اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm مشاركات: 4134 مكان: الديار المحروسة
|
[align=center]
[font=Andalus]إعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور مساجد
للإمام الحافظ الحجة أبي الفضل عبد الله بن محمد الصديق الغماري[/font][/align]
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:5 double green;][cell=filter:;][align=right]بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة
الحمد لله الواحد المنزه عن الصاحبة والولد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الطاهرين ، ورضي الله عن صحابته والتابعين .. وبعد : فهذا جزء سميته (( إعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور مساجد )) تكلمت فيه على حديث (( لعن الله اليهود ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) وشرحت معناه ، وبينتما فيه من أشكال لم ينتبه له جميع شراح الحديث فيما أعلم ، وأسأل الله التوفيق والسداد ، فهو الهادي إلى سبيل الرشاد .. المؤلف عبد الله الصديق الغماري
تخريخ الحديث روي عن الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال { قاتل الله اليهود اتخذوا من قبور أنبائهم مساجد } وفي رواية لمسلم { لعن الله اليهود } الحديث . وروى الشيخان أيضاً عن عائشة وابن عباس صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالا : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتنم كشفها عن وجهه ، فقال وهو كذلك { لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد } وفي صحيح مسلم عن جندب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول { ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد أني أنهاكم عن ذلك } . وللحديث طرق ستأتي إن شاء الله تعالى . معنى الحديث اتخاذ القبور مساجد السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها ، كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان وهو شرك صريح . وهذا المعنى ، منطوق اللفظ وحقيقته ، وثبتت أحاديثه مبينة له ومؤيدة منها : حديث عائشة عن الشيخين قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مرضه الذي لم يقم منه { لعن الله اليهود والنصارى اتخذو قبور أنبيائهم مساجد } قالت : فلولا ذلك ، أبرزوا قبره ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً أي يسجد له . قال القاضي عياض : شدد في النهي عن ذلك ، خوف أن يتناهى في تعظيمه ، ويخرج عن حد المبرة إلى حد النكير فيعبد من دون الله عز وجل ، ولذا قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم { اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد } لأن هذا الفعل كان أصل عبادة الأوثان ولذا لما كثر المسلمون في عهد عثمان واحتيج إلى الزيادة في المسجد وامتدت الزيادة حتى أدخلت فيه بيوت أزواجه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أدير على القبر المشرف حائط مرتفع ، كي لا يظهر القبر في المسجد ، فيصلى إليه العوام ، فيقعوا في اتخاذ قبره مسجداً ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من جهة الشمال ، حتى لا يمكن استقبال القبر في الصلاة ، ولذا قالت : لولا ذلك لبرز قبره اهـ . وهذا يبين أن اتخاذ القبر مسجداً ، هو السجود له .. ومنها : ما رواه ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم { اللهم لا تجعل قبري وثناً لعن الله قوماً اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد } جملة لعن الله قوماً ، بيان لمعنى جعل القبر وثناً . ومعنى الحديث : اللهم لا تجعل قبري وثناً يسجد له ويعبد كما سجد قوماً لقبور أنبيائهم ومنها : ما رواه البزار عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال { اللهم إني أعوذ بك من أن يتخذ قبري وثناً فإن الله تبارك وتعالى اشتد غضبه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد} إسناده ضعيف ، لكن حديث أبي هريرة شاهد له . ومنها : ما رواه ابن سعد في الطبقات قال : أخبرنا معن ابن عيسى ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال { اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد . اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } مرسل صحيح الإسناد . ومنها : ما رواه ابن أبي شيسبة ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم { اللهم لا تجعل قبري وثناً يصلى له ، اشتد غضب الله على قوم ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } ورواه عبد الرازق ، عن معمر ، عن زيد به وإسناده صحيح . تقرر في علم المعاني : أن الجملتين إذا كانتا بمعنى واحد فإنهما يجردان عن العاطف ، كما في هذه الأحاديث ، لإفادة اتحادهما في المعنى . هل للحديث معنى آخر ؟ ذكر كثير من شراح الحديث : أن اتخاذ القبور مساجد يحتمل معنيين : السجود لها وعبادتها ، كما سبق . وبناء المساجد عليها ، وهذا المعنى خطأ لا يصح ، وبيان ذلك من وجوه : الأول : أنه مجاز ، والمجاز لا يجتمع مع الحقيقة في كلمة ، كما تقرر في علم البيان وهو الراجح عند جمهور الأصوليين . الثاني : وعلى القول الضعيف بجواز اجتماعهما ، فإنما يمكن ذلك إذا كان في سياق نفي ، فيصح نفي الحقيقة ، والمجاز معاً في كلمة ، كأن يقال : ما رأيت أسداً ، ويراد الحيوان المفترس والرجل الشجاع ، والنفي أوسع دائرة من الإثبات . والفعل في الحديث مثبت ، وهو اتخذوا ، والفعل المثبت لا يعم ، فلا يراد به إلا الحقيقة .. الثالث : أن بناء المساجد على القبور ، ثبت فيه حديث بخصوصه وهذا يبين أنهما معنيان مختلفان بالحقيقة والمجاز ..[/align][/cell][/table][/center]
_________________ أنا الذى سمتنى أمى حيدره
كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
|
|