوس المتخذ شكل الفأس.

بعد وقوع الكارثة، حيث الدمار الشامل، سوف يضطر الناجون للانتقال إلى الأرياف ليعيشوا حياة بدائية.

وقد يستطيعون إنقاذ واستخدام عناصر معينة من تقنيتهم المتقدمة الناجية من الكارثة.

لكن في النهاية، سوف تتعطّل هذه الآلات الناجية دون وجود أي شخص ليتذكر كيفية إصلاحها ويعجزون عن الحصول على قطع غيار.

سيصبح الترانزستور وجهاز تحميص الخبز وآلات أخرى عديمة النفع رغم أهميتها الكبرى لدى الإنسان المتحضّر.

وستصبح جميع هذه الآلات عبارة عن أساطير بالنسبة للأحفاد وسلالتهم حيث يشار إلى التلفزيون بـ"المرآة السحرية" التي تمكنك من رؤية أحداث بعيدة ..

والطائرة تصبح "الطير المعدني" الذي يمكنك من الطيران فوق الغيوم ..

وسيتحدثون عن الغرفة الصغيرة التي تمكنك من الحركة للأعلى وأسفل داخل منازل وعمارات كبيرة (الأسانسير)..

كل الوسائل التقنية التي نألفها اليوم ستصبح أساطير سحرية يتناقلها الناس الذين قادتهم غريزة النجاة ثانية نحو الغابات الخطيرة والصحاري الجرداء.

بإمكان علماء الآثار الذين يأتون بعد 4000 سنة أن يصرحوا بأن إنسان القرن العشرين لم يكن يألف الحديد!

وإن وجدوا أشرطة كاسيت مغناطيسية , وأقراص ليزرية، فإن هذا سيشكل لغزاً بالنسبة لهم..

لكن لا معنى له إطلاقاً.

فما رأيك بهذا الأمر؟.

النصوص التي تتكلم عن المدن الهائلة ذات مباني طولها عدة مئات من الأقدام ستصنف على أنها أساطير...

هل بدأت تتضح لديك الصورة؟..

المسألة هي أن الدلائل التي لدينا والتي تشير إلى عالم متقدم جداً هي ضعيفة جداً..

وأعتقد أن هنالك أربع أسباب رئيسية لهذه الحالة :


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

1 ـ معظم الآثار المادية قد أزيلت وتلاشت وطمرت .

تقبع العديد من المدن القديمة اليوم تحت مستوى الأرض ومعظمها مغطى برمال الصحراء وابتلعتها أحراش كثيفة بينما لا تزال بعضها سالمة على عمق ميل تحت جليد القطب الجنوبي.

ومن جهة أخرى فالآثار المكشوفة يمكن لها أن تختفي بسرعة كبيرة.

خذ على سبيل المثال آثار تياهواناكو في بوليفيا التي عمرها 4000 سنة، فحتى القرن السادس عشر كان معروف أنه لا تزال هناك جدران ضخمة ذات مسامير هائلة من الفضة في المبنى الحجري بالإضافة إلى تماثيل الرجال والنساء المتخذة آلاف الوضعيات.

وحتى في القرن الماضي كان المسافرين يذكرون هذه التماثيل في مذكراتهم ويعبرون عن إعجابهم بالأعمدة الجليلة وحتى أنهم رسموها وصنعوا مخططاً للموقع بأكمله.

أما اليوم فليس ثمة أي أثر لما ذكره الرحالة في القرن الماضي!

فقد سلبها الأسبان، والحكومة البوليفية مؤخراً، واستخدموها كمواد أولية للبناء.

وقد أتلفت العديد من النسخ طبق الأصل للأجهزة والآلات القديمة على يد الفاتحون الأسبان في القرون الماضية ..

حيث قاموا بصهر كل القطع والمصنوعات الذهبية التي وجدوها في وسط وجنوب أمريكا.

أما حجم الدمار الذي سببه الفتح الأسباني على مر العصور، فلا يمكن إحصاء ضخامته!..

2 ـ حتى إن صمدت بعض الآثار والبقايا، لكن الكثير منها لا زال يمثل لغزاً .

لا تزال الكتابات في جزيرة إيستر Easter Island واللوائح في موهنجوـ دارو في الباكستان ومخطوطات المايا، غامضة وغير مفهومة.

ستبقى الكثير من الاكتشافات مجهولة المغزى.. ربما إلى الأبد.

وليس هنالك أية نقوش ومخطوطات تنتظرنا في تيهواناكو وماشوبيشو، فجميعها أزيلت ودمّرت.

وهناك العديد من آثار المتاحف وأقبيتها لا يمكن فهم واستيعاب دلالاتها.

لكن إعادة النظر والمراجعة المنظمة للقطع الأثرية المصنفة كقطع فنية، وأدوات عبادة، وقطع مجهولة الهوية، ستنتج عن ذلك استخلاص الكثير من المعلومات القيّمة، وكذلك الحال مع إعادة البحث المنتظم في أقبية المتاحف.

من المعروف جيداً أن من عادة المتاحف طمس وإخفاء المواضيع التي لا تتوافق مع النظريات السائدة في العالم الأكاديمي الرسمي, والتي لا تبدو جميلة عند الناظر إليها.

أما أقبية معهد سمثوسونيان ومتحف سنت جيرمان لاي لأثار ما قبل التاريخ Germain-en-Laye، مليئة بصناديق تحتوي على قطع وعناصر غامضة لا يدرسها أحد.

هل يعقل أن الكثير من القطع التي اكتشفناها لها غايات لم نفهمها ونستوعبها بعد؟

ربما وصل القدماء إلى ما توصلنا إليه لكن قد يكون تقدم من نوع آخر .. ونتائج مشابهة لنتائجنا لكن بعمليات ووسائل مختلفة تماماً.

التكنولوجيا الألمانية مثلاً , برزت وتشعبت على نحو هائل قياساً بدول أخرى وذلك خلال 12 سنة فقط! أي من عام 1933 حتى عام1945، حيث كانت ألمانيا معزولة بشكل كبير عن باقي العالم.

وبطريقة أخرى نقول, ربما لا نستطيع فهم واستيعاب المغزى الحقيقي من القطع الأثرية المكتشفة لأنها بكل بساطة أكثر تقدماً من تقنيتنا الحالية. هل هذا ممكن؟

هناك حقيقة معروفة تقول إنه كلما تقدمت التكنولوجيا وتطوّرت فإن وسائلها ومعدّاتها لا تصبح أكثر تعقيداً بل تصبح مبسطة (خذ على سبيل المثال الدارات الإلكترونية المطبوعة وأشكال وأحجام رقاقات السيليكون) إن معدات كهذه لا يمكن أن تدرك من قبل حضارة ذات معرفة متواضعة.

ففي الحقيقة، إننا قد ننظر إلى الأشياء، ويمكن أن تثيرنا، لكن دون أن ندرك حقيقتها والمغزى من صناعتها.

ومن كان يتوقع أن قطع أثرية موجودة في متحف بغداد والمصنفة لفترة طويلة تحت اسم "مواد شعائر دينية"هي في الحقيقة عبارة عن بطاريات لتوليد الطاقة الكهربائية؟!


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 5:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

3 ـ آثار أخرى لا تزال تنتظر الاكتشاف .

هنا تكمن فكرة معذبة ومخيّبة للآمال! فبعض المستندات المهمة والموثقة مقفل عليها بأمان وربما لن نراها أبداً!

إن هذه الكنوز المعرفية المحرّمة مخفية في أربع أماكن مختلفة هي:

ـ مدافن تحت البوتالا في لهاسا في التيبت .

ـ أقبية في مكتبة الفاتيكان والتي ممنوع الوصول إليها حتى على البابا نفسه .

ـ المغرب، والتي عارض الزعماء الروحيون بشراسة فكرة جعلها عامة .

ـ مكان سري معروف لبعض المعلمين اليهود الأوائل (يعتقد أنه موجود في إسبانيا) .

لكن هذا ليس كل شيء، لا بد أن هنالك العديد من المدن الغير مكتشفة بعد.

قد تظن بأن هذا شيء مبالغ فيه أليس كذلك؟

قد تصدق بوجود موقع وموقعين أثريين لم يتم اكتشافهما بعد، لكن العديد من المدن المفقودة؟

ليس هنالك أية مناطق مجهولة في هذا العصر!..

صدقني يا سيدي، أن العكس هو الصحيح.

فثمة العديد من المناطق الغير مكتشفة والمتروكة والمهملة، وهنالك العديد من الأشياء التي تحصل في مناطق متعددة من العالم ولا يسمع بها أحد.

فهناك مناطق غير مكتشفة حتى الآن في جنوب ووسط أمريكا, نيوغينيا, وآسيا وأستراليا وغيرها.

رغم أن الأوربيون قد عاشوا وعملوا في الهند لعدة قرون, بنوا خلالها الجسور ومدوا السكك الحديدية وبنوا مدناً جديدة متحضرة, إلا أن الغابات نادراً ما اكتشفت.

وهنالك العديد من القرى البعيدة والتي لم ترى رجلاً أبيضاً قط .

وفي صحراء أستراليا الوسطى التي تبدو عذراء تماماً، أكتشفت آثاراً لحضارة غير معروفة، وكان ذلك بالصدفة حيث كانوا يقيمون إختباراً ذرياً في المنطقة.

لا زال هناك الكثير مما ينتظرنا في الصحراء والغابة والمحيط .

إن أكبر غابة غير مكتشفة في العالم هي غابة حوض الأمازون, لا تزال هذه المنطقة قليلة الألفة لدرجة أن رافداً طوله 200 ميل قد أكتشف مؤخراً وذلك عبر القمر الصناعي.

إن نظام جريان نهر الأمازون يضم 50000 ميل من ضفاف الأنهار الصالحة للملاحة و16000 رافد .

إن الغابة في كل ضفة من ضفاف النهر ضيقة وحصينة، على الأقل للأوربيين.

هناك مستوطنون عاشوا على ضفة النهر بأمان مدة 40 سنة ولم يجازفوا بالابتعاد أكثر من ميل في الغابة!

ويحتوي الأمازون على أكثر الغابات وحشية وحياة عدوانية، والمدهش هو أن هذه المنطقة المحيرة كانت تمثل يوما مركزاً لأكثر التجمعات السكانية حيوية وكثافة, حيث إزدهرت هنا عدة مدن ضخمة مع وجود إزدحام مروري هائل إلى جبال الأنديز.

وعلى الرغم من الصور التي زودنا بها القمر الصناعي إلا أننا كثيراً ما نجد مشاكل تعجيزية في إيجاد وتحديد مكان المواقع الأثرية.

يمكن للطيار الذي يمر فوق الأمازون أن يحدد مواقع أبراج وقرى وآثار، فيقوم بتحديدها بدقة ويقدم تقريراً عنها, وإذ ما جاء أحدهم ليوثق هذه المعلومات بعد عدة أيام سيجد أنها قد اختفت وابتلعتها الغابة فتضيع مرة ثانية.

أشار كارل براغر إلى أن "مشروع شق الطريق المار عبر الأمازون بين مانوس وبارسيليوس في أدنى ريونيجرو - أنشأ عام 1917- قد ألغي وهجر بسبب النمو المفرط للنباتات الاستوائية خلال فترة زمنية قصيرة جداً.

هذا وقد وجد المساعدون التقنيون صعوبات في إيجاد الاتجاه الصحيح للطريق.

وبناء عليه ليس من الغرابة أن نعجز عن إيجاد المدن القابعة في تلك الغابات الكثيفة.

بالإضافة إلى الانتشار الواسع للضباب الذي لا يزول ولا يتلاشى أبداً إلا بعد حلول الظهيرة وهنالك منطقة في شرقي الأكوادور والتي حمل منها السكان الأصليون آلاف التحف والمصنوعات الأثرية -التي تعود إلى ما وصفوه بالأهرامات العملاقة والمدن الهائلة المهجورة.

لا تكن مبتهجاً، فهذه منطقة محرمة ولا يزال الهنود المحليون يقتلون كل غريب وفضولي محب للاطلاع.

ويمكن للدخلاء على منطقة ماتوغراسو في البرازيل أن يتوقعوا نفس المصير.

نعم صدقوا هذا فالسجلات الموثقة عديدة حيث اختفت دورية حراسة مؤلفة من 1400 شخص في الغابة، ذهبوا دون عودة, هذا الجحيم الأخضر الغير مكتشف يبتلع الزوار الغرباء باستمرار.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 9:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

جميع الآثار القديمة حول العالم تتحدث عن قصة مخالفة لما نتعلمه الآن.

جميعها تقول بأنه في فترة ما قبل 5000 سنة (حيث كان من المفروض أن أسلافنا يقطنون الكهوف ويعيشون في مستوطنات بدائية) سادت ثقافة متقدمة ذات مستوى عال في كل أرجاء العالم، من سيبيريا إلى القطب المتجمد الجنوبي ومن غرين لندا إلى إفريقيا.

لقد زال هذا العالم الخارق بشكل كامل لدرجة أننا اعتقدنا بأنه لم يكن موجود أساساً.

لكن الغريب في الأمر هو أن رغم الإزالة الكاملة لهذه الحضارات، إلا أن آلاف الأجزاء والقطع قد نجت من هذا الزوال.

مثل السجلات المكتوبة والموروثات الشعبية، والأساطير والملاحم الأدبية والآثار المادية والملموسة.

جميعها تشير إلى هذا العالم الغامض العجيب المذهل والسحيق في القدم.

بعد دمار المدن جاء الإنسان الحجري!

".. ارتفع عامود متوهّج من اللهب والدخان كآلاف الشموس الساطعة بكلّ بهاء. كان الناس جامدون يراقبون الغيوم الحمراء اللون مندفعة بقوّة نحو الأرض....

وبدأت الرياح العنيفة تهبّ بسرعة هائلة. قرب المدن، راقب المشاهدون بشرود وانبهار.....

آلاف الجثث احترقت وأصبحت رماداً....

وخلال ساعات قليلة، فسدت جميع المأكولات...

وسرعان ما انتشر شبح الخوف من الأمراض الإشعاعية"...

لم نر من قبل سلاحاً مريعاً كهذا، ولم نسمع من قبل عن هكذا سلاح.."!

استخلصت هذه الرواية من مخطوطات قديمة جداً، وثيقة لا يمكن لها أن تكون موجودة..

لكنّها موجودة بالفعل.

هذه التفاصيل استُخلصت من صفحات تغير لونها مع الزمن، تصوّر لنا الإرهاب الذي عاناه الناجون من تلك الكارثة النووية.

جاء الدمار الكامل لمراكز الحضارات الراقية (نتيجة حرب ذرية في الألفية الثالثة قبل الميلاد) ب

سرعة وبدون سابق إنذار.

لم يترك هذا الحدث وقتاً لإنقاذ أي شيء سوى الأساسيات.

شرع الناجون من هذه الكارثة في بدئ حياة جديدة في الغابات والجبال التي لم يطلها الإشعاع الذري والدمار.

وبعد أن حرموا من الصناعة المتقدمة جداً التي كانت تؤمن جميع متطلباتهم اليومية، أجبروا على العودة إلى صنع مستلزماتهم الأساسية بأنفسهم.

وفي طبيعة الحال، عادوا إلى البداية..

حيث تأمين احتياجاتهم الغذائية عن طريق الزراعة..

وكانت بدائية بكل المقاييس.

مع أنّ أفرادها كانوا ذوي مهارات وخبرات عالية (مهندسين وأطباء وخبراء من جميع الاختصاصات)، لكن لم يكن هناك ما يكفي منهم لإنشاء حضارة بتلك السرعة...

خاصة في تلك الظروف الرهيبة من الحرمان والفوضى وطريقة حياة قاسية كانوا مجبورين على مواجهتها.

فكل حضارة تتطلب كثافة سكانية معيّنة، ومنظّمة وآمنة، وذلك لم يعد متوفراً، لذلك أجبروا على حياة بدائية والهدف الوحيد كان الحصول على الأساسيات التي تمكنهم من البقاء على قيد الحياة.

حدث ذلك في جميع أنحاء العالم وفي الوقت نفسه، جميع المراكز الزراعية الأساسية في العالم ظهرت فجأة في نفس الفترة، وفي أماكن مختلفة من العالم (فليتفضّل المؤرخون لشرح ذلك؟).

