قال لى بعينيه اللامعتين فى وجه كساه الشعر الأبيض الكثيف بالنور , و بدا تحت العينين خطان أسودان من كثرة البكاء ترى الجلال فيهما يدور : هل يمكر المجذوب ؟ فقلت بفضل مولاى : نعم , فمكر المجذوب تشويش على المتفرس فى الحال , حتى لا يناله بسخرية , أو سيئ مقال , أو تصيب المجذوب منه عينٌ حاسدة بنوال . فقال لى : و علام يكون الحسد فى المجذوب ؟ يكون على صدق حاله ,فى إخلاص ترحاله ,إلى مولاه الذى أجازه فى رجاله . فقال لى : و كيف يمكر من لا عقل له ؟ فقلت بفضل مولاى : قلبه عامر , يمكر له مولاه بالمَحَاضِر " و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين " فقال لى : و ما المَحَاضِر ؟ فقلت بفضل مولاى : ما تحضره القلوب الفاسدة بالغيرة , و تهاجم به قلبا أصفاه الله من الحيرة , لأن الأنوار جذبته عن انشغال العقل بتشابك الأفكار المطيرة . فقال لى : و ما الأفكار المطيرة ؟ فقلت بفضل مولاى : إغراق العقل بأفكار السوى , حتى يتعذر فى العبد طرح النوى . فقال لى : و ما طرح النوى ؟ فقلت له : إثمار بعد إنبات , و إحاطة النور بالعبد بعد يقين و ثبات . . فقال المجذوب : و الله , لقد حملتنى فى معراج , فرأيت نورا ليس له فى ترجمة الصالحين إدراج , لأنه خفى عن الحروف و الإخراج . ثم سار إلى حال سبيله
_________________
مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم
|