موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: شرح توحيد السادة الصوفية الموهم للحلول والاتحاد
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 14, 2008 6:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14708
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
من كتاب الفتاوى الحديثية للإمام ابن حجر الهيتمي [صـ 436 - 440 ] :

[( وسئل ) نفع الله به ما معنى توحيد الصوفية الموهم للحلول والاتحاد الموجب لكثير من الفقهاء الاعتراض عليهم بذلك وتشديد النكير عليهم في جميع تلك المسالك حتى بالغ كثير منهم بالتكفير حقيقة أو للتنفير .

( فأجاب ) بقوله :

اعلم وفقني الله وإياك لمرضاته وأدخلنا تحت حيطة الصفوة من أوليائه ليتجلى علينا عرائس هباته أن توحيد الله تعالى باللسان العلمي المقرر في كتب أئمة الكلام القول فيه مشهور عند من مارس ذلك الفن وأطلع على دقائقه وأحاط بما فيه من العويصات والشبه والإيرادات وأجوبتها ومن ثم كان هذا العلم في الحقيقة أشرف العلوم إذ هي تشرف بشرف معلومها وأفضلها إذ معرفة الله تعالى والنظر المؤدي إليها هما أول الواجبات العينية وأساس جميع الفروض وغيرها وسائر أصول الشريعة وفروعها .

وأما التوحيد بالأحوال الشهودية والمواجيد العرفانية فهو حال أئمة التصوف الذين أتحفهم الله بما لم يتحف به أحد سواهم لأن أهل ذلك العلم ليس لهم من الحضور مع الحق وآثار شهود صفاته وحقائق تجلياته في جميع أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم ما لأئمة التصوف الغارقين في بحار شهود التوحيد الواقفين مع الله تعالى على قدم الصدق والتجريد والمتخلين عما سواه على غاية الكمال والتفريد

فتوحيدهم هو الذي عليه المعول وحالهم هو الحال الأكمل الذي ليس لهم عنه محول بل هم دائما في ظله الظليل لا براح لهم عن الحضرة الشهودية ولا شاغل لهم عن استجلاء الحقائق الوجود ليتعرفوا بها حكم الأقضية وحقائق القدرة وآثار صفات الجلال والجمال

ومن ثم قال بعض محققيهم فارقا بينهم وبين علماء الكلام أولئك قوم اشتغلوا بالاسم عن المسمى ونحن قوم اشتغلنا بالمسمى عن الاسم

ولذلك تجد أولئك لا شهود لهم ولا استحضار بل قلوبهم مملوءة بشهود الأغيار مستغرقة في الشهوات وإن فرض أن لهم استحضارا فهو مقصور على حالة استحضار شيء من علمهم على أن هذا للنادر منهم

وأما أكثرهم فهم لا يستحضرون إلا الألفاظ ومعانيها فحسب دون أمر زائد على ذلك

وقد شرح محققو الصوفية توحيدهم الذي اختصوا به بعبارات مختلفة هي في الحقيقة مؤتلفة من أحسنها قول إمام العلوم الظاهرة والباطنة المجمع على جلالته وإمامته في الطريقين أبي القاسم القشيري قدس الله سره وروحه ونوّر ضريحه :

فارقا بين توحيد الصوفية وتوحيد غيرهم توحيد العبد لربه على مراتب توحيد له بالقول والوصف بأن يخبر عن وحدانيته وتوحيد له بالعلم وهو أن يعلمه بالبرهان على وحدانيته وتوحيد له بالمعرفة وهو أن يعرفه بالبيان كما علمه بالبرهان .

والبيان أجلى من البرهان ففي حال معرفته بالبيان لا يفتقر إلى نظره ولا إلى تذكر نظره وليس بضروري علمه ولكنه كالضروري في أنه أقوى حالا مما كان وقد تسمى هذه الحالة الإلهام وإنما يصح ذلك إذا ترقى إلى هذه الصفة عن العلم البرهاني بقوة الحال ثم توحيد من حيث الحال يشهده واحد أو حال الشهود ليس له الرؤية ولكنه كالرؤية كما قال [صلى الله عليه وسلم] اعبد الله كأنك تراه

وهذه هي حالة المشاهدة التي أشار إليها القوم بتوالي التجلي على قلبه فصار كالعيان حاله ومن أهل التوحيد من يشهد له الحادثات بجملتها بالله تعالى بظهورها فيشهدها به سبحانه تجري عليها أحكامه وتظهر فيها أفعاله ومن أهل التوحيد من يوجد من حيث التنزيه فهؤلاء قالوا الحق وراء ما أدركه الخلق بأفواههم وأحاطوا به بعلومهم وأشرفوا عليه بمعارفهم.

قالوا وكل من كوشف بشيء فعلى قدر قوته وضعفه قالوا والقوم الذين كوشفوا بالحقيقة أو شاهدوا الحق واحتفظوا بشواهدهم عن شهود الحق أو استمسكوا في عين الجمع أو ليس يشهدون إلا الحق أو ليس يخشون إلا الحق أو هم محوا في حق الحق أو مصطلون فيه بسلطان الحقيقة أو تجلى لهم الحق بجلال الحق وغير هذا إلى آخر ما عبر عنه معبر أو أخبر عنه مخبر أو أشار إليه مشير أو أدركه فهم أو انتهى إليه علم أو حضره بالتفصيل ذكر فهم شواهد الحق وهو حق من الحق ولكنه ليس بحقيقة الحق .فإن الحق منزه عن الإدراك والإحاطة والإشراق .

قالوا وكلما يدل على خلق أو جار على الخلق فذاك مما يليق بالخلق والحق مقدس عن جميع ذلك انتهى حاصل كلام القشيري .

وهو لاسيما آخره أوضح عاضد وأقوى شاهد على حقيقة توحيد القوم السالمين من المحذور واللوم وعلى أنه الغاية القصوى في التوحيد والحقيقة العليا في المعرفة والتنزيه والتمجيد .

فشرفهم بذلك وإياك أن تقع في ورطة الاعتراض عليهم فتتسابق أسهم القواطع إليك فإنهم برآء من ذلك منزهون عنه إذ هم أكمل الخلق عقلا ومعرفة فكيف يتوهمون ما هو بديهي البطلان .

وبيان ذلك أن الاتحاد بعدما قام من البراهين المقررة في كتب الحكمة والكلام على امتناع اتحاد الاثنين هو يستلزم كون الواجب هو الممكن وعكسه وذلك محال بالضرورة وأما الحلول فلوجوه الأول أن الحال في الشيء يفتقر إليه في الجملة سواء كان حلول جسم في مكان أو عرض في جوهر أو صورة في مادة كما هو رأي الحكماء أو صفة في موصوف والافتقار إلى الغير ينافي الوجوب ومن ذلك حلول الامتزاج كالماء في الورد فإنه من خواص الأجسام وهي مفتقرة إلى
الغير .

الثاني أن الحلول في الغير إن لم يكن صفة كمال وجب نفيه عن الواجب وإلا لزم كون الواجب مستكملا بالغير وهو باطل .

الثالث لو حل في جسم على ما زعم بعض الملحدين الذين لا عقول لهم ولا دين فإما أن يحل في جميع أجزائه فيلزم الانقسام أو في جزء منه فيكون أصغر الأشياء وكلاهما باطل بالضرورة والاعتراف

والأدلة على ذلك كثيرة محل بسطها كتب الكلام وإذا بان واتضح بطلان الحلول والاتحاد وامتناعها على الذات فكذا على الصفات لاستحالة انتقال صفة الذات المختصة بها إلى غيرها فرأس القائلين بها النصارى وبعض المنتسبين إلى الإسلام كغلاة الشيعة قالوا لا يمتنع ظهور الروحاني في الجسماني كجبريل في صورة دحية وكالجني في صورة إنسي وحينئذ فلا يبعد أن يظهر الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا في صورة بعض الكاملين وأولى الناس بذلك علي وأولاده الذين هم خير البرية رضي الله عنهم وأطالوا في هذه النزهات البديهية البطلان .

لكن لفساد عقولهم حتى صاروا كالأنعام بل هم أضل سبيلا راجت عليهم حتى حسبوا أنهم على حق فزلوا وأزلوا وضلوا وأضلوا وكفرتهم يزعمون أنهم من عداد الصوفية وليسوا كما زعموا بل هم من عداد الحمقاء الذين لا يدرون ما يقولون ولا يعون ما يزعمون فهم أضل من الحيوان وأحمق من الفراش التي ترمي نفسها إلى النيران

ومن جملة خرافاتهم وكذبهم وجهالاتهم قولهم أن السالك إذا أمعن في سلوكه وخاض لجة الوصول يحل الله سبحانه وتقدس عن مرية المفترين فيه كما تحل النار في الجمر بحيث لا يتمايز أو يتحد بحيث لا إثنية ولا تغاير وصح أن يقول هو أنا وأنا هو وحينئذ يرتفع الأمر والنهي ويظهر من الغرائب والعجائب ما لا يصح أن يكون من البشر .

