اللمعة في الكلام على مزية وقفة الجمعة: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (ذكره العلامة أحمد بن يونس الشلبي الحنفي بهذا العنوان ونقل منه كما سيأتي (4)، وقال ابن الجزري عند تعداد مؤلفاته: وجزء في "مزية (5) وقفة الجمعة" نقل ذلك من خط علم الدين البرزالي (6)، وذكره ابن حجر (7)، وكحالة (8) بعنوان: "اللمعة في وقفة الجمعة". والرسالة ألفها جوابا لسؤال، حيث تكرر سؤال جماعة من الناس عن وقوف عرفة إذا صادف يوم الجمعة هل يكون له مزية عن سائر الأيام الأخر؟ فأجابهم العلامة الفاكهاني وبيّن لهم حصول المزية من خمسة أوجه. وقد حفظ لنا أحمد الشلبي الحنفي رحمه الله جزءا من هذه الرسالة التي لم أقف لها على نسخة أو نسخ خطية بعد كثرة البحث. قال رحمه الله: "وقد وقفت على جزء مسمى باللمعة في الكلام على مزية وقفة يوم الجمعة تأليف الشيخ الإمام العالم العامل العلامة تاج الدين عمر الإسكندري اللخمي المالكي الشهير بابن الفاكهاني تغمده الله برحمته ونفعنا ببركته قال في ديباجته: أما بعد حمدا لله تعالى والثناء عليه بما هو أهله والصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فإن جماعة تكرر سؤالهم عن مزية وقفة الجمعة على غيرها من سائر الأيام وقصدوا الجواب عن ذلك مبينا فقلت وبالله التوفيق والإعانة لا رب سواه ولا معبود حاشاه المزية من ذلك من خمسة أوجه: الأول: أنها وقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت في السنة العاشرة، وهي حجة الوداع ولم يحج بعد الهجرة سواها وحج الفرض حجتين وفيها مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة عشية الجمعة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم {اليوم أكملت لكم دينكم } الآية ومعلوم قطعا أن الله سبحانه وتعالى إنما يختار لرسول الله صلى الله عليه وسلم الأفضل كما اختاره صلى الله عليه وسلم من خير خلقه واختار له خير الأمم قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس } واختار له منها خير أصحابه وأنزل عليه خير الكتب وهو القرآن العظيم. الوجه الثاني: أن الأعمال تشرف بشرف الأزمنة كما تشرف بشرف الأمكنة ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ثبت في صحيح مسلم (3) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة)) زاد مالك رحمه الله في الموطإ (4) وأبو داود (5) وغيرهما بأسانيد على شرط البخاري ومسلم: ((وفيه تِيب عليه، وفيه مات، وما من دابة إلا وهي مُصِيخَة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس)). قلت: مصيخة بالخاء المعجمة وفي أبي داود: ((مُسيخة)) بالسين أي مصغية مستمعة قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله في كتاب الجمعة من شرح الترمذي كون الخير المتناهي في الأشخاص والأمكنة والأزمنة ولله تعالى أن يفضل ما شاء ويقدمه على غيره فخير الأشخاص محمد صلى الله عليه وسلم وخير الأمم أمته وخير البقاع مكة والمدينة على اختلاف وخير الأزمنة يوم الجمعة وخير ساعاتها الساعة التي يستجاب فيها الدعاء ا هـ وعظمت اليهود يوم السبت لما كان تمام الخلق فيه فظنت أن ذلك يوجب له فضيلة وعظمت النصارى يوم الأحد لما كان بدء الخلق فيه وكل ذلك بحكم عقولهم وهدى الله هذه الأمة المحمدية لسبب الاتباع فعظمت ما عظم الله وقد قيل: إن موسى عليه الصلاة والسلام أمرهم بالجمعة وفضلها فناظروه في ذلك وخالفوه واعتقدوا أن السبت أفضل فأوحى الله تعالى إليه دعهم وما اختاروا وكان يوم الجمعة من الأيام المعظمة في الجاهلية والإسلام ولم تزل الأنبياء يخبرون أن الله سبحانه وتعالى عظمه من حيث إن فيه تمام الخلق وكمال الزيادة فهو أحد الأسباب التي اختص بها واقتضت تشريفه قال مجاهد في قوله تعالى: {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام } قال أولها الأحد وآخرها الجمعة فلما اجتمع خلقها يوم الجمعة جعله الله عيدا للمسلمين ومما يدل على تفضيل يوم الجمعة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أتيت بمرآة فيها نكتة سوداء وفي رواية بيضاء فقلت يا جبريل ما هذه المرآة قال هذه يوم الجمعة قلت ما هذه النكتة قال هذه الساعة التي في يوم الجمعة)) قال بعض العلماء السر في كونها سوداء هو انبهامها والتباس عينها وبياضها على مقتضى الرواية الأخرى تنبيه على شرفها وخصوصيتها من حيث إن البياض أشرف الألوان وكانت الجمعة من الأيام المعظمة في الجاهلية والإسلام كما تقدم اهـ". ) ـــــــــــــــــــــــــ من / المكتبة الشاملة الصوفية ــــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|