اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 11:21 pm مشاركات: 2200 مكان: مصر
|
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي سيدنا محمد الصديق الأكبر عبد الله حقيقة وعلى آله اللؤلؤ المنثور حق قدره ومقداره العظيم[/align]
[align=center]كتاب "الدُّرَّةُ الْمُضِـيَّـة في الرَّدِّ علَى ابنِ تَيمِيَّة"[/align]
[align=center]للإمام الفقيه المجتهد أبي الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الكبير (رضي الله عنه) (683 – 756 هـ)[/align]
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله الذي أرسلَ رسولَه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. والصلاة والسلام على سيدنا محمَّدٍ الذي نصر دينه بالجلاد والجدال، وتكفَّلَ لأمَّته أن لا يزالوا على الحق ظاهرين حتى يقاتل آخرَهم الدجال، وعلى آله الطيبين، وأصحابه الذين وصفهم بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم، وألحق التابعين بإحسان في رضاه بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد ...
فإنه لما أحدثَ ابنُ تيمية ما أحدثَ في أصول العقائد، ونقضَ من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة، مظهراً أنه داعٍ إلى الحق هادٍ إلى الجنة، فخرج عن الاتِّباع إلى الابتداع، وشذَّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدسة، وأن الافتقار إلى الجزء ليس بمحال، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وأنَّ القرآن محدَثٌ تكلَّم اللهُ به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم (والتزامه) بالقول بأنه لا أول للمخلوقات !!، فقال بحوادث لا أول لها فأثبت الصفة القديمة حادثة، والمخلوق الحادث قديماً، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملّةٍ من الملل، ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة .
وكلُّ ذلك وإن كان كفراً شنيعاً مما تَقِـلُّ جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع، فإن متلقي الأصول عنه وفَاهِمَ ذلك منه هم الأقلُّون ، والداعي إليه من أصحابه هم الأرذلون، وإذا حُوققوا في ذلك أنكروه وفروا منه كما يفرون من المكروه، ونبهاء أصحابه ومتدينوهم لا يظهر لهم إلا مجرَّد التبعية للكتاب والسنة والوقوف عند ما دلت عليه من غير زيادة ولا تشبيه ولا تمثيل.
وأما ما أحدثه في الفروع فأمرٌ قد عمَّت به البلوى، وهو الإفتاء في تعليق الطلاق على وجه اليمين بالكفارة عند الحنث.
وقد استروحَ العامَّة إلى قوله وتسارعوا إليه وخَـفَّت عليهم أحكام الطلاق، وتعدى إلى القول بأن الثلاثَ لا تقع مجموعة إذا أرسلها الزوج على الزوجة، وكتب في المسألتين كراريسَ مطوَّلة ومختصرة، أتى فيها بالعجب العجاب، وفتح من الباطل كلَّ باب !!
وكان الله تعالى قد وفَّقَ لبيان خطئه وتهافت قوله ومخالفته لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة.
وقد عرف ذلك خواصُّ العلماء ومن يفهم من عوام الفقهاء. ثم بلغني أنه بثَّ دعاته في أقطار الأرض لنشر دعوته الخبيثة، وأضلَّ بذلك جماعة من العوام ومن العرب والفلاحين وأهل البلاد البرَّانية، ولبَّس عليهم مسألة اليمين بالطلاق حتى أوهمهم دخولها في قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية، وكذلك في قوله تعالى: (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم).
فعسر عليهم الجواب وقالوا: هذا كتاب الله سبحانه!! وبقي في قلوبهم شُبَهٌ من قوله، حتى ذاكرني بذلك بعض المشايخ ممن جمع علماً وعمَلاً، وبلغ من المقامات الفاخرة الموصلة إلى الآخرة أملاً، ورأيتُه متطلعاً إلى الجواب عن هذه الشبهة، وبيان الحق في هذه المسألة على وجه مختصر يفهمه من لم يمارس كتب الفقه ولا ناظر في الجدل، فكتبت هذه الأوراق على وجهٍ ينتفع به من نوَّر الله قلبه وأحب لزوم الجماعة، وكره تبعية من شذَّ من الشياطين، وبالله أستعين وعليه توكلتُ، وهو حسبي ونعم الوكيل. وقد رتبت الكلام على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في بيان حكم هذه المسألة. الفصل الثاني: في كلام إجمالي يدفع الاستدلال المذكور. الفصل الثالث: في الجواب عن ذلك الاستدلال بخصوصه تفصيلاً.
[twh][align=center]يتبع بإذن الله تعالى[/align][/twh]
|
|