وفساد هذا كالذي قبله غني عن الإيضاح والبيان فذكره استطراد .

وإنما الذي ينبغي أن يعتني بتحقيقه وتحريره وحفظه وتقريره هو أن ما وقع في كلمات بعض المتقدمين والمتأخرين من أئمة الصوفية مما يوهم حلولا واتحادا ليس مرادهم ذلك بالنسبة لأحوالهم واصطلاحهم .

ومن ثم قال العلامة المحقق زمام المتأخرين في العلوم الحكمية والنقلية السعد التفتازاني أن السالك إذا انتهى سلوكه إلى الله تعالى أي إلى مرتبة من قربه وشهوده وفي الله تعالى أي وفي بلوغ رضاه وما يؤمله من حضرته العلية يستغرق في بحار التوحيد والعرفان بحيث تضمحل أي باعتبار الشهود لا الحقيقة ذاته في ذاته وصفاته في صفاته ويغيب عن كل ما سواه ولا يرى في الوجود إلا الله تعالى قال وهذا هو الذي يسمونه الفناء في التوحيد وإليه يشير الحديث الإلهي لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها الحديث وحينئذ ربما يصدر عن الولي عبارات تشعر بالحلول أو الاتحاد لقصور العبارة عن بيان تلك الحال وبعد الكشف عنها بالمثال .

قال ونحن على ساحل التمني نغترف من بحر التوحيد بقدر الإمكان ونعترف أن طريق الفناء فيه العيان دون البرهان .

قال وهنا مذهب ثان يوهم ذلك وليس منه أيضا وهو أن الواجب هو الوجود المطلق وهو واحدة لا كثرة فيه أصلا وإنما الكثرة في الإضافات والتعينات التي هي بمنزلة الخيال والسراب إذ الكل في الحقيقة واحد يتكرر على مظاهر لا بطريق المخالطة ويتكثر في البواطن لا بطريق الانقسام فلا حلول هنا ولا اتحاد لعدم الاثنينية والغيرية انتهى كلام السعد رحمه الله تعالى .

وبه يعلم أن ما يقع من كلمات القوم لا سيما ابن عربي وابن الفارض وأتباعهما رحمهم الله تعالى ونفع بهم في حضرات التوحيد منزل على ما ذكره السعد رحمه الله .

ولبعض أئمة المتأخرين من تلامذة مولانا عبد الرحمن الجامي المشهور في كتابه الذي سماه المتمم به ما كنى به عن نسخة النفحات وهو مولانا علاء الدين محمد بن المؤمن الأبيبزي
بتحتانية ممدودة وكسر باء موحدة تحتانية وزاي من أجل تلامذة مولانا سعد الدين الكازوري من أجل أساتذة الطريقة العلية السالمة من كدورات جهلة الصوفية وهي طريقة النقشبندية أنه قال في الريحانة الثانية منه ريحانة ذكر الآباء :

معنى لا إله إلا الله أن الذكر ثلاث مراقب في السلوك ففي الأولى يقدر لا معبود إلا الله وفي الثانية التي هي مرتبة السير إلى الله يقدر لا مقصود إلا الله وفي المرتبة الثالثة وهي السير في الله وهي مقام المنتهين يقدر لا موجود إلا الله فهو ما لم ينته السالك في السير في الله وذكر لا موجود إلا الله فهو كفر صريح أي ربما أدى إليه كما لا يخفى فأطلقه مبالغة في الزجر والتنفير لمن يدعى هذه المرتبة بالباطل فتأمله .

ووفاة صاحب الريحانة سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة ووفاة علاء الدين سنة اثنين وتسعين وثمانمائة ووفاة الكازوري سنة ستين وثمانمائة .

فاحذر من الإنكار فإنه يوقع المنكر في العثار وكن محسن الاعتقاد على غاية من الازدياد فإن المنكر محروم والمتعنت مذموم والحق أحق أن يتبع والباطل عن هؤلاء الأئمة قد اندفع أدخلنا الله تحت ألويتهم الطاهرة من الريب الظاهرة على سائر الرتب فإننا نعتقدهم ونحبهم ومن أحب قوما فهو يحشر معهم]اهـ
[/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 2 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط