اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm مشاركات: 5435
|
الجـود والسـخاء
قال الله عز وجل : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } الحشر9 .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ": السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار , و البخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار , ولجاهل سخي أحب الى الله تعالى من عابد بخيل . "
السخاء هو الرتبة الأولى ثم الجود بعده ثم الإيثار .. فمن أعطى البعض وأبقى البعض فهو صاحب سخاء ، ومن بذل الأكثر وأبقى لنفسه شيئاً فهو صاحب جود ، والذى قاسى الضرر وآثر غيره فهو صاحب إيثار .
قيل : لقى رجل من أهل منبج رجلاً من أهل المدينة فقال : ممن الرجل ؟ فقال : من أهل المدينة . فقال : لقد أتانا منكم رجل يقال له الحكم بن المطلب فأغنانا . فقال المدنى : فكيف وما أتاكم إلا فى جبة صوف ؟! فقال : ما أغنانا بمال ولكنه علمنا الكرم فعاد بعضنا على بعض حتى استغنينا .
يقول أبا على الدقاق : لما سعى غلام الخليل بالصوفية إلى الخليفة أمر بضرب أعناقهم . فأما الجنيد فإنه تستر بالفقه وكان يفتى على مذهب أبى ثور ، وأما الشحام والرقام والنورى وجماعة فقبض عليهم لضرب أعناقهم . فتقدم النورى فقال السياف : تدرى إلى ماذا تبادر ؟ فقال : نعم . فقال السياف : وما يعجلك ؟ قال : أوثر على أصحابى محياة ساعة . فتحير السياف وأنهى الخبر إلى الخليفة فردّهم إلى القاضى ليتعرف حالهم . فألقى القاضى على أبى الحسين النورى مسائل فقهية فأجابه عن الكل ثم أخذ يقول : وبعد فإن لله تعالى عباداً إذا قاموا قاموا بالله ، وإذا نطقوا نطقوا بالله وسرد الفاظاً أبكى القاضى ، فأرسل القاضى إلى الخليفة وقال : إن كان هؤلاء زنادقة فما على وجه الأرض مسلم .
سئُل قيس بن سعد بن عبادة : هل رأيت اسخى منك ؟ فقال : نعم نزلنا بالبادية على إمرأة فحضر زوجها فقالت : إنه نزل بك ضيفان فجاء بناقة ونحرها وقال شأنكم بها ، فلما كان بالغد جاء بأخرى ونحرها وقال شأنكم بها فقلنا : ما أكلنا من التى نحرت البارحة إلا اليسير . فقال إنى لا أطعم أضيافى الغابّ فبقينا عنده يومين أو ثلاثة والسماء تمطر وهو يفعل كذلك فلما أردنا الرحيل وضعنا له مائة دينار فى بيته وقلنا للمرأة اعتذرى لنا إليه ومضينا فلما متع النهار إذا نحن برجل يصيح خلفنا قفوا أيها الركب اللئام أعطيتمونى ثمن قراى ثم إنه لحقنا وقال لتأخذنه وإلا طعنتكم برمحى فأخذناه وانصرف فأنشأ يقول : وإذا أخذت ثواب ما أعطيته"="فكفى بذاك لنائل تكديرا
ويحكى عن عبد الله بن جعفر أنه خرج إلى ضيعة له فنزل على نخيل قوم وفيها غلام أسود يعمل فيها إذ أتى الغلام بقوته فدخل كلب البستان ودنا من الغلام فرمى إليه الغلام بقرص فأكله ثم رمى إليه بالثانى والثالث فأكله وعبد الله ينظر فقـال : يا غلام كم قوتك كل يوم ؟ قال : ما رأيت . قال : فلِمَ آثرت هذا الكلب ؟ قال ما هى بأرض كلاب إنه جاء من مسافة بعيدة جائعاً فكرهت ردّه . قال : فما أنت صانع اليوم ؟ قال : أطوى يومى هذا . فقال عبد الله بن جعفر : اُلام على السخاء إن هذا لأسخى منى فاشترى البستان والغلام وما فيها من الآلات فأعتق الغلام ووهبها له .
وقيل : أتى رجلاً صديقاً له ودق عليه الباب فلما خرج إليه قال : لماذا جئتنى ؟ قال : لأربعمائة درهم دين ركبتنى . فدخل الدار ووزن له أربعمائة درهم وأخرجها إليه ودخل الدار باكياً فقالت له امرأته هلا تعللت حين شق عليك الإجابة . فقال : إنما أبكى لأنى لم أتفقد حاله حتى احتاج إلى مفاتحتى به .
وكان مطرف بن الشخير يقول : إذا أراد أحدكم منى حاجة فليرفعها فى رقعة فإنى أكره أن أرى فى وجهه ذل الحاجة .
وروى عن أنس بن مالك أنه قال : زكاة الدار أن يتخذ فيها بيت للضيافة .
قال عبد الله بن المبارك : سخاء النفس عما فى أيدى الناس أفضل من سخاء النفس بالبذل .
يروى بعضهم فيقول : دخلت على بشر بن الحرث فى يوم شديد البرد وقد تعرى من الثياب وهو ينتفض فقلت : يا أبا نصر الناس يزيدون فى الثياب فى مثل هذا اليوم وأنت قد نقصت فقال : ذكرت الفقراء وما هم فيه ولم يكن لى ما أواسيهم به فأردت أن أوافقهم بنفسى فى مقاساة البرد .
وقال إبراهيم بن الجنيد : كان يقال أربعة لا ينبغى للشريف أن يأنف منهم وإن كان أميراً : قيامه من مجلسه لأبيه ، وخدمته لضيفه ، وخدمته لعالم يتعلم منه ، والسؤال عما لم يعلم .
|
|