موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: تابع كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( لحسن قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 11, 2014 2:24 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6385

حياة الرسول الحربية صلى الله عليه وسلم



هذا هو مجمل الحالة الحربية قبل الاسلام وعند ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ويجدر بنا أن نذكر هنا أنه فى وقتنا الحاضر إذا ما شكلت الحكومة الاسلامية جيشا منظما وأجرت عليه مجرى الأمم المتمدنية بانتظام فلا أقل من أن ننتظر ونتوقع أن نقل حوادث السلب والسطو والنهب وغيرها من الموبقات الى حد بعيد ، إذ أن انتظام الجندية فى الدولة كقيل بأن يقضى ويقتل ف نفوس المجرمين التفير فى السلب أو النهب فضلا عن أن التدريب العسكرى الذى تتعهد به الحكومات جيوشها فى الوقت الحاضر ، يغنى بالمثلل عن تلمس صفات المقاتلة عن طريق إيجاد وغرس طبائع وعادات وحشية ممقوته خالية من الرحمة والانسانية فى قلوب الأهلين كما كانت تفعل الأمم الأخرى فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإذا قلنا إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ بفكرو إيجاد جيش دائم للدفاع عن البلاد فانما نقول ذلك لأنه كان يتمسك بالمبدأ الأسمى وهو أنه لا يجوز ولا يحق لأمة أن تعتدى أو تغير على أمة أخرى . وتبعا لذلك ، فكل الأمم التى تأخذ بهذه الفكرة السامية – فكرة عدم الاعتداء – وتتمسك بأهاب ذلك المبدأ النبيل ، لن تخوض غمار الحرب إلا إذا كانت دفاعية محضة .
وإذا تحتم علىأمة أن تقاتل جيشا قويا مغيرا ، فواجب كل فرد فى تلك الأمة أن يهب لا مشتاق الحسام والتطوع للدفاع عن الوطن ونصرة قضيته
وعلىة ذلك فقد اعتبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه فرض محتم على كل مؤمن أن ينهض للذود عن وطنه إلا إن إعداد جيش قوى بحيث يصلح لأن يدافع عن البلاد دفاعا مجيدا فى أية لحظة طارئة يطلب منه إنما هو أمر تقوم دونه صعاب جمة ، ولا شك أن الوسائل المختلفة التى استعملتها ولجأت اليها الأمم الأخرى قديما للاحتفاظ بشجاعة الأفراج وجبلتهم الحربية وجعلهم على استعداد لحماية البلاد والمحافظ عليها ضد المفاجىء – لزالت موجودة ويمـــــــــكنها أن تفى بالغرض الذى يريده الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن ما كان صلى الله عليه وسلم ليأخذ بمثلها وهى تورث الوحشية وتنشرها بين الناس ، وتهدم مستواهم الانسانى والخلقى ، وتقضى على مواهبهم العقلية والأدبية فضلا عن عرقلتهم فى سبيل رقيهم الروحة :
فيتضح لنا هنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قائد فذ ذو مقدرة ممتازة ، وكفاية نادرة المثال ، ونتلمس ذلك أكثر وضوحا ، من تلك الحقيقة الواقعة ، وهى أنه فى الوقت الذى ما كان ليغمض فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عينا عن مركزه السامى كنبى ومبعوث ( وبذلك لم يترك وسيلة إلا واتخذها ، ولا طرقا إلا وسلكه لاصلاح قومه والنهوض بهم إلى أعلى المستوى الخلقى والروحى ) – أمكنه دون أن يلجأ الى إيجاد جيش منظم ثابت بمعنى الكلمة ، أن يحتفظ بقومه وأتباعه مدربين على أحسن وجه وأكمله ، وعلى استعداد دائم لمواجهة كاف الطوارىء ورد عدوان أى جيش مغير مهما كان تنظيمة وتدريبه مع تمكنه من أصول الحرب وفنونها ، وقدرته على التغلب على أعدائه مهما فاقوه عددا وعدة.

الرسول صلى الله عليه وسلم كان قائدا فذا

وإن الحقائق التالية لتوضيح لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قائدا فذا ، بل نابغة لا يدانى ولقد اماطت الأيام لنا اللئام عن الوسائل التى ابتكرها صلى الله عليه وسللم لاعداد قومه وتدريبهم ، وإلى اليادى البيضاء التى أسداها للحرب كفن من الفنون وعلم من العلوم
(1) كانت المقامرة والخمر كما أسلفنا وسيلتين بل ضروريتين لايجاد واشعال روح الاقدام والمغامرة وعدم المبلاة بين الجند على ما تزعم الدول المعاصرة للاسلام ، فبادر صلى الله عليه وسلم بتحريمها ومنعهما منعا باتا وكان هذا التحريم من شأنه أن يضع نهاية للوحشية والفظائع التى كانت تمارس بين الاقدمين من جهة ، وان يزيل من جهة أخرى روح عدم المبالاة والاستهتار بالعواقب التى تنشأ عن الادمان على تعاطى الخمر ، كما وانه صلى الله عليه وسلم قضى بين جنود المسلمين علىروح التبذير التىى تتوافر فى كل من ينال مالا عن طريق المقامرة
هذا فضلا عن أن القضاء على المقامرة عموما وضمنا على سباق الخيل كان أكبر كفيل بالاحتفاظ بسلالات الخيل المنتخبة ، ونتاجها الجيد ، التى كانت تعصف بها روح المقامرة واضاليلها فنودى بها وبمميزاتها وتفسد الصفات التى احتفظت بها كرائم الخيل فى أصولها على ممر الزمن
(2) وقد سمع حضرة النبى صلى الله عليه وسلم بالخروج للصيد والقتص لما أخبره الله تعالى به فى قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ليبلونك الله بشىء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ) ولكنه نهى تماما عن اتخاذها أو غيرها من ضروب اللهو والتلية هدفا للحياة تقتصر عليه أو ديدنا للافراد يشتعلون به ، وطالما أوصى المؤمنين بأن يكون لكل منهم غرض فى الحياة بعمل له ويسعى إليه فيستفيد ويفيد لا أن يقضوا أيامهم ويصرفوا أعمارهم فى مطاردات لا غرض منها وأمور لا طائل تحتها .
ولأدراكه صلى الله عليه وسلم أن دافع الشر والاعتداء إنما ينشأ فى النفس كنتيجة للانغماس والاندفاع وراء هذه الأمور ، فقد أقدم بكل كياسة على عدم تشجيعها ، وبذلك فقج سعى من جهة غلى صرف أنظار قومه عن الأمور التافهة الغير المجدية غلى الأمور العملية النافعة وغلى شئون الحياة الحقة وعمل من جهة أخرى على تقليل روح الشر والعدوان بينهم .
(3) حرم الرسول صلى الله عليه وسلم السلب بتاتا – وبذلك لم تبق تغرة لتسرب الجشع والوحشية التى كانت تدفع بالجنود المأجورة والمترزقة إلى إثارة الفتن واراقة الدماء دون أى سبب مشروع
(4) حرم الغل والغدر والخيانة – فلم يبق فى نفوس عماله أى التفات إلى محرم مما هو فى عهدتهم وجاء عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يستوفى الحساب على العمال فيحاسبهم على المستخرج والمصروف ( الصادر والوارد ) كما فى الصحيحين عن أبى حميد الساعدى ( أن النبى صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقات فلما رجع حاسبه فقال هذا لكم وهذا اهدى إلى فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما بال الرجل نستعمله على العمل بما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدى إلى افلا قعد فى بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى غليه أم لا والذى نفسى بيده لا نستعمل رجلا على العمل مما ولا نا الله فيغل منه شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمل على رقبته إن كان بصيرا له رغاء ، وإن كانت بقرة لها خوار ، وإن كانت شاة تبعر ثم رفع يديه إلى السماء وقال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت قالها مرتين أو ثلاثا .
(5) غرس الأخلاق الفاضلة فى نفوس المحاربين من المؤمنين وابدل قسوتهم لينا وعدواتهم محبة وجفاءهم قربا – وكان النبى صلى الله عليه وسلم وصى رؤسا الأجناد وأمراء الألوية إذا هم خرجوا للجهاد يقول ( أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين هيرا وغزوا بسم الله فى سبيل الله تقاتلون من كفر بالله أروا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا أمرأة ولا وليدا )
بهذه الاخلاق الفاضلة التى غرسها حضرة البى صلى الله عليه وسلم فى هذه النفوس التى كانت بالأمس سر ما أقلقه الارض وأظلته السماء فغدت بهدية صلى الله عليه وسلم أفض ما تحمله الأرض من البشر ، ساد المسلمون وانتظم السكون وبسط الأمن راحته وظللت الراية الاسلامية البقاع والاصقاع وملأت الخافقين .

السلب والغنيمة بين الاسلام وأوربا

ورغما من أنه حدثت عدة غزوات ومعارك فى خلال السنوات العشر التى كان فيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يجمع فى شخصه بين مقدرة منشىء الأمة ومكونها ، وكفاءة قائد الجيش ومنظمه ، فانه لا يوجد فى تاريخ هذه الغزوات أى أثر واحد يشير إلى أن جنده من المؤمنين قد انغمسوا فى رذيلة السلب أو اندفعوا فى تيار السطو والنهب ، بل على النقيض من ذلك نرى أن صفتى الطاعة وضبط النفس البارزتين فى شخصيو أولئك الجند لا يمكن العثور على مثيلتيهما فى طيات التاريخ البشرى .
ومع أن جيوش حضرة النبى صلى الله عليه وسلم وسراياه كانت تسد : نفقاتها وتجمع أرزاقها من الغنائم والمخلفات التى يتركها عدوها المرتد على عقبيه فى ساحات الوغى ، فانها ضربت المثل الأعلى فى ضبط النفس والتعفف ، والأحجام التام عن الاعتداء على الخصوم أو إنزال أية خسارة بهم مهما صغرت قيمتها ، طالما لم يكونوا فى حالة القتال الحقيقى .
وإنه وأيم الحق لأمر إذا حدث أومتى حدث ، لاستلب الالباب واستدعى إعجاب المنصفين وتقدير غير المغرضين وهذا هو ما فعله المؤمنون بالضبط فى غزواتهم وهذا مسلكهم وتلك شيمتهم وديدنهم فى فتوحاتها ، حتى ان أعدى أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم ما لبثوا ان أدركوا وتلمسوا أى انقلاب قد أحدثه صلى الله عليه وسلم فى نفوس رجاله ، واية معجزة قد حلت بهم فانتزعت من قلوبهم الشر وأودعت مكانة أعظم الشمائل الانسانية النبيلة .
ولا يغر بن عن ذهن المنصف ان الغنائم التى تعمل إليها الايدى ، وتنالها الجيوش ، بالطرق المشروعة القانونية فى ميادين القتال لا تدخل فى هذا الحصر ولا يشملها هذا البحث ، ولا يمكن أن نصدق من يدعى أنها تخالفت دعوانا السابقة فان الاستيلاء او وضع اليد على ما يخلفه العدو المنهزم وراءه إنما إنما هو امر مشروع واعتبر دائما فى حيز الاعمال القانونية بل الضرورية
وبالمثل فان كافة الوسائل التى من شأنها ان تساعد على انهاء الحرب او تقصير اجلها كالاقدام مثلا على شل تجارة العدو وعرقلتها والقضاء عليها بحصرها او مصادرتها ووضع اليد عليها
كل ذلك متى كان الغرض منه العمل على انهاء الحرب والتوسل غلى تقصير أمدها فإنما هو من الاعمال المشروعة التى لا يمكن إدخالها أو اعتبارها فى باب السلي والنهب ، ولقد اقدمت كافة الامم المتمدينة قديمها وحديثها على مثل هذه الأعمال والاجراءات – بل وعلى أشد منها ، وآخر مثل ما كان فى الحرب الأوربية الكبرى ولم يوصف شىء من هذه الاجراءات ومن يو صف مستقبلا بأنه سلب أو نهب لأنه لا شك فى أنترك تجارة العدو تسير فى مجراها الطبيعى من شأنه أن يزيد فى قواه المادية والعنوية وبالتالى يقوى من مقدرته على المقاومة وربما الهجوم ويساعد على تأجج الحرب واستمرارها متى اشتعلت نيرانها
وبالاختصار فان الرسول صلى الله عليه وسلم رغما من أنه قد عمل على تحريم ومنع كافة الوسائل القديمة التى كانت تتوسل بها امم السابقة بل والمعاصرة له وتستخدمها فى إنماء روح الجرأة والحرب فى نفوس أفرادها رغما من ذلك فان الجند الاسلامى بفضل تعاليمه صلى الله عليه وسلم نجح تماما فى تكوين وتنظيم واعداد جيش قوى مطيع حسن النظام على استعداد دائم لأن يلبى أول نداء ويجالد أى أعداء ، دون أن يتقاضى اجراء على جهاده وهذه الحقيقة هى بلاشك – شهادة ناطقة على صفات الرسول صلى الله عليه وسلم العالية البارزة كمنظم وقائد للجيوش .
أما الوسائل التى توسل بها النبى صلى الله عليه وسلم إلى احداث ذلك الانقلاب العظيم الذى حل بقلوب رجاله والتغيير التام الذى تناول كليات نفوسهم وجزئياتها فنوضحها فيما يلى :
أ – أوجد بين اتباعه روح البساطة وعد التكلف وروضهم على انفاق أموالهم فى سبيل قضاء حاجات غيرهم وبذلك عودهم على الحياة البسيطة الخشنة
ب – بث بين المسلمين روحا ديموقراطية ما لبثت أن جعلت كل مؤمن يعتبر نفسه جزءا من الدولة ويشعر بأنأى نقص أو تضييق على حريتها لا يحيق بجماعة ما فحسب ، بل يحيق به ويناله شخصيا
ج – كان صلى الله عليه وسلم يشترك بنفسه فى الأعمال والتمارين الرياضية وممارسة الفروسية وحركات الجند واستعدادهم وهكذ نجح فى اكتساب قومه الجراة والشجاعة وحبب اليهم الحياة الحربية
د – وليسهل عليه التنظيم قسم دولته الى عدة وحدات ، وعهد بكل وحدة أو منطقة الى عامل يباشرها ويشرف عليها ويكون مسئولا أمامه عن إداد وتنظيم ما بعهدته من الأقوام
هـ - أنشأ تشكيلات خاصة للعناية بجرحى العرب وقد تشرفت النساء المسلمات بهذا الواجب الانسانى وبهذه الطريقة من ارتياح جنوده واطمئنانهم إلى أيد تعنى بهم وترعاهم إذا ما جرح أحدهم او أقعدته الحرب
و – وقام صلى الله عليه وسلم بانشاء مؤسسة بيت المال التى كان ينفق منها على أوجه الصرف العام وتقدم منها الاعانات والمساعدات المادية لمن تقعدهم الفاقة عن الاشتراك فى الحروب والغزوات على نفقاتهم الخاصة وقد تحتم على كل مسلم غنى أو فقير أن يساهم فى التبرع لبيت المال تبعا لمقدربته وقبل عصر الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن مثل هذه المؤسسة معروفة ولم يكن لها مثيل فى أى بلد من البلاد فيما عدا انبراطوريتى فارس والروم ، وايضا فى هاتين الانبراطوريتين كانت بيوت المال مصابة بعيبين خطيرين ونقصين عظيمين ، فأما أنها كانت تعتبر ملكا خاصا لفرد مستبد أو طبقة معينة ، أو أن إمداد هذه البيوت بالمال كان قاصرا على الكبقات الفقيرة دون الكبقات الغنية التى كانت تعفى من الاكتتاب لهذه المؤسسات ، وفيما عدا فارس والروم ما كان لمثل هذه المؤسسات بنظامها الثابت من أثر وكانت نفقات الحروب ومصاريف الغزوات تجمع بطرق شتى غير ثابتة ولا منظمة .
ولقد أفادت مؤسسة بيت المال التى أنشأها الرسول صلى الله عليه وسلم فى نواح كثيرة أهمها وأفضلها أنها كانت تعتبر مصدرا ثابتا للانفاق على عائلات وذوى قربى من يستشهدون فى الحروب ونتج عن ذلك بكل وضوح أن المقاتلى كانوا يسارعون الى ساحات الوغى وكلهم طمأنينة الى أن ذويهم وعيالهم سيعنى بهم وينفق عليهم فيما لو استشهدوا فى سبيل الواجل ومتى وجد مثل هذا الشعور فى نفوس الأفراد لن يتردد أحدهم عن التطوع فى الجيش إذ قد زالت عنهم الشكوك والوساوس التى تنتاب الرجل عادة فى مثل هذه الحالات وتجعله يمد قدما ويرجع أخرى
ز – عمل صلى الله عليه وسلم إيجاد شبه مصلحة للتموين تأخذ شكل اللادراة الحكومية ولو أن تعليماته صلى الله عليه وسلم فى هذا الخصوص لم تنقذ بحذا فيرها فى أيام حياته لأن نظام مؤسسة بيت المال لم يكن قد ثبتت دعائمه بعد
وكان المفروض على كل جندى فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمد نفسه بمؤنته ولباسه ، ولما كان من الجائز ، بل من المحقق ، أنأغلب الأفراد لا يمكنهم تدبير زادهم لمدة كبيرة فقد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم على أن تكون غزواته وسراياه قصيرة المدى وبلا استمرار بل على فترات متعاقبة وطالما وصلت حملة من الحملات الى الغرض الذى خرجت من أجله عادت أدراجها دون ان تفكر فى غزو فرعى ، وعكف أفرادها على الراحة النتظارا لغزوة أخرى تتاح لهم فيظهرون قوتهم وبطشهم وحميتهم الدينية إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع القواعد الثابتة ( لينفذها خلفاؤه عندما تسمح لهم الفرصة ) تلك القواعد التى من شأنها الزام الدولة بأن تقوم بأود جندها ومؤنهم سواء كانوا فى ساحات القتال او تحت ظلال السلم ، وذلك لأن حياة الرجل تتوقف على الغذاء والمؤنة ومن ثم فواجب الدولة هو أن تعمل على تدبيرها وتيسيرها للمقاتل
ولما وضعت وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم موضع التنفيذ وسهر اتباعه على تنفيذها وتثبيت دعائم بيت المال وعلى اركان وطيدة بلغت منتهى التقدم وتلاتقاء أمكن للدولة أن تتبوأ مسؤليتها وتحمل عبئها فى تموين الجنود
وهكذا فان انشاء وتنمية مصحلة التموين التى وصلت فى وقتنا الحاضر بين الأمم المتمدينة إلى درجاتالتظام والدقة انما هو أمر يرجع فضله الى الرسول صلى الله عليه وسلم
ولكن نختصر الحديث نحمل فنقول ان النتيجة لمزايا القيادة العسكرية الفذة التى تجمعت فى شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بشكل بارز الى مدى عظيم هى أنبضعة أفراد قلائل لم يتلقوا أى تدريب لفنون الحرب أوأساليب القتال – ولم ينالوا أية شهرة فى اتقان استخدام الاسلحة الشائعة فى ذلك العصر ، امكنهم بفضل إرشاد وتدريبة ورعايته أن يضربوا بسهم وافر فى القتال وأساليبه ، والموا بل وتسودوا فى فن الحرب الى درجة من الكمال نتبينها من الهزائم المتولية التى أوقعوها بأعدائهم المرة بعد الأخرى ونكلوا بدهاة الحرب ورجالاتها من معاصريهم وفى ظروف كانت تلائم أعدائهم أغلب الأحايين . وهكذا فان خحر الزاوية الذى رفضه البناؤون صار هو الاساس الذى لم تبن عليه الانبراطورية العربية فحسب بل بنيت عليه ايضا أعظم بل أول حكومة شعبية ديمقراطية فى العالم .
وبالمثل نرى ما قلناه آنفا أن هذا المهاجر الذى اضطر الى ترك وطنه العزيز تحت ظلام الليل يهود اليه بعد أقل من ثمان سنوات على رأس جيش قوى يضم عشرة آلاف من المؤمنين ، ليدخل ذات البلد الذى خرج منه كفاتخ منصر ويستولى عليه دون أن تراق فيه نقطة واحدة من الدم البشرى ، ذلك هو المثل الأعلى وتلك الفضيلة ولمثل ذلك فليعمل العاملون .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تابع كتاب تاريخ الجندية الإسلامية ( لحسن قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 11, 2014 3:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7986
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 6 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط