موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 5 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: معارج الأنوار في سيرة النبي المختار....نونية الصرصري
مشاركةمرسل: الأربعاء يونيو 11, 2014 8:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 1:53 pm
مشاركات: 1070
معارج الأنوار في سيرة النبي المختار
للشَّيخ أبي زكريا يحي بن يوسف الصَّرصري (ت 656هـ)
1
سُبحانَ ذي الجَبروتِ وَالبُرهانِ
وَالعِزِّ وَالمَلكوتِ وَالسُلطانِ
2
وَالحَمدُ لِلَّهِ الكَريمِ الرازِقِ الـ
ـخَلاَّقِ مُتْقِنِ صَنعَةِ الإِنسانِ
3
وَاللَهُ أَكبَرُ لا إِلَهَ سِواهُ لي
سُبحانَهُ هُوَ لِلصَّوابِ هَدانِي
4
أَصبَحتُ أَنظمُ مَدحَ أَكرَمِ مُرسَلٍ
لَهَجاً بِهِ في رائِقِ الأَوزانِ
5
وَتَخِذتُهُ لي جُنَّةً وَمَعونَةً
فيما أَرومُ فَصانَني وَكَفانِي
6
حَبَّرت فيهِ قَصيدَةً أَودَعتُها
مِن مُسنَدِ الأَخبارِ حُسْنَ مَعَانِي
7
في وَصفِهِ مِن بَدءِ تَشريفاتِهِ
حَتّى الخِتامِ بِحُسنِ نَظمِ مَعَانِي
8
وَلَمَدحُهُ أَولى وَأَجدَرُ أَن يُرى
فيهِ الهُدى وَيعانُ فيه مُعَانِي
9
لَمّا بَنى اللَهُ السَماواتِ العُلى
سَبعاً تَعالى اللهُ أَكرَمُ بانِي
10
فَسَمَت وَزانَتها بِحِكمَةِ صُنعِهِ
زهرُ النُّجومِ وَزانَها القَمَرانِ
11
وَالأَرضُ سَبعاً مَدَّها فَتَذَلَّلَت
وَتَزَيَّنَت بِبَدائِعِ الأَلوانِ
12
وَرَسَت عَلَيها الشامِخات بِإِذنِهِ
فَحَمَت جَوانِبَها مِنَ المَيَدانِ
13
وَأَتَمَّ خَلقَ العَرشِ خَلقاً باهِراً
فَغَدا مِنَ الإِجلالِ ذا رَجفانِ
14
كَتَبَ الإِلَهُ اسمَ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ
فَوقَ القَوائِمِ مِنهُ وَالأَركانِ
15
فَسَرى السُّكونُ بِهِ وَقَد كَتَبَ اسْمَهُ
في جَنَّةِ المَأوى عَلى الأَغصانِ
16
وَخِيامُها وَقِبابُها وَعَلى مَصا
ريعِ القُصورِ تَفَضُّل المنّانِ
17
فَلِذاكَ آدَم حينَ تابَ دَعا بِهِ
مُتَوَسِّلاً فَأُجيبَ بِالغُفرانِ
18
لَولاهُ لَم يُخلَق أَبونا آدَم
وَجَحيمُ نارٍ أَو نَعيمُ جِنانِ
19
قَد كانَ آدَمُ طينَةً وَمُحَمَّدٌ
يُدعى نَبِيّاً عِندَ ذي الإِحسانِ
20
مِن فِضَّةٍ بَيضاءَ طينَةُ أَحمَدٍ
مِن تُربَةٍ أَضحَت أَعَزَّ مَكانِ
21
عُجِنَت مِنَ التَّسنيمِ بِالماءِ الَّذي
زادَت بِهِ شَرَفاً عَلى الأَبدانِ
22
غُمِسَت بِأَنهارِ النَّعيمِ فَطُهِّرَت
وَتَعَطَّرَت وَسَمَت عَلى الأَكوانِ
23
وَغَدَت يُطافُ بِها السَّمَواتُ العُلى
وَالأَرضُ تَشريفاً عَلى الأَكوانِ
24
أَنوارُهُ كانَت بِجَبهَةِ آدم
لا تَختَفي عَمَّن لهُ عَينانِ
25
وَبِجَبهَةِ الزَهراءِ حَوّا أَشرَقَت
لِلحَملِ بِالمَبعوثِ بِالفُرقانِ
26
وَمِنَ الكَرامَةِ لِلمُشَفَّعِ أَنَّها
في كُلِّ بَطنٍ جاءَها وَلدانِ
27
وَأَتَت بِشيثٍ وَحدَهُ مُتَفَرِّداً
لِيبينَ فَضلُ الواضِحِ البُرهانِ
28
وَبِصُلبِ آدَمَ كانَ وَقت هُبوطِهِ
وَبِصُلبِ نوحٍ وَهوَ في الطوفانِ
29
وَبِصُلبِ إِبراهيمَ حينَ رَمى بِهِ
في نارِهِ أَشقى بَني كَنعانِ
30
وَعَلى سِفاحٍ ما التَقى يَوماً مِنَ الـ
أَيّامِ مِن آبائِهِ أَبَوانِ
31
مِن كُلِّ صُلبٍ طاهِرٍ أَفضى إِلى
أَحشاءِ طاهِرَة الإِزارِ حصانِ
32
أُخِذت مِنَ الرُّسلِ الكِرامِ لِنَصرِهِ
إِن أَدرَكوهُ مَواثِقُ الإِيمانِ
33
وَكَذاكَ في الكُتبِ القَديمَةِ وَصفُهُ
يُتلى عَلى الأَحبارِ وَالرُهبانِ
34
عَيناهُ فيها حُمرَةٌ مُتَقَلِّدٌ
بِالسَيفِ لا يَرتاعُ لِلأَقرانِ
35
يَعفو وَيَصفَحُ لا يُجازي مَن أَتى
بِإِساءَة ناءٍ مِنَ العُدوانِ
36
لا بِالغَليظِ الفَظِّ وَالسَخَّابِ في الـ
أَسواقِ إِذ يَتَشاجَرُ الخَصمانِ
37
حرزٌ لأُميّينَ مِن مَسخٍ وَمِن
خَسفٍ وَمِن حَصَبٍ وَمِن طوفانِ
38
لا يَنتَهي حَتّى يُقيمَ المِلَّةَ الـ
ـعَوْجاءَ بِالتَّوْحِيدِ وَالتِّبْيَانِ
39
يَشفي القُلوبَ الغُلْفَ وَالآذانَ مِن
صَمَمٍ وَيَفتَحُ أَعيُنَ العُمْيانِ
40
في مَجمَعِ الكَتفَينِ مِنهُ شامَةٌ
هِيَ لِلنُّبُوَّةِ فيهِ كَالعُنوانِ
41
وَبِمَكَّةَ الفَيحاء مَولِدُهُ فَقَد
فاقَت لِذَلِكَ سائِر البُلدانِ
42
مِنها مَهاجِرهُ إِلى أَرضٍ بِها
نَخلٌ كَثيرٌ زينَ بِالقنوانِ
43
هِيَ يَثرِبٌ هِيَ طيبَةٌ هِيَ دارُهُ
حُظِيَت بِمَجدٍ شامِخِ البُنيانِ
44
وَعَلى بِلادِ الشامِ يَظهَرُ مُلكُهُ
فَيُذِلُّ قَهراً عُصبَةَ الصُلبانِ
45
وَاسْتعلنَ الحَقّ المُبين بِنورِهِ
بَينَ الجِبالِ الشُّمِّ مِن فارانِ
46
ما مِن نَبِيٍّ مُجتَبى إِلاّ لَهُ
يَومَ المَعادِ إِذا أَتى نورانِ
47
وَيَجيءُ تابِعُهُ بِنورٍ واحِدٍ
وَلأَحمَد الداعي إِلى الإيمانِ
48
في كُلِّ جُزءٍ مِنهُ نورٌ وَالَّذي
يَتلوهُ ذو نورَينِ يَبتَدِرانِ
49
وَلنَعت شَعيا لِلنَبِيِّ مُحَمَّدٍ
وَلِنَعتِ حِزقيلٍ كَذاكَ أَتاني
50
وَصِفاتُ أُمَّتِهِ كَذَلِكَ بُيِّنَت
فيها لِقَلبِ العالمِ الروحاني
51
غرّ لآثارِ الوضوءِ عَلَيهِم
نورٌ مُضيءٌ ساطِعُ اللَمَعانِ
52
وَالحَمدُ لِلَّهِ العَظيمِ شِعارُهُم
في البُؤسِ وَالأَفراحِ وَالأَحزانِ
53
وَإِذا عَلَوا شَرَفاً كَبيراً كَبَّروا
أَصواتهُم كَالنَحلِ بِالقُرآنِ
54
فيهِم صَلاةٌ مرَّة لَو أَنَّها
كانَت لِعادٍ لَم تُصَب بِهَوانِ
55
وَهُم رُعاةُ الشَّمسِ وَالقَمَرِ الَّذي
تُطوى مَنازِلُهُ عَلى حُسبانِ
56
وَهُم الَّذينَ يُقاتِلونَ عِصابَةَ الـ
ـدَجّالِ ذي التَضليلِ وَالبُهتانِ
57
لَمّا رَأى موسى الكَليمُ صِفاتَهُم
وَعَطاءَهُم مِن عِزَّةٍ وَصيانِ
58
سَأَلَ اللّحوقَ بِهِم وَتِلكَ فَضيلَةٌ
خَلُصَت لأَمَّتِهِ بِكُلِّ أَوانِ
59
كانَت يَهود بِهِ عَلى أَعدائِها
يَستَفتِحونَ بِسالِفِ الأَزمانِ
60
وَبِوَصفِهِم أَضحى المُتوّجُ تُبَّع
بِالمُصطَفى العَرَبِيِّ ذا إيمانِ
61
لَكِنَّهُم حَسَدوهُ بَغياً وَاِعتَدوا
كَعُدُوِّهم في السَّبتِ بِالحيتانِ
62
هُوَ أَحمَدُ الهادي البَشيرُ مُحَمَّد
قَتّالُ أَهلِ الشِّركِ وَالطُّغيانِ
63
هُوَ شاهِدٌ مُتَوَكِّلٌ هُوَ مُنذِرٌ
وَمُبَشِّرُ الأَبرارِ بِالرّضوانِ
64
هُوَ فاتِحٌ هُوَ خاتَمٌ هُوَ حاشِر
هُوَ عاقِبٌ هُوَ شافِعٌ لِلجاني
65
قُثمٌ ضَحوكٌ سَيِّدٌ ماحٍ مَحَا
