رحيل السيدة زينب عليها السلام إلى مصر :
كانت السيدة زينب عليها السلام موضع الإجلال والحب والتقدير من أهل المدينة ، ولقد كان مشهودا لها برجاجة العقل ، وفصاحة اللسان ، وقوة التأثير ، وروعة التصوير ، فكانت تشرح للوافدين لتعزيتها الفاجعة التى حدثت لآل البيت ، وتصور المأساة وتوضح فظاعتها فكانت تهز القلوب هوا ، وتملأ النفوس بالسخط والغضب علىالجناة مفترفى هذه الجريمة ، التى لم يحدث فى تاريخ الإسلام مثلها ابدا ، والتى ارتكبها هؤلاء البغاة الذين لا يخافون ربهم والذين وقفوا موقف العداوة الصارخة من الله ورسوله ، مما أقض بعد أن خطبت رضى الله عنها فى الناس وطالبتهم بأخذ الثأر من الجناة ، فبلغ ذلك والى المدينة 0 عمرو بن سعيد . الذى كتب بشأنها إلى يزيد ابن معاوية يعلمه الخبر فكتب إليه يزيد يأمره أن يفرق بينها وبين أهل المدينة لأن وجودها مهيج للخواطر ، فطلب منها والى المدينة الخروج منها والإقامة حيث تشاء ، فقالت رضى الله عنها قد علم الله ما صرنا إليه ، قتل خيرنا ، وسقنا كما تساق الأنعام ، وحملنا على الأقتاب ، فوالله لا خرجنا وإن أهرقت دماؤنا .
فتدخلت زينب بنت عقيل وأخذت ترجوها وتقول ك ابنة عماه ، قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء ، فطيبى نفسا وقى عينا ، وسجزى الله الظالمين اتريدن بعد هذا هوانا ؟ إرحلى إلى بلد آمن .
وكانت السيد زينب عليها السلام راجحة العقل لبيبة زكية وأخذت تستمع إلى نساء بنى هاشم اللائى اجتمعن حولها يواسينها ويتلطفن معها ويعرضن عليها مشورتهن ، ورأت السيدة زينب العقيلة الطاهرة ان مصر فيها أحباب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآل البيت الطاهرين ، تهفو قلوبهم دائما غليهم ، فاختارت الهجرة إلى مصر ، فجهزوها هى ومن أراد السفر معها من نساء بنى هاشم ، فتعلقت بها فاطمة النبوية وأختها سكينة ( أبنتا الحسين ) وبع إمائها وأبين أن يفارفنها
وقد قطعت السيدة زينب عليها السلام ومن معها هذه الرحلة الشاقة على أقتاب الجمال ، وحينما دخلت الديار الديار المصرية المصرية ووصلت إلى قرية العباسة ( القريبة من بلبيس بمحافظة الشرقية ) وعلم المصريون بقدومها إليهم هبوا جميعا خارجين لاستقبالها بما يليق بها من الحفاوة والتركيم ويتقدمهم الوالى مسلمة بن مخلد النصارى والعلماء والقضاة والأعيان والتجار والصناع والفلاحين ، واستقبلوها حفاة الأقدان إجلالا وتقديرا لمنزلتها وتعظيما لشخصها ، وتقدم غليها مسلمة ابن مخلد وعبد الله بن الحارث وأبو عميرة المزنى فقدموا لها أصدق التعازى فى استشهاد سيدنا الإمام الحسين وشبابا أهل البيت الأطهار فبكت وبكى الحاضرون جميعا فقالت لهم : ( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون )
وقد وافق دخولها مصر أول هلال شعبان سنة إحدى وستين من الهجرة ( الموافق 26 من إبريل سنة 687م ) وقد تنازل لها الوالى مسلمة بن مخلد الأنصارى عن الدار التى قامت بها وكان يتوافد المصريون على مجلسها وفى مقدمتهم أهل الفضل والعلم يستمعون منها إلى تفسيرها لآيات القرآن الكريم وأحاديث جدها صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة أهل البيت الأطهار ، وينتفعون بما تفيضه عليهم من فقه وعلم وبما ورثته عن جدها عليه الصلاة والسلام وما تعلمته من أمها الزهراء عليها وعليهم السلام وأبيها الإمام على كرم الله وجهه .
وكان مجلسها العامر مشرقا بأنوار النبوة محفوفان بأجنحة الملائكة ، موصولا بنور السماء وكانت عليها السلام – إلى ذلك كله وادعة الطبع واسعة الصدر كريمة الخلق صافية النفس نقية السريرة طاهرة القلب ، طيبة الشمائل .
