[align=justify] [font=Tahoma][وأما اعتراضه على قوله : "ومن علومك علمُ اللوح والقلم …"
فقد قال الشُراح : {المراد باللوح : ما يكتب الناس عليه ، و بالقلم : ما يكتبون به . فكأنه قال : ومن علومك علمُ الناس الذي يكتبونه بأقلامهم في ألواحهم }اهـ.
وعلى هذا ، فلا ورود للاعتراض أصلا .
قالوا : {و يُحتمل أن المراد به : اللوح المحفوظ }اهـ،
ولا يلزم -على هذا- الاعتراضُ الذي قاله هذا الرجل ، لأن مراده : علم اللوح غير الفواتح الخمس وما استأثر الله بعلمه ، لأن هذا معلوم من القرائن .
على أن قوله : "علم اللوح" ، الإضافة جنسية ، أي بعض علمٍ في اللوح . والجنس يصدق على بعض الأفراد.
ولا شك أن شريعته صلى الله عليه و على آله وسلم لا سيما القرآن المنزل عليه وما فيه من العلوم ، وما آتاه الله من الوحي ، قال تعالى : { وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى } " النجم 3 – 4 " ، وما أطلعه الله عليه من المغيبات ، كل هذا من علم اللوح . بل ولو لم نقُل بهذا ، لا يلزم هذا الاعتراض ، لأن فواتح الغيب الخمس لا يلزم أنها في اللوح المحفوظ ، بل هي في أم الكتاب ، وهي غير اللوح .
قال البغوي رحمه الله تعالى :
{وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : " وهما كتابان سوى أم الكتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت فيهما ، أم الكتاب الذي لا يغير منه شيء " . وعن عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : " إن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمس مائة عام من درة بيضاء ، ولها دفتان من ياقوت ، لله فيه كل يوم ثلاث مئة وستون لحظة ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب "}.اهـ
فتبين من هذا : أن أم الكتاب غير اللوح ، بل هي أصل اللوح ، وقد يكون الخمس مما لم يُكتب في لوح ، بل في غامض علمه مما استأثر الله تعالى بعلمه ، فلم يكتبها في لوح .
وأما قول هذا الرجل : {فيلزم أن يقال : قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ومحمد }اهـ.
فليس هذا الاستدلال في محله ، لأن صاحب البردة لم يدّع ولم يقل : إن النبي صلى الله عليه و على آله وسلم يعلم جميع ما يعلم الله ، إذ هذا محال ، لأن لله علوماً استأثر بها واختص ، لا يشاركه فيها غيره ، بل قرّرنا أن علم اللوح والقلم هو بعضُ مواضع علم الله تعالى ، غير ما هو في مكنون غيبه .
و الناظم أثبت للنبي صلى الله عليه و على آله وسلم علم اللوح والقلم، ومراده أن ذلك بتعليم الله له ، والمنفي عن غيره تعالى في الآية إنما هو الاستقلال و الإحاطة بكل شيء ، بناءً على أن المراد ( بالـ ) في الغيب ، هو الاستغراق ، ولا يلزم من إثبات بعض علم الغيب للنبي صلى الله عليه و على آله وسلم بتعليم الله له أن يقال : "قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ومحمد" صلى الله عليه و على آله وسلم ، بناءً على ما قرّرنا من أن المراد بعلم الغيب في الآية إنما هو الاستقلال و الإحاطة بكل شيء ، فهذا خاصّ بالله تعالى .
أما الغيب الذي لا يكون بهاتين الصفتين ، فيجوز أن يكون لغيره تعالى ، لأن الله تعالى أثبت ذلك لرسله ، وبعض غيرهم من خُلّص عباده لا استقلالاً ، فإن هذا كفر[أي علم الغيب بالذات استقلالا عن الله تعالى] ، بل بطريق إطْلاعه تعالى لهم وتعليمه إياهم .
قال تعالى : { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء } " البقرة : 255 " . وقال تعالى : { فلا يُظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسولٍ } " الجن 26 – 27 " . وقال تعالى :{ وما كان الله ليُطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء }"آل عمران 179" .
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :
" فيُطلع رسله على غيبه ، وإن محمداً صلى الله عليه و على آله وسلم أفضلهم " .
وقال تعالى في حق الخضر عليه السلام :
{ وعلّمناه من لدنّا علماً } " الكهف 65 " .قال الإمام البيضاوي رحمه الله تعالى : " أي علم الغيب ، بدليل المسائل التي فعلها الخضر ، من : خرقه السفينة ، وقتله النفس الزكية ، وإقامة الجدار ، وكل هذه الأمور مغيبات"اهـ .
فما المانع أن يكون من علوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علمُ اللوح والقلم ، بإطْلاع الله له عليه ؟!!
وقد ورد في أحاديث " الصحيحين " إخبار النبي صلى الله عليه و على آله وسلم عن المغيبات . وفي الأحاديث الصحيحة ، كحديث البخاري وغيره من حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه :« إن النبي صلى الله عليه و على آله وسلم أخبرنا عن كل ما يقع إلى يوم القيامة، حتى أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، حتى إنا لنرى الطائر يقلب جناحيه ، فنذكر منه علماً ».
والأحاديث في هذا كثيرة ، ذكرها القاضي عياض في " الشفاء " . فظهر أن من طعن في علمه صلى الله عليه و على آله وسلم بالمغيبات ، فهو منافق .
وقال صاحب " الإقناع " [في الفقه الحنبلي] في المتن في ( باب النكاح ) في عدّ خصائصه صلى الله عليه و على آله وسلم وكراماته ، ما نصه : { وعرض عليه الخلق كلهم من آدم إلى من بعده ، كما علّم آدم أسماء كل شيء}اهـ .
قال شارحه البهوتي رحمه الله تعالى : {..لحديث الديلمي : " مثلت لي الدنيا بالماء والطين ، وعلمت الأشياء كلها ، كما علم آدم الأسماء كلها " . وعرض عليه أمته بأسرها حتى رآهم ، لحديث الطبراني : " إني عُرض عليّ أمتي البارحة لدى هذه الحجرة ، أولها وآخرها ، صُوّروا لي بالماء والطين حتى إني لأعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه " . وعرض عليه ما هو كائن في أمته حتى تقوم الساعة ، لحديث أحمد وغيره : " رأيتُ ما تلقى أمتي بعدي ، وسفك بعضهم دماء بعض "}. انتهى.
فإذا تحقق هذا ، تبين أن قول هذا الرجل جهلٌ صرف ، وصرف للأشياء عن حقائقها بغير عرف . وهذا الذي قررناه ، بناءً على أن الله تعالى يُطلع أنبياءه وبعض أتباعهم على الغيب ، غير الخمْس .
والذي نقله جماعة من أهل العلم : أنه لا مانع أن الله يُعْلم ويُطلع نبينا صلى الله عليه و على آله وسلم وغيره من المقرّبين ، حتى على الخمْس .
فهاك نُقُول ما اطّلعنا على نقله من الأئمة في حال العجلة :
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في " فتاويه " :
{مسألة : ما معنى قوله تعالى : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } ، وقول النبي صلى الله عليه و على آله وسلم : " لا يعلم ما في غدٍ إلا الله " وأشباه هذا من القرآن والحديث ، مع أنه قد وقع علم ما في غدٍ في معجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، وكرامات الأولياء رضي الله تعالى عنهم ؟
الجواب : معناه : لا يعلم ذلك استقلالاً [إلا الله]}. انتهى . يعني : بتعليم الله لغيره جائز ، لأنه لا يكون استقلالاً حينئذ .
