3/ لماذا لم يذكر القرآن شيئا عن الدجال؟ تلك شبهة من شبهات المنكرين ويستلون بقوله تعالى (مافرطنا في الكتاب من شيء) أولا/ لاننكر أن القرآن الكريم كتاب الله عز وجل فيه كل شيء ولكن من قال ان تفسير الاية الكريمة هو القرآن فلقد اورد الامام القرطبي ان المقصود بالكتاب هنا هو اللوح المحفوظ حيث قال في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" ما نصه: "قوله تعالى:(مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) أي في اللوح المحفوظ، فإنه أثبت فيه ما يقع من الحوادث". ولقد اورد الامام الطبري في تفسيره عدة روايات تفيد ان المقصود بالكتاب هنا اللوح المحفوظ حيث قال\وأما قوله: " ما فرطنا في الكتاب من شيء " ، فإن معناه: ما ضيعنا إثبات شيء منه
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " ما فرطنا في الكتاب من شيء "، ما تركنا شيئًا إلا قد كتبناه في أم الكتاب.
والذي جعل العلماء يميلون الى ذلك هو صدر الاية حيث يقول سبحانه وتعالى(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) )
ولاننكر أن هناك تفسير آخر يفيد أن المقصود بالكتاب هنا هو القرآن الكريم
فالمسئلة مسئلة خلافية في تفسير الاية حتى لايظن المعترض أن هناك اجماعا على ذلك
ثانيا/ كون القرآن الكريم لم يذكر الدجال لايعني انه باطل وذلك لان السنة النبوية الشريفة مصدر من مصادر الوحي فهو صلى الله عليه وسلم لاينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى
ولقد رووي الكثير من الروايات التي تبين أهمية السنة وتحذر من تركها حيث رووي الحديث التالي بذلك الاسناد وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنبا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ ، يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ، أَلا لا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ وَلا كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ " .
ولقد رووي في سنن ابي داود باب في لزوم السنة
4604 حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه قال البيهقي : هذا الحديث يحتمل وجهين أحدهما : أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتي من الظاهر المتلو ، والثاني أن معناه أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى ، وأوتي مثله من البيان أي أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس في الكتاب له ذكر فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن .
( ألا يوشك ) : قال الخطابي : يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس له ذكر في القرآن على ما ذهب إليه الخوارج والروافض من الفرق الضالة فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا انتهى .
( رجل شبعان ) : هو كناية عن البلادة [ ص: 278 ] وسوء الفهم الناشئ عن الشبع أو عن الحماقة اللازمة للتنعم والغرور بالمال والجاه ( على أريكته ) : أي سريره المزين بالحلل والأثواب ، وأراد بهذه الصفة أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه ( فأحلوه ) : أي اعتقدوه حلالا ( فحرموه ) : أي اعتقدوه حراما واجتنبوه ( ألا لا يحل لكم ) : بيان للمقسم الذي ثبت بالسنة وليس له ذكر في القرآن ( ولا لقطة ) : بضم اللام وفتح القاف ما يلتقط مما ضاع من شخص بسقوط أو غفلة ( معاهد ) : أي كافر بينه وبين المسلمين عهد بأمان ، وهذا تخصيص بالإضافة ، ويثبت الحكم في لقطة المسلم بالطريق الأولى ( إلا أن يستغني عنها صاحبها ) : أي يتركها لمن أخذها استغناء عنها ( فعليهم أن يقروه ) : بفتح الياء وضم الراء أي يضيفوه من قريت الضيف إذا أحسنت إليه ( فله أن يعقبهم ) : من الإعقاب بأن يتبعهم ويجازيهم من صنيعه . يقال أعقبه بطاعته إذا جازاه وروي بالتشديد يقال عقبهم مشددا ومخففا وأعقبهم إذا أخذ منهم عقبى وعقبة وهو أن يأخذ منهم بدلا عما فاته ، كذا في المرقاة ( بمثل قراه ) : بالكسر والقصر أي فله أن يأخذ منهم عوضا عما حرموه من القرى . قيل هذا في المضطر أو هو منسوخ وقد سبق الكلام عليه في كتاب الأطعمة .
قال الخطابي : في الحديث دليل على أن لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء كان حجة بنفسه فأما ما رواه بعضهم أنه قال إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه فإنه حديث باطل لا أصل له . وقد حكى زكريا الساجي عن يحيى بن معين أنه قال هذا حديث وضعته الزنادقة .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه ، وحديث أبي داود أتم من حديثهما .
ولقد تم توضيح نقطة التوثيق والاثبات في النقطة الثانية فلا حاجة للاعادة هنا مرة أخرى
والقرآن الكريم لم يذكر شيئا عن سوءال منكر ونكير ولم يذكر شيئا عن الشفاعة في أهل الكبائر وهناك اشياء كثيرة لم يذكرها القرآن الكريم وذكرتها السنة
فقد يقول قائل فلما لم يذكر الدجال على الرغم من فتنته وذكر غيره مثل يأجوج ومأجوج
والله أعلم السبب هو أن الله سبحانه وتعالى علم أن هناك طوائف من الامة ستنكر السنة وتنكر حجيتها فجعل الله سبحانه ذكر الدجال الملعون في السنة فقط حتى يكون الحجة على الناس ولاينجو الا من التزم بالسنة وآمن بها كوحي مستقل كالقرآن الكريم لااقصد أن السنة مثل القرآن ولكن أقول كوحي مستقل يوضح ويبين ويفسر القرآن
فمن انكر السنة وقع لامحالة في فتنة الدجال جزاء وفاقا لانكاره للسنة ولقد ذكر بعض أهل العلم أن الله جل وعلا لم يذكر الدجال في القرآن زيادة في التحقير لشأنه وإن ذكر هم من دونه على سبيل الحكاية كفرعون ولكن المراد هو نبي الله موسى وذكر فرعون عرضا وقال بعضهم أنه سبحانه وتعالى اكتفى بذكر المسيح عليه السلام وهو عدوه
وقال بعضهم أنه سبحانه وتعالى ذكر الدجال(حيث يميلون أن السامري هو الدجال)
غير أن المشهور أن ذكره في السنة أوضح لتكون آية وحجة على الناس فمن أنكر السنة سقط لامحالة في فتنة الدجال ومن المشهور أن القرآن لم يذكر شيئا ايضا عن المهدي صراحة فذكره كله في السنة صراحة ومن أنكر السنة حارب وعادى لامحالة المهدي دون أن يدري
والله اعلى وأعلم
_________________ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله
|