( قدومها مصر ووفاتها بها )
******************
قال العبيدلى فى أخباره والحافظ ابن عساكر الدمشقى فى تاريخه الكبير والمؤرخ ابن طولون الدمشقى فى الرسالة الزينبية بعد شرح ما تقدم : ثم إن والى المدينة من قبل يزيد وهو عمرو بن سعيد الأشدق اشتكى من إقامة السيدة زينب بالمدينة فكتب بذلك إلى يزيد وأعلمه بأن وجودها بين أهل المدينة مهيج للخواطر وأنها فصيحة عاقلة لبيبة وقد عزمت هى ومن معها على القيام للأخذ بثأر الحسين عليه السلام فلما وصل الكتاب إلى يزيد وعلم بذلك أمر بتفريقهم فى الأقطار والأمصار فاختارت السيدة زينب الأقامة بمصر طلبا لراحتها ، وأختار بعض أهل البيت بلاد الشام ، فعند ذلك جهزهم ابن الأشدق فخرجت السيدة هى ومن معها من أهل البيت وفيهم سكينة بنت الحسين وأختها فاطمة ، فلما وصل خبر ذلك إلى والى مصر إذ ذاك وهو مسلمة بن مخلد الأنصارى (1) توجه هو وجماعة من أصحابه وفى صحبتهم جملة من أعيان مصر ووجهاتها إلى لقائها فتلقوها من قرية بين مصر والشام شرقى بلبيس(2) ( عرفت أخيرا بقرية العباسة نسبة إلى العباسة بنت أحمد بن طولون)(3) ولم يبق بالمدينة من جماعتهم إلا زين العابدين ، واقام الحسن المثنى بخارجها ووافق دخول السيدة إلى مصر أول شعبان سنة 61هـ من الهجرة = 681م وكان قد مضى على الموقعة نحو ستة أشهر وأياما بما يسع مدة أسفارها فأنزلها مسلمة بن مخلد هى ومن معها فى داره بالحمراء القصوى (4) ترويجا لنفسها إذ كانت تستكى انحرافا ، فأقامت بها 11 شهرا ونحو 15 يوما من شعبان سنة 61هـ إلى رجب سنة 62هـ وتوفيت رضى الله عنها مساء يوم السبت ليلة الأحد لأربعة عشر يوما مضت من شهر رجب من السنة المذكورة ، وبعد تجهيزها وشهود جنازتها دفنت بمحل سكانها على العادة فى ذلك ثم بعد وفاتها رجع من كان معها من أقاربها إلى المدينة وفيهم السيدة سكينة وفاطمة على ما ذكره ابن زولاق فى تاريخه ( فأما ) سكينة فتوفيت بالمدينة على المشهور والأصح بمصر كما يستنتج من الوثائق التاريخية لا سيما خطط المقريزى فى الكلام على منية الأصبغ وقريتى ابن سندر والخندق وفاطمة مكثت بها إلى أن توفى زوجها الحسن المثنى سنة 97 وخلف عليها عبد الله الأصغر بن عمرو ابن عثمان بن عفان ، ويقال أن بعد وفاته قدمت هى وأبنتها منه رقية إلى مصر فأقامت بها الى أن توفيت سنة 110 هـ ودفنت محل سكنها بمحلة الحطابة ( تعريف قديم للمنطقة الواقع بها ضريحها الشريف التى تزار به الآن ) .
(وأما) ولدها محمد الديباج (5)أخو رقية المذكورة فقتله المنصور وأرسل رأسه إلى خراسان وله بها مقام مشهور يزار.
(ثم) بعد مرور عام على وفاتها وفى نفس اليوم الذى توفيت فيه اجتمع أهل مصر قاطبة وفيهم الفقهاء والقراء وغير ذلك واقاموا لها موسما عظيما برسم الذكرى على ما جرت به العادة ومن ذلك الحين لم ينقطع هذا الموسم المذكور هو المعبر عنه بالمولد الزينبى الذى يبتدأ من أول شهر رجب من كل سنة وينتهى ليلة النصف منه وهى ليلة الختام وتخى هذه الليالى بتلاوة آى القرآن الحكيم والأذكار الشرعية ويكون ذلك مهرجان عظيم وتفد الناس من كل فج عميق إلى زيارة ضريحها وكما هو موضه بالصور التى إلتقطها فى العصر الحديث
وكذلك تقصدها الناس بالزيارة بكثرة لاسيما فى يوم الأحد وهى عادة قديمة ورثها الخلف عن السلف والأصل فى ذلك أن أفضل ما يزار فيه الولى من الأيام هو اليوم الذى توفى فيه ، بل قالوا لا يزار إلا فى هذا اليوم إن علم ذلك والا ففى اليوم المجمع عليه جريا على العادة ،والسيدة رضى الله تعالى عنها وأرضاها لا يقصدها الزائرون بكثرة إلا فى هذا اليوم اقتداء بما تواتر عن أسلافهم . وكان يزورها كافور الأخشيدى (6) فى ذلك اليوم كما كان يزور السيدة نفيسة بنت سيدى الحسن فى يوم الخميس وكذلك كان يفعل أحمد بن طولون ، وكان الظافر بنصر الله الفاطمى لا يزورها إلا فى نفس هذا اليوم ، وغذا أتى إلى مقامها الشريف يأتى حاسرالرأس مترجلا ويتصدق عند قبرها وينذر لها النذور وغير ذلك ، واقتفى أثر هؤلاء من جاء بعدهم من الملوك والسلاطين والأمراء وكان الظاهر جقمق أحد ملوك مصر فى القرن الثامن الهجرى (7) توقد له فى هذا اليوم الشموع وتنار أرجاء المشهد بالقناديل الملونة ، ولازم زيارتها فى هذا اليوم كثير من العلماء والأولياء وأهل الفضل ولازال ذلك جاريا الى الآن من العامة والخاصة ، وفى القرن السابع الهجرى كان الشيخ محمد العتريس (8) اعتاد أن يثيم هو وفقراؤه حضرة يذكرون الله فيها ويصلون على نبيه صلى الله عليه وسلم فى ليلة الأربعاء ويعد وفاته اقتقى أثره من خالفه وجرت على ذلك العادة إلى اليوم . والأصل فى موالد الأولياء التى تقام ببلاد مصر عامة فى كل عام هى على هذا النمط لمن تحقق لدية ذلك ، ويتوهم بعض الناس أنها ذكرى مولد ذلك الولى وهى بالتحقيق ذكريات وفاتهم كما هو جارى فى المولد الأحمدى الكبير وغيره وقد لا يجوز بعض العلماء إقامة هذه الموالد ، نعو هى ليست جائزة إذا كانت غير موافقة لآداب الشريعة الغراء كاجتماع الرجال بالنساء والصياح والهرج والمرج فذلك كله باطل ومفسده فى الدين والدين برىء ممن يفعل ذلك وواجب العلماء وولاة الأمور أن يزجروا من يتلبس فيه إلا الكمال الكامل وكذلك موالد من ينتمى اليها بالقرابة رضى الله عن جميعهم .
(هذه) الشذرة التى تضمنت أخبار السيدة زينب رضى الله عنها استطلعنا من مصادر موثقة فإذا علمت ذلك فأعلم أنه لا خلاف فى أن هذا المشهد الواقع جنوبى القاهرة قد ضم جثمان هذه السيدة الظاهرة مما نقل عن أهل التاريخ من الأخبار الصحيحة الثابتة التى لا مجال للشك فيها وأن الخلاف الواقع لفريق من المؤرخين إنما هو لتعداد أسم السيدة زينب فى بنا الامام على وقد تعدد هذا الاسم أيضا فى كثير من ذرية السبطين كما دلت على ذلك كتب الأنساب والسير ، والمقطوع بصحته هو ما أثبتناه عن أساطين العلم وأساتذة علم التاريخ والنسب .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الـــــــــــــتعــــــــــليـــــــــــق
تولى حكم مصر فى عهد معاوية بن أبى سفيان مؤسس الدولة الاموية فى سنة 667م / 47 هـ الى سنة 682م / 62 هـ
هو مسلمة بن مخلد بن صامت الصحابى الانصارى الخزرجى
يقول ابن تغرى فى النجوم الزاهرة
: ) ويقول على بن سعيد الرازى : حدثنا موسى بن على قال : سمعت مسلمة بن مخلد يقول : ولدت حين قدم الرسول إلى المدينة كان مسلمة بنالمدينةوتوفى وأنا ابن عشر سنين – وقيل لما قدم النبى أربع سنوات .
وكان مسلمة ورعا تقيا يطيل فى عبادته حتى أصبح مطرب الأمثال إذ يقول المقريزى فى الخطط والآثار عن مجاهد : صليت خلف مسلمة فقرأ سورة البقرة ، فما ترك ألفا ولا واوا وقال ابن هليعة عن الحرث بن يزيد : كان مسلمة يصلى بنا فيقوم فى الظهر فربما قرأ سورة البقرة ، وجاء فى كتاب ترتيب الزيارة لابن الزياد عن مجاهد قال : كنت أرانى أحفظ الناس للقرأن حتى صليت خلف مسلمة الصبح فقرأ سورة البقرة فما أخطأ فيها . وحكى الواقدى : أن مسلمة كان إذا قرأ فى المحراب يسمع سقوط دموعه على الارض : أن مسلمة بن مخلد شهد فتحوقال الإمام أحمد بن حنبل وذلكمصر وسكنها ثم ولاه معاوية بن أبى سفيان مصر بعد عزل عقبة بن عامر الجهينى فى عام 47 هـ
وقد جمع له معاوية الصلاة والخطابة وكذا الخراج – كما أضيف إليه بلاد المغرب .
وفى ولايته على مصر هجمت على مصر أساطيل الدولة البيزنطية ونزلت جنودها البرلس سنة 53 هـ . - أما عن مشاركة مسلمة فى فتح مصر - فيقول البلاذرى فى فتوح البلدان وكذا السيوطى والمقريزى :
إن الامدادات التى أرسلها الخليفة عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص لإتمام فتوح مصر كان على رأسها كل من عبادة بن الصامت والمقداد بن الأسود ومسلمة بن مخلد كان على ألف رجل – وأن الزبير بن العوام مثلهم .
وإذا تتبعنا سيرة فتح مصر نجد أن مسلمة كان من بين قواد المسلمين الذين تزعمهم الزبير بن العوام وتسلقوا حصن بابليون واستطاعوا دخول الحصن وفتح أبوابه لجيوش المسلمين وبذلك كتب لهم النصر .- وبينما كان مسلمة بن مخلد فى الإسكندرية سنة ستين هجرية بعد أن استخلف على مصر عابس ابن سعيد إذ جاءه خبر موت الخليفةبن أبى سفيان واستخلاف يزيد بن معاوية بعد أبيه - وكتب إليه يزيد بن معاوية وأقره على ولاية مصر – كما كتب إليه أيضا بأخذ البيعة له – وبالتالى كتب مسلمة بن مخلد الى عابس وكلفه أن يقوم بمهمة أن يأخذ البيعة ليزيد من أهل مصر ولكن أمتنع عبد الله بن عمرو بن العاص لما يعرفه عن يزيد وأخلاقه– فلما أخبر عابس مسلمة بامتناع عبد الله عن المبايعة أمر عابس بإحراق باب عبد الله فحينئذ بايع ابن عمرو بن العاص ليزيد على كره منه - ثم قدم مسلمة من الإسكندرية فجمع لعابس من الشرطة والقضاء سنة 61 هـ
وعن وفاة مسلمة بن محلد الأنصارى
قيل إنه توفى بمصر الموضع المعروف بذبح الجبل فيه قبر مسلمة الرجل الصالح فكان لا يسمع أحد قراءته إلا بكى لحسن صوته وقال : أبن عبد البر أن مسلمة مات بمصر وقيل بالمدينة- وقال ابن يونس بالاسكندرية
وقال الحافظ عبد الغنى : مات بمصر ودفن لخمس بقين من رجب سنة 62 هـ .
وقال ابن زولان وابن الزيات : مات مسلمة بمصر وهو الاصح وقبره بمصر القديمة .
كما أخبرنا صاحب المستدرك : أن أحمد بن يعقوب الثقفى ثنا موسى بن ذكريا ثنا بن خياط قال : وفيها مات سنة اثنين وستين هجرية أبو سعيد مسلمة بن مخلد الأنصارى بمصر وكان أميرها هو أول من جمعت له مصر والمغرب من الأمراء وله زاوية .والضريح عبارة عن زاوية مربعة بداخلها الضريح يعلوها قبة صغيرة - وفى زيارة للضريح وجد بجواره شجرة كبيرة بجوارها بئر ماء يكاد يروى هذه الشجرة وكأنه نهر يجرى بجوار الضريح – كما يوجد مصلى للرجال والسيدات واسم الشارع مدون باسم مسلمة بن مخلد الانصارى
(2) بلبيس : مدينة بلبيس من المدن القديمة وقد كانت مدخل العرب إلى مصر عند الفتح الإسلامي لمصر فقد فتحت ذراعيها لاستقبال جنوده حتى يخلصوا مصر من ظلم الرومان[2] ففي عام 1871 م سميت مركز بلبيس وهي من أشهر بلاد الشرقية على مر العصوروكانت تسمى (بيس) ثم أضيف إليها (بل) فأصبحت (بل بيس) ومعناها القصر الجميل وسميت بعد ذلك بلبيس.والاسم الأصلى لمحافظة الشرقية كما يشار إليه في تاريخ الجبرتى هو "شرقية بلبيس"، أى الأراضى الواقعة شرق مدينة بلبيس، التي كانت من أهم مدن الدلتا في العصر العثمانى وزمن الحملة الفرنسية[بحاجة لمصدر].
المدينة لعبت دوراً و خسرت في مؤامرات السيطرة على الوزارة الفاطمية. ففي عام 1164 حوصر شيركوه في بلبيس من قبل شاور وأمالريك الأول ملك القدس الصليبي لمدة 3 أشهر. وقد حوصر شيركوه في بلبيس (سميت على اسم الملكة بيسه التي كانت تحكم مصر في الفترة التي استقبلت فيها المدينة عمرو بن العاص في أول زيارة له مصر قبل دخولة الفسطاط مرة أخرى عام 1168 عندما هاجمها أمالريك الأول مرة أخرى وقد سقطت المدينة بعد 3 أيام في 4 نوفمبر ليعمل أمالريك فيها الذبح لكل سكانها، بدون تمييز، رجالا ونساءا وأطفالا - أقباط مصر 'مسلمين ونصارى'. فظاعة المذبحة روعت نصارى مصر الذين كانوا يرون الصليبيين كمخلصين، ثم ما لبثوا أن عانوا كالمسلمين، مما دعاهم إلى وقف مساندتهم للصليبيين، ووضعوا أيديهم في يد المسلمين لصد الأجانب.
أعاد نابليون بناء استحكامات المدينة العسكرية عام 1798.
إن بلبيس لها جذور تاريخيه عريقة ففي القدم ذكرت بلبيس في التوراة بآسن (جاشان) وقد نزل النبي "يعقوب" حين قدم آلي مصر لمقابله إبنه "يوسف" التي ورد ذكرها في قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (واسأل القريه التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون) صدق الله العظيم. ومدينة بلبيس من المدن القديمه وكان اسمها القبطيbecok واسمها المصري”bilbio” وكانت واقعة بين عين الشمس وبين بسطة في حدود الصحراء الشرقيه وقد وردت في المسالك لإبن حوقل أنها من مدن مصر وفي صبح الأعشى قال عنها أنها مدينة متوسطة بها المساجد والمدارس والأسواق وهي محطة رحال الدرب الشامي وهي " قصبه الحوف" أي (قاعدة إقليم الشرقيه) وبها والى الحرب وبها جوامع ومدارس وأسواق وفنادق وبساتين ونخيل وهي مسوره ويمر بها نهر النيل أيام زيادته وقد كانت مدخل العرب إلي مصرعندالفتح الإسلامي فقد فتحت ذراعيها لاستقبال جنوده حتى يخلصوا مصر من ظلم الرومان وفي عام 1871م سميت مركز بلبيس وهي من اشهربلاد الشرقية على مر العصور وكانت تسمى "بيس" ثم أضيف إليها "بل" فأصبحت (بلبيس) ومعناها القصر الجميل.
(3) قرية العباسة :
ولد خمارويه بن أحمد بن طولون عام مائتين وخمسين هجرية وتوفي عام مائتين واثنين وثمانين هجرية بدمشق، وحمل تابوته لمصر حيث دفن بالمقطم.
تولى خمارويه جيوش مصر وهو دون العشرين من عمره، وقد كان لديه كثير من الأعوان، فقد أولى اهتمامًا بالجيش لمواجهة ما ينتظره من تحديات في أعقاب الأحوال السياسية المضطربة التي خلفتها وفاة أبيه. وعني عناية خاصة بفرقة "المختارة" التي كانت تشكل جنده وحرسه الخاص، كما اهتم بمظهر الجنود وزيهم، ولذلك لقب بأبي الجيوش. لحمد سلمى العدوى وبعد عدة معارك حربية مع العباسيين والبيزنطيين، كون دولة عريضة قاعدتها مصر حيث امتدت من برقه (في ليبيا) غربًا إلى الفرات (في العراق) شرقًا، ومن آسيا الصغرى (تركيا) شمالاً حتى بلاد النوبة (مصر) جنوبًا. ولذلك جنح الخليفة العباسي إلى السلم معه، كما جنح هو للسلم لإكساب دولته الصفة الشرعية. واعترفت الخلافة العباسية بحكم خمارويه وأبنائه من بعده لمدة ثلاثين عامًا.
وتوجت هذه العلاقات بين الدولة الطولونية والخلافة العباسية بزواج إبنة خمارويه -قطر الندى- بالخليفة المعتضد العباسي في زفاف أسطوري لا تزال تتردد أصداؤه في التراث الشعبي المصري حتى الآن، حيث إنه استمر عدة أشهر، ويعد من أطول احتفالات الزفاف في تاريخ البشرية. وهو حفل الزفاف الذي استنزف موارد الدولة الطولونية وعجل بنهايتها الدرامية .
( قلت : لا تزال بعض اهازيج الزفاف تلك تعيش في الريف المصري بينما هي تعود الى فترة الزفاف الشهيرة تلك ، مثل:
بنت السلطان **** لا بسة القفطان
و بنت السلطان هذه هي : "قطر الندى بنت خمارويه ")
فكان عصره من عصور الفساد في مصر بسبب تيذيره الشديد في أموال الدولة, و يحكى أنه كان عندما تسافر إبنته إلي مكان ما , كان يبني لها قصرا عند كل مكان ترتاح فيه.
وهذه ترجمته من وفيات الأعيان لابن خلكان
خمارويه بن طولون
أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون-وقد تقدم ذكر أبيه وجده في حرف الهمزة-ولما توفي أبوه اجتمع الجند على توليته مكانه فولي وهو ابن عشرين سنة، وكانت ولايته في أيام المعتمد على الله، وفي سنة ست وسبعين ومائتين تحرك الافشين: محمد بن أبي الساج ديوداذ بن دوست من أرمينية والجبال في جيش عظيم، وقصد مصر، فلقيه خمارويه في بعض أعمال دمشق، وانهزم اللافشين، واستأمن أكثر عسكره، وسار خمارويه حتى بلغ الفرات ودخل أصحابه الرقة، ثم عاد وقد ملك من الفرات إلى بلاد النوبة.
ولما مات المعتمد وتولى المعتضد الخلافة، باد إليه خمارويه بالهدايا والتحف، فأقره المعتضد على عمله، وسأل خمارويه أن يزوج ابنته قطر الندى-واسمها أسماء-للمكتفي بالله بن المعتضد بالله، وكان يوم ذاك ولي العهد، فقال المعتضد بالله: بل أتزوجها أنا، فتزوجها في سنة إحدى وثمانين ومائتين، ودخل بها في آخر هذه السنة، وقيل في سنة اثنتين وثمانين، والله أعلم. وكان صداقها ألف ألف درهم، وكانت موصوفة بفرط الجمال والعقل. حكي أن المعتضد خلا بها يوماً للأنس في مجلس أفرده لها ما حضره سواها، فأخذت منه الكأس، فنام على فخذها، فلما استثقل وضعت رأسه على وسادة وخرجت وجلست في ساحة القصر، فاستيقظت فلم يجدها، فاستشاط غضباً ونادى بها، فأجابته عن قرب، فقال: ألم أخلك إكراماً لك؟ ألم أدفع إليك مهجتي دون سائر حظاياي؟ فتضعين رأسي على وسادة وتذهبين؟! فقالت: يا أمير المؤمنين، ما جهلت قدر ما أنعمت به علي، ولكن فيما أدبني به أبي أن قال: لا تنامي مع الجلوس، ولا تجلسي مع النيام.
ويقال: إن المعتضد أراد بنكاحها افتقار الطولونية، وكذا كان، فإن أباها جهزها بجهاز لم يعمل مثله، حتى قيل: كان لها ألف هاون ذهباً. وشرط عليه المعتضد أن يحمل كل سنة بعد القيام بجميع وظائف مصر وأرزاق أجنادها مائتي ألف دينار، فاقام على ذلك إلى أن قتله غلمانه بدمشق على فراشه ليلة الأحد لثلاث بقين من ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وعمره اثنتان وثلاثون سنة، وقتل قتلته أجمعون، وحمل تابوته إلى مصر، ودفن عند أبيه بسفح المقطم، رحمهما الله تعالى.
وكان خمارويه من أحسن الناس خطاً، وكان وزيره أبا بكر محمد بن علي بن أحمد المعروف بالماذرائي-الآتي ذكره إن شاء الله تعالى -.
ولما حملت قطر الندى ابنة خمارويه إلى المعتضد، خرجت معها عمتها العباسة بنت أحمد بن طولون مشيعة لها إلى آخر عمارة الديار المصرية من جهة الشام، ونزلت هناك وضربت فساطيطها، وبنت هناك قرية فسميت باسمها، وقيل لها العباسة، وهي عامرة إلى الآن، وبها جامع حسن وسوق قائم؛ ذكر ذلك جماع من أهل العلم.
وماتت قطر الندى لتسع خلون من رجب سنة سبع وثمانين ومائتين، ودفنت داخل قصر الرصافة ببغداد.
وتوفي الافشين محمد بن أبي الساج في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين ومائتين، ببرذعة، وهي كرسي أعمال أذربيجان، وقيل إنها من أران.
وتوفي أبوه أبو الساج-وهو الذي تنسب إليه الأجناد الساجية ببغداد-في شهر ربيع الآخر سنة ست وستين ومائتين بجند يسابور، من أعمال خوزستان.