وقال الشيخ علي القاري الحنفي رحمه الله تعالى في شرح المشكاة :
{ فإن قلت : ما التوفيق بين الآية – يعني قوله تعالى : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام } الآية – وبين ما اشتهر عن العرفاء[أي الأولياء] من الأخبار الغيبية ، كما قال الشيخ الكبير أبو عبد الله في " معتقده" : " ونعتقد أن العبد يُنقل في الأحوال حتى يصير إلى نعت الروحانية ، فيعلم الغيب ، وتطوى له الأرض ، ويمشي على الماء ، ويغيب عن الأبصار " ؟
فالجواب : أن للغيب مبادئ ولواحق ، فمبادئه لا يطّلع عليها مَلَكٌ مقرّب ، ولا نبي مرسل ، أما اللواحق فهو ما أظهر الله عليه بعض أحبّائه لوحة علمه ، وخرج بذلك عن الغيب المطلق ، وصار غيباً إضافياً. وذلك إذا تنوّر الروح القدسية ، وازداد نوريتها وإشراقها ، والمواظبة على العلم والعمل ، وفيضان الأنوار الإلهية ، حتى يقوى النور وينبسط في فضاء قلبه ، فتنعكس فيه النقوش المرتسمة في اللوح المحفوظ ،ويطّلع على المغيبات ، ويتصرف في أجسام العالم السفليّ بل يتجلى الفياض الأقدس بالمعرفة التي هي من أشرف العطايا ، فكيف بغيرها} . انتهى .
وقال رحمه الله في الشرح المذكور في قوله صلى الله عليه و على آله وسلم : " مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ":{ أي لا يعلم تفصيله إلا هو ، ولا يُعلم مجملُه بحسب خرق العادة ، إلا مِن قِبَل الله تعالى }.اهـ
وقال رحمه الله تعالى في شرح قوله صلى الله عليه و على آله وسلم : " في خمس لا يعلمهن إلا الله " :{ فإن قلتَ : قد أخبر الأنبياءُ والأولياء بكثير من ذلك ، فكيف الحصر ؟ قلت : الحصر باعتبار كلياتها دون جزئياتها؛ قال تعالى : { فلا يُظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول } " .اهـ إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى .
وقال الحافظ المناوي رحمه الله تعالى في " شرح الجامع الصغير " في تفسير قوله صلى الله عليه و على آله وسلم :
" مفاتيح الغيب خمس " : { وأما قوله تعالى : « لا يعلمها إلا هو » ، ففُسّر بأنه لا يعلمها أحدٌ بذاته ومن ذاته ، إلا هو سبحانه . وقد تُعلم[لبعض الخلق] بإعلام الله تعالى ، فإنّ ثمّة مَن يعلمها ، وقد وجدنا ذلك لغير واحد ، كما رأينا جماعةً علموا متى يموتون ، وعلموا ما في الأرحام حالَ حمل المرأة ، بل وقبله .}اهـ
وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى في " الشفا " :
{ومن ذلك – أي من خصائصه صلى الله عليه و على آله وسلم وكراماته الباهرة – ما اطّلع عليه من المغيبات ، مما كان ويكون . والأحاديث في هذا الباب لا يُدرك قعره ، ولا ينزف غمره ، وهذه المعجزة من جملة معجزاته المعلومة على القطع الواصل إلينا خبرُها على التواتر ، لكثرة رواتها ، واتفاق معانيها على الإطلاع على الغيب}.اهـ . ثم ذكر جملة من الأحاديث الصحيحة .
وقال الشهاب الخفاجي في " شرحه على الشفا" :
{ وهذا لا ينافي الآيات الدالة على أنه لا يعلم الغيب إلا الله . فإن المنفيّ هو علمُه من غير واسطة ، وأما إطّلاعه عليه بإعلام الله له، فأمر متحقق لقوله تعالى : { فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول }.}. انتهى .
وقال الحافظ الحجة ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى في " شرح مختصر البخاري ":
"في قوله صلى الله عليه و على آله وسلم : " ما من شيء لم أكن أُريته إلا رأيته في مقامي هذا ، حتى الجنة والنار . فأوحى إلي : إنكم تفتنون في قبوركم " . قال رحمه الله تعالى :{ الوجه الثالث : قوله عليه وآله الصلاة والسلام : " ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي هذا "، فيه دليل على أنه صلى الله عليه و على آله وسلم لم يكن يرى من الغيب جميعه في الزمان المتقدم على هذا الموطن ، إلا البعض ، وأنه في هذا الموطن ، كملت له الرؤية لتلك الأشياء كلها .
ثم قال : وهل المراد جميع الغيوب ، أو المراد به ما يحتاج به الإخبار إلى أمته ، وما يخصه صلى الله عليه و على آله وسلم في ذاته المكرمة ؟ . والجواب : إن هذا الحديث محتمل للوجهين معاً ، والظاهر منهما الوجه الأخير}.اهـ
وقال العلامة الأجهوري رحمه الله تعالى في " شرح مختصر البخاري ":
{ قوله صلى الله عليه و على آله وسلم : " ما من شيء لم أكن أريته " إلى آخره ، يفيد أنه عَلم الخمسَ التي استأثر الله بعلمها وإن فُسرت الرؤية في الحديث بالعلْمية . وانظرْ هل علم نزول الغيث وما بعده مختص بزمانه صلى الله عليه و على آله وسلم ، أو به وبما بعده إلى يوم القيامة؟ } . انتهى .
وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : {
إن الله عنده علم الساعة } إلخ : { وأما الباقيات – يعني غير الساعة – فيعلمها غيره كالملائكة: { فالمدبرات أمراً}: ملك الأمطار ، وملك الأرواح ، وملك الموت .
فإن قلت : جاء في الحديث " في خمس لا يعلمهن إلا الله " ، وفسرها بما في الآية ! قلت : القصر إضافي لا حقيقي ، والمراد : نفي علم من يدّعيه من المنجمين ، والأطباء } . انتهى .
وذكر ابن رجب في " شرح الأربعين النووية " :
{ إن الملك الموكّل بالرحم يقول : أيْ ربّ ، مخلّقة أو غير مخلقة ؟ فإن كانت مخلّقة قال : ذكر أم أنثى ؟ شقي أم سعيد ؟ ما الأجل ؟ ما الأثر ؟ وبأي أرض تموت ؟ فيقال : اذهب إلى الكتاب ، فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة } . انتهى .
فهذا يدل على أن الله يُطْلع بعض خلقه على شيء من الخمس ، وهو الملَك ، والنبي صلى الله عليه و على آله وسلم أَوْلى ، لأنه منصوص عليه في قوله تعالى : { فلا يُظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسول } ، وقد قال تعالى في حق عيسى عليه السلام : { وأُنبّئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم } " آل عمران 49 " ، وقال تعالى في حق يوسف عليه السلام : { لا يأتيكم طعام ترزقانه إلا نبّأتكم بتأويله قبل أن يأتيكم ذلكما مما علّمني ربي } " يوسف 37 " . وغير ذلك من الآيات و الأحاديث .
وكان الواجب على من لم يطّلع أن يسأل أهل الذكر ، ولا يعترض على أهل العلم ، والله تعالى أعلم .
وقال العلامة المدابغي رحمه الله تعالى في " حاشيته " على " شرح الأربعين " لابن حجر :
{ والحق كما قال جمعٌ : إن الله لم يقبض نبينا عليه وآله الصلاة والسلام حتى أطلعه على كل ما أبهمه عنه ، إلا أنه أمره بكتم بعض و إعلام ببعض } . انتهى .
وقال التاج السبكي رحمه الله تعالى في " معيد النعم و مبيد النقم" :
{ومن حقهم – يعني الأولياء – الوقوف في إظهار ما يُطلعهم الله عليه من المغيبات ، ويخصّهم به من الكرامات، على الإذن ، وهم لا يجيزون إظهارها بلا فائدة ، ولا يظهرونها إلا عن إذن لفائدة دينية . كما قال أبو بكر الصديق لعائشة رضي الله عنهما : "إنما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله" . قالت عائشة رضي الله عنها : إنما هي أسماء ، فمن الأخرى ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : ذو بطن بنت خارجة ، أراها[في بطن أمها] جارية .}اهـ
فقد أخبر رضي الله عنه أن ما في بطن زوجته أنثى ، وذلك من جملة ما في الأرحام التي لم يطّلع عليها إلا الله تعالى[أي الخمس التي استأثر الله بعلمها ] ، ولكن الله تعالى أطْلعه عليه إذ ذاك ، فعلمُه من علم الله تعالى .
وذكر ابن تيمية في " الفرقان " معنى قول سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه :
" اقتربوا من أفواه المطيعين ، فإنهم تنجلي لهم أمور صادقة " ،قال:– يعني : علم المكاشفة - . وقال في مكان آخر من " الفرقان " : { وذلك أن الخوارق منها ما هو من جنس العلم ، كالمكاشفات ، ومنها ما هو من جنس القدرة والملك ، كالتصرفات الخارقة للعادة ، وجميع ما يعطيه الله لعبده من هذه الأمور وغيرها ، إن استعان بها على ما يحبه الله ويرضاه ، ويقربه إليه ، ويأمر الله به ورسوله ، ازداد بذلك رفعةً وتقرباً إلى الله تعالى وعلت درجته . وإن استعان به على ما نهى الله ورسوله كالشرك و الظلم و الفواحش ، استحق بذلك الذم والعقاب ، فإن لم يتداركه الله بتوبة حسنة ، أو حسنات ماحية ، و إلا كان كأمثاله من المذنبين}. انتهى .
وذكر ابن القيم في كتابه " الروح " أحاديث صحيحة و آثاراً على علم أهل القبور -و الأحياء- بأحوال الدنيا من الأمور التي لا يعلمها إلا الله ، من أمور واقعة ، وأمور ستقع . وقد وقع هذا من كثير من الصحابة ، ومن بعدهم ، وتكلّم ابن القيم على تأييد هذه المسألة .
وقد ثبت في " البخاري " وغيره ، أنه صلى الله عليه و على آله وسلم أشار إلى مصارع صناديد قريش فصُرع كل منهم في ذلك المكان ما تعداه . فقد علم صلى الله عليه و سلم أن هذه الأنفس بأيّ أرض تموت ، وهي من الخمْس .
وأخبر صلى الله عليه و على آله وسلم عن أشياء تقع بعده إلى يوم القيامة ، فوقعت كما أخبر ، وهذا مما لا تدري نفس ماذا تكسب غداً . و هي من الخمس.
وأخبر صلى الله عليه و على آله وسلم بعد موته بنزول الغيث ، كما في الحديث الذي ذكره الشيخ ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم " حين شكى الصحابي ، فأتى إلى قبر رسول الله صلى الله عليه و على آله وسلم ، فقال له : " إيت عمر وأخبره أنهم مُسقَوْن " . فكان كما أخبر .
ورفْعُ هذا الإشكال والتوفيق بين الآيات والأحاديث الصحيحة بهذا التقرير أمر متعيّن[لازم] ، و إلا يلزم منه التناقض والخُلْف في الأخبار الصادقة ، وبالله تعالى التوفيق .]اهـ[/font][/align]
[font=Tahoma][align=center]من كتاب [نحت حديد الباطل وبرده بأدلة الحق الذابة عن صاحب البردة (41-53)] للإمام داود بن سليمان النقشبندي[/align][/font]
_________________ رضينا يا بني الزهرا رضينا بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا
يا رب
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
|