ظهرت هذه المراكز الزراعية الجديدة في شمال شرق الصين، جنوب شرق آسيا، شمال شرق المكسيك، البيرو وفنزويلا.

وأضيف إلى ذلك، جميعها ظهرت متاخمة لمناطق قد دمّرت من خلال محارق نارية هائلة (حرب نووية)..

(مثل: المراكز الحضارية في الهند وصحراء غوبي وأنقاض وادي الموت في كاليفورنيا والوجه المنصهر لساكسايهومان في أمريكا الوسطى والحطام المنصهرة المحولة إلى زجاج في الغابة البرازيلية).



صورة

هذه الخريطة تبين مواقع زراعية ازدهرت قرب المناطق التي تعرّضت لكارثة مدمّرة، مما يثبت حقيقة أن الناجين قد هاجروا إلى مناطق بعيدة عن موقع الدمار ليبدؤا حياة جديدة.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 9:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

هل تشكّلت هذه الجماعات البدائية المتفرّقة من ناجين من كارثة كبرى سببها الإنسان؟

كيف لنا أن نفكّر بهذا الاتجاه في الوقت الذي نتعلم فيه العكس تماماً في المدارس والجامعات؟

بالإضافة إلى الأفلام السينمائية التي تصوّر الإنسان الأوّل على أنّه إنسان يشبه القرد ويأكل اللّحم المتعفّن ويصدر صوتاً يشبه صوت الخنزير. ويشدّ زوجته من شعرها؟!

هل تعلم أنه يوجد عدد كبير من علماء الآثار الذين يعتقدون عكس ما يتم تسويقه أكاديمياً وثقافياً حول الإنسان الأوّل؟

هل تعلم أن سكان الكهوف كانوا مثقّفين مثلنا تماماً؟!..

متمدّنين مثلنا؟..

ببساطة أقول أن مّا نسمّيهم اليوم بالبدائيّين، لا يمثّلون العصر الحجري، بل كانوا بقايا مجتمعات أكثر تقدّماً، أجبروا من خلال ظروف متعددة مثل الكوارث الطّبيعية الجبارة، أن يتّبعوا طريقة حياة أكثر بساطة وأقلّ تطوّراً.

هل تعلم أن علماء الآثار أعادوا النظر مؤخراً حول جميع الحقائق المتعلقة بسكان الكهوف الأوائل، حيث لم يجدوا شيئاً يشير إلى إنسان متوحّش، بل وجدوا إنسان متمدّن جداً؟!

هذا ما توصل إليه المؤتمر الأخير لعلماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان).

لكن هل يمكن لهذه النتيجة أن تنشر وتدرّس رسمياً؟..

لا أعتقد ذلك.

والآن، دعونا نتعلم شيئاً عن رجل الكهف هذا، حيث هناك إثباتات كثيرة تشير إلى سلوكه المتحضّر.

ففي لازاريتو جروتوس Lazzaretto Grottoes بالقرب من نيس في فرنسا، حيث وجدت في إحدى الكهوف قطعة عظمية تعود لغزال صغير، هي عبارة عن مقبض مصنوع بمهارة كبيرة، إنّها موس حلاقة تعود إلى ما قبل التّاريخ!

هذا دليل على أناس يدركون خلفيتهم المتحضّرة جيداً، ومجبرين على استخدام كلّ مهاراتهم التّقنية المتقدمة في بيئة بدائية ومتوحّشة.

أناس كانوا في فترة من الفترات على اتصال بأشخاص آخرين متحضرين، ولكنهّم بعد ذلك أصبحوا مقيّدين ومجبرين على استخدام المعدّات الأوّلية من أجل البقاء.

القصّة هي نفسها على الجانب الآخر من العالم.

ففي جبال سوبيس Subis Mountains في غرب بورنيو، تمّ الكشف عن شبكة من ألمُغر تحتوي على كهوفاً ضخمة ومبنيّة على شكل صالات واسعة مزيّنة بمنتهى الجمال والدقّة.

هذا دليل إضافيّ على الخلفيّة الحضاريّة.

لاحظ تشارلز بيرليتز Charles Berlitz أنّ كثيراً من التّحف والمصنوعات الموجودة هناك توحي باهتمام إنسان الكهف بالمراسم والفن والزّخارف، "كما لو أنّهم كانوا يحاولون مزج الفنّ الراقي الذي كان مألوفاً لديهم سابقاً بتقنية تناسب حالتهم الحالية حيث الصراع للبقاء".

ما الذي يثبت حقيقة أن إنسان الكهف لم يكن عبارة عن كائن متوحش يتقدم تدريجياً في عملية التطوّر؟..

الجواب هو :

"لقد أخبرونا بأنفسهم"...

وهذا ما يمكن استخلاصه من فنونهم.

فهي تشير إلى أنّ خلفيتهم كانت بنفس المستوى المتقدم الذي تتصف به خلفيتنا الحضارية اليوم.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: القمع الممنهج عبر التاريخ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2013 9:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14712
مكان: مصـــــر المحروسة

نوعيّة الفن التي استخدمها إنسان الكهف الأوّل .

هناك ستة نقاط وجب ملاحظتها:

1 – رسومات الحيوانات على الصّخور في الكهوف في ألتاميرا Altamira، لاسكوس Lascaux، ريباداسيلا Ribadasella ، وغيرها هي عبارة عن روائع فنّية مهما كانت الفترة الزمنيّة.

الواقعية والجمال لهذه الرّسومات تكشف عن موهبة فنيّة متطوّرة هي أرقى بكثير من رسومات الحيوانات في مصر، بابل، واليونان.

2 – تعتبر الرّسومات في كهف ألتاميرا (بالقرب من سان تاندر، إسبانيا) من النّاحية الجمالية، هي بنفس جودة الرّسومات الحديثة.

3 – تشهد الرّسومات في كلّ من الجزائر، وليبيا، ولاسكوس على الحضارة المتقدّمة التي استخدمت الرّسم المنظوريّ والشّكل الحر، وهذا يعتبر فنّ متطوّر جداً.

فالرّسم المنظوريّ لم يستخدم حتى القرن الخامس عشر الميلادي.‍

4 – واتّبعت رسومات الكهوف طريقة منظّمة في التّرتيب الرّمزي، بحيث هي منتشرة في كافة أرجاء أوربا الغربية؟

كانت الكهوف المزخرفة تقسّم تبعاً لما يبدو أنها أنظمة ميتافيزيقية لازلنا نجهلها.

5 – ليس هذا فحسب، بل إنّ رّسومات الكهوف – بالنّسبة لمواضيعها - لها نمط موحّد شائع في جميع أنحاء العالم. وكأنّها جاءت من مدرسة واحدة.

6 – الكهوف الرّائعة في مونتيناك، في لاسكوس Montignac-Lascaux (والتي أُقفلت الآن أمام العموم) سمّيت بـ "سيستين شابل" لعصور ما قبل التّاريخ Sistine Chapel of prehistory بسبب جمال رسوماتها.

(سيستين شابل هي القاعة الرئيسية في الفاتيكان ومرسوم على سقفها لوحة مايكل أنجيلو المشهورة).

استخدم فنانو الكهوف المؤثّرات ثلاثيّة الأبعاد باستخدام الأشكال الطّبيعية للصّخور.

ما فعلوه هو :

الثّغور الصّغيرة أصبحت عيون ثور البيسون الغاضبة، الشّقوق أو الصّدوع أصبحت جروح غزال مصاب.

النّتوءات غريبة الشّكل أدمجت في رسومات كالرّأس أو الحدبة.

فحتى اليوم، تستخدم تناقضات الضّوء والظّلال وتوزع على أشكال الصّخور الطبيعية، فتظهر الحيوانات على أنّها حيّة وتتنفّس.

هنا تكمن تّقنية وتّأثيرات راقية في تاريخ الفنّ.

لقد كان سكان الكهوف في مستويات لم يصلها الإنسان العصري سوى مؤخراً!

وهناك أمر واحد مؤكّد عن إنسان الكهف كانت ثقافته الفنيّة أكثر تطوّراً من سكّان الرّيف الأوروبيّ اليوم.



صورةصورة


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 26 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 12 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط