وصف سيدنا الإمام علي عليه السلام و كرم الله وجهه
و وصف سيدنا هند ابن أبى هالة
على لسان سيدا شباب أهل الجنة سيدنا الإمام الحسن و سيدنا الإمام الحسين

تاريخ دمشق (3/337)
أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال أبو عبد الله الثقفي صاحب كتاب النسب وقال ابن شاذان المعروف بابن أخي طاهر العلوي أنبأنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زاد أبو عبد الله أبو محمد بالمدينة سنة ثلاث وستين ومائتين حدثني علي بن جعفر بن محمد زاد ابن شاذان بن علي بن الحسين عن أخيه موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن علي بن الحسين قال
قال الحسن بن علي عليه السلام قال سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) وكان وصافا
وأنا أرجو أن يصف لي منه شيئا أتعلق به ,
قال كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) فخما مفخما
يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر
أطول من المربوع وأقصر من المشذب
عظيم الهامة
رجل الشعر إن افترقت عنفقته وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره
أزهر اللون
واسع الجبين
أزج الحواجب سوابغ في غير فرق بينهما عرق تدره الغضب
أقنى العرنين
له نور يعلوه
يحسبه من لم يتأمله أشم
كث اللحية
أدعج
سهل الخدين
ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان
رقيق المسربة
كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة
معتدل الخلق
بادن متماسك
سراء البطن والصدر
فسيح الصدر
بعيد ما بين المنكبين
ضخم الكراديس
أنور المتجرد
موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط
عاري الثديين مما سوى ذلك
أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر
طويل الزندين
رحب الراحة
شثن الكفين والقدمين
سائل الأطراف
سبط القصب
خمصان الأخمصين
مسيح القدمين ينبو عنهما الماء
إذا زال زال تقلعا ويخطو تكفأ ويمشي هونا
ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب
وإذا التفت التفت جميعا
وإذا أقبل أقبل جميعا
خافض الطرف
نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء
جل نظره الملاحظة
يسوق أصحابه
ويبدأ من لقي بالسلام
قلت صف لي منطقه
قال كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) متواصل الأحزان دائم الفكرة
ليست له راحة
ولا يتكلم في غير حاجة
طويل السكوت
يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه
ويتكلم بجوامع الكلم
فصلا لا فضول فيه ولا تقصير
دمثا وليس بالجافي ولا المهين
يعظم النعمة وإذا دقت لا يذم منها شيئا
لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه
ولا يقوم ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشئ حتى ينتصر له
لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها
إذا أشار اشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث أفضل لها فضرب بإبهامه اليمنى باطن راحته اليسرى
وإذا غضب أعرض وأشاح
وإذا فرح غض طرفه
جل ضحكه التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام
قال فكتمتها الحسين بن علي زمانا ثم حدثته بها فوجدته قد سبقني إليه وسأل أباه عن مدخل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئا
قال الحسين سألت أبي عليه السلام عن دخول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
فقال كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك
فكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء
جزأ لله تبارك وتعالى
وجزأ لنفسه
وجزأ لأهله
ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة لا يدخر عنهم شيئا
فكان من سيرته من جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين
منهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج
يتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم
ويقول ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته ممن فاته
من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله تعالى قدميه يوم القيامة
لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره
يدخلون روادا ولا يتفرقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة يعني فقهاء
قلت أخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه
قال كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم
يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم
ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه
ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس
ويحسن الحسن ويقويه
ويقبح القبيح ويوهنه
معتدل الأمر غير مختلف
لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا
لكل حال عنده عتاد
لا يقصر عن الحق ولا يجاوز إلى غيره الذين يلونه من الناس
خيارهم وأفضلهم عنده أعمهم لنصحه
وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة
فسألته عن مجلسه عما كان يصنع فيه
قال كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر
ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها
وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي المجلس ويأمر بذلك
ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه
من جالسه أو قاومه لحاجة صاوبه حتى يكون هو المنصرف عنه
من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول
قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا له عنده في الحق متقاربين يتفاصلون فيه بالتقوى
متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون ذا الحاجة ويرحمون الغريب
فسألته عن سيرته في جلسائه
فقال كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) دائم البشر
سهل الخلق
لين الجانب
ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح
ولا يتغافل عما لا يشتهي
ولا يؤيس منه قد ترك نفسه من ثلاث
كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته
ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه
إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير
وإذا تكلم سكتوا
وإذا سكت تكلموا
لا يسارعون عنده الحديث
من تكلم نصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث إليهم
يضحك مما يضحكون منه
ويتعجب مما يتعجبون منه
ويصبر الغريب على الجفوة في المنطق
ويقول إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه
ولا يقبل الثناء إلا من يكافئ
ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام
قلت فكيف كان سكوته عليه الصلاة والسلام
قال كان سكوته عليه الصلاة والسلام على أربع
على الحكم
والحذر
والتقدير
والتفكر
فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس
وأما تفكره ففيما يفنى ويبقى
وجمع له ( صلى الله عليه وسلم) الحلم والصبر
فكان لا يغصبه شئ ولا يستفزه
وجمع له في الحذر أربع
أخذ بالحسن ليقتدي به
وتركه القبيح لينتهي عنه
واجتهاد الرأي فيما أصلح أمته
والقيام لهم فيما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة
