بسم الله الرحمن الرحيم
ذم قرناء السوء :
ــــــــــــــــــــــــــ
إِذَا كُنْتَ لِلرِّجَالِ مُصَاحِبًا فَكُنْ لثلاثةٍ مِنْهُمْ مُجَانِبًا:
جاهلٍ يَرَى أَنَّهُ عاقلٌ، وناقصٍ يَرَى أَنَّهُ كاملٌ، ودنيءٍ يرى أنه فاضل.
إِذَا كُنْتَ يَوْمًا لِلرِّجَالِ مُصَاحِبًا ... وَكُنْتَ لَهُمْ فِي كُلِّ حالٍ تُوَاصِلُ
فَجَانِبْ فَدَتْكَ النَّفْسُ مِنْهُمْ ثَلاثَةً ... فَكُلُّهُمْ لِلنَّفْسِ بِالْجَهْلِ قَاتِلُ
فَأَوَّلُهُمْ عِنْدَ التَّجَنُّبِ جاهلٌ ... يَرَى أَنَّهُ بَيْنَ الْبَرِيَّةِ عَاقِلُ
وَنَاقِصُ قومٍ ظَنَّ بِالْجَهْلِ أَنَّهُ ... إِذَا عُدَّ أَهْلُ الْقَدَرِ فِي النَّاسِ كَامِلُ
وَثَالِثُهُمْ عبدٌ دنيءٌ مقصرٌ ... يَرَى أَنَّهُ عَنْدَ التَّفَاضُلِ فَاضِلُ
فَكُنْ حَذِرًا مِنْ هَؤُلاءِ فَكُلُّهُمْ ... على الجهل فيما قَدْ تَبَيَّنَ حَاصِلُ
وَصَاحِبْ مِنَ الإِخْوَانِ كُلَّ ممكنٍ ... لَهُ فَضْلُ عقلٍ وَهُوَ فِي النَّاسِ خَامِلُ
عليمٌ حليمٌ خاشعٌ ذُو بصيرةٍ ... أمينٌ مكينٌ لِلإِلَهِ مُعَامِلُ
تقيٌ نقيٌ فاضلٌ متواضعٌ ... شفيقٌ رفيقٌ للنوائب حامل
حكيمٌ سليمٌ خائفٌ ذو أمانةٍ ... سديدٌ رشيدٌ للجميل مواصل
فذاك الذي يحظى بصحبة مثله ... وذاك الذي تأتيك عنه الدَّلائِلُ
وَهَيْهَاتَ مِمَّنْ كَانَ ذَا الْوَصْفِ وَصْفَهُ ... لقد غيبتهم في التراب الأنامل
فإن ظَفِرْتَ كَفَاكَ يَوْمًا بِصَاحِبٍ ... قَلِيلِ الأَذَى لَمْ تَخْتَرِمْهُ الْغَوَائِلُ
فَشُدَّ بِهِ كَفَّيْكَ ظَنًّا وَغِبْطَةً ... فإنك منسوبٌ إلى من تخالل
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب / ذم قرناء السوء لابن عساكر