اشترك في: الاثنين أغسطس 19, 2013 6:15 pm مشاركات: 288
|
في عام 1914 وفور قيام الحرب العالميه الاولي، تم عزل الخديو عباس حلمي. كان يقضي الصيف خارج مصر، في تركيا، ومنع من العوده اليها ثانيه، وتم تنصيب عمه السلطان حسين كامل، ثم فرضت الحمايه البريطانية علي مصر، الامر الذي اقلق كثيراً من المصريين، وانهكت مصر جراء تلك الحرب وما فرضته بريطانيا علي المصريين من مجهود حربي. لم يكن عباس حلمي الذي قضي 22 عاماً في الحكم محبوباً من المصريين، تحديداً من القوي الوطنيه، حيث تعاون مع الزعيم مصطفى كامل وسائر الوطنيين في بدايه حكمه، لكن فيما بعد خذلهم وساير اموره مع المندوب السامي البريطاني، وسلم للبريطانيين بما يريدون، لذا لم يحزن عليه المصريون حين طرد من العرش، ولكنهم حزنوا للتوغل البريطاني في مصر.. من جانبه راح عباس حلمي يجوب بعض العواصم الاوروبيه مؤلباً اياها علي عمه السلطان حسين كامل، وكان يرسل بالاموال الي الداخل ليؤلب البعض ضد السلطان ويهتفوا لـ«عباس» حتي سري هتاف في بعض الموالد يقول «الله حيّ.. عباس جيّ».
في سنة 1917 انتقل السلطان حسين كامل الي الرفيق الاعلي، وكان من المفترض ان يتولي الحكم بعده الامير كمال الدين حسين شقيقه، لكن الرجل اعتذر، واراد ان يتجنب المسؤوليه وازعاجها، وجدها عباس حلمي فرصه سانحه، فراح يضغط في العواصم الاوروبيه، ويرسل بالاموال للاعوان كي يواصلوا الهتاف في الشوارع وفي الاذكار «الله حيّ.. عباس جايّ». ولم يكن المسكين يدرك او لا يريد ان يدرك ان من ترك الحكم لا يعود اليه ثانيه، لم يكن صاحبنا لديه مشروع سياسي او وطني يريد تنفيذه، ولكن كان يهمه ان يكون متربعاً علي كرسي العرش. الطريف ان سوريا كانت تبحث عن حاكم، فطلب عباس من صديقه الامير شكيب أرسلان ان يرشحه ملكاً علي سوريا، وان يطلب اعيان الشام منه ان يتولي ذلك المنصب، وواصل هو الضغط اوروبياً في هذا الاتجاه، لكن محاولاته باءت بالفشل، وتم ترشيح الملك فيصل، نجل الشريف حسين لهذا المنصب، وكان الامير شكيب من بين الذين رشحوه لهذا المنصب، لذا قاطعه عباس حلمي.
في تلك الفتره كان الامر استقر في مصر للسلطان فؤاد خلفاً للسلطان حسين كامل، وبعد ثورة 1919 وصدور دستور 1923، تحول فؤاد الي ملك، بينما ظل عباس حلمي يصرخ في جنيف-، حيث كان يقيم-، بـ«انا الحاكم الشرعي لمصر وانا صاحب الشرعيه في حكم مصر». ومضت الايام، وتوفي الملك فؤاد وخلفه نجله الملك فاروق، بينما عباس مازال يصرخ بـ«انا صاحب الشرعيه في الحكم، وانا خلعت في مؤامره وانا وانا» اما انصاره - هنا - فقد تراجعوا تماماً ولم يبق سوي مجموعه من البهاليل يرددون: الله حي.. عباس جيّ، دون ان يدركوا قصه هذا النداء.. وكانت الحرب العالمية الثانية، وتزعزع حكم فاروق، حتي ان البعض اقترحوا علي النحاس باشا ان يعلن الجمهوريه ابان ازمه فبراير 1942، وتتخلص البلاد نهائياً من حكم اسره محمد علي، كل هذا ومازال عباس حلمي يحلم ويصرخ، وبعد راي اقتنع بانه يبحث عن الوهم، وان الشرعيه التي يتحدث عنها مجرد شبح، فنسي الامر، وتلقي بعض التعويض المالي، رغم انه لم يكن بحاجه الي المال، واخيراً انتقل الي الرفيق الاعلي سنه 1944 بعد ثلاثين عاماً من محاوله العوده، وكانت قصته مثار تندر شديد بين السياسيين في اوروبا وفي مصر، وبقي منه ذلك الهتاف، الذي كنا نسمعه ونحن اطفال، باعتباره فلكلورا شعبياً، كان يتغني به عبيط القريه.
كان عباس يعيش الوهم ومغيباً عن الواقع، وكان يمني نفسه، مثلاً حين تظاهر طلاب المدارس العليا في بدايه ثوره 19، اعتبرهم يتظاهرون مطالبين بعودته، وفيما بعد كلما قامت مظاهره في زمن الملك فؤاد فرك يديه، واعتبر ان اللحظه المناسبه جاءت، وعندما راي كرسي العرش يهتز مع الملك فاروق اخذته السكره، لم يكن يريد ان يري الواقع والحقائق، كانت المظاهرات تقوم للمطالبه بالاستقلال وللاحتجاج علي انتهاك الدستور والحريات، لم تقم مظاهره وطنيه واحده من اجله هو، ولم يكن يريد ان يصدق. انتبه فقط الي الحقيقه بعد فوات الاوان وعمره يقترب من النهايه. الطريف في هذا كله موقف بهاليل عباس، كانوا اناساً طيبين، ليس بينهم شرير، لم يسيئوا الي احد، ولم يقتلوا مواطناً ولا روعوا المصريين، وكانوا وطنيين لم يحاولوا الاستعانه بالاجانب والمحتلين لتحقيق مطلبهم وان فعل عباس حلمي ذلك كثيراً وطوال الوقت، هم كذلك تمتعوا بعفه اللسان، لا بذاءه ولا سوقيه، ولا انحطاط في الكلمات، لذا تعامل معهم المصريون بود، حتي ذهب عباس وذهب بهاليله.
http://www.akhbarak.net/news/2013/09/25/3290411#
ارجو من الادارة تكبير الخط
|
|