تجميع لكتب المولد النبوي الشريف

محب الدين الصوفى · **مرسل:** السبت يونيو 27, 2015 7:39 pm

الفصل التاسع

في رضاعه صلى الله عليه وسلم

وأرضعته صلى الله عليه وسلم حليمة السعدية فأبدل الله عسرها يسراً وبارك لها في رزقها ونماه ، وفرحت به ووجهت إليه المحبة القلبية فسعدت به وأسلمت ودفنت بالبقيع فعليها وعلى أهل البقيع رحمة الله .

وكان صلى الله عليه وسلم ينمو في اليوم نمو الطفل في شهر ثلاثين يوماً زمانية فقام على قدميه في ثلاث ومشي في خمس هلالية وفي تسع تكاملت له صلى الله عليه وسلم جميع قواه .

وجاءه ملكان وشقا صدره وذلك بعد ثلاث سنين أو أربع من غير مدية حديدية وغسلاه وأخرجا منه مضغة سوداء ليقطع حظ الشيطان عنه في حين صباه ، فنشأ صلى الله عليه وسلم كاملاً مكملاً في عهد الطفولة الأولية وكذلك في عهد الرجولة ودعي بالأمين لأمانته وصدقه وحسن أدبه وتقواه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** السبت يونيو 27, 2015 11:52 pm

الفصل العاشر

في شرح صدره الشريف صلى الله عليه وسلم

ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم التي لم يسبقه بها أحد من أنبياء الأمم الإنسانية شرح صدره الشريف أربع مرات وذلك يدل على أن الله تعالى تولى أمره في بدئه ومنتهاه .

وكان أول ما شرح صدره صلى الله عليه وسلم بأرض بني سعد عند حليمة السعدية لأنه صلى الله عليه وسلم سيستقبل عهد الطفولة فغسل الله تعالى قلبه الشريف ليكون صلى الله عليه وسلم معصوماً من الشيطان وجنوده الغواة .

ثم شرح صدره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية عند البلوغ لأنه صلى الله عليه وسلم سيلقى عهد الرجولة الآدمية فمليء قلبه صلى الله عليه وسلم كمالاً وثباتاً وجلالاً ونوراً يضيء حوله سناه .

فكان صلى الله عليه وسلم في الجاهلية نوراً ألهمه الله تعالى السلوك بما يوافق الشريعة المحمدية يحب الخير ويكره الشر ويختلي بمناجاة ربه وكم قد اختلى بغار حراء في شهود ودعاء ومناجاة .

ثم شرح الله تعالى صدره صلى الله عليه وسلم للمرة الثالثة بعد تمام الأربعين سنة حولية وذلك للتأهب لنزول الوحي الذي اختاره الله تعالى له من بين خلقه واصطفاه ، ليكون صلى الله عليه وسلم ثابتاً أمام القرآن العظيم الذي لو نزل على جبل لتدكدك من هيبته الجلالية فكان صلى الله عليه وسلم أثبت من الجبال الراسيات وأقوى من الملائكة الكرام بما ثبته به ربه سبحانه وقواه .

ثم شرح الله تعالى صدره صلى الله عليه وسلم في المرة الرابعة في ليلة الإسراء والمعراج إلى السموات العلوية وملأ الله تعالى قلبه صلى الله عليه وسلم علوماً وحكماً وإيماناً ويقيناً كي يستعد لمشاهدة ربه ومولاه ، وقد أنزل الله تعالى عليه قوله : " ألم نشرح لك صدرك " ممتناً عليه صلى الله عليه وسلم بهذه النعم الجلية ورفع الله تعالى ذكره صلى الله عليه وسلم فما ذكر الله تعالى إلا وذكر معه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الأحد يونيو 28, 2015 4:09 pm

الفصل الحادي عشر

في كسبه وزواجه صلى الله عليه وسلم

وكان صلى الله عليه وسلم يأكل من كسب يده ولم يكن معتمداً على أحد من الفئة القرشية ولما بلغ صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرين سنة سافر إلى الشام في تجارة لخديجة رضي الله عنها التي سعدت بخدمته صلى الله عليه وسلم ورضاه ، وأرسلت معه صلى الله عليه وسلم ميسرة لخدمته صلى الله عليه وسلم في الأمور التجارية فرأى الملائكة تظلله صلى الله عليه وسلم ولم ير ذلك لأحد سواه ، فأخبر خديجة بذلك وأثنى لها على خير البرية فقالت له : إنني قد رأيت ذلك عند قدومه صلى الله عليه وسلم فعلمت أنه الصادق الأواه ، وقد ربحت التجارة وبارك الله فيها بالبركة النبوية فخطبته صلى الله عليه وسلم لنفسها بعد أن علمت أنه ذو فضل وجاه ، فعرض ذلك صلى الله عليه وسلم على أعمامه فقبلوا ذلك ورحبوا بها من أجل أخلاقها الطيبة السنية وتولى العقد عمه أبو طالب وخطب خطبة الزواج وأثنى عليه صلى الله عليه وسلم وزكاه ، فعاشت معه صلى الله عليه وسلم عيشة طيبة هنية وجميع أولاده وبناته صلى الله عليه وسلم منها إلا إبراهيم عليه السلام فإن أمه من مصر وقد جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية مهداة ، وقد اختص الله تعالى أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها بأعظم خصوصية فأكرمها بالسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها التي منها ذرية حبيب الله تعالى ومصطفاه ، وقد أجاب الله تعالى دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال : " اللهم إني أسألك قرة عين لا تنقطع " ألا وهي الزهراء وعترتها الطاهرة النبوية أدام الله ذريتها إلى يوم القيامة هادين إلى صراط الله .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الأحد يونيو 28, 2015 11:44 pm

الفصل الثاني عشر

في وضع الحجر الأسود في البيت الحرام

ولما بلغ صلى الله عليه وسلم من العمر خمسة وثلاثين سنة أرادوا تجديد بناء الكعبة لما أصابها من السيول المطرية واختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود واشتد الخلاف بين القبائل وعظمت بلواه ، فقالوا : أول داخل من هذا الباب يحكم بيننا فإذا هم بخير البرية فلما رأوه صلى الله عليه وسلم استبشروا وفرحوا وقالوا هذا الصادق الأمين وكلنا يرضاه ، فبسط صلى الله عليه وسلم رداءه ووضع الحجر الأسود عليه وأمر كل قبيلة أن تأخذ بطرف من أطرافه ففعلوا ذلك بنفس رضية فلما حملوه أخذه النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ووضعه في مبناه ، وقد حفظ الله الحجر من لمس أيادي الفئات الكفرية وشرفه بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث رفعته إلى مكانه يداه ، وقال صلى الله عليه وسلم : " الحجر الأسود يمين الله في الأرض " ومن أجل ذلك قبله صلى الله عليه وسلم كما في الرواية العمرية وصارت سنة متبعة يثاب فاعلها ويحبه الله ويرضاه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الاثنين يونيو 29, 2015 3:12 pm

الفصل الثالث عشر

في بدء الوحي

وكان صلى الله عليه وسلم يرى في منامه ما سيحصل له في مستقبله من الحالات الجهادية فما رأى رؤيا إلا وجاءت مثل فلق الصبح بلا شك ولا اشتباه ، ثم حبب إليه صلى الله عليه وسلم الخلاء والبعد عن الخلائق بالكلية فكان صلى الله عليه وسلم يتعبد في غار حراء بإلهام من الله تعالى الذي وجهه إليه واجتباه ، وذلك استعداداً لتلقي الوحي بالآيات القرآنية إلى أن جاءه الوحي وأرسله إلى الخليقة مولاه ، فجاء الملك بغار حراء بأول سورة العلق فكان ذلك إخباراً بالنبوة المحمدية فرجع إلى خديجة رضي الله عنها وقال صلى الله عليه وسلم : " لقد خشيت اليوم على نفسي " وأخبرها بما سمعه ورآه ، فقالت : والله لا يخزيك الله أبداً يا ذا الفضل والخيرات والإعانات التي إلى الخلائق مسدية إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتعين ذا الحاجة حتى يصل إلى مناه .

ثم جاءه صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في بيته بأول سورة المدثر فكان ذلك بدء الرسالة المصطفوية فقام صلى الله عليه وسلم داعياً وخطيباً زمذكراً بخطبته التي رواها عنه الرواة ، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو الخلائق إلى الملة الحنيفية فآمن به صلى الله عليه وسلم من أراد الله تعالى سعادته وهداه .

فأول من آمن به صلى الله عليه وسلم سيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا علي وأم المؤمنين السيدة خديجة وبلال بن رباح الذي كان يؤذن للصلوات الفرضية ثم أسلم سيدنا عثمان وسيدنا سعد وسيدنا سعيد وسيدنا طلحة وسيدنا عبد الرحمن بن عوف الذي لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بتاجر الرحمن لكرمه وغناه ، ثم أسلم سيدنا الزبير بن العوام الذي أمه عمة النبي صلى الله عليه وسلم وهي السيدة صفية ثم أسلم أبو حفص سيدنا عمر الذي يوم إسلامه صلوا عند الكعبة أول صلاة .

ثم أسلم كثير من المهاجرين الذين هجروا ديارهم وتركوا أملاكهم من أجل نشر الدعوة الإسلامية وسماهم الله تعالى المهاجرين لهجرتهم إلى طيبة مع من رفع الله ذكره وأعلاه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الاثنين يونيو 29, 2015 4:24 pm

الفصل الرابع عشر

في الإسراء والمعراج

بينما النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعاً عند الحجر بالأراضي المكية إذ جاءه سيدنا جبريل وسيدنا ميكائيل ومعهما ملك آخر فحملوه صلى الله عليه وسلم إلى زمزم وبعد ذلك جبريل عليه السلام أقبل عليه صلى الله عليه وسلم وتولاه ، وشق صدره الشريف من ثغرة نحره إلى سرته النورانية وأخرج قلبه الشريف وغسله بماء زمزم وملأه حكماً وعلوماً وإيماناً ليتهيأ لمشاهدة خالقه ومولاه .

ثم جيء له صلى الله عليه وسلم بالبراق مسرجاً ملجماً وهو دابة من دواب الجنة العلوية فركبه صلى الله عليه وسلم وأخذ سيدنا جبريل بركابه وسيدنا ميكائيل بزمام البراق وذلك هو سفره ومسراه ، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالبلاد الشامية وذلك بجسده وروحه في حال اليقظة بإجماع العلماء العارفين سلفاً وخلفاً من المحققين الرواة .

وقد كشف الله تعالى له في طريق سيره إلى بيت المقدس عن آيات بديعة غيبية ما نالها أحد قبله صلى الله عليه وسلم وذلك لعلو قدره عند خالقه ومولاه .

وجمع الله تعالى له صلى الله عليه وسلم النبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام بأجسامهم وأرواحهم وملابسهم وذلك لأن الله حفظ أجسادهم من أن تأكلها الطبقات الأرضية فأذن جبريل عليه السلام للصلاة ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم فصار إمامهم في الصلاة ، لأنه صلى الله عليه وسلم أفضلهم وإمامهم فهو صلى الله عليه وسلم إمامهم في الصلاة وغيرها من الفضائل الربانية وله الشفاعة الكبرى عند اعتذار الرسل عليهم الصلاة والسلام عنها فهو صلى الله عليه وسلم أول الشفعاء يوم أن يبلغ الكرب منتهاه .

ثم أتي صلى الله عليه وسلم بأشربة فاختار اللبن فقال جبريل عليه السلام : قد اخترت الشربة الفطرية ثم جيء له صلى الله عليه وسلم بالمعراج وهو سلم مرقاة من الفضة ومرقاة من المعادن الذهبية فرقى به صلى الله عليه وسلم إلى السماء الدنيا حيث استفتح جبريل عليه السلام فقيل له : ومن معك ؟ فقال : محمد صلى الله عليه وسلم ففتح الخازن الباب ورحب بالنبي صلى الله عليه وسلم وحياه .

ولما وصل إلى السماء الأولى رأى فيها سيدنا آدم عليه السلام على صورته الأولية وفي السماء الثانية وجد سيدنا يحيى وسيدنا عيسى عليهما صلوات الله ، وفي السماء الثالثة وجد سيدنا يوسف عليه السلام الذي أعطاه الله شطر الحسن ذا المحاسن البهية وفي السماء الرابعة وجد سيدنا إدريس الذي رفعه الله مكاناً علياً وعلاه ، وفي السماء الخامسة وجد سيدنا هارون المحبب عند الأمة الإسرائيلية وفي السماء السادسة وجد سيدنا موسى بن عمران عليه السلام الذي رده لتخفيف الصلاة ، وفي السماء السابعة وجد سيدنا إبراهيم متكئاً إلى البيت المعمور بالملائكة النورانية وقال له : يا محمد أقريء أمتك مني السلام فعلى نبينا وعليه أفضل صلاة وأتم سلام يفوح في الكون شذاه .

ثم رأى صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى التي تنتهي إليها الأوامر الإلهية ثم رأى صلى الله عليه وسلم الجنة بما فيها والمار وما فيها وذلك من فضل الله .

ثم سار صلى الله عليه وسلم إلى مكان سمع فيه صرير الأقلام بالمقادير الإلهية ثم سار صلى الله عليه وسلم إلى مكان أظلته فيه غمامة فابتهل ساجداً فكشف له الحجاب ورأى ربه ومولاه وأسمعه سبحانه وتعالى كلامه القديم وفرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة فرضية ثم صارت خمساً بمراجعة الكليم سيدنا موسى على نبينا وعليه صلوات الله .

ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وركب البراق ووصل إلى الديار الحرمية فكذبه الكفار وصدقه الصديق حيث وفقه الله تعالى لذلك وهداه ، ومن أجل ذلك سمي الصديق ونال رتبة الصديقية رضي الله عنه وعن سيدنا عمر وعن سيدنا عثمان وعن سيدنا علي وجميع الصحابة عليهم رضوان الله ، وعن سيدنا الحسن وعن سيدنا الحسين وما تناسل منهما من الذرية وعن أمهما وأخواتهما وجميع أهل بيت رسول الله عليه وعليهم صلوات الله .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الاثنين يونيو 29, 2015 8:58 pm

الفصل الخامس عشر

في هجرته صلى الله عليه وسلم

وكان صلى الله عليه وسلم عظيم الصبر على أذى المشركين له ويدعو لهم بالهداية إلى الشريعة المحمدية حتى أذن الله تعالى له بالهجرة إلى طيبة التي هي أحب البلاد إلى الله .

وكان رفيقه صلى الله عليه وسلم في هجرته المباركة ذا المنزلة الصديقية أفضل الصحابة سيدنا أبا بكر الصديق الذي رضي الله عنه وأرضاه .

وقد ظهرت له صلى الله عليه وسلم في طريق هجرته معجزات صحيحة مروية كنسج العنكبوت وبيض الحمامة وحجب أبصار الكفرة عن مرآه ، ودر شاة أم معبد التي ما بها قطرة لبنية وقد ساخت قوائم فرس سراقة بن جعشم لما دنا من حبيب الله ومصطفاه .

ورد الله تعالى عنه صلى الله عليه وسلم الكفار بالخيبة الخذلانية ونجى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالحفظ والسلامة وحفظه وتولاه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الجمعة نوفمبر 13, 2015 9:58 am

الفصل السادس عشر

في دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة

وكان قد جاءه صلى الله عليه وسلم ما يزيد على السبعين من الأوس والقبيلة الخزرجية ، فآمنوا به صلى الله عليه وسلم فبعث صلى الله عليه وسلم اثنى عشر نقيباً يعلمونهم القرآن والفقه وما والاه ، فآمن به صلى الله عليه وسلم خلق كثير وانتشر الإسلام في الأراضي اليثربية وقدم صلى الله عليه وسلم عليهم المدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول الذي هو تاريخ ولادته كما رويناه .

ولما دخل صلى الله عليه وسلم المدينة استقبله أهلها بالبشر والسرور والمدائح الشعرية ، ولما أرادوا أن يأخذوا بزمام الناقة قال صلى الله عليه وسلم : دعوها فإنها مأمورة فجاءت عند مكان المسجد النبوي المسمى الآن بمبرك الناقة وبركت بإذن الله .

فأخذ أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه رحله صلى الله عليه وسلم إلى بيته بالفرح والسرور وحسن النية ، وكل يقول : تنزل عندي يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : أين الرحل ؟ فقال أبو أيوب : هو عندي يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : يبيت الرجل حيث بات رحله ، فيا سعد أبي أيوب ويا بشراه .

ثم بنى صلى الله عليه وسلم المسجد وتتابع الوحي بالأحكام الشرعية ، وجاءه المهاجرون والأنصار وقد ترك كل وطنه ومأواه .

جاءوا مهاجرين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم بعزيمة وقوة يحملون السيوف الهندية ، فقوى الجيش بأخطر سلاح وأقواه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله

محب الدين الصوفى · **مرسل:** السبت نوفمبر 14, 2015 3:13 pm

الفصل السابع عشر

جهاده صلى الله عليه وسلم وفتح مكة

وجاهد صلى الله عليه وسلم في سبيل الله تعالى لإعلاء كلمته في كل غزوة وسرية ، وكان صلى الله عليه وسلم حيث ما توجه له الغلبة والنصر على كل من قاتله وعاداه .
ومن أشهر غزواته بدر التي نزلت فيها الجيوش الملكية التي اطلع الله فيها على المجاهدين وقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، فكل وفق للخير بذلك وحسنت عقباه ، وقتل المسلمون فيها سبعين من رؤساء الفئة الكفرية كما أسروا سبعين منهم وقد بلغ النصر منتهاه ، حتى أذن الله تعالى بفتح مكة والديار الحرمية فجاءها صلى الله عليه وسلم مع عشرة الآف ممن أيدهم الله بدينه وتقواه ، ودخل مكة وأزال الأصنام التي كانت تعبدها العرب في الجاهلية وكان لخزاعة صنم من زجاج فوق سطح الكعبة رفعته فكان إلى الدمار منتهاه ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا علياً رضي الله عنه وكرم الله وجهه أن يضع قدميه على كتفيه الشريفتين ثم وقف النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ سيدنا علي رضي الله عنه الصنم وضرب به الأرض بيده القوية فتحطم تحطيماً فما أجهل من اتخذه إلهاً وعبده وناداه ، فلما حطم تهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسرور والفرح لإزالة الشرك والوثنية وقبل الحجر وطاف بالبيت العتيق وحمد الله تعالى ولباه ، وكان صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت والصحابة رضي الله عنهم حوله كالنجوم الزهرية وكان أبو سفيان واقفاً وهو يقول في نفسه : بم غلبني هذا الرجل ؟! فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على صدره وقال له : غلبتك بالله ، وقال لأهل مكة : اذهبوا فأنتم الطلقاء وعمهم صلى الله عليه وسلم برحمته الرحمانية وأذن المؤذن وابتهج البيت وعمر المصلى مصلاه ، ونزلت عليه صلى الله عليه وسلم سورة النصر تشير إلى دنو أجله صلى الله عليه وسلم وانتقاله إلى الروضة الجنانية ليحيا حياة الخلود مع النبيين والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم ممن حضر ليلة معراجه ومسراه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله .

محب الدين الصوفى · **مرسل:** السبت نوفمبر 14, 2015 8:31 pm

الفصل الثامن عشر

في وصفه صلى الله عليه وسلم

وقد آن للمحبين أن يسمعوا أوصاف حبيبهم صلى الله عليه وسلم التي ما نالها أحد من الأمة الإنسانية فهيئوا قلوبكم يا حاضرين لمشاهدته صلى الله عليه وسلم فعسى أرواحكم أن تلمح بديع سناه ، وقد وصفه صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم في الأحاديث الصحيحة المروية أنه كان أبيض اللون مشرباً بحمرة تعلو وجهه الشريف أنوار نورانية إذا تكلم خرج من فمه الشريف نور لمن سمع كلامه ورواه ، مربوع القامة إلى الطول أميل إذا مشى مع أطول الناس علا رأسه الشريف عليه لمن رآه ، عظيم الرأس رجل الشعر لا يطول شعره على شحمة أذنيه إذا حلقه أمر بتقسيمه على أصحابه ذوي الهمة العلية فمن أخذ شعرة كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها كما أخرج ذلك البخاري في صحيحه الذي جمع ثقاة الرواة ، أزهر اللون واسع الجبين أزج الحواجب في صورة هلالية أقنى العرنين ( أي مرتفع الأنف مع الجمال والمساواة ) كث اللحية ( أي عظيمة ) سوداء نقية سهل الخدين أدعج العينين ( أي شديد بياض العينين ) وشديد سوادهما وقد كحلت بإثمد القدرة عيناه ، واسع الفم أشنب الأسنان ( أي لها لمعان وبريق وصفات نورانية ) أفلج الأسنان وذلك يدل عند العرب على فصاحة المتكلم إذا نثر كلامه وألقاه ، له شعر دقيق على صدره الشريف يسمى المسربة ذو ليونة سندسية أبيض العنق معتدله كأنه جيد دمية ضخم الكراديس ( أي رءوس العظام ) بعيد ما بين المنكبين بادناً متماسكاً ذا قوة أسدية سواء البطن والصدر لأنه صلى الله عليه وسلم كامل الخلق والخُلق في جميع مزاياه ، أشعر المنكبين والذراعين عاري الثديين ( أي لا شعر فيهما ) ذا روائح تفوق روائح المسك الهندية وريحه صلى الله عليه وسلم أطيب من المسك وفضلاته التي تخرج منه صلى الله عليه وسلم أطيب من العطر وإنما يتطهر تعبداً لمن اختاره واصطفاه ، رحب الراحتين فكم جاد بهما وتصدق في سبيل مولاه ، كفه ألين من الحرير لمسه فطوبى لمن صافح وقبل تلك اليد المحمدية وقد أخرج أبو داود في سننه أن وفد عبد القيس ابتدروا يديه ورجليه صلى الله عليه وسلم فقبلوها حباً وشوقاً وتكريماً لمحياه ، يبدأ من لقيه بالسلام مبتسماً ناظراً له بنظرات الحب ذات الرأفة المحمدية فما رآه مؤمن إلا لان قلبه وأحبه وتمنى في كل ساعة لقياه ، إذا مشى يتقلع في مشيه كأنما ينزل من مكان مرتفع وذلك يدل على القوة البدنية وما صارعه أحد من العرب إلا وتغلب عليه صلى الله عليه وسلم وصرعه وعلى الأرض ألقاه ، دائم الفكر كثير السكوت يهتم لأمته الإسلامية جهوري الصوت يسمع كلامه كل من أراد سماعه ونواه ، سابل الطرف حياء من الله تعالى نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السموات العلوية أكثر نظره الملاحظة يرى من خلفه كما يرى من أمامه ولم يكن ذلك لأحد سواه ، وقد أجاد حسان بن ثابت رضي الله عنه حيث قال :
وأجمل منك لم تر قط عيني
وأكمل منك لم تلد النساء

خلقت مبرءًا من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء

وقال البوصيري رحمه الله :

منزه عن شريك في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منقسم

كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف
من معدني منطق منه ومبتسم

أكرم بخلق نبي زانه خلق
بالحسن مشتمل بالبشر متسم

كالزهر في ترف والبدر في شرف
والبحر في كرم والدهر في همم

كأنه وهو فرد من جلالته
في عسكر حين تلقاه وفي حشم

فهييء يا أخانا بقلبك حضوره صلى الله عليه وسلم في مجلسنا هذا عند تلاوة سيرته النبوية لعلك أن تحظى بما حظى به شيخنا السيد أحمد بن إدريس الذي رضي الله عنه وأرضاه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله .

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الأحد نوفمبر 15, 2015 8:19 am

الفصل التاسع عشر

في أخلاقه صلى الله عليه وسلم

وأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم فكان أكمل الناس أخلاقاً ذا صدر رحب ونفس سنية يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه ويعمم بره وعطاياه ، ويدرأ بالحسنة السيئة ويصبر على الأذية ولا يقابل السيئة بالسيئة بل بخيره ونداه ، ولما أدمى ساقيه الشريفتين أهل الطائف بالإصابات الحجرية استأذنته صلى الله عليه وسلم الملائكة بإهلاكهم فقال : أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ، وعفا صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة عفواً شاملاً لم يسبق في تاريخ الأمة العربية وقد أثنى الله تعالى على خلقه صلى الله عليه وسلم بقوله : " وإنك لعلى خلق عظيم " فما أعظم هذا الثناء وما أعلاه ، وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل وأمسك بجيبه وشده شدة أعرابية ثم أرسله صلى الله عليه وسلم وقال : أعطني من مال الله الذي ليس هو مال أبيك ولا جدك وأعطاه صلى الله عليه وسلم من الغنم ما أذهب فقره وأغناه ، وكان صلى الله عليه وسلم قائلاً تحت ظل شجرة وقد علق سيفه بفرع من فروعها الشوكية وجاء رجل مشرك فأخذ السيف وأيقظه صلى الله عليه وسلم وقال : من يمنعك مني يا ابن عبد الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : يمنعني منك ربي الذي له الأبدية فطار السيف من يده فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وألقى المشرك على الأرض وقال له صلى الله عليه وسلم : من يمنعك مني يا عدو الله ؟ فقال المشرك : يمنعني منك حلمك يا أكرم الأمة العربية فتركه النبي صلى الله عليه وسلم فقال المشرك : آمنت أنك رسول الله .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله .

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الأحد نوفمبر 15, 2015 1:44 pm

الفصل العشرون

التوسل به صلى الله عليه وسلم

وأما التوسل به صلى الله عليه وسلم فقد أجمع العلماء سلفاً وخلفاً على جوازه من غير شك ولا مرية جدلية لورود ذلك في القرآن العظيم في آيات كثيرة لمن دقق النظر وفتح مسامع قلبه فنال من الله هداه ، كقوله تعالى : " وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله .. " ، فهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة للهداية الربانية وهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في البيعة كما قال تعالى : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " ، وقال تعالى : " لتبين للناس ما نزل إليهم " ، فهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في بيان الآيات الربانية وقال تعالى : " والله ورسوله أحق أن يرضوه " فرضاه صلى الله عليه وسلم وسيلة لمن يريد أن يرحمه الله ويرضاه ، وقوله تعالى : " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " فهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في قبول التوبة ونزول الرحمة الرحمانية وهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في قبول الإسلام إلى يوم القيامة إذ كل من لم يقل وأن محمداً رسول الله لا يقبل الله إسلامه وبالكفر رميناه ، وقال تعالى : " صلوا عليه وسلموا تسليما " إذ من صلى عليه صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه صلاة ربانية فهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في صلاة الله تعالى على المصلين على نبيه صلى الله عليه وسلم ولولاه صلى الله عليه وسلم ما حصلت من الله الصلاة ، وهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في نزول الرحمة العامة إلى سائر الخلائق العلوية والسفلية ، قال تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " وقد نال شيئاً من هذه الرحمة جبريل عليه سلام الله ، وهو صلى الله عليه وسلم الوسيلة في رفع العذاب عن الخلق إلى يوم القيامة ولولاه صلى الله عليه وسلم لقلبت الأرض ونزل الحاصب وجاءت الرياح المهلكة الذرية قال تعالى : " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " فجل بفكرك يا أخانا فيما كتبته لك وغيري أقره وارتضاه ، وهو الوسيلة صلى الله عليه وسلم في نزول السكينة على أهل بيعة الشجرة الرضوانية إذ لولاه صلى الله عليه وسلم ما كان ذلك ولا سمعناه ، ومن السنة حديث الأعمى من غير شك ولا ريبة وهمية الذي ارتضاه الحفاظ كالحافظ المنذري ومن والاه ، وأما التوسل به صلى الله عليه وسلم فمستحب ومرغب فيه في الدعوات لرب البرية في الحياة وبعدها لقوله تعالى : " هم درجات عند الله " فلولا الدرجات لما قبل الله دعاء داع دعاه ، وهل النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته نقصت درجاته ؟! فمن اعتقد ذلك فقد كفر كفر الوثنية بل هو صلى الله عليه وسلم حي عند الله تعالى بحياة تفضل الحياة الأولى عند كل من عرف ذلك ووعاه ، وقد قال أمير المؤمنين سيدنا عمر رضي الله عنه : " اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم " فمعناه كنا نستسقى به متوسلين به إليك بدرجاته عندك ومنزلته العلية ولما امتنعت صلاته صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء قدم عمه العباس للصلاة وتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في قرابته فقال : " لقرابته من نبيك صلى الله عليه وسلم " ففكر في قولي هذا ولا تتبع من اتبع غيه وهواه ، ونقل ابن تيمية أن السلف الصالح كانوا يدعون بحديث الأعمى وأن الإمام أحمد رضي الله عنه أمر تلميذه المروزي في منسك له أن يتوسل بخير البرية قال شيخنا الشنقيطي رحمه الله : وهذا نقل صحيح من غير شك ولا اشتباه ، وحديث توسل آدم به عليه الصلاة والسلام أخرجه الحاكم في المستدرك بالأحاديث الصحيحة المروية وغير ذلك مما جمعه الشيخ النبهاني في كتبه وجمعه ووفاه ، والذي نقله ابن الحاج المالكي في المدخل ووافقه عليه علماء الأزهر وشيخ السادة المالكية وقد أدركت جميع علماء الأزهر يتوسلون برسول الله ، ومما يدل على التوسل به صلى الله عليه وسلم حديث الشفاعة يوم القيامة من جميع الأمم الإنسانية كما أخرجه الإمام البخاري وغيره فما أعظم قدر هذا النبي صلى الله عليه وسلم وأعلاه .

اللهم إنا نتوجه إليك بنبيك سيدنا محمد نبي الرحمة الرحمانية يا سيدنا يا محمد يا رسول الله ( ثلاث مرات ) إنا نتوجه بك إلى ربنا في أن يقضي حوائجنا وما دعونا به وما قصدناه ، اللهم شفعه فينا شفاعة مقبولة مرضية يدركنا نفعها في حياتنا ومماتنا حيث ما كنا بفضل الله .

تشفع رسول الله أنت مشفع
وجاهك عند الله لا شك ينفع

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله .

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الأحد نوفمبر 15, 2015 7:58 pm

الفصل الحادي والعشرون

في حياته صلى الله عليه وسلم بعد الموت

وأما حياته صلى الله عليه وسلم بعد الموت فقد أثبتها الحفاظ والعلماء بآية حياة الشهداء وقالوا : حياته صلى الله عليه وسلم ثابتة بالأولوية وقال علماء شنقيط رحمهم الله : بل حياته صلى الله عليه وسلم أرقى من حياة الشهداء حيث أباح الله تعالى تزويج نسائهم وحرم على المؤمنين تزوج نسائه صلى الله عليه وسلم وذلك لشدة غيرته صلى الله عليه وسلم وأنه في رقي سام وإدراك وحياة ، ولا عدة على نسائه رضي الله عنهن ولا يورث ماله وذلك يدل على كمال الحياة كما قرر ذلك علماء الديار الشنقيطية ، واعلم أن جسده الشريف صلى الله عليه وسلم لا يبلى بل هو باق محفوظ ونقل الزرقاني رحمه الله في شرحه لموطأ الإمام مالك رضي الله عنه في باب صفة المسيح عيسى بن مريم على نبينا وعليه صلوات الله ، أن العلماء قالوا في شرح حديثه صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام " أن أول واحد من أمته يسلم عليه بعد دفنه بقبره الشريف يرد الله عليه روحه فتبقى في جسده إلى يوم مشاهدة الأحوال الأخروية وذلك كلام طيب صحيح مطابق للواقع فما أعذبه وما أحلاه ، وقد دل القرآن العظيم على حفظ أجسام الأنبياء بعد الموت في قصة سليمان عليه السلام المروية وهو أنه قد مكث سنة متكئاً على عصا فلو كان عليه السلام كغيره لتحطم وتغير مرآه ، وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " رواية في السنن الترمزية وقد أخبر الله تعالى أنه يصلي عليه وذلك بالفعل المضارع الذي يدل على تجدد الحدث عند أهل العلوم النحوية وأمر بالصلاة والسلام عليه إلى آخر الزمان ومنتهاه ، وهل يصلي الله تعالى وملائكته والمؤمنون إلا على نبي بجسمه وروحه وحياة ثابتة زكية فاسمع كلامي هذا يا من فتح الله مسامع قلبه إلى معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم وأرشده ودلاه ، وكيف لا يكون كذلك وهو صلى الله عليه وسلم السراج المنير الذي منه تتقد السرج المطفية وهو صلى الله عليه وسلم كالشمس فإنها واحدة ولكنها ترى في جميع البقاع بلا شك ولا اشتباه ، وقد ورد في السنة الصحيحة حضور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في ليلة الإسراء وانتقالهم من قبورهم إلى بيت المقدس إلى السموات العلوية ورأى النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا موسى عليه السلام قائماً عند قبره يصلي وهابطاً بمكة من الوادي يلبي خالقه ومولاه ، وقد أجمع العلماء على أن ما ثبت للأنبياء عليهم الصلاة والسلام من معجزات بعد مماتهم فهي ثابتة لنبينا صلى الله عليه وسلم بطريق الأولوية وقد رأى صلى الله عليه وسلم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقظة بعد الموت فتجوز رؤيته صلى الله عليه وسلم كذلك وكثير من الصالحين قد أخبر أنه في حال اليقظة قد شاهده ورآه ، وأخرج البخاري عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من رآني في النوم فسيراني في اليقظة " أي في الدنيا يقظة كما نقل ذلك السيوطي وغيره من علماء الملة المرضية وقد ورد أيضاً أن سلام المسلم عليه يبلغه صلى الله عليه وسلم من أبعد بلد وأقصاه ، فلا تكن غافلاً يا أخانا في الله تعالى عما أشرت به إليك من الإشارات الذوقية مما أشرت به إليك من درر القول المدلل بصحيح السند وأقواه ، فلعلك أن تحظى بشهود روحك عند ذكر مولده صلى الله عليه وسلم بالمشاهدة القلبية التي هي غاية المتشوقين إلى لمحات لمعان جمال نوره صلى الله عليه وسلم وسناه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله .

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الاثنين نوفمبر 16, 2015 8:43 am

الفصل الثاني والعشرون

في بعض معجزاته صلى الله عليه وسلم

وأما معجزاته صلى الله عليه وسلم فكثيرة مشهورة نقلها أصحابه رضي الله عنهم ورأوها بالأعين البصرية منها أن حجراً بمكة كان يسلم عليه صلى الله عليه وسلم يقول : السلام عليك يا رسول الله ، وقد طلب المشركون منه صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر فانشق فرقتين وقد شاهدت الفئة الكفرية فقال صلى الله عليه وسلم : اشهدوا اشهدوا فقال الكفار : سحر محمد القمر نقل ذلك البخاري ورواه ، وكلام الضب معه صلى الله عليه وسلم باللغة العربية وشكوى البعير وسجوده له صلى الله عليه وسلم وقد سمع صلى الله عليه وسلم تظلمه وشكواه ، وقد نبع الماء النمير من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم فأروى جيش المهاجرين والفئة الأنصارية ولما بصق صلى الله عليه وسلم في طعام جابر وهو صاع من شعير وعناق صغيرة بارك الله تعالى فيه فشبع الجيش وبقي الطعام كما هو حكى ذلك جابر بن عبد الله ، ودعا صلى الله عليه وسلم الأشجار فجاءت إليه وسترته كأنها حجرة مبنية وظللته صلى الله عليه وسلم الغمامة في الحر وهي تتبعه في سيره وممشاه ، وراودته الجبال الشم أن تكون له ذهباً وعرضت عليه صلى الله عليه وسلم الكنوز الأرضية فزهد فيها صلى الله عليه وسلم وأعرض عنها فشرح الله صدره وأغناه ، والجذع حن له صلى الله عليه وسلم شوقاً إلى خطبة الجمعية ورد صلى الله عليه وسلم عين قتادة فعادت أحسن مما كانت وإذا رمدت العين الأخرى صرف الله تعالى عنها الرمد وأذاه ، ورد ذراع ابن عفراء فعاد سليماً ببركة ريقه صلى الله عليه وسلم الذي هو دواء من العلل الحسية والمعنوية وأعطى صلى الله عليه وسلم لعكاشة رضي الله عنه عرجوناً فعاد سيفاً صلتاً يهتز في يمناه ، وتفل في عيني سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه فذهب الرمد وشفاه الله تعالى بالبركة المحمدية وأخبر الذئب الراعي بظهوره صلى الله عليه وسلم ودله عليه وهداه ، وحكى الدميري في حرف الظاء أن الغزالة خاطبته صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث بطرق مروية وبارك صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة جراب تمر فمكث سنين يأكل منه وما أفناه ، وتفل صلى الله عليه وسلم في الماء المالح فصار عذباً كالمياه النيلية وأشبع صلى الله عليه وسلم أهل الصفة وهم يزيدون عن السبعين من قدح لبن وشبع أبو هريرة رضي الله عنه حتى قال : والله لا أجد فيها موضع مذقة يا رسول الله ، ولان الحجر تحت قدميه الشريفتين كأنه طينة لازبة طرية وإذا مشى صلى الله عليه وسلم على الرمل فلا تغوض فيه قدماه ، وكم أبرأت وصباً باللمس راحته صلى الله عليه وسلم وريقه ودعواته التعوذية فكم من مريض ببركة لمسه وريقه صلى الله عليه وسلم عافاه الله وشفاه ، ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أن صوته يسمع من بعد ويسمعه كل من قصده صلى الله عليه وسلم بكلماته الحكمية ذكر ذلك البيهقي رحمه الله في دلائل النبوة وحكاه ، وكان صلى الله عليه وسلم يفوح منه طيب أطيب من الطيب ويعلوه نور أضوأ من الشمس والأنوار القمرية ولا يزال صلى الله عليه وسلم كذلك حتى الآن ويا سعد من شم طيبه صلى الله عليه وسلم وأبصره بعيني قلبه ورآه ، لا سيما عند وقوفه تجاه الروضة الشريفة النجدية الزكية وزاره صلى الله عليه وسلم بروحه وقلبه وهذه يا أخانا إشارة لمن عرف كلامي هذا ووعاه .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله .

محب الدين الصوفى · **مرسل:** الاثنين نوفمبر 16, 2015 6:43 pm

الفصل الثالث والعشرون

في محبته صلى الله عليه وسلم

واعلم أنه لا يؤمن أحد حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وولده ووالده وسائر الخليقة الإنسانية إذ محبته هي محبة الله تعالى وطاعته هي طاعة الله تعالى ولا تغفل عن صفي الله تعالى ومجتباه ، ومن أدلة محبته صلى الله عليه وسلم كثرة الصلاة والسلام عليه في البكرة والعشية وزيارة روضته الشريفة التي ما زارها مؤمن إلا انشرح صدره وفرح قلبه عندما يقول : السلام عليك يا سيدي يا رسول الله ، ومن محبته صلى الله عليه وسلم محبة أهل بيته رضي الله عنهم وهم العترة الطاهرة النبوية ومحبة أصحابه الأئمة الهداة وزيارة مقابرهم لأن زيارة المقابر سنة قولية وفعلية وقد زار النبي صلى الله عليه وسلم أهل البقيع وشهداء بدر وعمه حمزة سيد الشهداء رضي الله عنه كما رويناه ، وكان صلى الله عليه وسلم يزور شهداء بدر ذكر ذلك ابن سيد الناس في سيرته النبوية وشد الرحال إلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة الصالحين أحياء وأمواتاً سنة لأن ما وصل إلى السنة فهو سنة كما بينه النووي وحكاه ، وأما حديث " لا تشد الرحال .. " فوارد في بيان فضل المساجد وليس للنهي عن الزيارة كما قرره أهل العلوم الأزهرية ولفظ " لا تشد الرحال " خرج مخرج الغالب إذ المنهي عنه مطلق الانتقال من مسجد إلى مسجد كما فهمناه ، وعليك يا أخانا في الله تعالى بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة أهل بيته رضي الله عنهم والصحابة والصالحين أولي الدرجات العلية فإن كل من زارهم وسلم عليهم رأوه وردوا سلامه فيا سعد من سلم عليهم بقلب سليم ويا بشراه ، لا سيما الإمام أبي عبد الله سيدنا الحسين ومن معه بالديار المصرية فزرهم بروحك وقلبك واعلم أن الزيارة بالأرواح لا بالأشباح يا عبد الله .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خير البرية وعلى آله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله .

موقع د. محمود صبيح

تجميع لكتب المولد النبوي الشريف

الموجودون الآن