بِالنورِ ظُلمَةَ عابِدي الأَوثانِ
66
وَهوَ المُقَفّى وَالأَمينُ المُصطَفى الـ
أُمِّيُّ أَكرَمُ مُرسَلٍ بِبَيانِ
67
وَهوَ الَّذي يُدعى نَبِيّ مَلاحِمٍ
وَمَراحِمٍ وَمَثاب ذي عِصيانِ
68
وَهوَ ابنُ عَبدِ اللَهِ صَفوَة شَيبَة الـ
ـحَمدِ بن هاشِم الذَبيح الثاني
69
أَصلُ الدِياتِ فِداؤُهُ مِن ذَبحِهِ الـ
مَنذورِ إِذْ هُوَ عاشِرُ الإخْوانِ
70
وَالأَبيَضُ البَضُّ المُعَظَّمُ جَدُّهُ
شَيخُ الأَباطِحِ سَيِّدُ الحمسانِ
71
لَمّا اصطَفى اللَّهُ الخَليلَ وَزادَهُ
شَرَفاً وَنَجّاهُ مِنَ النّيرانِ
72
اِختارَ إِسماعيلَ مِن أَولادَهِ
وَبَني كنانَةَ مِن بَني عَدنانِ
73
ثُمَّ اصطَفى مِنهُم قُرَيشاً وَاِصطَفى
أَبناءَ هاشِم الفَتى المِطعانِ
74
ثُمَّ اصطَفى خَيرَ الأَنامِ مُحَمَّداً
مِن هاشِم فَسَمَت عَلى قَحطانِ
75
وَأَبانَ كَعب جَدّهُ في خُطبَةٍ
بِعُروبَةٍ في سائِرِ الإخوانِ
76
فَضل النَبِيِّ وَودّ أَن يَبقى إِلى
أَيّامِهِ لِقِتالِ ذي شَنَآنِ
77
وَلَقَد بَدَت أَنوارُهُ بِجَبينِ عَبـ
ـدِ اللَهِ ظاهِرَةً لِذي عِرفانِ
78
وَبَدَت لآمِنَةَ الحِصان لِحَملِها
بِأَخَفّ حملٍ راجِحِ الميزانِ
79
حَتّى بَدَت أَنوارُهُ في وَضعِها
فَرَأَت قُصورَ الشامِ رُؤيَةَ داني
80
وَلَدَتهُ عامَ الفيلِ يَومَ اِثنَينِ فَاحْـ
ـتازَ الفَخارَ بَفَضلِهِ الاثنانِ
81
بِرَبيع الأَدنى بِثاني عَشرَة
وَيُوافِقُ العِشرينَ مِن نيسانِ
82
وَتَحَدَّثت بِوِلادِهِ الأَحبارُ وَال
رُهبانُ وَالواعي مِن الكُهّانِ
83
خَمَدَت لَهُ نارُ المَجوسِ وَزلزلَت
مَعَ الاِنشِقاقِ جَوانِبُ الإيوانِ
84
وَرَأى أَنوشَروان رُؤيا رَوَّعَت
مِنهُ الفُؤادَ فَظَلَّ ذا رَجَفانِ
85
فَمَضى الرَّسولُ إِلى سَطيح سائِلاً
فَأَتى الجَوابُ إِلى أَنوشروانِ
86
أَن سَوفَ يَظهَرُ أَمرُ دينِ مُحَمَّدٍ
حَتّى يُزيلَ الملكَ مِن ساسانِ
87
سَعدَت حَليمَةُ ظِئرهُ بِرضاعِهِ
وَحَوى الفَخارَ رَضيعهُ بِلَبانِ
88
وَرَأَت بِهِ البَرَكات مِنذُ غَدَت بِهِ
وَأَتانُها في الرَّكبِ خَيرُ أَتانِ
89
وَغَدَت تدرُّ لَها الشِّياهُ العجفُ في الـ
ـزَمَنِ المَحيلِ وَأَقبَلَ الثَديانِ
90
فَأَتَت إِلَيهِ وَأَسْلَمَت وَحَليلُهَا
فَتَبَوَّآ لِلرُّشدِ دارَ أَمانِ
91
وَلأَربَع مِن عُمرِهِ لَمّا غَدا
مَع صِبيَة أَترابهُ الرِّعيانِ
92
شَرَحَ المَلائِكُ صَدرَهُ وَاِستَخرَجوا
مِنهُ نَصيبَ الدَّاحضِ الشَيطانِ
93
وَلَقَد تَطَهَّرَ بَعدَ عَشرٍ صَدرهُ
مِن كُلِّ ما غِلّ بِشَرحٍ ثانِ
94
مَلأوهُ إيماناً وَحلماً وافِراً
وَسَكينَةً مَعَ رَأفةٍ وَحَنانِ
95
وَوَقَتهُ مِن لَفحِ الهَجيرِ غَمامَة
وَهْوَ ابنُ عَشرٍ أَجمَل الغِلمانِ
96
يَغدو كَحيلاً داهِناً وَقَرينُهُ
شعثُ الغَدائِرِ رُمَّصُ الأَجفانِ
97
وَمَضَت لِسِتٍّ أَمُّهُ وَتَكَفَّلَ الـ
ـجَدُّ الشَفيقُ لَهُ بِحُسنِ حضانِ
98
وَأَتى بِهِ وَهوَ اِبنُ سَبعٍ عَمُّهُ
وَقَدِ اِشتَكى رَمَداً إِلى دَيراني
99
فَأَبى النُزولَ فَزلزلَت جُدرانُهُ
فَاِرتاعَ عِندَ تَزَلزُلِ الجُدرانِ
100
فَانحَطَّ حينَئِذٍ وَأَخبرَ جَدَّهُ
بِنُبُوَّةِ الوَلَدِ العَظيمِ الشّانِ
101
وَبِجِدِّهِ اِستَسقى الغَمائِمَ جَدُّهُ
فَتَبَجَّسَت بِالوابِلِ الهَتّانِ


يتبع إن شاء الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: معارج الأنوار في سيرة النبي المختار....نونية الصرصري
مشاركةمرسل: الأربعاء يونيو 18, 2014 7:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 1:53 pm
مشاركات: 1070

102
وَلَقَد تَرَحَّلَ جَدُّهُ لِهَنائِهِ
سَيفُ بنُ ذي يَزَنٍ إِلى غَمدانِ
103
فَحَباهُ سَيفٌ عِندَها بِبِشارَةٍ
تَعلو الهَناءَ بِمَقتَلِ السودانِ
104
أَفضى إِلَيهِ بِسِرِّهِ في أَحمَد الـ
ـهادي البَشيرِ وَكانَ ذا خُبرانِ
105
وَتَكَفَّلَ العَمُّ الشَفيقُ بِأَمرِهِ
لَمّا غَدا مُتَكَمِّلاً لِثَمانِ
106
وَرَأى عَظيمَ الخَيرِ مِن بَرَكاتِهِ
هُوَ وَالعِيال إِذا أُتُوا بِخِوانِ
107
وَشَكا إِلَيهِ عَمُّهُ ظَمَأً بِهِ
في مَوضِعٍ خالٍ مِن الغُدارنِ
108
فَسَقاهُ إِذ رَكَضَ التُرابَ بِرِجلِهِ
ماءً يُرَوّي غلَّةَ الظَمآنِ
(1/5)
________________________________________
109
وَمَضى بِهِ نَحوَ الشَآمِ مُسافِراً
وَهوَ اِبنُ عَشرٍ بِعَدها ثِنتانِ
110
وَرَأى بُحَيراءُ الغَمامَ لِظِلِّهِ
في الحَرِّ عِندَ تَوَقُّدِ الصُوّانِ
111
وَرَأى الظِلالَ تَميدُ أَنى مالَ مِن
شَجَرٍ هُناكَ ظَليلهُ الأَفنانِ
112
وَجَرى لَهُ في بِضعِ عَشرَةَ حجَّةٍ
نَبَأٌ يَسُرُّ فُؤادَ ذي إيقانِ
113
إِذ كانَ سافَرَ مَع زُبَيرٍ عَمُّهُ
فَرَأى بَعيراً صائِلاً بِجنانِ
114
فَمَضى إِلَيهِ فَحينَ عايَنَ عزَّهُ
أَهوى ذَليلاً ضارِباً بِجرانِ
115
فَعَلاهُ مُمتَطِياً فَأَذعَنَ بِعدَما
قَد كانَ غَيرَ مُذَلَّلٍ مِذعانِ
116
وَكَذاكَ عِندَ رُجوعِهِم مِن شَأنِهِم
مَرّوا بِوادٍ مُفعَمٍ مَلآنِ
117
فَغَدا أَمامَهُم فَغَادَرَ ماؤهُ
يَبساً طَريقاً ذَلَّ لِلرُكبانِ
118
وَأَغَذَّ في خَمسٍ وَعِشرينَ السُّرَى
نَحوَ الشآمِ بِمَتجَرٍ لِرَزانِ
119
فَرَآهُ نَسطورٌ فَأَخبَرَ أَنَّهُ
أَزكى نَبِيٍّ خاتَم الأَعيانِ
120
وَرَآهُ مَيسَرَة الغُلام رَفيقُهُ
وَمِنَ الهَجيرِ يُظِلُّهُ مَلَكانِ
121
وَكذا خَديجَةُ أَبصَرَت فَتَزَوَّجَت
رَغباً بِهِ مِن خِبرَةٍ وَعَيانِ
122
جادَت عَلَيهِ بِنَفسِها وَبِمالِها
فَسَمَت بِهِ شَرَفاً عَلى النّسوانِ
123
وَبَنَت قُرَيش البَيتَ حينَ تَهَدَّمَت
بِالسَيلِ مِنهُ قَواعِدُ الحيطانِ
124
وَاشتَدَّ في الحَجَرِ الكَريمِ نِزاعُهُم
مَن مِنهُم لِلرَّفعِ مِنهُ يُعانِ
125
ثُمَّ ارتَضوا فيهِ بِأَوَّلِ داخِلٍ
فَأَتى الأَمينُ الطَيِّبُ الأَردانِ
126
وَهوَ ابنُ خَمسٍ مَع ثَلاثينَ احتَوى
حَزمَ الكُهولِ وَقُوَّةَ الشُبّانِ
127
وَاختَصَّ في وَضعِ الإِزارِ بِحِكمَةٍ
بِالرَّفعِ دونَهُم وَدونَ البانِ
128
كانَ التَعَبُّدُ دَأبَهُ لِلَّهِ مِن
قَبلِ النُّبَوَّةِ لَيسَ عَنهُ بِوانِ
129
يَأتي حراءً لِلتَعَبُّدِ هاجِرَ الـ
أَصنامِ هَجرَ المُبغِضِ الغَضبانِ
130
وَكَذاكَ كانَ إِذا رَأى الرُؤيا انجَلَت
(1/6)
________________________________________
كَالصُبحِ واضِحَةً عَلى بُرهانِ
131
وَأَتَت عَلَيهِ أَربَعونَ فَأَشرَقَت
شَمسُ النُّبُوَّةِ مِنهُ في رَمضانِ
132
في سَبع عَشرَةَ لَيلَةً في يوم الاِثـ
ـنَينِ المُخَصَّصِ مِنهُ بِالرّجحانِ
133
لَم يَبقَ مِن حَجَرٍ وَلا مَدَرٍ وَلا
شَجَرٍ وَلاَ جَبَلٍ وَلا كُثبانِ
134
إِلاّ وَناداهُ السَلامُ عَلَيكَ بِالـ
ـلَفظِ الفَصيحِ كَناطِقٍ بِلِسانِ
135
رَمَت الشَّياطينَ الرُّجومُ لِبَعثِهِ
وَتنَكَّس الأَصنام لِلأَذقانِ
136
وَالجِنُّ تَهتِفُ في الظَّلامِ بِسَجعِها
بِنُبُوَّةِ المَبعوثِ بِالخَيرانِ
137
وَأَتاهُ جِبريلُ الأَمينُ مُعَلِّماً
مِن عِندِ رَبٍّ مُنعمٍ مَنّانِ
138
فَحَصَ التُرابَ لَهُ فَأُنبِعَ ماؤُهُ
فَأَراهُ كَيفَ وَضوءُ ذي قُربانِ
139
وَأَتاهُ بِالسَّبعِ المَثاني فَانْثَنَى
جَذِلاً بِسَبعٍ في الصَّلاةِ مَثاني
140
وَأَتاهُ يَأمرُهُ لِيُنذِرَ قَومَهُ
طرّاً وَيَبدَأَ بِالقَريبِ الداني
141
فَدَعا إِلى الرَّحمَنِ جَلَّ ثَناؤُهُ
وَنَهى عَنِ الإِشراكِ وَالكُفرانِ
142
وَرَمى الرِّبا وَالخَمر وَالأَنصاب والـ
أَزلامَ وَالفَحشاءَ بِالبُطلانِ
143
وَأَتى بِدينٍ مُستَقيمٍ واضِحٍ
ظَهَرَت شَريعَتُهُ عَلى الأَديانِ
144
فَهَدى قَبائِلَهُ فَلَم يَتَقَبَّلوا
بَل قابَلوا المَعروفَ بِالنُّكرانِ
145
ما زالَ يُنذِرُ قَومَهُ في منعَةٍ
حَتّى ثَوى العَمُّ الشَفيقُ الحاني
146
وَمَضَت خَديجَةُ بَعدَهُ لِسَبيلِها
مَرضِيَّةً فَتَفاقَمَ الرُّزآنِ
147
فَاشتَدَّ حينَئِذٍ عَلَيهِ أَذاهُم
وَبَدا لَهُ طَمَعُ العَدُوِّ الشَّاني
148
فَأَتى ثَقيفاً فَاعتَراهُ أَذاهُمُ
فَأَوى إِلى ظِلٍّ بِقَلبٍ عانِ
149
وَابنا رَبيعَةَ شَيبة وَأَخوهُ في
علِيِّةٍ لِعَنائِهِ يَرَيانِ
150
فَحَنتهُما رَحِمٌ عَلَيهِ فَأَرسَلا
بِالقَطفِ مَعْ عَدّاسٍ النَّصراني
151
فَرَأى عَلاماتِ النُبُوَّةِ فَاهتَدى
وَلَكِن هُما عَمّا رَأى عميانِ
152
(1/7)
________________________________________
وَغَدا عَلى الأَحياءِ يَعرِضُ نَفسَهُ
لِبَلاغِ أَمرِ مُهَيمنٍ دَيّانِ
153
يَأَتي القَبائِلَ يَستَجيرُ فَلا يَرى
إِلاّ ذَوي التَكذيبِ وَالخُذلانِ
154
فَهُناكَ هاجَرَ جَعفَرٌ وَرِفاقُهُ الـ
أَخيارُ نَحوَ مَواطِنِ الحبشانِ
155
فَحَنا النَجاشِيُّ المُنيبُ عَلَيهِمُ
كَحُنُوِّ والِدَةٍ عَلى وِلدانِ
156
وَأَقامَ يَعرِضُ نَفسَهُ حَتّى التَقى
مِن خَزرَجٍ بِالسَّتَّةِ الشُجعانِ
157
وَأَتَوْا وَمِثلُهُم إِلَيهِ فَبايَعوا
في مَوْسِمِ العامِ الجَديدِ الثَّاني
158
وَبِعامِهِ هَذا رَأى في لَيلَةِ الـ
ـمِعراجِ ما قَرَّت بِهِ العَينانِ
159
وَازدادَ تَطهيراً بِشَرحٍ صَدرَهُ
في لَيلَةِ المَسرى بِلا نُقصانِ
160
أَسرى مِنَ البَيتِ الحَرامِ بِهِ إِلى
أَقصى المَساجِدِ لَيسَ بِالوَسنانِ
161
فَعَلا البُراقَ وَكانَ أَشَرَف مَركبٍ
يَطوي القِفارَ بِسُرعَةِ الطَيَرانِ
162
حَتّى أَتى البَيتَ المُقَدَّسَ وَاِرتَقى
نَحوَ السَماءِ فَجازَ كُلَّ عَنانِ
163
ما مِن سَماءٍ جاءَها مُستَفتِحاً
إِلاّ لَقوهُ بِتُحفَةٍ وَتَهاني
164
وَلَقَد رَأى أَبَوَيهِ آدَمَ ثُمَّ إِبـ
ـراهيمَ فَليُبشر بِهِ الأَبَوانِ
165
وَلَقَد رَأى يَحيى وَعيسى ثُمّ ها
رونَ المُحَبَّبَ رُؤيَةَ اليَقظانِ
166
وَكَذاكَ موسى ثُمَّ إِدريسَ الرَضِي
فَتَباشَروا كَتَباشُرِ الإِخوانِ
167
وَلَقَد دَنا كَالقابِ مِن قَوسَينِ أَو
أَدنى إِذا ما قُدِّرَ القَوسانِ
168
كَشَفَ الحِجابَ وَكَلَّمَهُ فَما
أَحظاهُ بِالتَقريبِ مِن إِنسانِ
169
فَرَضَ الصَّلاةَ عَلَيهِ خَمساً أَصلُها
خَمسونَ وَهيَ الأَجرُ في الحُسبانِ
170
ثُمَّ انثَنى نَحوَ الفِراشِ مُقَمَّصاً
مِن ذي الجَلالِ بِأَشرَفِ القُمصانِ
171
لَكِنَّهُ أَضحى بِمَكَّةَ خائِفاً
-إِن قالَ- مِن تَكذيبِ ذي بُهتانِ
172
فَغَدا يُحَدِّثُهُم بِوَصفِ المَسجِدِ الـ
أَقصى حَديثَ مُعايِنٍ وَمُدانِ
173
(1/8)
________________________________________
وَلَقَد دَنا البَيت المَقدّس مِنهُ بِالـ
ـبَطحاءِ يَنعَتُهُ بِلا نِسيانِ
174
فَعَمُوا وَأَبصَرَ قَولَهُ حَقّاً أَبو
بَكرٍ بِعَيْنِ حَقيقَةِ الإِيمانِ
175
فَأَذاعَ بِالتَصديقِ لَم يَرهَب وَلَم
يَرتَب مِنَ الحَقِّ المُبينِ بِشانِ
176
فَلِذَلِكَ التَصديقِ سادَ وَسُمِّيَ الـ
ـصِدّيقُ وَهْوَ اسمٌ سَما بِمَعاني
177
وَأَتى عَلى الأَنصارِ عامٌ ثالِثٌ
يعدّونَ أَنفُسَهُم بِخَيرِ أَماني
178
فَأَتَوهُ في السَّبعينَ ثُمَّتَ أَقبَلوا
مِن أَشرَفِ العَقَباتِ كَالغَضبانِ
179
مُتَتابِعينَ فَبايَعوهُ بِبَيعَةٍ
عُقِدَت بِحُسنِ السَّمعِ وَالآذانِ
180
وَبِعَمِّهِ العَبّاسِ أُحكِمَ عَقدُها
مِنهُم وَأَتقَنَ غايَةَ الإِتقانِ
181
سَعدَت بِهِ أَوسٌ وَفازَت خَزرَجٌ
فَحَوى الفَخارَ بِنَصرِهِ الحَيّانِ
182
فَأولَئِكَ الأَنصارُ حَقًّا أَحسَنوا
نَصرَ النَّبِيِّ بِمُرهَفٍ وَسِنانِ
183
فَهُناكَ آذَنَ صَحبَهُ لِيُهاجِروا
مُستَنبِطينَ لِذَلِكَ الإيذانِ
184
وَأَقامَ مُصطَبِراً وَعُيِّرَ صَحبهُ
حيناً لِمُرِّ الهَجرِ وَالهِجرانِ
185
وَدَرَت قُرَيشٌ بِالحَديثِ فَأَظهَرَت
ما عِندَها مِن مُضمَرِ الأَضعانِ
186
وَتَشاوَروا في قَتلِهِ أَو حَبسِهِ
أَو بُعدِهِ وَمَضَوا عَلى كِتمانِ
187
فَأَتاهُ جِبريلُ الأَمينُ مُخَبِّراً
بِجَميعِ ما أَخفَوا مِنَ الشَنَآنِ
188
وَفّى بِمَكَّةَ بِضعَ عَشْرَةَ حِجَّةً
يَلقى الأَذى في السِرِّ وَالإِعلانِ
189
حَتّى أَتى إِذنٌ فَسارَ مُهاجِراً
نَحوَ المَدينَةِ هِجرَةَ القُطّانِ
190
وَأَتى أَبا بَكرٍ بِحَرِّ ظَهيرَةٍ
سِرّاً فَتابَعَهُ بِغَيرِ تَوانِ
191
حَلاَّ بِثَوْرٍ غارِِهِ فَلَقَد غَدا
وَهُما بِهِ مِن أَشرَفِ الغيرانِ
192
باضَت عَلى البابِ الحَمامَةُ وَاغتَدى
يَهِنُ العَناكِبَ طامِس الأَكنانِ
193
وَاشتَدَّ تطلابُ العداةِ فَأَجزَلوا
فيهِ الرَّشا وَنَفائِسَ الأَثمانِ
194
(1/9)
________________________________________
فَسَرى سُراقَةُ تابِعاً فَرَآهُما
وَهُما بِظَهرِ البيدِ يَرتَمِيانِ
195
فَهَوَت يَدا فَرَسِ الحَريصِ بِصُلبَةٍ
صَلدٍ وَثارَت وَهيَ ذاتَ عثانِ
196
فَغَدا عَلى عِلمٍ يُعَمّي عَنهُما
إِذ كانَ أَيقَنَ غايَةَ الإيقانِ
197
ثُمَّ انبَرى المُختارُ يَجتابُ الفَلا
بِتَواتُرِ الإِدلاجِ وَالذّملانِ
198
وَتَسامَعَت أَنصارُهُ بِقُدومِهِ
فَتَقَلَّدوا فَرَحاً بِكُلِّ يَمانِي
199
وَأَتَوهُ بِالتَرحيبِ وَالبُشرى مَعَ الـ
ـتَعظيمِ بِالإِخباتِ وَالخُضعانِ
200
وَغَدوا يَفدونَ النَّبِيِّ مُحَمَّداً
بِالمالِ وَالأَرواحِ وَالوِلدانِ

يتبع إن شاء الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: معارج الأنوار في سيرة النبي المختار....نونية الصرصري
مشاركةمرسل: الأربعاء يونيو 25, 2014 8:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 1:53 pm
مشاركات: 1070

201
لَم يَلقَهُ مِنهُم فَتاةٌ أَو فَتى
إِلاّ بِقَلبٍ نَيِّرٍ جَذلانِ
202
فَاستَبشَرَ القَلبُ الشَريفُ بِما رَأى
مِن حُسنِ أَخلاقٍ وَمِن إِحسانِ
203
ما مِنهُم مِن مَنزِلٍ إِلاّ رَجا
أَنَّ النَبِيَّ لَهُ مِنَ السُكّانِ
204
يَعدونَهُ إِن حَلَّ فيهِم أَنَّهُم
لِنَبِيِّهِم مِن خَيرِ ما جيرانِ
205
لَكِنَّ ناقَتَهُ سَرَت مَأمورَةً
قَد أُعفِيَت مِن حَبسَةِ الأَرسانِ
206
حَتّى لَقَد بَرَكَت بِأَشرَفِ مَنزِلٍ
بِمَكانِ مَسجِدِهِ بِلا حيدانِ
207
فَنَمى السُرورُ وَأَصبَحَ الأَنصارُ في
عيدٍ بِمَن شَرفَت بِهِ العيدانِ
208
وَتَكَنَّفَ ابنَ سَلامٍ الفَضلُ الَّذي
بِالمُصطَفى أَفضى إِلى سَلمانِ
209
عَرَفاهُ مَعرِفَةَ اليَقينِ فَأَصبَحا
وَهُما بِثوبِ الرُشدِ مُشتَمِلانِ
210
وَابتاعَ سَلمانَ ابتِياعاً بِالَّذي
وَفّاهُ مِن ذَهَبٍ وَمِن فسلانِ
211
دَخَلَ المَدينَةَ فَاِكتَست حُلَلَ الرِضى
وَتَعَطَّرَت بِالروحِ وَالرَيحانِ
212
أَضحَت بِهِ بَعدَ الخُمولِ شَهيرَةً
بِالفَضلِ سامِيَةً عَلى الأَوطانِ
213
قَرَنَت بِمَكَّةَ في الفَخارِ وَحُرِّمَت
وَبِهِ سَما وَتَشَرَّفَ الحَرَمانِ
214
وَتَضاعَفَت بَرَكاتُها بِدُعائِهِ
فَلَها عَلى أُمِّ القُرى مثلانِ
215
فَصلُ الحَلالِ مِنَ الحَرامِ وَقُبّة الـ
(1/10)
________________________________________
إِسلامِ وَهيَ القَلبُ لِلإيمانِ
216
وَغُبارُها يَشفي السّقامَ وَرَبعُها
مَأوى الهُدى وَمَعونَةُ اللَهفانِ
217
مَن ماتَ فيها صابِراً فَشَفيعُهُ الـ
ـمُختارُ يَومَ تَفَرُّقِ الخلاّنِ
218
رَمَضانُها أَلفٌ وَجُمعَتُها جَزَت
أَلفاً زَكى وَتَضاعفُ الأَجرانِ
219
وَصَلاةُ مَسجِدِها بِأَلفٍ في سِوى الـ
ـبَيتِ المُقَبَّلِ عِندَهُ الرُكنانِ
220
شَدُّ الرِحالَ إِلَيهِ مَشروعٌ وَلَو
فَتَكَ الوَجى بِالجَسرَةِ المِذعانِ
221
ما بَينَ مِنبَرِهِ وَمَوضِعِ قَبرِهِ
هِيَ رَوضَةٌ مِن جَنَّةِ الحَيَوانِ
222
يا سائِلي عَن مُعجِزاتِ المُصطَفى
خُذ ما وَعى قَلبي وَقالَ لِساني
223
لَقَدِ اصطَفاهُ اللَهُ جَلَّ ثَناؤُهُ
وَحَباهُ مِنهُ بِمُعجِزِ القُرآنِ
224
هُوَ مُعجِزٌ في نَفسِهِ بِوُضوحِهِ
وَعِنايَةٍ بِالحَقِّ مِن عُنوانِ
225
وَحِفاظُهُ مِن خلَّةٍ وَتَناقُضٍ
وَمِنَ الزِّيادَةِ فيهِ وَالنُقصانِ
226
وَخُروجُهُ بِالنَّظمِ وَالإِيجازِ عَن
سَجعِ الكَلامِ وَصيغَةِ الأَوزانِ
227
وَبَقاؤُهُ غَضّاً جَديداً رائِقاً
بِالحُسنِ لِلأَبصارِ وَالآذانِ
228
وَإِذا قَضى بِالشَيءِ كانَ كَما قَضى
لا يَستَطيعُ مَرَدُّهُ الثَقَلانِ
229
لا يَدخُل التَبديلُ في آياتِهِ
كَلاّ وَما إِعجازُهُ بِالفاني
230
لَمّا تَحَدّى الخَصمَ أَن يَأتوا بِما
هُوَ مِثلهُ عَجِزوا عَنِ الإِتيانِ
231
شَهِدوا لَهُ بِطلاوَةٍ وَحَلاوَةٍ
وَفَصاحَةٍ وَبَلاغَةٍ وَبَيانِ
232
وَهُم الخُصومُ لَهُ فَكَيفَ بِفِرقَةٍ
نَبَذوا الهُدى بِغَباوَةِ الأَذهانِ
233
جَعَلوا القُرانَ إِشارَةً وَعِبارَةً
تُحكى وَمَخلوقاً وَقَولَ فُلانِ
234
وَلِمُعجِزِ القَمَرِ الَّذي بَهَرَ العِدى
مِن أَكبَرِ الآياتِ وَالبُرهانِ
235
سَأَلَت قُريشٌ آيَةً فَأَراهُم
قَمَرَ السَماءِ وَجُرمهُ نِصفانِ
236
بِقعيقِعانِ النِّصف مِنهُ وَنِصفهُ
بِأَبي قُبيسٍ يَشهَدُ الجَبَلانِ
237
(1/11)
________________________________________
فَإِذا العِداةُ يُكابِرونَ عيانَهُم
شَرُّ الرِجالِ مُكابِر لِعَيانِ
238
ثُمَّ ارتَأوا ظُلماً وَعدواً بَينَهُم
سِرّاً رَويّة مُفكِرٍ حَيرانِ
239
قالوا سَلوا السُفّارَ إِن شَهِدوا بِما
أَبصَرتهُم حَقّاً بِلا نُكرانِ
240
فَهوَ اليَقينُ وَلَيسَ سِحراً فَاِلتَقوا
بِالنّاسِ مِن مَثنى وَمِن وحدانِ
241
فَإِذا الَّذي نَكَروهُ حَقٌّ واضِحٌ
لَكِنَّهُم كانوا ذَوي عُدوانِ
242
وَحَديثُ جابِر الشَّهير وَزادهُ
النَّزرُ اليَسيرُ وَكَثرَةُ الإِخوانِ
243
وَكَفاهُم مِن غَيرِ نَقصٍ مُعجِز
بادي العَيانِ لِعالمٍ رَبّاني
244
وَقَضاءُ دينِ أَبيهِ مِن تَمرٍ لَهُ
لَم يُوف لِلغُرَماءِ بِالسَهمانِ
245
فَقَضاهُم وَالتَمرُ بَعدُ بِحالِهِ
أَرضى الغَريمَ وَوارِثَ المِديانِ
246
وَحَديثُ أُمّ سليمٍ المَروِيِّ عَن
أَنَسٍ وَقَد بَعَثَتهُ بِالرّغفانِ
247
نَحوَ النَبِيِّ فَرَدَّها وَدَعا لَها
الجَفلى وَكانَت أَكلَة الجوعانِ
248
فَأَتوهُ أَرسالاً فَلَم يَصدُر فَتى
عَن تِلكَ إِلاّ ذا حَشا شَبعانِ
249
وَشَكا إِلَيهِ الجوعَ جَيشٌ هَمُّهُم
نَحرَ الحمولَةِ رَبَّةَ الكيرانِ
250
فَأَتوا بِزادٍ مِثلَ شاةٍ رابِض
فَدَعا لَهُ بِاليُسرِ وَالنّميانِ
251
وَالقَومُ أَلفٌ مَع مِئاتٍ أَربَع
كُلٌّ غَدا بِالمزودِ المَلآنِ
252
وَدَعا رِجالاً شربُ كُلٍّ مِنهُم
فرقٌ وَيَأكُل جذعَة مِن ضانِ
253
شَبِعَ الرِّجالُ الأَربَعونَ بِمدِّهِ
وَرَووا بِشربِ العَشرَ رِيَّ بِطانِ
254
وَدَعا مَعَ المائَةِ الثَلاثونَ الألى
شَبِعوا بِما مِقدارُهُ مُدّانِ
255
وَلَهُم سَوادُ البَطنِ حزَّ فَكُلُّهُم
قَد نالَ مِنهُ أَبرَكَ اللّحمانِ
256
كانَت تُمَدُّ مِنَ السَماءِ جِفانُهُ
بِتَضاعُفِ البَرَكاتِ لا بِجفانِ
257
وَدَعا أَبو أَيّوبَ أَكرَم مُرسَلٍ
وَطَعامُهُ يَقتاتُهُ رَجُلانِ
258
وَأَتاهُ مَع مِئَةِ ثَمانونَ اِكتَفوا
وَقِرا أَبي أَيّوبَ لَيسَ بِفانِ
259
(1/12)
________________________________________
وَلَقَد حَبَتهُ بِعُكَّةَ مِن سَمنِها
مَرضِيَّةً مِن خَيرِ ما نِسوانِ
260
فَإِذا بِها مَلأى عُقيبَ فَراغِها
سَمناً لَهُ شَرَفٌ عَلى السّمنانِ
261
وَحَديثُ بِنتِ بَشيرٍ المَأثورِ في
تَمرٍ بِهِ قَصَدَت أَبا النُعمانِ
262
فَدَعا بِأَهلِ الخَندَقِ المَيمونِ مِن
شَيخٍ وَمِن كَهلٍ وَمِن شُبّانِ
263
شَبِعوا جِميعاً وَهوَ مِن بَرَكاتِهِ
يَنمى وَيَكثُرُ لَيسَ مِن قَنوانِ
264
وَحَديثُ تَمرِ أَبي هُرَيرَةَ ظاهِرُ الـ
إِعجازِ مُتَّضَحٌ لِذي تِبيانِ
265
عِشرينَ تَمرَةً اِستَعَدَّ وَتَمرَةً
بِجِرابِهِ لَم يُبْلِها المَلوانِ
266
يَجني عَلى طولِ المَدى فَكَأَنَّهُ
يَجنيهِ مِن نَخلٍ لَهُ صنوانِ
267
وَلَقَد غَدا الدّوسي مِنهُ مُزَوَّداً
خَمسينَ وِسقاً في رِضى الرَّحمَنِ
268
كانَ الجِرابُ لَدَيهِ مَحفوظاً إِلى
قَتلِ الإِمامِ المُرتَضى عُثمانِ
269
وَشَكا إِلَيهِ الجَيشُ مِن ظَمَأٍ وَهُم
في مَهمَهٍ لَيسوا عَلى غُدرانِ
270
فَلَقوا فَتاةً في الفَلاةِ وَقَد أَتَت
بِمزادَتَينِ بِظَهرِ ذي وَخدانِ
271
فَدَعا وَسَمّى اللَهَ يَتفُلُ فيهِما
فَانهَلَّتا كَمُجَلجلٍ هَتّانِ
272
فَرووا وَأَنَّ مَزادَتَيها شُدَّتا
وَهُما بِأَزكى الماءِ وافِرَتانِ
273
فَمَضَت بِبِرٍّ ثُمَّ ماءٍ وافِر
وَهُدى إِلى قَومٍ ذوي أَوثانِ
274
وَكَذاكَ أَدخَلَ في إِناء كَفَّهُ
وَالجَيشُ من ظَمَأٍ ذَووا هيمانِ
275
فَلَظَلَّ يَنبُعُ مِن أَصابِعِهِ الرَّوى
وَيَرودُ قَلبَ الحائِمِ الحَرّانِ
276
وَلَقَد تَفَجَّرت الرّكِيُّ بِسَهمِهِ الـ
ـمَغروزِ فيها مِن أَعَزِّ كنانِ
277
وَأَتى عَلى بِئرٍ تَمَنَّعَ ماؤُها
أَن يُستَقى بِالدَلوِ وَالأَشطانِ
278
فَغَدَت بِماءٍ فيهِ فاضِل ريقهِ
نَهراً مِنَ الأَنهارِ ذا جَرَيانِ
279
وشكَا ذَوو بِئرٍ تَمَنَّعَ ماؤُها
في الصَّيفِ عِندَ تَوَقُّدِ الحَرّانِ
280
فَتَلا عَلى سَبعٍ عُدِدنَ مِنَ الحَصى
(1/13)
________________________________________
ما شاءَ مِن ذِكرٍ وَمِن قُرآنِ
281
فَرَموا بِها فيها فَلَم يُرَ قَعرُها
مِن بَعدِ مِن ماءٍ بِها مَجانِ
282
وَتَحَوَّلَ المِلحُ الأُجاجُ بِريقِهِ
عَذباً يَلذُّ لِشارِبٍ ظَمآنِ
283
وَسَقى فَرَوّى بِالذَّنوبِ حَديقَةً
فَكَفى المشَقَّةَ صاحِبَ البُستانِ
284
وَاسمَع حَديثَ أَبي هُرَيرَةَ إِذ غَدا
وَفُؤادُهُ بِالجوعِ ذو أَشجانِ
285
فَأَتى النَبِيَّ المُصطَفى مُتَعَرِّضاً
فَليبشرِ الدوسِيُّ بِالإِحسانِ
286
فَأَتاهُ قَعب ملؤُهُ لَبَناً فَلَم
يَملِك طَماعَة جائِعٍ لَهفانِ
287
قالَ اُدعُ لي الفُقَراءُ أَهلَ الصّفَّةِ الـ
ـشُعثُ الرُؤوس الضُمَّرِ الأَبدانِ
288
فَأَتوا فَلَم يَصدُر فَتى عَن قَعبِهِ
إِلاّ بِصَدرٍ ناعِمٍ رَيّانِ
289
ثُمَّ ارتَوى الدوسِيُّ بَعدَ إِياسِهِ
عَلَلاً عَلى نَهلٍ فَثِق بِبَيانِ
290
وَرَأى ابنُ مَسعودٍ وَكانَ غليّماً
يَرعى بِأَجرٍ لَم يُعَب بِخِيانِ
291
فَأَتاهُ عَبدُ اللَهِ بِالشاةِ الَّتي
لَم يَفتَرِعْها الفَحلُ بِالنَّزَوانِِ
292
فَتَحَلَّبَت لَبَناً لَهُ وَتَقَلَّصَت
فَجَرى بِوفقِ مُرادِهِ الأَمرانِ
293
وَكَذاكَ مَرَّ بِأُمِّ مَعبَد الَّتي
وَصَفَتهُ وَصفَ المُعرِبِ المتقانِ
294
فَأَتَت بِشاةٍ حائِلٍ في ماحِلٍ
منعَ العِيال دَرائِر الأَلبانِ
295
فَدَعا وَسَمّى اللَهَ يَمسَحُ ضرعَها
مَسحاً وَيُمريهِ بِخَيرِ بَنانِ
296
فَاجتَرَّت العَجفاءُ بَعدَ مَجاعَةٍ
وَغَدَت تدرُّ بِتُحفَةِ العجلانِ
297
فَرَووا جَميعاً وَالفَتاةُ وَغادَرَت
مِلءَ الإِناءِ لزَوجِها الغرثانِ
298
وَسَرى بِقفَرٍ في مِئات أَربعٍ
فاتَتهُم شاةٌ لَها قرنانِ
299
فَرَووا بِخالِصِ دَرِّها ثُمَّ اِغتَدَت
مِن حَيثُ جاءَت لَم تُصَب بِمَكانِ
300
وَثَنى إِلَيهِ دَوحَتَينِ فَمالَتا
حَتّى تَخَلَّت مِنهُما الساقانِ
301
فَأَظَلَّتاهُ وَعادَتا فَإِذا هُما
فَوقَ العُروقِ الخُضرِ قائِمَتانِ
302
(1/14)
________________________________________
وَدَعا إِلَيهِ بِأَرضِ مَكَّةَ دَوحَةً
فَأَتَت مُحَيّيةً وَلَم تَستانِ
303
وَأَتاهُ أَعرابِيٌّ اِتّضَحَت لَهُ
سُبُلُ الهُدى بِالقَطعِ وَالإِيقانِ
304
لَمّا أَتَتهُ دَوحَةٌ شَهِدَت لَهُ
بِنُبُوَّةِ المَلِكِ العَظيمِ الشانِ
305
وَدَعا بِعذقٍ مِن أَعالي نَخلَةٍ
فَأَتى إِلَيهِ وَعادَ نَحوَ إِهانِ
306
وَعَلا حراءَ ذات يَومٍ فَاِنثَنى
لِجَلالِهِ مُتَزَلزِل الأَركانِ
307
فَغَدا يُسَكِّنُهُ وَيشعِرهُ بِمَن
قَد حَلَّهُ مِن خُلَّصِ الأَعيانِ
308
وَشَكا إِلَيهِ صِيال سانِيَةٍ لَهُم
قَومٌ فَذَلَّ لَهُ البَعيرُ الساني
309
أَهوى إِلَيهِ ساجِداً مُتَذَلِّلاً
وَأَطاعَهُم مِن بَعدِ ما عِصيانِ
310
وَكَذاكَ خَرَّ لَهُ بَعيرٌ ساجِداً
قَد أَقبَلَت عَيناهُ بِالهَملانِ
311
يَشكو إِرادَةَ أَهلِهِ نَحراً لَهُم
فَأَغاثَهُ غَوث الأَسيرِ العاني
312
وَبِهِ بَطيءُ الخَيلِ أَصبَحَ سابِقاً
لَمّا عَلاهُ وَصارَ خَيرَ حِصانِ
313
وَبَعير جابِرٍ المُخَلَّفِ بِالوَجى
فيهِ غَدا ذا قَسوَةٍ وَإِرانِ
314
وَحَديثُهُ بِالغائِباتِ مُؤَيَّدٌ
بِوُقوعِ ما يجلى مِنَ الحدثانِ
315
كَصَحيفَةٍ دَرَسَ الَّذي قَد أودعت
مِن جورِها ضَربٌ مِنَ الدّيدانِ
316
قَصَدَت قُريشُ بِها قَطيعَةَ هاشِمٍ
فَأُزيلَ ما فيها مِنَ العُدوانِ
317
فَدَرى النَبِيُّ بِها فَأَعلَمَ عَمَّهُ
وَالأَمرُ خافٍ مِن ذَوي الطُغيانِ
318
وَحَديثُهُ بِمَصارِعِ القَتلى عَلى
بَدرٍ غَداةَ تَقابل الصَفّانِ
319
وَحَديثهُ العَبّاس بِالمالِ الَّذي
أَعطاهُ أُمَّ الفَضلِ في كِتمانِ

يتبع إن شاء الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: معارج الأنوار في سيرة النبي المختار....نونية الصرصري
مشاركةمرسل: الأربعاء يوليو 02, 2014 5:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 1:53 pm
مشاركات: 1070

320
وَسَرى عُمَيرٌ نَحوَ طيبَةَ بَعدَ أَن
أَضفى عُقودَ الشَرِّ مَع صَفوانِ
321
مُتَقَلِّداً بِالسَيفِ يَبغي غِرَّةً
لِمُمَنَّعٍ مِن كَيدِ ذي شَنَآنِ
322
فَأَتى بِهِ الفاروقُ يُمسِكُ سَيفَهُ
يَخشى مَعَرَّةَ غادِرٍ خَوّانِ
323
قالَ المُؤَيّدُ خَلِّهِ وَأَذاعَ ما
كانا بِهِ في الغَيبِ يَأتَمِرانِ
(1/15)
________________________________________
324
فَرَأى عُمَير ما دَعاهُ لِرُشدِهِ
فَاِنقادَ بَعدَ نُفورِهِ لِليانِ
325
وَتَكَلَّمَت في فَتحِ مَكَّةَ فرقَةٌ
سَمِعوا بِلالاً مُعلِناً بِآذانِ
326
فيهِم أَبو سُفيانَ كُلٌّ قالَ ما
فيهِ القَذى إِلاّ أَبا سُفيانِ
327
فَأَتاهُم الهادي فَأَخبَرَ بِالَّذي
قالوا وَوُفِّقَ مُمسِكٌ لِلِسانِ
328
وَقَضى بِصُلحٍ بِعدَهُ سَيُصيبُهُ
بِالسَيِّدِ الحَسَنِ اِبنهِ فِتيانِ
329
وَلَقَد رَأى رَجُلاً فَأَخبَرَ أَنَّهُ
يَلِدُ الخَوارِجَ شَرَّ ما ولدانِ
330
وَقَضى بِأَنَّ المَخدِجَ اليَد فيهِم
وَبِهِ عَلِيٌّ كانَ ذا إيقانِ
331
وَعَلى المَشارِقِ وَالمَغارِبِ جُندُهُ
أَضحَوا بِمَوعِدِهِ ذَوي سُلطانِ
332
وَبِوَعدِهِ ظَفَروا بِكَنزَي فارِسٍ
وَالرّوم ينفقُ فيهِما الكَنزانِ
333
وَكَذاكَ أَخبَرَ ذاتَ يَومٍ صَحبَهُ
أَن سَوفَ يَظهَرُ بَعدَهُ صِنفانِ
334
صنفٌ بِأَيديهِم سِياطٌ تُشبِهُ الـ
أَذنابَ مِن بَقَرٍ وَصِنفٌ ثاني
335
مِن كاسِياتٍ عارِياتٍ فِتنَة
لِلنّاسِ بِالتَمييلِ وَالميلانِ
336
رُفِعَت كَأَسنِمَةُ الجِمالِ البُختِ
مِن فَوقِ الرُؤوسِ حَبائِلَ الشَيطانِ
337
وَيَجيءُ قَومٌ لا أَمانَةَ عِندَهُم
مِن عُصبَةٍ ثلجِ البُطونِ سِمانِ
338
وَسَتَظهَرُ التُركُ الصِغار الأَعيُن الـ
ـدُلف الأُنوفِ مُدَمِّروا البُلدانِ
339
يَحكي مِجَنّا مُطرِقاً وَجهَ الفَتى
مِنهُم وَقَد ظَهَروا بِهَذا الآنِ
340
فَتَكوا بِأَطرافِ البِلادِ وَنَحنُ في
ثِقَةٍ بِهِ مِن كَيدِهِم وَأَمانِ
341
ضَمِنَ النَبِيُّ لِبَيضَةِ الإِسلامِ أَن
لا تُستَباحُ ثِقوا بِخَيرِ ضَمانِ
342
وَقَضى بِهَرجٍ هائِلٍ هُوَ ظاهِر
في عَصرِنا هَذا مِنَ العجمانِ
343
قَتَلت طُغاة خَوارِزمَ رِجالنا
وَسَبوا حَريمَ الناسِ بَعدَ صِيانِ
344
وَكَذاكَ أَخبَرَ أَن سَبَّ صحابهِ
ما لِلمُصِرِّ عَلَيهِ مِن غُفرانِ
345
عِلماً بِقَومٍ يَجهَرونَ بِسَبِّهِم
(1/16)
________________________________________
مِن كُلِّ غمرٍ فاحِشٍ لَعّانِ
346
وَسَموا الصَّحابَةَ بِالنِّفاقِ فَيا لَهُ
حَدَثاً تُصَمُّ لأَجلِهِ الأُذُنانِ
347
فَلَقَد وَجَدنا وَعدَهُ مُتَيَقّناً
فيما ذَكَرت بِمَسمَعٍ وَعَيانِ
348
وَالصَّخرُ لانَ لَهُ بِيَومِ الخَندَقِ الـ
ـمَيمونِ لينَ التُربِ وَالأَطيانِ
349
وَلَقَد تَبَدَّت لِلصَحابَةِ كَدِيَة
لَم يَستَطيعوا حَفرَها بِجفانِ
350
فَأَتى فَرَشَّ الماءَ رَشّاً فَوقَها
فَغَدَت لَهُ تَنهالُ كَالكُثبانِ
351
ظَهَرَت قُصورُ الشامِ مِنهُ بِضَربَةٍ
وَقُصورُ فارِس رَبَّة الإيوانِ
352
ظَهَرَت بِأُخرى ثُمَّ أُخرى أَظهَرَت
يمناً بِضَربَةِ ضامِرٍ سَغبانِ
353
وَالجِذعُ حَنَّ إِلَيهِ عِندَ فِراقِهِ
شَوقاً حَنينَ الهائِمِ الوَلهانِ
354
فَأَتى يُسَكِّنُهُ وَقالَ مُخَيِّراً
إِن شِئتَ تَرجِع أَخضَرَ العيدانِ
355
أَو إِن تَشَأ في الجَنَّةِ العُليا تَكُن
فَاختارَ غَرساً في نَعيمِ جنانِ
356
وَبِكَفِّهِ الحَصياتُ سَبعاً سَبَّحَت
وَبِأَمرِهِ في كَفِّ كُلِّ هجانِ
357
وَهما وَزيراهُ وَعُثمانُ الَّذي
بِكَريمَتَيهِ زَكى لَهُ النورانِ
358
وَنوت لَهُ حَمّالَةُ الحَطَبِ الأَذى
فَلَبِئسَما هَمَّت بِهِ مِن شانِ
359
فَأَظَلَّهُ ملكٌ بِفَضلِ جَناحِهِ
فَاِنصاعَتِ اللَكعاء بِالحِرمانِ
360
وَسَعى أَبو جَهلٍ إِلَيهِ بَعدَ أَن
حَلَفَ اللَعينُ بِأَخبَثِ الأَيمانِ
361
لَو قَد رَآهُ ساجِداً لَسَطا بِهِ
فَلَكَيفَ أَدبَرَ عَنهُ ذا نكسانِ
362
لَمّا رَأى مَن لَو دنا لَتَخَطَّفوا
أَعضاءَهُ كَتَخَطُّفِ العِقبانِ
363
وَأَتاهُ ذو كَيد بِفهرٍ فَانثَنى
وَبَنانهُ بِاليَبسِ شَرُّ بَنانِ
364
وَكَفاهُ رَبُّ العَرشِ شَرَّ عِصابَةٍ
مَرَدوا عَلى السُخرِيِّ وَالطّعنانِ
365
مُستَهتِرينَ بِأَرضِ مَكَّةَ خَمسَةً
لَم يَكتَمِل لِهَلاكِهِم يَومانِ
366
وَأَتَت شَياطينُ الفِجاجِ إِلَيهِ في
أَيديهِم شُهُبٌ مِنَ النّيرانِ
367
(1/17)
________________________________________
يَبغونَهُ كَيداً فَأَطفَأَ نارَهُم
فَتَفَرَّقوا بِمَذَلَّةٍ وَهَوانِ
368
وَأَرادَ شَيطانٌ أَذاهُ فَشَدَّهُ
بَينَ السَواري شَدَّ عان جانِ
369
لَولا دُعاء سابِق أَضحى لَفي
وَسَطِ المَدينَةِ لُعبَةَ الصِّبيانِ
370
وَذراع شاةِ الخَيبَرِيَّة أَصبَحَت
بِالسُمِّ تُخبِرُهُ بِلا أَكنانِ
371
وَاِنقضّ طائِرٌ اِستَقَلَّ بِحقّةٍ
فَرَمى بِما فيها مِنَ الجنّانِ
372
وَأَعادَ عَين قَتادَة فَتَمَيَّزَت
بِجَمالِها في وَجهِهِ العَينانِ
373
وَرَأى بِبابِ خِباءِ قَومٍ ظَبيَةٍ
مَحبوسَةً عَن مَرتَعِ الغزلانِ
374
نَطَقَت فَنادَتهُ السَلامُ عَلَيكَ كُن
لي مُطلقاً لأَسير نَحوَ إِراني
375
قالَ الشَّديدُ الحلمِ أَنتِ رَبيطَةٌ
وَنَصيب أَقوامٍ مِنَ الحَيوانِ
376
قالَت فَلي خشفانِ إِن أَهمَلتني
يَهلِك لفَقدِ رضاعي الخَشفانِ
377
عذّبتُ كالعشّارِ إِن لَم آتِكُم
مِن بَعدِ أَن أَغذوهُما بلبانِ
378
فَسَقَتهُما وَأَتَت إِلَيهِ فَشَدَّها
بِحِبالِ قَنّاصٍ أُغِرنَ مِتانِ
379
وَدَعا بِمالِكِها فَأَطلَقَها لَهُ
فَمَضَت لَها زَجل مِنَ الشُكرانِ
380
وَأَتى إِلَيهِ حارِسٌ في كمِّهِ
ضَبٌّ وَكانَ المَرءُ ذا كُفرانِ
381
فَهَدتهُ لِلحُسنى شَهادَةُ ضَبِّهِ
بِرِسالَةِ المَبعوثِ مِن عَدنانِ
382
وَأَتى أُوَيسٌ وَهوَ ذِئبٌ سائِلاً
قسطاً يَكونُ لَهُ عَلى القِطعانِ
383
فَأَبوا فَقالَ لَهُ فَخالسهُم إِذاً
فَسَطا تعطّفهُ عَلى البُرحانِ
384
وَأَتَت يَهودُ معدَّةً لِمَسائِلٍ
فَأَجابَهُم عَنها بِغَيرِ تَواني
385
عَرَفوا نُبُوَّتَهُ بِها وَبِغَيرِها
لَكِنَّهُم ضَلّوا عَنِ العِرفانِ
386
وَلَقَد رَأى مِن خَلفِهِ كَأَمامِهِ
وَكَذا النَّهارُ وَلَيلهُ سيّانِ
387
وَتَنامُ عَيناهُ وَلَيسَ بِغافِلٍ
لَكِن بِقَلبٍ مُبصِرٍ يَقظانِ
388
وَأَتى إِلى العَبّاسِ ثُمَّ دَعا لَهُ
وَلِولدِهِ في الدارِ بِالغُفرانِ
389
فَتَلاهُ تَأمينُ الجِدارِ وَقَبلها
(1/18)
________________________________________
لَم يُسمَعِ التَأمينُ مِن جُدرانِ
390
وَدَعا عَلِيّاً يَومَ خَيبَرَ وَهوَ لا
يَسطيعُ حَرباً أَرمَدَ الأَجفانِ
391
فَدَعا لَهُ مَع تَفلِ ريقَتِهِ فَلَم
تَرمُد لَهُ مِن بَعدِهِ عَينانِ
392
وَدَعا لَهُ أَن لا يضرَّ بِجِسمِهِ
حَرٌّ وَلا بَردٌ بِكُلِّ أَوانِ
393
فَشِتاؤُهُ فيهِ القَميصُ كَجبَّةٍ
وَالصَّيفُ فيهِ الفَروُ كَالكِتّانِ
394
وَكَذا ابنُ عَبّاسٍ أَعَدَّ طهورَهُ
فَدَعا لَهُ بِالعِلمِ وَالتِبيانِ
395
فَحَوى العُلومَ وَكانَ طَوراً راسِخاً
فيها وَأَمعَنَ غايَةَ الإِمعانِ
396
وَشَكا إِلَيهِ وَهوَ فَوقَ المِنبَرِ الـ
ـمَيمونِ شاكٍ ظاهِر البابانِ
397
يَشكو البِلادَ وَقَحطَها فَدَعا فيا
غَيث السَّماءِ هَلُمَّ بِالهُطلانِ
398
وَأَقامَ سَبعاً لا يريمُ فَجاءَه
شاكٍ يَخافُ تَهَدُّمَ الحيطانِ
399
فَدَعا فَأَحدَقَ بِالمَدينَةِ صَحوها
بَل عَن سِواها الغَيثُ لَيسَ بِوانِ
400
فَأَقامَ شَهراً لا يَمُرُّ مُسافِر
إِلاّ بِوادٍ مُفعَم البِطنانِ
401
وَدَعا بِغَيثٍ ذي صِفاتٍ عدَّة
فَأَتى كَما حَلاّ بِلا نُقصانِ
402
وَدَعا لِشَخصٍ بِالجَمالِ فَجاوَزَ الـ
ـتِسعينَ وَهوَ كَأَجمَلِ الشُبّانِ
403
وَلَقَد رَوى أَنَسٌ دَعا بِالعُمرِ وال
بَركاتِ وَالأَولادِ لي وَحَباني
404
فَرَأَيتُ لي مِئَةً وَسِتَّة أَنفُس
لِلصُلبِ كانوا أَبرَكَ الغِلمانِ
405
وَالكَرمُ يَحمِلُ مَرَّتَينِ وَتجتَني
لِتَضاعُفِ البَرَكاتِ في بُستانِ
406
وَبَغى أَخو دوسٍ هِدايَةَ أمِّهِ
فَأَبَت فَأَقبَلَ مُستَهلّ الشانِ
407
وَدَعا لَهُ وَلأُمِّهِ بِمَحَبَّةٍ
حَلَّت بِباطِنِ كُلِّ ذي إيمانِ
408
وَدَعا المُهيمن أَن يُسَلِّطَ كَلبَهُ
يَوماً عَلى مُتَمَرِّدٍ فَتّانِ
409
فَأَظلَّهُ سَفرٌ فَخافَ دُعاءَهُ
فَدَعا بِمَن مَعَهُ مِنَ الأَخدانِ
410
فَتَحَلَّقوا هُم وَالرَواحِلُ حَولَهُ
فَدَهاهُ بَأسُ غَضَنفَرٍ غَضبانِ
411
(1/19)
________________________________________
فَاغتالَهُ مِن بَينِهِم فَإِذا بِهِ
وَسطَ العَرينِ مُمَزَّقَ الجُثمانِ
412
وَاشتَدَّ بَردٌ غُدوَةً فَتَخَلَّفوا
عَنها تَخَلُّفَ عاجِزٍ كَسلانِ
413
فَدَعا بِكَسرِ البردِ عَنهُم فَاغتَدوا
يَتَرَوَّحونَ بِفاضِلِ الأَردانِ
414
هُوَ أَوَّلُ البناءِ خَلقاً آخرٌ
في البَعثِ جَدَّدَ دارِسَ الأَديانِ
415
وَاضرِب لَهُ في بَعثِهِ مِن بَعدِهِم
مَثَلاً كَدارٍ قَد بَناها الباني
416
فَسَمَت وَراقَت غَيرَ موَضِعِ لَبنَةٍ
وَمُحَمَّدٌ هُوَ مُكمِلُ البُنيانِ
417
فَضَلَ الكِرامَ المُصطفينَ جَميعَهُم
بَخصائِصَ اجتَمَعَت لَهُ وَمَعاني
418
عَمَّ البَرايا بِالرّسالَةِ إِنسِهِم
وَالجِنّ ثمَّتَ خصَّ بِالفُرقانِ
419
جُعِلَت لَهُ الأَرضُ البَسيطَةُ مَسجِداً
وَتُرابُها جُعلَ الطَّهورُ الثاني

يتبع إن شاء الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: معارج الأنوار في سيرة النبي المختار....نونية الصرصري
مشاركةمرسل: الأربعاء يوليو 09, 2014 9:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 1:53 pm
مشاركات: 1070

420
وَلَهُ الغَنائِمُ حُلّلَت وَلِنصرِهِ
ريحُ الصَّبا كانَت مِنَ الأَعوانِ
421
وَالرُّعبُ كانَ عَلى مَدى شَهرٍ لَهُ
بِقلوبِ مَن عاداهُ وَخز سِنانِ
422
خلعَت عَلَيهِ قَطيفَةٌ مِن سُندُسٍ
فَلَهُ اِستِقامَ الزُّهدُ عَن إِمكانِ
423
وَأَتى إِلَيهِ هَدِيَّة مِن رَبِّهِ
مِن جَنَّةِ الفِردَوسِ قطفٌ داني
424
وَلَقَد أَتى عَنهُ حَديثٌ مُسنَدٌ
سَأَسوقُ مَعناهُ لِذي نُشدانِ
425
في خصلَتَينِ يَفوقُ آدَمَ فيهِما
وَهُما لأَهلِ الحَقِّ واضِحتانِ
426
شَيطانُ آدَم كافِرٌ يغوي وَقَد
وَصَلَت هِدايَتُهُ إِلى الشَّيطانِ
427
وَلزَوجه عَونٌ عَلَيهِ وَإِنَّهُ
بِنِسائِهِ قَد كانَ خَير مُعانِ
428
وَحَليلَتا نوحٍ وَلوطٍ ضَلَّتا
فَهُما بِرَبِّ العَرشِ كافِرَتانِ
429
وَنِساؤُهُ الخَيرات هُنَّ نِساؤُهُ
مَع ناعِماتٍ في الجِنانِ حِسانِ
430
حُرّمنَ أَن يُنكحنَ تَعظيماً لَهُ
مِن بَعدِهِ وَعُصِمنَ مِن بُهتانِ
431
وَهوَ الحَبيبُ وَلَم يَفُتهُ خلَّةٌ
وَلَهُ الكَلامُ وَرُؤيَةُ الرَّحمَنِ
432
لَو أَنَّ موسى في زَمانِ نَبِيِّنا
(1/20)
________________________________________
أَضحى لَهُ تَبَعاً وَلَم يستانِ
433
وَلذكره المَرفوع مُقتَرِنٌ إِلى
ذِكرِ الإِلَهِ فَلَيسَ يَفتَرِقانِ
434
بِحَياتِهِ في الحجرِ أَقسَمَ مَن بِهِ
في الشَّرعِ يعقدُ مُحكَم الأَيمانِ
435
وَبَنى عَلى خلق عَظيمٍ وَصفهُ
فَسَمَت لَهُ في المَجدِ غرَّ مَعانِ
436
وَدَعا جَميع أولي النُّبُوَّةِ بِاِسمِهِم
وَدَعاهُ بِالتَعظيمِ في القُرآنِ
437
وَكَذاكَ رَدَّ اللَهُ عَنهُ عَلى أولي الـ
ـتَّكذيبِ رَدَّ مُماحِل حَنّانِ
438
وَسِواهُ رَدَّ عَلى الخُصومِ مُماحِلاً
عَن نَفسِهِ فَتَبايَنَ الحالانِ
439
وَلما أَتى في النّورِ وَالحجَراتِ مِن
تَعظيمِهِ كاف لِذي إيمانِ
440
فَلَقَد نُهوا أَن يَجعَلوهُ كَبَعضِهِم
عِندَ الخِطابِ وَيَجهَروا بِلِسانِ
441
الآخرونَ وَلَيسَ عَن نَقصٍ بِهِم
لَكِن تَفَضُّلَ مُحسِن مَنّانِ
442
هُم يَشهَدونَ عَلى عُيوب سِواهُم
وَعُيوبهم في سُترَةٍ وَصِيانِ
443
وَهُمُ الكِرامُ السابِقونَ غَداً وَهُم
نِصفٌ لأَهلِ الفَوزِ أَو ثُلُثانِ
444
سُبحانَ مَن مَنَحَ النَبِيَّ مُحَمَّداً
مِنهُ بِحُسنِ الخلقِ وَالإِحسانِ
445
لَكَأَنَّهُ قَد صاغَهُ مِن فِضَّةٍ
وَكَساهُ نوراً ساطِع اللَّمَعانِ
446
مُتَبلّجٌ بادي الوَضاءَةِ باهِرٌ
في الحُسنِ دانَ لِنورِهِ القَمَرانِ
447
في الوَجهِ تَدويرٌ وَأشربَ حمرَة
فَوقَ البَياضِ الزاهِرِ الخَدَّانِ
448
رَوّاهُما ماءَ الجَمالِ فَأَصبحا
وَهُما بِرَونَقِ رَوضَةٍ نَضِرانِ
449
رَحِبُ الجَبينِ تَخالُ ضَوءَ جَبينِهِ
كَالشَّمسِ بَعدَ الصَّحوِ في نيسانِ
450
زانَ اِمتِدادُ الحاجِبَينِ جَبينَهُ
حَتّى كَأَنَّهُما لَهُ نونانِ
451
بِجَبينِهِ عرقٌ يدرُّ إِذا سَطا
غَضَباً عَلى الأَعداءِ يَومَ طِعانِ
452
وَإِذا أَتاهُ الأَمنُ زانَ جَبينهُ
عرقٌ تَحَدَّرَ فَوقَهُ كَجُمانِ
453
في عَينِهِ دَعَجٌ وَفي أَهدابِهِ
وَطَف يَليقُ بِنَرجِسِ الأَجفانِ
454
(1/21)
________________________________________
أَقنى يَلوحُ النُّور مِن عرنينِهِ
حُلو المَياسِمِ أَشنَبُ الأَسنانِ
455
يَفتَرُّ عَن مِثلِ اللآلِئِ ضَمَّها
شَفَتانِ كَالياقوتِ مُشرِقَتانِ
456
كَالمِسكِ نَكهَتُهُ وَأَطيَب مَخبَراً
ما خالَ عَنهُ بِطيبِها البُردانِ
457
وَالرَّأسُ مِنهُ لَم تُعجِبهُ صَلعَةٌ
وَالشَّعرُ فاقَ مَنابِتَ الرَيحانِ
458
رَجُلٌ أَثيثُ النَّبتِ لا قططٌ وَلا
سبطٌ يعطّرُ نَشرَ دهنِ البانِ
459
ما جازَ شَحمَة أُذنِهِ وَلَرُبَّما اِسـ
ـتَرخى بِفَرعِهِ الكَتِفانِ
460
فاقَ الصَّباح بِحُسنِ فَرقٍ يهتَدي
بِضِيائِهِ قَلبُ الفَتى الحَيرانِ
461
زانَ المُهيمِنُ عارِضَيهِ بِصُنعِهِ
فَهُما بِأَطهَرِ مَنبِتٍ عَطِرانِ
462
تَتَلألأُ الشّعراتُ نوراً فيهِما
لَهُما السَّنا وَالعِزّ مُكتَنِفانِ
463
وَكَأَنَّ إِبريقاً مَصوغاً فضَّةً
عُنقٌ لَهُ فاقَت بِحُسنِ لِيانِ
464
وَالصَدرُ أَنوَرُ فيهِ مَسرَبَة سَمَت
حُسناً كَخَطِّ الكاتِبِ المِتقانِ
465
وَذِراعُه كَسَبيكَةٍ مِن فِضَّةٍ
وَيزينُ رَحبَ الكَفِّ لينُ بنانِ
466
هِيَ جَونَةُ العَطّارِ إِن شُمَّت وَإِن
لُمِسَت فَتِلكَ كَزُبدَةِ اللَبّانِ
467
كَتِفاهُ قَد خُصّا بِأَشرَفِ خاتَمٍ
عَلم النُّبُوَّةَ زينَ بِالخيلانِ
468
وَالبَطنُ مِنهُ لَم تعبهُ ثَجلَة
هُوَ في الجمالِ وَصَدرِهِ سيّانِ
469
وَكَأَنَّ ساقَيهِ بِغَرزِ رِكابِهِ
جمّارَتا شَماء بَيضاوانِ
470
قَدَماهُ خَلقُهُما سَوِيٌّ ثُمَّ لَم
يُدرِكهُما في رِفعَةٍ قَدَمانِ
471
لا بِالطَويلِ وَلا القَصيرِ وَإِن مَشى
بَينَ الطِوالِ فَأَنضَر الأَغصانِ
472
لا ظِلَّ في قِصَرِ الزَّمانِ وَطولِهِ
فَوقَ الثَّرى لِقَوامِهِ الرَيّانِ
473
ما قابَلَ الشَّمسَ المُنيرَةَ في الضُّحى
وَالبَدر وَهوَ بِأَكمَلِ الدَورانِ
474
إِلاّ تَلَألأَ نورُهُ فَعَلاهُما
فَهُما لَهُ بِالفَضلِ مُعتَرِفانِ
475
وَإِذا سَنا المِصباح قابَلَ نورهُ
(1/22)
________________________________________
سَلَبَ الذُبال تَشَعشعَ الوقدانِ
476
أَو ما سَمِعت بِرَبِّهِ النَّطعَ الَّذي
أَضحى لَهُ عَرَقُ النَبِيِّ يُداني
477
فَلَقَد حَوَتهُ في عَتائِدِ طيبِها
فَشَآ فُنونَ الطيبِ وَالإِدهانِ
478
وَأَتَتهُ أُمُّ عَروس اِلتَمَسَت لَها
مِنهُ الَّذي هُوَ مُصلِحٌ لِلشانِ
479
مَلأَ النَبِيُّ لِهذِهِ قارورَةً
عَرَقاً لَهُ سَمَحَت بِهِ الزندانِ
480
كانَت يَضوعُ عَلى المَدينَةِ طيبُها
فَيُقالُ هَذا عِطرُ بِنتِ فُلانِ
481
فَخر المَلابِس كُلّها بِجَمالِهِ
وِبِهِ تُزانُ بَدائِعُ الأَلوانِ
482
يُنمي إِذا لَبِسَ البَياضَ بَهاؤُهُ
وَيُنيرُ إِن وافى بِأَحمَرَ قانِ
483
وَيُضِئُ إِن لَبِسَ السَّوادَ بَياضُهُ
حَتَّى يُنَوِّرَ مُظلِمَ الأَكنانِ
484
وَتَراهُ في خُضرِ الثَيابِ كَرَوضَةٍ
غِبَّ السَماءِ غَضَيضَة الأَفنانِ
485
وَلَقَد عَلاهُ حُلَّتانِ تَرَوّيا
بِالزَّعفَرانِ الغَضِّ صَفرَوانِ
486
يُهدي إِلى الحِبَرِ الفَخار إِذا أَتى
وَعَلَيهِ مِن يَمَنِيِّها بُردانِ
487
مِن كُلِّ أَصنافِ الثِّيابِ لِباسُهُ
مِن قُطنِها وَالصّوفِ وَالكِتّانِ
488
قَد كانَ يَلبسُ جبَّة مَزرورَة
في الحَربِ عِندَ تَناوُلِ الأَقرانِ
489
وَكَذاكَ في الأَسفارِ يَلبسُ جُبَّةً
شامِيَةً ضاقَت بِها الكُمّانِ
490
ما جازَ نِصف السّاقِ مِنهُ قَميصُهُ
وَالكُمُّ مِنهُ حَدُّهُ الكوعانِ
491
وَلَهُ رِداءٌ أَخضَرٌ يَلقى بِهِ
مَن جاءَ مِن وَفدٍ مِنَ البُلدانِ
492
وَعِمامَة سَوداء يُشرِقُ وَجهُهُ
فيها لَهُ مِن خَلفِهِ طَرَفانِ
493
وَلَهُ قُلُنسُوَةٌ لِيَومِ إِقامَةٍ
وَلِظَعنِهِ أُخرى لَها أُذُنانِ
494
شَرُفَ السَّراويلُ المَصونُ بِلِبسِهِ
وَبِلبسِ ساقَيهِ سَما الخُفَّانِ
495
وَحَوَت نِعالَ السَّبقِ فَخراً إِذ حَوى
قَدَمَيهِ مِن مَخصوفِها نَعلانِ
496
حُبُّ النَبِيِّ عَلى النُّفوسِ مُقَدَّمٌ
وَالمالِ وَالأَولادِ وَالرَيحانِ
497
(1/23)
________________________________________
كَلِفَ الجَمادُ بِحُبِّهِ وَدَليلُهُ
ما جاءَ عَن أحدٍ وَعَن حمدانِ
498
مِن صِدقِ حُبِّهِما لَهُ أَفذو الحِجى
أَولى بِهِ حُبّاً أَمِ الحَجَرانِ
499
حَسَنُ الخَلائِقِ لَم يَكُن بِمُعَنّفٍ
أَحَداً وَلا بِالفَاحِشِ اللَّعَّانِ
500
فَكِهٌ يُداعِبُ أَهلَهُ وَصِحابهُ
بِالحَقِّ مَحْروسٌ مِن البُطلانِ
501
فاقَ العَذارى في الخُدورِ حَياؤُهُ
لا جَبهَ فيهِ لِصاحِبٍ أَو شاني
502
مِن لُطفِهِ ما مَرَّ قَطّ بِنِسوَةٍ
إِلاّ وَسَلَّمَ أَو عَلى صِبيانِ
503
وَإِذا دَعاهُ المَرءُ كانَ جَوابُهُ
لَبَّيكَ لِلأَصحابِ وَالغِلمانِ
504
وَلَقَد رَوى أَنَسٌ فَقالَ: خَدَمْتُهُ
عَشراً فَلَم يَنقِم عَلَيَّ لِشَانِي
505
ما قالَ أُفٍّ وَلَم يَقُل لِم عاتِباً
في حالِ إِهمالي وَلا نِسْيانِي
506
وَبِمسمَعٍ مِنهُ وَمَرأى كانَ في
بَيتِ اِبنَةِ الصِدّيقِ جارِيَتانِ
507
يَتَغَنَّيانِ فَأَنكَرَ الصَّدّيقُ إِذ
قَد كانَ يُضربُ عِندَهُ دَفّانِ
508
قالَ الكَريمُ السَّهلُ كُفَّ فَإِنَّها
أَيّامُ عيدٍ فَاِسمَعوا إِخواني
509
وَحَديث عائِشَةَ الرِّضى وَوُقوفه
مَعَها لِتَنظُرَ فِرقَة الحبشانِ
510
كانوا بِمَسجِدِهِ وَهُم مِن ضارِبٍ
بِحِرابِهِ دَرَقاً وِمِن زَفّانِ
511
كانَت تَكلُّ فَتَستَريحُ بِأُنسِها
بِوقور لا ضَجر وَلا تَعبانِ
512
وَرَأى أُناساً عِندَ دَركلةٍ لَهُم
فَتَفَرَّقوا رَهَباً بِكُلَّ مَكانِ
513
فَدَعاهُم: يا آلَ إِرفدة اثبتوا
لِتَبينَ فُسحَةُ أَشرَفِ الأَديانِ
514
وَاستنشدَ الأَشعارَ مُستَمعاً لَها
مُستَحسِناً مِن غَيرِ ما نُكرانِ
515
أَهدى لَهُ العَبّاسُ أَبياتاً بِها
مَدحٌ يَفوقُ قَلائِدَ العُقيانِ
516
فَدَعا لَهُ وَأَتاهُ كَعبٌ مادِحاً
بِقَصيدَةٍ مَرضِيَّةِ الأَوزانِ
517
أَجازَهُ وَلَطالَما مِن قَبلِها
سَمِعَ المَدائِحَ فيهِ مِن حسّانِ

518
هُوَ رَحمَةٌ لِلنّاسِ مُهداة فَمن
قَبِل الهِدايَةَ فازَ بِالرّضوانِ

يتبع إن شاء الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 5 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط