من كتاب واجب المسلمين المعاصرين نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم (للشيخ فوزى محمد أبو زيد) رؤية النبى صلى الله عليه وسلم: فلابد للمؤمن،الذى يريد أن يكون فى معية الصالحين ومن أهل الصفوة والصدق واليقين ، وأن يتمتع بعطايا المحبوبين : أن يستحضر حالته ، وأن يستحضر فى باطنه هيئته ،حتى ولو هذه الهيئه الظاهرة ،لأن استحضار النبى فى القلوب يحجب عنها العيوب ،ويجعل الإنسان يطالع حضرته من سجف الغيوب ،فيراه صلى الله عليه وسلم، وهو الذى يقول : (من رآنى فى المنام فقد رآنى حقا ،فإن الشيطان لا يتمثل بى) فإذا أكرمه الله جل فى علاه ،وألاح له شذرات من الجمال الربانى الروحانى لحبيب الله ومصطفاه ،فتعلق بهذه الذات العلية النورانية ،فإنه يرى الحبيب على هيئة لا تشابهها هيئة كونية ،وهذه بداية الوصول لمن أراد أن يكون مرادا للذات العلية. وقد ورد أن رجلا ذهب إلى الشيخ أبو الفتح الواسطى فى بلاد العراق ، وقال يا سيدى أريد أن أتتلمذ على يديك ؟ فنظر فى كشفه الذى أعطاه حضرة النبى له -لأن كل واحد منهم له كشف يأخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يستطيع أن يزيد أوينقص ، ومن معه هذا الكشف يريح نفسه ويريح غيره ،فإذا تركه ومشى فليمش فهو غير مسجل عنده ،لكن من هو مسجل عنده فى الكشف ،فلن يترك الفصل ،ومن هو غير مسجل عنده وقعد فسيقعد مستمع ،وسوف يأتى عليه يوم من الأيام ويمشى- فقال له الشيخ أبو الفتح الواسطى : إنك لست مريدى! أنت مريد الشيخ عبد الرحيم القنائى فى قنا من بلاد مصر وانظر إلى المريدين. ....كيف كانوا يفعلون؟ فقد جاء ماشيا من بلاد العراق إلى مصر! !ولا تعجب ، فالشيخ أبو الحسن الشاذلى نفسه جاء ماشيا من تونس إلى مصر إلى العراق ،إلى أن قالوا له : جئت تبحث عن القطب هنا ، والقطب عندك فى تونس ،فرجع ثانية بلا سيارة ولا طائرة ، ولكن مشيا على الأقدام ،وذلك لكى ينال الخصوصية ،ويصبح من أهل المعية المحمدية: (محمد رسول الله والذين معه) وهى مفتوحة ،ولم يقل معه فى مكة أو فى المدينة ،معه إلى يوم الدين. جاء الرجل إلى سيدى عبد الرحيم القنائى ،فقال له : هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا ، قال : عندنا لا يتم الفتح للمريد إلا إذا رأى حقيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنى اذهب إلى بيت المقدس ،وهناك سترى حقيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظروا إلى المشاوير! !....،لكى يصبحوا من الرجال المغاوير. !!ولكننا:-)نريد أن نأخذها من غير تعب ولا نصب كيف؟ إنها سنة الله ،ولن تجد لسنة الله تبديلا، ....إضا كان المؤمنون يقول لهم رب العالمين : ( يأيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) إذا المحسنون ماذا يفعلون ؟وكيف يفعل الموقنون ؟ لابد من(وجاهدوا فى الله حق جهاده) من أجل ماذا ؟ ...(هو اجتباكم) فذهب الرجل إلى بيت المقدس ،وفى ليلة وكان بين اليقظة والنوم ،فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رآه يتسع ويمتد حتى رآه نورا من العرش إلى الفرش ، فرجع إلى سيده وسيدنا عبد الرحيم القنائى فقال : يا بنى هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على حالته ؟ قال : نعم! قال : صف ما رأيت ،فوصف له ، قال : هذا كان بداية الفتح لك! ...فبداية الفتح أن يرى الإنسان حقيقة رسول الله النورانية ،التى يقول فيها الله فى الآيات القرآنية : (قد جآءكم من الله نور وكتاب مبين) ولو كان النور هو الكتاب ،لقال الله تعالى "قد جاءكم من الله نور كتاب مبين" ، لكن الواو تقتضى المغايرة ،وذلك فى اللغة أن ما قبلها غير ما بعدها -فلو أنى قلت جاء محمد وإبراهيم ، إذا محمد غير إبراهيم ،لكن لو قلت جاء محمد ابراهيم ،لكان محمد ابراهيم شخص واحد، فلما قال الله تعالى : قد جاءكم من الله نور ،وهو صلى الله عليه وسلم هذا النور ،وكتاب مبين والكتاب المبين ،كذلك نور لكن فى آية أخرى ( ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلنه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم ) والله نور (الله نور السموات والأرض) فالله نور ،والقرآن نور والحبيب نور ،ولقد روى الإمام مسلم فى صحيحه عن ابن عباس : (اللهم اجعل فى قلبى نورا،واجعل فى لسانى نورا ،واجعل فى سمعى نورا ، واجعل فى بصرى نورا ، واجعل خلفى نورا وأمامى نورا ،واجعل من فوقى نورا ومن تحتى نورا ،اللهم واعظم لى نورا )وفى رواية (رواجعلنى كلى نورا) نورا أعظم ،والله عز وجل وعده بالإجابة ،فلما قال : واجعلنى كلى نورا ،جعله الله عز وجل كله نورا ،لأنه نور الله الدال بالله ،على حضرة الله عز وجل. حتى قال صلى الله عليه وسلم : أعطى الله يوسف شطر الحسن. ..-شطر حسن من ؟ شطر حسن رسول الله صلى الله عليه وسلم!! لأن الله أعطى الحسن كله لرسول الله ،الحسن الجسمانى والحسن النورانى ،والحسن الربانى وأعطى يوسف الحسن الجسمانى ،فأخذ النصف لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الحسن الجسمانى والنورانى والربانى ،فهو الحسن كله صلوات ربى وتسليماته عليه ، ومن شدة حسنه لا يراه إلا من أذن الله عز وجل له فى شهود نوره ،فقال فى الكافرين به : (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) لا يبصرون النور المكنون الذى أودعه فيه الحى القيوم. فلابد لمن أراد أن يكون من عباد الله الصالحين والمقربين : أن يستحضر الحبيب المصطفى فى كل وقت وفى كل حين، كلما أراد أن يصنع صنيعا أو يعمل عملا ،لابد لكى يحوز القبول من الله ،أن يؤديه كما كان يؤديه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستحضر كيف كان رسول الله يؤديه ؟ فإذا أراد أن يصلى فالحديث المشهور محفوظ : (صلوا كما رأيتمونى أصلى ) ومن الناس من يقرأ فى السنن ،لكى يعرف كيف كان يصلى،ومنهم من يزيد على ذلك فيقرأ فى السنن ثم يزيد فى الإستحضار ،فيكرمه الله فيرى هيئته وهو يصلى فيصلى كما كان يصلى عن حضور وليس عن استحضار. ومنهم من ينظر فى الصحف والكتب ليعلم كيف كان يتوضأ، ومنهم من يزيد اشتياقه ،ويقوى هيامه وغرامه ،وهو يقرأ كيف كان النبى يتوضأ ،فيرق الحجاب ويأخذه الله إلى هذا الجناب : فيرى أمام عينيه رأى العين النبى صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ ، وأصحابه يصبون عليه الماء ، فيتوضأ كما كان يتوضأ صلوات ربى وتسليماته عليه ،وليس راء كمن سمع! !وفى ذلك يقول سيدى محيى الدين بن العربى : إنى إذا أردت أن أعرف صحة حديث ،أعرضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم،فإن قال أن هذا الحديث قد قلته ، أعلم أنه حديث صحيح ،ولو كتب رواه الحديث أنه ضعيف ، ولو قال أن هذا الحديث لم أقله ،أعلم أن هذا الحديث غير صحيح ،ولو كتب رواة السند أمامه أنه حديث مشهور ،أو صحيح،.....يعرضه عليه صلى الله عليه وسلم.
_________________ أيا ساقيا على غرة أتى يُحدثني وبالري يملؤني ، فهلا ترفقت بى ، فمازلت في دهشة الوصف ابحث عن وصف لما ذُقته ....
|