الحقيقة التي يجهلها معظمنا هو أن التحكّم بالمعلومات التاريخية يُعدّ أمراً أساسياً في السيطرة.
أقول ذلك لأن التاريخ البشري الحقيقي هو مختلف تماماً عن ما نتصوّره.
لكي تتمكّن من السيطرة على مجموعة كبيرة من البشر، كل ما عليك فعله هو إقناعهم بأنهم من النوع المتدنّي.
هذه السياسة الناجحة كانت معروفة لدى كافة القوى الاستعمارية التي برزت عبر التاريخ.
من أجل السيطرة علينا (نحن البشر)، وجب أن يغرسوا في أذهاننا فكرة أننا كائنات خرجنا تواً من مرحلة البدائية والتوحّش، وبدأنا تواً ندخل في مرحلة التقدّم التدريجي البطيء.
من أجل الاستمرار في إقناعنا بأننا مجرّد كائنات غبية لا جدوى منها، ولا أمل في الارتقاء والتقدّم سوى بشكل تدريجي وبطيء، كل ما عليهم فعله هو فصلنا عن ماضينا المجيد.
ذلك الماضي المزدهر الذي كان فيه الإنسان يسافر بين النجوم ويحوز على أرقى العلوم والمعارف، ويتمتع بأعلى درجات الحكمة.
نعم يا سيدي..
هكذا كان أجدادنا في الماضي البعيد.
لكن هذه المعلومات غير مناسبة للمتحكمين، لأنها ترفع من معنوياتنا وتنهض بروحنا إلى أعلى المستويات.
وستجعلنا نتساءل عن مصير تلك العلوم والمعارف المتطورة وماذا حلّ بها..
وكيف تراجعنا إلى هذا المستوى من الانحطاط..
وغيرها من تساؤلات لا تجلب للمسيطرين سوى وجع الرأس.
فما الحلّ إذاً؟
جعلوا أسلافنا قروداً!
ونحن عبارة عن كائنات تتخبّط في درب طويلة ومضنية وأليمة نحو التقدّم والارتقاء.
حينها فقط ستتوقّف التساؤلات، وتنخفض معنويات الشعوب إلى مستوى قابل للسيطرة والتوجيه.