وخمارويه: بضم الخاء الموحدة وفتح الميم وبعدها ألف ثم راء مفتوحة وواو، ثم ياء ساكنة مثناة من تحتها، وبعدها هاء ساكنة
(4) الحمروى القصوى :ذكرنا الحمروات فى أول الكتاب برجاء مراجعتها
(5) محمد الديباج ..
ترجمة محمد الديباج
محمد الديباح هو المعروف بالديباج - أو الديباجة - لحسن وجهه ويلقب بالمأمون ويكنى أبا جعفر ، أمه أم أخويه موسى وإسحاق أم ولد تدعى حميدة ، وكان شيخا وادعا محببا في الناس ، وكان يروى العلم عن أبيه جعفر بن محمد وكان الناس يكتبون عنه هكذا قال الطبري في تاريخه ج 10 ص 233 وقال الخطيب في تاريخه ج 2 ص 113 وأبو الفرج في مقاتله ص 538 انه كان شجاعا عاقلا فاضلا ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكانت زوجته خديجة بنت عبد الله بن الحسين تقول : ما خرج من عندنا في ثوب قط فرجع حتى يكسوه : قال ابن عنبة في عمدة الطالب ص 245 خرج داعيا إلى محمد بن إبراهيم بن طباطبا الحسنى ، فلما
(6) كافور الإخشيدي
355 هـ أبو المسك كافور بن عبد الله الإخشيدي. كان عبدا لبعض أهل مصر، ثم اشتراه أبو بكر محمد ابن طغج الإخشيد في سنة اثنتي عشرة وثلثمائة بمصر من محمود بن وهب بن عباس وترقى عنده إلى أن جعله أتابك ولديه. وقال محمد وكيل الأستاذ كافور: خدمت الأستاذ والجراية التي يطلقها ثلاث عشرة جراية في كل يوم، ومات وقد بلغت علي يدي ثلاثة عشر ألفا في كل يوم.
ولما توفي الإخشيد تولى مملكة مصر والشام ولده الأكبر وهو أبو القاسم أنوجور، ومعناه بالعربي محمود، بعقد الراضي له، وقام كافور بتدبير دولته أحسن قيام إلى أن توفي أنوجور يوم السبت لثمان وقيل لسبع خلون من ذي العقدة سنة تسع وأربعين وثلثمائة، وحمل إلى القدس ودفن عند أبيه. وكانت ولادته بدمشق يوم الخميس لتسع خلون من ذي الحجة سنة تسع عشرة وثلثمائة. وتولى بعدة أخوه أبو الحسن علي، وملك الروم في أيامه حلب والمصيصة وطرسوس وذلك الصقع أجمع، فاستمر كافور على نيابته وحسن إيالته، إلى أن توفي علي المذكور في سنة خمس وخمسين وثلثمائة، وقيل بل توفي لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة أربع وخمسين، وكانت ولادته يوم الثلاثاء لأربع بقين من صفر سنة ست وعشرين وثلثمائة بمصر.
ثم استقل كافور بالمملكة من هذا التاريخ وأشير عليه بإقامة الدعوة لولد أبي الحسن علي بن الإخشيد، فاحتج بصغر سنة، وركب بالمطارد، وأظهر خلعا جاءته من العراق وكتابا بتكنيته، وركب بالخلع يوم الثلاثاء لعشر خلون من صفر سنة خمس وخمسين وثلثمائة وكان وزيره أبا الفضل جعفر بن الفرات .
وكان كافور يرغب في أهل الخير ويعظمهم، وكان أسود اللون شديد السواد بصاصا، واشتراه الإخشيد بثمانية عشر دينارا على ما نقل. وكان أبو الطيب المتنبي قد فارق سيف الدولة بن حمدان مغاضبا له، وقصد مصر وامتدح كافورا بأحسن المدائح، فمن ذلك قوله في أول قصيدة أنشأها له في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وثلثمائة، وقد وصف فيها الخيل
ابن تغري
أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن الأمير سيف الدين تغري بردي الأتابكي اليشبقاوي الظاهري. (ولد بالقاهرة سنة 813 هـ / 1410م - توفى بالقاهرة سنة 874 هـ / 1470م) (وتغري بردي محرفة من تنكري يردي، ويردي بالتركية تعني عطا الله) [1]. مؤرخ مصري كان أبوه من كبار أمراء المماليك في عهد السلطان الظاهر سيف الدين برقوق وابنه الناصر فرج بن برقوق. تتلمذ علمياً ودينياً على أيدي كبار مشايخ عصره أمثال زوج أخته قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، وابن حجر العسقلاني، وبدر الدين العيني، وابن ظهيرة وابن عربشاه. ثم لازم مجلس شيخ المؤرخين تقي الدين المقريزي فتعلم منه حب التاريخ والتأريخ. وبذلك انتمى ابن تغري إلى طبقة الأمراء وأرباب الدولة وتتلمذ على أيدي العلماء واهل العمائم.
كان ابن تغري يعيش في سعة كاملة مما جعله قادراً على الاستغناء عن العمل للكسب. فتعلم الفروسية وبرع فيها كما تعلم الفقه والموسيقى والشعر، وكان يتقن اللغتين العربية والتركية. ومع ذلك فقد استهوته دراسة التاريخ، وساعده تفرغه، وصلاته بالبلاط السلطاني (توالى عليه في عصره عشرة سلاطين) وكبار الأمراء وأرباب السياسة على الاطلاع على المعلومات مما جعله يصبح من كبار المؤرخين.
كتب ابن تغري اثني عشر مؤلفاً في التاريخ. كان أول كتبه " المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي " وفيه سجل تراجم أعيان عصره. اما أهم مؤلفاته واشهرها واضخمها فهو كتابه النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة وهو سرد لتاريخ مصر منذ الفتح الإسلامي إلى عصره (انتهى فيه إلى 870هـ / 1467م). وبالرغم من أن ابن تغري ذكر في مقدمة كتابه أنه كتبه دون طلب من ملك أو سلطان، إلا أنه ذكر في نهايته أنه ألفه من أجل صديقه الأمير محمد بن السلطان جمق، والذي كان ابن تغري يتوقع أن يصل إلى تخت السلطنة فيختم الكتاب بعهده، إلا أن الأمير محمد وافته المنية قبل ذلك (توفي سنة 847هـ) [2]. انتهج ابن تغري في هذا الكتاب منهجاً مخالفاً لمنهج أستاذه المقريزي، فقد جعل لكل عهد من عهود السلاطين فصلاً خاصاً، ثم ذكر السنين وحوادثها تباعاً داخل الفصل حتي إذا توفى الحاكم جعل له ترجمة منفصلة، ثم أعقب ذلك بترتيب سنوات العهد ترتيباً عددياً، وذكر وفيات كل منها في فصل واحد مع ذكر بعض الحوادث ضمن التراجم. وقد توسع ابن تغري في التاريخ الفاطمي. أما الجزء الخاص بعصره فقد اتخذ شكل السجل اليومي من عهد الناصر فرج تقريباً إلى عهد السلطان الأشرف قايتباي. وقد اعتنى ابن تغري بنهر النيل في كتابه وأحصى تقلباته وأحواله منذ الفتح الإسلامي إلى عصره. كما اهتم بالنشاط العمراني في مصر خلال العصور. ويعد تسجيل التاريخ الحضاري مع التاريخ السياسى إحدى ميزات ابن تغري.
طبع كتاب " النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة " (16 مجلد) بالقاهرة في نحو أربعين سنة من سنة 1930م إلى سنة 1972م. كما نشرت أقسام منه عن طريق بعض المستشرقين الغربيين