[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام على أشرف المرسلين و سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد ناصر الحق بالحق و المدحض لجيشات الأباطيل و على آله الطيبين الطاهرين و الرضا عن صحابته أجمعين و التابعين و تابع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين [/align]
أما بعد..
يقول الإمام الحافظ ابن أبي الدنيا في كتاب آداب الصمت:
حدثنا عبد الله ، ثنا داود بن عمرو الضبي ، وسعدويه ، عن عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال عقبة بن عامر رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله ، ما النجاة ؟ قال : « أملك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك »
حدثنا يونس بن عبد الرحيم العسقلاني ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن صدقة بن عبد الله ، عن عبد الله بن علي ، عن سليمان بن حبيب ، حدثني أسود بن أصرم المحاربي رضي الله عنه قال : قلت : أوصني يا رسول الله ، قال : « أتملك يدك ؟ » قال : قلت : فما أملك إذا لم أملك يدي ؟ قال : « أتملك لسانك ؟ » قال : فما أملك إذا لم أملك لساني ؟ قال : « فلا تبسط يدك إلا إلى خير ، ولا تقل بلسانك إلا معروفا »
حدثنا أبو خيثمة ، وإسحاق بن إسماعيل ، قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن الحكم بن عتيبة ، وحبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، أنؤاخذ بما نقول ؟ قال : « ثكلتك أمك يا ابن جبل ، وهل يكب (1) الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟ » قال حبيب في هذا الحديث : « وهل تقول شيئا إلا لك أو عليك »
حدثنا شجاع بن الأشرس ، حدثنا ليث بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي شريح رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت »
حدثني عبد الله بن أبي بدر ، أخبرنا روح بن عبادة ، عن مبارك ، عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم باب من الجنة فيقال : هلم . هلم فيجيء بكربه وغمه ، فإذا جاء أغلق دونه ثم يفتح له باب آخر ، فيقال له : هلم هلم . فيجيء بكربه وغمه ، فإذا جاء أغلق دونه . فما يزال كذلك ، حتى إن الرجل ليفتح له الباب ، فيقال له : هلم هلم . فما يأتيه »
و يقول الإمام أبو الحسن،الماوردي الشافعي في كتاب" أدب الدنيا والدين" (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ وَالصَّمْتِ ) :
اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ تَرْجُمَانٌ يُعَبِّرُ عَنْ مُسْتَوْدَعَاتِ الضَّمَائِرِ ، وَيُخْبِرُ بِمَكْنُونَاتِ السَّرَائِرِ ، لَا يُمْكِنُ اسْتِرْجَاعُ بَوَادِرِهِ ، وَلَا يُقْدَرُ عَلَى رَدِّ شَوَارِدِهِ .
فَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ زَلَلِهِ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُ أَوْ بِالْإِقْلَالِ مِنْهُ .
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { رَحِمَ اللَّهُ مَنْ قَالَ خَيْرًا فَغَنِمَ ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ } .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ : { يَا مُعَاذُ أَنْتَ سَالِمٌ مَا سَكَتَّ ، فَإِذَا تَكَلَّمْتَ فَعَلَيْك أَوْ لَك } .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ : اللِّسَانُ مِعْيَارٌ أَطَاشَهُ الْجَهْلُ وَأَرْجَحَهُ الْعَقْلُ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الْزَمْ الصَّمْتَ تُعَدُّ حَكِيمًا ، جَاهِلًا كُنْتَ أَوْ عَالِمًا .
وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ : سَعِدَ مَنْ لِسَانُهُ صَمُوتٌ ، وَكَلَامُهُ قُوتٌ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مِنْ أَعْوَذِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْعَاقِلُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا لِحَاجَتِهِ أَوْ مَحَجَّتِهِ ، وَلَا يُفَكِّرُ إلَّا فِي عَاقِبَتِهِ أَوْ فِي آخِرَتِهِ
و يقول الإمام أبو حامد الغزالي في كتاب " بداية الهداية":
وأما العجب والكبر والفخر: فهو الداء العضال، وهو نظر العبد إلى نفسه بعين العز والاستظام،
وإلى غيره بعين الاحتقار والذل،
ونتيجته على اللسان أن يقول: أنا وأنا كما قال إبليس اللعين: (أنا خير منه، خلقتني من نار، وخلقته من طين)
وثمرته في المجالس الترفع والتقدم وطلب التصدر فيها،
وفي المحاورة الاستنكاف من أن يرد كلامه عليه.
والمتكبرهو الذي إن وعظ أنف، أو وعظ عنف،
فكل من رأى نفسه خيرا من أحد من خلق الله تعالى فهو متكبر.
[align=center]*********************************[/align]
و الحقيقة أن موضوع مهارة الردود هو من المواضيع القيمة نظراً لحصره الإطارات التي تحيط بالعديد من المناقشات في مواقع كثيرة
و لو قرأت العديد من المحاورات التي دارت تجد أن عدم التمسك بمهارة الردود ربما يؤدي إلى التضليل
فيبدأ النقاش و توضع الأدلة من كل طرف و حين يعجز الطرف المخطئ عن الرد يتجه للطعن في من يحاوره ثم يظهر مشجعوه مع كلامات الثناء و التكبير و في بعض الأحيان تكرار السب
و ينزلق الطرف المحق إلى رد السباب و ربما يأتي من يناصرونه فيتحول الحوار إلى جدال
و هنا يصبح الأمر مجرد تعصب لآراء (بالنسبة للقارئ المحايد) و ربما لا ينتبه للأدلة الحقيقية
فإذا كان الطرف المخطئ يجادل عن جهل و تعصب
أو ربما محاولة لدحض الجق بأدلة زائفة
أو ربما كانت الفكرة هي مجرد إثارة النقاش و وضع عنواين ثم تحويله إلى جدال يثير البلبلة عند القارئ ويضعف فيه الأدلة و البراهين الحقيقية
فالنتيجة واحدة هي التشويش على الحقيقة
فلننتبه جميعاً حين نشرع في نقاش
و نسأل الله تعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا
و صلى الله على سيدنا محمد و آله و سلم تسليماً كثيرا
_________________
ما خاب بين الورى يوما ولا عثرت***في حالة السير بالبلوى مطيته من كان لله رب العرش ملتجأ***ومن تكن برسول الله نصرته
|