يشرفني دائماً مروركم المبارك سيدي الشيخ فراج ونسألكم الدعاء ، ولنتابع معاً بمشيئة الله سبحانه .. ************* وعندما لم يتحول الشيخ عن محلتها أدركت الفتاة ما حل بعاشقها ، ولكن الفتاة تظاهرت بالعجم وقالت : أيها الشيخ لم ألم بك الاضطراب ؟ ويا أيها الثمل بشراب الكفر متى كان الزهاد يقيمون بمحلة النصارى ؟ إذا كان الشيخ يلزم نفسه بغدائري فإنها تصيبه بالجنون كل لحظة .
فأجابها الشيخ : إن كنت ترين ضعفي فذلك لأنك سلبت قلبي فإما أن تردي علي قلبي وإما أن توافقيني حبي ، فحققي بغيتي وكفي عن التدلل وتخلي عن التكبر والدلال ، فأنا عاشق مسن غريب فاشمليني بالنظر ، ولما كان عشقي بعيداً عن الهزل يا معشوقتي فإما أن تقطعي رأسي وإما أن تكوني على وفاق معي ، إنني أبذل الروح فداء لك إذا أمرت بذلك ولكن إذا شئت رددت إلي روحي بكلمة من شفتك ، فيا من شفتك وغدائرك هنائي وشقوتي إن وجهك الجميل قصدي وبغيتي ، فلا تضرمي النار في جسدي من وهج غدائرك ولا تسكريني بالثملة عينيك .
بسببك اضطرم قلبي ناراً واشتعلت عيني حرقة ، وبسببك فقدت المعين والصبر والرفعة ، وقد بعت الروح والدنيا بدونك ، ولكن انظري فقد خطت الكيس بسبب عشقك ، إن الدمع ينهمر سيلاً من عيني ، وهذا ما انتظره من عيني إذا عدمتك ، فما أن رأت العين وجهك ، حتى ظل القلب في الغم ثم ضاع مني القلب وظلت العين في مأتم ، وما رأته عيني لم يره أحد قط ، وما قاساه قلبي من ذا الذي قاساه ؟ لقد فنى القلب وما بقي منه إلا الدم ، فإلى متى أظل أطعم دم القلب إذا كان القلب قد فني ؟ فلا تثقلي على روح هذا المسكين أكثر من هذا ، ولا تقضي على آمالي وتركلينني هكذا . لقد مضى عمري في الانتظار فربما أجد الوصال في هذا النهار ، في كل ليلة كنت أقيد روحي ، ثم أضحي بها على باب محلتك فأسلم الروح ووجهي مستقر على أديم بابك ، بل أسلم الروح رخيصة كالتراب من أجلك ، وما أكثر ما بكيت على بابك فافتحي الباب وتلطفي معي لحظة واحدة ، أنت الشمس فكيف ابتعد عنك ؟ إنني ظلك فكيف أصبر عنك ؟ ومع أنني كالظل من الاضطراب فإنني سأقفز من كوتك وكأنني الشمس وسأطوي تحت جناحي الأفلاك السبعة إذا ما أشرقت برأسك على هذا المضطرب .
فقالت الفتاة : يا من هو خرف من الشيخوخة ، عليك بالتعطر والتكفن والخجل ، إن كانت أنفاسك قد بردت فلا تتغزل ، لقد أصبحت شيخاً فلا تقامر بالروح ، الأفضل لك الآن عقد العزم على الموت من أن تعزم على قصدي ، إن كنت في شيخوختك في حاجة إلى رغيف ، فلن تستطيع تحمل تباريح العشق ، فامض ، وكيف تستطيع أن تحظى بالملك وأنت لا تستطيع النضال من أجل ما يقيم أودك ؟
قال لها الشيخ : مهما تكثرين من القول ، فلن يكون لي سوى غم عشقك من عمل ، ما الفرق إذا كان العاشق كهلاً أو شاباً ؟ فللعشق تأثيره على كل قلب .
فقالت الفتاة : إن كنت صادقاً في هذا المرام فلتطهر يدك وتغسلها من الإسلام ، فمن يعتنق مذهباً غير مذهب المعشوقة يكن عشقه محصوراً في اللون والرائحة .
قال الشيخ : سأفعل كل ما تقولين وبروحي سأطيع كل ما تأمرين ، لقد أصبحت عبدك يا فضية القوام فألقي بحلقة من غدائرك في حلقومي .. فقالت الفتاة : إن كنت رجلاً خليقاً بالأعمال ، فعليك أن تفعل بكل قبول أربعة من الأعمال : اسجد أمام الصنم ، وأحرق القرآن ، واشرب الخمر ، وأغلق عينيك عن الإيمان .
أجاب الشيخ : لقد قبلت الخمر ، أما الثلاثة الأخرى فلا حيلة لي بها ، إنني أستطيع احتساء الخمر على شرف جمالك ، ولكن ليس في مقدوري القيام بالأمور الثلاثة الأخرى .
فقالت الفتاة : انهض وتقدم واحتس الخمر ، فعندما تشرب الخمر ستتقدم نشوان فرحاً ..
_________________ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد . قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .
|