اولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعدت كثيرا بجواب جنابكم الكريم , والاختلاف بالنظر لايفسد في الود قضية , وانما الاختلاف رحمة لانه يكون من وجهات نظر عديدة للشئ ذاته , فكل يرى جانبا من الموضوع , وبتعدد وجهات النظر المختلفة تتوضح الصورة وتكتمل ان شاء الله .
اولا : مانقصده بالمهم , ليس من جهة الرائي لكن من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم , فقد راينا ناس من هذا الحزب او ذاك , وكلهم طلاب دنيا , وابعد الناس عن الله ورسوله , يدعون انهم راوا الرسول والرسول اخبرهم بكذا وكذا , ثم تاتي الايام وتذهب ولايتحقق من كلامهم الذي نسبوه للرسول شئ , الرسول يهتم بالحق واهله , ويرشدهم ويبشرهم , فهو رسول الله بعد وفاته وانتقاله من هذا العالم السفلي للعالم العلوي , مثلما كان رسولا في حياته الارضية , يبلغ رسالات ربه , فهو خاتم الانبياء والمرسلين عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام . وكل يراه حسب حاله ومقامه .
ثانيا : الرؤيا , مبشرات ومنذرات , ورؤية الرسول لايكون الا من باب المبشرات , حتى الكافر اذا رآه صلى الله عليه وسلم , فسوف يؤمن ويتغير حاله حتما (لتخرج الناس من الظلمات الى النور ) ولايراه الا من سبقت له الرحمة والعناية الالهية , فيستحيل على شخص مثل يزيد بن معاوية او الحجاج او من هو على دينهم وشاكلتهم , ان يروا الرسول , وان توهموا ذلك كما سبق وذكرنا.
ثالثا : رؤية الرسول في المنام ليس مثله كمثل من رآه من الاعراب واعداء الله من الكافرين والمنافقين , فتلك رؤية دنيوية جسدية , ورؤية المنام , لايراها الا من يحبه الله ورسوله , هنا الرسول ياتي لرائيه زائرا , وبالدنيا كانوا ياتونه , وان كره محضرهم , لمعرفته بحقيقتهم , لكن لابلاغ الرسالة ليس له ان يطرد من ياتيه .
رابعا : قولنا انه من يرى الرسول سيمر بابتلاءات معينة , تكلمنا حسب مقامات عامة الناس , وليس مقامات اهل العافية , من العرفاء المتقين , وان كان الانسان لايخلو من الابتلاء الى آخر يوم من حياته في هذه الدنيا , قلنا ان السالك والطالب المريد إن اكرمه الله برؤية رسوله , فسيدخل في جملة من الابتلاءات اي الامتحانات , يرتفع بها مقامه ويكمل عقله ويثبت ايمانه (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما) هذه الابتلاءات سنة من سنن الله تعالى في عباده , وبموجبها تثبت درجة كل انسان ومقامه , فالامام هو الذي نجح في تلك الابتلاءات جميعا , ومن دونه فقد نجح هنا ورسب هناك , يوجد من العباد من لايصبر على الفقر حتى ينسى , ويوجد من لاييشكر على الغنى حتى يطغى , ويوجد من هو في الفقر تراه صبورا وفي الغنى شكورا ... وهكذا بقية الامور وتطول ذكرها .
واولئك الابدال الذين ذكرهم الرسول وقال عنهم ان قلوبهم على قلب ابراهيم , لم ينالوا تلك الدرجة عبثا , لكن بجهاد انفسهم الشحيحة (ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون) فتراهم سمحاء اسخياء , يعفون عمن ظلمهم ولايبحثون عن ثار وانتقام , ومن الابتلاء ان يظلمك غيرك , واشد منه حين تجاهد نفسك الامارة بالسوء الباحثة عن الانتقام , فتغلبها وتتحلى بالعفو , ومن الابتلاء ان يقطع رحمك اهلك واقرباؤك وذووك فتصبر وتحلم وتصلهم على جفاءهم , ومن الابتلاء ان تحتاج للناس فيبتعدون عنك ويحرمونك نجدتهم , ثم تدور الايام فيلتجأون اليك , فلا تفعل مثلهم , لكن تعطي من حرمك بروح من الرحمة والشفقة والمحبة (لانريد منكم جزاءا ولاشكورا) وكما قال الرسول الكريم : اشد الناس بلاءا الانبياء فالصالحون فالامثل ثم الامثل .
خامسا : قلنا من يرى الرسول يعرفه فورا , بل وكانه قد عاش معه الاف السنوات , تكلمنا عن حال ومقام خاص اخي الشريف , ولم نتكلم عن فقيه وعالم كان قلبه لاهيا , فتداركه ربه برحمة منه برؤية رسوله , فلم يتعرف عليه حتى انبأه بنفسه بلغة اهل الارض (الاتعرفني ؟ انا محمد المصطفى انا رسول الله ) , وحين تكلمنا عن مدعي المهدوية يزعم انه راى الرسول والرسول قال له (انا محمد بن عبدالله انا رسول الله ) قلنا ان ذاك الانسان متوهم , فكيف يكون مهديا ولايتعرف على رسول الله ؟
سادسا : في عالم الرؤيا كلما كانت الالفاظ والكلمات اقل كلما كانت الرؤيا اصح واثبت , واعلى درجات التخاطب حين تكون بالمدارك ذاتها , وحتى في عالم اليقظة , تجد ناس عرفاء يفهمون عن غيرهم امور كثيرة بمجرد نظرة , فلايحناج ان تشرح له حالك ومشكلتك بالكلام , تجده هو يبتدأك ويخبرك عما في نفسك . فهذا الدرجة من الاخبار فوق درجة الكلام والتخاطب العادي .
سابعا : الصلاة على الرسول عليه وعلى آله الف الف تحية وصلاة وسلام , اولا حين تكتب مقالة تذكر فيها الرسول فيكفي ان تذكر الصلاة كتابة بالمرة الاولى , وبعدها كلما تذكره تصلي عليه في نفسك لكن لاداعي لتكرار الكتابة كل مرة , كذلك حال القاري , يصلي على الرسول في كل مرة يرد فيها ذكره , ولو ذكرناه الف مرة , تصلي عليه مرة يصلي عليك عشرا , ثانيا كتبت بالامس مشاركة في معنى وحقيقة الصلاة على رسول الله وآل بيته الاطهار , وبينا انه على ثلاث درجات : لفظي وقلبي وعملي
جزاكم الله كل خير ووفقنا واياكم لنصرة رسوله الكريم ودينه الحق حتى يظهر على الدين كله
|