(ما يتعلق بالذبيحة)
45- ما هى شروط الأُضْحِيَّة؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب: شروط الأُضْحِيَّة هي:
1- أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم، ومن الغنم: الضأن والمعز.
2- وأن تبلغ السن المحددة شرعًا، بأن تكون جذعة للضأن، وأن تكون ثنية فى غيره، ويتسامح فى ذلك لذوات اللحم الوفير.
3- وأن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء، وهى العور البيِّن، والمرض البيِّن، والعرج البيِّن، والهزال المزيل للمخ.
4- وأن تكون ملكًا للمضحى أو مأذونًا له فى التضحية بها.
5- وأن يكون الذبح فى الوقت المحدد شرعا، ويبدأ من شروق شمس يوم النحر (العاشر من ذى الحجة)، وينتهى بغروب شمس آخر أيام التشريق، وبذلك تكون أيام الذبح أربعة أيام.
6- وأن يكون الحيوان حيَّا وقت الذبح.
7- وأن يكون زهوق روحه بمحض الذبح، فلو اجتمع الذبح مع سبب آخر للموت يُغَلب المحرِّم على المبيح، فتصير ميتة لا مذكاة.
8- وألا يكون الحيوان صيدًا من صيد الحرم، فلو ذُبح صيد الحرم كان ميتة، سواء كان ذابحه محرما أو حلالا (غير محرم).
46- هل يجوز أن تكون الأُضْحِيَّة من غير الأنعام؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب: اتفق الفقهاء على أن الأُضْحِيَّة لا تكون من غير الأنعام، وهى الإبل سواء كانت عربية أو غير ذلك من أصناف الإبل، والبقر والجواميس الأهلية بأنواعها، والغنم: ضأنا كانت أو معزا، ويجزئ من كل ذلك الذكور والإناث. فمن ضحَّى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور، لم تصح تضحيته به، لقوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) [الحج: 34]. ولأنه لم تنقل التضحية من حيوان غير الأنعام عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعليه لو ذبح دجاجة أو ديكا بنية الأضحية لم يجزئه.
47- ما هو سن الأُضْحِيَّة وقت الذبح؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب: عَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ))، أخرجه مسلم فى صحيحه. والمسنة من كل الأنعام هى الثنية فما فوقها. قال الإمام النووى في" المجموع" (8/ 393): [قال أهل اللغة: المسن: الثنى من كل الأنعام فما فوقه]. وإنما تبلغ الأُضْحِيَّة سن الأضحية بأن تكون ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز، وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن، فلا تجزئ الأضحية بما دون الثنية من غير الضأن، ولا بما دون الجذعة من الضأن. فأقل ما يجزئ من السن : الجذع من الضأن: وهو ما أتم ستة أشهر. والمسنة من الماعز هى الثني: وهى ما أتم سنة قمرية ودخل فى الثانية دخولا بينًا ؛ كأن يمر عليها شهر بعد بلوغ السنة. والمسنة من البقر هى الثنى : وهى ما بلغ سنتين قمريتين، والجاموس نوع من البقر. والمسنة من الإبل (الجمال) الثني: وهو ما كان ابن خمس سنين.
48- هل يجوز تخلف شرط السن فى الأُضْحِيَّة؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب : اشترطت الشريعة للأُضْحِيَّة سنًّا معينة؛ لمَظِنَّةِ أن تكون ناضجة كثيرة اللحم؛ رعاية لمصلحة الفقراء والمساكين، فإذا كانت المستوفية للسن المحدد فى نصوص الشرع الشريف هزيلة قليلة اللحم، ووجد من الحيوانات التى لم تستوفِ السن المحددة شرعًا ما هو كثير اللحم كما يحدث فى هذا الزمان؛ نتيجة للقيام بعلف الحيوان الصغير بمركزات تزيد من لحمه؛ بحيث إذا وصل إلى السن المحدد هَزُلَ وأخذ فى التناقص، خاصةً مع الأساليب العلمية الحديثة لتربية العجول والتى تعتبر وزن النضج هو 350 كجم أو نحوها للعجل، عند سنّ 14-16 شهرًا؛ وهى سن الاستفادة الفضلى من لحمه، بل لا يُبقَى عليه عادةً بعدها إلا لإرادة اللقاح والتناسل لا اللحم، وهو فى هذا السن يسمى جذعًا، فلا مانع حينئذ من الأضحية به؛ فإن العلة هى وفرة اللحم وقد تحققت فى الحيوان الذى لم يبلغ السن أكثر من تحققها فى الذى بلغها، والإسلام قد راعى مصالح العباد وجعل ذلك من مقاصد الشريعة الغراء؛ فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ)) رواه مسلم.
قال الإمام النووى الشافعى فى "المجموع" (2/370-371، ط. المنيرية) فى حكاية مذاهب العلماء فى المسألة: [أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني, ولا من الضأن إلا الجذع, وأنه يجزئ هذه المذكورات، إلا ما حكاه العبدرى وجماعة من أصحابنا عن الزهرى أنه قال: لا يجزئ الجذع من الضأن، وعن الأوزاعي: أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن, وحكى صاحب "البيان" عن ابن عمر كالزهري, وعن عطاء كالأوزاعي] اهـ. وعبارة الإمام العمرانى فى "البيان" (4/440، ط. دار المنهاج): [وقال عطاء والأوزاعي: يجزئ الجذع من جميع الأجناس] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلى فى "المغني" (11/100، ط. دار الفكر): [ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن، والثنى من غيره، وبهذا قال مالك والليث والشافعى وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي، وقال ابن عمر والزهري: لا يجزئ الجذع؛ لأنه لا يجزئ من غير الضأن، فلا يجزئ منه كالحمل، وعن عطاء والأوزاعي: يجزئ الجذع من جميع الأجناس؛ لما روى مجاشع بن سليم رضى الله عنه قال: سمعت النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إِنَّ الجَذَعَ يُوفِى مِمَّا يُوفِى مِنْهُ الثَّنِيُّ)) رواه أبو داود والنسائي. ولنا: أن الجذع من الضأن يجزئ؛ لحديث مجاشع رضى الله عنه وأبى هريرة رضى الله عنه وغيرهما، وعلى أن الجذعة مِن غيرها لا تجزئ: قولُ النبى صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عسر عليكم فاذبحوا الجذع من الضأن))، وقال أبو بردة بن نيار: عندى جذعة أحب إلى من شاتين، فهل تُجزِئُ عني؟ قال: ((نعم، ولا تجزئ عن أحد بعدك)) متفق عليه، وحديثهم محمول على الجذع من الضأن؛ لما ذكرنا] اهـ.
فالأصل عند جماهير العلماء فى سن الأُضْحِيَّة فى البقر أن تكون من الثَّنِيِّ، وهو ما جاوز عمره سنتين، فإذا وُجدَ كان أفضل، وإذا لم يوجد إلا جَذَع (وهو ما جاوز السنة) وكان عظيمًا وافر اللحم فلا بأس به؛ عملا بمذهب عطاء والأوزاعي، ويندرج فى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الْجَذَع يوفى مما يوفى منه الثني))، رواه أبو داود والنسائى من حديث مُجاشع بن مسعود رضى الله عنه، والجذع والثَّنِى فى كل جنس من هذه الأنعام بحسبه على خلاف بين العلماء فى ذلك، والراجح أن الجذع من البقر ما جاوز عمره سنة، والثَّنِى منها ما جاوز عمره سنتين، ويقال له: المسن أيضًا، وجواز الأُضْحِيَّة بالجذع من كل حيوان -حتى المعز- هو مذهب الإمامين الفقيهين عطاء والأوزاعى رحمهما الله تعالى كما سبق، ويستدل لهذا المذهب بظاهر حديث أبى داود والنسائى السابق، والذى يدل على أن الأصل الثَّنِيّ، فإذا لم يوجد إلا الجذع فإنه يوفى مما يوفى منه الثَّنِيّ. وحَمْلُ حديث مجاشع على أنه فى الجذع من الضأن غير متعين؛ لأنه لو لم يرد حديث مجاشع لجاز لنا قياس الجذع من البقر والإبل -إذا عسرت المسنة منهما- على الجذع من الضأن إذا عسرت المسنة منه؛ إذ لا فرق بين الأجناس، والأصل فيها جميعا الثنى المسن، فإذا لم يوجد وجاز الجذع فى أحدها جاز فى جميعها، ويكون قيد (من الضأن) الوارد فى حديث مسلم: ((لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ)) إنما هو لبيان الواقع فى الواقعة نفسها، أو خرج مخرج الغالب؛ لغلبة الضأن ويسره عليهم، والقيود التى لبيان الواقع أو خرجت مخرج الغالب لا مفهوم لها، ولا تقييد بها على ما هو مقرر فى أصول الفقه.
وحديث مسلم تأوله الجمهور –على ما نقله عنهم العلامة ابن حجر الشافعى فى "تحفة المحتاج" (9/349)- بحمله على الندب؛ أي: يُسَنُّ لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن. وفى "نيل الأوطار" شارحا للحديث نفسه: [قال العلماء: المسنة هى الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع ولا يجزئ إلا إذا عسر على المضحى وجود المسنة. وقد قال ابن عمر والزهري: إنه لا يجزئ الجذع من الضأن ولا من غيره مطلقًا. قال النووي: ومذهب العلماء كافة أنه يجزئ سواء وجد غيره أم لا، وحملوا هذا الحديث على الاستحباب، والأفضل, تقديره: يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن]. وعليه فيجوز ذبح الصغيرة التى لم تبلغ السن إن كانت عظيمة بحيث لو خلط بالثنايا لاشتبه على الناظرين من بعيد، حيث إن وفرة اللحم فى الذبيحة هى المقصد الشرعى من تحديد هذا السن، فلو حصلت وفرة اللحم أغنت عن شرط السن، وهو المفتى به.
49- هل هناك من العيوب ما يمنع ذبح الأُضْحِيَّة؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب: يشترط فى الأُضْحِيَّة سلامتها من العيوب الفاحشة، وهى العيوب التى من شأنها أن تنقص الشحم أو اللحم إلا ما استثني، وبناء على هذا الشرط لا تجزئ الأضحية بما يأتى :
(1) العمياء. (2) العوراء البيِّن عورها، وهى التى ذهب بصر إحدى عينيها، وفسرها الحنابلة بأنها التى انخسفت عينها وذهبت، لأنها عضو مستطاب، فلو لم تذهب العين أجزأت عندهم، وإن كان على عينها بياض يمنع الإبصار. (3) مقطوعة اللسان بالكلية.
(4) ما ذهب من لسانها مقدار كثير . وقال الشافعية : يضر قطع بعض اللسان ولو قليلا .
(5) الجدعاء وهى مقطوعة الأنف .
(6) مقطوعة الأذنين أو إحداهما، وكذا السكاء وهى : فاقدة الأذنين أو إحداهما خلقة، وخالف الحنابلة فى السكاء.
(7) ما ذهب بعض الأذن مطلقا.
(8) العرجاء البيِّن عرجها، وهى التى لا تقدر أن تمشى برجلها إلى المنسك - أى المذبح - وفسرها المالكية والشافعية بالتى لا تسير بسير صواحبها.
(9) الجذماء وهى : مقطوعة اليد أو الرجل، وكذا فاقدة إحداهما خلقة.
(10) الجذاء وهى : التى قطعت رءوس ضروعها أو يبست. وقال الشافعية : يضر قطع بعض الضرع، ولو قليلا .
(11) مقطوعة الإلية، وكذا فاقدتها خلقة، وخالف الشافعية فقالوا بإجزاء فاقدة الإلية خلقة، بخلاف مقطوعتها .
(12) ما ذهب من إليتها مقدار كثير .
(13) مقطوعة الذنَب، وكذا فاقدته خلقة، وهى المسماة بالبتراء .
(14) ما ذهب من ذنَبها مقدار كثير.
(15) المريضة البين مرضها، أى التى يظهر مرضها لمن يراها.
(16) العجفاء التى لا تنقى، وهى المهزولة التى ذهب نقيها، وهو المخ الذى فى داخل العظام، فإنها لا تجزئ، لأن تمام الخلقة أمر ظاهر، فإذا تبين خلافه كان تقصيرا.
(17) مُصَرَّمَة الأطباء، وهى التى عولجت حتى انقطع لبنها.
(18) الْجَلاَّلَة، وهى التى تأكل العذرة ولا تأكل غيرها، مما لم تستبرأ؛ بأن تحبس أربعين يوما إن كانت من الإبل، أو عشرين يوما إن كانت من البقر، أو عشرة إن كانت من الغنم.
وذكر الشافعية من أن (الهيماء) لا تجزئ، وهى المصابة بالهيام وهو عطش شديد لا ترتوى معه بالماء، فتهيم فى الأرض ولا ترعى. وكذا (الحامل) على الأصح، لأن الحمل يفسد الجوف، ويجعل اللحم رديئا.
والأصل الذى دل على اشتراط السلامة من هذه العيوب كلها ما يلي:
1- عن عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ قَالَ: قُلْتُ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: حدثنى بِمَا كَرِهَ أو نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأضاحي. فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا بِيَدِهِ، وَيَدِى أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ: ((أَرْبَعٌ لاَ تُجْزِئُ فى الأضاحي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ التى لاَ تُنْقِي)) أخرجه ابن ماجه فى سننه.
2- عَنْ عَلِى بْنِ أَبِى طَالِبٍ رضى الله عنه قَالَ: ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالأُذُنَ، وَأَنْ لاَ نُضَحِّى بِمُقَابَلَةٍ وَلاَ مُدَابَرَةٍ وَلاَ شَرْقَاءَ وَلاَ خَرْقَاءَ)) أخرجه الترمذى فى سننه.
3- عَنْ عَلِى رضى الله عنه أَنَّ النَّبِى صلى الله عليه وسلم: ((نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِعَضْبَاءِ الأُذُنِ وَالْقَرْنِ)) أخرجه أبو داود فى سننه.
_________________ يارب بالمصطفى بلـــغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى ياواســع الكرم واغفر إلهى لكل المسلمين بما يتلون فى المسجد الأقصى وفي الحرم بجاه من بيته فى طيبة حرم واسمـــه قسم من أعظم القســم اللهم استعملنا ولا تستبدلنا بجــــاه سيــــدنـا ومـولانــا رسول الله ﷺ
|