موقع د. محمود صبيح

فليس لشيء فيه غيرك موضع

فكيف تراني إن فقدتك أصنع ؟!

وغفلتي عنك أحزان وأوجاع

للسقم فيها وللآلام إسراع

وإن سمعت فكلي فيك أسماع

فما على الحق له موقف

مولى له الأعمال تستأنف

***

فداوني بدواك

في سفن بحر رضاك

متى يكون الفكاك ؟

ما مضها من جفاك

حبوتها من رؤاك

موضع لسواك

ودليل يدل منك عليك

ناظرات وكله في يديك

كيف السبيل إليك ؟

فصرت أبكي عليك

لست أعرف حالها

وأنا اجتنبت حلالها

فرددتها وشمالها

فوهبت جملتها لها

حتى أخاف ملالها ؟!

بقربك في بعادك والتسلي

بعرضكها بأثواب التجلي

فكلي فيك مشغول بكلي

لا النور يدرى به كلا ولا الظلم

هذا هو الجود والإحسان والكرم

لا اللوح يعلمه حقاً ولا القلم

ومعجومان وانقطع الكلام

ومتروك يصدقه الأنام

فلا سفر هناك ولا مقام

***

وبات مكتحلاً بالصاب لم ينم

تبكي بجد وإلا فلنجد بدم

بؤس الهوى أبداً أحلى من النعم

***

بخالص من خفي وهم

أدق من فهم وهم همي

في مركب في رياح عزمي

أمر فيه كمر سهم

رمزت رمزاً ولم أسم

في فلوات الدنو أهمي

فما تجاوزت حد رسمي

حبل قيادي بكف سلمي

بميسم الشوق أي وسم

بالقرب حتى نسيت اسمي

***

بنظرة أو نظرتين

مرة أو مرتين

حوشيت من عيب وشين

فأين مثلك أين ؟ أين ؟

***

وكل بيان أنت فيه لسانه

أشار إلى حق فأنت أمانه

وكل لسان قد أتاك أوانه

فما باله في الناس يخفي مكانه

***

والقلب يحمل ما لا يحمل البدن

عيناً لأنظركم أو ليتني أذن

***

واثنان مني شاهدان تراني

ولا قال إلا في هواك لساني

وإن رمت غرباً أنت نصب عياني

وإن رمت تحتاً أنت كل مكان

وأنت بكل الكل ليس بفان

وترداد أنفاسي وعقد لساني

***

والكل بالكل أوصاني وعرفني

إلا وأعرفه فيها ويعرفني

***

لقيت بعدك من هم ومن حزن ؟

ما كنت إن كنت أدري كيف لم أكن

***

ولا دليل بآيات وبرهان

قد أزهرت في تلاليها بسلطان

لا يعرف القدمي المحدث الفاني

رأيتم حدثاً ينبي عن ازمان

من شاهد الحق في تنزيل فرقان

حقاً وجدنا به علماً بتبيان

هذا توحد توحيدي وإيماني

ذوي المعارف في سر وإعلان

بني التجانس أصحابي وخلاني

***

وصل وصالاً بلا تجني

فكيف لي بالدنو مني

فلا تسلني وسله عني

الحق أعني وأنت تعني

بحق حق الصدود صلني

فبعض ضرب الصدود يضني

وأنت يا سيدي تعدني

***

فكان علمي على لساني

وخصني الله واصطفاني

ملبياً للذي دعاني

فوقع الحب بالأمان

***

هلا عرفت حقيقتي وبياني ؟

من بينها حرفان معجومان

في العجم منسوب إلى إيماني

حرف يقوم مقام حرف ثاني

في النور فوق الطور حين تراني

***

قد تراني في مكاني

لعياني لعياني

كل ما شئت بشاني

ومع الأحباب فاني

***

يا منية المتمني

ظننت أنك أني

أفنيتني بك عني

وراحتي بعد دفني

إذ كنت خوفي وأمني

قد حوت كل فن

فأنت كل التمني

***

تبارز من يراك ولا تراه

وفعلك فعل متبع هواه

وعين الله شاهدة تراه

عصيت وأنت لم تطلب رضاه

وتنساه ولا أحد سواه

يلاقي العبد ما كسبت يداه

***

ليعلموا منه معنى من معانيه

حتى يكون الذي أبداه يبديه

***

أخفاه عنك فلا تعرض لمخفيه

حاشا الحقيقة أن تبدو فتوفيه

***

فلا إله إذا بالغت إلا هو

في الميم والعين والتقديس معناه

عن التهجي إلى خلق له فاهوا

حتى يقول بنفي الشك هذا هو

والعين يفتح أقصاه وأدناه

***

ويح قلبي وما جنى

أعني على الضنى

***

ونادى الإياس بقطع الرجا

وشد يمينك بسيف البكا

على حذر من كمين الجفا

فسر في مشاعل نور الصفا

فجد لي بعفوك قبل اللقا

عن الحب إلا بعوض المنى

***

فالعز بالزهد والتخلي

مشكاتها الكشف والتجلي

وهام كلي بكل كلي

***

حميت عن مربع وبي

وفي ظمآئي فأنت ريي

أسرى إلى منظر علي

تفيض بالخاطر الوحي

يحيي فؤاد الشجي الولي

أبصرته ميتاً كحي

***

فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي

وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي

شغلاً بحبك يا ديني ودنيائي

إلا لغفلتهم عن عظم بلوائي

بين الضلوع وأخرى بين أحشائي

ولكن سكري بالمحبة أعجب

ففي الحب سكران ولا يتأدب

صحاة وسكران المحبة يصلب

***