ولقد ظلت على هذا الحال قانتة عابدة تالية للذكر الحكيم صوامة قوامة ضارعة داعية بما حفظته من مأثور دعاء جدها عليه الصلاة والسلام علىنحو ما تقول :
[u]
يا من لبس العز وتردى به ، سبحان من تعطف بالمجد وتحلى به ، سبحان من لا ينبغى التسبيح إلا له سبحانه من أحصى كل شىء عددا بعلمه سبحان ذى العز والنعم سبحان ذى القدرة والكرم سبحان ذى المن والنعم .. اللهم إنى أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامات التى تمت صدقا وعدلا ان تصلى على محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرية وأن تجمع لى خيرى الدنياوالآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين
[/u]
. كما كانت تتضرع ببعض الأدعية ومنها :
وكم لله من لطف خفى يدق خفاه عن فهم الذكى
وكم يسر أتىمن بعد عسر وفرج كربة القلب الشجى
وكم أمر تساء به صباحا فتاتيك المسرة بالعشى
إذا ضاقت بك الأحوال يوما فثق بالواحد الفرد العلى
توسل بالنبى .. فكل خطب يهون إذا توسل بالنبى
ولا تجزع إذا ما ناب خطب فكم لله من لطف خفى
وللسيدة زينب عليها السلام كثير من الكرامات ، ويروى أنها حينما اختارت مصر وعزمت على الهجرة غليها ، سألها عمرو بن سعيد والى المدينة لماذا اخترت مصر ؟ فأجابته : لأكون وأنا فى بزخى بعد سنين ستمضى فى شرف استقبال رأس الحسين الذى سودتم تاريخكم بدمه الطاهر البرىء ... وهذه الكرامة الخارقة قد أظهرها الله سبحانه وتعالى على يد السيدة زينب وتحققت بعد مئات السنين
وظليت السيدة زينب عليها السلام بين المصريين منارة للهداية وكعبة للمحبين لآل البيت الطاهرين ويشعر أهل مصر نحوها بالقداسة والمحبة والخشوع وبانها رمز للطهر والبسالة والتضحية والفداء وبأن الله سبحانه وتعالى قد أكرمهم بأن شرف أرض مصر فجعل مقامها فيها وفى ذلك يقول القائل :
لذ فى الشدائد بابنة الزهـــــــــراء واقصد حماها توق كل عناء
هى زينب ذات المقامات العــــــلى وكريمة الأجداد والآبـــــــاء
هى ربة الشورى وغوث من التجا بنت الإمام وفارس الهيجاء
وقد مكثت السيدة زينب عليها السلام زهاء عام على هذا الحال حتى اختارها الله إلى جواره وصعدت روحها الطاهرة إلى بارئها عشية الأحد لخمسة عشر يوما مضت من رجب سنة 62هـ ودفنت بمحل سكناها الى أقيم عليه مسجدها المعروف الآن بالقاهرة وقد نقش على ضريحها هذه الأبيات
هذا ضريح شقيقة القمرين بنت الإمام شريفة الأبوين
وسليلة الزهراء بضعة أحمد نور الوجود وسيد الثقلين
نسب كريم للفصيحة زينب شمس الضحى وكريمة الدارين
وبعد مرور عام على وفاتها وف
نفس اليوم الذى توفيت فيه اجتمع اهل مصر وفى مقدمتهم الشيوخ والفقهاء والقراء وأقاموا لها المولد الزينبى الذى يتم فى شهر رجب من كل عام وهناك فى رحابها تستجاب الدعوات وتتنزف الرحمات من رب الأرض والسموات ، ويقصدها ملايين الزائرين متضرعين الى الله خاشعين وهائمين فى محبة رسول الله وآله بيته الطاهرين ويقفون أمام ضريحها فى خشوع وإجلال يهمسون بالدعوات وتنحدر من عيونهم العبرات
سلام عليك يا سيدتى يا حفيدة رسول الله صلى الله عليه وىله وسمل يا بنت سيدة نساء أهل الجنة ، وبنت الإمام على المرتضى أمير المؤمنين ، وشقيقه مولانا الإمام الحسين ومولانا الإمام الحسن سيدا شباب أهل الجنبة عليهم السلام جميعا
سلام إلى روحك وروحهم الطاهرة فى الخالدين ونعاهدك على ان نظل لك ولآل البيت الأطهار خداما أوفياء صادقين مخلصين حتى يجمعنا الله بكم يوم الدين 
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
