






















[b]ترجمة سيدي العارف بالله أبو العباس المرسي.فخر الإسكندرية
أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
الحمد لله رب العالمين في كل لمحة ونفس
كما يحب ربنا ويرضي وصلوات الله البر
الرحيم علي النبي في كل لمحة
ونفس بقدر عزتك يا عزيز وحق قدره
ومقداره العظيم .
( أمــــا بعد ) : فهذه نبذة بسيطة عن سيدي أبا العباس المرسي الكائن مقامه ومسجده بحي رأس التين ( ميدان المساجد ) بالأسكندرية
يقول جدى حسن محمد قاسم
سيدى أبو العباس المرسى
( ... – 686 )
إمام دائرة المحققين ن قطب الأصفياء ، وسكردان (1) الأولياء ، أحد صدور المقربين ، صاحب الكرامات الظاهرة ، والمآثر العالية الزاهرة ، القدوة المحققي سيدى أبو العباس أحمد المرسى الأنصارى الشاذلى رضى الله عنه ، ونفعنا بعلومه آمين .
كان رضى الله عنه من أكابر العارفين ، لم يرث علم الشاذلى رضى الله عنه غيره ، وهو أجل من أخذ عنه الطريق ، ولم يضع رضى الله عنه كتبا ، وكان يقول : علوم هذه الطائفة علوم تحقيق ، وعلوم التحقيق لا تسعها عقول عموم الخلق ، وكذلك شيخه أبو الحسن الشاذلى قدس سره ، كان يقول : كتبى أصحابى .
(1) السكردان : شبه خزانة يحفظ فيها المشروب والمأكول
وقال فى حقه :
ووراث علم الشاذلى حقيقة وذلك قطب فاعلموه وأوحد
- وكان رضى الله عنه يوصى الأستاذ زكى الدين الأسوانى ، ويقول له : يا زكى الدين ، عليك بأبى العباس ، فوالله ما ولى إلا وقد أظهره الله عليه ، يا زكى ، أبو العباس هو الرجل الكامل .
- وكان الأستاذ أبو العباس يقول عن نفسه : والله ، ما سار الأولياء والأبدال من قاف (1) إلى قاف حتى يلقوا واحدا مثلنا ، فإذا لقوه كان يغنيهم .
- وكان رضى الله عنه يتحدث فى سائر العلوم ، ويقول : شاركنا الفقهاء فيما هم فيه ، ولم يشاركونا فيما نحن فيه .
- وكان فى المعارف والأسرار قطب رحاها ، وشمس ضحاها، تقول إذا سمعت كلامه : هذا كلام من ليس وطنه إلا غيب الله ، هو بأخبار أهل السماء أعلم منه بأخبار أهل الأرض .
- وكان لا يتحدث إلا فى العقل الأكبر ، والاسم الأعظم ، وشعبه الأربع ، والأسماء ، والحروف ، ودوائر الأولياء ، ومقامات الموقنين والأملاك والمقربين من العرش ، وعلوم الأسرار ، وإمداد الأذكار ، ويوم المقادير ،وشأن التدابير ، وعلم البدء ، وعلم المشيئة ، وشأن القبضة ، ورجال القبضة ، وعلوم الإفراد ، وما سيكون يوم القيامة من أفعال الله مع عباده .
- وكان يقول : والله ، لولا ضعف العقول لأخيرت بما يكون غدا من رحمة الله .
- وكان يمسك بلحيته ويقول : لو علم علماء العراق والشام ما تحت هذه الشعرات ، لأتوها ولو سعيا على وجوههم .
- وكان يقول لى : أربعون سنة ما حجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة ، ولو حجبت طرفة عين ما عددت نفسى من المسلمين .
وبلغ رضى الله عنه من زهده أنه مكث بالإسكندرية ستا وثلاثين سنة ما رأى وجه متولها ولا أرسل إليه ، وطلبه المتولى يوما للاجتماع به ، فأبى ، وقال : والله إنى ألقى الله ولا أراه . فكان الأمر كذلك ، وكانت تأتيه الأمراء والملوك لتزوره ، فكان يغلب عليه القبض ، ولا ينبسط فى مجلسهم .
(1) قاف : مذكور فى القرآن ذهب المفسرون إلى أنه الجبل المحيط بالأرض ، قالوا: وهو من زبرجدة خضراء وإن خضرة السماء من خضرته ، قالوا : وأصله من الخضرة التى فوقه وإن جبل قاف عرق منها ، قالوا : وأصول الجبال كلها من عرق جبل قاف ، ذكر بعضهم أن بينه وبين السماء مقدار قامة رجل ، وقيل : بل السماء مطبقة عليه ، وزعم بعضهم أن وراءه عوالم وخلائق لا يعلمها إلا الله تعالى ، ومنهم من زعم أن ما وراء معدود من الآخرة ومن حكمها ، وإن الشمس تغرب فيه وتطلع منه وهو الستار لها عن الأرض ، وتسميه القدماءالبرز ( معجم البلدان 4/298 )
- وكان رضى الله عنه يقول ك والله ما دخل بطنة حرام قط ، وكان له ستون عرقا تضرب إذا مد يده إلى شبهة ، وكان النور يتلألأ فى أصابعه .
- وكان ساكنا خط المقسم بالقاهرة ، فكان كل ليلة يأتى الإسكندرية ، فيسمع ميعاد الأستاذ إبى الحسن ، ثم يرجع إلى القاهرة .
- وكان رحمه الله يقول : أطلعنى الله على الملائكة ساجدة لآدم عليه السلام فأخذت بقسطى من ذلك ، فإذا أنا أقول :
- ذاب رسمى وصح صدق فنائى وتجلت للسر شمس سمائى
- وتنزلت فى العوالم أبدى ما انطوى فى الصفات بعد صفائى
وله رحمة الله كلام كثير من هذا القبيل مبسوط فى ( لطائف المنن ) اللهم مدنا وأحبتنا بمدده ، وانفعنا ببركاته آمين .
وكانت وفته رحمه الله سنة ست وثمانين وست مئة ، ودفن بمسجده بالإسكندرية ، ومقامه رحمةة الله مشهور بين أهل مصر بأسرها ، يعرفه الكبير والصغير ، ويتوسل به إلى الله الأمير والفقير ، اللهم انفعنا به آمين .
يقول الإمام عبد الوهاب الشعرانى فى الطبقات الكبرى ج2 ص 11 :
=====================================
( الشيخ سيدى الإمام أحمد أبو العباس المرسى رضى الله عنه )
كان من أكابر العارفين بالله وكان يقال أنه لم يرث علم الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه غيرره وهو أجل من أخذ عنه الطريق رضى الله عنه ولم يضع رضى الله عنه شيأ من الكتب وكان يقول علوم هذه الطائفة علوم تحقيق وعلوم التحقيق لا تحملها عقول عموم الخلق وكذلك شيخه أبو الحسن الذشاذلةى رضى الله عنه لم يضع شئأ وكان يقول كتبى اصحابى ( مات رضى الله عنه سنة ست وثمانين وستمائة ومن كلامه رضى الله عنه جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام خلقوا من الرحمة ونبينا صلى الله عليه وسلم هو عين الرحمة وكا رضى الله عنه يقول الفقيه هو من أنفقأ الحجاب عن عبينى قلبه وكان رضى الله عنه يقول رجال الليل هم الرجال وكلما أظلم الوقت وقى نور الولى وكان رضى الله عنه يقول ولى الله مع الله وكان رضى الله عنه يقول ان لله تعالى عبادا محق أفعالهم بأفعاله واوصافهم بأوصافه وذاتهم بذاته وحملهم من أسراراه ما يعجر عامة الأولياء عن سماعه وكان يقول رضى الله عنه فى معنى حديث من عرف نفسه عرف ربه ( معناه ) من عرف نفسه بذلها وعجز ما عرف الله بعزة وقدررته قلت وهذا أسلم الأجو والله أعلم وكان يقول رضى الله علنه سمعت الشيخ أبا الحسن رضى الله عنه يقول لو كشف عن نرو المؤمن العاصى يطبق بين المساء والأرض فما ظنك بنور المؤمن المطيع * وكان يقول رضى الله عنه قد يكون الولى مشحونا بالعلوم والمعارف والحقائق لديه مشهودة حتى إذا أعطى العبارة كان الاذن من الله تعالى فى الكلام ويجب أن تفهم ان من أذن له فى التعبير حليت فى مسامع الخلق اشاراته وكان يقول كلام المأذون له يخرج وعليه كسوة وطلاوة وكلام الذى لم يؤذن له يخرج مكسوف الانوار * وقال فى قول بشر الحافى رضى الله عنه انى لاشتهى الشواء منذ أربعين سنة ما صفا لى ثمنه أى لم يأذن لى الحق فى أكله فلو أذن لى صفا لى ثمنه والا فمن أين يأكل فى الاربعين سنة وقال فى قول الجنيد رضى الله عنه أدركت سبعين عارفا كلهم كانوا يعبدون الله تعالى على ظن ووهم حتى أخى أبا يزيد يدلوا أدرك صبيا من صبياننا لاسلم علي يدية معناه أنهم ييقولون ما بعد المقام الذى وصلناه مقام فهذا وهم وظن فان كل مقام فوقه مقام الى ما يتناهى وليس معناه الظن والوهم فى معرفتهم بالله تعالى ومعنى لا سلم على يديه أى لا نقاد له لان الاسلام هو الانقياد وقال فى قوله أبى يزيد رضى الله عنه خضت بحرا وقل الانبياء بساحله معناه أن أبا يزيد رضى الله تعالى عنه يشكو ضعفه وعجزه عن اللحوق بالانبياء عليهم الصلاة والسلام وذلك لان الانبياء عليهم الصلاة والسلام خاضوا بحر التوحيد ووقفوا على الجانب الآخر على ساحل الفرق يدعون الخلق الى الخوض أى فلو كنت كامى لوقفت حيث وقفوا قال ابن عطاء الله رضى الله عنه وهذا الذى فسر به الشيخ كلام أبى يزيد رضى الله عنه هو اللائق بمقام أبى يزيد وقد كان يقول دميع ما أخذ الاولياء بالنسبة لما أخذ الانبياء عليهم الصلاة والسلام كزق ملىء عسلا ثم رشحت منه رشاحة فما فى باطن الزق للآنبياء عليهم الصلاة والسلام وتلك الرشاحة للأولياء رضى الله تعالى عنهم
ويقول على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية ج 7 ص 69 :
===============================
جامع سيدى أبى العباس المرسى رضى الله عنه بجوار القرافة كان فى الأصل مسجدا صغيرا وفى سنة 1189 جدد فيه بعض المغرابة القاصدين الحج جزأه الذى يلى القبلة والمقصورة والقبة ثم أخذ نظاره فى تجديده وتوسيعه شيأ فشيأ يأخذ قطعة من المقابر وبعض من المنازل التابعة لوقفه وجعلت ميضأته فيما هدم من تلك المنازل حتى صار الى ما هو عليه الآن من السعة والمتانة والمنظر الحسن وشعائر مقامه على الوجه الاتم ويصر عليه من طرف ديوان الاوقاف بالاسكندرية كما ان ريعه ومرتباته مضبوطة به وكان سيدى أبو العباس رضى الله عنه من أكابر العارفين بالله تعالى أخذ الطريق عن الشيخ أبى الحسن الشاذلى وهو أجل تلامذته وأول خلفائه ومع وفور علمه وجمعه بين على الحقيقة والشريعة لم يؤلف كتابا وكذلك كبقاته من ذلك جملة عظيمة فعليك بها مات رحمه الله تعالى سنة 686 ودفن فى جامعه وقبره به فى غاية الشهرة يزوره أهل الاسكندرية وغيرهم من المترددين عليها ولهم فيه اعتقادا زائدا لاسيما المغاربة وله خدمة يقتسمون وظائف الخدمة كما يقتسمون النذور على مشروط مسجلة فى ديوان وزارة الاوقاف ويعمل له مولدا سنويا ثمانية أيام بعد مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليلة فى نصف رمضان
ويقول الدكتور السعيد أبو الاسعاد فى نيل الخيرات الملموسة
=================================
هو أحمد بن عمر بن على الخزرجى ولد رضى الله عنه عام 616 هـ فى بلدة مرسيية التى ينسب اليها ويتصل نسبه بالأنصار الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حبهم من علامات الإيمان حيث ينتهى نسبه إلى سعد بن عبادة ( سيد الخزرج ) ** ولما بلغ أبو العباس مرحلة الشباب وبلغ درجة الاستقلال بنفسه فى التفقه والدراسة ، أخذ فى معاونة والده فى الأعمال التجارية فكان التاجر الصدوق فى سنة 640 هـ حزم والده أمره ورتب شئؤنه على أن يقول بالحج الى بيت الله الحرام وأخذ الأسرة معه وركبوا البحر وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن تهب عليهم عاصفة بالقرب من شاطىء بونة فاست\هد والده ووالدته غرقا ونجا هو وأخوه محمد فيما شطر تونس واتجه أخوه محمد نحو أعمال التجارة على غرار والده أما أبو العباس فاتخذ من زاوية الفقيه ( محرز بن خلف ) مكانا يعلم فيه القراءة والكتابة ومبادىء الدين والقرآن وفى تونس التقى بشيخه أبى الحسن الشاذلى * وكأن المقادير أتت به من مرسيية الى تونس لأجل أن يكون ثانى خلفاء الطريقة الشاذلية وليكون داعية الى الله وامتداد للشاذلى وقطبا من كبار الاقطاب وعلما من أشهر الاعلام ومن تونس توجه أبو الحسن الشاذلى ومعه جماعة وعلى رأسهم أبو العباس المرسى الى مصر حيث وصلوا الى الاسكندرية ونزلوا عند عمود السوارى وكانت بهم فاقة وجوع شديد فبعث اليهم رجل
من عدول الاسكندرية بكعام فلما قيل للشيخ عنه قال لا يأكل أحد منه شيئا فباتوا على ما هم عليه من الجوع فلما كان عند الصبح صلى بهم الشيخ وقال مدوا السماط واحضروا ذلك الطعام ففعلوا وتقدموا فأكلوا فقال الشيخ رأيت فى المنام قائلا يقول أحل الحلال مالم يخطر لك ببال ولا سـألت فيه أحدا من النساء والرجال وأستمر ابو العباس مع الشاذلى يسير فى ضوء تربيته وينهج كريقته الى ان كانت وفاة الشاذلى فخلفة أبو العباس المرسى على الطريقة وعاش أبو العباس مرشدا ومربيا سلك على يدية الجم الغفير من البسطاء فضلا عن العلماء فمن كراماته التى انفرد بها تسليكه لنحو ثلاثين قاضيا وكان يقول لـ ( ياقوت العرشى ) ليس الشأن أ تسلك كل يوم ألف من العوام بل أن تسلك فقيها واحدا فى مائة عام * وكان منهجه رضى الله عنه الوسطية ولا يمانع أن يتمتع المرء بزينة الحياة ما دام فى حدود ما أحله الله وكان يتمثل بقول الشيخ أبى الحسن وكان يقول رضى الله عنه لا يحجر على فهم الآخرين ويقول كل يسمعه الله ويفهمه على القدر الذى يريده ويكفيك فى هذا أن ثلاثة سمعوا مناديا يقول يا زعتر برى * ففهم كل منهم عن الله مخاطبة خوطب بها فى سره * سمع الأول : اسع ترى برى * وسمع الثانى : الساعة ترى برى * وسمع الثالث / ما أوسع برى
فالمسوع واحد واختلف أفهام السامعين يقول الله تعالى ( قد علم كل أناس مشربهم ) فأما الأول فمريد دل على النهوض إلى الله بالأعمال ليستقبل الطريق بالجد فقيل له أسع الدنيا بصدق المعاملة ترى برنا بوجودد المواصلة وأما لثانى فكان سالكا الى الله طاولته الأوقاف فخاف أن تقوته الوصلة فقيل له ترويحا على قلبه : الساعة ترى برى * وأما الثالث فعارف كشف له عن وسع كلامه فخوطب من حيث أشهد فسمع : ما أوسع برى * وكان رضى الله عنه يهتم بالوقت ويقسم أوقات الانسان الى أربعة لا خامس لها فى النعمة والبلية والطاعة والمعصية ثم يقول : ولله عليك فى كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية فمن قته الطاعة فسبيله شهود المنة من الله تعالى إذ هداه الله لها ودفعه للقيام بها ومن كان وقته المعصية فسبيله الاستغفار والتوبة ومن كان وقته النعمة فسبيله الشكر ومن كان وقته البلية فسبيله الرضا بالقضاء والصببر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعطى فشكر وابتلى فصبر وظلم فغفر وظلم فاستغفر ثم سكت صلى الله عليه وسلم فقالوا ثم ماذا يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون
ويقول أبن الملقن فى طبقاته
أبو العباس المرسي
616 - 686 للهجرة أبو العباس، احمد بن عمر بم محمد الأندلسي المرسي الأنصاري، الشيخ العارف الكبير. نزيل الأسكندرية صحب الشاذلي، وصحبه تاج الدين بن عطاء الله، والشيخ ياقوت. مات سنة ست وثمانين وستمائة،وقبرهبالأسكندرية يزار وكان كثير اً ما انشد: من كلامه: " ان كان المُحاسِبِىُّفي أصبعه عِرْق، إذا أمد يده إلىطعام فيه شبهة تحرك عليه،فأنا في يدي سبعون عرقاً تتحرك على إذا كان مثل ذلك " .
وكان ينشد لبعض العارفين:
قالوا:غدُ العيدٌ! ماذا أنت لابسه؟ ... فقلت خِلُعةٌ سلقٍ،حبه جرعا
فقر وصبر، هما ثوبان يلبسها ... فلن ترى الفه الاعياد والجمعا
العيد لي مأتم ... إن غبت يا أملي! والعيد ما كنت لي مراى ومستمعا
أحرى الملابس ان تلقي الحبيب به ... يوم التزاور،بالثوب الذي خلعا
النسب الشريف
=========
هو الإمام العارف بالله شهاب الدين أبو العباس
( أحمد بن عمر بن علي الخزرجي الأنصاري المرسي )
يتصل نسبه الشريف بالصحابي الجليل سعد بن عباده الأنصاري وصاحب سقيفة بني ساعدة التي تمت فيها بيعة سيدنا أبي بكر الصديق بالخلافة.
كان جده الأعلي قيس بن سعد أميرا علي مصر من قبل سيدنا الإمام علي بن أبي طالب سنة 36 هـــ .
الولادة والنشأة
2- ولادة الإمام أبا العباس المرسي
ولد سيدي أبا العباس المرسي بمدينة ( مرسية ) بالأندلس سنة 616هــــ ( 1219) مـــــ
3- نشأة الإمام أبا العباس المرسي
كان والده يعمل في التجارة ويبدو أن حال الوالد كانت من اليسر بحيث مكنه من إرسال إبنه إلي معلم لتعلم القراّن الكريم والتفقه في أمور الدين وقد حفظ القراّن الكريم كله في سنة واحدة وتعلم بالأندلس أصول الفقه والقراءة والكتابة ، وكان والده من تجار مرسية فشارك معه في تجارته .
وكان المال الذي يتدفق إلي سيدي المرسي من تجارته ، يذهب إلي جيوب الفقراء والمساكين وأبناء السبيل . وكان يكتفي من أرباح تجارته بما يقيم أوَدَه ويحفظ حياته .
كان مستغرقا بقلبه في ذكر الله فكان شغله الشاغل أن يتقدم كل يوم خطوة في طريق الحق والحقيقة .
4 - الإمام أبو العباس وشهرته
أشتهر أبو العباس بالصدق والأمانة والعفة والنزاهة في تجارته. كان يربح مئـــــــــــــات الاّلف ، ويتصدق بمـئـــــــــــــات الاّلف ، وكان قدوة لتجار عصرة في التأدب بأدب الدين الحنيف . وكان قدوة للشباب في التمسك بالعروة الوثقي . ورعاية حقوق الله . فهو يصوم أياماً كثيرة من كل شهر ، ويقوم الليل إلا أقله ، ويمسك لسانه عن اللغو واللمم.
أبو العباس والنجاة من الغرق
5 - أبو العباس والنجاة من الغرق
في عام 640 هــ ( 1242م) التزم والده الحج إلي بيت الله الحرام فصحبه معه وكذا أخيه ( أبي عبد الله جمال الدين ) وأمهما السيدة ( فاطمة بنت الشيخ عبد الرحمن المالقي ) .
فركبوا البحر عن طريق الجزائر حتي إذا كانوا علي مقربة من شاطيء تونس هبت ريح عاصف أغرقت المركب بمن فيها غير أن عناية الله تعالي أدركت أبا العباس المرسي وأخاه فأنجاهما الله تعالي من الغرق فقصدا تونس وإتخذاها دارا ً لهما .
6- الإمام أبو العباس المرسي في تونس :
قال الإمام المرسي . للما نزلت بتونس وكنت أتيت من مرسية (بالأندلس وأنا إذ ذاك شاب سمعت بالشيخ أبا الحسن الشاذلي فقال لي رجل نمضي إليه فقلت : حتي أستخير الله .
فنمت تلك الليلة فرأيت كأني أصعد إلي رأس جبل فلما علوت فوقه رأيت هناك رجلا ً عليه بُرنس أخضر وهو جالس عن يمينه رجل وعن يساره رجل فنظرت إليه فقال : عثرت علي خليفة الزمان ...قال : فإنتبهت فلما كان بعد صلاة الصبح جاءتي الرجل الذي دعاني إلي زيارة الشيخ فسرت معه. فلما دخلنا عليه رأيته بالصفة التي رأيته بها فوق الجبل ( جبل زغوان )
فدهشت فقال الشيخ أبا الحسن الشاذلي عثرت علي خليفة الزمان .
ما إسمك ؟.
فذكرت له إسمــي ونسبي . فقال لي رفعت إليْ منذ عشر سنين . ومن يومها وهو يلازم الشيخ أبا الحسن الشاذلي ورحل معه إلي مصر .
ورأي الشاذلي في أبو العباس المرسي فطرة طاهرة ، ونفسا خيرة وإستعداداً طيباً ، للإقبال علي الله ، فمنحه ورده وغمره بعنايته ، وأخذ في تربيته تربية تؤهله ليكون خليفته من بعده ،وقال له يا أبا العباس والله ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا و أنا أنت وقد تزوج سيدي أبا العباس من كريمة الشاذلي وأنجب منها محمد وأحمد وإبنته بهجة التي تزوجت من الشيخ ياقوت العرش وكان من تلاميذ أبيها ومريديه
:
7- أعظم الأقــوال في سيدنا اّدم عليه السلام :
قال الإمام المرسي رضي الله: كنت مع الشيخ أبا الحسن الشاذلي رضي الله عنه ونحن قاصدون الأسكندرية حين مجيئنا من تونس فأخذني ضيق شديد حتي ضعفت عن حمله . فأتيت الشيخ أبا الحسن فلما أحس بي قال يا أحمد ؟ قلت نعم يا سيدي .فقال : اّدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته ثم نزله به إلي الأرض قبل أن يخلقه بقوله (إني جاعل في الأرض خليفة ) ما قال في السماء أو الجنة . فكان نزول اّدم عليه السلام إلى الأرض نزول كرامة لا نزول إهانة .
فإن اّدم عليه السلام كان يعبد الله في الجنة بالتعريف فأنزله إلى الأرض ليعبده بالتكليف ، فإذا توافرت فيه العبوديتان إستحق أن يكون خليفة.
وأنت أيضا لك قسط من اّدم كانت بدايتك في سماء الروح في جنة التعريف ، فأنزلت إلي أرض النفس تعبده بالتكليف، فإذا توفرت فيك العبوديتان أستحققت أن تكون خليفة .
قال الشيخ أبو العـباس رضي الله عنه : فلما إنتهي الشيخ من هذه العبارة شرح الله صدري وأذهب عني ما أجد من الضيق والوسواس
8- أبو العباس المرسي رضي الله عنه في الأسكندرية :
في عام (1244م)رأي الشاذلي رضي الله عنه في منامه أن النبي يأمره بالإنتقال إلي الديار المصرية فخرج من تونس ومعه أبو العباس المرسي وأخــوه عبد الله وخادمه أبو العزايم ماضي قاصدين الأسكندرية علي عهد الملك الصالح نجم الدين أيـــوب .
ويقول سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه أيضا : لما قدمت من تونس إلي الأسكندرية ، نزلنا عند عمود الــسواري وكانت بنا فاقة وجوع شديد فبعث إلينا رجل من عدول الأسكندرية بطعام فلما قيل للشيخ عنه قال : لا يأكل أحد من شيئا من الطعام فبتنا علي ما نحن فيه من الجوع ، فلما كان عند الصبح صلى بنا الشيخ وقال : أحضروا ذلك الطعام ففعلوا ، وتقدمنا فأكلنا فقال الشيخ : رأيتفي المنام قائلا يقول أحل الحلال ما لم يخطر لك ببال ، ولا سألت فيه أحد من النساء والرجال ). وإستمر أبو العباس مع الشاذلي يسير في ضوء تربيتهوينهج طريقه لا يحيد عنه قيد الشعرة إلي أن كانت وفاة الشاذلي اللهم صل علي سيدنا محمد عبدك و نبيك و رسولك النبي الأمي نقل عن الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه .أن من واظب علي هذه الصيغة في اليوم و الليلة 500مرة لا يموت حتي يجتمع بالنبي صلي الله عليه و سلم ( مفاتيح المفاتيح )
10-مدة إقامة الشيخ بالأسكندرية وو فاته
أقام الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه . بالأسكندرية ( 43 عاما ) ينشر العلم و يهذب النفوس و يربي المريدين و يضرب المثل بورعه و تقواه . و قد تلقي العلم علي يدي أبو العباس و صاحبه الكثير من علماء عصره كالإمام البوصيري و إبن عطاء الله السكندري و ياقوت العرش و إبن اللبان و العز بن عبد السلام و إبن أبي شامة و غيرهم و توفي في رضي الله عنه في الخامس و العشرين من شهر ذي القعدة سنة 685هــــ ـ و دفن معه إبنه أوقات الإنسان في نظر سيدي الإمام أبو العباس المرسي
يقسم الإمام أبو العباس المرسي رضي الله عنه أوقات الإنسان إلي أربعة هي :
1- النعمة
2- البلية
3 - الطاعة
4- المعصية
ولله عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية
[]1- فمن وقت الطاعة : فسبيله شهود المنة من الله عليه إذ هداه الله لها ، ودفعه للقيام بها .
2- و من كان وقته المعصية : فسبيله الإستغفار .
3- ومن كان وقته النعمة : فسبيله الشكر ، وهو مزج القلب بالله .
4- ومن كان وقته البليلة : فسبيله الرضا بالقضاء والصبر ________________________________________
أعظم الذكر
ينصح الإمام أبو العباس رضي الله عنه بالذكر بإسم ( الله ) و قال لأصحابه ليكن ذكرك الله : فإن هذا
الإسم سلطان الأسماء و له بساط وثمرة ، فبساطه العلم وثمرته النور ، ثم النور ليس مقصودا
لنفسه ، و إنما ليقع به الكشف والعيان ، وجميع أسماء الله للتخلق إلا إسمه الله فإنه للتعلق ،
فمثال ذلك : أنك إذا ناديته يا حليم ، خاطبك من إسمه الحليم، أنا الحليم فكن عبدا حليما ً ، و إذا
ناديته بإسمه الكريم خاطبك من إسمه الكريم ، أنا الكريم فكن عبدا كريما ، وكذلك سائر أسمائه ، إلا إسمه الله فإنه للتعلق فحسب ، إذ مضمونه الألوهية و الألوهية لا يتخلق بها أصلا
من أقوال سيدي أبو العباس المرسي
الأنبياء إلي أممهم عطية و نبينا سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هدية . و فرق بين العطية و الهدية . لأن العطية للمحتاجين و الهدية للمحبوبين.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إنمــــا أنا رحمة مهـــــــــداه
2- قال رضي الإمام المرسي رضي الله عنه : في قول سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" أنا سيد ولد أدم ولا فخر " أي لا فخر بالسيادة ، و إنما أفتخر بالعبودية لله سبحانه وتعالي .
3- قال رضي الله تعالي عنه : الأكوان كلها عبيد مسخرة ، و أنت عبد الحضرة .
4- وكان رضي الله عنه يقول : و الله ما جلست بالناس حتي هددت بالسلب .
وقيل لي : لئن لم تجلس لسلبتك ما وهابناك .
5- وكان يقول رضي الله عنه : لي أربعون سنة ما حجبت طرفة عين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم . ولو حجبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ما عددت نفسي من جملة المسلمين .
6- قال رضي الله عنه : الطي علي قسمين : طي أصغر وطي أكبر ، فالطي الأصغر لعامة هذه الطائفة ، أن تطوي لهم الأرض من مشرقها إلي
مغربها في نفس واحد . والطي الأكبر : طي أوصاف النفوس
نبداء
بسم الله الرحمن الرحيم ..
1- سيدى المرسى ابو العباس
أبو العباس المرسى هو الأمام شهاب الدين أبو العباس احمد بن عمر بن علي الخزرجي الأنصاري المرسى البلنسي يتصل نسبه بالصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري (رضي الله عنه) سيد الخزرج و صاحب سقيفة بن ساعدة التي تمت فيها البيعة لأبي بكر الصديق بالخلافة ..و كان جده الأعلى قيس بن سعد أميرا علي مصر من قبل الإمام علي كرم الله وجهه عام 36هـ.(656م).
و لقد ولد أبو العباس المرسى بمدينة مرسيه سنة 616هـ.(1219م) و نشأ بها و هي احدي مدن الأندلس و إليها نسب فقيل المرسى
و لما بلغ سن التعليم بعثه أبوه إلي المعلم ليحفظ القرءان الكريم و يتعلم القراءة و الكتابة و الخط و الحساب. و حفظ القرءان في عام واحد و كان والده عمر بن علي من تجار مرسيه فلما استوت معارف أبي العباس و ظهرت عليه علائم النجابة ألحقه والده بأعماله في التجارة و صار يبعثه مع أخيه الأكبر أبو عبد الله فتدرب علي شؤون الأخذ و العطاء و طرق المعاملات و استفاد من معاملات الناس و أخلاقهم .
و في عام 640هـ. (1242م) كانت له مع القدر حكاية عظيمة و ذلك حين صحبه و الده مع أخيه و أمه عند ذهابه إلي الحج فركبوا البحر عن طريق الجزائر حتى إذا قاربوا الشاطيء هبت عليهم ريح عاصفة غرقت السفينة غير أن عناية الله تعالي أدركت أبا العباس و أخاه فنجاهما الله من الغرق ... و قصدا تونس وأقاما فيها و اتجه أخوه محمد إلي التجارة و اتجه أبو العباس إلي تعليم الصبيان الخط و الحساب و القراءة و حفظ القرءان الكريم .
و كان لأبي العباس في تونس مع القدر حكاية أخري حددت مستقبله و أثرت علي اتجاهه فيما بعد ذلك انه تصادف وجود أبي الحسن الشاذلي علي مقربة منه في تونس و يروي أبو العباس نفسه عن لقاءه بأستاذه الشيخ أبي الحسن الشاذلي فيقول:
" لما نزلت بتونس و كنت أتيت من مرسيه بالأندلس و أنا إذ ذاك شاب سمعت عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي و عن علمه و زهده و ورعه فذهبت إليه و تعرفت عليه فأحببته ورافقته
"
ولازم أبو العباس شيخه أبا الحسن الشاذلي من يومها ملازمه تامة و صار لا يفارقه في سفر ولا في حضر، ورأي الشيخ الشاذلي في أبي العباس طيب النفس و طهارة القلب و الاستعداد الطيب للإقبال علي الله فغمره بعنايته و اخذ في تربيته ليكون خليفة له من بعده و قال له يوما يا أبا العباس ما صحبتك إلا أن تكون أنت أنا و أنا أنت , و قد تزوج أبو العباس من ابنة شيخه الشاذلي و أنجب منها محمد و احمد وبهجه التي تزوجها الشيخ ياقوت العرش.
أما أبو الحسن الشاذلي فهو تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الجبار الشريف الإدريسي مؤسس الطريقة الشاذلية و أستاذ أبي العباس فينتهي نسبه إلي الأدارسه الحسينيين سلاطين المغرب الأقصى
و في عام 642هـ. 1244م. خرج أبو الحسن الشاذلي إلي الحج و سافر إلي مصر عبر الإسكندرية و كان معه جماعة من العلماء و الصالحين و علي رأسهم الشيخ أبو العباس المرسى و أخوه أبو عبد الله جمال الدين محمد و أبو العزائم ماضي.
وقد حج الشيخ أبو الحسن الشاذلي و عاد إلي تونس و أقام بها و لحق به أبو العباس المرسى ثم وفدوا جميعا إلي مصر للإقامة الدائمة بها و اتخذ من الإسكندرية مقاما له و لأصحابه و لما قدموا إلي الإسكندرية نزلوا عند عامود السواري و كان ذلك في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب في عصر الدولة الأيوبية و لما استقروا بالإسكندرية اتخذ الشاذلي دارا في كوم الدكة نزل بها هو و أصحابه و علي رأسهم أبو العباس و بدأوا يدعون إلي الله في كل مكان حتى قصدهم العلماء و الفضلاء و لازم مجالسهم الطلاب و المريدون و ذاع صيتهم في الديار المصرية
و قد اختار الشيخ أبو الحسن الشاذلي جامع العطارين لإلقاء دروسه فيه و عقد حلقات الوعظ و الإرشاد و فيه وأقام الشيخ أبو العباس المرسى خليفة له و أذن له في إلقاء الدروس و إرشاد المريدين و تعليم الطلاب و مناظرة العلماء و تلقين مبادئ و آداب السلوك.
و قد أقام أبو العباس المرسى رضي الله عنه 43 عاما بالإسكندرية ينشر فيها العلم و يهذب فيها النفوس و يربي المريدين و يضرب المثل بورعه و تقواه...
و قد استأذن أبو العباس شيخه الشاذلي في القيام بأمر الدعوة في القاهرة و اتخذ من جامع أولاد عنان مدرسة لبث تعاليمه و مبادئه بين الطلاب و المريدين و اتخذ هذا المسجد مأوي له و كان يذهب كل ليلة إلي الإسكندرية ليلتقي بشيخه أبي الحسن ثم يعود إلي القاهرة و لم يستمر طويلا إذ عاد و استقر بالإسكندرية .
و في عام 656هـ. (1258م.) اعتزم الشيخ أبو الحسن الشاذلي الحج فصحب معه جماعة من إخوانه و علي رأسهم أبو العباس المرسى و أبو العزائم ماضي و في الطريق مرض مرضا شديدا فمات رضي الله عنه و دفن بحميثرة من صحراء عذاب و هي في الجنوب من أسوان علي ساحل البحر الأحمر.
و لما أدي الشيخ أبو العباس فريضة الحج بعد وفاة شيخه عاد إلي الإسكندرية فتصدر مجالسه وأخذ شانه في الارتفاع و ذاع صيته فأمه الطلاب و المريدون من جميع البلاد و رحل إليه الزوار و ذوو الحاجات من جميع الأقطار و توافد عليه العلماء و الأمراء و الأغنياء و الفقراء.
و كان إذا جاء الصيف رحل إلي القاهرة و نزل بجامع الحاكم و صار ينتقل بينه و بين جامع عمرو بالفسطاط ليلقي دروسه و مواعظه و كان أكثر من يحضر دروسه من العلماء خصوصا عند شرحه لرسالة الأمام القشيري
.
و كان رضي الله عنه علي الطريقة المثلي من الاستقامة و الزهد و الورع و التقوى و كان حاد الذهن قوي الفطنة نافذ الفراسة سريع الخاطر زكي الفؤاد مستنير البصيرة حسن الطباع..
و قد أخذ المرسى من كل فن بنصيب وافر و أتقن علوما كثيرة و كان فقيها و أديبا و عالما بأمور الحياة.
و قد ظل الشيخ أبو العباس المرسى يدعو إلي الله ملتزما طريق التقوى و الصلاح ناشرا للعلوم و المعارف بين الخلق و مهذبا لنفوس الطلاب و المريدين حتى وفاته في الخامس و العشرين من ذي القعدة 685هـ. (1287م.) و دفن في قبره المعروف خارج باب البحر بالإسكندرية .
و لم يترك أبو العباس المرسى شيئا من آثاره المكتوبة فلم يؤلف كتابا و لم يقيد درسا و لكنه ترك من التلاميذ الكثيرين فقد تخرج علي يديه في علم التصوف و آداب السلوك و مكارم الأخلاق خلق الكثيرون و تلاميذ نجباء منهم الأمام البوصيري و ابن عطاء الله السكندري و ياقوت العرش الذي تزوج ابنته و ابن الحاجب و ابن اللبان و ابن أبي شامة و غيرهم
ومن أذكاره رضي الله عنه.
- يا الله يا نور يا حق يا مبين احي قلبي بنورك و عرفني الطريق إليك
- يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع بيني و بين طاعتك علي بساط محبتك و فرق بيني و بين هم الدنيا و الآخرة و املأ قلبي بمحبتك و خشع قلبي بسلطان عظمتك و لا تكلني إلي نفسي طرفة عين.
- اللهم كن بنا رؤوفا و علينا عطوفا وخذ بأيدينا إليك اخذ الكرام عليك , اللهم قومنا إذا اعوججنا , و أعنا إذا استقمنا و خذ بأيدينا إليك إذا عثرنا , وكن لنا حيث كنا
و من اقواله رضي الله عنه:
" الأنبياء إلي أممهم عطية و نبينا محمد هدية و فرق بين العطية و الهدية لأن العطية للمحتاجين و الهدية للمحبوبين قال رسول الله صلي الله عليه و سلم إنما أنا رحمة مهداه."
و قال رضي الله عنه في قول رسول الله عليه الصلاة و السلام
( أنا سيد ولد ادم و لا فخر) أي لا افتخر بالسيادة وإنما افتخر بالعبودية لله سبحانه و تعالي.
و قال رضي الله عنه في شرحه لحديث الرسول صلي الله عليه وسلم
" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
"
" الإمام العادل و رجل قلبه معلق بالمساجد أي رجل قلبه معلق بالعرش فان العرش مسجد لقلوب المؤمنين , و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه أي خاليا من النفس و الهوى ، و رجل تصدق بصدقه فأخفاها أي أخفاها عن النفس و الهوى
و قال رضي الله عنه في قول النبي صلي الله عليه وسلم " السلطان ظل الله في أرضه" هذا إن كان عادلا و أما إذا كان جائرا فهو ظل الهوى و النفس.
و قد ظل قبر أبي العباس المرسى قائما عند الميناء الشرقية بالإسكندرية بلا بناء حتى كان عام 706هـ.(1307م) فزاره الشيخ زين الدين القطان كبير تجار الإسكندرية و بني عليه ضريحا و قبة و انشأ له مسجدا حسنا و جعل له منارة مربعة الشكل و أوقف عليه بعض أمواله و أقام له إماما و خطيبا و خدما و كان القبر يقصد للزيارة من العامة و الخاصة.
و في سنة 882هـ. 1477م. كان المسجد قد أهمل فأعاد بناءه الأمير قجماش الأسحاقي الظاهري أيام ولايته علي الإسكندرية في عصر الملك الأشرف قايتباي و بني لنفسه قبرا بجوار أبي العباس و دفن فيه سنة 892هـ.\
و في عام 1005هـ.(1596م.)جدد بناءه الشيخ أبو العباس النسفي الخزرجى .
و في عام 1179هـ-1775م و فد الشيخ أبو الحسن علي بن علي المغربي إلي الإسكندرية وزار ضريح أبي العباس المرسى فرأي ضيقه فجدد فيه كما جدد المقصورة و القبة و وسع في المسجد
.و في عام 1280هـ.(1863م.) لما أصاب المسجد التهدم و صارت حالته سيئة قام أحمد بك الدخاخني شيخ طائفة البناءين بالإسكندرية بترميمه و تجديده و أوقف عليه وقفا و اخذ نظار و قفه فيما بعد في توسعته شيئا فشيئا .
و ظل المسجد كذلك حتى أمر الملك فؤاد الأول بإنشاء ميدان فسيح يطلق عليه ميدان المساجد علي إن يضم مسجدا كبيرا لأبي العباس المرسى و مسجدا للإمام البوصيري و الشيخ ياقوت العرش و مازالت هذه المساجد شامخة تشق مآذنها عنان السماء يتوسطها مسجد العارف بالله الشيخ أبي العباس المرسى احد أعلام التصوف في الوطن العربي و شيخ الإسكندرية الجليل الذي يطل بتاريخه المشرق علي شاطئ البحر مستقبلا و مودعا لكل زائر من زوار الإسكندرية التي تجمع بين عبق التاريخ و سحر المكان. [/b]