موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 27 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 6:56 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067



أمن تذكر جيران بذى سلم قضيت وقتك فى الشكوى وفى الندم
ماذا يفيدك دمع لو تكفكفه وليلة جزتها يقظان فى ضرم
يدنى الخيال إلى عينيك سرحتهم وظبية رتعت بالبان والعلم
كم ناطق بالهوى لم تخط أرجله صوب الديار ويشكو منه سفك دم
يامن بكى وشكى والشوق حرقه السعى أنفع من قول ومن كلم
لا يقعدنك شوق أن تلم بهم الشوق يدفع بالمشتاق للهمم
لايعجبنك من هاجوا وقد نحلوا إن المحبة فيها رى كل ظمى
اعتز بالحب واربأ أن تحوله إلى التشدق فى ضال وفى سلم
قم الدياجى نحو الله متجهاً بالقلب واذكره تنغب لذة الحكم
ما أحسن الحب فى الرحمن تدركه من ذاق طعم غرام الله لم ينم
أتحسب الحب متعات تلذ بها بدون أن تصطبر فيها على الكلم
والحب خير شفيع لا يرد إذا كان الخليل به أدرى وذا كرم
فقلت بشراك يانفسى فقد بزغت شمس الرجاء وطب ياقلب وابتسم
فما بغير حبيبى اليوم لى وله وهو الرءوف بما بالقلب من سدم
وهو الرحيم ومالى غيره سند ومصدر الجود والإكرام والنعم
نبينا خير من يهدى إليك بما أتيته من بليغ القول والحكم
محمد أحمد اشتقت محامده من حمد حامده المحمود فى القدم
ذكــره شغل بحـــى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكره معراج وصـــل بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكره للقلب محـــيى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكره كشف للبـــس بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره أمـــن لوقت بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره نصــر وفتح بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره مغنى العوالــــم بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره حسبى وكســـبى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره درعى وحســـنى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره مفتاح قــــرب بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره أحمــى جنـــاب بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره بـــرد ســلام بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره روح لهـــيب بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره رفــع لقــدرى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره خصـب الأراضى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره رفــرف سـرى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره جــاذب حــالٍ بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره جمــع وفــرق بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره مــرآة كشــف بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره جمــع شتــات بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره سيفى ورمــحى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره عصمــة أمــرى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره ركنــى وعــزى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره حصـن حصــين بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره عــين حيـــاه بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره هــاد لحـــى بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره راتــق فــتق بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره مرشــد حائــر بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره وارد حـــــق بالحبيب مـــولاى محمــد
ذكــره مجــلى همــوم بالحبيب مـــولاى محمــد
* * *
بسـم الله الله أكبــــر بسم الله الله أكبــــر
كل ناد قـــد تعطـــر باسم ليلى حين تذكــر
قم وكرر ذكر ليلى فهـو يجلـو ما تكـرر
كل حب فى هواهـــا مستهام القلـــب يذكر
ذات حسن لا يضاهـــى فى جمال ليس ينكــر
إن بدت أنوار ليلى صار منها الكون أزهر
من ضياها البدر زاه وبها المشتاق أخبــر
من هواها فوق خدى كاتب الأشواق سطر
حل فى جسمى هواها كلما تذكر كبـــر
إن شدى شادٍ بليلى عن قبر الميت ينشر
يانسيماً هات عنــها عــرف ريـاهـا المعطر
قد سقانى الحب فيـــها كأس أشــواق وبكر
بين ألحـــانٍ تنادى من هواها الله أكبـــر
* * *
صــل يــارب البــرايا على النبــى كــه المطهر
روض أنسى صــار أزهــر وصــفا ليلى وأقمـــر
وتجلت شمس قربـــى وشهــودى كل مصــدر
ودنــا منى حبيبى صفوة الكـــنز المجوهر
وسقانى الــراح صرفاً بعد أن حيا وكبر
فبذلت الــروح لما أن أتى الداعى وبشر
وقليل بذل روحــى للمليك وفيــه أعذر
يامدير الــراح ناول بالبحار عساى أسكر
فغرامى فى التهامى قد علانى وهو مضمر
ضاع صبرى وحلالى من شديد الشوق أقبر
ياغياث الكون رفقــاً بفتى فى الحى يذكر
بخضوع جاء يسعى للحما فعساه ينصر
ومناه منك وصل ورسول الله أخبر
ياضياء الكنز يامــن فى ظلام الليل أقمــر
قد وفانى السعد لما أن أتى الداعى وبشر
* * *
نفحات الجد هبت من نواحى العنبرية
أنعشت روحى وسرى عندما أهدت تحية
وغدت فى كل واد من أراضى الآدمية
ثم عمت ثم خصت حى رهط الهاشمية
ثم صفتها ووفت للدرارى الفاطمية
فاغتذى الأحباب منها وكذا غوث الرعية
وكذا الأبدال فيهم وكذا قطب الرحية
وكذا الأنجاب أيضاً وختـــام الأولــية
فعلام الريب فيهم وهمو أصفى الصفية
ولماذا تحسدوهـــــم وهمو عين العطية
وهمــو ميم أمـــانٍ وجلاء للبــــلية
وهمــو سفن نجــات وحمـــاة وحــمية
فانتهوا ياناس عنـــهم هـل همـو غير بنية
هل همو غير رسول قد تبدى فى البرية
إن ذا الصديق قال ارقـــبوه فى الذرية
ما لكم كيف تــعادوا بعض أجــزا نبوية
أين إيمان بكفــر فى طــريق مستوية
ما سمعنا قــط هذا لا بـــدين وسجـــية
ليس ذا الإنفـــاق من هــواه فى الدهية

جلوس
رسول الله يانور القلوب وياكنــزاً لأسرار الغيوب
بمن أرجو التخلص من ذنوبى سواك وأنت مفتاح العطاء
دخيل ياختـام الأنبياء
ظهورك زين الأكـوان حقا ونورك قد نما غرباً وشرقا
فحاشا فيك يامختار أشقى وفضلك قد تقدم فى ابتداء
دخيل ياختـام الأنبياء
رفعت على جميع الناس قدراً وشرفت الورى براً وبحرا
فسبحان الذى بعلاك أسرى ليرشد منك أملاك السماء
دخيل ياختـام الأنبياء
مالى سوى خير الورى موئل من كل ما يذعر أو يزهل
غير الذى فى الكون ما مثله يلغىولا من بعده مرسل
إن كان للإرسال فضل بدا فالمصطفى حقاً هو الأفضل
من أجله الأملاك قد طأطأت لآدم مذ قبل أن أفعل
لولاه ما قد كان هذا الورى ولم يكن فى الكون من يعقل
فى كل محمود يرى أولا وللمعانى فى العلا مكمل
مفتاح أقفال الهدى والرضا ما رحمة إلا به تنزل
مغلاق أبواب الهوى والردى أعظم به من آخر أول
من وجهه بدر الدجى مشرق والشمس من أنواره تشعل
ماظله فى الأرض حقاً يرى ولا فى مشى له الجندل
إن مر بين الناس تعنو لـه والأسد قد تخشاه والأجدل
والدوح لما أن دعاها أتت تسعى إليه فى الورى ترفل
ماهو إلا البحر لكن حلى فعذ به فعذبه أجمل
ما هو إلا نهج باب الهدى من لم يجئ منه فلا يدخل
فلذ به إن رمت نيل المنى ما خاب حقاً من به يسأل
صلى عليه الله دون انتها أزكى صلاةٍ نورها أكمل
مع آله أهل العلا والبها وصحبه نهج الهدى الكمل
مسلماً مالاح فوق العلا نجم وفاح الند والمندل
* **
وردنا بمدح الهاشمى محمد موارد تروى من يمل ومن يروى
وحيد المعالى بين عيسى وآدم ولا عجب أن يفضل الصنو للصنو
وهوب إذا ضن الغمام بودقه ضروب إذا كع الشجاع عن الخطو
وضى المحيا يحسر الطرف دونه ومن ذا يحس الشمس فى رونق الصحو
وقانا به الله الضلالة والردى فلا شبهة تغوى ولا لفحة تذوى
وهل هو إلا مزنة فوق جنة فمن نهر عذب ومن ثمر حلو
وعى ما وعى إذا شق جبريل صدره فأحرز علماً دون رسم ولا محو
وجيه فما فى الحشر خلق أمامه وللحب قرب ليس يدرك بالعدو
وفى ليلة الإسراء أعدل شاهد له بشفوف القدر فى العالم العلوى
وكم آية دلت على صدق أحمد من الطوع فى العجماء والنطق فى المرو
وزيراه جبريل وميكال إثره فأهلاً بشمس بين بدرين فى جو
وصفناه مذ عامين وصف مقصر ومن ذا الذى يأتى على البحر بالدلو
وفاء بلا غدر وعقل بلا هوى وجود بلا منع وعلم بلا سهو
وفود ملوك الأرض لاذت ببابه على ثقة بالصفح منه وبالعفو
وقوفاً على الأقدام رعباً ورغبة لدى ملك من غير كبر ولا زهو
وسيلتنا يوم القيامة حبه ولو لم ننل حظاً بحج ولا غزو
وقد يدرك البطال رحمة ربه ولا كسب إلا ما يقول وما ينوى
وما وخدت عيس الملبين نحوه بأضوع من شوق تلقته من نحوى
وجدنا به وجد الظماء تنسمت نسيم الزلال العذب فى القيظ فى الدو
ولا غرو أن نرتاح شوقاً لمدحه فهذى حمام الأيك ترتاح للشدو
* * *
لأحمد خير العالمين مكانة تخصصه بالحب فى الملا الأعلى
لأعلى الورى قدراً وأوضحهم هدى وأصدقهم قولا وأكرمهم فعلا
لآياته النور المبين فكلها صحيح إذا يروى فصيح إذا يتلى
لآلئ أسلاك أزاهر روضة فهاهى تجنى بالخواطر أو تجلى
لأسمائه فى النطق والسمع لذة فلله ما أزكى نسيماً وما أحلى
لأحسن حتى أحسب الخلق جوده ففاء لهم ظلاً وصاب لهم وبلا
لأمته الجاه المكين بجاهه فإن أخرجوا وقتاً فقد قدموا فضلا
لأنهم فازوا ببعثة أحمد ففازوا بمجد لايطال ولا يعلى
لإبراء أفهام العباد من الردى بحجته العليا وشرعته المثلى
لأمر رآه الله أهلاً لحبه فطهره طفلاً وأرسله كهلا
لإسرائه بالليل والناس هجع دلائل نستهدى بها الشرع والعقلا
لأروى عباد الله بدأ وعودة بأنمل كف دونها الديمة الهطلى
لآدم ثم الفخر إذ كان نجله لقد فاق هذا الفرع فى الرتبة الأصلا
لإنبائه بالغيب قبل أوانه دلائل تشريف قد اتصلت نقلا
لإشراق مرآه وجود يمينه مدى الدهر لا نخشى ضلالاً ولا أزلا
لأصبح فى الدارين للكل سيداً ودونك فاسأل هل تحس له مثلا
لئن كان رسل الله للناس سادة فأحمد قد ساد النبيين والرسلا
لأول ما تلقاه أمته غداً تلاقى به الترحيب والمنزل السهلا
لأستمطرن الدمع ما عشت دونه عسى طول هذا البعد يعقبنى وصلا
لأهل التقى والبر يذخر قربه وأنى لمثلى أن يكون له أهلا
* * *
غدونا المدح المصطفى وغدونا طريق إلى دار السلام مبلغ
غمام على روض الخواطر ينهمى ويدر على أفق البصائر يبزغ
غرائزه علم وحلم وحكمة ودائع قدس بين جنبيه تفرغ
غياث الورى فى معضل الدين والدنا فلا الإنس يستشرى ولا الجن ينزغ
غريب الندى ما سيغ قطر من الندى مع الظمء إلا وهو أحلى وأسوغ
غنى بمولاه عن الناس كلهم فخاطره لله منهم مفرغ
غفت عن مراقيه العيون وجسمه إلى الملإ الأعلى وأعلى يبلغ
غواية إبليس جلاها صباحه فأنقذ ضلالاً وأرشد زيغ
غناء رسول الله فى الدين والدنا غناء انسكاب المزن والروض أهيغ
غزا غزوات دوخت كل باطل فلا ضيغم يعدو ولا صل يلدغ
غنائم أهل الشرك حلت لنابه وكل نعيم بالنبى يسوغ
غواربهم بالمشرفية تحتلى وهامهم بالسمهرية تثلغ
غدا تجتلى أنوار جاه محمد فأفياؤه فى الحشر أضفى وأسبغ
غرقت ببحر الذنب لكن حبه تداركنى منه وقد كنت أنشغ
غلوك تقصير إذا ما مدحته فكن مغلياً فالأمر أعلى وأبلغ
غليلى ولم أبلغ إليه مجدد على أن قلبى بالمنى يتبلغ
غنيت حظوظى من زيارة طيبة ومن لى بوجه فى ثراها يمرغ
غرامى بها يزداد مازاد نأيها فعيشى بها أهنا واسنى وأرفغ
* * *
أريد الحج مؤتمراً إلهى فيسر لى السبيل بلا اشتباه
فإن العبد مأسور الملاهى ولكن ضاف رب العالمينا
* * *
عبيدى إن ترم تأتى ديارى فتب واخشع وحاذر أن توارى
تزمل بالخضوع والانكسار تجدنى حيث كنت لك المعينا
* * *
فتبنا ثم ودعنا الأهالى وقلنا الله خبر ذو الجلال
وسرنا فى الطريق بلا مثال إلى الميقات نطهر خالعينا
* * *
لبسنا للجديد وقد نوينا ولبينا وكل قر عينا
وللبلد الحرام لقد أتينا وطفنا للقدوم مكبرينا
وقبل كلنا حجراً ونادى بأعلى الصوت رحمانا جوادا
إلهى عبدك العاصى تمادى فجد بالعفو إنا قد بلينا
* * *
دخلنا فى مقام للخليل فصلينا وبالحجر الجليل
وبين صفا ومروة ياخليلى سعينا سبعة متتابعينا
* * *
وفى يوم التروية رجعنا وتبنا فى منى ولقد هرعنا
إلى عرفات حج قد صدعنا نلبى بعد ظهر واقفينا
* * *
رجونا منه غفران الذنوب ونصر العبد مع ستر العيوب
لبثنا ذاكرين إلى الغروب ومنها قد أفضنا مزلفينا
* * *
وتبنا ثم قمنا فى الصباح نصلى فجر عيد بانشراح
ومن قزح هرعنا للفلاح ذكرنا الله معطى المتقينا
* * *
وسرنا كلنا نرجو منانا رمينا الجمرة الأخرى عيانا
تخللنا بحلق من عنانا وطفنا للزيارة قاصدينا
* * *
وعدنا فى منى نرمى البواقى من الجمرات فى حال اشتياقى
رمينا الكل أيام التلاق وجئنا للطواف مودعينا
* * *
ومن ماءٍ لزمزم قد شربنا ومن فوق الرءوس لقد صببنا
عسى يوم الوعيد إن اضطربنا نرى بركاته تروى الظعينا
* * *
وشد بنا الرحال إلى التهامى ودمع العين يجرى كالغمام
وسار الحادى يحدو فى هيام ويمدح خير خلق الله دينا
* * *
وأنوار الحبيب لنا أضاءت وطيبة من بعيد قد تراءت
فلما أن وصلنا حيث شاءت إرادته مشينا خالعينا
* * *
فمنا من بكى والعقل غابا ولا يدرى الحضور ولا الغيابا
ومنا من به سمع الخطابا ومنا واقفاً ولهاً حزينا
* * *
ومنا من له ألقى السلاما وشاهد وجهه الباهى فهاما
وخاطبه وقد أبدى ابتساما وبلغه سلام العاشقينا
* * *
ومنا من يناديه حبيبى على ظهرى لقد ثقلت ذنوبى
عجزت وقد علا وجهى مشيبى وأنت ملاذ كل السائلينا
* * *
وقد جئناك من عمق منانا بجاهك عفو ربك يامنانا
فإنك عنده عظمت شانا فياخير البرية قد عيينا
* * *
من الصديق ياعينى تهنى فهذا قبره فيه تمنى
سألت به إلهى يرض عنى وبالفاروق مفرى الكافرينا
* * *
تعالوا فى الرياض لكى نصلى ركيعات فذا وقت التجلى
سألنا الله فى هذا المحل أماناً يوم نأتى خائفينا
* * *
إذا حلف العبيد بأن أقاما بفردوس الجنان فلن يضاما
وبر يمينه وحوى احتراما وتى فتوى رجال عاملينا
* * *
بعميك الكرام انظر لفقرى وبالشهداء فى أحدٍ وبدر
وبالحسنين فاشفع لى بحشرى فأنت رجاء كل المسلمينا
متى أحظى برؤية قبر طه وتحى الروح إذ تعطى مناها
متى بلد النبى أرى ثراها أمرغ فيه عينى والجبينا
* * *
حبيبى تجل عبدك يرتجيكا وبالأرواح طه يفتديكا
فمن زمن بعيد يستفيكا فهل من نفحة تجلى العيونا
* * *
عليك صلاة ربى والتحية وآلك سيما الزهر النقية
وأصحاب أولى أيد سخية عداد الراكعين الساجدينا
* * *
أمن تذكر جبران بذى سلم قضيت وقتك فى الشكوى وفى الندم
ماذا يفيدك دمع لو تكفكفه وليلة جزتها يقظان فى ضرم
يدنى الخيال إلى عينيك سرحتهم وظبية رتعت بالبان والعلم
كم ناطق بالهوى لم تخط أرجله صوب الديار ويشكو منه سفك دم
يامن بكى وشكى والشوق حرقه السعى أنفع من قول ومن كلم
لايقعدنك شوق أن تلم بهم الشوق يدفع بالمشتاق للهمم
لايعجبنك من هاجوا وقد نجلوا إن المحبة فيها رى كل ظمى
اعتز بالحب واربأ أن تحوله إلى التشدق فى ضال وفى سلم
قم الدياجى نحو الله متجهاً بالقلب واذكره تنغب لذة الحكم
ما أحسن الحب فى الرحمن تدركه من ذاق طعم غرام الله لم ينم
أتحسب الحب متعات تلذ بها بدون أن تصطبر فيها على الكم
والحب خير شفيع لايرد إذا كان الخليل به أدرى وذا كرم
فقلت بشراك يانفسى فقد بزغت شمس الرجاء وطب ياقلب وابتسم
فما بغير حبيبى اليوم لى وله وهو الرءوف بما بالقلب من سدم
وهو الرحيم ومالى غيره سند ومصدر الجود والإكرام والنعم
نبينا خير من يهدى إليك بما أتيته من بليغ القول والحكم
محمد أحمد اشتقت محامده من حمد حامده المحمود فى القدم
هو البشير بجنات ومرحمةٍ هو النذير بما أعددت من حكم
طابت أرومته عزت سلالته عفت أمومته عن سائر الحرم
سمت منازله سادت عشيرته فى كل وقت همو من سادة الأمم
بيت الزعامة والإحسان طبعهم والنجد والنبل من أجلى صفاتهم
ربيته أنت يارباه فى حكم على الفضائل والإخلاص والكرم
فكان سيد أهليه وأرحمهم بالناس بل هو زين الخلق كلهم
قد فاق كل الورى علماً ومعرفة وجاءنا بكتاب جامع الكلم
آيات حق بها أوحى الأمين إلى فخر النبيين عما خط بالقلم
محكمات تعالى الله منزلها أكرم بأول من قد قالها بفم
فيها الحقائق عن أخبار من سلفوا وعن مصير الورى من بعد مزدحم
وإن فضل رسول الله أكبر من أن يستطيع له حصراً ذوو القيم
وحسبه أن رب العرش أرسله إلى البرية بالآيات والحكم
أسرى به الله من بيت إلى حرم إلى السماء لنجوى خالق النسم
من بعد ما اخترق السبع الطباق وقد أم النبيين فيها صاحب العلم
وقال عنه حبيبى ثم قال له أنت الشفيع غداً فى سائر الأمم
وأنت أكرم خلقى بل وسيدهم ومنك يسطع نور الحق فى الظلم
رفعت ذكرك واستعليت شأنك بى وقد جعلتك فوق الرسل كلهم
من لم يحبك فالنيران موعده ومن أحبك يجزى وافر النعم
أنعم به من نبى شاد أمته فى الخافقين وأعلاهم إلى القمم
أبقى عليهم فلم ينزل بهم سخطاً بالرغم عما بدا من سوء بغيهم
بالعدل ساس الورى والظلم بدده بالحلم ألف بين الناس والحكم
دعا إلى العلم واستصفى أئمته وقال هم خلفاء الرسل فى الأمم
هو الجواد الذى مارد سائله يوماً ولم يخش إقلالاً من الكرم
آخى الشعوب وساوى فى الحقوق ولم يفضل العرب قرباه على العجم
لافضل إلا لتقوى الله بينهم وقد دعاهم إلى توحيد ربهم
قاسى الأمرين من أقوامه فدعا لهم بهدى ولم يثأر ولم يلم
يقضى النهار بذكر الله يرقبه فى كل شئ ويحيى الليل لم ينم
وكان أتقى الورى قلباً وأطهرهم نفساً وأحفظهم للعهد والذمم
فكيف حال فتى أضحت محبته للهادى هادى الورى عرباً ومن عجم
قد جئت منتظراً للعفو مفتقراً للجود مستغفراً مع شدة الندم
إذا تذكرت ما قد ضاع من عمل مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم
* * *
قال لى قائل رأيتك تهوى آل طه ودائماً تقتفيهم
قلت ماذا أقول والكون طراً يستمد الكمال من أيديهم
أى معنى للمدح منى وقد جاء الكتاب العزيز بالمدح فيهم
أنا لا أستطيع أمدح قوماً كان جبريل خادماً لأبيهم
ربى ما لى وسيلة غير حبى آل طه وكل من يصطفيهم
فأغثنى بحقهم ياإلهى أنا ضيف نزلت فى ناديهم
واعف عما جنيت فضلاً وإحساناً فإنى قد صرت من مادحيهم
ياإلهى وائذن لسحب صلاة تتوالى بمضجع يحويهم
* * *
لئن كان رفضاً حبكم آل أحمد فقد لذ لى فى حبكم ذلك الرفض
عرضت عليكم آل ياسين قصتى ويحسن من مثلى على مثلكم عرض
وعاداتكم إكرام من زار حيكم وحاشى لتلك العادة الخلف والنقض
على حبكم أفنيت عمرى وهل لمن يحبكمو بعد من الله أو بغض
وها أنا يا آل النبى وحق من تزل لعلياه السموات والأرض
محب أتاكم آل طه يزوركم وقد صح فى التاريخ حبكم فرض
* * *
مولاى بالزرقانى استاذى العلم وأبى المعارب والعوارف والكرم
وأبى المحاسن والبهى ومرتضى وبجاه عبد الحق سعد الله تم
عبد الشكور يليه مسعود أبو الــ عباس ثم الشاذلى أبو الهمم
وابن البشيش وسيدى المدنى وعبد الله بدر تنائر الشبلى أنتظم
وجنيد والحداد الاسطخرى يليه ثقيفهم ثم ابن أدهم ذى الحكم
موسى أويس ذاك عن عمر على عن حضرة المختار عن بارى النسم
فبحق أسناد علت وتسلسلت صلنى بهم ياذا المواهب فى القدم
يارب الإخلاص يرجوك الكرم والنصر والفتح القريب أياحكم
* * *
بالذات والاسما العلية كلها أدعوك ربى سائلاً من فضلها
متشفعاً متوسلاً فى وصلها بمحمد وببنته وببعلها

وابنيهما الحسنين أعلام الهدى
فبحقهم ياربنا وبجاههــم عمر فؤادى واسقنا من كأسهم
وأفض علينا من مواهب برهم بالأنبيا بالمرسلين بجمعهم
وكذا الملائكة الكرام السجدا
وبحضرة الصديق مع عمر أدم نصرى وعثمان البهى وعليهم
وبستة قد بشروا بقبولهم وبأهل بدر والصحابة كلهم
والتابعين لهــم دوماً سرمدا
وبمن سما ولكل غير تارك وبكل ذى وله بحبك هالك
وبكل مجتهد بنورك سالك وبعبدك النعمان ثم بمالك
والشافعى قطب الوجود وأحمدا
وبمن صفا بجمالكم وتلطفا وبمن تطوف قلوبهم عند الصفا
وبكل حبر بالجلال تعطفا بالسيد البدوى باب المصطفى
بحر الفتوة والمكارم والندا
وبمن بهم صبح الهداية قد أضا الطف بنا ياذا المواهب فى القضا
وبسيدى عبد السلام أبى الرضا بالشاذلى ثم الدسوقى المرتضى
بالقادرى وبالرفاعى أحمــدا
غوث الأنام أبى العواجز منجدى من نال من خير الورى لثم البد
فبحقه أوردنى أعذب مورد بالسيد المرسى عالى المشهد
وبسرك العرشى كن لى مشهدا
بأبى المعارف والمحاسن عمنا بسحائب البركات واشرح صدرنا
بالإخلاصية من بهم حسن الثنا فرج بفضلك ياإلهى كربنا
ياخير من بسط الأنام له يدا
وصلاة ربى والسلام الدائم تهدى لخير الخلق نعم الأكرم
واختم بخير للذين تقدموا وأدم صلاتك والسلام عليهم
أضعاف مخلوق إلى يوم الندا
ومجلس ذكر يجمع الناس حافل أحب لأرباب الغرام من العمر
يصفى لنفس المرء من ظلماتها ويرفع بسم الله للروح ما تسرى
ويجعلها هتانة النور جدولاً إلى أن تراها وهى تزخر كالبحر
فيمتثل المأمور لله رهبةً ويجتنب المنهى يدرك للحشر
وفى فرح تلقاه يعرف ربه وفى الحزن يزجى حلة الحمد والشكر
وإن يك مضطراً تراه مؤدباً صبوراً فلا يشكو شكاية مضطر
وإن طريق القوم ليس يضيرها عوازلها ما دام كل على الخير
قد اجتمعوا لله والله قصدهم ومن يعرف الرحمن ما اهتم بالغير
تمكن حب الله منهم حياتهم ففاض الهوى بالروح والقلب والصدر
نعم أصلهم ترب ولكن روحهم من الوجد والإخلاص أصفى من التبر
همو أدب التقوى همو نفحة الهدى همو درة الأيام هم سادة الدهر
هم الأهل والأعوان فى الأنس والأسى على كل ما تجرى الأمور أولو نصر
هم الثابتون الصادقون فما الغنى بمبعدهم يوماً ولا طارق الفقر
ذرونى وما فى العيش من كل متعة فما العيش يلهبنى عن الحب والذكر
وقفنا على تقوى الإله نفوسنا ودمنا على الإيمان ممتثلى الأمر
فتمت لنا من روحه روح حكمة ظفرنا بها من عالم الغيب والسر
إذا لم يكن للنفس شيخ له هدى يهذبها بالروح زاغت عن السير
ولا يعبر البحر الخضم ونءه سوى ماهر يدرى الملاحة فى البحر
ومن لم يميز بالسفين شراعها إذا ساقها لم ترس يوماً على بر
وعندى أن الأمر ليس كما ترى فلا بد من سوق القلوب لمن يدرى
ومن فقد التهذيب من بدء أمره بعيد عليه أن يهذب للغير
إذا صح بدء المرء صح انتهاؤه فمن حسن الأولى فأخراه فى خبر
ولولا اتصال الكهرباء بأصلها على موجة التيار مانورها يسرى
وحسبى أن الله قصدى وملجئى ومن قال ياالله طوق بالأجر
فما انثنى عنه الحياة وإن أمت فمن نعمة التوحيد أسعد فى القبر
* * *
طاب للمغرمين سهر الليالى وسمت نفسهم إلى الاتصال
واستعدوا لسيرهم واعدوا قلبهم بالهوى فما هو خالى
شاهدوا جاهدوا استقاموا استقروا واستمروا على الرضا بالحال
عرفوا ربهم فنالوا مناهم من جلال المهيمن المتعال
أشرقوا استغرقوا ورقوا استرقوا وتلقوا فأدركوا للجمال
استمدوا من ربهم فأمدوا مدد الله فى الحقيقة غالى
رجل الناس من يميل إليهم رجل الله من من الناس خالى
عش وحيداً تمت لديه شهيداً كن مريداً مودباً ذا خصال
شرف الناس فى الأصول ولكن شرف الذاكرين فى الانتسال
لاتفرط فى الأمر من أرخص الدين تمادى لعيشه فى ضلال
كم غرور بطاعة أبعد العـا بد عن ربه فأصبح قالى
إن من يطلب الكرامة أعشى إن خوف الرحمن باب الكمال
والحياة الحساب حاسب فتنجوا وتجمل بالصدق عند المقال
دع زماناً مضى وعج بى لأرض شغفتنى بنورها المتلالى
وكأنى والليل يرخى علينا ستره والسرى يسوق جمالى
بين بيداء دوعت ووهاد وذئاب تحتال فى إقبال
أو رياض قد أنزعت بحياض وغياض من الحياض حوالى
ونحوم مثل الحباب على الكأس تسامت أو كالحلى واللآلى
قيل ماذا تريد من هذه الأر ض اتبغى البقاء فى جمع مالى
قلت والله غير أحمد مالى بعد رب العباد من آمال
ياحبيبى رضاك دنيا ودينى فهما باتباعكم صح حالى
نحن منكم والنص عندى صريح إن رب الأنام أعظم والى
ياجميلاً ما مثله من جميل كان للبدر منك فضل الجمال
أنت للكون مبدأ وانتهاء أنت من ساقه إلى الإجلال
أول النور فى الوجود وإن جئ ت على بعثة ختام الأوالى
أنت سر الحياة بل سيد الكــ ون أجرنى مما أرى من وبال
أخذ الذل فى تقوس ظهرى وحمولى قد وزنت بالجبال
لو شرحت الذى أراه من الهم لذاب التراب من سوء حالى
إنما أنت مصدر النور من ربى ومعنى الرضا وباب الوصال
مدح خير الورى أحب لنفسى من أنيسى وصاحبى والغوالى
بل ومنى ومن جميع البرايا لحماة الحياة أزجى رحالى
حل فى حبه السرى فتذوقت التجلى وقد حلالى حلالى
أيها الذاكر المجد تأهب لاتقل طال بى قيام الليالى
إن ليل المحب لو طال عاماً مر فى لحظة بغير ملال
رب عين عن الضياء تعامت قد شفاها التنويع فى الأكحال
واكتحال العيون أيسر شئ واكتمال القلوب صعب المنال
هو ذكر ورغبة وشهود ووفاء للخالق الفعال
* * *
توجهنا لرب العالمينا وأصبحنا به متمسكينا
وأمسينا وآيات التجلى كستنا من محبته اليقينا
دخلنا روضة قوماً حيارى تجلى سره الأعلى علينا
الآن القطف حتى إن قطفنا ثمار الحب عدنا قاطفينا
وعزت دانيات مائلات فنلنا من تمايلها الشجونا
دخلنا وادخرنا العفو منه فنحن على المهيمن عاكفينا
ورب العرش إنا نستريح بحب الله دون العالمينا
صدقناه فنلنا كل خير ولا يرضى الإله الكاذبينا
إذا لم يدخل الإيمان قلباً فلا تحسبه ضمن المؤمنينا
أتعبده وتطلب من سواه فذاك الشرك عند الموقنينا
* * *
رأيتك لى من الدنيا كفيلى ولم أر غير ركنك من مقيل
وطبت وطاب نشرك من عبير على أثلاثه رقت قبول
تجنبت الشكوك فما ععرتنى وأدركت الحقيقة فى مثولى
وفتشت العلوم وعارفيها فلم أر كالمحبة من دليل
ولم أر غير حب الله علماً يطهر للجوانج والعقول
عطاء الله جل عن اكتساب وما لعطاء ربك من مثيل
محبة خالقى مشكاة قلبى على أنوارها ألقى وصولى
يطيب لى التصبب والتغنى وتقوى الله منوالى ونيلى
وأن الحب أشواق وصبر يعز على المنافق والكسول
وأن الورد يذبل بعد وقت ومدد الحب كان به ذبولى
ورى الناس من ماء ولكن شراب الحب يذكى من غليلى
أدارى الحب حتى لو يرانى أخو وجد تشكك فى نحولى
وبى نار لو استقصى لظاها لحقر وجده وهذى سبيلى
ولى بالوجد سر لا يضاهى وما أنا فى المحبة بالهزيل
سماء الحب تجذبنى إليها على زهرائها رفعت ذيولى
مدارى فوق أنجمها وفلكى تسامت لاتميل إلى أفول
ولولا العلم والإيمان حظى وعون الله يمنع من ذهولى
لقلت كلام ذى جذب وشطح لما أدركت من فضل جزيل
ولى من مشرق الإيمان علم سموت به على كل الفحول
يرونى كالأصم وقد أدارى وأدركهم وما أنا بالجهول
علومى فى الورى نفحات ربى فما بلغوا مذاقى أو شمولى
عرفت الله فى سرى وجهرى فطاب تواجدى وزهت حقولى
* * *
شراب الحب يعرف بالمذاق وما كل السقاة له بساقى
دعاة الحب أكثر ما تلاقى وقل الصادقون فما تلاقى
وليس أخو غرام وامناه لقاء الغير أو كأس دهاق
وبئس الحب أن أودى فتاه يجول من الحبيب إلى الرقاق
إذا ما عشت لا أنسى إلهى به أسمو من الأخرى المراقى
أحب الله عن أدب وصدق ولا أرضى سوى التقوى خلاقى
وإنى لم أجد لى فى حياتى سوى البارى من الأغيار واقى
يعز على ترك الحب عندى ولو بلغت بى الروح التراقى
تركت جميع خلق الله دونى شغلت عن الخلائق باشتياقى
ألا ياساقى العشاق مهلاً تعال املأ كؤوسك من حقاقى
غرامى قد مزجت به رجائى على خوف فمن خوفى مذاقى
وروحى أدركت معنى التجلى فمنه أرى اصطباحى واغتباقى
ومن عرف المحبة عن يقين حرام أن يميل إلى فراق
أحب الله عن أدب وعلم محبته من الدنيا رواقى
أطوف على الرحاب بكل ذل مريداً واليقين به انسياقى
وكيف أحب غير الله يوماً وليس سواه فى الأكوان باقى
إذا ما السير طال مددت صبراً وقد كنت المصلى فى السباق
* * *









_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 7:00 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067


فؤادى بأهل اليقين اجتمع وللحق بالبينات اتبع
وأحفظ قلبى من العالمين وأعــ رف من صد فى المجتمع
ورب مقام تذوقته ولكن أرى سره لم يذغ
قالوا الجماعة فى ذكركم وأنتم قيام مقام البدع
فقلت نعم وهى ما نبتغى وفى عرفنا أحسن المتبع
أرى بدعة لا تصادم فرضاً وتثمر خيراً أجل الورع
أتانا الكتاب بذكر الإله وحسبك فى نصه ما استطع
وتنشط فى الحركات الجسوم ألم تر أن الصلاة ركع
وأن الرجال بها كالغصون تميل مع الريح لا تمتنع
وأن الجماعة مفروضة وحسبك فرضاً صلاة الجمع
وذكر الإله قيام الصلاة فخل انتقادك فهو قذع
وأن التمايل يذكى القلوب ولولاه كان الخمول وقع
ومن يتق الله يجعل له من الأمر مخرجه المنتجع
عليك بربك فى كل حالٍ وثابر على الذكر ثم اتبع
فنحن مع الله فى سيرنا وأنفسنا للسوى لم تسع
فلا تحسبونا جهلنا الحبيب ولكننا باسمه نرتفع
ونعرف عند اليمين اليمين ونترك عند الشمال الجزع
وكل محب ينادى الكريم مع الخوف فى نفسه والفزغ
فيرحمه الله من كربه ويهديه فى ذكره ما اتبع
ترانى أحب قلبى يخاف ومن خاف يأمن يوم الهلع
أداوى النفوس بعلم النفوس أذوقها الأدب المنتزع
* * *
عرفتك إذ روحى لذاتك تفرد وأنزل مافى مهجتى وأوحد
وأغسل قلبى من سواك ولم أجد لنفسى إلا نور ذاتك تشهد
أطوف وأسعى بالعبادة صادقاً وإنى بغير الشرع لا أتعبد
وإن أنا بالأرض اتخذت مساجدى فقلبى لنور الله بيت ومسجد
وإن يعبدوا خوفاً عبدتك رغبة ولى لذة فى رغبتى تتجدد
وأسبغ ثوب الذل فوقى لعلنى أرى يوم ألقى الله ما أنا أقصد
وإ، شرف الناس الثراء فإنما بك الشرف الأسمى وتقواك تقصد
أفيقوا عباد الله واعتصموا به وكونوا على عرفانه وتوطدوا
لاتلجأوا للغى فالغى سبة وإن تلجأوا للغى فى الغى تطردوا
وهل يعد ذكر الله للعبد نعمة بها يرتجى منه النجاة ويسعد
ومالذة العشاق إلا يقينهم إذا خففوا الشجوى علوا وتفردوا
إذا نظروا فازوا إن سهروا ارتقوا وإن عرفوا طابوا وإن يضحوا هدوا
فقلبك أدبه عن الناس كلهم ولاتعترض عبداً مسالكه ددو
فكم مذنب قد صادفته عناية فعاد وقوراً بالمتابة يسجد
وكم طائع قد غره سهد ليله فظن العلا فى نفسه وهو مبعد
ومن لم يعلم نفسه قبل غيره فليس له نصح يراد ويحمد
* * *
لأهل التجلى فى محبتهم سر ومن نفثات القوم قد لمع البدر
لنا درجات المؤمنين وسيرنا على سنة المختار طاب بها الأجر
ولى قوة العشاق لو أن سكبتها على الصخر من عليائها نطق الصخر
ولو أن وجدى أدرك الطود بعضه لأصبح من نور الهدى تربة تبر
ولو أن وجدى أدرك الطير بعضه لأفصح بالإعجاز فى شدوه الطير
أريقو دمى فالحب ليس بهين وإنى امرؤ فى الوجد ما أنا مضطر
أخذت الهوى محض اختيارى ورغبتى وإن اختبار الحب عندى هو الخبر
وقفت على نجوى الإله جوانحى لذلك قلبى منزل كله ذكر
وأخليت قلبى من مناجاة غيره فأصبح طوداً لا يزلزله الغير
جعلت حياتى ذلة وتواضعاً ومثلى فى أقواله كمن الدر
وإنى إذا حدثت قومى فإنما أحدثهم علم يقال له شعر
ولم أك من أهل الخيال وإنما علوم الهدى من حكمتى فيضها بحر
ولست الذى فى كل وادٍ تفردوا ولكن وادينا المحبة والذكر
فما أنا بالمداح زيداً لماله ولا أنا بالهجاء إن منع البر
ولكن لى فى حضرة الله نشوة يطوف بها قلبى إذا ارتفع الستر
شرحت لهم شرح المحبين عن هدى وعند أولى الألباب لم يعرف الغير
اسارع مشتاقاً وأسكت هائماً وأنطق إجلالاً وما عاقنى سير
ففى يقظتى شوق وفى غفوتى هوى وفى مشيتى علم وفى وقفتى سر
اسارح متعتزاً بربى وذكره ومن يعتصم بالله ما ناله ضر
ومن يعتصم بالله يسلم من الورى ومن يتخلص من سواه له الخير
ومن يعتصم بالله يحفظ فؤاده ومن يتجه لله ثم له الأمر
ذكاؤك محسوب عليك فخله لربك تلقاه إذا حارب الدهر
* * *
أسعى لخلاقى وأقصد وجهه وعن المسير إليه لن أتخلفا
يامالكاً روحى ومانحها الهدى انظر إلى فأنت أكرم من عفا
إن قيل لى من قلت امرؤ فى ربه ساع وهذا فى انتسابى تكلفى
* * *
مررت على المروءة وهى تبكى فقد قلت من الدنيا الهداة
مدامعها على الدنيا حريق لقد ديست وأهملها الرواة
وحى للمروءة ليس يبنى يعد من الألى من قبل ماتوا
إذا فقد المروءة أى قوم فليس له من الدنيا حير
وإن مروءة من غير دين ضلال لاتقول به التفات
وأى مروءة والنبل يبكى لفقد الدين ليس له سمات
تركنا حد مولانا وراء تنازعنا بذاك النازعات
وقلدتا سوانا عن ضلال وقد لعبت بأكثرنا الغواة
أنبنى الدور من أجل الملاهى وهاتيك المساجد خاربات
وكم يلقى الفساد بنا احتراماً وأهل الحق فى الدنيا موات
إذا وعظ الورى الوعاظ يوماً فتسحر بالكلام الناشئات
مجلات تثير لنا فساداً غوان فى الصحائف عاريات
يسر بها الشباب ويقتنيها ولا بشرى الوضوء ولا الصلاة
إذا ما شاهدوا لكتاب دين بضاعتهم لديه كاسدات
وأوراق الملاهى فى انتشار بيوت الملاهى عامرات
وكم رمضان نحييه بإثم لياليه يلهو ساهرات
نحج البيت زواداً ولكن قلوب بعد ذاك مخربات
وكم ذا ندعى نعطى زكاةً وليس لنا مع المولى زكاة
نبيع ونشترى لكن حراماً وأبواب الحلال معطلات
وكم يغشوا الربا فينا جهاراً وتعجبنا الفتاوى الفاسدات
محاكمنا قد امتلأت نساء وهل ترضى بكثرتها القضاة
وأخلاق تمزق كل يوم ثياب بالضلال مرقعات
وكم داع إلى التقوى افتخاراً وليس له من التقوى صلات
وكم كثر الكلام على البرايا وضل العقل إذ قل الثبات
طباع الناس أمست كالأفاعى فأضعفها ملامس لاذعات
وأهل الحق قد كبتوا وأوذوا وأهل الزيغ فى صلف دعاة
لذاك أرى المروءة فى انتحاب فقلت علام تنتحب الفتاة
فقالت كيف لا أبلى وأهلى عدمتهمو فكلهم شتات
وأمسى حيهم ميتاً ومهما أجمعهم فهم قوم رفات
وإن أنصحهمو خلوا سبيلى أأنصح من تولية الوفاة
أقول لهم حدود الله فيكم يقال تأخر قالت صفات
وإن قلت احكموا بالدين يوماً يقال ضللتمو اين القضاة
هواة الإثم فى بلدى رعاة وأهل الزيغ بالبلدى سعاة
وأهل المال فى جهل تساموا وأهل العلم ليس لهم حياة
إذا زمن فقدنا الدين فيه فأيام السعادة ذاهبات
أفتش لا أرى أهلى أمامى جميعاً دون خلق الله ماتوا
* * *
تخل ولا تحفل بجن ولا إنس وعش فى هوى الرحمن تسعد بالأنس
وأقبل على مولاك بالقلب مخلصاً واسلم وسلم واتجه طالب القدس
وخذ لك بالإيمان أصدق وجهة وطهر بها نفساً عن الغى والرجس
تجرد تجد مولاك أكبر ناصر وفوض له ما كان فى الغد والأمس
حياة الورى حلو ومر وإنما حلا المر بالتوحيد من رقد الحس
ومن لا يرى إلا الإله مراده حرام عليه الخوض فى العرش والكرس
ومن يتعشق نوره وجلاله فليس له التشبيب بالبدر والشمس
وإنك لو عظمت دينك عالماً وعاملت بالحسنى وأدبت للنفس
وكنت على الأحداث بالله راضياً سواء عليك الموت أوساعة العرش
سعدت من الدنيا بربك محسناً ونلت من الأخرى العطاء بلا بخس
يقولون لى من أنت قلت موحداً إلى ربه يسعى ولم ير من بأس
إذا قيل لى اطلب قلت ربى مطلبى وإن قيل لى اشرب قلت أنواره كأس
وكل عهود قد تنكس أصلها ولكن عهد الله باق بلا طمس
سلونى عن العشاق قد ذقت حبهم وإنى لهم رأس إذا كان من رأس
وما هم سوى أعضاء جسمى وبزتى أصافحهم ماشئته لكن بلا لمس
وماحيلتى إلا انكسارى فى الحمى وإن انكسار القلب يكشف عن قدس
وحلو الهوى عندى لقاء أحبتى ومر الهوى بعدى وفى هجرهم تعس
وأعرف رحمانى وأدرك عفوه وأنهض معتزاً به وما أنا بالمنس
وإن حبال الوجد تربط مهجتى وقلبى بحب الله يعبق كالورس
وإن كنت فى سعد فذلك فضله وإن لم أكن من سادة العرب والفرس
فقل للذى يذكى الشراع دع الكرى تجد سفن الإحسان تجرى على اليبس
وسر فوقنا إن الإجابة للهدى إذا ما دعى الداعى ولاتك فى حدس
فكل الذى تراه والكون خلفه وما نفع التفريق بالنوع والجنس
حسبت الهوى سهلاً فخضت عبابه فطوراً به أطفو وطوراً به غطس
إلى أن أتتنى من لدنه عناية وصلت بها بر السلامة والأنس
* * *
متع فؤادك قبل موتك برهة بالذكر واستمتع بكل شذاه
وأقم دجاك مزوداً بشهوده فإذا سهرت دجاك نلت ضياه
وإذا اتجهت إليه كنت محبه وكفاك هذا والمحبة جاه
وأقم على ذكر ومت فى حبه من مات فيه هوى فقد أحياه
من كان وجهته المهيمن وحده فالله من كل الورى نجاه
والناس لا يلوون عن محبوبهم والصادق السارى يجاب دعاه
والليل صبح للمحب ورحمةً لم يلق ضيقاً كل من ناداه
وإذ صحبت فلا تصاحب مغرضاً أسمى الصحابة من أجاد تقاه
من لم يصاحب للسماحة والهدى لم يلق أصحاباً له ترضاه
والعفو عن عيب المصاحب واجب من يعف عمن صاحب استبقاه
من راح يأخذ غيره بعيوبه وبغض عما فيه ضل هداه
كم ضاحك لك حينما عاشرته شبهت بالأملاك من نجواه
نصب الأذى شركاً لصيدك خلسةً وجفاك تسخط من سعاة أذاه
وابن الطريق له أعادٍ حوله ياويل من لم ينتبه لعداه
جاهد تنل واصبر تفز واصدق تسد واسهر تذق واعبد يهبك عطاه
أتحب أن تعلو بغير مشقة لولا المشقة لا ينال علاه
ياأيها الأحباب هل من ذاكر عهداً مضى كنا ضياء سماه
كنا أولى أدب وفينا حكمة الفرد منا كوكب بسناه
عودوا بنا لليل نسهر بالهدى فالليل يكشف للمريد عطاه
أننام ليلاً ثم ندعى سادةً هذا الضلال البحت وا أساه
لاتطمئنوا للحياة وصفوها فالصفو قبل الموت ما أرداه
لا تركنوا للنوم فى أيامكم فالنوم للمشتاق بذر جفاه
سر يامريد على المبادئ صادقاً للمنتهى حتى تنال لقاه
* * *
يطيب لقلبى فى حبيبى وسائله وها أنا محتاج إليه وسائله
أحب وروحى فى روائح ذكره تهيم ودمعى فيه يكثر سائله
ولم آل جهداً فى الرجوع لذاته وقلبى لم تحكم عليه شمائله
وقد لذ لى ذلى إليه وخشيتى وللحب معنى لم تفتنى شمائله
أغنى ولكن لحن علم وحكمة فما أنا ممن بالنسيب نزاوله
ولكننى عبد الوقار مهذب وقلبى بسم الله كانت منازله
سألت فأعطانى رجوت فزادنى وإن كريم الكف ما خاب سائله
أحن على ذل وأهوى على هدى وأسرى على علم بقلبى أواصله
وقد زيف العشاق للحب والهوى ولكن على صدقى تضئ دلائله
وهل يدرك الآيات إلا رجالها وهل يعرف الوجدان إلا مزاوله
وذو الوجد لا يغضى عن الحب لحظةً به عاش حتى لو أصيبت مقاتله
شهدنا وشاهدنا وطابت نفوسنا فهامت به أرواحنا أن نسائله
أسامر ليلى خالياً بشهوده وقلبى بنور الحق فاضت مناهله
رضيت به حتى دخلت رياضه وأورق من زهر المعارف نائله
فقل للذى لم يشهد الوجد لا تجد عن الحق إن الحق قد خاب جاهله
فإن امرؤ بالشرع يعصم نفسه بعيد عليه أن تزيغ دخائله
* **
يافؤادى أى شئ أفزعك أصفاء العيش يوماً ودعك
لا تخادع إنما الحب له شدة إن لم تذقها ضيعك
أنا فيما أبتغى لا أعتدى وأريد العمر أقضيه معك
أنا لا أكذب قلبى وله وأرى الحكمة أنى أتبعك
قال لى الخالق إذا ناديته خذ كلام الحق وارهف مسمعك
لاترم غيرى وكن لى مخلصاً وأحذر الشركة إذ لن تنفعك
إنما الحب لنا إخلاصه وهو الطهر فخذه مرتعك
يامحب الله إن رمت العلا أصدق الحب وطهر أدمعك
أنت لو أسمعته منك الندا جاد بالرحمة حتى أسمعك
وإذا طاوعته فى المرتجى فهو يوم المرتقى ما ودعك
وإذا لازمته فى المبتغى واتبعت الدين يحسن مرجعك
وإذا قمت له وسط الدجى نور الله دواماً مضجعك
اذكر الموت وكن عبد الهدى تجد الخلق جميعً شيعك
لا تعجل أى شئ تبتغى اتبع الشرع وجانب بدعك
واجعل الحكمة دوماً منطقاً واجعل الحلم لديها مشرعك
وخذ العلم وكن من آله ثم علم بالرضا من يتبعك
لا تقل إلا الذى تعرفه وإذا تجهل فالزم موضعك
إن نصف العلم لا أدرى فإن قلتها فالله يحيى مربعك
اتبع القرآن والزم آيه لا ترى الشيطان يوماً زعزك
فإذا كنت بمفتى فى الورى هات ما تعرف واحفظ مرجعك
رب أمر لم تقسه عن هدى فإذا روجعت فيه صدعك
إنما اللذة فى الذكر فإن تذكر الله عليه جمعك
أيها الباكى على أحسابه لازم الحق تر الحق معك
* * *
وإذا العناية لاحظتك عيونها لايستذلك فى الورى إنسان
سلم لأمر الله لا تقف الهوى من سلم الأمر مثواه أمان
ومنازل التسليم خير وقاية ممن يخوض وماله عرفان
ماذا يفيدك أن تعلل رحمة أو أن يكون على القضاء بيان
تعس الذى لم يبغ إلا علة وقضى ولم يسطع له برهان
ومن البلادة أن ينقب عاجز عن سر من من خلقه الأكوان
خذ من حياتك عدة من شرعة إن الشريعة للهدى ميزان
يا أيها السارى إليه بقلبه لا يغلبنك فى الهوى شيطان
إن كنت تصدق فى يقينك لحظةً نم فالمخاوف كلهن أمان
* * *
ي آل بيت رسول الله حبكمو ثوب أعز به والصدق جمله
كأن حبكمو أصلى وناشئتى وإننى من قديم قد خلقت له
من يوم كنت صغيراً إذا سمعت بكم أصابنى فى فؤادى الوجد والوله
وإن حبكمو عز لراغبه من لم يسر نحوكم أعماله بله
إنى امرؤ باسم آل البيت متجه والقلب فى حبهم مولاه كمله
كفى بأن الذى يأوى لساحتكم مولاه بالعز والإشراق فضله
وكم ذليل على الأبواب محتسب تفتحت جنة البارى تظلله
آل النبى كرام لا يضيع لهم راج ومن أمهم فالله يوصله
قد آنسونى إذا أوحشت فى بلدى وكل من آنسوا ثم الهناء له
الوذ بالباب وحدى أستجير بهم من استجار بهم ربى تكلفه
وكل مدح حرام فى مذاهبه إلا مديحهم الرحمن حلله
فاعلم بأن بنى المختار مدحهمو فرض من الله فى القرآن أنزله
* * *
كيف ترقى رقيك الأنبياء وهمو عنك بالإنابة جاءوا
أنت للكل أول وابتداء أنت للبعث آخر وانتهاء
أنت أصل وهم لك الأجزاء ومليك وهم لك النصراء
شهد الله والنبيون جمعاً أنت أعطيت بالرضا ما تشاء
ورأيت الإله رؤية عين عجزت أن تحدها الآراء
وتكلمت معه من غير شك بكلام لم تحصه العقلاء
يا أصيل الأخلاق يا كامل القدر ويا من بأمره العلياء
يا عزيز الجوار يا حضرة القرب ويا من عزت به الأقرباء
يا نبيل المقام يا سيد الرسل ويا من جنوده العلماء
إن مدحنا حماك نلنا التجلى أوقصدنا علاك زال الداء
إن يكن بى مما فعلت سقام فمديحى ذات النبى شفاء
ويح قلبى إذا ذكرت ذنوبى يتولى الفؤاد منها عناء
وإذا ما وزنت تلك الخطايا ملك العين والفؤاد عماء
فإذا ما ذكرت أحمد يوماً زال عنى العمى وجاء الشفاء
ليس عندى من البيان كلام يا سماء ما طاولتها سماء
* * *
المصطفى ما زال يعلو قدره فسما الزمان أوائلاً وأواخرا
طهر فؤادك من شوائب غيه حتى تقابله فؤاداً طاهرا
يا سيدى ولقد غدوت مناجياً عمرى وبت مع الجلال مسامرا
كم من صغير جاء حيك تائباً أضحى يسود من الرجال أكابرا
والله ما طرأ العناء وساءنى إلا وأذكره فأصبح ظافرا
فإذا نهلت نهلت من نور الهدى وإذا سكرت سكرت علماً زاخرا
وإذا غفوت غفوت صبا مغرماً وإذا أفقت رأيته لى ناظرا
وإذا خشيت من العدو وكيده كان النبى هو الملاذ الناصرا
عودتنا منك الجميل فهب لنا منك الوصول ولا ترد الزائرا
أنا إن أكن جسماً بعيداً إنما روحى من النجوى تفيض سرائرا
أرسلتها بفم النسيم شهيدة وتزف باسمكم السلام العاطرا
فلكم فقير عز باسمك جاهه أمسى يساجل فى الملوك قياصرا
ولكم ذليل ناله من جاهكم قدر فأصبح بالمذلة قاهرا
ولكم بعينى قد نظرت لروحه فروى المعارف ناثراً أو شاعرا
قولى هو الحق الصريح فلم أكن أرجو بمدحك أن أسود مظاهرا
لم أنس حبك ما حييت وإن أمت أجد الغرام على مد منابرا
إن كنت صبا أكتم الوجدان فى قلبى يظنونى بحبك فاترا
أنا هائم ومن المحبة هائج كالريح قد أزجى السحاب الماطرا
فأصب فى الإحساس من مهج الورى حكماً تقلبها القلوب مزاهرا
يا هذه الأيام إنى ليس لى إلا رسول الله سراً ظاهرا
أنا كل شئ فى الحياة تركته ووقفت نفسى للنبى مثابرا
والوقف لا يشرى وليس يباع فى حال يدوم إلى القيامة حاضرا
أنا باسمكم وإلى اسمكم وبسوحكم فى رسمكم قلبى على الشعرى سرى
لم أنس أيام الطفولة حيثما كنت المؤمل لى وكنت الظافرا
ما زال حبك باقياً فى مهجتى يضفى على من اليقين سرائرا
ولقد غسلت بواطنى وظواهرى فى حبه حتى نسيت الطاهرا
نور النبى إذا تمكن من فتى لم يبق فيه صغاراً وكبائرا
فإذا رزقت محبة فبفضله وإذا كسبت فقد كسبت جواهرا
قل لى عليك صلاتنا وسلامنا حتى أعود على المحبة شاكرا
أرضيتنى كرماً وصاحبنى الرضا حتى وصلت فلست أسلك حائرا
ما زال فضلك فى البرية سائراً يسمو ويذكو بالنفوس ضمائرا
ولكن أراه فى العوالم صاعداً حتى غدا فى الكون مسكاً عاطرا
إليك وإلا لا تشد الركائب ومنك وإلا لا تنال الرغائب
وفيك وإلا فالرجاء مخيب وعنك وغلا فالمحدث كاذب
لديك وإلا لاقرر رطيب لى عليك وإلا لا تسيل السواكب
رضاك وإلا الغرام تضيع سناك وإلا فالبدور غياهب
* * *
تولى المصطفى أمرى فكانت لحظة العمر
وأسلمنى إلى بـــى فصارت ليلــة القدر
وأشرق نوره سحراً فتم الوصل بالفجر
وأصبح سره يسرى يمج لبهة الغير
وصرت أراه إذ ألقاه فى نجواى فى سرى
فــألفــنى وعـــرفــنى وشــرفنى بذا الســر
وأسرى بى غلى الباب وألقى بى إلى البحر
فقدمنى وكــرمنــى ونعمنى على فقــرى
وأبصــر لى وصور لى ويســر لى بلا عســر
ونـــادانى وكــنانى أبا الإخلاص واليســر
وكلمـــنى فعلمـــنى وهيمنــى على ستــر
وصــافــانى ووافــانى فعافــانى من الــوزر
وأدبنى وقـــربـــنى فغيبــنى بلا سكــر
وطـــهرنى وســــاورنى فأسكــرنى بلا خمـــر
وأنطـــقنى ومــا أدرى بمــا أدرى ولا أدرى
فــأذكار وأســــرار وأنــوار بنــا تســـرى
ونفسى ودعـــت أمســى فما تمســى علــى بشر
ووحشى قــد غــدا يمشى بلا نـــاب ولا ظــفــر
فسيرى مــات فى صدرى بلا لحــد ولا قـــبر
وقلبى بـــات من حبـــى كبستان مــن الزهـــر
لا تحارب بالعذل قلب محــب عالج الشوق عمره ولهانا
وتلطف به فقد حكم الشــو ق عليه فلن يفيق جنانا
ليس تدرى اللظى جوانح صب أجج الحب قلبه نيرانا
أدمعى الزاخرات لم تطف شوقى قد ثوى الشوق بالحشا بركانا
أنا لو أشرب البحار جميعاً لم أزل فى محبتى ظمآنا
لست أروى إلا بلقياك يــا رب فهذا اللقاء أسمى رجانا
رغب الناس فى الشراب ولكن رؤية الحق شربنا ورضانا
أنا إن جلست فالمحبة تاجى وإذا سرت أنتشى وجدانا
علمونى كيف المسير إلى الله وقالوا خذ الرضا تيجانا
مذ رأونى أهيم فى الله صبا أدخلونى فى الحكة الميدانا
اعذرونى أو اعذلنى فإنى لست أخشى الملام حيث كانا
إنما اللوم فى المحبة عندى لا يزيد المحب إلا افتتانا
جرب الحب مثل ما جرب العا شق تلقى الملام يذكى هوانا
نحن نحيا بالله حتى إذا ما نحن متنا بعفوه أحيانا
حملت نفسى الحواس وقيل اصبر فمن هاهنا تنال عطانا
فتحملت وجهتى رؤية اللــ ه وقلبى على الرحاب تدانى
لى به قوة وبى منه لطف وبهذا أرى الحصاة جمانا
أعلم الحب علم أهل التجلى لست احتاج فى الهوى ترجمانا
قد تناثيت عن سواه بكلى وتلقيت سره إحسانا
ضاحك الثغر للعباد ولكن فاض بالقلب حبه إيمانا
أنا إن أبك فالدموع هواء بخرتها نار الهوى هيمانا
وإذا ما نظمت تسبح روحى تملأ الكون رحمة وبيانا
تسكب العلم فى مقاطع نظم قد جلوناه للورى ألحانا
لى غناء لو بسمعه الصخر تلقاه من الوجد والمهابة لانا
وإذا الطير يأخذ السجع عنى كان والله فى الذرى سحبانا
لبس الناس من حرير وخز ودعاء الرحمن خير كسانا
حلية الناس جوهر وعقود وتقى الله يارجال حلانا
نجتلى ذكره ونرتاح فيه فانتهانا فى الذكر منه ابتدانا
نتنادى إلى اليقين هلمو وبهذا لربـــنا نتدانى
إننا ملكه وموعدنا الحشـــ ر فهل عنه لحظة نتوانى
كل قلب به جمود فإن داو م ذكر الخلاق بالذكر لانا
اعرف الله ثم مل عن سواه كان عرفانا غيره كفرانا
وتزود من المحبة بالتقوى ولازم بقلــبك الرحمانا
ولقد أدركنا اليقين صغاراً وكبرنا وما جهلنا المكانا
ونطقنا وما نطقنا بفحش بل جعلنا تقواه منا لسانا
وادخرنا اليقين للحشر ذخراً وملآنا من الثبات جنانا
ولبسنا من الحياء سعاراً وجعلناه فرقــنا طيلسانا
قد علمنا أن المحبة كنز كل من صانها سما بنيانا
* * *
صلونى بحبل الله ثم ذرونى وإن تدعونى عنده فدعونى
إذا وصلت روحى إلى الله ربها فلم أخش بعد الوصل ريب منون
لقد عذلونى أن أهيم بحبه ولو أنهم ذاقوا الهوى عذرونى
وقد يوقظ العذل الهوى حيث إنه يشب بقلبى النار ما عذلونى
ولى لذة فى الحب ليس كمثلها وما ذاقها ذو شهوة ومجون
فلو أن شوقى بالجبال وصمها إذن أسمعتكم من جوى وأنين
ولو أن بعض الأرض ذاق شهودنا تحول ماء من هوى وحنين
ولو قطرة من حبنا فوق صخرة زكا قلبها فهما بغير متون
ولكن كتمت الحب عن كل ناظر فإن فاض قلبى لا تسح عيونى
أدراى الهوى حتى يقال بأننى جهول وأهل الحى ما جهلونى
ففى حركاتى أكتم الحب عاشقاً وأحسب مثل الصخر حال سكونى
ولى أمل فى الله ألا يضيعنى ولى ثقة ليست بذات فتون
تفنن غيرى فى الملاهى وشرها ولكن بحب الله نلت فنونى
فيا آل ودى قد وددت فكافئوا ودادى بود مثله وصلونى
إذا كان ذنبى فوق ظهرى مثقلى فمن جودهم بالعفو قد غسلونى
ولا ركن لى إلا رضاؤك وحده وهذا منى قلبى وقصد عيونى
وقد طاب لى بالذكر ما أنا قاصد وفى عزة التقوى جمعت شئونى
وآياته لى كسوة وهى أسوة وطاب اشتغالى فيك حين ترينى
بعزم علمت الحب بالعلم خضته ففى شدتى ألقى نداك ولينى
وإنى إذا حادت سبيلى عن الهدى أرى الفضل يدنينى له ويلينى
تمتعت باسم الله بدءاً ومنتهى لذلك كان الذكر كل يقينى
* * *
أتينا بغزل الفتح من حضرة النهى بإذن رسول الله شيخى وعمدتى
لنا الدولة العليا لذى الهول نرتقى على نهج بحر الفضل قطب المجرة
بدايتنا فاقت نهاية غيرنا فليس الثريا للثرى بقريبة
على رغم أهل البعد نلنا مفاخراً فحيى هلا بالقرب منا لحضرة
سقتنى بثغر الوصل قهوة حسنها مشعشعةً دارت بألحان نشأتى
فيا ساقياً مهلاً فما روى الحشا أدرها على سرى بحانات خمرتى
عشقت ملاح الكون من أجلها وما رأيت سواها فى الحقيقة لبت
مطلسمة تبدو على عهد كنزها بلون الإنا فى الهو بل كل صبغة
هى الشمس إلا أن ذاتى سماؤها فلون الإنا فيها كلون المئية
تقدمت قبل الكل إذ بى وجوده تأخر بعدى الكل ناسوت صورتى
أنا كنز غيب الهو فى غيب هوه بظلمة نور الذات ذات هويتى
تفردت بى عنى بمهمه مهمه فما ثم غيرى ظاهر فى أنيتى
ظهرت بأعلى المستوى ففتكته فصرت إمام الكل من بسط نقطة
وما ثم شئ إلا كنت ثم أساسه لأنى نسخت الكل من فتح خوختى
لى العز فى الدارين بدأً وعودة وحكمى مبروم على كل حضرة
فمن رامنا لم يخش ضيماً ولا عناً فنحن أسود الكون فى كل رتبة
ومن جاءنا يلقى السعادة والمنى ويحظى بما يرضاه من كل وجهة

فطهر قبيل العصر كلك مخلصاً . وألق وجود الظل فى ماء وحدتى .
ونزه عن الشرك الخفى فإنه تبدى على كل بأحسن صورة
أباح الهوى سرى ولم قد كتمته فصرت له معنى للطف حقيقتى
* * *
طربنا على ذكر الأحبةمذهمنا وإن زادت الأشواق فيهم تهتكنا
رضينا بما يرضى الأحبة فى الهوى ولو حكموا بالقتل يوماً لسلمنا
فيا مطرب الأرواح من طيب ذكره أعد ذكر من نهوى وفى الحب روحنا
ودندن بمعشوق القلوب وحسنه وشنف قلوب العاشقين وأطربنا
خضعنا وعفرنا الخدود على الثرى وفى ركب أهل الحب نحو الحمى سرنا
إذازمزم الحادى وغنى بذكره تمايلت الأشباح شوقاً وقد طرنا
إذا ما بدت من جانب الحى نفحة وعم شذاها الكون منها تعطرنا
ويحلو لنا خلع العذار بحبه فإن شئت لمنا فى هواه أو أعزرنا
فمن كان منا هام فى الحب مثلنا وباع إلى المحبوب نفساً كما بعنا
ويختار فيه الافتضاح تلذذاً يموت عن الأغيار فيه كما متنا
فمن ذاق من طعم المحبة قطرةً يهيم إذا الحادى بمحبوبه غنا
وليس له شغل سوى ذكر حبه ويطرح فيه الجاه والنفس والكونا
ويكس جمالاً مذ تجلى بذله ويذكره المحبوب فى العالم الأسنى
فيا عاذل العشاق فى الحب والهوى تمهل وذق طعم الغرام تكن منا
فمن لم يذق فى الحب طعم شرابنا فمن أين يدرى الحب أو يفهم المعنى
فللحب أهل فيه باعوا نفوسهم وحنوا له شوقاً إذا الليل قد جنا
وطابت به البلوى وفيها تلذذوا ونالوا بها قرباً وزادوا بها حسنا
* * *
ونحن أهل الصفا لانقبل الكدرا أقبل علينا صفيا واسمع الخبرا
وكن بأوصافنا فى القرب متصفاً تنل مرادك منا كيف منك جرى
واستعمل الصبر فيما كنت تطلبه فإنما يبلغ الآمال من صبرا
واقصد إلهك لا تقصد سواه تفز ويذهب الله عنك السوء والضررا
إياك إياك لا تشرك به أحداً مما سمعت وما عيناك فيه ترى
فإنه واحد فرد تنزه عن كل الحوادث بل لا يشبه الصورا
وقد تكفل بالأرزاق من قدم لا الأغنياء هو ينساهم ولا الفقرا
غيب عن العقل حق والسوى عدم فحقق الأمر واترك كل ما خطرا
واقنع به حيث ما وليت معترفاً بفضله فاز من للفضل قد شكرا
ولا تكن يائساً منه وإن كثرت منك الذنوب لعل الذنب قد غفرا
لا أنت تدرى ولا يدرى سواك وإن جل المقام فإن السر قد سترا
واحذر من الأمن فهو مهلكة والله يمكر فاحسب أنه مكرا
ثم استقم دائماً ترجو مواهبه وتختشى منه تقضى عنده الوطرا
ياسعد من حضرا وجالس الأمرا مولانا أبو الإخلاص شرف مع الفقرا
* * *
عج ساحل الدير سل عنها الشماميسا صهباء قد ترهتها الخمر تقديسا
حمراء صفراء بعد المزج تحسبها من فوق عرش من الياقوت بلقيسا
أبدت لنا حر وجها وقد كشفت لنا اللثام بدير الطور تأنيسا
كم بت تحت ظلام الليل أشربها مع البطارق تسقيها القساقيسا
طفنا بهامع الرهبان قد عكفوا لدى الصوامع يطلبن النواميسا
نأتى الكنائس والدياجى لقد لبست ثوب الظلام وما نرى النواقيسا
سألت تومس مما كان ساقيها أجاب رمزاً وقد حكى الطولويسا
نبئت عن عهد شمعون يخبرها بوشى وثوما ويوحنا وجرجيسا
بأنها سفرت فى الطور فانبعثت أنوارها فغدت ناراً وتأنيسا
وهى العقار التى صارت معتقة كاساتها من خمور الأبن تأسيسا
مزجاً وصرفاً شربناها وقد مزجت بشهبها من شجون الهم تجنيسا
منى إلى بدت فى الكون فانمحقت عن المرائى وهى العين تلبيسا
فصرت لا هو من أبنى ولست أنا تفيأ الظل لما صار تخميسا
وقد غدا سر ذاك الظل يخبرنى عن آدم العين للأسما وإبليسا
فأصبح الشاهد والمشهود عنه نفى تثليث وهم وتربيعاً وتخميسا
بالله قف أيها البطريق قد جليت خيالات فىمرائى الكون تطميسا
فاجذب أعنتها فى الكون وافن به عنه وكن عينه ظهراً وتفليسا
يصير ما قد مضى فى اللون قد حضرت أوقاته عندما أفنى التقايسا
وحاضرنا قد مضى منا إذا اتحدت أزماننا وروينا الشرب عن عيسى
* * *
أزل علة الشرك الخفى لدى السير وكنت أنت فى طئ وأخراك فى نشر
وإن رمت كشف الحسن فى داخل الدين توضأ بماء الغيب إن كنت ذا سر
وإلا تيمم بالصعيد وبالصخر
ورد مورد الأسما ففض ختامه وحل بواد الأنس واقرع خيامه
وهم بشهود الحق وارع ذمامه وقدم إماماً كنت أنت إمامه
وصل صلاة الفجر فى أول العصر
صلاة شهود الوالهين بحبهم بحضرة أنوار الشهود لقربهم
تطهر من الأكوان تهدى لشربهم فهاذى صلاة العارفين بربهم
فإن كنت منهم فانضح البر بالبحر
أنوار الحق مضيـــئات للقلب بهــــا الهامات
ومظاهر قدرة مولانا فيها للموقين آيات
يا صاح اذكر مولاك تصل فالذكر بـــه إمدادات
واطرح أغيار الكون تدم لك من مولاك فيوضات
إبليس ونفسك والدنيا جاهد تلحظك عنايات
جنب جنباً عن مضجعه واضرع تلحقك سعادات
نفحات الوصل مهيأة للصب تصب النفحات
يا نائم قم ناجى المولى كادت تريدك الغفلات
أصبحت كما تمسى غرا والطير لهـــا تسبيحات
أفتأمن مكر الله ولم تأمنه هــداة سادات
صن عهد همو تسعد بهمو وتصب عليك الرحمـــات

أقطاب النقشيون لهم فى أسمى القرب مقامات
محراب الكون وكعبته فنفوسهمو مرضيات
من كوثر أحمد نهلوا كم تدهق لهم كأسات
هم صفوة آل الله لهم فى الكون جرت تصريفات
عبروا الأنهار بلا بلل لهمو فى الجو مطارات
وبإذن الله بدت منهم إحياءات وإماتـــات
بهمو فتوسل مجتهداً تمــددك سراعا نظرات
مولاى اصفح واغفر زللى فبعفوك تمح الزلات
وبنور هداك أنر سرجى حتى تنجاب الظلمات
وانفحنا نفحتك الكبى ربى كم لك إنعامات
بالهادى أحمد من ختمت بالوحى إليه رسالات
وبآل ثم بأصحاب لهم فى السبق القصبات
وأبو بكر هو أسبقهم من كالصديق رجالات
ثانى الأثنين خليفته كم للصديق مكانات
سلمان الوارث نسبته تشتاق إليه الجنات
قاسم ابن ابن أبى بكر والصادق كل إثبات
طيفور وخرقا نيهمو والحبر بدور هداة
والهمدانى وعبد الخــا لق ثم العارف قادات
محمودهمو وعليهمو والسماسى منارات
وكلالهمو وبهؤهمــو وعلاء الدين فنارات
يعقوب وناصر دينهموا والقاضى الزاهد مشكاة
وكذاك العارف درويش للخواجك فيض وهبات
لمحمد الباقى منح ولأحمدهم تجد يدات
معصوم سيف الدين كذا نور تغشه ضياءات
بحبيب الله وعبد الله لنا قد عمت بركات
خالد القطب أخو همم عثمان له الإرشادات
والنجل أبو حفص عمر كم جاءت منه كرامات
وأمين القوم محمدهم علم تعلوه ضياءات
وسلامتنا هو مرشدنا كم تصدق منه العزمات
والزرقانى المرسى غوث كم تحلو منه إغاثات
الكل ليوث أبطال للدين حصون صلدات
يارب بجاههمو نرجو وصلآً تزجيه رضاءات
وصلاة الله على الهادى طه ما هـــبت نسمات
وسلام مع طــــير أرج وتحــــيات موفورات
والصحب لهم منك رضاء والآل كــذا والعترات
والمجتهدون أثمتــنا للدين همو صمصامات
وحماة الدين جميعهمو أحياؤهمــو والأموات
وقرابــتنا وذوو حق ومن للهمو إحسانات
ما نادى النقشى مختتماً أنوار الحــق مضيئات
* * *
إذا لامنى من لم يذق لذة الهوى ولم يدر ما قلنا ولم يفهم المعنى
أقول له شأنى ودينى ومذهبى فإنك لا تدرى بماذا تهيمنا
شراب الهوى ياصاح عذب وإنما بمشربه طابت فهوم مداركنا
ألا يافقيها لودربت بعلمنا لما لمتنا بل كنت تأخذه عنا
ولكن لكم علم قرأناه بيننا بفهم ذكى ليس فيه تحيرنا
وعلم الهوى صعب عليكم رموزه ولكن بالتسليم تأخذه منا
مذاهبكم نرفوا بها بعض ديننا ومذاهبنا عمى عليكم وما قلنا
إذا جئتمونا خاضعين لبابنا بذل نفوس تأخذوا علمنا منا
تعالوا بلا نفس وحول وقوة بغير اعتراض فى الذى فيه قد همنا
نعرفكم طعم الهوى والذى نرى من المورد الأعلى إلى المقصد الأسنا
يقولون لى ما العلم ما النور ما الذى هو الجوهر الغالى عن البحر خبرنا
فقلت لهم هذى مطالع نورنا فمغربها فينا ومشرقها منا
على الدرة البيضاء كان اجتماعنا ومن قبل خلق الخلق والعرش قد كنا
تركنا البحار الزاخرات وراءنا فمن أين يدرى الناس أين توجهنا
* * *
أيا ظبى الفلا وكحيل عين ويا بدر الدجى وضياء عين
حميت من المكاره يا غزالا حوى كل الكمال بدون عين
ملكت القلب منى يا حبيبى وحق المجتبى المجرى لعين
دعانا للهداية فالمربى رسول قد أبان لطرق عين
أمين منتقى ما فيه شك به تهدى الأنام بكل عين
له ذات خلت عن كل سوء وقلب قد خلى من شين عين
سما فوق السماء ونال قرباً وخاطب ربه وحظى بعين
جميل النفس والأفعال قطعاً صفى خالصاً من قبح عين
أذاع الخير فينا كل وقت وأعوذ أمة من شر عين
علا رتباً فليس لها انتهاء وأظهر دينه لخيار عين
يقيم شريعة غراء فينا بها كم قد هدى من كل عين
رءوف بالعباد رحيم قلب عظيم القدر سيد كل عين
كريم منتقى بحر العطايا فكم منح الأنام جزيل عين
حليم مجتبى قد ظللته لدى حر عظائم كل عين
خليل الله هاد ذو كمال مجير الناس من قحط لعين
حريص بالعباد سريع بأس على قوم لئام مثل عين
كبير القدر فى الدارين حقاً مغيث الناس من حر لعين
حبيب الله أنت لنا ملاذ لنا فيك الرجا يانسل عين
فكم فرجت عنا من كروب بدنيا ثم أخرى عمد عين
وخلقك مبدأ الأشياء قطعاً حبيبى أنت أول كل عين
عليك الله صلى مع سلام وصولك مثل ذا من هم كعين
وآل ثم أصحاب جميعاً فهم بذلوا لدين كل عين
وكم قضبوا بسيف الله رأساً من الأعدا وكم قهروا لعين
وكم أحيا بهم ربى علوماً مغيبة ومنها ذات عين
لدى أتباعهم ما قال عبد أيا ظبى الفلا وكحيل عين
* * *
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحبنا
ولذ بحمانا واحتمى بجنابنا لنحميك مما فيه أشرار خلقنا
وعش فى رضانا خاضعاً متذللاً وأخلص لنا تلق المسرة والهنا
وسلم إلينا الأمر فى كل ما يكن فما القرب والإبعاد إلا بأمرنا
ولا تعترضنا فى الأمور فكل من أردناه أحببناه حتى أحبنا
ينادى له فى الكون أنا نحبه فيسمع من فى الكون أمر محبنا
فيلسى جلاليب الوقار لأنه أقام بإذلال على باب عزنا
رفعنا له حجباً أبحناه نظرة إلينا وأودعناه من سر سرنا
تمسك بأذيال المحبة واغتنم ليال بها تحظى بأوقات قربنا
وقم فى الدجى فالليل ميقات من برد وصال حبيب فاغتنم فيه وصلنا
فما الليل إلا للمحب مطيه وميدان سبق فاستبق تبلغ المنى
وسر نحونا بالليل لا تخش وحشة وكن ذاكراً فالأنس فى طيب ذكرنا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغل ولا تنسنا واقصد بذكرك وجهنا
ولا تنس ميثاقاً أخذناه أولا عليك بإقرار كتبناه عندنا
ولا تنس إحساناً بسطناه عندما جهلت فعرفناك حتى عرفتنا
ولا تنس ميثاقاً عهدت وكن بنا وثيقاً ولا تنقض مواثيق عهدنا
أمرناك أن تأتى مطيعاً لبابنا فأبطأت كاتبناك مع خير رسلنا
كفيناك أغنيناك عن سائر الورى فلا تلتفت يوماً إلى غير وجهنا
نسيت فذكرناك هل أنت ذاكر بإحساننا أم أنت ناس لعهدنا
وجدناك مضطراً فقلنا لك ادعنا نجبك فهل أنت حقا دعوتنا
دعوناك للخيرات أعرضت نائيا فهل تلق من يحسن لمثلك مثلنا
سألت فأعطيناك فوق الذى ترد عصيت فأمهلنا عليك بحلمنا
غفرنا تكرمنا عليك بحلمنا تسترت أسبلنا عليك بسترنا
نناديك بالإحسان تأتى لصده مع العلم والإقرار إنك عبدنا
أياخجلنى منه إذا هو قال لى أيا عبد سوء ما قرأت كتابنا
أما تستحى منا ويكفيك ما جرى أما تختشى من عتبنا يوم جمعنا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً إلينا وتنظر ما به جاء وعدنا
فأحبابنا اختاروا المحبة مذهبا وما خالفوا فى مذهب الحب شرعنا
وقلنا لأهل الحب فى خلوة الرضا أبحناكم الرؤيا تملوا بحسننا
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذى رأوه لما وليت عنا لغيرنا
ولو لاح من أنوار ذلك لائح تركت جميع الكائنات وجئتنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمة لمت غراماً واشتياقاً لقربنا
ولو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذى أضحى قتيلاً بحبنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت ثياب العجب عنك وجئتنا
مجيباً مطيعاً خاضعاً متذللاً لنعطيك أمناً من حظيرة قدسنا
ومن جاءنا طوعاً رفعناه رتبة وعنه كشفنا الهم والغم والعنا
ومن حاد عنا ضل سعياً ومذهباً وباء بحرمان ولم يبلغ المنى
ومن حبنا يعتد للصبر فى البلا ويصبر على البلوى لإنفاذ حكمنا
فما حبنا سهل وكل من ادعى سهولته قلنا له قد جهلتنا
وايسر ما فى الحب للصب قتله واصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
فيا أيها العشاق هذا خطابنا إليكم فما إيضاح ما عندكم لنا
فقل لخواص العاشقين تذللوا يلذ لنا فى معرك الحب قتلنا
فلا دية نرضى بها غير نظرة إليك ولكن نظرة منك تكفنا
إذا كنت عنا راضياً فهو قصدنا وكل يقولوا أنت فى الكل حسبنا
وجدناك فى الأحباب أوفى مودد وأكرم محبوب لسر وصلتنا
تداركتنا باللطف فى ظلمة الحشا وخير كفيل فى الحشا قد كفلتنا
جعلت بطون الأمهات مهادنا ودبرتنا فى ضعفنا ورزقتنا
وأسكنت عند الأمهات تعطفاً إلينا وفى الثديين تجعل رزقنا
وأنشأتنا طفلاً وأطلقت السنا تترجم بالإقرار إنك ربنا
وعرفتنا إياك فالحمد دائماً لوجهك إذ ألهمتنا منك رشدنا
محمدنا المبعوث للخلق رحمة أجل الورى المختار طه شفيعنا
أجل رسول قد أتى بشفاعة ودين قويم وهو عصمة أمرنا
بطاعته سدنا ونلنا شفاعة وفزنا بإسعاد وتم سرورنا
عليه صلاة الله فهو إمامنا وخيرتنا والملتجى يوم حشرنا
مدى ابن وفاء قال فى الذات منشداً أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا
* * *
اتطلب ليلى وهى فيك تجلت وتحسبها غيراً وغيرك ليست
فذا بله فى ملة الحب ظاهر فكن فطناً فالغير عين الفطينة
الم ترها ألقت عليك جمالها ولو لم تقم بالذات منك اضمحلت
نقول لك ادن وهى كلك ثم إن سبتك بوصل أوهمتك بذلة
عزيز لقاها لا ينال وصالها سوى من يرى معنى بغير هوية
كلفت بها حتى فنيت بحبها فلو أقسمت أنى أناهى برت
وغالطت فيها الناس بالهم بعدما تبينتها حقاً بداخل بردتى
وغطيتها عنى بثوب عوالمى وعن حاسدى فيها لشدة غيرتى
بديعة حسن لو بدا نور وجهها إلى أكمه أضحى يرى كل ذرة
تجلت بأنواع الجمال بأسرها فهام بها أهل الهوى حيث حلت
وحلت عرى صبرى عليها صبابة فأصبحت لا راضى لصبوة عروة
ومن ذا من العشاق يبلغ فى الهوى مرامى فيها أو يحاول رتبتى
وبى من هواها مالو ألقى فى لظى لذابت لظى منه بأضعف زفرة
وبالبحر لو يلقى لأصبح يابساً وبالشم دكت والسحاب لجفت
ذهلت بها عنى فلم أرى غيرها وهمت بها وجداً بأول نظرة
ولم أزل متطلعاً شمس وجهها إلى أن تراءت فى مطالع صورتى
فغاب جميعى فى لطاقة حسنها لأن كنت مشغوفاً بها قبل نشأتى
فدع عاذلى فيها الملام فإنما عذابى بها عذب ونارى جنتى
وإن شئت لم فيها فلست بسامع ذهبت فلم يمكن إليك تلفتى
وكيف أصيح فى الملامات التى عليها جيوبى فى الحقيقة زرت
وكنت بها مغرى أراها حبيبة إذا إنها والله عين حقيقتى
وفيها ادعيت العى فى مذهب الهوى وقطعت رسمى كى أصحح حجتى
وأصبحت مشغوفاً وأصبحت عاشقاً لأن ظهورى صار أعظم رينة
بها سمعت أذنى وأبصر ناظرى فعاينتها منها إليها تبدت
وفى حانها دارت على كؤوسها فصرت بها أسمو على كل ذروة
وما أبصرت عيناى للخمر جامها لأن حمياها لها عين حكمة
تلآلآ منها كل شئ فما أرى سوى نورها الوقاد فى كل وجهة
أباح لى الخمار منه تفضلا خباها وصار الشرب دينى وملتى
فإن شئتها صرفاً شربت وإن أشا مزجت لأن الكل فىطى قبضتى
وإن شئت أطوى الكون طياً وإن أشا نشرت جميع العالمين بنظرة
شربت صفاءً فى صفاءٍ فمن يرد من القوم شرباً لم يجد غير فضلتى
* * *
فؤادى بالأحبـــة ما نهـــنى وجسمى حين زاد الوجــد أنا
وإنى ساهـــر والليل جنا سمعت سويجع الآثلات غنا
على مطلولة العذبــات رنــا
يروم بحسن لحن صدق وعـــد لموعود يواصل ذات مجــد
يغرد مطرباً من فــرط وجد أجابته مغـــردة بنجد
وثلث بالإجابة حــين ثنى
تركت مطامعى ولزمت صومى ودمت على الصبابة بين قومى
عذولى لامنى وأطال لومـــى وبزق الأبرقين أطــار نومى
وأحرمنى طـروق الطيف وهنــا
وكم ساق الغرام إلى جيفاً من البلوى وكم جافيت فرشا
وعاد الأنس بعد القرب وحشاً وذكرنى الصبا النجدى عيشا
بذات البان ما أمــرا وأهــنا
لقد ذلت إلى الأحباب نفسى لتصبح فى معزتهم وتمسى
ولما كان طول البعد ينسى ذكرت أحبتى وديار أنسى
وراجعت الزمان بهم فضنا
كفانى فى الغرام أموت هما وحسبى أن هجرت الزاد والما
وذاب الجسم والهجران عما وكاد القلب أن يسلو فلما
تذكر أبرق الحنان حنا
ألا سر بالعراق إلى العقيق وعرج نحو كثبان الفريق
سألتك بالصداقة ياصديقى ترفق بى فديتك من رفيق
فما عين سويهرة كوسنا
عذاب الحب عذاب عند صبى وأعذب منه وصل بعد هجر
فما ضوء النجوم كضوء بدر ولا عين رأت من خلف ستر
كعين شاهدت حسا ومعنى
أخا الفتيان ياحاوى المعانى لعمرك إننى فى الحب فانى
تأن فليس خبر كالعيان وقف بى فى الطلول وفى المعانى
لأندب يافتى طللاً ومغنى
رياح الأنس مالك لا تهبى ومالك ياعيونى بالتصبى
ألا نوحى وصبى الدمع صبى لعل النوح يطفى نار قلبى
يقلبه الهوى ظرهاً وبطنا
خليلى لا تسل فى الحب عنى ودعنى فى الترجى والتمنى
فإنى ذائق ألم التجنى أعيذك ما بليت به فإنى
على أثر الفريق شجى مغنى
لقد قاسيت من بعد وقرب سكرت صبابة من غير شرب
أنا صب الغرام قتيل حب أشارك فى الصبابة كل صب
إذا ما الليل جن عليه جنا
فلو قسمت أهيل العشق صبرى لما بلغوا به معشار عشرى
وما حملت جبال الأرض نهرى ولو بسط الهوى العذرى عذرى
لما قاسيت سنة فنيس لبنى
فتشكرنى نغمات المعانى وتطربنى مزامير المغانى
لأنى فى التباعد والتدانى ولعت بجبرة الشعب اليمانى
ولوعاً زادنى كيداً وحزنا
أميل إلى محبتهم بطبعى وحبى لا يزول بأى نوع
وليس تباعدى عنهم بمنع أكاتبهم وقد بعدوا بدمع
فرادى فى محاجرهم ومثنى
ألا يا حادى الأظعان نادى بنشر قضيتى فى كل وادى
وصن سهدى وبعدى وانفرادى فلا أدرى أهم ملكو قيادى
بعقد البيع أم قبضوه رهنا
شغفت لحبهم ولبثت عمراً ولم أطق السوى سوداً وحمرا
ولا بكراً ولا زيداً وعمرا ثملت بهم وما خامرت خمرا
معتقة ولا دانيت دنـــا
إذا صاحت طيور الأيك ليلاً تزيد حشاشتى طبراً وميلا
وأنشدنى لسان الوجد قولاً ألا ياساجع الأثلات مهلا
ففى الأيام ما أكفى وأغنى
لعلك يا سويجع كنت شغفا وقد أصبحت فرد الحب روعا
فإنك قد جعلت النوع طبعا تأن ولا تضق بالأمر ذرعا
فكم بالنجح يظفر من تأنى
إذا رمت النعيم بخبر ظل فثق بالله لا بابن وخل
ودع ما شئت من حسد وغل ولا تمدد يداً بسؤال ذل
إلى غير الذى أغنى وأفنى
فكم بالعفو فضلاً فاز جانى وكم من صامت نال الأمانى
وكم حكم خفيات المعانى فبالأقدار يرزق غير عانى
بلا سعى ويحرم من تعنى
بعاد أحبتى كالصبر مراً وأشعل حبهم فى القلب جمرا
نحلت لبعدهم والليل أدرى أقول لنسمة هبت سحبرا
تفوق شذى عن المسك التمين
بحق مكون الأكوان جهراً ومن سكب الندى والغيث أجرى
بحق مدبر بالعبد أدرى ومن بك فى دياجى الليل أسرى
فما حال الأحبة خبرينى
فما عن حبهم قلبى تسلى وما لسواهم أظهرت ميلا
أقول ودمع عينى قد تدلى أعهدى عندهم باق وإلا
تناسوه قديماً منذ حين
فإن كانوا على عهدى أقاموا وذكرى شغلهم ولهم مدام
ووصل الغير عندهم حرام وهم مثلى سهارى لا يناموا
فدونك يانسيمة بشرينى
وإن كانوا نسوا ما كان عندى ولم يتذكروا عهدى وودى
وغيرى واصلوا وتركت وحدى وجسمى عذبوه بنقض عهدى
فعند ديارهم تلك اذكرينى
عسى ذكرى يذكرهم زمانى وما قد كنت فيه من التدانى
بطيب الوصل مع لطف المعانى وإن منهم بدا ريح الجنان
فعودى لى ونحوهم احملينى
لأن بعادهم أضنى فؤادى وكدر عيشتى ولذيذ زادى
وحرم مقلتى طيب الرقاد وأحرق مهجتى طول البعا
وجارى قد جفانى من أنينى
وقولى عن لسانى أى ذنب جرى فأطلتموا هجرى وكربى
كويتم مهجتى وصميم قلبى أيترك مدنف من غير عيب
وهل قتلى حلال عرفينى
تلاشت أدمعى فبكيت دما وكم من أجلهم حملت هما
عدمت لبعدهم صبراً وعزما ولم أرغب سواهم قط يوما
ولو قطعوا شمالى مع يمينى
ألا يانسمة حكموا فجاروا ألا يانسمة أين الفرار
ألا يانسمة ما القتل حلاً ألا يانسمة من لام يبلى
ويرجع فى الأمور كما المدين
ويرميه الغرام بسهم نبل وتكسيه المحبة ثوب ذل
ويحرمه الحبيب من التملى ويصبح حائراً فى الحب مثلى
ينادى ياعيونى ساعدينى
ألا يانسمة صعب جفاهم ألا يانسمة عذب لماهم
ألا يانسمة حلو لقاهم ألا يانسمة روحى فداهم
وهم عقلى ونقلى ثم دينى
ألا يانسمة حكموا بهجرى ألا يانسمة قد ضاق صدرى
ألا يانسمة قد حار فكرى ألا يانسمة قد عيل صبرى
فهل وصل يرد به أنينى
سألت النوم قلت له تعال وزرنى لحظة وانو ارتحالا
لعلى فيك انظره خيالا وأرتشف اللما عذباً زلالا
فيرجع لى رشادى مع يقينى
فقال النوم من ذا القول دعنا أمثلك بى حبيب قد تهنا
فمالك بالغرام أيا معنى أترضى أن أمر بجفن مضنى
فيأخذنى الغرام ويبتلينى
* * *
إلى متى أنت مختار الفؤاد ترى والركب آنس فى حان الطلا سحرا
إن رمت تقفوه خذ ما قاله الخبرا ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا
هم السلاطين والسادات والأمرا
تنحو الركاب إلى معنى أكايسهم والكون نشوان من ريا نفائسهم
هم أبحر الرى هم نعمت مجالسهم فاصحبهمو وتأدب فى مجالسهم
وخل حظم مهما قدموك ورا
أبطال علم تقهقر أن تنازعهم أو أن تقيد بالأرا طبائعهم
فلا سلامة إلا أن تطاوعهم واستغنم الوقت واحضر دائماً معهم
وأعلم بأن الرضا يختص من حضرا
فى روض أسرارهم دوماً بعقلك جل ومن ثمار معانيه الهينئة كل
والنفس منك عليها اخلع خلائع ذل ولازم الصمت إلا إن سئلت فقل
لا علم عندى وكن بالجهل مستترا
قم فى الدياجى بالأذكار مجتهداً وعنف النفس فى تقصيرها أبدا
واحفظ لسانك من عيب يعيب غدا ولا ترى العيب إلا فيك معتقدا
عيباً بدا بيناً لكنه استترا
طهر فؤادك من لهو ومن لعب وافتح لباب الرجا والذل والأدب
ولا تعاتب وإن عوتبت فاقترب وحط راسك واستغفر بلا سبب
وقم على قدم الإنصاف معتذرا
اصرف هواك على أهل الطريق وهم بحبهم وبهم لذ فى الزمان وهم
واعصم فؤادك عما لا يليق بهم وإن بدامنك عيب فاعترف وأقم
وجه اعتذارك عما فيك منك جرا
ياسادتى فأنا ملقى بسوحكمو والذنب قد عاقنى عن نبل نجحكمو
قد قيل لى قل لهم رشداً لصلحكمو وقل عبيدكمو أولى بصفحكمو
فسامحوا وخذوا بالرفق يافقرا
هم سادة همهم فى الله نيتهم رشد العباد إلى ما فيه قربتهم
بالدمع جئهم إذا جافيت حضرتهم هم بالتفضل أولى وهو شيمتهم
فلا تخف دركاً منهم ولا ضررا
هم فيهمو معرضاً عمن لهم حسدا واجعل عليك هواهم فى الزمان أدا
وابذل عليهم عسى تلقى بذا مددا وبالعطايا على الإخوان جد أبدا
حساً ومعنى وغضن الطرف إن عثرا
فى حكم نفسك لا تدخل ولو نفسا مذ بعت نفساً عليهم مغرماً أنسا
واعمل بأعمالهم ليلاً ضحا غلسا وراقب الشيخ فى أحواله فعسى
يرى عليك من استحسانه أثرا
عظم بسرك مع جهر لحضرته وقيد الطرف فى معنى حقيقته
واسع بجهدك فى تحصيل رغبته وقدم الجهد وانهض عند خدمته
عساه يرضى وحاذر أن تكن ضجرا
وراعه فى حضور ثم غيبته وإن دعاك استجب فوراً لدعوته
وسره بالذى يبدى لفرحته ففى رضاه رضا المولى وطاعته
يرضى عليك فكن من تركها حذرا
اصحب رجالاً لهم ذوق منافسة أرواحهم برياض الأنس أنسة
لكنهم أين هم والنفس حابسة واعلم بأن طريق القوم دارسة
وحال من يدعيها اليوم كيف ترى
بعدت عنهم فوا شوقى لحضرتهم ولثم كفهمو سمعى لقولتهم
ياإخوتى يا أخلافى فى محبتهم متى أراهم وآن لى برؤيتهم
أو تسمع الأذن منى عنهمو خبرا
قلبى يزيد اشتياقاً أن يلائمهم ومانعى الذنب عنهم أن أكالمهم
جعلتهم فى فؤادى كى أنادمهم من لى وأنى لمثلى أن يزاحمهم
على موارد لم ألف بها كدرا
كواكب كلهم فالحق نورهم وبالمعارف والأسرار عطرهم
قد أصلحوا سرهم فيه وجهرتهم أحبهم وأداريهم وأوثرهم
بمهجتى وخصوصاً منهمو نفرا
رهبان ليل بمولى الكل قد أنسوا وللمدامة فى حال الشهود حسوا
يابئس من عنهمو فى الناس قد خنسوا قوم كرام السجايا حيثما جلسوا
يبقى المكان على آثارهم عطرا
عن بابهم لا تكن فى العصر منصرفا واستنشق النشر من روضاتهم غرفا
أجلة يالهم من سادة حنفا يهدى التصوف من أخلاقهم طرفا
حسن التآلف منهم راقنى نظرا
يهتز قلبى غراماً ما ذكرتهمو والدمع يهمى ولو نوماً رأيتهمو
وإن نأيت لعمرى ماسلوتهمو هم أهل ودى وأحبابى الذين همو
ممن يجرى ثياب العز مفتخرا
بذكرهم كل صب مدنفاً ولعا بعزهم كل ذى عز لقد خضعا
بذلت روحى لهم أيضاً حجاى معا لا زال شملى بهم فى الله مجتمعا
وذنبنا فيه مغفوراً ومغتفرا
اقرب بهم نحو من لله ذاك دنا سر الحضائر من للحق جاز بنا
واشرح به الصدر وانشد هائماً علنا ثم الصلاة على المختار سيدنا
على علمى معناك صنوان جمعا ويا لهفى صنوان كيف التجامع
بمزدلفات فى طريق غرامكم عوائق من دون اللقا وقواطع
فإن حصل الإسعار فى زمزم اللقا وساعد جذب العزم فالفوز واقع
على مشعر التحقيق عظمت فى الهوى تبيعاً بحكم أصلته الشرائع
وكم من منى لى فى منى حضراتكم ويا حسرتى إن المحسر شاسع
رميت جمار النفس فى الروح فانتسبت جهنمها ماء وصاحت ضفادع
وأبدل رضوان بمالك وأنبتت بها شجر الجرجير والغصن يانع
ففاضت على ذاتى ينابيع وصفها وناهيك صرف الحق تلك الينابع
وطفت طوافاً للإفاضة بالحمى وقمت مقاماً للخليل أتابع
فمكنت من ملك الغرام وها أنا مليك وسيفى فى الصبابة قاطع
وحققت علماً واقتداراً جميع ما تضمنه ملكى ومالى منازع
ولما قضينا النسك من حجة الهوى وتمت لنا من حى ليلى بدائع
حثثنا مطايا العزم نحو أحيدكم وطفنا وداعاً والدوع هوامع
وجبنا بتهنئة النفوس مفاوزاً سباسب فيها للرجال مصارع
حمى درست فى العالمين طريقه فعز وكم قد خاب فى العز طامع
محل بحال القرب حالت رسومه وأوج منيع دونه البرق لامع
ينكس رأس الريح عند ارتفاعه فلم زال عنه السحب والغيث هامع
حوى تحته بهرام فى الأوج ساجداً وكيوان من فوق السموات راكع
فكم رامح مذرامه صار أعزلا وفى قلبه من عقرب الفقر لاذع
سريت به والليل أدجى من العمى على باذل أفديه ما هو طائع
يجوب الفلا جوب الصواعق فى الدجا ويرحل عن مرعى الكلا وهو جائع
وإن مر بعد العسر بالماء إنه على ظمأ من ذاك باليسر قانع
هى النفس نعمت مركباً ومطية فليس لها دون المرام موانع
فياسعد إن رمت السعادة فاغتنم فقد جاء فى نظم البديع بدائع

وفى عالم البرزخ قال:
قل لأقوام رأونى ميتاً فبكونى ورثونى حزنا
لاتظنون بأنى ميت ليس ذاك الميت والله أنا
أنا عصفور وهذا قفصى طرت عنه وخلفته مرتهنا
لاتظنوا الموت موتاً إنه لحياة وهو غايات المنى
كنت قبل اليوم بينكم فحييت وخلعت الكفنا
وأنا اليوم أناجى ملأ وأرى الله جهاراً علنا
عاكفاً فى اللوح أتلو وأرى كان ما كان تناءى أودنا
لاترعكم هجمة الموت فما هو إلا نقلة من هاهنا
وطعامى وشرابى واحد وهو رمز فافهموه حسنا
ليس خمراً سائغاً أو عسلاً لا ولا ماء ولكن لبنا
فافهموا السر ففيه نبأ أى معنى تحت لفظى كمنا

وفى مولانا الإمام على قال:
كرم الله وجه من جاء بالنصر وبالفتح والصفا والوفاء
فارج الكرب ياعلى اللواء ناصر الحق يارسول الآلاء
مصطفى المصطفى من الأنبياء يا على العالين فى الأسماء
ياعلى العالين فى كل وصف من صفات الكمال فى الأعلياء
فى الوغى سيفك العلى المعلى فى النهى رأيك العلى الضياء
مفرد أنت فى السماحة والتقــ وى وفى الدين والحجا والذكاء
ياأخا للنبى أنعم وأكرم بإخاء أعظم به من إخاء
مثلما كنت للخلافة أقصى كل من حازها بلا استثناء
إنما الناس دائماً لم يكونوا غير ما هم عليه من أهواء
ليلة الهجرة المنيفة تبقى لك ذكرى وآية للفداء
صلة الأرض بالسماء تجلت بل تحلت فى ذاتك العصماء
رائد العشق والفدا والسخاء فارج الكرب يا على اللواء

وفى ذكر الله تعالى قال:
الله قل وذر الوجو وما حوى متأدباً فى ساحة الإجلال
سلم لتسلم من حياتك إنه من أسلم التقوى سما بظلال
واجعل لنفسك من قضا الله الرضا حتى تكون موفق الأعمال
فتشت كل الخلق عن علم فلم أر لى سوى رب السما من والى
فتركت كل العالمين وجئته وجعلت ذكرى ذاته منوالى
حسب المحب من المحبة أنه يهدى بها للخالق الفعال
إن كنت تحسب أن فى المال الغنى أنا قد جعلت رضا المهيمن مالى
أنا إن أكن أجنى الغموم فإنما روحى ارتمت فى بحره الغسال
مد اليدين إليك أفضل شرعة وبغير وجهك لا يصح سؤالى
أنا عند ظنى فيك أنك مكرمى مع ذلتى ولحاجتى وجدالى
فاجعل هداك شريعتى وذريعتى واجعل شهودك لى مسرة حالى
يارب قلبى قد غسلت من الورى إذ ليس غيرك ما حييت ببالى
هيجتنى بالحب ثم ملأتنى بالنور والتقوى وفيض كمال
روح الهدى روحى وريحان الرضا راحى وقلبى صادق التسآل
بالحب كنت ولا أزال فإن أمت لم تأتزر روحى بثوب زوال
إن مر بى عصف الزمان وقصفه والله لست بما شهدت أبالى
أأحبه وأخاف سطوة غيره هذا وحقك لاتعيه خصالى
روض المحبة قد شهدت جلاله وجماله فثبت فى أحوالى
والقول لا يغنى بلا قلب فإن تنطق فكن بالناطق المفضال
يانفس إنى لا أمالى غيره قومى إلى حوض الكريم تعالى
والله قربنى إليه بذاته لم يرض لى فى الحب أى تعالى
إن الذى فهم المحبة قلبه لم يتجه يوماً لآل زوال
سلم لربك أمره واترك له أقداره واحذر من الأقوال
وذر العباد وشأنهم وفعالهم إن كنت مرتاداً بلوغ كمال

ولقد أبدع من قال:
ياسائق الظعن عج بربع به رجال الغرام تاهو
وانزل به خاشعاً ذليلاً مقبلاً بالرضا ثراه
ولا توان وكن جسوراً فالفضل والعز فى رباه
واشرب به خمرة المعانى بكل كاس وشم سناه
وارقص فلا لوم من محب أتاه داعى الهدى دعاه
ودع كلام العذول وانظر تراه يختال فى عماه
وذق لذيذ الغرام واطرب لساكن الربع لا سواه
تجد عذاب الغرام عذباً يجله من أوتى هداه
ياطالب الحسن قد تبدى بهاؤءه فانتبه تراه
وأى صب يهيم فيه ولم يذب فى الهوى حشاه
وزد ولوعاً به وعشقاً إن كنت ممن نمى هواه
تالله فالحسن مذ تجلى لطور سينا انمحت قواه
ولو تبدى لأى نجم لكانت الأرض ملتقاه
إليك كفى بسطت فارحم قلبى وحقق له رجاه
واملأ فؤاد المحب نوراً بهدى هادى إلى حماه
مولى إذا أمه ذليل ينال من قربه مناه
ويكتسى حلة المعانى به وتعنو له الجباه
وذاك برهان دين ربى أبو الإخلاص قصدى رضاه
بفضله فاز من تدانى وضل فى السعى من جفاه
يارب حقق به فؤادى واجعل إلى النور منتهاه
وصل ربى كذا وسلم على نبينا وزد علاه
والآل والصحبة الكرام والتابعين ومن تلاه

وسلطان الذاكرين للعامة والخاص قال:
إن رمت أن تحظى بنيل الوصلة فاركب سفينة عزمنا بالهمة
واخلع هوى الكونين عند مقامنا واعلم بأن لنا مقام الغيرة
وادخل إلى حاناتنا واحرم بها وانظر لكعبة حسننا بالمنة
واستقبل الحجر المنير مقبلاً ومهرولاً بين الصفا والمروة
واخرج بباب سلامنا مستسلماً متضلعً من ماء زمزم خمرة
فاشرب بكأس الحب لا تخشى العنا صرفاً تصفى من لذيذ مدامة
وقف على عرفات ساحات التقى فهنالك العشاق فيها صفت
واخضع ولبسى باسمنا بين الملا واسبل دموعك فوق سطح الجنة
وازلف ولا تخش عذولاً حاسداً وانحر ولا تجزع برمى الجمرة
برد يبرد رضائنا حر الفنا والبس رداء العز فوق الحلة
واجلس هنيا فى موائد جودنا فى الحضرة القدسى تحت العزة
فاشهد بديع جمالنا وكمالنا هذا الحجاب رفعته والسترة
نحن الأولى نسرى بعبد قد صدق فى الحب ثم لنتحفنه بتحفة
هذى خزائن حكمتى فاحكم بها فيما تروم ولا تخاف صدامة
فأنا المحب وأنت حبى فى الورى فأبشر بفيض قد وافاك برحمة
* * *
لو تجلى عن ناظريك الغبار لرأيت الكؤوس كيف تدار
ولبانت نار لديك كما بانت لموسى من جانب الطور نار
ولزالت رسوم ذاتك فيمن لم يزل وانمحت به الآثار
وتبدت فريدة الحسن تجلى زايلات ع وجهها الأستار
لكن القلب منك فى غفلات وعلى وجهك الكثيف خمار
ويقيناً أ التكاثر ألهاك وعزت بوهمك الأغيار
ورمتك الذنوب فى ظلمات من شكوك بها العقول تحار
فاجتهد واقصد الحقيقة واطلب ولتكن فيك خمة واصطبار
وتذلل بباب ديرك واخضع فعسى أن يدريك الخمار
إنما أنت عند نفسك وهم ظهرت منك هذه الأطوار
والذى أنت فيه محض غرور وهو فى مذهب الحقيقة عار
عدم فى الوجود يبدو ويخفى ماله فى الحالتين قرار
* * *
صلوات الله وتسليم لحبيب الحق محمده
الدهر صفالك أحمده والحسن سعى لك جلمده
والبحر تبسم رائقه والبر تلألأ جلمده
والمزن ترقرق ناصعها والنبت ترعرع أجرده
والدوح صحا غصناً غصناً واخضر وأينع أملده
ضحك النوار فغنى النحل وحام وطال تردده
والماء جرى فى جدوله واقام الظل يبرده
والطير تجمع شارده وشدا الألحان مغرده
فاهتز النحل لها طرباً وأجاد فبان منضده
لبس التفاح غلائله واللوز تبرج أمرده
والتوت يقول أنا الأعلى هيهات التين يفنده
وبدا الياقوت مع الرمان فقام الخوخ يؤيده
والفل تهلل لؤلؤه والعتر ضاء زبرجده
واحمر الورد وطاب الورد وراح الزهر يجوده
وابيض العبهر من فزح فاصفر السوسن يحسده
فضح النمام سريرته والمرزنجوش يوطده
والسعتر ضاع فرا ع الشيح توهجه وتأوده
ومشى فى الروض يزينها شبان الحى وخرده
والبشر تكامل رونقه والعيش تكاثر أرغده
وأهاب الحب بعسكره فانحاز إليه مجنده
وبكى المشتاق وذاب الصب وضاع اليوم تجلده
يتأوه كل أخى مقة فينم عليه تودده
وتبوح العين بسر القلب وزاد الوجد تجدده
وتميز نور اثنين هما غيداء الحسن وأغيده
صنوان تساوى شكلهما كالدر تشابه مفرده
مشياً وعذول من كثب يسترق السمع ويرصده
ظبى ومهاة فى دعة من لى بالواشى أجلده
حذران خفى همسهما همس بالحب يؤكده
فظلال الأيكة تزعجها ونسيم الفجر يشرده
لا يحسن قولى وصفهما من لى بزياد يسرده
قد فات الكل جمالهما كالمعدن فضل عسجده
فمثال الفتنة صورتها وكريم العنصر محتده
كم ضل بمثلهما فطن قد كان يعز تصيده
والحسن بروق خلبها يؤذى الأبصار توقده
والعشق ظلام لا يدرى أهل الأهواء متى غده
ويل لسليب العقل إذا ما حل به يتعبده
دع زائف حسن لا يغنى وبه يشقى متقلده
وتغن بحسن لا يفنى والزمه يحفك سرمده
وامدح من قال الله له قولاً ينفيه حسده
سل تعط فأنت وسيلتهم ولعمرك هذى سودده
ولد الإحسان وعم البشر وزان العالم مولده
وتبسمت الدنيا فرحاً مذ ضاء بمكة فرقده
واخضر القفر ولان الصخر وذاق البشرى فدفده
ومضت فى التقوى نشأته وبغار حراء تعبده
وأمانته صارت مثلاً ونزاهته وتزهـــده
حتى وافاه أمين الله بــ آى الله تمجـــده
ويل لقريش قد عمدت لجلال الدعوة تفسده
تؤذى من قام بها يدعو وتكذبــه وتنكـــده
وانقادت يثرب طائعة فأتاها تورى أزنده
فإلى الأنصار مودته وعلى الكفار مهنده
واستوطنها فغدت حرماً أمناً للزائر يسعده
سطعت بالحق أشعته والشرك تطاير أسوده
واضاء العالم حكمته والدين علا من يجحده
للرحمة كانت بعثته وحياض الجنة مورده
وشريعته بر وهدى وجماع الخير تمهده
والخلق الأعلى شيمته وكتاب الله يخلده
ومحبته أمن ورضاً تاسو الحيران وتضمده
وشفاعته تنجى العاصى من حر النار وتبعده
من جاء رجاء العفو ينل خيراً فيما يتزوده
طوبى للعبد يلوذ به إن وافى يوماً موعده
يا رافع بند الحمد غداً وخطيباً عنا نوفده
وشفيعاً تسجد تحت العر ش تناجى الرب وتحمده
ورجاء العبد لفك الوز ر غذا ما الذنب يقيده
أنت المأمول تنيل الخــــير وتبنى الخوف وتطرده
وعياذ الحائر أنت إذا ما رحت بجاهك تعضده
ولياذ الكون وعون العو ن ونيل العفو ومقصده
وجمال الضوء وسر الصفــ و وسعد الملك ومرشده
ومنار الدين وخير الرســــ ل وحرز الشعب ومنجده
وإمام الخلق وباب الحق رسول الله محمده
أبا الزهراء أجر واجبر واجزى من مدحك يسعده
واشفع يأمن قلب فزع فالخوف بقلبى مرقده
وشفاعتك العظمى شمس وذنوبى الليل تبدده
لا يشقى بال ظل الدهــــ ر سلامك فيه يردده
من خط مديحك فى ورق نعمت بالخط غدا يده
ففؤادى لا يخزى أبداً ما يبدى الحق ويشهده
وينزه ربى عن سبه ويسبحـــه ويوحــــده
ولسانى لا يصـــلى ناراً ما قــام بمدحك ينشده
فاقبله فأنت حبيب اللــ ه وأمن البعث وسيده
* * *
رنت المليحة والرنو خطاب ودنت مسلمة فبان خضاب
وبدا البهاء فراع مثلك حسنها والحسن يرجى تارة ويهاب
سفرت فأعيى الناظرين جمالها فالعين تجهر والؤاد يذاب
وتملكتك وطالما ملك الهوى أسداً فذل بذلهن الغاب
وغذا الهوى قاد الجوى فى تيهه فالنصح غش واليقين سراب
والحب فإن إن أردت وخالد إن شئت ألا يشتتم مآب
فإذا هويت هويت فى ظلماته ولحقت من ضلوا الطريق وخابوا
وإذا حببت محمداً نلت المنى ووجدت كل كريهة تنجاب
ذاك الذى أمر الإله بحبه وحباه نعم المنعم الوهاب
وأتى الكتاب المستبين بحمده وبمدحه ينجو الفتى ويثاب
لما قضى ربى ظهور ضيائه ووفى بميلاد النبى كتاب
شرف الحجاز ونورت أرجاؤه وزها بمكة أبطح وشعاب
وسرى البشير إلى تهامة معلناً فاخضر فيها مهمة ويباب
وبرحمة غاث العباد وجوده كالمحل فى قفر سقاه سحاب
درت على من أرضعته سعادة واليمن قد فتحت له أبواب
ورأت (حليمة) منه أعجب مايرى وسعت إليها منية وطلاب
أمضى الصبا فى عفة وطهارة ومضى على خير الأمور شباب
دعى الأمين وذاك نعمة صــ دق قد هيئت أزلاله الأسباب
وأقام يدعو ربه فى خلوة (بحراء) نعم المخلص الأواب
وأتاه جبريل الأمين بقوله (اقرأ) فعمت بالضياء رحاب
وجلاله التنزيل فيه بشارة وأوامر وزواجر وعقاب
فدعا إلى الرحمن فاستمع الأولى سعدوا وحق على الشقى عذاب
طوبى لمستمع له ولشرعه يرجو السلامة إذ يئين إياب
شملت عدالته الجماعة واستوى فى ذلك الأشراف والأوشاب
وتشتت تلك الفوارق بالتقى والعدل نعم الأصل والأحساب
سيق الذين تبجحوا بعدالة يسقى بها الشعب الضعيف الصاب
فشريعة الإسلام لا يرعى بها لغة ولا لون ولا أنساب
والكل إخوان وإن تك ميزة فلمن أطاعوا واتقوا وأنابوا
فوجوده أمن وشرعته هدى وضريحه نور حواه تراب
للقاصدين حماية ووسيلة يأتى فيرجع بالمنى الطلاب
فذر الجهول وزره تلق المبتغى ويحث عنك الذنب والأوصاب
وإذا بلغت العنبرية زائارً فامرح فقد بلغ الأمان ركاب
واقصد إلى باب السلام مسلماً وادخل تحفك رحمة وتواب
وامرح بروضته وقبل تربها وأطل وقوفك كى تفك رقاب
وأعلم بأنك فى السماحة والندى وامتع بخطك قد دنا الأحباب
واسأل إلهك ما تشاء تجب إلى أضعافه ماجل الاستيهاب
وإذا سعدت وواجهت شباكه عيناك ضاع من الضياء ضباب
هذى السعادة من ينلها مرة ينل الذى من دونه الأعراب
ياسيد الصحب الكرام أغث فتى فى جاهك المرفوع لا يرتاب
ويرى يقيناً أنه نعم الحمى يوم الميعاد كما قضى التواب
يرجو جوارك يانبى فجد به حرزاً يقيه إذا دهاه حساب
فلك الشفاعة فى شعوبك كلها ينجو بها الأكراد والأعراب
وإذا سجدت تقول رب اغفر لهم فالله يغفر والدعاء يجاب
* * *
رسول الله أنت لى الشفاء وأنت الحرز إن عز النجاء
وأنت المستغاث إذا فزعنا وأنت المستعان إذا نساء
بعثت لترحم الأكوان طراً فحل السعد وارتحل الشقاء
وبينت الهدى وسلكت فيه سبيلاً لا يساورها التواء
وفرعت الشرائع فى وضوح فلا لبس يطل ولا خفاء
وعممت العدالة إذ تساوى لدى الحكم الجحاجح والرعاء
وحرمت التقاطع والتعادى فما فى الشرع بغض أو جفاء
وأوجبت التأزر والتآخى فدين الله محوره الإخاء
وكرهت الخبائث والدنايا إلينا فانتحاها الأشقياء
وحببت المآثر والمزايا إلى قوم سجيتهم إباء
خضضت على المروءة كل حين وقام بك التسامح والوفاء
عفوت عن المسئ وقلت عفوا تعف عن الخطيئات النساء
وزينت الجميل وكل قبح مع الإسلام ليس له بقاء
جلوت المعضلات من القضايا فبان الحق وارتفع الغطاء
وسهلت الفرائض للبرايا فطاب لهم بسنتك اقتداء
نهيت عن التظالم والتباغى فلا يخشى السعاية أبرياء
أمرت بكل أخلاق حسان تنجى يوم يشتد العناء
وبشرت المطيع بخير دار وبالخسران من يعصون باءوا
حدوداً لو أقمناها لفزنا وراح الناس فى أمن وجاءوا
ولكنا نسيناها فأبنا بخذلان يحيط به شقاء
سبقت المصطفين إلى المعالى فدونك فى الرقى الأنبياء
وعشت بمكة النور المجلى له فى كل ناحية جلاء
سريت على البراق فنال عزاً تقاصر دون غايته العلاء
وجئت القدس فاستعلى فخوراً وزانته المهابة والبهاء
عرجت إلى السماء تزيد جاهاً فتاهت من زيارتك السماء
ووافيت المدينة بين قوم تمكن من قلوبهم الولاء
بك ارتفعوا إلى أعلى مقام وفضلهم على الناس السناء
حبيت ضياء مرحمة وهدى ومت فزاد فى الموت ارتقاء
فقبرك لا يطوف به شقى وذكرك ليس يلحقه الفناء
وفى رد السلام عظيم قدر وربك عنده لك ما تشاء
وفى يوم القيامة أنت أمن وعون حين يعوزنا الأساء
وأنت المستجار إذا بعثنا وزاد الهول وانقطع الغناء
فإن لم تدع أو تشفع هلكنا وخيم فوق رؤسنا العفاء
وإن منا مددت يداً إلينا نجونا مثل من شمل الكساء
ففى الدنيا بشرعتك اهتدينا وفى الأخرى شفاعتك الوقاء
ومن لم يتخذك له نجاة يضل سدى كما ضاع الهباء
فأنت اليوم ياطه إمام وأنت غداً يظللك اللواء
إذا نزلت بنا دهم الدواهى وناديناك ينقشع البلاء
فأنت بكل مكروب غياث وأنت لكل ذى وصب دواء
وأنت لكل ملهوف أمان وأنت لكل منقطع رجاء
عليك صلاة ربك ما تعالى ضياء الصبح أو طلعت ذكاء
وما نعق الرعاء بكل واد فجاوبهم رغاء أو ثغاء
وما أوت إلى قفر ضباب فباكرها ضباب أو ضياء
وما طاف الحجيج بخير بيت وأضحت فى منى تجرى الدماء
وما سحراً دعا الرحمن قوم مجاب عند ربهم الدعاء
* * *
يافرحتى سمح الحبيب وزارنى وبكأسه بين الأحبة خصنى
وصفا الوداد وطاب وقتى باللقا والحب هنانى ومنه أعزنى
فسكرت من طربى بحلو مقاله وبفضلة الكأس المروق رشنى
ناديته زد يا الحبيب من الصفا فأمالنى بين الدنان وغطنى
وظفرت منه بقربه ووداده وأنالنى كل المنى وأحبنى
فدهشت فيه وفى معانى حسنه وبنوره وبهائه قد حفنى
غنيته فأشار لى متبسما وعلى التهتك فى هواه أقرنى
ورقصت من فرحى وأنسى عنده ودعانى من أهل الفنون وعدنى
وغدا يتيه بحسنه لكنه ثمل بلطف جلاله إذا ينثنى
وأنالنى عطفاً تجلى بالرضا وأسرنى سر الغرام وسرنى
ياحسنه لما تثنى مقبلاً نحوى وحياً بالسلام وضمنى
وأرى الهيام يزيد وهو مسامرى ويزيدنى قرباً وشوقى هزنى
وبكيت من فرط السرور فقال لى أنت الحبيب وبالتهانى ودنى
فأنا نديم الحب سرى سره وعلى صيانه سره قد حثنى
وأباحنى ملا أبوح بذكره وبخلعة التقريب منه أمدنى
* * *







_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 08, 2015 7:08 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067



فؤادى بأهل اليقين اجتمع وللحق بالبينات اتبع
وأحفظ قلبى من العالمين وأعــ رف من صد فى المجتمع
ورب مقام تذوقته ولكن أرى سره لم يذغ
قالوا الجماعة فى ذكركم وأنتم قيام مقام البدع
فقلت نعم وهى ما نبتغى وفى عرفنا أحسن المتبع
أرى بدعة لا تصادم فرضاً وتثمر خيراً أجل الورع
أتانا الكتاب بذكر الإله وحسبك فى نصه ما استطع
وتنشط فى الحركات الجسوم ألم تر أن الصلاة ركع
وأن الرجال بها كالغصون تميل مع الريح لا تمتنع
وأن الجماعة مفروضة وحسبك فرضاً صلاة الجمع
وذكر الإله قيام الصلاة فخل انتقادك فهو قذع
وأن التمايل يذكى القلوب ولولاه كان الخمول وقع
ومن يتق الله يجعل له من الأمر مخرجه المنتجع
عليك بربك فى كل حالٍ وثابر على الذكر ثم اتبع
فنحن مع الله فى سيرنا وأنفسنا للسوى لم تسع
فلا تحسبونا جهلنا الحبيب ولكننا باسمه نرتفع
ونعرف عند اليمين اليمين ونترك عند الشمال الجزع
وكل محب ينادى الكريم مع الخوف فى نفسه والفزغ
فيرحمه الله من كربه ويهديه فى ذكره ما اتبع
ترانى أحب قلبى يخاف ومن خاف يأمن يوم الهلع
أداوى النفوس بعلم النفوس أذوقها الأدب المنتزع
* * *
عرفتك إذ روحى لذاتك تفرد وأنزل مافى مهجتى وأوحد
وأغسل قلبى من سواك ولم أجد لنفسى إلا نور ذاتك تشهد
أطوف وأسعى بالعبادة صادقاً وإنى بغير الشرع لا أتعبد
وإن أنا بالأرض اتخذت مساجدى فقلبى لنور الله بيت ومسجد
وإن يعبدوا خوفاً عبدتك رغبة ولى لذة فى رغبتى تتجدد
وأسبغ ثوب الذل فوقى لعلنى أرى يوم ألقى الله ما أنا أقصد
وإ، شرف الناس الثراء فإنما بك الشرف الأسمى وتقواك تقصد
أفيقوا عباد الله واعتصموا به وكونوا على عرفانه وتوطدوا
لاتلجأوا للغى فالغى سبة وإن تلجأوا للغى فى الغى تطردوا
وهل يعد ذكر الله للعبد نعمة بها يرتجى منه النجاة ويسعد
ومالذة العشاق إلا يقينهم إذا خففوا الشجوى علوا وتفردوا
إذا نظروا فازوا إن سهروا ارتقوا وإن عرفوا طابوا وإن يضحوا هدوا
فقلبك أدبه عن الناس كلهم ولاتعترض عبداً مسالكه ددو
فكم مذنب قد صادفته عناية فعاد وقوراً بالمتابة يسجد
وكم طائع قد غره سهد ليله فظن العلا فى نفسه وهو مبعد
ومن لم يعلم نفسه قبل غيره فليس له نصح يراد ويحمد
* * *
لأهل التجلى فى محبتهم سر ومن نفثات القوم قد لمع البدر
لنا درجات المؤمنين وسيرنا على سنة المختار طاب بها الأجر
ولى قوة العشاق لو أن سكبتها على الصخر من عليائها نطق الصخر
ولو أن وجدى أدرك الطود بعضه لأصبح من نور الهدى تربة تبر
ولو أن وجدى أدرك الطير بعضه لأفصح بالإعجاز فى شدوه الطير
أريقو دمى فالحب ليس بهين وإنى امرؤ فى الوجد ما أنا مضطر
أخذت الهوى محض اختيارى ورغبتى وإن اختبار الحب عندى هو الخبر
وقفت على نجوى الإله جوانحى لذلك قلبى منزل كله ذكر
وأخليت قلبى من مناجاة غيره فأصبح طوداً لا يزلزله الغير
جعلت حياتى ذلة وتواضعاً ومثلى فى أقواله كمن الدر
وإنى إذا حدثت قومى فإنما أحدثهم علم يقال له شعر
ولم أك من أهل الخيال وإنما علوم الهدى من حكمتى فيضها بحر
ولست الذى فى كل وادٍ تفردوا ولكن وادينا المحبة والذكر
فما أنا بالمداح زيداً لماله ولا أنا بالهجاء إن منع البر
ولكن لى فى حضرة الله نشوة يطوف بها قلبى إذا ارتفع الستر
شرحت لهم شرح المحبين عن هدى وعند أولى الألباب لم يعرف الغير
اسارع مشتاقاً وأسكت هائماً وأنطق إجلالاً وما عاقنى سير
ففى يقظتى شوق وفى غفوتى هوى وفى مشيتى علم وفى وقفتى سر
اسارح متعتزاً بربى وذكره ومن يعتصم بالله ما ناله ضر
ومن يعتصم بالله يسلم من الورى ومن يتخلص من سواه له الخير
ومن يعتصم بالله يحفظ فؤاده ومن يتجه لله ثم له الأمر
ذكاؤك محسوب عليك فخله لربك تلقاه إذا حارب الدهر
* * *
أسعى لخلاقى وأقصد وجهه وعن المسير إليه لن أتخلفا
يامالكاً روحى ومانحها الهدى انظر إلى فأنت أكرم من عفا
إن قيل لى من قلت امرؤ فى ربه ساع وهذا فى انتسابى تكلفى
* * *
مررت على المروءة وهى تبكى فقد قلت من الدنيا الهداة
مدامعها على الدنيا حريق لقد ديست وأهملها الرواة
وحى للمروءة ليس يبنى يعد من الألى من قبل ماتوا
إذا فقد المروءة أى قوم فليس له من الدنيا حير
وإن مروءة من غير دين ضلال لاتقول به التفات
وأى مروءة والنبل يبكى لفقد الدين ليس له سمات
تركنا حد مولانا وراء تنازعنا بذاك النازعات
وقلدتا سوانا عن ضلال وقد لعبت بأكثرنا الغواة
أنبنى الدور من أجل الملاهى وهاتيك المساجد خاربات
وكم يلقى الفساد بنا احتراماً وأهل الحق فى الدنيا موات
إذا وعظ الورى الوعاظ يوماً فتسحر بالكلام الناشئات
مجلات تثير لنا فساداً غوان فى الصحائف عاريات
يسر بها الشباب ويقتنيها ولا بشرى الوضوء ولا الصلاة
إذا ما شاهدوا لكتاب دين بضاعتهم لديه كاسدات
وأوراق الملاهى فى انتشار بيوت الملاهى عامرات
وكم رمضان نحييه بإثم لياليه يلهو ساهرات
نحج البيت زواداً ولكن قلوب بعد ذاك مخربات
وكم ذا ندعى نعطى زكاةً وليس لنا مع المولى زكاة
نبيع ونشترى لكن حراماً وأبواب الحلال معطلات
وكم يغشوا الربا فينا جهاراً وتعجبنا الفتاوى الفاسدات
محاكمنا قد امتلأت نساء وهل ترضى بكثرتها القضاة
وأخلاق تمزق كل يوم ثياب بالضلال مرقعات
وكم داع إلى التقوى افتخاراً وليس له من التقوى صلات
وكم كثر الكلام على البرايا وضل العقل إذ قل الثبات
طباع الناس أمست كالأفاعى فأضعفها ملامس لاذعات
وأهل الحق قد كبتوا وأوذوا وأهل الزيغ فى صلف دعاة
لذاك أرى المروءة فى انتحاب فقلت علام تنتحب الفتاة
فقالت كيف لا أبلى وأهلى عدمتهمو فكلهم شتات
وأمسى حيهم ميتاً ومهما أجمعهم فهم قوم رفات
وإن أنصحهمو خلوا سبيلى أأنصح من تولية الوفاة
أقول لهم حدود الله فيكم يقال تأخر قالت صفات
وإن قلت احكموا بالدين يوماً يقال ضللتمو اين القضاة
هواة الإثم فى بلدى رعاة وأهل الزيغ بالبلدى سعاة
وأهل المال فى جهل تساموا وأهل العلم ليس لهم حياة
إذا زمن فقدنا الدين فيه فأيام السعادة ذاهبات
أفتش لا أرى أهلى أمامى جميعاً دون خلق الله ماتوا
* * *
تخل ولا تحفل بجن ولا إنس وعش فى هوى الرحمن تسعد بالأنس
وأقبل على مولاك بالقلب مخلصاً واسلم وسلم واتجه طالب القدس
وخذ لك بالإيمان أصدق وجهة وطهر بها نفساً عن الغى والرجس
تجرد تجد مولاك أكبر ناصر وفوض له ما كان فى الغد والأمس
حياة الورى حلو ومر وإنما حلا المر بالتوحيد من رقد الحس
ومن لا يرى إلا الإله مراده حرام عليه الخوض فى العرش والكرس
ومن يتعشق نوره وجلاله فليس له التشبيب بالبدر والشمس
وإنك لو عظمت دينك عالماً وعاملت بالحسنى وأدبت للنفس
وكنت على الأحداث بالله راضياً سواء عليك الموت أوساعة العرش
سعدت من الدنيا بربك محسناً ونلت من الأخرى العطاء بلا بخس
يقولون لى من أنت قلت موحداً إلى ربه يسعى ولم ير من بأس
إذا قيل لى اطلب قلت ربى مطلبى وإن قيل لى اشرب قلت أنواره كأس
وكل عهود قد تنكس أصلها ولكن عهد الله باق بلا طمس
سلونى عن العشاق قد ذقت حبهم وإنى لهم رأس إذا كان من رأس
وما هم سوى أعضاء جسمى وبزتى أصافحهم ماشئته لكن بلا لمس
وماحيلتى إلا انكسارى فى الحمى وإن انكسار القلب يكشف عن قدس
وحلو الهوى عندى لقاء أحبتى ومر الهوى بعدى وفى هجرهم تعس
وأعرف رحمانى وأدرك عفوه وأنهض معتزاً به وما أنا بالمنس
وإن حبال الوجد تربط مهجتى وقلبى بحب الله يعبق كالورس
وإن كنت فى سعد فذلك فضله وإن لم أكن من سادة العرب والفرس
فقل للذى يذكى الشراع دع الكرى تجد سفن الإحسان تجرى على اليبس
وسر فوقنا إن الإجابة للهدى إذا ما دعى الداعى ولاتك فى حدس
فكل الذى تراه والكون خلفه وما نفع التفريق بالنوع والجنس
حسبت الهوى سهلاً فخضت عبابه فطوراً به أطفو وطوراً به غطس
إلى أن أتتنى من لدنه عناية وصلت بها بر السلامة والأنس
* * *
متع فؤادك قبل موتك برهة بالذكر واستمتع بكل شذاه
وأقم دجاك مزوداً بشهوده فإذا سهرت دجاك نلت ضياه
وإذا اتجهت إليه كنت محبه وكفاك هذا والمحبة جاه
وأقم على ذكر ومت فى حبه من مات فيه هوى فقد أحياه
من كان وجهته المهيمن وحده فالله من كل الورى نجاه
والناس لا يلوون عن محبوبهم والصادق السارى يجاب دعاه
والليل صبح للمحب ورحمةً لم يلق ضيقاً كل من ناداه
وإذ صحبت فلا تصاحب مغرضاً أسمى الصحابة من أجاد تقاه
من لم يصاحب للسماحة والهدى لم يلق أصحاباً له ترضاه
والعفو عن عيب المصاحب واجب من يعف عمن صاحب استبقاه
من راح يأخذ غيره بعيوبه وبغض عما فيه ضل هداه
كم ضاحك لك حينما عاشرته شبهت بالأملاك من نجواه
نصب الأذى شركاً لصيدك خلسةً وجفاك تسخط من سعاة أذاه
وابن الطريق له أعادٍ حوله ياويل من لم ينتبه لعداه
جاهد تنل واصبر تفز واصدق تسد واسهر تذق واعبد يهبك عطاه
أتحب أن تعلو بغير مشقة لولا المشقة لا ينال علاه
ياأيها الأحباب هل من ذاكر عهداً مضى كنا ضياء سماه
كنا أولى أدب وفينا حكمة الفرد منا كوكب بسناه
عودوا بنا لليل نسهر بالهدى فالليل يكشف للمريد عطاه
أننام ليلاً ثم ندعى سادةً هذا الضلال البحت وا أساه
لاتطمئنوا للحياة وصفوها فالصفو قبل الموت ما أرداه
لا تركنوا للنوم فى أيامكم فالنوم للمشتاق بذر جفاه
سر يامريد على المبادئ صادقاً للمنتهى حتى تنال لقاه
* * *
يطيب لقلبى فى حبيبى وسائله وها أنا محتاج إليه وسائله
أحب وروحى فى روائح ذكره تهيم ودمعى فيه يكثر سائله
ولم آل جهداً فى الرجوع لذاته وقلبى لم تحكم عليه شمائله
وقد لذ لى ذلى إليه وخشيتى وللحب معنى لم تفتنى شمائله
أغنى ولكن لحن علم وحكمة فما أنا ممن بالنسيب نزاوله
ولكننى عبد الوقار مهذب وقلبى بسم الله كانت منازله
سألت فأعطانى رجوت فزادنى وإن كريم الكف ما خاب سائله
أحن على ذل وأهوى على هدى وأسرى على علم بقلبى أواصله
وقد زيف العشاق للحب والهوى ولكن على صدقى تضئ دلائله
وهل يدرك الآيات إلا رجالها وهل يعرف الوجدان إلا مزاوله
وذو الوجد لا يغضى عن الحب لحظةً به عاش حتى لو أصيبت مقاتله
شهدنا وشاهدنا وطابت نفوسنا فهامت به أرواحنا أن نسائله
أسامر ليلى خالياً بشهوده وقلبى بنور الحق فاضت مناهله
رضيت به حتى دخلت رياضه وأورق من زهر المعارف نائله
فقل للذى لم يشهد الوجد لا تجد عن الحق إن الحق قد خاب جاهله
فإن امرؤ بالشرع يعصم نفسه بعيد عليه أن تزيغ دخائله
* **
يافؤادى أى شئ أفزعك أصفاء العيش يوماً ودعك
لا تخادع إنما الحب له شدة إن لم تذقها ضيعك
أنا فيما أبتغى لا أعتدى وأريد العمر أقضيه معك
أنا لا أكذب قلبى وله وأرى الحكمة أنى أتبعك
قال لى الخالق إذا ناديته خذ كلام الحق وارهف مسمعك
لاترم غيرى وكن لى مخلصاً وأحذر الشركة إذ لن تنفعك
إنما الحب لنا إخلاصه وهو الطهر فخذه مرتعك
يامحب الله إن رمت العلا أصدق الحب وطهر أدمعك
أنت لو أسمعته منك الندا جاد بالرحمة حتى أسمعك
وإذا طاوعته فى المرتجى فهو يوم المرتقى ما ودعك
وإذا لازمته فى المبتغى واتبعت الدين يحسن مرجعك
وإذا قمت له وسط الدجى نور الله دواماً مضجعك
اذكر الموت وكن عبد الهدى تجد الخلق جميعً شيعك
لا تعجل أى شئ تبتغى اتبع الشرع وجانب بدعك
واجعل الحكمة دوماً منطقاً واجعل الحلم لديها مشرعك
وخذ العلم وكن من آله ثم علم بالرضا من يتبعك
لا تقل إلا الذى تعرفه وإذا تجهل فالزم موضعك
إن نصف العلم لا أدرى فإن قلتها فالله يحيى مربعك
اتبع القرآن والزم آيه لا ترى الشيطان يوماً زعزك
فإذا كنت بمفتى فى الورى هات ما تعرف واحفظ مرجعك
رب أمر لم تقسه عن هدى فإذا روجعت فيه صدعك
إنما اللذة فى الذكر فإن تذكر الله عليه جمعك
أيها الباكى على أحسابه لازم الحق تر الحق معك
* * *
وإذا العناية لاحظتك عيونها لايستذلك فى الورى إنسان
سلم لأمر الله لا تقف الهوى من سلم الأمر مثواه أمان
ومنازل التسليم خير وقاية ممن يخوض وماله عرفان
ماذا يفيدك أن تعلل رحمة أو أن يكون على القضاء بيان
تعس الذى لم يبغ إلا علة وقضى ولم يسطع له برهان
ومن البلادة أن ينقب عاجز عن سر من من خلقه الأكوان
خذ من حياتك عدة من شرعة إن الشريعة للهدى ميزان
يا أيها السارى إليه بقلبه لا يغلبنك فى الهوى شيطان
إن كنت تصدق فى يقينك لحظةً نم فالمخاوف كلهن أمان
* * *
ي آل بيت رسول الله حبكمو ثوب أعز به والصدق جمله
كأن حبكمو أصلى وناشئتى وإننى من قديم قد خلقت له
من يوم كنت صغيراً إذا سمعت بكم أصابنى فى فؤادى الوجد والوله
وإن حبكمو عز لراغبه من لم يسر نحوكم أعماله بله
إنى امرؤ باسم آل البيت متجه والقلب فى حبهم مولاه كمله
كفى بأن الذى يأوى لساحتكم مولاه بالعز والإشراق فضله
وكم ذليل على الأبواب محتسب تفتحت جنة البارى تظلله
آل النبى كرام لا يضيع لهم راج ومن أمهم فالله يوصله
قد آنسونى إذا أوحشت فى بلدى وكل من آنسوا ثم الهناء له
الوذ بالباب وحدى أستجير بهم من استجار بهم ربى تكلفه
وكل مدح حرام فى مذاهبه إلا مديحهم الرحمن حلله
فاعلم بأن بنى المختار مدحهمو فرض من الله فى القرآن أنزله
* * *
كيف ترقى رقيك الأنبياء وهمو عنك بالإنابة جاءوا
أنت للكل أول وابتداء أنت للبعث آخر وانتهاء
أنت أصل وهم لك الأجزاء ومليك وهم لك النصراء
شهد الله والنبيون جمعاً أنت أعطيت بالرضا ما تشاء
ورأيت الإله رؤية عين عجزت أن تحدها الآراء
وتكلمت معه من غير شك بكلام لم تحصه العقلاء
يا أصيل الأخلاق يا كامل القدر ويا من بأمره العلياء
يا عزيز الجوار يا حضرة القرب ويا من عزت به الأقرباء
يا نبيل المقام يا سيد الرسل ويا من جنوده العلماء
إن مدحنا حماك نلنا التجلى أوقصدنا علاك زال الداء
إن يكن بى مما فعلت سقام فمديحى ذات النبى شفاء
ويح قلبى إذا ذكرت ذنوبى يتولى الفؤاد منها عناء
وإذا ما وزنت تلك الخطايا ملك العين والفؤاد عماء
فإذا ما ذكرت أحمد يوماً زال عنى العمى وجاء الشفاء
ليس عندى من البيان كلام يا سماء ما طاولتها سماء
* * *
المصطفى ما زال يعلو قدره فسما الزمان أوائلاً وأواخرا
طهر فؤادك من شوائب غيه حتى تقابله فؤاداً طاهرا
يا سيدى ولقد غدوت مناجياً عمرى وبت مع الجلال مسامرا
كم من صغير جاء حيك تائباً أضحى يسود من الرجال أكابرا
والله ما طرأ العناء وساءنى إلا وأذكره فأصبح ظافرا
فإذا نهلت نهلت من نور الهدى وإذا سكرت سكرت علماً زاخرا
وإذا غفوت غفوت صبا مغرماً وإذا أفقت رأيته لى ناظرا
وإذا خشيت من العدو وكيده كان النبى هو الملاذ الناصرا
عودتنا منك الجميل فهب لنا منك الوصول ولا ترد الزائرا
أنا إن أكن جسماً بعيداً إنما روحى من النجوى تفيض سرائرا
أرسلتها بفم النسيم شهيدة وتزف باسمكم السلام العاطرا
فلكم فقير عز باسمك جاهه أمسى يساجل فى الملوك قياصرا
ولكم ذليل ناله من جاهكم قدر فأصبح بالمذلة قاهرا
ولكم بعينى قد نظرت لروحه فروى المعارف ناثراً أو شاعرا
قولى هو الحق الصريح فلم أكن أرجو بمدحك أن أسود مظاهرا
لم أنس حبك ما حييت وإن أمت أجد الغرام على مد منابرا
إن كنت صبا أكتم الوجدان فى قلبى يظنونى بحبك فاترا
أنا هائم ومن المحبة هائج كالريح قد أزجى السحاب الماطرا
فأصب فى الإحساس من مهج الورى حكماً تقلبها القلوب مزاهرا
يا هذه الأيام إنى ليس لى إلا رسول الله سراً ظاهرا
أنا كل شئ فى الحياة تركته ووقفت نفسى للنبى مثابرا
والوقف لا يشرى وليس يباع فى حال يدوم إلى القيامة حاضرا
أنا باسمكم وإلى اسمكم وبسوحكم فى رسمكم قلبى على الشعرى سرى
لم أنس أيام الطفولة حيثما كنت المؤمل لى وكنت الظافرا
ما زال حبك باقياً فى مهجتى يضفى على من اليقين سرائرا
ولقد غسلت بواطنى وظواهرى فى حبه حتى نسيت الطاهرا
نور النبى إذا تمكن من فتى لم يبق فيه صغاراً وكبائرا
فإذا رزقت محبة فبفضله وإذا كسبت فقد كسبت جواهرا
قل لى عليك صلاتنا وسلامنا حتى أعود على المحبة شاكرا
أرضيتنى كرماً وصاحبنى الرضا حتى وصلت فلست أسلك حائرا
ما زال فضلك فى البرية سائراً يسمو ويذكو بالنفوس ضمائرا
ولكن أراه فى العوالم صاعداً حتى غدا فى الكون مسكاً عاطرا
إليك وإلا لا تشد الركائب ومنك وإلا لا تنال الرغائب
وفيك وإلا فالرجاء مخيب وعنك وغلا فالمحدث كاذب
لديك وإلا لاقرر رطيب لى عليك وإلا لا تسيل السواكب
رضاك وإلا الغرام تضيع سناك وإلا فالبدور غياهب
* * *
تولى المصطفى أمرى فكانت لحظة العمر
وأسلمنى إلى بـــى فصارت ليلــة القدر
وأشرق نوره سحراً فتم الوصل بالفجر
وأصبح سره يسرى يمج لبهة الغير
وصرت أراه إذ ألقاه فى نجواى فى سرى
فــألفــنى وعـــرفــنى وشــرفنى بذا الســر
وأسرى بى غلى الباب وألقى بى إلى البحر
فقدمنى وكــرمنــى ونعمنى على فقــرى
وأبصــر لى وصور لى ويســر لى بلا عســر
ونـــادانى وكــنانى أبا الإخلاص واليســر
وكلمـــنى فعلمـــنى وهيمنــى على ستــر
وصــافــانى ووافــانى فعافــانى من الــوزر
وأدبنى وقـــربـــنى فغيبــنى بلا سكــر
وطـــهرنى وســــاورنى فأسكــرنى بلا خمـــر
وأنطـــقنى ومــا أدرى بمــا أدرى ولا أدرى
فــأذكار وأســــرار وأنــوار بنــا تســـرى
ونفسى ودعـــت أمســى فما تمســى علــى بشر
ووحشى قــد غــدا يمشى بلا نـــاب ولا ظــفــر
فسيرى مــات فى صدرى بلا لحــد ولا قـــبر
وقلبى بـــات من حبـــى كبستان مــن الزهـــر
لا تحارب بالعذل قلب محــب عالج الشوق عمره ولهانا
وتلطف به فقد حكم الشــو ق عليه فلن يفيق جنانا
ليس تدرى اللظى جوانح صب أجج الحب قلبه نيرانا
أدمعى الزاخرات لم تطف شوقى قد ثوى الشوق بالحشا بركانا
أنا لو أشرب البحار جميعاً لم أزل فى محبتى ظمآنا
لست أروى إلا بلقياك يــا رب فهذا اللقاء أسمى رجانا
رغب الناس فى الشراب ولكن رؤية الحق شربنا ورضانا
أنا إن جلست فالمحبة تاجى وإذا سرت أنتشى وجدانا
علمونى كيف المسير إلى الله وقالوا خذ الرضا تيجانا
مذ رأونى أهيم فى الله صبا أدخلونى فى الحكة الميدانا
اعذرونى أو اعذلنى فإنى لست أخشى الملام حيث كانا
إنما اللوم فى المحبة عندى لا يزيد المحب إلا افتتانا
جرب الحب مثل ما جرب العا شق تلقى الملام يذكى هوانا
نحن نحيا بالله حتى إذا ما نحن متنا بعفوه أحيانا
حملت نفسى الحواس وقيل اصبر فمن هاهنا تنال عطانا
فتحملت وجهتى رؤية اللــ ه وقلبى على الرحاب تدانى
لى به قوة وبى منه لطف وبهذا أرى الحصاة جمانا
أعلم الحب علم أهل التجلى لست احتاج فى الهوى ترجمانا
قد تناثيت عن سواه بكلى وتلقيت سره إحسانا
ضاحك الثغر للعباد ولكن فاض بالقلب حبه إيمانا
أنا إن أبك فالدموع هواء بخرتها نار الهوى هيمانا
وإذا ما نظمت تسبح روحى تملأ الكون رحمة وبيانا
تسكب العلم فى مقاطع نظم قد جلوناه للورى ألحانا
لى غناء لو بسمعه الصخر تلقاه من الوجد والمهابة لانا
وإذا الطير يأخذ السجع عنى كان والله فى الذرى سحبانا
لبس الناس من حرير وخز ودعاء الرحمن خير كسانا
حلية الناس جوهر وعقود وتقى الله يارجال حلانا
نجتلى ذكره ونرتاح فيه فانتهانا فى الذكر منه ابتدانا
نتنادى إلى اليقين هلمو وبهذا لربـــنا نتدانى
إننا ملكه وموعدنا الحشـــ ر فهل عنه لحظة نتوانى
كل قلب به جمود فإن داو م ذكر الخلاق بالذكر لانا
اعرف الله ثم مل عن سواه كان عرفانا غيره كفرانا
وتزود من المحبة بالتقوى ولازم بقلــبك الرحمانا
ولقد أدركنا اليقين صغاراً وكبرنا وما جهلنا المكانا
ونطقنا وما نطقنا بفحش بل جعلنا تقواه منا لسانا
وادخرنا اليقين للحشر ذخراً وملآنا من الثبات جنانا
ولبسنا من الحياء سعاراً وجعلناه فرقــنا طيلسانا
قد علمنا أن المحبة كنز كل من صانها سما بنيانا
* * *
صلونى بحبل الله ثم ذرونى وإن تدعونى عنده فدعونى
إذا وصلت روحى إلى الله ربها فلم أخش بعد الوصل ريب منون
لقد عذلونى أن أهيم بحبه ولو أنهم ذاقوا الهوى عذرونى
وقد يوقظ العذل الهوى حيث إنه يشب بقلبى النار ما عذلونى
ولى لذة فى الحب ليس كمثلها وما ذاقها ذو شهوة ومجون
فلو أن شوقى بالجبال وصمها إذن أسمعتكم من جوى وأنين
ولو أن بعض الأرض ذاق شهودنا تحول ماء من هوى وحنين
ولو قطرة من حبنا فوق صخرة زكا قلبها فهما بغير متون
ولكن كتمت الحب عن كل ناظر فإن فاض قلبى لا تسح عيونى
أدراى الهوى حتى يقال بأننى جهول وأهل الحى ما جهلونى
ففى حركاتى أكتم الحب عاشقاً وأحسب مثل الصخر حال سكونى
ولى أمل فى الله ألا يضيعنى ولى ثقة ليست بذات فتون
تفنن غيرى فى الملاهى وشرها ولكن بحب الله نلت فنونى
فيا آل ودى قد وددت فكافئوا ودادى بود مثله وصلونى
إذا كان ذنبى فوق ظهرى مثقلى فمن جودهم بالعفو قد غسلونى
ولا ركن لى إلا رضاؤك وحده وهذا منى قلبى وقصد عيونى
وقد طاب لى بالذكر ما أنا قاصد وفى عزة التقوى جمعت شئونى
وآياته لى كسوة وهى أسوة وطاب اشتغالى فيك حين ترينى
بعزم علمت الحب بالعلم خضته ففى شدتى ألقى نداك ولينى
وإنى إذا حادت سبيلى عن الهدى أرى الفضل يدنينى له ويلينى
تمتعت باسم الله بدءاً ومنتهى لذلك كان الذكر كل يقينى
* * *
أتينا بغزل الفتح من حضرة النهى بإذن رسول الله شيخى وعمدتى
لنا الدولة العليا لذى الهول نرتقى على نهج بحر الفضل قطب المجرة
بدايتنا فاقت نهاية غيرنا فليس الثريا للثرى بقريبة
على رغم أهل البعد نلنا مفاخراً فحيى هلا بالقرب منا لحضرة
سقتنى بثغر الوصل قهوة حسنها مشعشعةً دارت بألحان نشأتى
فيا ساقياً مهلاً فما روى الحشا أدرها على سرى بحانات خمرتى
عشقت ملاح الكون من أجلها وما رأيت سواها فى الحقيقة لبت
مطلسمة تبدو على عهد كنزها بلون الإنا فى الهو بل كل صبغة
هى الشمس إلا أن ذاتى سماؤها فلون الإنا فيها كلون المئية
تقدمت قبل الكل إذ بى وجوده تأخر بعدى الكل ناسوت صورتى
أنا كنز غيب الهو فى غيب هوه بظلمة نور الذات ذات هويتى
تفردت بى عنى بمهمه مهمه فما ثم غيرى ظاهر فى أنيتى
ظهرت بأعلى المستوى ففتكته فصرت إمام الكل من بسط نقطة
وما ثم شئ إلا كنت ثم أساسه لأنى نسخت الكل من فتح خوختى
لى العز فى الدارين بدأً وعودة وحكمى مبروم على كل حضرة
فمن رامنا لم يخش ضيماً ولا عناً فنحن أسود الكون فى كل رتبة
ومن جاءنا يلقى السعادة والمنى ويحظى بما يرضاه من كل وجهة

فطهر قبيل العصر كلك مخلصاً . وألق وجود الظل فى ماء وحدتى .
ونزه عن الشرك الخفى فإنه تبدى على كل بأحسن صورة
أباح الهوى سرى ولم قد كتمته فصرت له معنى للطف حقيقتى
* * *
طربنا على ذكر الأحبةمذهمنا وإن زادت الأشواق فيهم تهتكنا
رضينا بما يرضى الأحبة فى الهوى ولو حكموا بالقتل يوماً لسلمنا
فيا مطرب الأرواح من طيب ذكره أعد ذكر من نهوى وفى الحب روحنا
ودندن بمعشوق القلوب وحسنه وشنف قلوب العاشقين وأطربنا
خضعنا وعفرنا الخدود على الثرى وفى ركب أهل الحب نحو الحمى سرنا
إذازمزم الحادى وغنى بذكره تمايلت الأشباح شوقاً وقد طرنا
إذا ما بدت من جانب الحى نفحة وعم شذاها الكون منها تعطرنا
ويحلو لنا خلع العذار بحبه فإن شئت لمنا فى هواه أو أعزرنا
فمن كان منا هام فى الحب مثلنا وباع إلى المحبوب نفساً كما بعنا
ويختار فيه الافتضاح تلذذاً يموت عن الأغيار فيه كما متنا
فمن ذاق من طعم المحبة قطرةً يهيم إذا الحادى بمحبوبه غنا
وليس له شغل سوى ذكر حبه ويطرح فيه الجاه والنفس والكونا
ويكس جمالاً مذ تجلى بذله ويذكره المحبوب فى العالم الأسنى
فيا عاذل العشاق فى الحب والهوى تمهل وذق طعم الغرام تكن منا
فمن لم يذق فى الحب طعم شرابنا فمن أين يدرى الحب أو يفهم المعنى
فللحب أهل فيه باعوا نفوسهم وحنوا له شوقاً إذا الليل قد جنا
وطابت به البلوى وفيها تلذذوا ونالوا بها قرباً وزادوا بها حسنا
* * *
ونحن أهل الصفا لانقبل الكدرا أقبل علينا صفيا واسمع الخبرا
وكن بأوصافنا فى القرب متصفاً تنل مرادك منا كيف منك جرى
واستعمل الصبر فيما كنت تطلبه فإنما يبلغ الآمال من صبرا
واقصد إلهك لا تقصد سواه تفز ويذهب الله عنك السوء والضررا
إياك إياك لا تشرك به أحداً مما سمعت وما عيناك فيه ترى
فإنه واحد فرد تنزه عن كل الحوادث بل لا يشبه الصورا
وقد تكفل بالأرزاق من قدم لا الأغنياء هو ينساهم ولا الفقرا
غيب عن العقل حق والسوى عدم فحقق الأمر واترك كل ما خطرا
واقنع به حيث ما وليت معترفاً بفضله فاز من للفضل قد شكرا
ولا تكن يائساً منه وإن كثرت منك الذنوب لعل الذنب قد غفرا
لا أنت تدرى ولا يدرى سواك وإن جل المقام فإن السر قد سترا
واحذر من الأمن فهو مهلكة والله يمكر فاحسب أنه مكرا
ثم استقم دائماً ترجو مواهبه وتختشى منه تقضى عنده الوطرا
ياسعد من حضرا وجالس الأمرا مولانا أبو الإخلاص شرف مع الفقرا
* * *
عج ساحل الدير سل عنها الشماميسا صهباء قد ترهتها الخمر تقديسا
حمراء صفراء بعد المزج تحسبها من فوق عرش من الياقوت بلقيسا
أبدت لنا حر وجها وقد كشفت لنا اللثام بدير الطور تأنيسا
كم بت تحت ظلام الليل أشربها مع البطارق تسقيها القساقيسا
طفنا بهامع الرهبان قد عكفوا لدى الصوامع يطلبن النواميسا
نأتى الكنائس والدياجى لقد لبست ثوب الظلام وما نرى النواقيسا
سألت تومس مما كان ساقيها أجاب رمزاً وقد حكى الطولويسا
نبئت عن عهد شمعون يخبرها بوشى وثوما ويوحنا وجرجيسا
بأنها سفرت فى الطور فانبعثت أنوارها فغدت ناراً وتأنيسا
وهى العقار التى صارت معتقة كاساتها من خمور الأبن تأسيسا
مزجاً وصرفاً شربناها وقد مزجت بشهبها من شجون الهم تجنيسا
منى إلى بدت فى الكون فانمحقت عن المرائى وهى العين تلبيسا
فصرت لا هو من أبنى ولست أنا تفيأ الظل لما صار تخميسا
وقد غدا سر ذاك الظل يخبرنى عن آدم العين للأسما وإبليسا
فأصبح الشاهد والمشهود عنه نفى تثليث وهم وتربيعاً وتخميسا
بالله قف أيها البطريق قد جليت خيالات فىمرائى الكون تطميسا
فاجذب أعنتها فى الكون وافن به عنه وكن عينه ظهراً وتفليسا
يصير ما قد مضى فى اللون قد حضرت أوقاته عندما أفنى التقايسا
وحاضرنا قد مضى منا إذا اتحدت أزماننا وروينا الشرب عن عيسى
* * *
أزل علة الشرك الخفى لدى السير وكنت أنت فى طئ وأخراك فى نشر
وإن رمت كشف الحسن فى داخل الدين توضأ بماء الغيب إن كنت ذا سر
وإلا تيمم بالصعيد وبالصخر
ورد مورد الأسما ففض ختامه وحل بواد الأنس واقرع خيامه
وهم بشهود الحق وارع ذمامه وقدم إماماً كنت أنت إمامه
وصل صلاة الفجر فى أول العصر
صلاة شهود الوالهين بحبهم بحضرة أنوار الشهود لقربهم
تطهر من الأكوان تهدى لشربهم فهاذى صلاة العارفين بربهم
فإن كنت منهم فانضح البر بالبحر
أنوار الحق مضيـــئات للقلب بهــــا الهامات
ومظاهر قدرة مولانا فيها للموقين آيات
يا صاح اذكر مولاك تصل فالذكر بـــه إمدادات
واطرح أغيار الكون تدم لك من مولاك فيوضات
إبليس ونفسك والدنيا جاهد تلحظك عنايات
جنب جنباً عن مضجعه واضرع تلحقك سعادات
نفحات الوصل مهيأة للصب تصب النفحات
يا نائم قم ناجى المولى كادت تريدك الغفلات
أصبحت كما تمسى غرا والطير لهـــا تسبيحات
أفتأمن مكر الله ولم تأمنه هــداة سادات
صن عهد همو تسعد بهمو وتصب عليك الرحمـــات

أقطاب النقشيون لهم فى أسمى القرب مقامات
محراب الكون وكعبته فنفوسهمو مرضيات
من كوثر أحمد نهلوا كم تدهق لهم كأسات
هم صفوة آل الله لهم فى الكون جرت تصريفات
عبروا الأنهار بلا بلل لهمو فى الجو مطارات
وبإذن الله بدت منهم إحياءات وإماتـــات
بهمو فتوسل مجتهداً تمــددك سراعا نظرات
مولاى اصفح واغفر زللى فبعفوك تمح الزلات
وبنور هداك أنر سرجى حتى تنجاب الظلمات
وانفحنا نفحتك الكبى ربى كم لك إنعامات
بالهادى أحمد من ختمت بالوحى إليه رسالات
وبآل ثم بأصحاب لهم فى السبق القصبات
وأبو بكر هو أسبقهم من كالصديق رجالات
ثانى الأثنين خليفته كم للصديق مكانات
سلمان الوارث نسبته تشتاق إليه الجنات
قاسم ابن ابن أبى بكر والصادق كل إثبات
طيفور وخرقا نيهمو والحبر بدور هداة
والهمدانى وعبد الخــا لق ثم العارف قادات
محمودهمو وعليهمو والسماسى منارات
وكلالهمو وبهؤهمــو وعلاء الدين فنارات
يعقوب وناصر دينهموا والقاضى الزاهد مشكاة
وكذاك العارف درويش للخواجك فيض وهبات
لمحمد الباقى منح ولأحمدهم تجد يدات
معصوم سيف الدين كذا نور تغشه ضياءات
بحبيب الله وعبد الله لنا قد عمت بركات
خالد القطب أخو همم عثمان له الإرشادات
والنجل أبو حفص عمر كم جاءت منه كرامات
وأمين القوم محمدهم علم تعلوه ضياءات
وسلامتنا هو مرشدنا كم تصدق منه العزمات
والزرقانى المرسى غوث كم تحلو منه إغاثات
الكل ليوث أبطال للدين حصون صلدات
يارب بجاههمو نرجو وصلآً تزجيه رضاءات
وصلاة الله على الهادى طه ما هـــبت نسمات
وسلام مع طــــير أرج وتحــــيات موفورات
والصحب لهم منك رضاء والآل كــذا والعترات
والمجتهدون أثمتــنا للدين همو صمصامات
وحماة الدين جميعهمو أحياؤهمــو والأموات
وقرابــتنا وذوو حق ومن للهمو إحسانات
ما نادى النقشى مختتماً أنوار الحــق مضيئات
* * *
إذا لامنى من لم يذق لذة الهوى ولم يدر ما قلنا ولم يفهم المعنى
أقول له شأنى ودينى ومذهبى فإنك لا تدرى بماذا تهيمنا
شراب الهوى ياصاح عذب وإنما بمشربه طابت فهوم مداركنا
ألا يافقيها لودربت بعلمنا لما لمتنا بل كنت تأخذه عنا
ولكن لكم علم قرأناه بيننا بفهم ذكى ليس فيه تحيرنا
وعلم الهوى صعب عليكم رموزه ولكن بالتسليم تأخذه منا
مذاهبكم نرفوا بها بعض ديننا ومذاهبنا عمى عليكم وما قلنا
إذا جئتمونا خاضعين لبابنا بذل نفوس تأخذوا علمنا منا
تعالوا بلا نفس وحول وقوة بغير اعتراض فى الذى فيه قد همنا
نعرفكم طعم الهوى والذى نرى من المورد الأعلى إلى المقصد الأسنا
يقولون لى ما العلم ما النور ما الذى هو الجوهر الغالى عن البحر خبرنا
فقلت لهم هذى مطالع نورنا فمغربها فينا ومشرقها منا
على الدرة البيضاء كان اجتماعنا ومن قبل خلق الخلق والعرش قد كنا
تركنا البحار الزاخرات وراءنا فمن أين يدرى الناس أين توجهنا
* * *
أيا ظبى الفلا وكحيل عين ويا بدر الدجى وضياء عين
حميت من المكاره يا غزالا حوى كل الكمال بدون عين
ملكت القلب منى يا حبيبى وحق المجتبى المجرى لعين
دعانا للهداية فالمربى رسول قد أبان لطرق عين
أمين منتقى ما فيه شك به تهدى الأنام بكل عين
له ذات خلت عن كل سوء وقلب قد خلى من شين عين
سما فوق السماء ونال قرباً وخاطب ربه وحظى بعين
جميل النفس والأفعال قطعاً صفى خالصاً من قبح عين
أذاع الخير فينا كل وقت وأعوذ أمة من شر عين
علا رتباً فليس لها انتهاء وأظهر دينه لخيار عين
يقيم شريعة غراء فينا بها كم قد هدى من كل عين
رءوف بالعباد رحيم قلب عظيم القدر سيد كل عين
كريم منتقى بحر العطايا فكم منح الأنام جزيل عين
حليم مجتبى قد ظللته لدى حر عظائم كل عين
خليل الله هاد ذو كمال مجير الناس من قحط لعين
حريص بالعباد سريع بأس على قوم لئام مثل عين
كبير القدر فى الدارين حقاً مغيث الناس من حر لعين
حبيب الله أنت لنا ملاذ لنا فيك الرجا يانسل عين
فكم فرجت عنا من كروب بدنيا ثم أخرى عمد عين
وخلقك مبدأ الأشياء قطعاً حبيبى أنت أول كل عين
عليك الله صلى مع سلام وصولك مثل ذا من هم كعين
وآل ثم أصحاب جميعاً فهم بذلوا لدين كل عين
وكم قضبوا بسيف الله رأساً من الأعدا وكم قهروا لعين
وكم أحيا بهم ربى علوماً مغيبة ومنها ذات عين
لدى أتباعهم ما قال عبد أيا ظبى الفلا وكحيل عين
* * *
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحبنا
ولذ بحمانا واحتمى بجنابنا لنحميك مما فيه أشرار خلقنا
وعش فى رضانا خاضعاً متذللاً وأخلص لنا تلق المسرة والهنا
وسلم إلينا الأمر فى كل ما يكن فما القرب والإبعاد إلا بأمرنا
ولا تعترضنا فى الأمور فكل من أردناه أحببناه حتى أحبنا
ينادى له فى الكون أنا نحبه فيسمع من فى الكون أمر محبنا
فيلسى جلاليب الوقار لأنه أقام بإذلال على باب عزنا
رفعنا له حجباً أبحناه نظرة إلينا وأودعناه من سر سرنا
تمسك بأذيال المحبة واغتنم ليال بها تحظى بأوقات قربنا
وقم فى الدجى فالليل ميقات من برد وصال حبيب فاغتنم فيه وصلنا
فما الليل إلا للمحب مطيه وميدان سبق فاستبق تبلغ المنى
وسر نحونا بالليل لا تخش وحشة وكن ذاكراً فالأنس فى طيب ذكرنا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغل ولا تنسنا واقصد بذكرك وجهنا
ولا تنس ميثاقاً أخذناه أولا عليك بإقرار كتبناه عندنا
ولا تنس إحساناً بسطناه عندما جهلت فعرفناك حتى عرفتنا
ولا تنس ميثاقاً عهدت وكن بنا وثيقاً ولا تنقض مواثيق عهدنا
أمرناك أن تأتى مطيعاً لبابنا فأبطأت كاتبناك مع خير رسلنا
كفيناك أغنيناك عن سائر الورى فلا تلتفت يوماً إلى غير وجهنا
نسيت فذكرناك هل أنت ذاكر بإحساننا أم أنت ناس لعهدنا
وجدناك مضطراً فقلنا لك ادعنا نجبك فهل أنت حقا دعوتنا
دعوناك للخيرات أعرضت نائيا فهل تلق من يحسن لمثلك مثلنا
سألت فأعطيناك فوق الذى ترد عصيت فأمهلنا عليك بحلمنا
غفرنا تكرمنا عليك بحلمنا تسترت أسبلنا عليك بسترنا
نناديك بالإحسان تأتى لصده مع العلم والإقرار إنك عبدنا
أياخجلنى منه إذا هو قال لى أيا عبد سوء ما قرأت كتابنا
أما تستحى منا ويكفيك ما جرى أما تختشى من عتبنا يوم جمعنا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً إلينا وتنظر ما به جاء وعدنا
فأحبابنا اختاروا المحبة مذهبا وما خالفوا فى مذهب الحب شرعنا
وقلنا لأهل الحب فى خلوة الرضا أبحناكم الرؤيا تملوا بحسننا
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذى رأوه لما وليت عنا لغيرنا
ولو لاح من أنوار ذلك لائح تركت جميع الكائنات وجئتنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمة لمت غراماً واشتياقاً لقربنا
ولو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذى أضحى قتيلاً بحبنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت ثياب العجب عنك وجئتنا
مجيباً مطيعاً خاضعاً متذللاً لنعطيك أمناً من حظيرة قدسنا
ومن جاءنا طوعاً رفعناه رتبة وعنه كشفنا الهم والغم والعنا
ومن حاد عنا ضل سعياً ومذهباً وباء بحرمان ولم يبلغ المنى
ومن حبنا يعتد للصبر فى البلا ويصبر على البلوى لإنفاذ حكمنا
فما حبنا سهل وكل من ادعى سهولته قلنا له قد جهلتنا
وايسر ما فى الحب للصب قتله واصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
فيا أيها العشاق هذا خطابنا إليكم فما إيضاح ما عندكم لنا
فقل لخواص العاشقين تذللوا يلذ لنا فى معرك الحب قتلنا
فلا دية نرضى بها غير نظرة إليك ولكن نظرة منك تكفنا
إذا كنت عنا راضياً فهو قصدنا وكل يقولوا أنت فى الكل حسبنا
وجدناك فى الأحباب أوفى مودد وأكرم محبوب لسر وصلتنا
تداركتنا باللطف فى ظلمة الحشا وخير كفيل فى الحشا قد كفلتنا
جعلت بطون الأمهات مهادنا ودبرتنا فى ضعفنا ورزقتنا
وأسكنت عند الأمهات تعطفاً إلينا وفى الثديين تجعل رزقنا
وأنشأتنا طفلاً وأطلقت السنا تترجم بالإقرار إنك ربنا
وعرفتنا إياك فالحمد دائماً لوجهك إذ ألهمتنا منك رشدنا
محمدنا المبعوث للخلق رحمة أجل الورى المختار طه شفيعنا
أجل رسول قد أتى بشفاعة ودين قويم وهو عصمة أمرنا
بطاعته سدنا ونلنا شفاعة وفزنا بإسعاد وتم سرورنا
عليه صلاة الله فهو إمامنا وخيرتنا والملتجى يوم حشرنا
مدى ابن وفاء قال فى الذات منشداً أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا
* * *
اتطلب ليلى وهى فيك تجلت وتحسبها غيراً وغيرك ليست
فذا بله فى ملة الحب ظاهر فكن فطناً فالغير عين الفطينة
الم ترها ألقت عليك جمالها ولو لم تقم بالذات منك اضمحلت
نقول لك ادن وهى كلك ثم إن سبتك بوصل أوهمتك بذلة
عزيز لقاها لا ينال وصالها سوى من يرى معنى بغير هوية
كلفت بها حتى فنيت بحبها فلو أقسمت أنى أناهى برت
وغالطت فيها الناس بالهم بعدما تبينتها حقاً بداخل بردتى
وغطيتها عنى بثوب عوالمى وعن حاسدى فيها لشدة غيرتى
بديعة حسن لو بدا نور وجهها إلى أكمه أضحى يرى كل ذرة
تجلت بأنواع الجمال بأسرها فهام بها أهل الهوى حيث حلت
وحلت عرى صبرى عليها صبابة فأصبحت لا راضى لصبوة عروة
ومن ذا من العشاق يبلغ فى الهوى مرامى فيها أو يحاول رتبتى
وبى من هواها مالو ألقى فى لظى لذابت لظى منه بأضعف زفرة
وبالبحر لو يلقى لأصبح يابساً وبالشم دكت والسحاب لجفت
ذهلت بها عنى فلم أرى غيرها وهمت بها وجداً بأول نظرة
ولم أزل متطلعاً شمس وجهها إلى أن تراءت فى مطالع صورتى
فغاب جميعى فى لطاقة حسنها لأن كنت مشغوفاً بها قبل نشأتى
فدع عاذلى فيها الملام فإنما عذابى بها عذب ونارى جنتى
وإن شئت لم فيها فلست بسامع ذهبت فلم يمكن إليك تلفتى
وكيف أصيح فى الملامات التى عليها جيوبى فى الحقيقة زرت
وكنت بها مغرى أراها حبيبة إذا إنها والله عين حقيقتى
وفيها ادعيت العى فى مذهب الهوى وقطعت رسمى كى أصحح حجتى
وأصبحت مشغوفاً وأصبحت عاشقاً لأن ظهورى صار أعظم رينة
بها سمعت أذنى وأبصر ناظرى فعاينتها منها إليها تبدت
وفى حانها دارت على كؤوسها فصرت بها أسمو على كل ذروة
وما أبصرت عيناى للخمر جامها لأن حمياها لها عين حكمة
تلآلآ منها كل شئ فما أرى سوى نورها الوقاد فى كل وجهة
أباح لى الخمار منه تفضلا خباها وصار الشرب دينى وملتى
فإن شئتها صرفاً شربت وإن أشا مزجت لأن الكل فىطى قبضتى
وإن شئت أطوى الكون طياً وإن أشا نشرت جميع العالمين بنظرة
شربت صفاءً فى صفاءٍ فمن يرد من القوم شرباً لم يجد غير فضلتى
* * *
فؤادى بالأحبـــة ما نهـــنى وجسمى حين زاد الوجــد أنا
وإنى ساهـــر والليل جنا سمعت سويجع الآثلات غنا
على مطلولة العذبــات رنــا
يروم بحسن لحن صدق وعـــد لموعود يواصل ذات مجــد
يغرد مطرباً من فــرط وجد أجابته مغـــردة بنجد
وثلث بالإجابة حــين ثنى
تركت مطامعى ولزمت صومى ودمت على الصبابة بين قومى
عذولى لامنى وأطال لومـــى وبزق الأبرقين أطــار نومى
وأحرمنى طـروق الطيف وهنــا
وكم ساق الغرام إلى جيفاً من البلوى وكم جافيت فرشا
وعاد الأنس بعد القرب وحشاً وذكرنى الصبا النجدى عيشا
بذات البان ما أمــرا وأهــنا
لقد ذلت إلى الأحباب نفسى لتصبح فى معزتهم وتمسى
ولما كان طول البعد ينسى ذكرت أحبتى وديار أنسى
وراجعت الزمان بهم فضنا
كفانى فى الغرام أموت هما وحسبى أن هجرت الزاد والما
وذاب الجسم والهجران عما وكاد القلب أن يسلو فلما
تذكر أبرق الحنان حنا
ألا سر بالعراق إلى العقيق وعرج نحو كثبان الفريق
سألتك بالصداقة ياصديقى ترفق بى فديتك من رفيق
فما عين سويهرة كوسنا
عذاب الحب عذاب عند صبى وأعذب منه وصل بعد هجر
فما ضوء النجوم كضوء بدر ولا عين رأت من خلف ستر
كعين شاهدت حسا ومعنى
أخا الفتيان ياحاوى المعانى لعمرك إننى فى الحب فانى
تأن فليس خبر كالعيان وقف بى فى الطلول وفى المعانى
لأندب يافتى طللاً ومغنى
رياح الأنس مالك لا تهبى ومالك ياعيونى بالتصبى
ألا نوحى وصبى الدمع صبى لعل النوح يطفى نار قلبى
يقلبه الهوى ظرهاً وبطنا
خليلى لا تسل فى الحب عنى ودعنى فى الترجى والتمنى
فإنى ذائق ألم التجنى أعيذك ما بليت به فإنى
على أثر الفريق شجى مغنى
لقد قاسيت من بعد وقرب سكرت صبابة من غير شرب
أنا صب الغرام قتيل حب أشارك فى الصبابة كل صب
إذا ما الليل جن عليه جنا
فلو قسمت أهيل العشق صبرى لما بلغوا به معشار عشرى
وما حملت جبال الأرض نهرى ولو بسط الهوى العذرى عذرى
لما قاسيت سنة فنيس لبنى
فتشكرنى نغمات المعانى وتطربنى مزامير المغانى
لأنى فى التباعد والتدانى ولعت بجبرة الشعب اليمانى
ولوعاً زادنى كيداً وحزنا
أميل إلى محبتهم بطبعى وحبى لا يزول بأى نوع
وليس تباعدى عنهم بمنع أكاتبهم وقد بعدوا بدمع
فرادى فى محاجرهم ومثنى
ألا يا حادى الأظعان نادى بنشر قضيتى فى كل وادى
وصن سهدى وبعدى وانفرادى فلا أدرى أهم ملكو قيادى
بعقد البيع أم قبضوه رهنا
شغفت لحبهم ولبثت عمراً ولم أطق السوى سوداً وحمرا
ولا بكراً ولا زيداً وعمرا ثملت بهم وما خامرت خمرا
معتقة ولا دانيت دنـــا
إذا صاحت طيور الأيك ليلاً تزيد حشاشتى طبراً وميلا
وأنشدنى لسان الوجد قولاً ألا ياساجع الأثلات مهلا
ففى الأيام ما أكفى وأغنى
لعلك يا سويجع كنت شغفا وقد أصبحت فرد الحب روعا
فإنك قد جعلت النوع طبعا تأن ولا تضق بالأمر ذرعا
فكم بالنجح يظفر من تأنى
إذا رمت النعيم بخبر ظل فثق بالله لا بابن وخل
ودع ما شئت من حسد وغل ولا تمدد يداً بسؤال ذل
إلى غير الذى أغنى وأفنى
فكم بالعفو فضلاً فاز جانى وكم من صامت نال الأمانى
وكم حكم خفيات المعانى فبالأقدار يرزق غير عانى
بلا سعى ويحرم من تعنى
بعاد أحبتى كالصبر مراً وأشعل حبهم فى القلب جمرا
نحلت لبعدهم والليل أدرى أقول لنسمة هبت سحبرا
تفوق شذى عن المسك التمين
بحق مكون الأكوان جهراً ومن سكب الندى والغيث أجرى
بحق مدبر بالعبد أدرى ومن بك فى دياجى الليل أسرى
فما حال الأحبة خبرينى
فما عن حبهم قلبى تسلى وما لسواهم أظهرت ميلا
أقول ودمع عينى قد تدلى أعهدى عندهم باق وإلا
تناسوه قديماً منذ حين
فإن كانوا على عهدى أقاموا وذكرى شغلهم ولهم مدام
ووصل الغير عندهم حرام وهم مثلى سهارى لا يناموا
فدونك يانسيمة بشرينى
وإن كانوا نسوا ما كان عندى ولم يتذكروا عهدى وودى
وغيرى واصلوا وتركت وحدى وجسمى عذبوه بنقض عهدى
فعند ديارهم تلك اذكرينى
عسى ذكرى يذكرهم زمانى وما قد كنت فيه من التدانى
بطيب الوصل مع لطف المعانى وإن منهم بدا ريح الجنان
فعودى لى ونحوهم احملينى
لأن بعادهم أضنى فؤادى وكدر عيشتى ولذيذ زادى
وحرم مقلتى طيب الرقاد وأحرق مهجتى طول البعا
وجارى قد جفانى من أنينى
وقولى عن لسانى أى ذنب جرى فأطلتموا هجرى وكربى
كويتم مهجتى وصميم قلبى أيترك مدنف من غير عيب
وهل قتلى حلال عرفينى
تلاشت أدمعى فبكيت دما وكم من أجلهم حملت هما
عدمت لبعدهم صبراً وعزما ولم أرغب سواهم قط يوما
ولو قطعوا شمالى مع يمينى
ألا يانسمة حكموا فجاروا ألا يانسمة أين الفرار
ألا يانسمة ما القتل حلاً ألا يانسمة من لام يبلى
ويرجع فى الأمور كما المدين
ويرميه الغرام بسهم نبل وتكسيه المحبة ثوب ذل
ويحرمه الحبيب من التملى ويصبح حائراً فى الحب مثلى
ينادى ياعيونى ساعدينى
ألا يانسمة صعب جفاهم ألا يانسمة عذب لماهم
ألا يانسمة حلو لقاهم ألا يانسمة روحى فداهم
وهم عقلى ونقلى ثم دينى
ألا يانسمة حكموا بهجرى ألا يانسمة قد ضاق صدرى
ألا يانسمة قد حار فكرى ألا يانسمة قد عيل صبرى
فهل وصل يرد به أنينى
سألت النوم قلت له تعال وزرنى لحظة وانو ارتحالا
لعلى فيك انظره خيالا وأرتشف اللما عذباً زلالا
فيرجع لى رشادى مع يقينى
فقال النوم من ذا القول دعنا أمثلك بى حبيب قد تهنا
فمالك بالغرام أيا معنى أترضى أن أمر بجفن مضنى
فيأخذنى الغرام ويبتلينى
* * *
إلى متى أنت مختار الفؤاد ترى والركب آنس فى حان الطلا سحرا
إن رمت تقفوه خذ ما قاله الخبرا ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا
هم السلاطين والسادات والأمرا
تنحو الركاب إلى معنى أكايسهم والكون نشوان من ريا نفائسهم
هم أبحر الرى هم نعمت مجالسهم فاصحبهمو وتأدب فى مجالسهم
وخل حظم مهما قدموك ورا
أبطال علم تقهقر أن تنازعهم أو أن تقيد بالأرا طبائعهم
فلا سلامة إلا أن تطاوعهم واستغنم الوقت واحضر دائماً معهم
وأعلم بأن الرضا يختص من حضرا
فى روض أسرارهم دوماً بعقلك جل ومن ثمار معانيه الهينئة كل
والنفس منك عليها اخلع خلائع ذل ولازم الصمت إلا إن سئلت فقل
لا علم عندى وكن بالجهل مستترا
قم فى الدياجى بالأذكار مجتهداً وعنف النفس فى تقصيرها أبدا
واحفظ لسانك من عيب يعيب غدا ولا ترى العيب إلا فيك معتقدا
عيباً بدا بيناً لكنه استترا
طهر فؤادك من لهو ومن لعب وافتح لباب الرجا والذل والأدب
ولا تعاتب وإن عوتبت فاقترب وحط راسك واستغفر بلا سبب
وقم على قدم الإنصاف معتذرا
اصرف هواك على أهل الطريق وهم بحبهم وبهم لذ فى الزمان وهم
واعصم فؤادك عما لا يليق بهم وإن بدامنك عيب فاعترف وأقم
وجه اعتذارك عما فيك منك جرا
ياسادتى فأنا ملقى بسوحكمو والذنب قد عاقنى عن نبل نجحكمو
قد قيل لى قل لهم رشداً لصلحكمو وقل عبيدكمو أولى بصفحكمو
فسامحوا وخذوا بالرفق يافقرا
هم سادة همهم فى الله نيتهم رشد العباد إلى ما فيه قربتهم
بالدمع جئهم إذا جافيت حضرتهم هم بالتفضل أولى وهو شيمتهم
فلا تخف دركاً منهم ولا ضررا
هم فيهمو معرضاً عمن لهم حسدا واجعل عليك هواهم فى الزمان أدا
وابذل عليهم عسى تلقى بذا مددا وبالعطايا على الإخوان جد أبدا
حساً ومعنى وغضن الطرف إن عثرا
فى حكم نفسك لا تدخل ولو نفسا مذ بعت نفساً عليهم مغرماً أنسا
واعمل بأعمالهم ليلاً ضحا غلسا وراقب الشيخ فى أحواله فعسى
يرى عليك من استحسانه أثرا
عظم بسرك مع جهر لحضرته وقيد الطرف فى معنى حقيقته
واسع بجهدك فى تحصيل رغبته وقدم الجهد وانهض عند خدمته
عساه يرضى وحاذر أن تكن ضجرا
وراعه فى حضور ثم غيبته وإن دعاك استجب فوراً لدعوته
وسره بالذى يبدى لفرحته ففى رضاه رضا المولى وطاعته
يرضى عليك فكن من تركها حذرا
اصحب رجالاً لهم ذوق منافسة أرواحهم برياض الأنس أنسة
لكنهم أين هم والنفس حابسة واعلم بأن طريق القوم دارسة
وحال من يدعيها اليوم كيف ترى
بعدت عنهم فوا شوقى لحضرتهم ولثم كفهمو سمعى لقولتهم
ياإخوتى يا أخلافى فى محبتهم متى أراهم وآن لى برؤيتهم
أو تسمع الأذن منى عنهمو خبرا
قلبى يزيد اشتياقاً أن يلائمهم ومانعى الذنب عنهم أن أكالمهم
جعلتهم فى فؤادى كى أنادمهم من لى وأنى لمثلى أن يزاحمهم
على موارد لم ألف بها كدرا
كواكب كلهم فالحق نورهم وبالمعارف والأسرار عطرهم
قد أصلحوا سرهم فيه وجهرتهم أحبهم وأداريهم وأوثرهم
بمهجتى وخصوصاً منهمو نفرا
رهبان ليل بمولى الكل قد أنسوا وللمدامة فى حال الشهود حسوا
يابئس من عنهمو فى الناس قد خنسوا قوم كرام السجايا حيثما جلسوا
يبقى المكان على آثارهم عطرا
عن بابهم لا تكن فى العصر منصرفا واستنشق النشر من روضاتهم غرفا
أجلة يالهم من سادة حنفا يهدى التصوف من أخلاقهم طرفا
حسن التآلف منهم راقنى نظرا
يهتز قلبى غراماً ما ذكرتهمو والدمع يهمى ولو نوماً رأيتهمو
وإن نأيت لعمرى ماسلوتهمو هم أهل ودى وأحبابى الذين همو
ممن يجرى ثياب العز مفتخرا
بذكرهم كل صب مدنفاً ولعا بعزهم كل ذى عز لقد خضعا
بذلت روحى لهم أيضاً حجاى معا لا زال شملى بهم فى الله مجتمعا
وذنبنا فيه مغفوراً ومغتفرا
اقرب بهم نحو من لله ذاك دنا سر الحضائر من للحق جاز بنا
واشرح به الصدر وانشد هائماً علنا ثم الصلاة على المختار سيدنا
على علمى معناك صنوان جمعا ويا لهفى صنوان كيف التجامع
بمزدلفات فى طريق غرامكم عوائق من دون اللقا وقواطع
فإن حصل الإسعار فى زمزم اللقا وساعد جذب العزم فالفوز واقع
على مشعر التحقيق عظمت فى الهوى تبيعاً بحكم أصلته الشرائع
وكم من منى لى فى منى حضراتكم ويا حسرتى إن المحسر شاسع
رميت جمار النفس فى الروح فانتسبت جهنمها ماء وصاحت ضفادع
وأبدل رضوان بمالك وأنبتت بها شجر الجرجير والغصن يانع
ففاضت على ذاتى ينابيع وصفها وناهيك صرف الحق تلك الينابع
وطفت طوافاً للإفاضة بالحمى وقمت مقاماً للخليل أتابع
فمكنت من ملك الغرام وها أنا مليك وسيفى فى الصبابة قاطع
وحققت علماً واقتداراً جميع ما تضمنه ملكى ومالى منازع
ولما قضينا النسك من حجة الهوى وتمت لنا من حى ليلى بدائع
حثثنا مطايا العزم نحو أحيدكم وطفنا وداعاً والدوع هوامع
وجبنا بتهنئة النفوس مفاوزاً سباسب فيها للرجال مصارع
حمى درست فى العالمين طريقه فعز وكم قد خاب فى العز طامع
محل بحال القرب حالت رسومه وأوج منيع دونه البرق لامع
ينكس رأس الريح عند ارتفاعه فلم زال عنه السحب والغيث هامع
حوى تحته بهرام فى الأوج ساجداً وكيوان من فوق السموات راكع
فكم رامح مذرامه صار أعزلا وفى قلبه من عقرب الفقر لاذع
سريت به والليل أدجى من العمى على باذل أفديه ما هو طائع
يجوب الفلا جوب الصواعق فى الدجا ويرحل عن مرعى الكلا وهو جائع
وإن مر بعد العسر بالماء إنه على ظمأ من ذاك باليسر قانع
هى النفس نعمت مركباً ومطية فليس لها دون المرام موانع
فياسعد إن رمت السعادة فاغتنم فقد جاء فى نظم البديع بدائع

وفى عالم البرزخ قال:
قل لأقوام رأونى ميتاً فبكونى ورثونى حزنا
لاتظنون بأنى ميت ليس ذاك الميت والله أنا
أنا عصفور وهذا قفصى طرت عنه وخلفته مرتهنا
لاتظنوا الموت موتاً إنه لحياة وهو غايات المنى
كنت قبل اليوم بينكم فحييت وخلعت الكفنا
وأنا اليوم أناجى ملأ وأرى الله جهاراً علنا
عاكفاً فى اللوح أتلو وأرى كان ما كان تناءى أودنا
لاترعكم هجمة الموت فما هو إلا نقلة من هاهنا
وطعامى وشرابى واحد وهو رمز فافهموه حسنا
ليس خمراً سائغاً أو عسلاً لا ولا ماء ولكن لبنا
فافهموا السر ففيه نبأ أى معنى تحت لفظى كمنا

وفى مولانا الإمام على قال:
كرم الله وجه من جاء بالنصر وبالفتح والصفا والوفاء
فارج الكرب ياعلى اللواء ناصر الحق يارسول الآلاء
مصطفى المصطفى من الأنبياء يا على العالين فى الأسماء
ياعلى العالين فى كل وصف من صفات الكمال فى الأعلياء
فى الوغى سيفك العلى المعلى فى النهى رأيك العلى الضياء
مفرد أنت فى السماحة والتقــ وى وفى الدين والحجا والذكاء
ياأخا للنبى أنعم وأكرم بإخاء أعظم به من إخاء
مثلما كنت للخلافة أقصى كل من حازها بلا استثناء
إنما الناس دائماً لم يكونوا غير ما هم عليه من أهواء
ليلة الهجرة المنيفة تبقى لك ذكرى وآية للفداء
صلة الأرض بالسماء تجلت بل تحلت فى ذاتك العصماء
رائد العشق والفدا والسخاء فارج الكرب يا على اللواء

وفى ذكر الله تعالى قال:
الله قل وذر الوجو وما حوى متأدباً فى ساحة الإجلال
سلم لتسلم من حياتك إنه من أسلم التقوى سما بظلال
واجعل لنفسك من قضا الله الرضا حتى تكون موفق الأعمال
فتشت كل الخلق عن علم فلم أر لى سوى رب السما من والى
فتركت كل العالمين وجئته وجعلت ذكرى ذاته منوالى
حسب المحب من المحبة أنه يهدى بها للخالق الفعال
إن كنت تحسب أن فى المال الغنى أنا قد جعلت رضا المهيمن مالى
أنا إن أكن أجنى الغموم فإنما روحى ارتمت فى بحره الغسال
مد اليدين إليك أفضل شرعة وبغير وجهك لا يصح سؤالى
أنا عند ظنى فيك أنك مكرمى مع ذلتى ولحاجتى وجدالى
فاجعل هداك شريعتى وذريعتى واجعل شهودك لى مسرة حالى
يارب قلبى قد غسلت من الورى إذ ليس غيرك ما حييت ببالى
هيجتنى بالحب ثم ملأتنى بالنور والتقوى وفيض كمال
روح الهدى روحى وريحان الرضا راحى وقلبى صادق التسآل
بالحب كنت ولا أزال فإن أمت لم تأتزر روحى بثوب زوال
إن مر بى عصف الزمان وقصفه والله لست بما شهدت أبالى
أأحبه وأخاف سطوة غيره هذا وحقك لاتعيه خصالى
روض المحبة قد شهدت جلاله وجماله فثبت فى أحوالى
والقول لا يغنى بلا قلب فإن تنطق فكن بالناطق المفضال
يانفس إنى لا أمالى غيره قومى إلى حوض الكريم تعالى
والله قربنى إليه بذاته لم يرض لى فى الحب أى تعالى
إن الذى فهم المحبة قلبه لم يتجه يوماً لآل زوال
سلم لربك أمره واترك له أقداره واحذر من الأقوال
وذر العباد وشأنهم وفعالهم إن كنت مرتاداً بلوغ كمال

ولقد أبدع من قال:
ياسائق الظعن عج بربع به رجال الغرام تاهو
وانزل به خاشعاً ذليلاً مقبلاً بالرضا ثراه
ولا توان وكن جسوراً فالفضل والعز فى رباه
واشرب به خمرة المعانى بكل كاس وشم سناه
وارقص فلا لوم من محب أتاه داعى الهدى دعاه
ودع كلام العذول وانظر تراه يختال فى عماه
وذق لذيذ الغرام واطرب لساكن الربع لا سواه
تجد عذاب الغرام عذباً يجله من أوتى هداه
ياطالب الحسن قد تبدى بهاؤءه فانتبه تراه
وأى صب يهيم فيه ولم يذب فى الهوى حشاه
وزد ولوعاً به وعشقاً إن كنت ممن نمى هواه
تالله فالحسن مذ تجلى لطور سينا انمحت قواه
ولو تبدى لأى نجم لكانت الأرض ملتقاه
إليك كفى بسطت فارحم قلبى وحقق له رجاه
واملأ فؤاد المحب نوراً بهدى هادى إلى حماه
مولى إذا أمه ذليل ينال من قربه مناه
ويكتسى حلة المعانى به وتعنو له الجباه
وذاك برهان دين ربى أبو الإخلاص قصدى رضاه
بفضله فاز من تدانى وضل فى السعى من جفاه
يارب حقق به فؤادى واجعل إلى النور منتهاه
وصل ربى كذا وسلم على نبينا وزد علاه
والآل والصحبة الكرام والتابعين ومن تلاه

وسلطان الذاكرين للعامة والخاص قال:
إن رمت أن تحظى بنيل الوصلة فاركب سفينة عزمنا بالهمة
واخلع هوى الكونين عند مقامنا واعلم بأن لنا مقام الغيرة
وادخل إلى حاناتنا واحرم بها وانظر لكعبة حسننا بالمنة
واستقبل الحجر المنير مقبلاً ومهرولاً بين الصفا والمروة
واخرج بباب سلامنا مستسلماً متضلعً من ماء زمزم خمرة
فاشرب بكأس الحب لا تخشى العنا صرفاً تصفى من لذيذ مدامة
وقف على عرفات ساحات التقى فهنالك العشاق فيها صفت
واخضع ولبسى باسمنا بين الملا واسبل دموعك فوق سطح الجنة
وازلف ولا تخش عذولاً حاسداً وانحر ولا تجزع برمى الجمرة
برد يبرد رضائنا حر الفنا والبس رداء العز فوق الحلة
واجلس هنيا فى موائد جودنا فى الحضرة القدسى تحت العزة
فاشهد بديع جمالنا وكمالنا هذا الحجاب رفعته والسترة
نحن الأولى نسرى بعبد قد صدق فى الحب ثم لنتحفنه بتحفة
هذى خزائن حكمتى فاحكم بها فيما تروم ولا تخاف صدامة
فأنا المحب وأنت حبى فى الورى فأبشر بفيض قد وافاك برحمة
* * *
لو تجلى عن ناظريك الغبار لرأيت الكؤوس كيف تدار
ولبانت نار لديك كما بانت لموسى من جانب الطور نار
ولزالت رسوم ذاتك فيمن لم يزل وانمحت به الآثار
وتبدت فريدة الحسن تجلى زايلات ع وجهها الأستار
لكن القلب منك فى غفلات وعلى وجهك الكثيف خمار
ويقيناً أ التكاثر ألهاك وعزت بوهمك الأغيار
ورمتك الذنوب فى ظلمات من شكوك بها العقول تحار
فاجتهد واقصد الحقيقة واطلب ولتكن فيك خمة واصطبار
وتذلل بباب ديرك واخضع فعسى أن يدريك الخمار
إنما أنت عند نفسك وهم ظهرت منك هذه الأطوار
والذى أنت فيه محض غرور وهو فى مذهب الحقيقة عار
عدم فى الوجود يبدو ويخفى ماله فى الحالتين قرار
* * *
صلوات الله وتسليم لحبيب الحق محمده
الدهر صفالك أحمده والحسن سعى لك جلمده
والبحر تبسم رائقه والبر تلألأ جلمده
والمزن ترقرق ناصعها والنبت ترعرع أجرده
والدوح صحا غصناً غصناً واخضر وأينع أملده
ضحك النوار فغنى النحل وحام وطال تردده
والماء جرى فى جدوله واقام الظل يبرده
والطير تجمع شارده وشدا الألحان مغرده
فاهتز النحل لها طرباً وأجاد فبان منضده
لبس التفاح غلائله واللوز تبرج أمرده
والتوت يقول أنا الأعلى هيهات التين يفنده
وبدا الياقوت مع الرمان فقام الخوخ يؤيده
والفل تهلل لؤلؤه والعتر ضاء زبرجده
واحمر الورد وطاب الورد وراح الزهر يجوده
وابيض العبهر من فزح فاصفر السوسن يحسده
فضح النمام سريرته والمرزنجوش يوطده
والسعتر ضاع فرا ع الشيح توهجه وتأوده
ومشى فى الروض يزينها شبان الحى وخرده
والبشر تكامل رونقه والعيش تكاثر أرغده
وأهاب الحب بعسكره فانحاز إليه مجنده
وبكى المشتاق وذاب الصب وضاع اليوم تجلده
يتأوه كل أخى مقة فينم عليه تودده
وتبوح العين بسر القلب وزاد الوجد تجدده
وتميز نور اثنين هما غيداء الحسن وأغيده
صنوان تساوى شكلهما كالدر تشابه مفرده
مشياً وعذول من كثب يسترق السمع ويرصده
ظبى ومهاة فى دعة من لى بالواشى أجلده
حذران خفى همسهما همس بالحب يؤكده
فظلال الأيكة تزعجها ونسيم الفجر يشرده
لا يحسن قولى وصفهما من لى بزياد يسرده
قد فات الكل جمالهما كالمعدن فضل عسجده
فمثال الفتنة صورتها وكريم العنصر محتده
كم ضل بمثلهما فطن قد كان يعز تصيده
والحسن بروق خلبها يؤذى الأبصار توقده
والعشق ظلام لا يدرى أهل الأهواء متى غده
ويل لسليب العقل إذا ما حل به يتعبده
دع زائف حسن لا يغنى وبه يشقى متقلده
وتغن بحسن لا يفنى والزمه يحفك سرمده
وامدح من قال الله له قولاً ينفيه حسده
سل تعط فأنت وسيلتهم ولعمرك هذى سودده
ولد الإحسان وعم البشر وزان العالم مولده
وتبسمت الدنيا فرحاً مذ ضاء بمكة فرقده
واخضر القفر ولان الصخر وذاق البشرى فدفده
ومضت فى التقوى نشأته وبغار حراء تعبده
وأمانته صارت مثلاً ونزاهته وتزهـــده
حتى وافاه أمين الله بــ آى الله تمجـــده
ويل لقريش قد عمدت لجلال الدعوة تفسده
تؤذى من قام بها يدعو وتكذبــه وتنكـــده
وانقادت يثرب طائعة فأتاها تورى أزنده
فإلى الأنصار مودته وعلى الكفار مهنده
واستوطنها فغدت حرماً أمناً للزائر يسعده
سطعت بالحق أشعته والشرك تطاير أسوده
واضاء العالم حكمته والدين علا من يجحده
للرحمة كانت بعثته وحياض الجنة مورده
وشريعته بر وهدى وجماع الخير تمهده
والخلق الأعلى شيمته وكتاب الله يخلده
ومحبته أمن ورضاً تاسو الحيران وتضمده
وشفاعته تنجى العاصى من حر النار وتبعده
من جاء رجاء العفو ينل خيراً فيما يتزوده
طوبى للعبد يلوذ به إن وافى يوماً موعده
يا رافع بند الحمد غداً وخطيباً عنا نوفده
وشفيعاً تسجد تحت العر ش تناجى الرب وتحمده
ورجاء العبد لفك الوز ر غذا ما الذنب يقيده
أنت المأمول تنيل الخــــير وتبنى الخوف وتطرده
وعياذ الحائر أنت إذا ما رحت بجاهك تعضده
ولياذ الكون وعون العو ن ونيل العفو ومقصده
وجمال الضوء وسر الصفــ و وسعد الملك ومرشده
ومنار الدين وخير الرســــ ل وحرز الشعب ومنجده
وإمام الخلق وباب الحق رسول الله محمده
أبا الزهراء أجر واجبر واجزى من مدحك يسعده
واشفع يأمن قلب فزع فالخوف بقلبى مرقده
وشفاعتك العظمى شمس وذنوبى الليل تبدده
لا يشقى بال ظل الدهــــ ر سلامك فيه يردده
من خط مديحك فى ورق نعمت بالخط غدا يده
ففؤادى لا يخزى أبداً ما يبدى الحق ويشهده
وينزه ربى عن سبه ويسبحـــه ويوحــــده
ولسانى لا يصـــلى ناراً ما قــام بمدحك ينشده
فاقبله فأنت حبيب اللــ ه وأمن البعث وسيده
* * *
رنت المليحة والرنو خطاب ودنت مسلمة فبان خضاب
وبدا البهاء فراع مثلك حسنها والحسن يرجى تارة ويهاب
سفرت فأعيى الناظرين جمالها فالعين تجهر والؤاد يذاب
وتملكتك وطالما ملك الهوى أسداً فذل بذلهن الغاب
وغذا الهوى قاد الجوى فى تيهه فالنصح غش واليقين سراب
والحب فإن إن أردت وخالد إن شئت ألا يشتتم مآب
فإذا هويت هويت فى ظلماته ولحقت من ضلوا الطريق وخابوا
وإذا حببت محمداً نلت المنى ووجدت كل كريهة تنجاب
ذاك الذى أمر الإله بحبه وحباه نعم المنعم الوهاب
وأتى الكتاب المستبين بحمده وبمدحه ينجو الفتى ويثاب
لما قضى ربى ظهور ضيائه ووفى بميلاد النبى كتاب
شرف الحجاز ونورت أرجاؤه وزها بمكة أبطح وشعاب
وسرى البشير إلى تهامة معلناً فاخضر فيها مهمة ويباب
وبرحمة غاث العباد وجوده كالمحل فى قفر سقاه سحاب
درت على من أرضعته سعادة واليمن قد فتحت له أبواب
ورأت (حليمة) منه أعجب مايرى وسعت إليها منية وطلاب
أمضى الصبا فى عفة وطهارة ومضى على خير الأمور شباب
دعى الأمين وذاك نعمة صــ دق قد هيئت أزلاله الأسباب
وأقام يدعو ربه فى خلوة (بحراء) نعم المخلص الأواب
وأتاه جبريل الأمين بقوله (اقرأ) فعمت بالضياء رحاب
وجلاله التنزيل فيه بشارة وأوامر وزواجر وعقاب
فدعا إلى الرحمن فاستمع الأولى سعدوا وحق على الشقى عذاب
طوبى لمستمع له ولشرعه يرجو السلامة إذ يئين إياب
شملت عدالته الجماعة واستوى فى ذلك الأشراف والأوشاب
وتشتت تلك الفوارق بالتقى والعدل نعم الأصل والأحساب
سيق الذين تبجحوا بعدالة يسقى بها الشعب الضعيف الصاب
فشريعة الإسلام لا يرعى بها لغة ولا لون ولا أنساب
والكل إخوان وإن تك ميزة فلمن أطاعوا واتقوا وأنابوا
فوجوده أمن وشرعته هدى وضريحه نور حواه تراب
للقاصدين حماية ووسيلة يأتى فيرجع بالمنى الطلاب
فذر الجهول وزره تلق المبتغى ويحث عنك الذنب والأوصاب
وإذا بلغت العنبرية زائارً فامرح فقد بلغ الأمان ركاب
واقصد إلى باب السلام مسلماً وادخل تحفك رحمة وتواب
وامرح بروضته وقبل تربها وأطل وقوفك كى تفك رقاب
وأعلم بأنك فى السماحة والندى وامتع بخطك قد دنا الأحباب
واسأل إلهك ما تشاء تجب إلى أضعافه ماجل الاستيهاب
وإذا سعدت وواجهت شباكه عيناك ضاع من الضياء ضباب
هذى السعادة من ينلها مرة ينل الذى من دونه الأعراب
ياسيد الصحب الكرام أغث فتى فى جاهك المرفوع لا يرتاب
ويرى يقيناً أنه نعم الحمى يوم الميعاد كما قضى التواب
يرجو جوارك يانبى فجد به حرزاً يقيه إذا دهاه حساب
فلك الشفاعة فى شعوبك كلها ينجو بها الأكراد والأعراب
وإذا سجدت تقول رب اغفر لهم فالله يغفر والدعاء يجاب
* * *
رسول الله أنت لى الشفاء وأنت الحرز إن عز النجاء
وأنت المستغاث إذا فزعنا وأنت المستعان إذا نساء
بعثت لترحم الأكوان طراً فحل السعد وارتحل الشقاء
وبينت الهدى وسلكت فيه سبيلاً لا يساورها التواء
وفرعت الشرائع فى وضوح فلا لبس يطل ولا خفاء
وعممت العدالة إذ تساوى لدى الحكم الجحاجح والرعاء
وحرمت التقاطع والتعادى فما فى الشرع بغض أو جفاء
وأوجبت التأزر والتآخى فدين الله محوره الإخاء
وكرهت الخبائث والدنايا إلينا فانتحاها الأشقياء
وحببت المآثر والمزايا إلى قوم سجيتهم إباء
خضضت على المروءة كل حين وقام بك التسامح والوفاء
عفوت عن المسئ وقلت عفوا تعف عن الخطيئات النساء
وزينت الجميل وكل قبح مع الإسلام ليس له بقاء
جلوت المعضلات من القضايا فبان الحق وارتفع الغطاء
وسهلت الفرائض للبرايا فطاب لهم بسنتك اقتداء
نهيت عن التظالم والتباغى فلا يخشى السعاية أبرياء
أمرت بكل أخلاق حسان تنجى يوم يشتد العناء
وبشرت المطيع بخير دار وبالخسران من يعصون باءوا
حدوداً لو أقمناها لفزنا وراح الناس فى أمن وجاءوا
ولكنا نسيناها فأبنا بخذلان يحيط به شقاء
سبقت المصطفين إلى المعالى فدونك فى الرقى الأنبياء
وعشت بمكة النور المجلى له فى كل ناحية جلاء
سريت على البراق فنال عزاً تقاصر دون غايته العلاء
وجئت القدس فاستعلى فخوراً وزانته المهابة والبهاء
عرجت إلى السماء تزيد جاهاً فتاهت من زيارتك السماء
ووافيت المدينة بين قوم تمكن من قلوبهم الولاء
بك ارتفعوا إلى أعلى مقام وفضلهم على الناس السناء
حبيت ضياء مرحمة وهدى ومت فزاد فى الموت ارتقاء
فقبرك لا يطوف به شقى وذكرك ليس يلحقه الفناء
وفى رد السلام عظيم قدر وربك عنده لك ما تشاء
وفى يوم القيامة أنت أمن وعون حين يعوزنا الأساء
وأنت المستجار إذا بعثنا وزاد الهول وانقطع الغناء
فإن لم تدع أو تشفع هلكنا وخيم فوق رؤسنا العفاء
وإن منا مددت يداً إلينا نجونا مثل من شمل الكساء
ففى الدنيا بشرعتك اهتدينا وفى الأخرى شفاعتك الوقاء
ومن لم يتخذك له نجاة يضل سدى كما ضاع الهباء
فأنت اليوم ياطه إمام وأنت غداً يظللك اللواء
إذا نزلت بنا دهم الدواهى وناديناك ينقشع البلاء
فأنت بكل مكروب غياث وأنت لكل ذى وصب دواء
وأنت لكل ملهوف أمان وأنت لكل منقطع رجاء
عليك صلاة ربك ما تعالى ضياء الصبح أو طلعت ذكاء
وما نعق الرعاء بكل واد فجاوبهم رغاء أو ثغاء
وما أوت إلى قفر ضباب فباكرها ضباب أو ضياء
وما طاف الحجيج بخير بيت وأضحت فى منى تجرى الدماء
وما سحراً دعا الرحمن قوم مجاب عند ربهم الدعاء
* * *
يافرحتى سمح الحبيب وزارنى وبكأسه بين الأحبة خصنى
وصفا الوداد وطاب وقتى باللقا والحب هنانى ومنه أعزنى
فسكرت من طربى بحلو مقاله وبفضلة الكأس المروق رشنى
ناديته زد يا الحبيب من الصفا فأمالنى بين الدنان وغطنى
وظفرت منه بقربه ووداده وأنالنى كل المنى وأحبنى
فدهشت فيه وفى معانى حسنه وبنوره وبهائه قد حفنى
غنيته فأشار لى متبسما وعلى التهتك فى هواه أقرنى
ورقصت من فرحى وأنسى عنده ودعانى من أهل الفنون وعدنى
وغدا يتيه بحسنه لكنه ثمل بلطف جلاله إذا ينثنى
وأنالنى عطفاً تجلى بالرضا وأسرنى سر الغرام وسرنى
ياحسنه لما تثنى مقبلاً نحوى وحياً بالسلام وضمنى
وأرى الهيام يزيد وهو مسامرى ويزيدنى قرباً وشوقى هزنى
وبكيت من فرط السرور فقال لى أنت الحبيب وبالتهانى ودنى
فأنا نديم الحب سرى سره وعلى صيانه سره قد حثنى
وأباحنى ملا أبوح بذكره وبخلعة التقريب منه أمدنى
* * *





_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 27, 2015 11:48 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067



يامن أتى فى حينا ليكون من أحبابنا
اسمع وصية ناصح واعمل بها تظفر بنا
ويكون قلبك مشرقاً من نور سر طريقنا
لا تلتفت عنا إلى من لم يكن حباً لنا
فإذا التفت لحبه أبعدت عن حى الهنا
واطلب رضانا بالوفا داوم على أورادنا

طف بحانى سبعاً ولذ بزمامى * * * وتجرد لزورتى كل عام
أنا سر الأسرار ومن سرسرى كعبتى راحتى وبسطى مدامى
أنا كنز الفهوم والذكر شغلى أنا شيخ الورى لكل إمام
أنا فى مجلسى أرى العرش حقاً وجميع الملوك فيه قيامى
قالت الأولياء جمعاً بعزم أنت قطب على جميع الأنام
قلت كفوا ثم اسمعوا نص قولى إنما القطب خادمى وغلامى
كل قطب يطوف بالبيت سبعاً وأنا البيت طائف بخيامى
كشف الحجب والستور لعينى ودعانى لحضرة ومقام
فاختراق السبع الستور جميعاً عند عرش الإله كان مقامى
فرس العز تحت سرج جوادى وركابى عالى وعمدى محامى
وإذا ما جذبت قوس مرامى كان نار الجحيم منها سهامى
سائر الأرض كلها تحت حكمى وهى فى قبضتى كفرخ الحمام
مطلع الشمس للغروب بسفلى خطوتى قد قطعته باهتمام
ومريدى إذا دعانى بشرق أو بغرب أو نازل بحر طامى
فأغثه أو كان فوق هواء أنا سيف القضا لكل خصام
أنا فى الحشر شافع لمريدى عند ربى فلا يرد كلامى
أنا شيخ وصالح وولى أنا غوث وقدوة للأنام
أنا عبد وخادم طاب وقتى جدى المصطفى وحسبى إمامى
* * *
قف بناد الفتاة بنت الإمام مطرق الرأس مقرئاً للسلام
خافض الطرف خاشع الجسم طرفاً واحتراماً لمن سمت فى المقام
خاشع القلب عن سوى الرب واسأل ستره هاهنا ويوم الزحام
إنها زينب الكريمة فعلاً ومقالاً وبنت خير الكرام
داره الكون كله لا مكان شرف الله بالطهور السامى
لا أرى الموت بالفناء ولكن هو خلق ونقلة للأمام
لم يمت من يموت فيه بسيف كيف يأتى الممات قتلى الغرام
إن تزرها تزر كريمة طه شيخة الجمع ربة الإكرام
فتوجه لربها فى حماها تجد المد مثل صوب الغمام
كم أزاحت بإذنه من هموم وأتاحت سلماً لراجى السلام
وأخافت أخى الخلاف فأضحى خائفاً ذا الجلال والإكرام
ربة الجمع نظرة لفقير فى علاكم بكم شديد الهيام
يا حماةً لداء دين ودنيا من نظرتم خلى من الأسقام
حبكم واجب نجاة محب وقلاكم مستوجب للغرام
أنتموا قدوة الكرام ونور واعتصام لمبتغى الاعتصام
فعلى جدكم صلاة إلهى وعليه منه أتم السلام
وعليكم يا أله وعلى الصحب ونرجو بكم جميل الختام
* * *
الشكر فى حال الجمال ثناء والشكر فى حال الجلال دعاء
والشاكرون هم العبيد تحققوا بمراد مولاهم وذاك صفاء
مابين شكر أو دعاء حالهم وهم إلى مولاهم فقراء
فالشوق هيمهم وهز قلوبهم والحال نور للهدى وشفاء
فالعسر يجذبهم إليه تضرعاً واليسر يوصلهم وهم أمناء
نعم العبيد لربهم صبروا له صبر العبيد فدامت الآلاء
لم يلههم عن ربهم فقر ولا يشغلهم عنه غغنى ورخاء
دامت بشائرهم بكشف غطائهم ولهم توالت ما بذاك خفاء
دنياهمو كشفت لهم فتحققوا أن السكون إلى الدنئ الداء
دخلوا الحصون حصون حف وليهم بملابس حسنا لهم أضواء
معه نعم بقلوبهم ووجوههم بيقينهم فى ربهم نضراء
ولهم جمال الحق أشرق نوره فتحققوا أن الكيان هباء
من قال إن الأولياء موتى افترى أنى وهم فى حبه شهداء
ناموا عن الدنيا وما فيها وقد قاموا لمن قامت به الأشياء
هم جاهدوا فى الله حق جهاده فلهم هنا وهناك ما قد شاءوا
يا منكراً لهم الكرامة بعد أن سكنوا الضريح وهم به أحياء
أتجيزها والجسم يحبس روحه وتكفها والحبس منه فضاء
إن الكرامة فعله سبحانه والحى والمقبور فيه سواء
ولقد تكون بقصدهم وبغيره أوفى وقد يلفى بهم ألجاء
ولقد يثبت مقتدين بجمها والمنتهون لهم به استغناء
ليست بمطمحهم وإن ظهرت فكم فروا غليه وسرهم إخفاء
عباد حضرته وأهل وداده ولمن أراد نجاته شفعاء
يارب يرجوك الفقير بحقهم والمصطفى وبمن لذاتك فاءوا
حسن الختام وخير تلك وهذه وكذاك من يهواه والأعداء
وعلى نبيك رب صل مسلماً فهى الطريق وللقلوب شفاء
وعلى ذويه وأهله السفن التى حملت محبيهم فحق نجاء
* * *
والحب إن ملك النفوس أعزها والعاشقون بربهم علمــاء
فإذا عشقت الله عشقاً صادقاً كن بعد ذلك صاح كيف تشاء
فالحب يمنع أن تزيغ عن الهوى الحب ستر للفتى وغطاء
إن الهوى صدق الوداد وصونه والعهد إن تحفظ فذاك شفاء
إن يصدقوا فازوا وإن سهروا علوا ولهم أضاءت فى الدجى الزهراء
إن المريد إذا صفت أخلاقه لم يبق فيه من الصفاء رياء
وإذا هو اتخذ المهيمن جاهه فمقامه بين الرجال سماء
* * *
حظيت برفعة القدر أنا الصوفى باذكر
أقوم الليل فى سحر وأرقب مطلع الفجر
وأن الله أعبده عبادة طائع بر
على أنال رحمته وأحظى منه بالأجر
له ما شاء من خلق وما قد شاء من أمر
اتخذت الله لى زخراً وليس سواه من ذخر
إليه الأمر فى عسر أفوضه وفى يسر
وكم لله من نعم تجل الدهر عن حصر
ويومى كله عمل أوديـــــه بلا وزر
وباسم الله أبدؤه وآيــات من الذكــر
وأخشى الله فى سر كما أخشاه فى جهر
ولا أخطو إلى إثم ولا أصبو إلى شر
وأحبابى وأصحابى أعاشرهم على طهر
وأصفيهم موداتى وإخلاص بلا مكر
وأسعى سعى مجتهد إلى التوفيق للخير
إذا ما مسنى ضر فزعت به إلى الصر
وليس هناك من حقد عليه ينطوى صدرى
أبيت وليس لى غل ولا أطوى على غدر
دعوت الله بحفظنا من الآثــام والضر
إلى أن ينتهى أجلى وألقى الله بالبشر
* * *
الله ربى وحســـبى الله أرجو وأحمد
وشافعى يوم حشرى خير الخلائق أحمد
صلى عليه إلهى أوفى صلاة وأحمد
ومالكى والحنفى والشافعى وأحمد
وأبو العباس إمامى موسى الأكابر أحمد
وأبو الإخلاص خويدم برهان الدين ابن أحمد
* * *
صوفى ياقوم صب من قلب الحب له قلب
بين القرآن وبين السنة والأذكار لــه وثب
السلم بضاعته حتى لا يدرى مانعنى الحرب
والفقر حجاب رسالته وكثيراً ما تلقى الحجب
والعلم بمسرى دعوته أصلاه قلب أولب
من سر الكاف وسر النون وسر السر له شبب
هو عصمة أهل الحق إذا مادا همهم خطب صعب
الله به بدرا عنهم ما شاء ولولاه تبوا
ما أحد يدرى رتبته فمقام الأغواث الغيب
إن حرك أصبعه بالله تحرك فى الحال القلب
لكن له شغلا بالغيب مخافة يوماً أن يكبو
يمضى فى الناس لكل الناس ويصبوا الناس ولا يصبوا
خدام للقوم ولكن يتمنى خدمته القطب
مجهول فيهم معروف للرب ويكفيه الرب
لاصحب له من دون الله فليس لمكدود صحب
مستعل كالشمس جلالاً وعطاء وحياة تربوا
لماح حساس داع يدعى والداعى لا ينبو
راض فى الله عن الأقوام سواء صبوا أم غبوا
فالدنيا ترب تحت النعل وليس له منها إرب
لايغضب إلا للمولى فالذنب إذا أغضى ذنب
يزجيه بلاء لبلاء فيطيب إذا حل الكرب
لا ينسى ما تجنيه يداه وينسى ما يجنى الصحب
قد هام بعالمه الأسنى والجذب هناك هو الجذب
وأحب الكل بحب الله وحب الله هو الحب
فسواء فى الحب الإنسان أو الحيوان أو العشب
يوماً لاموه فقال لهم صوفى ياقوم صب
كل وقت جمال وجهك بادى يتجلى فى مهجتى وفؤادى
ولقد دلنى عليك محيا ك قام الجمال فيه ينادى
وبجسمى أودى السقام وقلبى زائل الصبر زائد الإقاد
وعيونى مدى الدجى شاخصات آه من فرط دمعها والسهاد
وسجاً بين صبوة وغرام واشتياق وحرقة وارتعاد
واجتناب وقسوة وجفاء وصدود ونفرة وبعاد
ورقيباً ولائماً وعزولا وبغيضاً وكاشحاً ومعاد
كيف يهنا بل كيف يبقى وهذا حاله وهو مؤذن بالنفاد
ياهلالاً طلعت بالنفس منى فتحقت كثرتى واتحادى
شهدت نورك القلوب فولت ظلمة الكون من عيوم العباد
نظرى للسوا إليك ولكن دق عن فكرتى لفقد رشادى
ثم لما أردت منى تدنوا كنت أنت الحشى وسر الفؤادى
وتلطفت بى فشاهدت مرآ مقتضا ذاك أنت بالمرصاد
صل ياربنا وسلم على من هو بالحق رحمةً للعباد
إن دينى وملتى واعتقادى حب سلوى وسالمة وسعاد
فانتقص من ملامتى أوفزدنى ياعزولى فلست من أنداد
كيف أسلو مليحة هى منى فى مقام الأرواح للأجساد
إن كلى قد شف عنها جهاراً فاعرفوها فى أرجلى والأيادى
أبغضتها منى العدا بعيون هى ما بين جفنهم والسواد
وإذا تاهت العقول فهل من مرشد غير خالق الإرشاد
لى بثغر سقى الحيا أرض ثغر فرط عشق ما إن له من نفاد
وغرام بصبوة بجياد بارعى الله عهدنا بجياد
نزل الركب عن يمين المصلى وأراهم قد خيموا بفؤادى
وأنا الذنب عند من هو كلى أرتدى توبة من الإيجاد
ملت عنى إليه لأنى دائماً منه طوع كل مرادى
ثم بى مال عنه لى وهو طوعى فرأيت الأشفاع فى الأفراد
وأتانى الخطاب من طور نفسى عند مادك من تجلى الجواد
وسرى سر كل يسرى وبدا النور من يمين الوادى
خضت بحر الحياة والكل موتى وشربت الوجود والكل صادى
وصعدت العلى وخلفت جسمى فى يدى أصدقائه والأعادى
منه قوم ذاقوا اللذيذ وقوم مضغوا السم منه فى الأكباد
عظمت منه الإله علينا كل حين من دون كل العباد
وغذا أنعم الكريم فإذا أنتجته عداوة الحساد
قلبى يحن إلى مدينة طه فمتى أزور المصطفى وأراها
مالى سوى أرض الحجاز حمايةً عن شانى بشهولها ورباها
فيها الحبيب المصطفى وصحابه قد ضمخوا كثبانها وثراها
ولئن وصلت إلى ديار أحبتى وجمعت أقصاها إلى أقصاها
لأعلمن الناس عما ينبغى أن يملأ الآذان والأفواها
ولألثمن ترابها رمالها ولأسعدن نجوعها وقراها
وأقول للعين الكفيفة حدقى لاغير هذا عزها ومناها
وأقول للقلب السقيم وللحجا قوماً نقبل قاعها وذراها
وأقول للنفس الردى رباطها بالعروة الوثقى تشد عراها
والقبة الخضرا تلوح لناظرى وعلى جبينى نورها وضياها
حسبى المدينة فى الختام إقامة حسبى عبير قبورها وشذاها
حسبى من الدنيا ختاماً عاطراً ما أمكر الدنيا وما أغراها
وأنا المطلق فى الخريف حطامها والصادق المصداق فى جلواها
أنا من تمرغ فى التراب شبابه وعلى ضفاف النيل قد عاناها
ماذا أقول وفى بلادى نهضة ذكت بروج الذل من أعلاها
لكن أصل الداء لم تحفل به والبزر والإصلاح قد ألهاها
لاحبذا ترك المساخر حرة تاه الشباب الحر يوم أتاها
قم يارسول الله شاهد أمة شيطانها بالزيغ قد أغواها
حتى استقر النوم فى أجفانها والموبقات طعامها وقراها
فاضلها وأذلها وأعلها وعن الصراط المستقيم لواها
لاهم فانصر جيشنا ورجالنا واصرف مواجع أمتى وعناها
والله يجرى الفلك حيث أرادها فإذا أراد سكونها أرساها
* * *
صل ربى عليه ما ناح طير فى رياض الرضا بقدس حماها
وعليه والآل والصحب سلم ما تجلت لواله من عماها
آية العشق للفؤاد تلاها باعث الشوق والخلى تلاهى
أفلح الصب مذ رآها فزكى نفسه بالهوى ومادساها
وخلى الفؤاد منها تردى ثوب ذل وقد كواه جفاها
قد قلبى قوامها مذ تثنت فى رياض يفوح عرف شذاها
كان منها الحنو نحو مشوق يارتى عن وصاله من نهاها
وفؤادى بعشقها صار مضنى ذا شجون بحبها يتباهى
ما تغنت حمائم الروض إلا طار قلبى على غصون رباها
هذه هذه لواعج شوقى وغرامى بحسنها وبهاها
عرجوا بى على منازل سلمى على أن أشتفى برشف لماها
كم أروى بذكر سلمى وقلبى ليس يصبو بغير من أهواها
شمس أنس بها القلوب تفانت حبذا عشقها وترك سواها
أدهشتنى بحسنها مذ تجلت لعيونى من خلف ستر سناها
لمحتنا بعينها فانتعشنا وتوارت من لطفها وصفاها
من لصب متيم مستهام قد قضى نحبه شهيد هواها
بعتها النفس وهى منى اشترتها بنعيم أعد يوم لقاها
فهى منى إلى أقرب منى مهجتى دارها وقلبى خباها
وهى فينا بنا تطوف علينا وهى روحى وصورتى معناها
فدعونى بها أفتش عنها فهى لى قد بدت وزال خفاها
ليس لى غيرها لقلبى هاد إن تمادى الجفا وطال نواها
كم لها عندنا مواهب فضل فاقت العد كيف لى إحصاها
أناعنها الخليفة اليوم لكن بى تجرى الأمور طوع رضاها
وهى عنى خليفة مثل ما قد جاء فى قول سيد الخلق طه
* * *
لك الحمد ياذا الجود والمجد والعلا تباركت تعطى من تشاء وتمنع
إلهى وخلاقى وحرزى وموئلى إليك لدى الإعسار واليسر أفزع
إلهى لئن جلت وجمت خطيئتى فعفوك عن ذنبى أجل وأوسع
إلهى لئن أعطيت نفسى سؤلها فهأنا فى أرض الندامة أرتع
إلهى ترى حالى وفكرى وفاقتى وأنت مناجاتى الخفية تسمع
إلهى فلا تقطع رجائى ولا تزغ فؤادى فلى فى سيب جودك مطمع
إلهى لئن خيبتنى وطردتنى فمن ذا الذى أرجو ومن ذا يشفع
إلهى أجرنى من عذابك إننى أسير ذليل خائف لك خاضع
إلهى فآنسنى بتلقين حجتى إذا كان لى فى القبر مثوى ومضجع
إلهى لئن عذبتنى ألف حجة فحبل رجائى منك لايتقطع
إلهى أذقنى طعم عفوك يوم لا بنون ولا مال هنالك ينفع
إلهى إذا لم ترعنى كنت ضائعاً وإن كنت ترعانى فلست أضيع
إلهى إذا لم تعف عن غير محسن فمن لمسئ بالهوى يتمتع
إلهى لئن فرطت فى طلب التقى فها أنا إثر العفو أقفو واتبع
إلهى لئن أخطأت جهلاً فطالما رجوتك حين قيل ماهو يجزع
إلهى ذنوبى بدت كالطود واعتلت وصفحك عن ذنبى أجل وأرفع
إلهى ينجى ذكر طؤلك لوعتى وذكر الخطايا العين منى تدمع
إلهى أقلنى عثرتى وامح حوبتى فإنى مقر خائف متضرع
إلهى أنلنى منك روحاً ورحمةً فلست سوى أبواب دارك أقرع
إلهى لئن أقصيتنى وطردتنى فما حيلتى يارب أم كيف أصنع
إلهى حليف الحب بالليل ساهر ينادى ويدعو والمغفل هاجع
وكلهم يرجو نوالك راجياً لرحمتك العظمى وفى الخلد يطمع
إلهى يمنينى رجائى سلامة ومنج خطباتى لعلى أشبع
إلهى فإن تعفو فعفوك منقذى وإلا فبالذنب المدمر أصرع
إلهى بحق الهاشمى وآله وحرمة أبرار هم لك خشع
إلهى فأنشرنى على دين أحمد تقيا نقياً قانتاً لك أخشع
ولا تحرمنى يا إلهى وسيدى شفاعته الكبرى فذاك المشفع
وصل عليه ما دعاك موحد وناجاك أخيار ببابك ركع
* * *
إلهى يالطيف أجب دعائى وجد لى بالرضا وأدم هنائى
إلهى قد أتيتك بانكسارى ومالى حيلة إلا رجائى
إلهى أنت تعلم ما أعانى فمن بنفحة فيها دوائى
إلهى أنت مقصودىوذخرى وجودك سيدى يمحو شقائى
وقفت ببابك الأعلى ذليلاً وحاشا أن أرد بلا عطاء
إليك ابث شكواى وحزنى وعندك ياكريم شفاء دائى
إلهى إننى عبد فقير فحقق بغيتى واكشف بلائى
إلهى أنت تعطى من تشاء بمحض الفضل منك بلا عناء
إلهى لا تعاملنى بفعلى وعاملنى بجودك والسخاء
وبعد الانكسار وحسن ظنى هل الحرمان تجعله جزائى
بسطت بالافتقار يدى لربى ومن ذنبى أذوب من الحياء
إلهى نجنى من كل كرب وقربنى إليك وزد صفائى
وخير وسيلتى فى كل أمر رسول الله خير الأنبياء
عليه صلاة ربى مع سلام كذا أصحابه وأهل الوفاء
* * *
أغثنا يا إله العالمينا بجاه المصطفى المبعوث فينا
ويسر أمرنا وامنن علينا ولا تترك سقيماً أو مدينا
أغثنا يا إله العالمينا بساح المصطفى المتأبدينا
ووسع رزقنا واستر علينا وجد بالعفو وارزقنا اليقينا
أغثنا يا إله العالمينا بهدى المصطفى فى المهتدينا
ولا تجعل لنا الدنيا بلاء ولا داء جليا أو دفينا
أغثنا يا إله العالمينا بسر المصطفى فى الساجدينا
ولا تجعل لمخلوق علينا سبيلاً خافياً أو مستبينا
أغثنا يا إله العالمينا بنور المصطفى فى العارفينا
وجمع فرقنا وانظر إلينا لكى نحيا الهدى فتحاً مبينا
أغثنا يا إله العالمينا بروح المصطفى فى المحسنينا
وأدخلنا بسر الضعف فينا حماك وكن لنا حصناً حصينا
أغثنا يا إله العالمينا براح المصطفى للعاشقينا
وأيدنا بنور منك يسرى عطاء باهراً دنيا ودينا
بمن أوليتهم عزماً متينا فكانوا خمسة فى المرسلينا
بطه والخليل كذا ونوح وموسى والمسيح بهم هدينا
بسر العرش والكرسى فينا بآدم ثم حوا تجتبينا
وبالروح الأمين ومن أتاهم بوحيك مذ غدا روحاً أمينا
تقبل ربنا منا جميعاً وألحقنا بركب المخلصينا
وحققنا بفردوس المعانى لكى نلقاك جمعاً آمنينا
بأزواج النبى بخير أم خديجة فهى أم المؤمنينا
بأبناء النبى بوالديه وبالأصحاب ثم التابعينا
وبالصديق والفاروق زدنا بذى النورين عشقاً فى نبينا
وبالكرار والطيار خذنا لحمزة سيد المستشهدينا
وبالزهراء والحسنين عفواً بزينب ثم زين العابدينا
سكين القلب فاطمه اليتامى نفيسة كن لنا دوماً معينا
وبالنعمان فقهنا جميعاً بمالك اهدنا إمانينا
بسر الشافعى أفض علينا بأحمد أعطنا هدياً يقينا
وبالجيلانى ألهمنا تقانا لنحيا فى الرفاعى صادقينا
بمحيى الدين والقطب الجباوى وبابن بشيش من فيه اصطفينا
بمولانا أبى الحسن اعف عنا فبالمرسى وبالعرشى سقينا
وبابن عطاء والقاوقجى إنا من الزرقانى أستاذ روينا
بقطب قنا بسر الفرغل اجعل أبا الحجاج يحدينا حنينا
وبالبدوى والبيومى فابعث أبا العينين فينا ماحيينا
وبابن الفارض ارحم بالغزالى فبالبوصيرى والبرعى شفينا
وبالخواص والشعرانى أوقد سنا الحنفى والدردير فينا
وبالعقاد أكرم بالتجانى وبالكردى وعمران ذوينا
بشرقاوى كذا بالذندراوى بسر أبى المعارف قد رضينا
فرض بنا وعنا والدينا وأكرم بالهدى الهادى نبينا
بسر سلامة وأبى خليل وأنوار الصلاة على نبينا
فصل على النبى ومن دعاك أغثنا يا إله العالمينا
* * *
إلهى أنت للإحسن أهل ومنك الجود والفضل الجزيل
إلهى بات قلبى فى هموم وحالى لا يسر به خليل
إلهى تب وجد وارحم عبيداً من الأوزار مدمعه يسيل
إلهى ثوب جسمى دنسته ذنوب حملها أبداً ثقيل
إلهى جد بعفوك لى فإنى على الأبواب منكسر ذليل
إلهى حفنى باللطف يامن له الغفران والفضل الجزيل
إلهى خاننى جلدى وصبرى وجاء الشيب واقترب الرحيل
إلهى داونى بدواء عفو به يشفى فؤادى والغليل
إلهى ذاب قلبى من ذنوبى ومن فعل القبيح أنا القتيل
إلهى ردنى برداء أنس وألبسنى المهابة ياجليل
إلهى زحزح الأسواء عنى وكن لى ناصراً نعم الكفيل
إلهى سيدى سندى وجاهى فمالى غير عفوك لى مقيل
إلهى شتت جيش اصطبارى هموم شرحها أبداً يطول
إلهى صرت من وجدى أنادى أنا العاصى المسئ أنا الذليل
إلهى ضاع عمرى فى غرور وفى لهو وفى لعب يطول
إلهى طال ما أنعمت منا بجود منك فضلاً يستطيل
إلهى ظاهراً أدعوك ربى كذلك باطناً وهو الجميل
إلهى عافنى من كل داء بحق المصطفى نعم الخليل
إلهى غافر الذلات ربى تعالى ما له أبداً مثيل
إلهى فاز من ناداك ربى أتاه الخير حقاً والقبول
إلهى قلت ادعونى أجبكم فهاك العبد يدعو يا وكيل
إلهى كيف حالى يوم حشر إذا ما ضاق بالعاصى مقيل
إلهى لا إله سواك ربى تعالى لا تمثله العقول
إلهى مسنى ضر فأضحى به جسمى تبلبله النحول
إلهى نجنى من كل كرب ويسر لى أمورى ياكفيل
إلهى هذه الأوقات تمضى بأعمار لنا وبها نزول
إلهى والنى خبراً وأحسن ختامى عندما يأتى الرسول
إلهى ياسميع أجب دعائى بطه من تسير له الحمول
فصل عليه ربى كل وقت صلاة لا تحول ولا تزول
وآل والصحاب ذوى المعالى وفى در الكلام هم الفحول
* * *
يقينى من أذى دهر يقينى إذ فاضت شئونى أو شجونى
إليك شكوت همى يا إلهى وما أشقى به فى كل حين
لطيف أنت ياربى معين فأنعم باللطيف وبالمعين
طويت رداء تدبيرى وحولى ولذت بساحة اللطف المصون
يناديك الفير إليك ربى بلطفك يالطيف ارحم أنينى
فليس سواك من رب لطيف يغيث العبد فى دنيا ودين

تراويح شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرقَانِ﴾ فاعلموا أيها الأحباب ياصائمين يا أولى الألباب أن صلاة القيام مندوبة، وهى عشرون ركعة بعشر تسليمات، يفصل بين كل ترويحتين بما سيأتى بيانه لحفظ عدد الركعات، ويجب التأنى فى القراءة والركوع والسجود كصلاة الفرض، إلا لا فرق بينهما فى وجوب الطمأنينة لا كما يفعله بعض الجهلة بالإسراع فى الصلاة حتى ينقصها عن حدها الشرعى، فهو فى جهل لم يرد فى سنة، وأما ما يقول الفقهاء ويستحب تخفيف التراويح، فمعناه أنه لا يطيل فيها حتى يسأم من وراءه.
وصفة صلاتها أنه بعد الفراغ من صلاة العشاء يختم صلاته بما ورد فى السنة، وهو الاستغفار ثلاثاً، وآية الكرسى والتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين، ويختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وه على كل شئ قدير. والدعاء ثم إن كان الإمام شافعياً تركع، ثم يقول ومن معه [نبدأ بالصلاة والسلام على الهادى شفيع الأنام، صلوا يا حضار على النبى المختار صاحب الأنوار وسيد الأبرار القمر من أجله انتصف، يا مولاى عفا الله عما سلف. صلاة القيام أثابكم الله]. ثم بعد السلام من الترويحة الأولى يقول: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، ويقوم للترويحة الثانية وبعد السلام منها يقول: من بعده الشفيق الرفيق أبو بكر الصديق رفيق ونعم الرفيق صاحب المختار ومؤنسه فى الغار، أمين الأسرار وقاتل الكفار، خليفة ونعم الخلف، يا مولاى عفا الله عما سلف... إلخ... ويقوم للترويحة الثالثة، وبعدها الصلاة والسلام عليك يارسول الله ثم يقوم للترويحة الرابعة وبعدها، والثانى بعده فرض المولى حبه، حاكم بالكتاب ناطق بالصواب، زينة الأصحاب، عمر بن الخطاب خليفة ونعم الخلف، يا مولاى عفا الله عما سلف.. إلخ.. ثم يقوم للترويحة الخامسة وبعدها الصلاة والسلام عليك ياحبيب الله ثم يقوم للترويحة السادسة وبعدها يقول: نمدح ثالثهم من بالخير جالسهم، حبيب الرحمن، عدو الشيطان، جامع القرآن سيدنا عثمان ساكن فى الغرف خليفة ونعم الخلف، يا مولاى عفا الله عما سلف.. إلخ.. ثم يقوم للترويحة السابعة، وبعدها الصلاة والسلام عليك ياخير خلق الله. ثم يقوم للترويحة الثامنة وبعدها الرابع وصيه "على" ولى ونعم الولى، صاحب القبول، وزوج البتول، ناصر الرسول، سيف الله المسلول مقامه فى أرض النجف خليفة، ونعم الخلف، يا مولاى عفا الله عما سلف.. إلخ.. ثم يقوم للترويحة التاسعة وبعدها الصلاة والسلام عليك ياخاتم رسل الله. ثم يقوم للترويحة العاشرة، وبها تمام القيام، ثم يستريحون، ويتلى عليهم شئ من كتاب الله تعالى، ثم يقول القارئ عند تمام القراءة يا أمة خير الأنام ومصباح الظلام ورسول الملك العلام، يتقبل الله منى ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال ويدخلنى الله وإياكم الجنة بفضله وكرمه وجوده وإحسانه، هى دار السلام بسلام، ثم يقولون الباقى من العشرة أهل البيعة البررة، قاموا فى الدجى فى طلب الرجا، هم سفن النجا، هم أهل الحجا المولى بهم قد لطف يامولاى، عفا الله عما سلف أشفعوا وأوتروا واستغنموا شهر الصيام أثابكم الله، ثم بعد الفراغ من الوتر يقولون (سبحان الملك القدوس) ثلاثاً. سبوح قدوس رب الملائكة والروح نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وإقالة العثرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا) ثلاثاً. اللهم أجرنا من النار ثلاثاً يارب أجرنا من النار ومن عذاب النار ومن كل عمل يقربنا إلى النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار بفضلك وكرمك وجودك وإحسانك ياعزيز ياغفار "آمين" سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
قصائد وداع شهر رمضان
الأولى
شهر الصيام على الأيام قد فضلا حقاً وفيه كتاب الله قد نزلا
طوبى لعبد أطاع الله مجتهداً بالذكر فيه أو القرآن مشتغلا
وجنة الخلد فى أيامه فتحت للصائمين وباب النار قد قفلا
وليلة القدر فيه الله فضلها عن ألف شهر وفيها الخير قد كملا
ومن قاها يستجيب الله دعوته وما تمناه عند الله قد قبلا
وجاء من قامها بالذكر مشتغلا نال الهنا والمنى والبر والأملا
شهر المكارم لا تحصى فضائله فعظموه ولا تبغوا به بدلا
وودعوه ولا تهزوا لفرقته فإنه خير مسئول ومن سؤلا
تبكى المساجد من توديعه أسفاً على الفراق ومن وجد لها حصلا
نوى الرحيل وقد ناخت رواحله عما قليل فعنا صار مرتحلا
يدعوه رب العلا حقاً ويسأله عن المسئ وعمن أحسن العملا
يجيبه أنت مولاهم وخالقهم وتعلم العبد مهما قال أو فعلا
سمعت طاعتهم مذ قد حللت بهم ولم اشاهد لهم ذنباً ولا خللا
فاسمح لمن صامه ياذا العلا كرماً وهب له توبة واغفر له الذللا
واحيى الأنام إلى أمثاله كرماً بالبشر والنصر يامن جل ثم علا
ثم الصلاة على أذكى الورى كرماً ماحن طبر لغصن مال واعتدلا

الثانية
يانائماً مستغرقاً فى نومه قم فى الدجى واسأل من الإكرام
واضرع إلى المولى بدمع ساكب قبل ارتحال الشهر والإتمام
أكثر من الطاعات فيه فإنه كالضيف يأتى زائراً فى العام
إذ لا يجئ بعامنا ذا مثله فاحرص على أيامه ياسامى
قد كنت ياشهر الصيام مباركاً والكل منا لا مس الأقدام
فرحلت عنا بعد بهجتك التى أدلت عطاياها إلى الصوام
لا أوحشتنا فيك رحلتك التى هى عندنا من أصعب الآلام
لا أوحش الرحمن منك مساجداً معمورة بتواجد وهيام
لا أوحش الرحمن منك مصاحفاً لم تتل إلا فيك بالإتمام
لا أوحش الرحمن منك نداءنا عند السحور لصحوة النوام
لا أوحش الرحمن منك ركوعنا ودعاءنا وبكاءنا بقيام
ولقد فعلنا فيك كل فواحش قابلتها بلطائف الأنعام
لا تشتكى لله من أفعالنا واصفح عن الذلات بالإكرام
فعليك من كل العباد ترحم وتحية مسبوقة بسلام

الثالثة
ياعين جودى بالدموع وودعى شهر الصيام وجددى الأحزانا
قد كان شهراً طيباً ومباركاً ومبشراً بالعفو من مولانا
شهر به غفر الكريم ذنوبنا وبه المهيمن يستجيب دعانا
شهر يقول الله فيه ادعو أجب ودليلنا قد جاءنا قرآنا
شهر به الرحمن يفتح جنة للصائمين ويغلق النيرانا
شهر به الحنان يمنح صائماً عفواً ويغفر ذنبه إحسانا
والله واعدنا به دار الرضا طوبى لعبد صامه إيمانا
والمارد الشيطان فيه لقد غدا عن صائميه مبعداً خجلانا
يدعو بويل مع ثبور حسرة ويعود مخذولاً به خسرانا
لا يدخل الملعون فيه ديارنا أبداً وأملاك السما تغشانا
لا أوحش الرحمن منك قلوبنا فلقد أنارت فيك نوراً بانا
لا أوحش الرحمن منك بيوتنا فلقد حوت بوجودك الإحسانا
لا أوحش الرحمن منك صيامنا إذ صوم غيرك واجب ما كانا
لا أوحش الرحمن منك صلاتنا فيك الصلاة تنوج الرضوانا
لا أوحش الرحمن منك تلاوة فبغيرك القرآن قد ينسانا
لا أوحش الرحمن منك ركوعنا وسجودنا وخشوعنا وندانا
لا أوحش الرحمن منك دعاءنا بك لا يخيب ربنا دعوانا
لا أوحش الرحمن منك بكاءنا فدموعنا قد ماثلت طوفانا
بالله ياشهر الهنا لا تنسنا واذكر لربك خوفنا ورجانا
واذكر له خوفى من الذنب الذى نفسى تميل له وسل غفرانا
واسأل جناب محمد لطفاً بنا وشفاعة للذنب فى أخرانا
صلى عليه الله ما دام الندى يرجى بتاج شهورنا نار رمضانا
والآل والأصحاب ماهب الصبى وبكى المحب وأوقد النيرانا

الرابعة
ياقلب أبدل من الأفراح أحزانا قد فات شهر الهنا من بعد شعبانا
قد كان ذا الشهر تجديداً لصالحنا حتى نوى بعد هذا الوصل هجرانا
قد كان ذا الشهر تفريجا لكربتنا لما نوى السير جاء الكرب طوفانا
قد كان شهراً شريفاً لا نظير له فى العام آه على ذا الشهر ينسانا
لما نوى السير نادى غنى ياحادى وفات منا كان الشهر ما كانا
لا أوحش الله من شهر يقال له شهر شريف كريم بالرضا جانا
لا أوحش الله من شهر الصيام فبانتهائه تبدل الطاعات عصيانا
لا أوحش الله من شهر القيام فقد كان القيام لنا نوراً وبرهانا
لا أوحش الله من شهر الآذان فقد يرى المنار بباقى العام خربانا
لا أوحش الله من شهر محاسنه حوت علوماً وتسبيحاً وفرقانا
لا أوحش الله من شهر فضائله عمت جميع الورى فضلاً وإحسانا
لما تصوم هذا الشهر مرتحلاً أجريت من مقلتى دمعاً كسيحانا
بالله بالله لا تشكو لخالقنا ما قد جرى عندنا قبحاً وعصيانا
ربى ستور يحب الستر يا أملى فاصفح ولا تبدى ذلات لمولانا
تبكى المساجد أحزانا لفرقته مابالكم قلبكم كالصخر مالانا
هل أنت بشرت بالجنات يافرحا حتى غدوت عن الطاعات كسلانا
يادر فذا شهر غفران ومرحمة لمن أتى تائباً لله ندمانا
وانهض أخى وشمر فيه مجتهداً واحفظ لربك إيماناً وإحسانا
يارب عفواً عن الأوزار ياسندى واستر عيوباً جرت قبحاً وعصيانا
بجاه من أشرقت فى الكون طلعته المصطفى المرتضىمن بالهدى جانا
الخامسة
إذا بكت العيون على عزيز فشهر الصوم أولى بالبكاء
فكنا فيه فى إرغاد عيش وكان الوقت منا فى هناء
وكنا فيه للقرآن نتلو ونرجو العفو من رب السماء
ففارقنا وودعنا سريعاً وأفضى للرحيل والانقضاء
وسحت ذى البيوت عليه دمعا لفقد النور منها والضياء
وركعات القيام عليه تبكى لقطع صلاتها بعد العشاء
فلا اوحشتنا ياشهر صوم فقد أوحشتنا بالانقضاء
ولا أوحشتنا ياشهر سؤل ففيك تواصلت أيدى الرجاء
ولا أوشتنا ياشهر فضل فيك الفضل منهل السخاء
ولا أوحشتنا ياشهرتقوى إله العرش مستمع النداء
ولا أوحشتنا ياشهر نجوى بأسحار ببسط يد العطاء
ولا أوحشتنا ياشهر عفو فإنك ذو السماح وذو الوفاء
وإنا قد فعلنا كل ذنب تعالى فى التصعد كالسماء
فلا تشكى لربك ما فعلنا من الأوزار مع قبح اجتراء
وإبليس الرحيم غدا بعيدا عن الصوام حقاً فى عناء
فبالطاعات ودع يافقير لهذا الشهر تجزى بالرضاء
وصل يا إلهى ثم سلم على طه ختام الأنبياء

السادسة
ما بال يوم الهنا يمضى على عجل كأنه فى الكرى رؤيا ولم تطل
أو هاتفاً طاف لم تثبت مقالته أو طيف ظل بوقت الاستواء خلى
وأنت ياشهرنا آنستنا زمناً كأنك الشهر قد تبرى من العلا
كأنك السهم حين الرمى من وتر أو لمعة البرق إذ مرت على طلل
أقمت فى حينا ياللطف ذا أدب وذا كمال وأنس جابر الخلل
أراك تأخذ فى التهجير مرتحلاً من بيننا مسرعاً عجباً بلا مهل
لو يعلم الناس ماذا فيك من منح لأحبوا أن تكون العام لم تزل
قد كنت فوراً لأهل الفضل مغتنماً ومرتعاً لاكتساب البر لم يزل
وكنت سجناً على أهل الشقاوة من تجاهروا فيك بالآثام والزلل
طوبى لمن صان فيك الجسم عن جرم ولم يجادل ولم يغتب ولم يمل
ومن تكن خصمه فهو الطريد إذا وافى القيام لم ينصر ولم يقل
ومن شهدت له فهو الذى رجحت ميزانه فىنهار الخوف والوجل
لا أوحش الله من شهر به محيت آثامنا واجتبانا ربنا الأزل
لا أوحش الله من شهر به عتقت رقابنا من لهيب النار والظلل
لا أوحش الله من شهر به سجنت عنا الشياطين لم تفسد ولم تصل
لا أوحش الله من شهر به فتحت لنا الجنان ونلنا خلعة الحلل
لا أوحش الله من شهر به بنيت لنا القصور منيفات بشهر على
لا أوحش الله من شهر له شرف على الشهور بفضل ظاهر وجل
عليك منا سلام شهرنا أبداً بك اجتبيناوخصصنا عن الأول
تبكى المساجد لما صرت مرتحلاً إنا لفقدك فىكرب وفى ملل
ثم الصلاة على المختار سيدنا والآل والصحب ما دام الكتاب تلى

السابعة
إنك شهر الصيام ما دمت حيا إذا دنا منك ثم صار قصيا
إن من لايبيت وهو حزين إن فقدناه ليس إلا شقيا
فافرج الدمع آسفاً بدماء والزم الحزن بكرة وعشيا
لا تخف من نزول دمعك يوماً لاثماً فيه جاهلاً أو نسيا
إن شهر الصيام بالحزن أحرى كيف والفضل ليس فيه خفيا
مذ فقدناه فاتنا كل خير عمنا فيه صائغاً وهنيا
بشر الصائمين إن لهم عنــ د إله السما مكاناً عليا
وعد الله صائميه بهذا إنه كان وعده مأتيا
فاز من صام ثم صان لساناً واقتفى فيه منهجاً مرضيا
فاز من صام ثم بات ينادى ربه بالدعاء نداء خفيا
فاز من صام ثم أحيا الليالى ذاكراً مخلصاً وكان تقيا
ما أعز الذين تلوا وحزوا فيه لله سجداً وبكيا
يا إلهى تقبل الصوم واغفر ذنبنا واهدنا صراطاً سويا
يا إلهى واسمح لعبد ضعيف قد أطاع الصبا وصار عصيا
يا إلهى أتيت بابك أدعو بمن اخترته رسولاً نبيا
فصلات عليه ثم سلام ما بدا فى السماء نجم الثريا
* * *
وإنا جميعاً إن نصم يوم جمعة ففى تاسع العشرين خذ ليلة القدر
وإن كان يوم السبت أول صومنا فحادى وعشرين اعتمده بلا عذر
وإن هل يوم الصوم فى أحدٍ فخذ ففى سابع العشرين ما رمت فاستقر
وإن هل فى الاثنين فاعلم بأنه يوافيك ليل الوصل فى تاسع العشر
ويوم الثلاثاء إن بدا الشهر فاعتمد على خامس العشرين تحظ بها فادر
وفى الأربعاء إن هل يامن يرومها فدونك فاطلب وصلها سابع العشر
ويوم خميس إن بدا الشهر فاجتهد توافيك بعد العشر فى ليلة الوتر

مايقال فى السحر قبل الابتهالات
سبحان الحليم الستار سبحان المتجلى على الداعين بالأسحار
سبحان من قهر الجبابرة والكفار سبحانه وتعالى إله عزيز جبار
وملك قادر مقتدر قهار للذنوب غافر وللعيوب ساتر للقلوب جابر
يتجلى ربنا فى أوقات الأسحار، وينادى جل المنادى ياعبادى أنا الستار، يا عبادى أنا الغفار، هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، أنا غافر الذنوب والأوزار، سبحان من لا تدركه الأبصار ولا تحويه الأقطار ولا يغيره الليل ولا يبدله النهار. القائل تعالى على لسان نبيه المختار: ﴿ورَبَكَ يَخْلُق مَايَشَاءُ ويَخْتَار﴾ سبحان من مد الأرض وأمرها بالفرار، وثبتها أن تميد بكم فاستقرت بإذن من أمرها بالقرار، يعلم عدد رمالها ووزن مثاقيل بحارها، وكل شئ عنده بمقدار ألا وهو العزيز الغفار، سبحانه وتعالى ناداه موسى على جبل الطور، فدهش، وحار الرعد يسبحه بصوت هدار، والبرق يلمع من هيبته كلما أضاء واستنار، سبحانه وتعالى القائل فى علاه: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلاَّ بالله﴾، سبحان من ليس لنا مولى سواه، ملك عظيم الشأن جل ثناه، سبحان من خلق آدم من طين وسواه، وجعل الجنة مثواه، وتا عليه وهداه، وشفى أيوب من بلاه، ورد يوسف على يعقوب واجتباه، ونجى يونس من لجج المياه، وقال لحبيبه فى كتابه: ﴿فَاعْلَمْ أنَّهُ لا إلهَ إلاَّ الله﴾ لا إله إلا الله لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله، الذى هو قطب الجلالة، وشمس النبوة والرسالة، المنقذ من الجهالة (ص) وشرف وكرم ومجد وعظم صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين يدومان بدوام ملك الله، لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركة والسكون، وعدد ماهو كائن فى علمه المكنون، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وله النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن الجميل يحيى ويميت وهو حى دائم لايموت أبداً، بيده الخير وإليه المصير، وهو على كل شئ قدير.
بحور الشعر للفتيان
أجل ليس للهادى الشفيع مماثل هو البحر لم يعرف له قط ساحل
فعولن مفاعلين فعولن مفاعل (طويل) بحاد السيف أروع باسل
* * *
أيدت خير الورى معجزات كلها آياتها بينات
فاعلاتن فاعلن فاعلات (ومديد) حكمها دائمات
* * *
للمصطفى ملة دانت لها الملل وشرعة أشرقت من نوره السبل
مستفعلن فاعلن مستفعل فعل بحر (بسيط) به بحر الورى وشل
* * *







_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 27, 2015 11:51 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067


علمت الله ليس له مثيل وأن محمداً نعم الرسول
مفاعلتن مفاعلتن فعول (بوافر) نوره اتضح السبيل
* * *
بمحمد نور المعارف شامل لولاه ما عرف الفضائل فاضل
متفاعلن متفاعلن متفاعل كملت صفات علاه فهو (الكامل)
* * *
أتى المختار تنزيل به قد جاء جبريل
مفاعلين مفاعيل (فإهزاج) وترتيل
* * *
خير الورىطرا وأعلى أفضل نبينا المدثر المزمل
مستفعلن مستفعلن مستفعل (برجزى) فى مدحه أبتهل
* * *
طيبة طابت وهاتيك الجهات شملتها بالنى الركات
فاعلاتن فاعلاتن فاعلات (رملاً) سارت إليها اليعملات
* * *
ماتحت تهديد العدا طائل نبينا الهادى لنا كافل
مستفعلن مستفعلن فاعل وهو (سريع) خيره شامل
* * *
خير الورى بالكمال مشتمل بفضله الجم يضرب المثل
مستفعلن فاعلات مفتعل (منسرمح) الجود ليس ينعقل
* * *
من هدى المصطفى استفاد الهداة واستنارت بنوره النيرات
فاعلات مستفع لن فاعلات (بخفيف) أمداحه راجحات
* * *
علا طه شامخات على الزهر عاليات
مفاعيل فاعلات بنوره (مضارعات)
* * *
شرع طه مكتمل وهو عدل معتدل
فاعلاتن مفتعل لا (اقنضاب) لا علل
* * *
أئمة الشرك ماتوا بسيف طه وفاتوا
مستفعل فاعلات (جنت) به النائبات
* * *
سما فوق هام السماء الرسول دنا فتدلى فتم الوصول
فعولن فعولن فعولن فعول (تقارب) حيث نأى جبريل
* * *
الفضل تقاسمه الرسل والكل بأحمد مكتمل
فعلن فعلن فعلن فعل وله (خبباً) تعدو الإبل

آداب أولياء الرحمن
بدأت ببسم الله والحمد أولا وصليت فى الثانى على أشرف الملا
محمد الهادى الأمين وآله وأصحابه والتابعين ومن تلا
وبعد فهذا النظم ألفته لمن يريد اتصالاً فى الطريق على الولا
وبالذهب المسبوك سبكت اسمه ويدعى بآداب السلوك لمن علا
فطالع لهذا النظم تحظ برفعة وتسمو على الشمس المنيرة واصلا
تضمن آداب المريد لشيخه فدونك إياها بنظم تسلسلا

الوصل الأول فى آداب المريد مع شيخه
تطهر إذا رمت الدخول عليه فى مكان وخذ إذن الدخول تنل علا
ولا تتكلم عند شيخك لفظة بغير سؤال واطرق الرأس يافلا
وإياك ظن السوء فى الشيخ لويدا لعينك ما تنكره منه أخا العلا
وسلم له فى كل شئ ولا تكن معارضه فى أى أمر تبدلا
وكن سامعاً للشيخ فيما يقوله تفوز بعز فى الأنام مرفلا
وقم واقفاً حال التحدث صاغياً ولا تلتفت للغير تمسى معطلا
ولا تذكر اسم الشيخ إن ترد الندا وقل يا إمامى يا هداى فتكملا
وصوتك لا ترفعه من فوق صوته ولا تجهرن جهر الذى هو فى الخلا
كذاك سلاماً أو هنيئاً وكل ما يكلفه الجواب فلافلا
وأما سؤال الشرع فسأل ولا تكن عجولاً على رد الجواب فتهملا
وأيقن بأن الشيخ قطب زمانه يفوق جميع الناس علماً ومنزلا
وقبل يد الشيخ الوقور ولا تكن جزوعاً وإن يمنع فلن تتساهلا
ولا تأت معه الأكل إلا بإذنه وقدمه فى وقت المسير فقد علا
سوى حمل مصباح ووقت ضرورة فسر من أمام الشيخ تنج من القلى
ولا تكتمن شيئاً عليه وقم له إذا قام واجلس بعد إذن له حلا
ولا تلبسن ثوباً لشيخك أوتنم على فرشه فاحذره صادفت منهلا
وسجادة الشيخ الموقر لا تطأ كذلك تسبيحاً بسبحته تلا
وكن عنده كالميت عند مغسل فشيخك طب للقلوب مغسلا
ولا تفعل الأشياء إلا بإذنه ومهما أشار فذاك أمر لتفعلا
وإن شئت أسفاراً إلى أى بلدة فخذ إذنه لو كنت للحج راحلا
ولا تتكئ فى حضرة الشيخ ياأخى ولا تتثاءب فادر ماقد تمثلا
وإياك شرباً للدخان بحضرة كذا ضحكاً فاحذره تنج من البلا
وتابع له فىما يقول مسلماً ولو قال خض فى النار دوماً فقل بلى
وإن قال قولاً خذ بظاهره تفز ولو خالف النص الصريح تزد حلا
ففى قصة الخضر الكريم إشارة تدل على هذا فكن متأملا
فلو دام موسى معه من غير حجة لشاهد إعجاباً يضيق لها الفلا
وتابع لأخلاق المشايخ إنها لمن أكرم الأخلاق قصداً ومأملا
وشيخك إن أهداك بعض ملابس فوقر لها فالسر فيما تحصلا
لعل بها سراً من الشيخ ينطوى فلا تهمل الأسرار مما تسربلا
فإن رسول الله للسر قد طوى بثوب وأعطاه أبا هر ذا العلا
فلم ينس شيئاً قط من بعد لبسه وذى منه من سيد الرسل فاعقلا
ولا تمش فى نعل لشيخك واحذرن من الظن واكتم سره تلق منزلا
ولا تنكحن زوجاته بعد موته ولا تمنعن شيئاً أراد ولو غلا
ولا تقرأ الأوراد فى حضرة له فرؤيته تكفى المريد المكملا
وحال جلوس فاطرق الرأس عنده كجلسة عبد عند مولاه موصلا
حذار تول الشيخ ظهرك إن تقم وإن شئت نصحاً منه فى السر فاسألا
وإن يدعك الشيخ الجليل وأنت فى صلاةٍ فدع لها سوى الفرض دم على
وإن كنت تتلو فى القرآن وقد أنى فقف بعد ختم الآى ترق إلى العلا
وإكرام نسل الشيخ ياصاح واجب كذا الأهل والجيران فاصدع تبجلا
وذا فى حياة الشيخ أو بعد موته كذاك دواب أو جماد فجملا
وأى كلام قيل فى الشيخ رده بما اسطعت من عقل وحزم توصلا
ولا تخبر الشيخ الهمام به وكن لشيخك دوماً بالسرور مهللا
ولا تسمعن فيه مقالة عاذل ولو قال كل الناس دعه لقلت لا
وإن يستشرك الشيخ أمراً فقل له أنا ليس لى رأى وكن متجاهلا
سوى إن ألح الشيخ فيه فقل أنا أظن كذا ياسيدى قد تأولا
وإن وقعت منك الجناية فاعترف لشيخك واستسلم دواماً فتقبلا
وفضل لأستاذ على فضل والد ولا تغضب الشيخ الوقور المجللا
فإن إله العرش يغضب يافتى إذا غضب الشيخ المربى على الولا
وكن غارقاً فى حب شيخك واكرهن لما يكره الشيخ الذى فاز فى الملا
وإن شئت إدخالاً له فى زيارة فلازم الآداب إن رمت منزلا
وكن خادماً للشيخ واعمل برأيه ففيه صلاح بالنجاح تسلسلا
ولا تشربن من أى آنية له على غير إذن منه مادمت داخلا
ولا تطلبن رد الجواب ولا تكن لجوجاً على تعبير رؤيا فتحجلا
ولا تقرأن إلا تآليف شيخك الهمام سوى للأتساع فتجملا
وشيخك إن أهداك سفراً فجله فرب مفتوح كان فى السفر مسبلا
وألف قلوب الناس للشيخ واجتنب صديقك إن قال اجتنبه تزد حلا
ولو أمر الشيخ المريد بخدمة بحمل نعال أو دواب فيقبلا
فقد قيل عن بعض المشايخ إنه أقام مريداً خادم البغل فى الخلا
فلما دنا موت المربى تشاحنوا على أى فرد منهم أن يمثلا
فقال أحضروا لى خادم البغل كى تروا فجاءوا به والوجه منه تهللا
فقال له اقرأ فى التصوف يافتى فحل من الآداب ما كان معضلا
فلما رأوا إخوانه ذا تعجبوا فقال له أنت الخليفة معتلى
وكن فطناً فى كل أمر يريده ولا تأت فى حال الجنابة محفلا
وصور له فى حال ذكر وخلوة تجد منه أمداداً وسرا تخللا
ونادى به إن حل خطب ولا تخف وكن لإله العرش بالشيخ سائلا
وتدعو له بعد المجالس بالعلا وسله دعاء الخير من رازق الورى
وذى نبذة جاءت كشبه عجالة ولكنها تغنى مريداً تأملا

الوصل الثانى فى أداب المريد مع إخوانه
ودونك آداب المريد وسيره مع القوم فى طرق الشيوخ مسجلا
فعفواً عن الزلات مع ستر عورة لإخوانه مع ترك حقد تغلغلا
وكن زاهداً فى كل مافى يد الورى وكن ورعاً متواضعاً متبتلا
وحبهمو فى الله فرض وواجب وإكرامهم فى كل وقت قد انجلى
تواضع لهم لا تطلبن رياسة على أحد منهم وكن متحملا
وألف على ذكر الإله قلوبهم وكن خاضعاً للكل إن كنت فاضلا
وكن خادماً للقوم محتمل الأذى كريماً نصوحاً طائعاً متذللا
وكن فاضل الأخلاق تعفو عن الخطا وسامح مسيئاً واحذر الكبر تبتلا
وأد الفروض الخمس فى بدء وقتها وحث جميع القوم إن جاءت الصلا
ووقرهمو دوما وأد حقوقهم فخدمتهم فيها النجاح تكللا
وقل جئتكم ياقوم أرجو رضاكمو فعودوا مريضاً قلبه صار مقفلا
وكن لجميع القوم مستغفراً ولا تحاججهمو لو كنت بالعلم محتلى
ولا تقبل النمام فى حق إخوة ولا تتقدم إن أدرت التوصلا
وعاد الذى عاداهمو واحبب الذى أحبهمو واستدرك السهو عاجلا
وأرشدهمو للخير من كل وجهة وعندهمو بالرفق كن متسربلا
وتدعو لهم بالخير فى كل حضرة وعد لمريض فى الفراش تزملا
وجمع نقوداً للدواء بسرعة ودعوة خير بالشفاء من البلا
وصحبة إخوان وترك نميمة كذا غيبة مع فتنة فتعقلا
ولا تأكلن ما اسطعت وحدك لقمة وإن دعى الإخوان فالخير أجزلا
وقدم لحاجات وآنس لموحش ولا تمنع الإخوان شيئاً لتوصلا
فهاتيك آداب المريد وقومه من الفقراء السالكين فحصلا

الوصل الثالث فى آداب المريد مع نفسه
ودونك آداب المريد لنفسه سأذكرها حسناء ميمونة الجلا
فترك غرور واجتناب مآثم وبعد عن التحريم شرباً ومأكلا
طهور حواس الخمس ياصاح واجب وذلك بعد القلب فانهض لتغسلا
جوارحه والقلب كل مطهر وترك رياء والظهور فحولا
وصحة قصد واتباع شريعة وترك المعاصى كظم غيط لقد تلا
ولا تأكلن غلا إذا جعت دائماً ودع كثرة النوم الذى لك اثقلا
بكاء وجوع فى خشوع تواضع وتأنيب نفس فى جميع الذى خلا
وترك مماراة وبغى وغيبة وخدعة زور وتحفظ النفس أكملا
دع الكبر والعجب وخالف من طغى وللتملق يجعل المرء أسفلا
ودع جدلاً واخش الدسائس واتئد وأد حقوق الله والناس أكملا
وإياك إياك افتخاراً تجبرا ألست ترى إبليس يلعنه الملا
تحمل لإيذاء وقطع علاقة وغض للأبصار كذب تقولا
ودع مجلس المردان مع مجلس النسا ودع حسداً مع ظن سوء تأولا
ولا ترتجى أجراً لأى عبادة ولا تك عن مولاك ياصاح غافلا
عليك بالاستغفار والزهد والتقى ومجلس أوراد بلبل تبتلا
وجوع وصمت واعتزال ببلدة بها كثر الجهل النحيس فأخطلا
وأن يرى دون القوم فى السير نفسه وأن ترى فيه النفس للعيب مدخلا
وقوة قلب فى دوام عزيمة على الذكر والأوراد خذه مكملا

الخاتمة فى الأشياء التى يستحق بها المريد الطرد
ودونك ما يأتى البلاء بفعله وقد يستحق الطرد والمقت والقلى
مخالفة الشيخ الذى زاد مجده وكبر ومكر واختيال ترسلا
وتحسين رأى المرء عن رأى شيخه وترك حضور الذكر فى مجلس الصلا
بغير ما مرض ووقت ضرورة وذلك فيه العذر قد جاء مجملا
تهاونه عمداً بكل فروضه كذلك ترك للجماعة مهملا
وكثرة لهو احتقار لشيخه وتفضيله أدنى من الشيخ منزلا
ومدح شيوخ العصر دون إمامه لدى جملة الإخوان يامن تنبلا
كذاك افتتاح للمجالس دونه على غير إذن منه فاحذر لتجملا
سماع الملاهى دائماً وقراءة إلى غير ورد الشيخ ياصاح فابطلا
وتحسين طرق الغير عن طرق شيخه تجسسه أيضاً على الشيخ فى خلا
كذاك ازدراء القوم ترك عبادة تكاسله عن أمر الشيخ معجلا
محاورة مع شيخه فى مسائل من العلم يرجو الافتخار مهرولا
مطاوعه الشيطا فى كل مأرب متابعة النفس الخبيثة فاعدلا
وتم بحمد الله ما كان لازماً لكل مريد فى الطريق مبجلا

تتمة فى شروط المشيخة
وأما شروط الشيخ حقاً فخمسة فخذها بترتيب وسلم لمن تلا
فأولها علم صحيح لمرشد وذوق صريح ثم همة تعتلى
كذا حالة مرضية وبصيرة بنور منبر القلب نافذة بلى
ومن فيه خمس لا يصح اتخاذه لمشيخة كلا والإرشاد مجملا
فجهل بدين ثم إسقاط حرمة بحق جميع المسلمين ومن علا
دخول إلى ما ليس يعنيه أمره كذاك اتباع للهوى حيث أغفلا
كذلك سوء الظن فى كل حالة بغير مبالاة فليس مؤهلا
فلازم لنظمى تحظ بالخير والهنا وتبلغ ما ترجوه من كل ماحلا
على القوم فاقرأها وفك رموزها بشرح وفى للجميع تزد حلا
وتعو بخير للفقير وصحة وعفو وغفران له الستر مسدلا
وصل إلهى بكرة وعشية على المصطفى والآل مع من تبتلا
مدى الدهر والأيام ما انهل مدمع من الخائف المشغوف حتى تأهلا
وما أنشد العبد المسئ لنفسه بدأت ببسم الله والحمد أولا

النحو لأهل البيان
بحمدك يامولاى أبداً فى أمرى ومنك أروم العون فى كل ذى عسر
ومنك صلاة مع سلام على النبى وآل وصحب ما شدا فى ربا قمرى
وبعد فعلم النحو لا شك واجب لطالب علم الشرع يقفوه ذى حجر
ودونك منه جملة قد ذكرتها بنظم بديع جاء من أحسن الشعر
وأسأل رب العرش أن ينفعن بها جميع معانيها وأن يغفرن وزرى

الكلام والكلمة والعلم
ومصطلح النحو إن كلامه إفادة تركيب بوضع له فادرى
يركب من فعل وحرفٍ كذا اسمه كقولك صل مضناك ياطلعة البدر
وسم فراداهن كلا بكلمةٍ وجمع لها كلمة كفيك بدا عذرى
علامة أولاهن تاء لفاعل وسين وتسويف كسوف يفى بدرى
كذلك قد أيضاً كقولك قد ثوى بقلبى هواكم يزال مدا الدهر
وثان له ترك العلام علامة وثالثها يدرى بأل ثم بالجر
ويعرف بالتنوين نحو غزيل بسهم لحاظ العين قد حال فى صدرى
وفعل على قسمين ماضٍ مضارع كماس بقد يذدرى عادل السمر

الإعراب
وللاسم إعراب إذ لم يشابه الحروف وللفعل البنا غير يستدرى
ورفع ونصب ثم جر وجازم أصول ووزع فرعها فزت بالبشر

المبتدأ والخبر ونواسخها
وللمبتدأ رفع بنفس تقدم وفى خبر رفع له دائماً يجرى
كقولك هذا أغبد قد عشقته له مقلة ثغرى ألب به السحر
وتنصبه أشباه كان كلم يزل حبيبى مقراً بالتباعد والهجر
وإن بعكس نحو ليت معذبى لحالى يرث على يشفى جوى الصدر
وأشباه ظن النصب تعمل فيها كخلت حبيبى مفرد الآن والدهر

الفاعل ونائبه
ويرفع بعد الفعل ما كان فاعلاً كجاء شقيق البدر يبسم عن در
ونائبه يعطى جميع حقوقه كنظر دعد إلى يظفر بالنصر

المفاعيل
ويثبت للمفعول نصب بفعله وأنواعه تأتى إليك بلا نكر
فهذا مفعول به ثم مطلق له معه فيه فذا غاية الحصر
كأحببت حباً لى وقمت تكرماً وقمت ومحبوبى على شاطئ النهر

الحال والتمييز
وللحال تنكير ونصب تأخر كأهواه ريماً أتلمعا باسم الثغر
وأعط لتمييز جميع شروطها كعندى مكيال دقيق من البر

المنادى
حروف الندا ياء ودا أى أياهيا ونحو أياتياه فيك فنى صبرى
وحكم النصب إلا لمفرد فيبنى ما منه يعرب فى الجهر
وشبه مضاف والمضاف كلاهما له النصب حقاً نحو يافاضحاً سرى
ومثل مضافٍ ما تنكر مثل يا غزالاً بلا قصد له فزت بالبشر

الاستثناء
وينصب مستثنى بإلا وشبهها كجاء رفاقى اليوم إلا أبا عمرو
وإن جاء بعد النفى خبرت إن ترد رفعت أو انصب جائزان بلا نكر

التوابع
وعندهم أن التوابع أربع على نسق للاسم فى عمل تجرى
فنعت وتوكيد وعطف كذا بدل وتفصيلها يأتيك متضح الذكر
كقولك إن تعشق فدونك أهيفاً من الترك بدراً كله صيغ من در
له مقلة كحلا وخد مورد وثغر لماه حاز للراح والعطر

حروف النصب والجزم
وإن ثم كى لام الجحود ولن إذا وحى لها نصب المضارع فاستدر
كقولى لكم لن يستطيع معنفى بترك هواكم أن يفوز بذا الظفر
ويجزمه لما ولم ثم من وما ومهما كمهما يرتضى فقت فى أمرى
وإنى ولام الأمر والنهى أينما وإذا ما كان ما تأت تمنحنى برى
فخذ أحرفاً للنصب والجزم حيثما أتاك وإن رمت البقايا فنى شعرى

حروف الجر
ومن وإلى والكاف من منذ عن على ورب وفى اللام أحرف الجر
وبالقسم اخصص باء وتا ثم واوه كوا العصر إن العاشقين لفى خسر

الإضافة
ونون تلى الإعراب تحذف عندما يضاف كوافانى غلاما أبى بكر
وبحذف تنوين لذاك كسربنا ليانع روض ننتشق أرج الزهر
وتأتى بمعنى اللام نحو أنا الذى حليف غرام لا أفيق من القهر
ومن نحو سقمى من سقام جفونه وفى نحو ليل الوصل يفجأ بالفجر
وتم بحمد الله ما قد عنيته بنظم يضاهى حسنه بهجة العمر
ولله شكر ثم خير صلاته على المصطفى الماحى ثناه دجى الكفر
وآل وصحب ماتغنت حمامة على غصن بان أملد طيب النشر
وما حسن الإنسان يرجو سلامةً بدين ودنيا ثم بالحشر والنشر

مصطلح حديث النبى العدنان
صلوا صحيح غرام صبره ضعفا وبدلوا قطع من فى حسنكم شغفا
وارثوا لحال عليل فى محبتكم وانحو غريباً على أبوابكم وقفا
صب تفرد فى العشاق مارفعت عنه الهموم ولا عنه الضنا صرفا
له من البعد وجد ناره اشتعلت بين الضلوع عضال عز منه شفا
ومرسل من دموع غير منقطع قد سلسلته جفونى فيكم شغفا
أبهمت من عزل دمعى فعاندنى دمعى وأشهره لناس فانصرفا
رام العزول انقلابى عن محبتهم شذيت ياعاذلى شذيت فانصرفا
دعنى عزولى لا تطلب معارضتى فليس قلبى عن الأحباب منصرفا
ولست أسمع تدليس العزول ولا أصغى لتدبيج واش فيهم هتفا
أنا المحب ولوا درجت فى كفنى أنا الذى لم يزل بالعشق متصفا
لا ينكر الحب إلا جاهلوه ولا معنعن العشق إلا غير من عرفا
ترك سبيلى ودعنى ياعزولى أمت فى حب من يسند المسكين والضعفا
محمد سيد الكونين من وضعت كل المكارم فيه أشرف الشرفا
صلى عليه إله الخلق ما اضطربت من النوى مهج لم تنتسر شغفا
والآل الصحب والأتباع ما علقت صبابة بفؤاد حانط انكلفا
ما عبيدكم الولهان أنشدكم صلوا صحيح غرام صبره ضعفا


مختصر ترجمة المؤلف لديوان أهل التوحيد الإخلاصى
المتصوفين الذاكرين المذكورين العارفين بالله رب العالمين
هو الشيخ أبو الإخلاص برهان الدين بن أحمد بن محمد على الدين بن محمد الزرقانى بن حسين بن أحمد بن زين الدين بن حامد بن حمودة بن على السايح بن محمد العطوانى بن عامر بن محمد العشى بن عبد الله بن محمد أبى الليف بن محمد أبى المكارم بن إبراهيم بن محمد شلوق ابن محمد عبد العالى بن محمد أبى الفوارس بن عبيد الله بن محمد أبى المحاسن بن محمد جعفر غازى بن على بن محمد المغازى الصغير بن محمد المغازى الكبير بن حسن بن أحمد بن غبراهيم بن محمد بن أبى بكر بن غسماعيل بن عمر بن على غازى بن عثمان بن حسين النور بن محمد بن موسى ابن يحيى بن عيسى بن جعفر الذكى بن على الهادى بن محمد الجواد بن على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين ابن مولانا الحسين بن الإمام على زوج البتول السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول سيدنا محمد المصطفى الأكرم (ص) وآله وصحبه سلم.
"ومن جهة والدته" السيدة فاطمة الشريفة ابنة السيد محمد بن السيد عبد العزيز بن السيد محمد الشريف ابن السيد أحمد اليمنى الإدريسى بن السيد علوان المغربى العارئشى بن السيد يعقوب بن السيد عبد المحسن بن السيد عبد البر بن السيد محمد بن السيد وجيه الدين بن السيد موسى بن السيد حماد بن السيد داود المكنى بأبى اليعقوب المنصورى بن السيد ترك بن السيد فرشدة بن السيد أحمد بن السيد على بن السيد موسى بن السيد يونس بن السيد عبد الله بن السيد إدريس الأزهر بن السيد إدريس الأكبر بن السيد عبد الله الكامل بن السيد حسن المثنى بن السيد أبى محمد الحسن السبط بن أمير المؤمنين الإمام على زوج البتول السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول سيدنا محمد المصطفى الأكرم (ص) وآله وصحبه وسلم.

مولده
ولد رضى الله عنه فى طيبة الجعفرية بمحافظة الغربية: "11/4/1924 ميلادية الموافق ذكرى مولد الحبيب المصطفى خير البرية".
درة الوجود النورانية وجوهر المنــة الرحمانية
شمس عــلوم الـــذات وقمــر عوالم الصفات
سر أسرار حقائق الوجود وعين أعيان لطائف الشهود
صلى الله عليه
صلاة تنال بهـــا الرغائب وتدفع بـــها النوائب
وتجلى بـــها الصدور ويلطف بها القدير فى المقدور

وسلم عليه وعلى أهل بيته الكرام (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم). لذا كانت أقواله وأفعاله أحمية وأحواله محمدية.

ولما سئل عن التصوف قال:
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه ولا بكاؤك إن غن المغنون
ولا صياح ولا رفض ولا طرب ولا انخباط كأن قد صرت مجنونا
بل التصوف أن تصفو بلا كدرٍ وتتبع الحق والقرآن والدينا

ولما سئل عن معنى فقير قال:
فاء الفقير فناؤه فى ذاته وفراغه من نعته وصفاته
والقاف قوة قلبه بحبيبه وقيامه لله فى مرضاته
والباء يرجو ربه ويخافه ويقوم بالتقوى بحق تقاته
والراء رقة قلبه وصفاؤه ورجوعه لله عن شهواته

ولما سئل عن معنى صوفى قال:
فصوفى حروف أربع وإشارة تحقق بها تحظ بكل فضيلة
فصاد لصبر ثم صدق كذا الصفا عن الرين والأغيار فى كل لحظة
وواو لوجد ثم ودٍ إذا وفى بكل حقوق فى طريق الشريعة
وفاء لفقد ثم فقر كذا الفنا فتسبح خفا فى بحار الحقيقة
وعند كمال فى تخلقه بها فيأتيه حرف الياء تحقيق نسبه

وفى هذا المعنى قال:
تخالف الناس فى الصوفى واختلفوا وجلهم قالوا قولاً غير معروف
ولست أمنح هذا الاسم غير فتى صافى فصوفى حتى سمى صوفى

ومن نثره فى مذكراته:
الجهاد المقدس: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُم فِئَةً فاثْبُتُوا وَاذْكُرُو الله كَثيراً لَعَلَّكُمْ تُفِلْحُونَ* وأَطِيعُو الله وَرَسُولَهُ ولا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إن الله مَعَ الصَّابِرينَ﴾. إذا أذن النفير كان الجهاد بالنفس أوجب للقادر عليه، وله فضل ولا عذر له. ووجب على غير القادر خدمة ظهر الجيش بالنصح لله ورسوله، وهذا النصح يشمل ملازمة الدعاء للجيش والترغيب فى الجهاد، وكفاح الأراجيف والإشاعات ورفع الروح المعنوية فى الأمة والترفيه عن الجرحى ورعاية شئون بيوت الغزاة وأبنائهم، والحث على التبرع للجيش ولهم إلخ. وكل ما يستطيعه فلا عذر لأحد بعد، وبهذا تكون الأمة كلها غازية فى سبيل الله فى الداخل والخارج وذلك قوله تعالى: ﴿لَيْسً عَلَى الضُّعَفاءِ وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الذَّيِنَ لاَيَجِدُونَ مايُنْفِقُونَ حَرَجُ إذَا نَصَحُو لله ورَسُولِهِ﴾ فعلى رفع الحرج على لزوم النصح فهو استبدال عمل بعمل، وقال رسول الله (ص) فيما رواه البخارى: "من جهز غازياً فى سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً فى أهله بخير فقد غزا" وفى مسند الإمام أحمد: "من جهز غازياً أو خلفه فى أهله فإنه معنا" وهولاء المتخلفون بأعذارهم لهم أجرهم ونورهم مع المجاهدين فى الصف لجهادهم الإيجابى خلف الصف، وفى مثل هؤلاء روى أبو داود عن أنس، أن النبى (ص) قال فى غزة تبوك: "لقد تركتم فى المدينة أقواماً، ما سرتم من مسير ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم فيه، قالوا: يارسول الله وكيف يكونون معنا وهم فى المدينة قال (ص): حبسهم العذر" وكان النبى (ص) يعمل لجبر خاطر هؤلاء المتخلفين بالأعذار، العاملين لحماية ظهر الجيش، فربما تخلف (ص) عن بعض النفير تطييبا لنفوسهم، فقد روى البخارى عن أبى هريرة أن الرسول (ص) قال: "والذى نفسى بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عنى ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغدو فى سبيل الله". أما أن يدع الرجل الأمة يغزوها عدوها، ثم يهرب إلى مسبحته أو خلوته مثلاً لا يشارك بعمل ولا لسان منطوياً منزوياً فى واد، والإسلام والمسلمون فى وادٍ آخر يتفلسف بالضعف ويفلسف لنفسه الاستحذاء والخور والهزيمة والذل باسم التعبد أو التصوف، فليس فهو بصوفى ولا بعابد بل هو آثم أى إثم، وقد روى الترمذى عن أبى هريرة قال: "مر رجل من أصحاب رسول الله (ص) بشعب فيه عيينة [بوزن بثينة تصغير عين] من ماء عذبة فأعجبته فقال: لو اعتزلت الناس فأقمت فى هذا الشعب، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله (ص)، فقال (ص): "لا تفعل فإن مقام أحدكم فى سبيل الله أفضل من عبادته فى بيته سبعين عاماً، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة. اغزوا فى سبيل الله. من قاتل فى سبيل الله فوق ناقةٍ. [وهو وقت ما بين الحلبتين] وجبت له الجنة" والحديث صريح فى النهى عن هذه الرهبانية العابثة حين الجد محيط أو الخطر محدق، وإذا كان الصوفى إنما يطلب الأكمل والأمثل فها هو الأكمل والأمثل، ولا أقل من الدعاء والتعبئة الروحية، والتوعية الفكرية فى محيطه. ففى رواية أحمد للحديث السابق أن النبى (ص) قال لهذا الرجل حين جاء يستأذنه فى الانقطاع للعبادة ورحى الحرب تدور: "إنى لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكنى بعثت بالحنيفة السمحة، والذى نفسى بيده لغدوة أو روحة فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها. ولمقام أحدكم فى الصف خير من صلاته ستين سنة" أى أن التخلف باسم التعبد والصوفية نوع من النصرانية واليهودية تقول: وفى هذا التعبير منتهى الزجر المقرون بمنتهى الترغيب، فالجهاد أفضل العبادات وأعظمها بلا شك وقد روى البخارى فى صحيحه أن أبا هريرة قال: "جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال: دلنى على عمل يعدل الجهاد قال (ص): لا أجده [يعنى ليس هناك من عمل ولا عبادة تساوى الجهاد] ثم قال النبى (ص) للرجل: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم [أى عابداً] فلا تفتر وتصوم فلا تفطر قال الرجل. ومن يستطيع ذلك" وبهذا بين الرسول أن المجاهد فى أعظم العبادات حتى يعود إلى أهله مهما فعل من حركة وسكون، أو تصرف بالعادى المباح، وليس كذلك العابد غلا أن يقوم فلا يفتر ويصوم فلا يفطر وما هو بفاعل ولا بقادر أن يفعل. وسيرة ساداتنا الصوفية وتواريخهم بريئة من هذه البلادة والتخلف المشين، فمن لم يجاهد منهم فى الصف جاهد خلف الصف ولا تعرف منهم من فلسف البلادة أو تخلف، ولولا حسن الظن لكان فاعل ذلك ملحقاً بالنار عند الزحف. ومن السير المشرقة لقدامى الصوفية مشاركة الإمام السيد أحمد البدوى بأتباعه فى الحرب الصليبية، وكيف جعل وجهته برجله معسكر الأسرى فى المنصورة ودمياط، ففك أسرهم، وعاد بهم بعد أن تم أسر ملك الصليبيين (لويس التاسع) وحبس ببيت القاضى بن لقمان الشاذلى بالمنصورة.
وكان القائد الأعلى للتعبئة الروحية فى الموقعة الخالدة الإمام الأكمل السيد على أبو الحسن الشاذلى فقد خرج فى أتباعه (وكان قد كف بصره) فألحقهم بالجيش، ثم عمد إلى المسجد ومعه أعلام علماء عصره كابن الصلاح وابن الرفعة ومكين الدين والإمام المنذرى، وهناك لحق بهم العز ابن عبد السلام (وقد تصوف فى هذه الرحلة وتتلمذ على يد أبى الحسن) عمد إلى المسجد يقرأ على الناس فصولاً من كتب السلف فى الجهاد والبذل والتضحية والاستشهاد، ويدفعهم إلى طلب الموت بما يروى من حديث الرسول وما يفسر من آيات الكتاب وما يقص عن الصحابة والتابعين من ذكريات البطولة، وللجد فكان له من الأثر مالا تصوره كلمات. وقد أخذ الإمام الدسوقى على عاتقه فى هذه الموقعة تجنيد الجنود من امدائن والقرى وإلحاقهم بجيش المسلمين تحت قيادة الإمام البدوى. وإذا تجاوزنا هؤلاء إلى العصر الحاضر أو القريب ذكرنا الأمير عبد القادر الجزائرى والأمير عبد الكريم الخطابى والإمام السنوسى الكبير وعرابى وعليش والعدوى وأتباعهم، وذكرنا معهم محمد إقبال ومحمد على جناح وظاهر شاه وكلهم صوفية أبرار لهم مواقفهم الخالدة فى مياين الدم والنار. ولا نتسطيع أن ننسى موقف الشيخ الأكبر محيى الدين بن العربى وحجة الإسلام الغزالى والشيخ عز الدين بن عبد السلام من الحكام المتخاذلين عن الحرب ونصرة الدين وكلماتهم إليهم وهى ترمى بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر. ولا أعرف الدائية أو فرق الانتحار [العاصفة والصاعقة] إلا كتيبة من المعسكر الإسلامى منذ كان، وقد سمى الإسلام سيدنا (أبادجانة) صاحب (عصابة الموت) وهو لقب لم يطلق على أحد قبله باستثناء (الإمام على) فى ليلة الهجرة، وكان هذا اللقب مكافأة له على موقفه فىغزوة أحد مع رسول الله. ويأتى بعده فى نفس الموقعة أبو طلحة الأنصارى وأننس بن النضر واصحابهم، ففى صحيح البخارى قال أنس بن مالك. غاب عمى أنس بن النضر عن قتال بدر فقال يارسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين. لئن أشهدنى الله قتال المشركين ليرنك الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال اللهم إنى أعتذر إليك مما صنع هؤلاء. ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال له ياسعد بن معاذ الجنة ورب النضر، لأجد ريحها من دون أحد. قال سعد بن معاذ (وهو يحدث رسول الله بهذا الخبر): فما استطعت يارسول الله ما صنع (أى أن أصنع مثله) وقال ابن أخيه أنس بن مالك: وجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به فما عرفه أحد إلا أخته قالوا: فيه نزل قول الله تعالى: [مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَاعَاهَدُوا الله عَلَيْهِ...] الآية فهل بعد هذا من فدائية انتحارية؟ والفدائية إنما هى رتبة عليا فى البطولة تهون فيها الأولى أمام الآخرة فهذا (عمير بن الحمام) يأكل تمرات فى يده يوم بدر فيسمع سيدنا رسول الله (ص) يقول: "والذى نفسى بيده لا يقاتل اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة" فيقول بخ بخ ما بينى وبين الجنة إلا أن يقتلنى هؤلاء، لئن بقيت حتى آكل تمراتى هذه، إنها لحياة طويلة ثم يلقى التمرات من فمه ويندمج فى صميم المعركة حتى يموت. وهذا هو سيدنا (عكرمة بن أبى جهل) يمثل أحدث نظم الفدائية فى واقعة اليرموك مع جيش خالد، فقد كان المسلمون أربعين ألفاً وكان الروم مائتين وأربعين ألفاً. وانكشف المسلمون فى أول الأمر، فثار عكرمة ونادى فى الجيش: من يبايع على الموت فبايعه أربعمائة مسلم حملوا على العدو، فمات من مات وبقى من بقى وكتب النصر للمسلمين على يد (جمعية الموت) هذه. ثم هذا البراء بن مالك يمثل هذه الانتحارية العصرية بكل قواعدها وخصائصها ففى موقعة اليمامة اعتصم جيش مسيلمة بسور له باب، وهم بنو حنيفة ذوو البأس الشديد وبينهم كابهم مسيلمة، ولم يكن بد من أن يفتح المسلمون باب الحصن بأى ثمن، فنهض البراء بن مالك الأنصارى ورفعه إخوانه إلى رأس السور على اسنة رماههم فوق إحدى الدرقات، وما إن علا السور حتى كبر وقذف بنفسه على بنى حنيفة ضارباً مضروباً هكذا وهكذا حتى أجلاهم بمفرده عن الباب ففتح الحصن المنيع. فإنه فدائية انتحارية عصرية تنافس هذه أو تساميها. وهذا عبد الله بن عتيك الأنصارى قد مثل الفدائية على خير وجوهها، عندما انطلق فى قلة من الصحابة إلى وكر ابن الحقيق اليهودى خصم الإسلام الأكبر، فلم يبرحوا حتى قتلوه بين أهله وعشيرته وفى حصنه الحصين بخيبر. وكذلك فعل الفدائيون المسلمون للتخلص من أخبث الأفاعى اليهودية كعب بن الأشرف. ولهذا الجانب صور لا تنتهى فى تاريخ المسلمين بل والمسلمات. وما كانت السرايا والبعوث التى كان يوجهها (ص) من نفر قليل إلى هنا وهنا إلا أساساً أصيلاً للفدائية، فهى جزء أصيل من النظام العسكرى فى الإسلام (اقتل عدوك أو مت) كانت هذه العبارة شعار المقاتلين فى معاركنا الأخيرة، وهذه فدائية أيضاً من رتبة مؤمنة عميقة والله يقول: ﴿واقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُموهُم﴾، ﴿قاتِلُوا الَّذيِنَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ إلى آخر عشرات الآيات التى تؤكد وجوب التخلص لإدراك إحدى الحسنين الشهادة أو النصر ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فى سَبِيلِ الله فَيُقْتَلْ أوْ يَغْلِب..﴾ الآية ﴿قَلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إلاَّ إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ...﴾ الآية، وقد كان من شعار المسلمين يوم بدر قولهم يامنصور أمت أمت، وهناك من الآثار طائفة كبرى تؤكد معنى قول المصريين أيدهم الله: اقتل عدوك أو مت. وذلك لأن المسلم لا يبدأ بالعداء، وإنما كان الجهاد فى الإسلام دفعاً للظلم وحماية للدعوة لا اعتداء على الناس، انظر إلى قوله تعالى: ﴿ولا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ المَسْجدِ الحَرَام حَتَّى يُقاتِلُوكُم فِيهِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فى سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُم وَلاَتَعْتَدُوا﴾ وقوله تعالى: ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُم، فَلَم يُقَاتِلُوكُمْ وألْقَوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾ وقوله: ﴿وإنْ جَنَحُوا للسَّلْمِ فاجْنَحْ لَها﴾ ومنه يتضح كيف أن الإسلام هو دين السلام، والحرب فيه للوقاية من الحرب أو لدفع الظلم وحماية الدعوة حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.








_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 31, 2015 1:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067




ومن أجل الحبيب الأقدس:
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال سألت النبى (ص) عن أول شئ خلقه الله فقال: "هو نور نبيك ياجابر، خلقه الله ثم خلق فيه كل خير، ثم خلق بعده كل شئ، وحين خلقه أقامه قدامه فى مقام القرب اثنى عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أقسام، فخلق العرش من قسم والكرسى من قسم، وحملة العرش وخزنة الكرسى من قسم، وأقام القسم الرابع فى مقام الحب اثنى عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أقسام، فخلق القلم من قسم واللوح من قسم، والجنة من قسم وأقام القسم الرابع فى مقام الخوف اثنى عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أجزاء، فخلق الملائكة من جزء وخلق الشمس من جزء، وخلق القمر والكواكب من جزء وأقام الجزء الرابع فى مقام الرجاء اثنى عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أجزاء فخلق العقل من جزء والعلم والحلم من جزء، والتوفيق من جزء، وأقام الجزء الرابع فى مقام الحياء اثنى عشر ألف سنة، ثم نظر إليه فرشح النور عرقاً فقطرت منه مائة ألف وعشرون ألفاً وأربعة آلاف قطرة من النور، فخلق الله من كل قطرة روح نبى أو رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة، فالعرش والكرسى من نورى، والجنة وما فيها من النعيم من نورى، وملائكة السبع سموات من نورى والروحانيون من الملائكة من نورى، والشمس والقمر والكواكب من نورى والعلم والحلم والتوفيق من نورى، وأرواح الرسل والأنبياء من نورى، والشهداء والصالحون من نتائج نورى، ثم خلق اثنى عشر ألف حجاب فأقام نورى، وهو الجزء الرابع فى كل حجاب ألف سنة، وهى حجب الكرامة والسعادة والهيبة والرحمة والرأفة والعلم والحلم والوقار والسكينة والصبر واليقين والصدق، فعبد الله ذلك النور فى كل حجاب ألف سنة، فلما خرج النور من الحجب زكاه الله فى الأرض، فكان يضئ منها ما بين المشرق والمغرب كالسراج فى الليل المظلم، ثم خلق الله تعالى آدم من الأرض فركب فيه من النور فى جبينه ثم، انتقل إلى شيث وكان ينتقل من طاهر إلى طاهر، ومن طيب إلى طيب حتى نقله الله تعالى إلى صلب عبد الله ابن عبد المطلب، ومنه إلى رحم أمى آمنة، ثم أخرجنى إلى الدنيا فجعلنى سيد المرسلين، وخاتم النبيين ورحمةً للعالمين هكذا كان بدء خلق نبيك ياجابر".

ومن حكمه:
يقولون ذكر المرء يبقى بنسله وليس له ذكر إذا لم يكن نسل
فقلت لهم نسلى بدائع حكمتى فمن سره نسل فإنا بذا نسلوا
ياهذا (لاتكن عبداً لشهوتك وقد خلقت حراً) (لا تخضعن للهوى فإن الهوى عدو للتقوى وشريك للعمى) (اعلم بأن الذى وهبك الحياة هو المالك لموتك) (كن مع الله كما أراد ومع الدين حيث أمر ومع الأقدار كيفما دارت، ولا تكن عبداً إلا لربك، وإذا أيسرت فلا تبطر، وإذا أعسرت فلا تضجر، فإن وراء الضيق فرجاً، وإن بعد العسر يسراً، ومن صبر يسر، ومن يئس كفر ورب أمرٍ ساءك أوله سرك آخره) (لن لمن خاشنك، وعليك بحملك وسعة صدرك، وكن فى المجلس صاحب الرأى الأخير. وافعل الخير ولا تفتخر به) (الحليم يكسر حدة الغضوب بحمله) (اعلم يا أخى بأنك خلقت للموت لا للحياة وللجهاد لا للراحة، وللابتلاء لا للعافية ومازلت فىهذه الدار فأنت رهين النائبات، ومعرض للمصائب ولا سعادة لقلبك إلا براحة ربك) (ياأخى لا تفتح لحب الدنيا نوافذ قلبك فتكون كمن وضع فى رجليه قيد من ذهب) (اعمل أنت بما تأمر الناس به وإلا فاستح من الله الذى يرى ولا يرى) رزقنى الله وإياكم علم الحياة وحياة العلم ومنحنى وإياكم نعيم الحياة وحياة النعيم وغمرنى وإياكم بفضل من النور ونور من الفضل، ورزقنى وإياكم قوة الأبدان وأبدان القوة، وأحسن إلينا جميعاً بنعمة الشفاء وشفاء النعمة فإنه دائم الإحسان نعم الحنان المنان الحى القيوم الرحمن الرحيم.

ومن مسلسلاته:
الله أحمد، وبوحدانيته أشهد، والصلاة والسلام على المصطفى أحمد وىله ذوى الطريق الأحمد، أما قبل فلله الحمد والشكر والمجد من قبل ومن بعد، وله الثناء الحسن الجميل بانتسابنا لكل صوفى فذ جليل كإمام السادات النقشبندية والخلوتية والأحمدية والإبراهيمية والرفاعية والقادرية والشاذلية، ولا سيم الربانيين المربين لروحى وجسمى والدى البرهان الزرقانى، وعمى السيد مرسى، وخالى السيد محمد الشريف الإدريسى ثلاثتهم عن الإمام البهى والشريف ابن على السنوسى، عن سيدى أحمد بن إدريس العرائشى، عن سيدى عبد الوهاب النازىن عن سيدى عبد العزيز المترجم بالإبريز، عن سيدنا الخضر الهمامن عن رسول الملك العلام عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وأيضاً سيدى عبد الوهاب قطب تازه عن سيدى محمد بن أبى زيان الغندوسى، عن سيدى مبارك بن عدن الفيلالى، عن سيدى محمد بن ناصر الدرعى، عن سيدى عبد الله بن الحسين الرقى عن سيدى أحمد بن على الحاجى، عن سيدى أبى القاسم الغازى، عن سيدى على بن عبد الله السجلماسى، عن سيدى أحمد بن يوسف الراشدى، عن سيدى أحمد بن زروق البرنسى، عن سيدى أحمد بن عقبة، عن سيدى عبد الكبير الحضرمى، عن سيدى على وفا، عن والده سيدى محمد بحر الصفا، عن سيدى شرف الدين داود بن باخلا السكندرى، عن سيدنا ابن عطاء الله ومولانا ياقوت العرشى، عن سيدى أبى العباس المرسى، عن سيدى أبى الحسن الشاذلى، عن سيدى عبد السلام بن بشيش الوزانى، عن سيدى عبد الرحمن المدنى، عن سيدى عبد الله التنائرى، عن سيدى أبى بكر الشبلى، عن سيدى محمد الجنيد البغدادى، عن سيدى سرى الدين السقطى، عن سيدى معروف الكرخى عن سيدى داود الطائى، عن سيدى حبيب العجمى عن سيدى حسن البصرى، عن سيدنا الحسن سبط نبينا الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن أوراده:
﴿يَاأيُّها الَّذينَ أَمَنْوا اذْكُرُوا نعْمَةَ الله عَلَيْكُم إذْ هَمَّ قَوْمٌ أنْ يَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أيْدِيَهُمْ عَنْكُم وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى الله فَلْيَتَوكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾ اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على المخلوقين، أنت رب المستضعفين وأنت ربى إلى من تكلنى إلى عدو بعيد يتجهمنى أو إلى صديق قريب ملكته أمرى إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى، ولكن عافيتك أوسع لى أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بى غضبك أو يحل على سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.
ياقدرة الله حلى عقد ما ربطوا وشتتى شمل أقوام بنا اشتبطوا
وجنبينا الأذى من سحرهم أبداً وكلما نفثوا فى عقدة حبطوا
نعوذ بالله من شر الذين بغوا ظلماً علينا وقانا الله ما اختلطوا
بقوة الله سيف الحق قاطعهم وكلما أوغلوا فى بغيهم هبطوا
وحسبنا الله من كيد يراد بنا نحن الذين بحبل الله مرتبط
عناية الله ترعانا وتحفظنا وروضة الأمن للأحباب تغتبط
ومن أشعاره فى مجالسه:
زن الكلام بميزان الشريعة من قبل التكلم من نقص ورجحان
فالصمت خير وما فى النطق فائدة إلا بذكر وتسبيح وقرآن
وجالس الفقرا بالرفق مع أدب وخالط الأغنيا لكن بسلوان
إن الفقير حبيب الله فاتخذوا عند الفقير يدى بر وإحسان
فدولة الفقر فى الحشر إن لها شأناً عظيماً بفضل الله ذى الشان
والجوع ركن قوى فى السلوك إلى رب الملوك تعالى جل عن ثان
وعزلة سهر صمت عليك بها فتلك أربعة تدعى بأركان
ولازم الذكر فى الأوقات أجمعها مع الحضور مع المذكور ذى الشان
وغب به عن جميع الكون ثم عن الـ ذكر الذى أنت فيه أيها الفانى
تعطى بذلك منشور الولاية مع كل العناية مع الأداء إحسان
فمن يكن مدمناً للذكر مصطحباً للفكر فهو الولى من غير نكران

ولقد أجاد من قال:
أبا الإخلاص حبىفيك أنسى وماما بيننا فى الله ينسى
وقربك غاية القلب المعنى ومشرق مهجتى ورجاء نفسى
وودك يستميل الروح شوقاً ويستجلى سناك صفاء حسى
ويلقانى ضياؤك كل آن ولا أنساك فى يومى وأمسى
ووجهك سيدى بالنور ذاك وقولك طاب من عذب وسلس
عليك وضاءة بالله جلت كما جلت على عرش وكرسى
ونفحك نفحة العلم اللدنى وغرس الله يربو كل غرس
حباك الله إبراهام علماً وأعطاك الفتوح ذوات قدسى
أيا مولاى صبك مستهام تناهى فى الصبابة والتأسى
تلوذ بك الولاية فى خشوع وكنتم من سماها قاب قوس
أبا الإخلاص زرقانى المعانى ومختار الصفات وراح أنسى
وأنت القدوة المثلى إماماً وتعلو فى مقامك كل شمس
وفيك محاسن الأخلاق طابت كما طاب الشذى من غير لمس
أتيتك لائذاً ياخير داع وأرجو منك تفريجاً لباأسى
ففى يمناك للندمان خمر تجود بها على جن وإنس
فدعنى أرتوى منها رحيقاً وهب لى صحبةً من غير جلس
ويرضينى هواك وقد كفانى عساه يغننى من كل بأس
ويسعى الأولياء إليك زلفى ويكسو هامك النور الدمقسى
أنا بالذنب معترف ضعيف وإنى تائب أدعو بهمس
سألتك بالذى خلق البرايا وبالمختار أن ينجاب نحسى
وكشفاً للذنوب وللمعاصى وللكربات من ضيق وبؤس
وفى مرآك تغريد بقلبى وأفراح ومجلاة لعرسى
إذا نفسى اطمأنت فى رضاكم فقد أطلقتنى من قيد حبس
وإن أدنيتنى منك استقامت إليك الروح واشتاقت لكأس
ولا تسقى بغير الكأس روحى وما ظمئت إلى ليلى وقيس
وكأسى فى هوى طه استهامت وفى ياقوت والبدوى ومرسى
وفى الحسنى إبراهيم قرت وتصبح فى منازلهم وتمسى
هم الأعلون فى الملكوت ذكراً وهم للعالمين حفاظ حرس
كرامات وإشراق وفيض وإلهام يكشف كل لبس
فبالله اسقنى كأساً صفياً فإنى كدت أفنى تحت رمس
أحبك يا أبا الإخلاص حتى زهدت الناس من دنس ورجس
وأعشق فيك صوفيا وفيا لك البشرى التى وعدت لكيس
وشفت كالسنا الحور العذارى على العينين واحتالت بميس
فناء القلب فى المحبوب يحيى وصفو الحب للمشهود يكسى
رشفت من الفناء المحض صرفاً وذقت مع الصفاء شفاء رأسى
إلهى ياجليس فى شهودى ومؤنس وحدتى وضياء درس
وهبتك يا إلهى ذوب ذاتى وتهدينى صلاتك كل خمس
أشاهد فى صلاتى وجه ربى أناجيه بلا كيف وجرس
ولكنى أذوب به فناء وأبصره بلا عين ومس

ولقد صدق من قال:
لك الحمد يارحمن والشكر والثنا فباللطف والإكرام أنت هديتنا
وأرجوك توفيقاً لنظم قصيدتى يفوح شذاها من مناقب شيخنا
فأول بدء الحمل جاءت لأمه ملائكة الرحمن فى النوم بالهنا
تقول لها بشراك بالحمل إنه هو العارف المحمود عند إلهنا
ولما انتهى وحى المنام تيقظت وقصت على ابن لها رؤية المنا
فبارك رؤياها وقال لها افرحى فذلك مصباح يضئ سماءنا
وقدر مولانا وجاء ملاده يوافق ذكرى مولد الهادى شفيعنا
ونادته والدة له بالمحمدى وهذا لرؤياها مناماً آمنا
فنافسها الزوج الكريم كتابة وأسماه أبو الإخلاص حكمة ربنا
ولما استوى حفظ الكتاب مجوداً فى مسجد البدوى باب نبينا
وقدم والده الكريم لابنه فى المعهد الدينى مهبط شرعنا
وشاءت له الأقدار يتما كما جرى لأكرم رسل الله طه رسولنا
فيتم من أم له ثم والد ومن بعد صار الإبن يدرس شرعنا
وأولى اهتماماً للتصوف خالصاً فلقب بالأستاذ وهو مؤمنا
وساح مع ابن العم للوالد الذى له الفضل فى شمس تنير قلوبنا
وسبعة أعوام يسيح مولهاً وشاهد فيها كل أمرٍ يهمنا
وطاف به كل البلاد لحكمةٍ لذلك لا ندرى وليس بوسعنا
ومن جملة الحكم الغوالى مجيئه بروضة طه عند قبر حبيبنا
فأسبل من عبء المسير جفونه فجاء له المختار بالسعد والمنا
وأعطاه كوباً فيه تمراً ملينا ومن لبن صاف وذاك شرابنا
وليس بعيداً أن ينال من الرضا كؤوساً ومن رؤيا الرسول تمكنا
وما ذاك إلا أن طه أب له وجد واستاذ وروح ومحسنا
ومن لم يصدق فليصدق فإنه أتى الإذن فاسمع مصغياً لدليلنا
تجادل عبد للرءوف مصدق وعبد لعاطى الخير والنصر والثنا
فاقسم أن لا شيخ ينسب صادقاً إلى خير مبعوث وذاك نبينا
وغلظ فى الأيمان وهو مجادل ولكن رسول الله أيد شيخنا
فلما أتى الليل البهيم وأسبلت عيون الورى جاءت بشارة قطبنا
وجاء رسول الله فى النوم للذى تنكر أن الشيخ ابن رسولنا
وقال أبو الإخلاص ابنى ومن يقل سوى ذاك يقتل وهو ليس بمؤمنا
وهذا دليل آخر واضح جلى يدل بإيضاح لنسبة شيخنا
فإنى وحق الله لست بكاذب ولست بقوال ولست مداهنا
ولكن أقول الحق فاسمع ولا تكن عنوداً وجباراً فما ذاك شرعنا
أخى إننى فى أزهر العلم دارس وأبحث فى شتى العلوم وديننا
وأسبح فى بحر العلوم ولا أخف من الموج إن هاجت وذاك لبحثنا
فقدمت للأستاذ فى محض صدفة لأنظره فى حومة العلم والغنى
فأيقنت أن الشيخ بحر مطمطم يموج بدر العلم والسعد والهنا
فإن علوم الكون إن رمت أخذها فبادر إلينا واقترب لإمامنا
فوالله والله العظيم إذا أتت شيوخ الورى طراً لهابت لغوثنا
هو البحر إن جاءوا إلى الساحل أغرقوا وإن دخلوا فى البحر دكت جبالنا
ومهما نظمت الشعر فى فضل شيخنا لما كنت إلا قاصراً عن سمائنا
وكيف وقد لاحت أدلة قدره برؤية تلميذ لشيخ طريقنا
شيوخ ثلاث حار يوسف بينهم وإن كان للبرهان حقاً موقنا
فبات كئيباً جامعاً كل همه وبعد استخار الله فى الأمر بينا
فجاء له المختار بالحق مسعفاً ليرتاح قلباً ثم يصبح آمنا
وقال له قولاً سليماً شافياً إذا رمت إخلاصاً ووصلاً لحينا
عليك بغوث العصر لا غوث غيره ويدعى أبا الإخلاص اسماً مبينا
فثم يكون الفوز والفتح عاجلاً ولا تتبع شيخاً سواه فتحزنا
وحينئذ جاء المريد مهرولاً بقلب ملاه الحب للشيخ ساكنا
وإنى أنا الموشى أحمد من رأى دلائل كبرى نحو ختم زماننا
ومنها إذا ما النوم داعب مقلتى أرى شيخنا كالشمس فى ربع دارنا
يخاطبنى جلو الحديث فأنتشى ووالله قد أصحو وما النوم بيننا
وفى رؤية أخرى أشاهد شيخنا عليه ثياب بيض شأن نبينا
وقال بإذن الله كن جبلاً لكى تصدق أنى نائب لإلهنا
وإذا بى أكن جبلا كما قال آمراً ولما علانى الرعب صرت كما أنا
فوالله من رام الفلاح وقد أتى لأستاذنا طفلاً تربى محسنا
فسارع تفز بالوصل والخير كله وحط رحال السير فى ربع حينا
ويكفيك أن الشيخ ينسب صادقا لسبطى رسول الله طه حبيبنا
أبوه مرب والجدود جميعهم مربون للرواد شرعة ديننا

ولقد أحسن من قال:
الحمد لله العظيم كما أمر ثم الصلاة على الخلاصة من مضر
خير الورى أصل الوجود محمد وكذا السلام بغير عد أو قدر
والآل والأصحاب مع أتباعه والأنبياء والمرسلين من البشر
وبسائر الكتب المشيد ذكرها وكذا ملائكة السماء همو الغرر
وبقدر أقطاب وأبدال وانجــ اب وأوتاد ببدو أو حضر
وبسر ختم للزمان وخضره شيخى أبو الإخلاص فينا قد ظهر
بأبيه برهان لدينك سيدى رمز التقى والعلم فينا قد نشر
ذاك ابن أحمد المشرف قدره بمحمد وهو العلى قد اشتهر
وبفضل زرقانى المعانى محمد ذاك الذى قدماً على التقوى أصر
هو صاحب العلم النفيس وكم له حكم وآيات لها شتى العبر
غوث لمن أم الجناب ومن سعى وهو الذى ينجى المريد من الهطر
هو خير سباح ببحر المصطفى ما من عوائق فى الطريق ولا صخر
يارب فاحملنا على سفن النجا بحسين واغفر أنت أكرم من غفر
وبحق أحمد ذا المحامد والنهى بأبيه زين الدين زين من ظهر
ولما خفى منا بحامد ربه ابن حمودة ذا الذى منع الضرر
عن كل من رام الحمى لك راغباً وكذا بسائح أبعدن عنا الشرر
بمحمد العطوانى ربى أمدنا من بحر فضلك منك بالنور الأغر
وبعامر المعمور منكم قلبه بمحمد العشى نعم المستقر
وبنور عبد الله فامنحنا التقى يامن على ما قد يشاء قد اقتدر
حبى أبو الليف الإمام محمد بأبى المكارم أولنا منك الظفر
وبحق إبراهيم من وفقته للخير والإصلاح فى بحر وبر
وبجاه شلوق أنلنا همة وأفض علينا الخير سحا كالمطر
وكذا بعبد العالى أعنى محمداً بأبى الفوارس نجنا من كل شر
هذا عبيد الله والده الذى من شجرة هى أصلها نعم الشجر
بأبى المحاسن يا إلهى فاكفنا من فضلكم قبح الغواية والغرر
بمحمد جعفر وغازى غذنا من جنة الفردوس ذوقنا الثمر
بعلى المقدام حقق سؤلنا وأجب دعانا فى الصباح وفى السحر
أكرم بفضل للصغير محمد وهو المغازى فى سبيلك لا مفر
بمحمد وهو المغازى كبيرهم نثر العلوم لقومه نثر الدرر
بأبيه حسن فيك حسن ظننا وبحضرة التقريب فامنحنا المقر
وبصاحب التفضيل أحمد من غدا بأبيه إبراهيم قد عرف الأثر
بمحمد وكذا أبى بكر الذى قام على قدم الوفاء بلا ضجر
بأبيه إسماعيل فاجعلنا الفدا لاسما المعروف والده عمر
بعلى الغازى له همم علت بالسر منه أبادهم وقد انتصر
وبسيدى عثمان من أعطيته نفحاتك العظمى ومدداً مزدهر
بحسين نور الصبح فينا قد أضا يارب نور للبصيرة والبصر
بمحمد وكذا بموسى فاشفنا وبيحيى صفى للقلوب من الكدر
وبحق عيسى فاسقنا من بحرهم وبجعفر الزاكى هداك المنتظر
إنى عرضت على الهادى مشورتى إن لم يكونوا من سواهم يستشر
بمحمد الجواد دوماً كن لنا بعلى الرضا اجعل لى لديكم مستقر
وبكاظم للغيظ ثم بصادق ارزقنى صدق الفعل مع صدق الخبر
وبباقر للخير وهو محمد مكنى منهم يا إلهى بالنظر
وبزين كل العابدين عليهم اكتبنى فيمن للنعائم قد شكر
وبفضل مولانا الحسين أبى العطا سبط النبى المصطفى خير البشر
بأبيه مولانا الإمام هو العلى باب المدينة ذا هو الأتقى الأبر
وبأمه الزهراء فاطمة التى بفضائل حسناً أنت لمن اعتبر
وبجده خير الأنام محمد من جاء بالأنباء فيها المزدجر
هو سيد للعالمين بجمعهم وهو الغياث لمن ينادى معتذر
ومؤيد بالمعجزات وبالهدى فبجاهه أكرم فى الرواح وفى السفر
فى بحر نور الحق زج بجمعنا واكشف لنا عن كل شئ يستتر
هذى جدود للمطهر سيدى من شك فى هذى السلالة قد كفر
قوم إذا المحتاج قد ناداهمو قضيت حوائجه ولان له الحجر
أدعوك ياربى بهم متوسلاً يامن برحمته على العاصى ستر
يامن له العفو الذى لا ينقضى وبجوده شمل الأنام وقد غمر
بأئمة شادوا شرائع ديننا وضح السبيل من اللآلى والمدر
فاعطف علينا يا إلهى بحبهم وبك أغثنا أنت الغنى لمن افتقر
وأمدنا ياذا الجلال بسرهم ولنا فهب نيل المقاصد والوطر
ثم الصلاة مع السلام على النبى وبه أعطنا حسن اليقين المدخر
والآل والصحب الكرام أولى النهى ما أشرقت شمس وما ظهر القمر
أو قال عبد فى ابتداء وانتها الحمد لله العظيم كما أمر

وشيخنا بلسان الحال قال:
فمن مصر أرضى قد خرجت لمدين على وشعيب القلب فيه صرائع
فلقيت بنتى عادتى وطبائعى يذودان أغنامى ومائى نابع
سقيت من الماء الغنيم غنائماً ومن رعى زهر العلم هن شوابع
وجاءت على استحياء ذاتى بربها بتوحيدها إحداهما وتسارع
فلما تزوجت الحقيقة صنتها وأمهرها منى حماة شرائع
صعدت معالى طور قلبى منادياً لربى حتى أن بدت لى لوامع
وخلفت أهلى وهى نفسى تركتها وجئت إلى النار التى هى ساطع
فنادانى التوحيد نعليك دعهما فها أناذا للروح والجسم خالع
وكلمنى التحقيق من شجر الحشا بأنى بالوادى المقدس راتع
وسرت بعقلى أى فتاى وحوته إلى مجمع البحرين والعقل تابع
هناك نسيت الحوت وهو أنيتى فسبح فى بحر الحقيقة شارع
على أثرى ارتددت حتى وجدتنى هو الأصل إذ نفس أنا وهو طالع
فلما تعارفنا ولم يبق نكرة أردت اتباعاً كى يفوز المتابع
فأخرق فى بحر الإله سفينتى ونحر غلام الشرك إذ هو خادع
وجاء بلاد الله قرية غزة وفيها لقلبى منجع ومخادع
أردنا ضيافات أبوا أن يضيفوا لمسدل فى وجه البدور طوالع
هناك جدار الشرع خضرى أقامه لئلا ترى بالعين تلك الشوارع
فإن فهمت أحشاك ماقلت مجملاً وإلا فبالتفصيل ما أنا واضع
وإنى على تنزيه ربى لقائل بأوصافه عنى فحقى صادع
أنا الحق والتحقيق جامع خلقه أنا الذات والوصف الذى هو تابع
فأحوى بذاتى ما علمت حقيقة ونورى فيها قد أضاء فلامع
ويسمع تسبيح الصوامت مسمعى وإنى لأسرار الصدور أطالع
وأعلم ما قد كان فى زمن مضى وحالا وأدرى ما أفاد مضارع
وخلف معالى قاف لو يستغيث بى مغاث فإنى ثم للضر دافع
وأقلب أعيان الجبال فلو أقل لها ذهباً كونى فهن فواقع
فلا فلك إلا وتحويه قدرتى ولاملك إلا لحكمى طائع
وأمحو لما قد كان فى اللوح ثابتاً فتثبت إذ وقعت ثم وقائع
* * *
فهذا سبيلى رده إن ترد العلا ولا تعد عنه تعتريك قواطع
وسر فى الجوى بالروح واصغ إلى الهوى لتسمع منه سر ما أنت والع
ومن دون هذا الاستماع مهالك وما كل أذن فيه تلك المسامع
فشمر ولذ بالأولياء لأنهم لهم من كتاب الله تلك الوقائع
هم الذخر للملهوف والكنز والرجا ومنهم ينال الصب ما هو طامع
بهم يهتدى للعين من صل فى الهوى بهم تجذب العشاق والربع شاسع
هم القصد والمطلوب والسؤل والمنى وأنسهم للصب فى الحب شائع
هم الناس فالزم إن عرفت جنابهم ففيهم لضير العالمين منافع
وإن جهلوا فانظر بحسن عقيدةٍ إلى كل من تلقاه بالفقر ضارع
وحافظ مواقيت الإرادة قائماً بشرع الهوى إن أنت فى الحب شارع
وداوم على شرطين ذكر أحبة وتسليك نفس للخلاف تسارع
ولا تهملن ذكر الأحبة لمحة فميل الفتى عما يحاول رادع
وإن ساعد المقدور أو ساقك القضا إلى شيخ حق فى الحقيقة بارع
فقم فى رضاه واتبع لمراده ودع كلما من قبل كنت تسارع
وكن عنده كالميت عند مغسل يقلبه ما شاء وهو مطاوع
ولا تعترض فيما جهلت من أمره عليه فإن الاعتراض تنازع
وسلم له فيما تراه ولو يكن على غير مشروع فثم مخادع
ففى قصة الخضر الكريم كفاية بقتل غلام والكليم يدافع
فلما أضاء الصبح عن ليل سره وسل حساماً للغياهب قاطع
أقام له العذر الكليم وإنه كذلك علم القوم فيه بدائع
وواظب شهود الحق فيك فإنه هو الحق والأنوار فيك سواطع
ورق مقام القلب عن نجم ربه إلى قمر الرحمن إذ هو طالع
إلى شمس تحقيق الألوهة رافعاً إلى ذاته فى العذر إن أنت رافع
فلله خلف الاسم والوصف مظهر وعنه عيون العالمين هواجع
وليس ترى الرحمن إلا بعينه وذلك حكم فى الحقيقة واقع
وإياك لا تستبعد الأمر إنه قريب على من فيه للحق تابع
وها أنا ذا أنبيك عن سبل الهوى وأفصح عما قد حوته المشارع
أقص حديثاً ثم لى عن بدايتى لنحو انتهائى عله لك نافع
برزت من النور الإلهى لمعة لحكمة ترتيب اقتضتها البدائع
إلى سقف عرش الله فى أفق العلا ومنه إلى الكونين وهى تسارع
غلى القلم الأعلى ولبى مدة إلى اللوح لوح الأمر والخلق واسع
إلى المنتهى السامى وقبل مكرما نزلت الهيولى وهو للخلق واسع
هناك تلقتنى العناصر حكمة ومنها أحلتنا ماها الطبائع
وأنزلنى المقدور فى أوج أطلس هو الفلك العالى الذرى وهو تاسع
ومنه هبوطى للكواكب نازلاً على فلك كيوان قمة سابع
فلما نزلت المشترى وهو سادس سماء به للكون فى السعد تابع
أتيت سما بهرام من بعد هابطاً على فلك السمسى والشمس رابع
وبالكرة الزهراء أعنى سماءها حنشت مطايا السير والدار شاسع
على كاتب الأفلاك وهو عطارد وفدت فكانت لى هناك مرابع
فبالقمر الباهى نزلت وشرعت على الفلك النارى والأسد شائع
ومنه نزول الجسم من عند ربه ولرروح تنزيل لخلق متابع
وذلك أن الروح فى المركب الذى لها هى روح الحق فافهم أسامع
فليس لها فيه هبوط منزل وليس لها فيه صعود مرافع
وذلك للأرواح أخلق حقيقة وذلك تنزيل لها وقواطع
ففى المثل المفروض وجه تنوعت سرائره حتى بدا متتابع
فيبرز فى حكم المراث إلى الورى على الجرم والمقدار إذ ذاك طابع
فتنويعها ذاك التجلى هو الذى نسميه روحاً وهو بالنفخ واقع
تنزه ربى عن حلول بقدسه وحاشاهما بالاتحاد بوافع
ومهما تجد الروح جسماً فإنها لتصوير ذاك الجسم فى الصور تابع
فيتبعها فى صورها وارتفاعها ويتبعها إن جر يوماً طبائع
فمن سبقت لله فيه عناية فغير مكوث فى التراب يسارع
فإن رقيت بالتزكيات رقت به إلى المركز العالى الذى هو رافع
وإن ضعفت واستولت النفس والهوى فكن تبعاً للجسم إذ قام تابع
فتشفى به فى سجن طبع ولو رقت به لكان مسعوداً وفى العز رائع
وإن نزول الجسم للخلق فى الثرى سواء فما من بعد ذاك تنازع
ومن بعد السابقات فإنه له بين نبت والثريا تراجع
تركت لها الأسباب شغلاً بحبها ووجداً بنار قد حوتها الأضالع
* * *
رعى الله فلك السرب لى ورعى الحمى ولا صنعت سرباً وأى صنائع
صليت بنار أضرمنها ثلاثة غرام وشوق والديار الشواسع
يخيل لى أن العذيب وماءه منام ومن فرط الغرام الأجارع
فلا نار إلا ما فؤادى محله وما السحر إلا ما الجفون تدافع
ولا وجد إلا ما أقاسيه فى الهوى ولا موت إلا ما إليه أسارع
فلو قيس ما قاسيته بجهنم من الوجد كانت بعض ما أنا جارع
جفونى بها نوح فطوفانها الدما ونوحى رعد والزفر اللوامع
وجسمى به أيوب قد حل للبلا وإن مسنى ضر فما أنا جازع
وما نار إبراهيم إلا كجمرة من الجمرات التى حوتها الأضالع
فسرى فى بحر الصبابة يونس تلقمه حوت الهوى وهو خاشع
وكم فى فؤادى من شعيب كآبة تشعب إذ شطت فراراً مرائع
حكى زكريا وهن عظمى من الضنا أيحيى اصطبارى وهو فى الموت واقع
أبا يوسف الدنيا لفقدك فى الحشا من الحزن يعقوب فهل أنت راجع
أتينا تجار الذل نحو عزيزكم وأرواحنا المزجاة تلك البضائع
فإن تك عطفاً أنت أهل لأهله إما أن يكون دون العذيب موانع
نحكم بما تهواه فى فإننى فقير لسلطان المحبة طائع
فكل الذى يقضيه فى رضاكم مرامى وفوق القصد ما أنت صانع
حببتك لا لى بل لأنك أهله ولا لى فى شئ سواك مطامع
فصل إن ترد أودع وعد عن اللقا وأوعد وعد وعداً فما أنا قانع
تمكن منى الحب فامتحق الحشا واتلفنى الوجد الشديد المنازع
وأشغلنى شغلى بها عن سوائها وأذهلنى عن الهوى والجوامع
وقد فتكت روحى بقارعة الهوى وأفنيت عن نحوى بما أنا فارع
تلذ لى الآلام إذ أنت مسقمى وإن تمتحنى فهى عندى صنائع
فقام الهوى عندى مقامى فكنته وغيبت عن كونى فعشقى جامع
* * *
أصلى إذا صلى الأنام وإنما صلاتى بأنى لاعتزازك خاضع
أكبر فى التحريم ذاتك عن سوى وباسمك تسبيحى إذا أنا خاشع
أقوم أصلى أى أقوم على الوفا بأنك فرد واحد الحسن جامع
وأقرأ من قرآن حسنك آية فذلك قرآنى إذا أنا راجع
فأسجد كى أفنى وأفنى عن الفنا وأسجد أخرى والمتيم والع
وقلبى مذ أبقاه حسنك عنده تحياته منكم إليكم تسارع
صيامى هو الإمساك عن رؤية السوى وفطرى أنى نحو وجهك راكع
وبذلى نفسى فى هواك صبابة زكاة جمالى منك فى القلب ساطع
أرى مرج قلبى مع وجودى جنابة فماء طهورى أنت والغير مائع
أيا كعبة الآمال وجهك حجتى وعمرة نسكى إننى فيك والع
وتجريد نفسى من مخيط ثيابها بوصل وإحرام عن الغير قاطع
ويلغز منى أن أدلك مهجتى لما منك فى دار الحسن مانع
كأن صفات منك تدعو إلى العلا فلبت بقلبى فاستبانت شواسع
فتركى لطيبى والنكاح فإن ذا صفاتى وذا ذاتى فهن موانع
وإعفاء حلق الرأس ترك رئاستى وشرط الهوى أن المتيم خاضع
إذا ترك الحجاج تقليم ظفرهم تركت من الأفعال ما أنا صانع
وكنت كالآلات وأنت الذى بها تصرف بالمقدور ما هو واقع
وما إن جبرى للعقيدة أننى محب فنى فيمن حوته الأضالع
فها أنا فى تطواف كعبة حسنها أدور ومعنى الدور أنى راجع
ومذ علمت نفسى طوافك سبعة فإعداد تطوافى جمال سوابع
أقبل حال الحسن والحجر الذى لنا من قديم العهد فيه ودائع
ومعناه أن النفس فيها لطيفة بها تقبل الأوصاف والذات شاسع
وأستسلم الركن اليمانى إنه به نفس الرحمن والنفس سالع
وأختم تطواف الغرام بركعة من الجو عما أحدثته الطبائع
ترى هل لموسى القلب فى زمزم اللقا مراضع لاحرمت تلك المراضع
فيذهب وصفى فى صفات صفاتكم ليسعى لمرو الذات وهى تسارع
وليس الصفا إلا الصفاء ومروة بأنى على تحقيق حقى صادع
وما القصر إلا عن سواكم حقيقة وما الحلق إلا ترك ما هو قاطع
ولا عرفات الوصل إلا جنابكم فطوبى لمن فى حضرة القرب يانع
على علمى معناك صنوان جمعا ويا لهفى صنوان كيف التجامع
بمزدلفات فى طريق غرامكم عوائق من دون اللقا وقواطع
فإن حصل الإسعار فى زمزم اللقا وساعد جذب العزم فالفوز واقع
على مشعر التحقيق عظمت فى الهوى تبيعاً بحكم أصلته الشرائع
وكم من منى لى فى منى حضراتكم ويا حسرتى إن المحسر شاسع
رميت جمار النفس فى الروح فانتسبت جهنمها ماء وصاحت ضفادع
وأبدل رضوان بمالك وأنبتت بها شجر الجرجير والغصن يانع
ففاضت على ذاتى ينابيع وصفها وناهيك صرف الحق تلك الينابع
وطفت طوافاً للإفاضة بالحمى وقمت مقاماً للخليل أتابع
فمكنت من ملك الغرام وها أنا مليك وسيفى فى الصبابة قاطع
وحققت علماً واقتداراً جميع ما تضمنه ملكى ومالى منازع
ولما قضينا النسك من حجة الهوى وتمت لنا من حى ليلى بدائع
حثثنا مطايا العزم نحو أحيدكم وطفنا وداعاً والدوع هوامع
وجبنا بتهنئة النفوس مفاوزاً سباسب فيها للرجال مصارع
حمى درست فى العالمين طريقه فعز وكم قد خاب فى العز طامع
محل بحال القرب حالت رسومه وأوج منيع دونه البرق لامع
ينكس رأس الريح عند ارتفاعه فلم زال عنه السحب والغيث هامع
حوى تحته بهرام فى الأوج ساجداً وكيوان من فوق السموات راكع
فكم رامح مذرامه صار أعزلا وفى قلبه من عقرب الفقر لاذع
سريت به والليل أدجى من العمى على باذل أفديه ما هو طائع
يجوب الفلا جوب الصواعق فى الدجا ويرحل عن مرعى الكلا وهو جائع
وإن مر بعد العسر بالماء إنه على ظمأ من ذاك باليسر قانع
هى النفس نعمت مركباً ومطية فليس لها دون المرام موانع
فياسعد إن رمت السعادة فاغتنم فقد جاء فى نظم البديع بدائع

وفى عالم البرزخ قال:
قل لأقوام رأونى ميتاً فبكونى ورثونى حزنا
لاتظنون بأنى ميت ليس ذاك الميت والله أنا
أنا عصفور وهذا قفصى طرت عنه وخلفته مرتهنا
لاتظنوا الموت موتاً إنه لحياة وهو غايات المنى
كنت قبل اليوم بينكم فحييت وخلعت الكفنا
وأنا اليوم أناجى ملأ وأرى الله جهاراً علنا
عاكفاً فى اللوح أتلو وأرى كان ما كان تناءى أودنا
لاترعكم هجمة الموت فما هو إلا نقلة من هاهنا
وطعامى وشرابى واحد وهو رمز فافهموه حسنا
ليس خمراً سائغاً أو عسلاً لا ولا ماء ولكن لبنا
فافهموا السر ففيه نبأ أى معنى تحت لفظى كمنا

وفى مولانا الإمام على قال:
كرم الله وجه من جاء بالنصر وبالفتح والصفا والوفاء
فارج الكرب ياعلى اللواء ناصر الحق يارسول الآلاء
مصطفى المصطفى من الأنبياء يا على العالين فى الأسماء
ياعلى العالين فى كل وصف من صفات الكمال فى الأعلياء
فى الوغى سيفك العلى المعلى فى النهى رأيك العلى الضياء
مفرد أنت فى السماحة والتقــ وى وفى الدين والحجا والذكاء
ياأخا للنبى أنعم وأكرم بإخاء أعظم به من إخاء
مثلما كنت للخلافة أقصى كل من حازها بلا استثناء
إنما الناس دائماً لم يكونوا غير ما هم عليه من أهواء
ليلة الهجرة المنيفة تبقى لك ذكرى وآية للفداء
صلة الأرض بالسماء تجلت بل تحلت فى ذاتك العصماء
رائد العشق والفدا والسخاء فارج الكرب يا على اللواء

وفى ذكر الله تعالى قال:
الله قل وذر الوجو وما حوى متأدباً فى ساحة الإجلال
سلم لتسلم من حياتك إنه من أسلم التقوى سما بظلال
واجعل لنفسك من قضا الله الرضا حتى تكون موفق الأعمال
فتشت كل الخلق عن علم فلم أر لى سوى رب السما من والى
فتركت كل العالمين وجئته وجعلت ذكرى ذاته منوالى
حسب المحب من المحبة أنه يهدى بها للخالق الفعال
إن كنت تحسب أن فى المال الغنى أنا قد جعلت رضا المهيمن مالى
أنا إن أكن أجنى الغموم فإنما روحى ارتمت فى بحره الغسال
مد اليدين إليك أفضل شرعة وبغير وجهك لا يصح سؤالى
أنا عند ظنى فيك أنك مكرمى مع ذلتى ولحاجتى وجدالى
فاجعل هداك شريعتى وذريعتى واجعل شهودك لى مسرة حالى
يارب قلبى قد غسلت من الورى إذ ليس غيرك ما حييت ببالى
هيجتنى بالحب ثم ملأتنى بالنور والتقوى وفيض كمال
روح الهدى روحى وريحان الرضا راحى وقلبى صادق التسآل
بالحب كنت ولا أزال فإن أمت لم تأتزر روحى بثوب زوال
إن مر بى عصف الزمان وقصفه والله لست بما شهدت أبالى
أأحبه وأخاف سطوة غيره هذا وحقك لاتعيه خصالى
روض المحبة قد شهدت جلاله وجماله فثبت فى أحوالى
والقول لا يغنى بلا قلب فإن تنطق فكن بالناطق المفضال
يانفس إنى لا أمالى غيره قومى إلى حوض الكريم تعالى
والله قربنى إليه بذاته لم يرض لى فى الحب أى تعالى
إن الذى فهم المحبة قلبه لم يتجه يوماً لآل زوال
سلم لربك أمره واترك له أقداره واحذر من الأقوال
وذر العباد وشأنهم وفعالهم إن كنت مرتاداً بلوغ كمال

ولقد أبدع من قال:
ياسائق الظعن عج بربع به رجال الغرام تاهو
وانزل به خاشعاً ذليلاً مقبلاً بالرضا ثراه
ولا توان وكن جسوراً فالفضل والعز فى رباه
واشرب به خمرة المعانى بكل كاس وشم سناه
وارقص فلا لوم من محب أتاه داعى الهدى دعاه
ودع كلام العذول وانظر تراه يختال فى عماه
وذق لذيذ الغرام واطرب لساكن الربع لا سواه
تجد عذاب الغرام عذباً يجله من أوتى هداه
ياطالب الحسن قد تبدى بهاؤءه فانتبه تراه
وأى صب يهيم فيه ولم يذب فى الهوى حشاه
وزد ولوعاً به وعشقاً إن كنت ممن نمى هواه
تالله فالحسن مذ تجلى لطور سينا انمحت قواه
ولو تبدى لأى نجم لكانت الأرض ملتقاه
إليك كفى بسطت فارحم قلبى وحقق له رجاه
واملأ فؤاد المحب نوراً بهدى هادى إلى حماه
مولى إذا أمه ذليل ينال من قربه مناه
ويكتسى حلة المعانى به وتعنو له الجباه
وذاك برهان دين ربى أبو الإخلاص قصدى رضاه
بفضله فاز من تدانى وضل فى السعى من جفاه
يارب حقق به فؤادى واجعل إلى النور منتهاه
وصل ربى كذا وسلم على نبينا وزد علاه
والآل والصحبة الكرام والتابعين ومن تلاه

وسلطان الذاكرين للعامة والخاص قال:
إن رمت أن تحظى بنيل الوصلة فاركب سفينة عزمنا بالهمة
واخلع هوى الكونين عند مقامنا واعلم بأن لنا مقام الغيرة
وادخل إلى حاناتنا واحرم بها وانظر لكعبة حسننا بالمنة
واستقبل الحجر المنير مقبلاً ومهرولاً بين الصفا والمروة
واخرج بباب سلامنا مستسلماً متضلعً من ماء زمزم خمرة
فاشرب بكأس الحب لا تخشى العنا صرفاً تصفى من لذيذ مدامة
وقف على عرفات ساحات التقى فهنالك العشاق فيها صفت
واخضع ولبسى باسمنا بين الملا واسبل دموعك فوق سطح الجنة
وازلف ولا تخش عذولاً حاسداً وانحر ولا تجزع برمى الجمرة
برد يبرد رضائنا حر الفنا والبس رداء العز فوق الحلة
واجلس هنيا فى موائد جودنا فى الحضرة القدسى تحت العزة
فاشهد بديع جمالنا وكمالنا هذا الحجاب رفعته والسترة
نحن الأولى نسرى بعبد قد صدق فى الحب ثم لنتحفنه بتحفة
هذى خزائن حكمتى فاحكم بها فيما تروم ولا تخاف صدامة
فأنا المحب وأنت حبى فى الورى فأبشر بفيض قد وافاك برحمة
* * *
لو تجلى عن ناظريك الغبار لرأيت الكؤوس كيف تدار
ولبانت نار لديك كما بانت لموسى من جانب الطور نار
ولزالت رسوم ذاتك فيمن لم يزل وانمحت به الآثار
وتبدت فريدة الحسن تجلى زايلات ع وجهها الأستار
لكن القلب منك فى غفلات وعلى وجهك الكثيف خمار
ويقيناً أ التكاثر ألهاك وعزت بوهمك الأغيار
ورمتك الذنوب فى ظلمات من شكوك بها العقول تحار
فاجتهد واقصد الحقيقة واطلب ولتكن فيك خمة واصطبار
وتذلل بباب ديرك واخضع فعسى أن يدريك الخمار
إنما أنت عند نفسك وهم ظهرت منك هذه الأطوار
والذى أنت فيه محض غرور وهو فى مذهب الحقيقة عار
عدم فى الوجود يبدو ويخفى ماله فى الحالتين قرار
* * *
صلوات الله وتسليم لحبيب الحق محمده
الدهر صفالك أحمده والحسن سعى لك جلمده
والبحر تبسم رائقه والبر تلألأ جلمده
والمزن ترقرق ناصعها والنبت ترعرع أجرده
والدوح صحا غصناً غصناً واخضر وأينع أملده
ضحك النوار فغنى النحل وحام وطال تردده
والماء جرى فى جدوله واقام الظل يبرده
والطير تجمع شارده وشدا الألحان مغرده
فاهتز النحل لها طرباً وأجاد فبان منضده
لبس التفاح غلائله واللوز تبرج أمرده
والتوت يقول أنا الأعلى هيهات التين يفنده
وبدا الياقوت مع الرمان فقام الخوخ يؤيده
والفل تهلل لؤلؤه والعتر ضاء زبرجده
واحمر الورد وطاب الورد وراح الزهر يجوده
وابيض العبهر من فزح فاصفر السوسن يحسده
فضح النمام سريرته والمرزنجوش يوطده
والسعتر ضاع فرا ع الشيح توهجه وتأوده
ومشى فى الروض يزينها شبان الحى وخرده
والبشر تكامل رونقه والعيش تكاثر أرغده
وأهاب الحب بعسكره فانحاز إليه مجنده
وبكى المشتاق وذاب الصب وضاع اليوم تجلده
يتأوه كل أخى مقة فينم عليه تودده
وتبوح العين بسر القلب وزاد الوجد تجدده
وتميز نور اثنين هما غيداء الحسن وأغيده
صنوان تساوى شكلهما كالدر تشابه مفرده
مشياً وعذول من كثب يسترق السمع ويرصده
ظبى ومهاة فى دعة من لى بالواشى أجلده
حذران خفى همسهما همس بالحب يؤكده
فظلال الأيكة تزعجها ونسيم الفجر يشرده
لا يحسن قولى وصفهما من لى بزياد يسرده
قد فات الكل جمالهما كالمعدن فضل عسجده
فمثال الفتنة صورتها وكريم العنصر محتده
كم ضل بمثلهما فطن قد كان يعز تصيده
والحسن بروق خلبها يؤذى الأبصار توقده
والعشق ظلام لا يدرى أهل الأهواء متى غده
ويل لسليب العقل إذا ما حل به يتعبده
دع زائف حسن لا يغنى وبه يشقى متقلده
وتغن بحسن لا يفنى والزمه يحفك سرمده
وامدح من قال الله له قولاً ينفيه حسده
سل تعط فأنت وسيلتهم ولعمرك هذى سودده
ولد الإحسان وعم البشر وزان العالم مولده
وتبسمت الدنيا فرحاً مذ ضاء بمكة فرقده
واخضر القفر ولان الصخر وذاق البشرى فدفده
ومضت فى التقوى نشأته وبغار حراء تعبده
وأمانته صارت مثلاً ونزاهته وتزهـــده
حتى وافاه أمين الله بــ آى الله تمجـــده
ويل لقريش قد عمدت لجلال الدعوة تفسده
تؤذى من قام بها يدعو وتكذبــه وتنكـــده
وانقادت يثرب طائعة فأتاها تورى أزنده
فإلى الأنصار مودته وعلى الكفار مهنده
واستوطنها فغدت حرماً أمناً للزائر يسعده
سطعت بالحق أشعته والشرك تطاير أسوده
واضاء العالم حكمته والدين علا من يجحده
للرحمة كانت بعثته وحياض الجنة مورده
وشريعته بر وهدى وجماع الخير تمهده
والخلق الأعلى شيمته وكتاب الله يخلده
ومحبته أمن ورضاً تاسو الحيران وتضمده
وشفاعته تنجى العاصى من حر النار وتبعده
من جاء رجاء العفو ينل خيراً فيما يتزوده
طوبى للعبد يلوذ به إن وافى يوماً موعده
يا رافع بند الحمد غداً وخطيباً عنا نوفده
وشفيعاً تسجد تحت العر ش تناجى الرب وتحمده
ورجاء العبد لفك الوز ر غذا ما الذنب يقيده
أنت المأمول تنيل الخــــير وتبنى الخوف وتطرده
وعياذ الحائر أنت إذا ما رحت بجاهك تعضده
ولياذ الكون وعون العو ن ونيل العفو ومقصده
وجمال الضوء وسر الصفــ و وسعد الملك ومرشده
ومنار الدين وخير الرســــ ل وحرز الشعب ومنجده
وإمام الخلق وباب الحق رسول الله محمده
أبا الزهراء أجر واجبر واجزى من مدحك يسعده
واشفع يأمن قلب فزع فالخوف بقلبى مرقده
وشفاعتك العظمى شمس وذنوبى الليل تبدده
لا يشقى بال ظل الدهــــ ر سلامك فيه يردده
من خط مديحك فى ورق نعمت بالخط غدا يده
ففؤادى لا يخزى أبداً ما يبدى الحق ويشهده
وينزه ربى عن سبه ويسبحـــه ويوحــــده
ولسانى لا يصـــلى ناراً ما قــام بمدحك ينشده
فاقبله فأنت حبيب اللــ ه وأمن البعث وسيده
* * *
رنت المليحة والرنو خطاب ودنت مسلمة فبان خضاب
وبدا البهاء فراع مثلك حسنها والحسن يرجى تارة ويهاب
سفرت فأعيى الناظرين جمالها فالعين تجهر والؤاد يذاب
وتملكتك وطالما ملك الهوى أسداً فذل بذلهن الغاب
وغذا الهوى قاد الجوى فى تيهه فالنصح غش واليقين سراب
والحب فإن إن أردت وخالد إن شئت ألا يشتتم مآب
فإذا هويت هويت فى ظلماته ولحقت من ضلوا الطريق وخابوا
وإذا حببت محمداً نلت المنى ووجدت كل كريهة تنجاب
ذاك الذى أمر الإله بحبه وحباه نعم المنعم الوهاب
وأتى الكتاب المستبين بحمده وبمدحه ينجو الفتى ويثاب
لما قضى ربى ظهور ضيائه ووفى بميلاد النبى كتاب
شرف الحجاز ونورت أرجاؤه وزها بمكة أبطح وشعاب
وسرى البشير إلى تهامة معلناً فاخضر فيها مهمة ويباب
وبرحمة غاث العباد وجوده كالمحل فى قفر سقاه سحاب
درت على من أرضعته سعادة واليمن قد فتحت له أبواب
ورأت (حليمة) منه أعجب مايرى وسعت إليها منية وطلاب
أمضى الصبا فى عفة وطهارة ومضى على خير الأمور شباب
دعى الأمين وذاك نعمة صــ دق قد هيئت أزلاله الأسباب
وأقام يدعو ربه فى خلوة (بحراء) نعم المخلص الأواب
وأتاه جبريل الأمين بقوله (اقرأ) فعمت بالضياء رحاب
وجلاله التنزيل فيه بشارة وأوامر وزواجر وعقاب
فدعا إلى الرحمن فاستمع الأولى سعدوا وحق على الشقى عذاب
طوبى لمستمع له ولشرعه يرجو السلامة إذ يئين إياب
شملت عدالته الجماعة واستوى فى ذلك الأشراف والأوشاب
وتشتت تلك الفوارق بالتقى والعدل نعم الأصل والأحساب
سيق الذين تبجحوا بعدالة يسقى بها الشعب الضعيف الصاب
فشريعة الإسلام لا يرعى بها لغة ولا لون ولا أنساب
والكل إخوان وإن تك ميزة فلمن أطاعوا واتقوا وأنابوا
فوجوده أمن وشرعته هدى وضريحه نور حواه تراب
للقاصدين حماية ووسيلة يأتى فيرجع بالمنى الطلاب
فذر الجهول وزره تلق المبتغى ويحث عنك الذنب والأوصاب
وإذا بلغت العنبرية زائارً فامرح فقد بلغ الأمان ركاب
واقصد إلى باب السلام مسلماً وادخل تحفك رحمة وتواب
وامرح بروضته وقبل تربها وأطل وقوفك كى تفك رقاب
وأعلم بأنك فى السماحة والندى وامتع بخطك قد دنا الأحباب
واسأل إلهك ما تشاء تجب إلى أضعافه ماجل الاستيهاب
وإذا سعدت وواجهت شباكه عيناك ضاع من الضياء ضباب
هذى السعادة من ينلها مرة ينل الذى من دونه الأعراب
ياسيد الصحب الكرام أغث فتى فى جاهك المرفوع لا يرتاب
ويرى يقيناً أنه نعم الحمى يوم الميعاد كما قضى التواب
يرجو جوارك يانبى فجد به حرزاً يقيه إذا دهاه حساب
فلك الشفاعة فى شعوبك كلها ينجو بها الأكراد والأعراب
وإذا سجدت تقول رب اغفر لهم فالله يغفر والدعاء يجاب
* * *
رسول الله أنت لى الشفاء وأنت الحرز إن عز النجاء
وأنت المستغاث إذا فزعنا وأنت المستعان إذا نساء
بعثت لترحم الأكوان طراً فحل السعد وارتحل الشقاء
وبينت الهدى وسلكت فيه سبيلاً لا يساورها التواء
وفرعت الشرائع فى وضوح فلا لبس يطل ولا خفاء
وعممت العدالة إذ تساوى لدى الحكم الجحاجح والرعاء
وحرمت التقاطع والتعادى فما فى الشرع بغض أو جفاء
وأوجبت التأزر والتآخى فدين الله محوره الإخاء
وكرهت الخبائث والدنايا إلينا فانتحاها الأشقياء
وحببت المآثر والمزايا إلى قوم سجيتهم إباء
خضضت على المروءة كل حين وقام بك التسامح والوفاء
عفوت عن المسئ وقلت عفوا تعف عن الخطيئات النساء
وزينت الجميل وكل قبح مع الإسلام ليس له بقاء
جلوت المعضلات من القضايا فبان الحق وارتفع الغطاء
وسهلت الفرائض للبرايا فطاب لهم بسنتك اقتداء
نهيت عن التظالم والتباغى فلا يخشى السعاية أبرياء
أمرت بكل أخلاق حسان تنجى يوم يشتد العناء
وبشرت المطيع بخير دار وبالخسران من يعصون باءوا
حدوداً لو أقمناها لفزنا وراح الناس فى أمن وجاءوا
ولكنا نسيناها فأبنا بخذلان يحيط به شقاء
سبقت المصطفين إلى المعالى فدونك فى الرقى الأنبياء
وعشت بمكة النور المجلى له فى كل ناحية جلاء
سريت على البراق فنال عزاً تقاصر دون غايته العلاء
وجئت القدس فاستعلى فخوراً وزانته المهابة والبهاء
عرجت إلى السماء تزيد جاهاً فتاهت من زيارتك السماء
ووافيت المدينة بين قوم تمكن من قلوبهم الولاء
بك ارتفعوا إلى أعلى مقام وفضلهم على الناس السناء
حبيت ضياء مرحمة وهدى ومت فزاد فى الموت ارتقاء
فقبرك لا يطوف به شقى وذكرك ليس يلحقه الفناء
وفى رد السلام عظيم قدر وربك عنده لك ما تشاء
وفى يوم القيامة أنت أمن وعون حين يعوزنا الأساء
وأنت المستجار إذا بعثنا وزاد الهول وانقطع الغناء
فإن لم تدع أو تشفع هلكنا وخيم فوق رؤسنا العفاء
وإن منا مددت يداً إلينا نجونا مثل من شمل الكساء
ففى الدنيا بشرعتك اهتدينا وفى الأخرى شفاعتك الوقاء
ومن لم يتخذك له نجاة يضل سدى كما ضاع الهباء
فأنت اليوم ياطه إمام وأنت غداً يظللك اللواء
إذا نزلت بنا دهم الدواهى وناديناك ينقشع البلاء
فأنت بكل مكروب غياث وأنت لكل ذى وصب دواء
وأنت لكل ملهوف أمان وأنت لكل منقطع رجاء
عليك صلاة ربك ما تعالى ضياء الصبح أو طلعت ذكاء
وما نعق الرعاء بكل واد فجاوبهم رغاء أو ثغاء
وما أوت إلى قفر ضباب فباكرها ضباب أو ضياء
وما طاف الحجيج بخير بيت وأضحت فى منى تجرى الدماء
وما سحراً دعا الرحمن قوم مجاب عند ربهم الدعاء
* * *
يافرحتى سمح الحبيب وزارنى وبكأسه بين الأحبة خصنى
وصفا الوداد وطاب وقتى باللقا والحب هنانى ومنه أعزنى
فسكرت من طربى بحلو مقاله وبفضلة الكأس المروق رشنى
ناديته زد يا الحبيب من الصفا فأمالنى بين الدنان وغطنى
وظفرت منه بقربه ووداده وأنالنى كل المنى وأحبنى
فدهشت فيه وفى معانى حسنه وبنوره وبهائه قد حفنى
غنيته فأشار لى متبسما وعلى التهتك فى هواه أقرنى
ورقصت من فرحى وأنسى عنده ودعانى من أهل الفنون وعدنى
وغدا يتيه بحسنه لكنه ثمل بلطف جلاله إذا ينثنى
وأنالنى عطفاً تجلى بالرضا وأسرنى سر الغرام وسرنى
ياحسنه لما تثنى مقبلاً نحوى وحياً بالسلام وضمنى
وأرى الهيام يزيد وهو مسامرى ويزيدنى قرباً وشوقى هزنى
وبكيت من فرط السرور فقال لى أنت الحبيب وبالتهانى ودنى
فأنا نديم الحب سرى سره وعلى صيانه سره قد حثنى
وأباحنى ملا أبوح بذكره وبخلعة التقريب منه أمدنى
* * *
يامن أتى فى حينا ليكون من أحبابنا
اسمع وصية ناصح واعمل بها تظفر بنا
ويكون قلبك مشرقاً من نور سر طريقنا
لا تلتفت عنا إلى من لم يكن حباً لنا
فإذا التفت لحبه أبعدت عن حى الهنا
واطلب رضانا بالوفا داوم على أورادنا

(دقيقة) من حكمته ستر ظهور الذات. بحجاب مظاهر الصفات. واختفى بما به ظهر من الكائنات وغاب بما به حضر وحاضر من التعرفات.
(حقيقة) حضور العبد حضور العجز عن محاضرته فى حظيرة مشاهدته ومطالعته هو نهاية من اعترف. وذاق الشراف واعترف.
والعجز عن درك الإدراك شمس ضحى جرت به فوق جو الشك أفلاك .

(دقيقة) العجز. سلب والإدراك وجود. فكيف جعل الصديق ذلك غاية المقصود. نعم تفهمه إذا أدركت حقيقة الفنا. وتتحقق به إذا تجلت لك الحسنى بأسمائك الحسنى.
(حقيقة) تجلى الحقيقة الإلهية للأكوان. يتفاوت بحسب الاستعداد والإمكان. لذلك من القوم من يملك الحال. ومنهم من يملك المقام. ومن يملك المقام يثبت له التجلى على الدوام.
(دقيقة) لما تجردت الحقيقة الذاتية عن الاتصاف تكون معناها فى القابل لها من الأوصاف "لون الماء لون إنائه" ﴿يُسْقَى بمَاءٍ وَاحِدٍ ونُفَضَّل بَعْضَها عَلَى بَعْضِ فى الأُكُلِ﴾.
على قدرك الصهباء تعطيك نشوة . ولست على قدر السلاف تصاب .
ولو أنها تعطيك يوماً بقدرها . لضاقت بك الأكوان وهى رحاب .
(حقيقة) تجلى الجمال فى المشاهد. بحسب ما أعطى المشاهد. فالعوام لا يشهدون غير مشهد حسن الصورة الحسية. والخواص رفع لهم الستر عن صورة الحس المعنوية. التى تجلى بها اسمه تعالى الظهر. فى جميع الأكوان بكل المظاهر.
نراه إن غاب عنى كل جارحة . فى كل معنى لطيف رائق بهج .
فى نعمة العود والناى الرخيم إذا . تألفا بين ألحانٍ من الهزج .
وفى مسارح غزلان الخمائل فى . برد الأصائل والإصباح فى البلج .
(دقيقة) المزاحم على برقشة الجمال السفلى. محجوب عن شهود الجمال العلوى. فاترك المضايقة فى طريق المركز الأدنى. وارق بهمتك إلى الأوج الأعلى.
وما نحن إلا خطوط وتعن . على نقطة وقع مستوفز .
محيط العوالم أولى بنا . فإذا التزاحم فى المركز .
لله قد وجهت وجهى موقناً . أن التفانى عنه شرك أكبر .
إنى أودى ما على وليس من . شأنى إذا هم سلموا أو أنكروا .
والله يهدى أو يضل لحكمة . والأمر قبل مقدر ومقرر .
فعلام يشغلنى الذى مالى به . أيدٍ وفيم على الورى أتأثر .
فوضت كل الأمر لله الذى . بالقهر يبسط ما يشاء ويقدر .
من فوض الأمر استراح وماله . فى الغيب شئ سوف لا .يتغير .
لو كنت أنظر فى الجهاد إليهمو . لحزنت لكنى لربى أنظر .
* * *
تجنوا وناموا حين ضاع منامى . كأن الجهاد المر محض كلام .
ولو أدركوا فى الله ماذا ينالنى . أقلموا وإن حق الملام ملامى .
سيدرى أصحابى الذى يجهلونه . ويتعب بعدى من يقوم مقامى .
* * *
الحمد لله أغنانى به وله . فليس للمال عندى مايعنينى .
أصبحت من غير مال فى الورى ملكاً . عرشى وتاجى من خلقى ومن دينى .
* * *
أينسى الناس معروفى جفاء . ومن لم ينس منهم كان أجفى .
إذا قارنت بين فتى وكلب . ظلمت الكلب إن الكلب أوفى .
* * *
وقالوا جفوت فلم تزرنا وطال العهد والدنيا تدور
فقلت أحبكم حبى لنفسى ولكنى أزار ولا أزور
عذيرى صحتى وجحود عصرى وضيق الوقت والعمل الكثير
فليس بهين تكرار عذرى فإن العذر من مثلى كبير
فإن كنتم صدقتم فى ودادى هنا دارى ونحو الدار سيروا
* * *
لا تقل قد مات شيخى إن رأيت النعش يلقى
إنما موتـــى حيــــاة بينكم أرقــى وأبقى
* * *
وقد خافوا البعاد وحدثونى بما خافوا فقلت الشأن أرحب
نا منكم قريب فى حياتى وبعد الموت سوف أكون أقرب
إذا فى مجلس ذكروا عليا وسبطيه وفاطمة الزكية
يقال: تجاوزوا ياقوم هذا فهذا من حديث (الرافضية)
برنت إلى المهيمن من أناس يرون الرفض حب (الفاطمية)
* * *
من حبنى فليجتنب من سبنى إن كان صان مودتى ورعانى
وإذا محبى قد ألاذ بمغضبى فكلاهما فى البغض مشتركان
* * *
من عرف الله فلم تغنه معرفة الله فذاك الشقى
ما يصنع العبد بعز الغنى والعز كل العز للمتقى
* * *
أعطى المعية حقـــها والــزم له حسن الأدب
واعلم بأنــك عبــده فى كل حال وهــو رب
* * *
قد كنت أحسب أن حبك هين بتذكر الأوصاف والأقــداح
وظننت جهلاً أن وصلك يشترى بكرائم الأمــوال والأرواح
فرأيت أن الموت أيسر حالة منه وزادت فى هواك جراحى
وشربت كاس الصبر فى حبى لكم وعلمت أن الابتـلاء فلاحى
فجعلت فى عش الغرام إقامتى وطويت رأسى تحت ظل جناحى
قل للذى أخذ الغرام تغزلا ويظن إدراكاً بفعل صلاح
خل الغرام لأهلــه يامدعى لابد من بلوى بغــير نواح
* * *
دع الحسود ومايلقاه من كمده كفاك منه لهيب النار فى كبده
إذا لمت ذا حسد نفست كربته وإن سكت فقد عذبته بيده
صبرت ولم أطلع هواك على صبرى وأخفيت مابى منك عن موضع الصبر
مخافة أن يشكو ضميرى صبابتى إلى دمعتى سراً فتجرى ولم أدر
* * *
اصبر على مر هجرى إن رمت منى وصالا
واتــرك لأجــل هــواى من صـد جهلاً وصالا
ومت إن شئت تحيا واستعجـــل الآجــالا
فمسلك الحب صعب بقــطــع الأوصــالا
عذابــه المـــر عـذب يخـــفف الأثقـــالا
إن كنت معـــنا تمعنى فقـــد ضربت مثــالا
* * *
الــزم العــزلة تنــجو مابقــى فى الناس خــله
وحــدة النــاس خــير من جليس الســوء عنده
وجليس الخـــير خــير من جلوس المــرء وحـده
* * *
بمكارم الأخلاق كن متخلقاً يفوح مسك ثياب العطر الشادى
وانفع صديقك إن أردت صداقة وادفع عدوك بالتى فإذا الذى
* * *
رجال فىهوى المحبوب تاهـو ونادوا يا إلهى التيه ياهـــو
فأنت التيه والتيهــان حقــاً وماتيه سوى هــو أنت ياهو
* * *
أيظلمنى الزمان وأنت فيه وتأكلنى الذئاب وأنت ليث
ويروى من بنانك كل ظــام وأظما فى حماك وأنت غيث
موال
رجال أبطال لهم أحوال تغيب عنا فرسان فلحان لهم ألحان بتطربنا
نظرات سادات لهم نفحات بتبهجنا أنوار أقمار لهم أسرار بتجذبنا
نفضل سكارى بهم فى الحسن والمعنى أعلام أقوام لهم مقدام رئيس ألحان
أنيس قديس جليس للحق مهما كان مشهور مطمور مغمور بالفيض والإحسان
مسرور مبرور منصور بالنصر والبرهان رحيم رءوف عطوف القلب ع الإخوان
اللى يحبه يناديه يا أبا الأشراف فى الحال يغنيه ويفضل دائماً فرحان

موال
اللى يدوق حبهم بالروح يفديهم واللى دخل حيهم يعرف معانيهم
واللى عرف سرهم يبقى يناجيهم واللى شرب خمرهم دايماً يهيم فيهم
واللى يكون عبدهم روحه تلبيهم وإن كنت تفرح بهم يعطوك وترضيهم
وإن كنت تصفى لهم جرب وناديهم والله يصون عهدهم ينده يلاقيهم
واللى دفع مهرهم بيمتعوه فيــهم
يا طالب الفتح حاسب من هوى نفسك وخلى خدك مداس يرضى عليك ربك
واخضع لساداتك وخلى الذل رس مالك يظهر عليك سرهم ويتم ليك سعدك
وإن كنت فى حبهم صافى يراعولك وكل ماينظروا لك ينفتح قلبك
إوعى من النفس لحسن تقطعك عنهم وحطها تحت أقدامك يزيد فتحك
واخلع عذارك وغنى باسم محبوبك واللى يدوق حبهم فى الحب يتهتك
والفتح والنور وكل الخير يأتى لك إن كنت فى حب محبوبك تبيع نفسك
وباب فتوحك محبتهم لغير علة وانت ياعبدهم فى الحب يابختك
واللى يوحد هوى المحبوب يصفى له إوعى تشوف فى الهوى تانى سوى حبك
علامة الحب إن كان يا أخى عندك تهيم فى حبه وتفرح من صميم قلبك
تعيش موافى وتفضل فى الحبيب صافى ويكون حبيبك معاك لا يحتجب عنك
تفضل تدندن وتشهد حسن محبوبك فى حضرة السر تشرب من كؤوس خمرك
والحب فى حضرته يخلع عليك خلعه تفعل بأمره وسر الكون بقى فى يدك








_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 31, 2015 1:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067



موال
خمر الحقيقة انجلت فى يد ساقيها أنوارها سطعت والكون غاب فيها
واللى يدوق طعمها بالروح يشربها نورها حجابها وفيها الكل غرقانين
واللى دخل حيها يعرف معانيها
ليلى بتخطب وداد اللى يصون عهده وكل من عزها هى تبات عنده
واللى بقى عبدها فى الحى ياسعده وتعرفه سرها ويبان عليه النور
ويعيش معزز فى هنى ومين بقى قده
موال
أهل الكرم يجبرو الورد على ماهم ويقبلوا من أتوا قاصدين على ماهم
دول قوم أجاويد تعرفهم بسماهم وعناية الحق والأنوار عماهم
ويعرضوا عن كل رجال الدنيا هماهم غيرهم طلب حظ نفسه وهماهم
دول أوليه أصفيه والحق ولاهم ياسعد من يقبلوه فى الحى وياهم
والحق من رحمته بالنور حلاهم وربهم وردهم دايماً وولاهم
وهما مرهم شفى رحمه من الرحمن للى همومهم دايماً مآلماهم

موال
ياللى معانا بقلبك والرضا شانك إوعى تشوف الملام فى حبنا شانك
وإن كنت فى حينا دوماً على شانك وربنا يبعت الخيرات على شانك
وإن كنت صافى تنول الفتح والإمداد خلى حبيبك فى قلبك ينعدل شانك

موال
لما دعاك جمالك جينا نشهد الداعى وحق سيد الخلق ياعز الرجال راعى
دول يقولوا مثل عند الرجال ساير بأن الرعية بالضرورة تلزم الراعى

موال
ساقى الأماره سقانى خمرها الصافى صفى فؤادى وبدل كل أوصافى
وجاب لى شاش سندسى أخضر على وقال عليك عهد وفى به تنول الخير
تبقى متيم منعم دائماً صافى
موال
سر الطريقة ظهر للى يصون وده واللى وفاهم خدوا فى محبته وادوا
واللى نسى الود له شر الحمول وده أهل الغرام فى هيام دايماً إلى المحبوب
حتى إن جفاهم على طول المدى ودوا
موال
ياابن الطريقة عليك عهد الإله وفيه لك شيخ يدلك على سر الطريق وخافيه
أعمل بأمره وصون عهده وتبت فيه أحسن يسيبك يصيبك سهم ينفد فيك
الله أكبر على سر الطريق وخافيه
موال
حب السادات فرصة فاسرع فى محبتهم واستغنم الوقت تربح فى تجارتهم
وخالف النفس واسعى فى مودتهم لأن رب العلا أوحى بصحبتهم

موال
ياللى اتوسمنا بكم والوسم بان فينا ميت عيب ياسادتى فوتانكم فينا
خلوا العوازل يقولوا كل شئ فينا الله أعلم بظاهرنا وخافينا

موال
فى حى ليلى تشو شكل الأماره نور والكاس عليهم فى أعلى العلى بيدور
وتشوفهم وهما فى الحبيب هايمين لهم قلوب من صفاها تشبه البنور

موال
خضع النفوس فى حى ليلى عندهم رس مال والعز فى ذلهم لابجاه أو مال
واللى يجاهد النفس يظهر عليه النور ويسلبوا كل من قلبه عن ليلى مال

موال
ياللى تنادى علينا إن كنت طالبنا ادخل حمانا بقلبك وافعل مطالبنا
واحرص على القلب من نفسك دى حضرة الصفا تزهو لطلابنا

موال
إن كنت تنظر سوانا فابعد يافتى عنا إن لم تكن من معانينا لم تكن معنا
فاجعل حنينك لنا والمر فى حب الحبيب يحلو يعطوك كل مطلوبك وبالأحباب تنهنا

موال
الماء واحد والزهر يافهيم ألوان والسر واحد ولكن فى الزهور ألوان
وإن كنت صافى تجد سر الحبيب ظاهر لولاه ما كانت الدنيا ولا الأكوان

موال
حبل الوداد بالقلوب إن كنت له واصل فاربط فؤادك بساداتك تكون واصل
توحد الحب وتشوف الفتوح منه من كان فى قلبه خلل لا يدخل حبهم واصل

موال
ياحلو جسمى فداك والروح وعيونى بزياده أنت وكل الناس يفوتونى
أنت الكفاية وبس أنت تكون راضى وأنت حبيبى وكل الناس يهينونى

موال
رميت حمولى على السادات وناديتهم وكلى عشم فى كرمهم مثل عادتهم
مادمت محسوب على أهل الحمى منسوب تزول همومى واسعد فى محبتهم

موال
ازاى انضام ولى ساده يراعونى وكل ما انده لهم فى الحال يجيبونى
حازوا القبول والرضا والحق أعطاهم لله نظرة رضا منكم وغيثونى

موال
الحب كله عنا ولكن حبكم حلالى واقف على بابكم طالب صلاح حالى
روحى فداكم وانتم غاية المطلوب وذكركم فى الشدائد فيه راحة لى

موال
أهل الصفا ربهم بالنور ماليهم وإن دعو ربهم فى الحال يلبيهم
يعطف عليهم ويشملهم بإحسانه ينظر بالرضا دوماً يراضيهم

موال
سلامة الصدر هى الصفا المطلوب صدر سليم فى هيامه فى هوى المحبوب
كله فرح فى حبيبه مطمئن البال وكل شئ من حبيبه يشهده محبوب

موال
يارب ضاقت وحلت بى هموم وكروب لكن بنظرة لعبدك ينمحى المكتوب
عودتنى بالكرم ياعظيم الجود من حسن لطفك بنا يتيسر المطلوب

موال
ياخالق الخلق يا عالم بكل الحال يسر أمورى ونجنى من الأهوال
والطف بحالى وعاملنى بإحسانك وكل عقدة لها عند الكريم حلال
يارسول الله يا نور الأحد يارسول الله يا سر الصمد
يارسول الله كفؤاً أنت جد يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله أشكو حالتى يارسول الله ارحم ذلتى
يارسول الله داوى علتى يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله انظر حالتى يارسول الله احلل عقدتى
يارسول الله سالت عبرتى يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله حالى ظاهرا يارسول الله قلبى طائرا
يارسول الله جفنى ساهرا يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله أنت المصطفى يارسول الله جد لى بالصفا
يارسول الله يابحر الوفا يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله جدلى باللقا يارسول الله يابحر التقى
يارسول الله أنت المرتقى يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله قلبى هائم يارسول الله شوقى دائم
يارسول الله من لى غيركم يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله أنت شفيعنا يارسول الله أنت حبيبنا
يارسول الله أنت ملاذنا يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله يازين الملاح يارسول الله يانور الصباح
يارسول الله يابحر السماح يارسول الله غوثاً ومدد
يارسول الله يانور الوجود يارسول الله ياسعد السعود
يارسول الله يابحر الشهود يارسول الله غوثاً ومدد
* * *
ضمان علينا مدح أفضل مرسل فمدح رسول الله من أوكد الفرض
ضحى لم يدع إشراقه ليل شبهه ولا عجب أن تطلع الشمس فى الأرض
ضرائبه علوية وصفاته فقد حاز أقصى المجد فى الطول والعرض
ضروب المعالى أكملت لمحمد فجاء كريم الخلق والخلق والعرض
ضمير تولت كف جبريل طهره فما خامرت أجفانه سنة الغمض
ضياء لمن يرنو وحكم لمن يعى وروح لمن يشكو وروح لمن يقضى
ضلال الورى يهديه نور محمد ولن تحجب الأنوار إلا عن المغضى
ضفا ظله ستراً على كل مسلم فنحن به فى غاية الأمن والحفض
ضممنا يد التحقيق عن كل باطل فلا فكر فى لبس ولا رجل فى دحض
ضعاف اليتامى والأرامل عنده لدى ديمة هطلاء فى زهر غض
ضناهم تولت كشفه كف منعم لها أنف أن تنقب البسط بالقبض
ضحوك وأبدى الخيل تعثر فى الورى بذول وثغر المزن يبخل بالومض
ضمين بإنقاذ العباد من الردى ولا سيما فى موقف الوزن والعرض
ضراعتنا فى الحشر نرجو قبولها بمكنة من يرضى هناك ومن يرضى
ضربنا إليه العيس شرقاً ومغرباً وفى الناس مقبوض العنان عن النهض
ضرام حشاه يستطير تشوقاً فيبرم والأقدار تداب فى النقض
ضعوا عنكم الأوزار إن لذتم به وأوبوا بإجزال المثوبة والفرض
ضجيعاه نالا كل أمن ومنه بقرب العلا والمجد والسؤدد المحض
ضنيت بفوت الحظ من طيب طيبةٍ فأصبحت وقفا لا أجئ ولا أمضى
ضعفت عن الكل الذى هو واجب فلوحت تلويح الضرورة بالبعض
* * *
ياحويدى الظعن سرعا ياحوى قد كوانى البعد كياً أى كى
قد شوانى الصد هذا والجفا وكفى ما قد جرى من مقلتى
فاسرعن بالحدو ياحادى المطى عله أن يبردن حر الظمى
ثم ردد ذكر سادتى التى هم حياة الروح أيضاً والروى
قد كسانى البعد عنهم مثلما كست الأفعال نصباً لام كى
أنا من أهوى ومن أهوى أنا ليس لى صبر ولا لى قط لى
أترى أن تسعفونى بالمنى قبل أن يطوى زمانى أى طى
قد مضى عمرى وولى فى سدى وهواكم كامن وسط الحشى
قل لهم ياسادتى رحماً به فالمعنى الصب لا يقوى الدوى
واعطفوا يامن همو مقصوده واجعلوا الميت له من ذاك حى
وانشروا ما قد طوى فى سره قبل أن يمضى زيد وعمى
هو بالخل الحبيب المصطفى أحمد المختار من آل لؤى
يسأل الصفح وفضلاً منكمو فاجذبوه بالنبى جد الحسى
يا أهبل الفضل منوا سادتى أنتمو لى وجميع الثقلى
هل سواكم يرتجى فى طرفة حاش كلا ما سواكم قط شى
أنتمو القصد وأنتم شافعى فبكم لا بالسوى عطفا على
قد ضنى كلى وجزئى والنهى فالإم الهجر يانور العينى
كيفما كنتم فإنى رقكم فاصنعوا ما شئتموا ياعرب حى
غير أن الصد لا أقوى له ما أنا شئ ولا ذاك الشوى
ما أنا إلا خيال فى الحبا كيف يقوى صدكم وهو القوى
فاسرعوا راحات روحى بالمنى ونسيم كان من وادى طوى
وبريق لاح من وادى الصفا كى يقول الصب لا ألم وكى
هكذا الأشراف يعطون المنى ياكرام الحى ما حاتم طى
أنتم الأعلون أنتم أنتمو ما سواكم فى الورى حى وحى
وصلاة منكمو تغشى الذى هو أقصى الخلق من آل قصى
وعلى صفو المعالى والصفا ما أضا نجم وملاح البرى
ومتى ما قال صب مدنف ياحويدى الظعن سرعاً ياحوى
أنا شيخى الإمام الزرقانى وأستاذى الهمام الحسينى
هو الأسد الغضنفر وهو باز هو الشهم الشجاع هو الأبى
هو الشيخ المكمل للمعانى هو القطب المغيث هو الولى
هو الفرد المثنى فى جموع هو السر الخفى هو الجلى
هو الضخم الكبير وخير شيخ هو الطود العظيم هو العلى
وكم شيخ لقيت أخذت عنه ولكن أين أين الزرقانى
وما من ذرة إلا وشاخت إذا أبصرتها وأنا الرعى
وقد وفقت الجميع بفضل ربى بأسرار لها المولى الولى
وماذا فى الحقيقة ليس إلا كلام الله شيخى والنبى
وأصل الفتح بالذكر المثانى ومتبعى محمده الصفى
فنهجى فى الحقيقة أحمدى وهدى فى الطريق محمدى
وذى الأشياخ طراً ليس إلا أتت بركاتهم لى والسنى
خصوصاً جد عترتنا جميعاً فهو بحر للبحور هو الروى
عليه الله صلى بعد طه وآل والصحابى هم السجى
متى لاحت بروق فى حماهم ومهما النصر لى وهو الولى
* * *
كل ما فى كل شى منك ياجــد الحسى
بل همو من نقطة فى بحــار فيك طى
أنت بحر أبحــر أنت مسك الكون أى
هل ترى من نقطة فى بحــار تــلك شى
أنت بحــر مــالـــه انــتهـــاء أولى
من يغوص البحر ذا غــير ذاك الحى حى
أنت لا تحـــتاط ذا كــيف من لا هــو شى
جــل مــولى قــد حبى فــوق ادراك الــنــهى
ولــه الحــمــد عــلى مــا حــبـانـا مـن لـؤى
ولــه الشـكــر عــلى كــل مــا فى كــل شى

قال الإمام الشافعى رضى الله عنه: صحبت الصوفية رضوان الله عليهم فاستفدت منهم كلمتين قولهم: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وقولهم نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل. وروى عن حاتم الأصم (تلميذ ثقيف البلخى) رضى الله عنهما أنه قال له ثقيف: منذ كم صحبتنى؟ قال حاتم منذ ثلاث وثلاثين سنة، قال ما تعلمت منى فى هذه المدة؟ قال: ثمان مسائل، قال ثقيف: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب عمرىمعك ولم تتعلم إلا ثمان مسائل؟ قال: ياأستاذى لم أتعلم غيرها، وإنى لا أحب أن أكذب، فقال هات هذه المسائل حتى أسمعها: قال حاتم: نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوباً فهو مع محبوبه إلى القبر، فإذ وصل إلى القبر فارقه. فجعلت الحسنات محبوبى، فإذا دخلت القبر دخل محبوبى معى، فقال: أحسنت ياحتم، فما الثانية؟ فقال: نظرت إلى قول الله عز وجل: ﴿وأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإنَّ الجّنَّة هِىَ المأْوَى﴾ فعلمت أن قوله سبحانه هو الحق فأجهدت نفسى فى دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى. قال: أحسنت فما الثالثة؟ قال: إنى نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل من معه شئ له قيمة ومقدار رفعه وحفظه، ثم نظرت إلى قول الله عز وجل: ﴿مَاعِنْدَكَمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ﴾ فكلما وقع معى شئ له قيمة ومقدار وجهته إلى الله ليبقى عنده محفوظاً قال: أحسنت فما الرابعة؟ قال: إنى نظرت إلى هذا الخلق فرأيت أن كل واحد منهم يرجع إلى المال وإلى الحسب والشرف والنسب فنظرت فيها فإذا هى لا شئ. ثم نظرت إلى قول الله تعالى: ﴿إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُم﴾ فعملت فى التقوى حتى أكون عند الله كريماً قال: أحسنت فما الخامسة؟ قال: إنى نظرت إلى هذا هم يطعن بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً، وأصل هذا كله الحسد، ثم نظرت إلى قول الله تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِشَتَهُمْ فى الحَيَاةِ الدُّنْيا﴾ فتركت الحسد واجتنبت الخلق، وعلمت أن القسمة من عند الله سبحانه فتركت عداوة الخلق عنى، قال: أحسنت فما السادسة، قال نظرت إلى هذا الخلق يبغى بعضهم على بعض، ويقاتل بعضهم بعضاً، فرجعت إلى قول الله عز وجل: ﴿إنَّ الشَّيْطانَ لَكُم عَدُوٌّ فاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ فعاديته وحده، واجتهدت فى أخذ حذرى منه، لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدو لى، فتركت عداوة الخلق وعاديته وحده، قال: أحسنت فما السابعة؟ قال: نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يطلب هذه الكسرة فيذل فيها نفسه ويدخل فيما لا يحل له، ثم نظرت إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فى الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾ فعلمت أنى واحد ممن دب على الأرض على الله رزقى فاشتغلت بما لله تعالى على وتركت مالى عنده، قال: أحسنت فما الثامنة؟ قال: نظرت إلى هذا الخلق فرأيتهم كلهم متوكلين على مخلوق هذا على ضيعته، وهذا على تجارته، وهذا على صناعته، وهذا على صحة بدنه، وكل مخلوق متوكل على مخلوق مثله فرجعت إلى قوله تعالى: ﴿ومَنْ يَتوكَّلْ علَى اللهِ فهُوَ حَسْبُهُ﴾ فتوكلت على الله عز وجل فكان حسبى. قل ثقيف: ياحاتم وفقك الله تعالى، فإنى نظرت فى علوم التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيمفوجدت جميع أنواع الخير والديانة وهى تدور على الثمان مسائل، فمن استعملها فقد استعمل الكتب الأربعة. يقول الإمام المحاسبى رضى الله عنه بعد حديث طويل عن جهاده للوصول إلى الحق حتى اهتدى إلى التصوف ورجاله فقيض لى الرءوف ببعاده قوماً وجدت فيهم دلائل التقوى وأعلام الورع وإيثار الآخرة على الدنيا ووجدت إرشادهم ووصاياهم موافقة لأفاعيل أئمة الهدى مجتمعين على نصح الأمة لا يرجون أحداً فى معصيته ولا يقنطون أحداً من رحمته يرضون أبداً بالصبر على البأساء والضراء والرضا بالقضاء، والشكر على النعماء، ويحببون الله تعالى إلى العباد بذكرهم أياديه وإحسانه ويحثون العباد على الإنابة إلى الله تعالى علماً بعظمته وعظيم قدرته، وعلماً بكتابه وسنته، فقهاء فى دينه علماء بما يحب ويكره ورعين فى البدع والأهواء تاركين التعمق والإعلاء، مبغضين للجدل والمراء متورعين عن الاغتياب والظلم والأذى، مخالفين لأهوائهم، محاسبين لأنفسهم، مالكين لجوارحهم، ورعين فى مطاعمهم وملابسهم وجميع أحوالهم، مجانبين للشبهات، تاركين للشهوات ثم يقول: فأيقنت أنهم العاملون بطريق الآخرة، والمتآسون بالمرسلين والمصابيح لمن استضاء بهم، والهادون لمن استرشدهم راغباً فى مذهبهم، مقتبساً من فوائدهم، قابلاً لآدابهم، محباً لطاعتهم، ففتح الله لى علماً انفتح لى برهانه، وأنار لى فضله.
ويقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالى رضى الله عنه: إننى لما فرغت من العلوم، اقبلت بهمتى على طريق الصوفية والقدر الذى أذكره لينتفع به أننى علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله خاصة، وأن سيرهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أذكى الأخلاق، بل لو جمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الوقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلاً، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم فى ظواهرهم وبواطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به إلى، أن قال: حتى إنهم فى يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء، ويسممعون منهم أصواتاً، ويقتبسون منهم فوائد، ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.
ومن العناية لما وصل أبو يزيد البسطامى رضى الله عنه فى حفظ القرآن إلى سورة المزمل قال لأبيه: من هذا الذى أمره الله تعالى بقيام الليل؟ فقال: يابنى سيدنا محمد r قال: فلم لا تفعل كما فعل سيدنا محمد r؟ قال: ذاك أمر شرف الله به سيدنا محمد r، فلما قرأ: ﴿وطَائِفَة مِنَ الَّذيِنَ مَعَكَ﴾ قال: ياأبت من هؤلاء؟ قال أصحاب سيدنا محمد r، قال: ياأبت فلم لم تفعل مثلهم؟ قال: يابنى قواهم الله على قيام الليل، فقال: يا أبت لاخير فيمن لايقتدى بسيدنا محمد وأصحابه r، فصار أبوه يصلى الليل فقال: ياأبت علمنى صلاة الليل، واراد أن يصلى معه، فمنعه أبوه من ذلك وقال: يابنى ارقد إنك صغير، فقال: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة وأمر بأصحاب الجنة إلى الجنة، أقول أردت الصلاة فمنعنى أبى، فقال: يابنى أقم الصلاة بالليل فالصلاة بالليل لها فوئد عظيمة، فلما ختم القرآن واقتدى بأهل الصفة وكره الجولان، ولزم الخلوة. قال رضى الله عنه: كنت يوماً فى سياحتى متلذذاً بخلوتى، مستغرقاً بفكرى، مستأنساً بذكرى، إذ نوديت فى سرى: يا أبا يزيد امض إلى دير سمعان، فاحضر مع الرهبان فى يوم عيدهم والقربان فلنا فى ذلك نبأ وشأن، قال: استعذت بالله من هذا الخاطر وقلت لست أ×اطر فلما كان الليل أتانى الهاتف فى المنام، وأعاد على ذلك الكلام، فانتبهت وأنا أرتجف وأرتعد وعندى من هذا الكلام ما يقيم المقعد، فنوديت فى سرى لا بأس عليك أنت عندنا من الأولياء الأخيار، ومكتوب فى ديوان الأبرار، ولكن البس زى الرهبان، واشدد من أجلنا الزنار، وما عليك فى ذلك جناح ولا إنكار، قال أبو يزيد رضى الله عنه: فقمت من باكر وبادرت إلى امتثال الأوامر، ولبست زى الرهبان، وحضرت فى دير سمعان، فلما حضر كبيرهم واجتمعوا، وأنصتوا إليه ليسمعوا، أرتج عليه المقام فلم يطق الكلام، كأن فى فمه لجاماً فقال له القسيسون والرهبان: ما الذى يمنعك من الكلام أيها الربان، فنحن بقولك نهتدى وبعلمك نقتدى؟ فقال: ما يمنعنى أن أتكلم وأبتدى إلا أن بينكم رجلاً محمدياً وقد جاء لدينكم ممتحناً، وعليكم معتدياً، فقالوا: أرنا إياه نقتله الآن. فقال: لا تقتلوه إلا بدليل وبرهان فإنى أريد أن أمتحنه وأسأله عن مسائل فى علم الأديان، فإن أجاب عنها وأبان تركناه، وإن عجز عن تفسيرها قتلناه، وعند الامتحان يعز المرء أو يهان، فقالوا له: افعل ما تريد فنحن ما حضرنا إلا لنستفيد. فقام كبيرهم على قدميه ونادى يامحمدى بحق محمد عليك إلا ما نهضت قائماً على قدميك لتنظر العيون إليك. فقام أبو يزيد رضى الله عنه ولسانه لا يفتر عن التقديس والتحميد، فقال له البطرك: يامحمدى أريد أسألك عن مسائل فإن أجبت عنها وفسرتها اتبعناك، وإن عجزت عن تفسيرها قتلناك، فقال له أبو يزيد رضى الله عنه: سل عما تريد من المنقول والمعقول، والله شاهد على ما نقول. فقال له البطرك: أخبرنى عن واحدٍ لا ثانى له، وعن اثنين لا ثالث لهما، وعن ثلاثة لا رابع لهم، وعن أربعة لا خامس لهم وعن خمسة لا سادس لهم، وعن ستة لا سابع لهم، وعن سبعة لا ثامن لهم، وعن ثمانية لا تاسع لهم، وعن تسعة لا عاشر لهم، وعن عشرة كاملة، وعن أحد عشر، وعن اثنى عشر، وعن ثلاثة عشر، وعن قوم كذبوا ودخلوا الجنة، وعن قوم صدقوا وأدخلو النار، واين مستقر اسمك من جسمك، وعن الذاريات ذرواً، وعن الحاملات وقراً، وعن الجاريات يسراً، وعن المقسمات أمراً، وعن شئ تنفس بغير روح، ونسألك عن أربعة عشر تكلموا مع رب العالمين، وعن قبر مشى بصاحبه، وعن ماء لا نزل من السماء، ولا نبع من الأرض، وعن أربعة لا من ظهر أبٍ ولا من بطن أم، وعن أول دم أهريق على وجه الأرض، ونسألك عن شئ خلقه الله ثم اشتراه، ونسألك عن شئ خلقه الله ثم أنكره، ونسألك عن شئ خلقه الله واستعظمه وعن شئ خلقه الله، وسأل عنه، وعن أفضل النساء، وعن أفضل البحار، وعن أفضل الجبال، وعن أفضل الدواب، وعن أفضل الشهور، وعن أفضل الليالى، وعن الطامة، وعن شجرة لها اثنى عشر غصناً، فى كل غصن ثلاثون ورقة، وفى كل ورقة خمس زهرات اثنتان فى الشمس وثلاثة فى الظل، وعن شئ حج إلى بيت الله الحرام وطاف وليس له روح ولا وجبت عليه فريضة، وكم من نبى خلقه الله وكم منهم مرسل وغير مرسل، وعن أربعة أشياء مختلف طعمها ولونها والأصل واحد، وعن النقير والقطمير والفتيل، وعن السبد واللبد وعن الطم والرم، وأخبرنا ما يقول الكلب فى نباحه، وما يقول الحمار فى نهيقه، وما يقول الثور فى نعيره، وما يقول الفرس فى صهيله، وما يقول البعير فى رغائه، وما يقول الطاووس فى صياحه، وما يقول الدراج فى صفيره، وما يقول البلبل فى تغريده، وما يقول الضفدع فى تسبيحه، وما يقول الناقوس فى نقيره، وأخبرنا عن قوم أوحى الله إليهم لا من الجن ولا من الإنس، ولا من الملائكة، وأخبرنا أين يكون الليل إذا جاء النهار، وأين يكون النهار إذا جاء الليل؟ فقال أبو يزيد رضى الله عنه: هل بقى أسئلة غير هذا؟ قال: لا، قال: فإن فسرتها لكم، وأجبت عنها تؤمنوا بالله ورسوله، قالوا: نعم: قال: اللهم أنت الشاهد على ما يقولون.

ثم قال أما سؤالكم عن واحد لا ثانى له فهو الله الواحد القهار، وأما سؤالكم عن اثنين لا ثلاث لهما فهما الليل والنهار لقوله تعالى: ﴿وجَعَلْنَا اللَّيْلَ والنَّهَارَ آيَتَيْنِ﴾، وأما سؤالكم عن ثلاثة لا رابع لهم فهو العرش والكرسى والقلم، وعن أربعة لا خامس لهم فهم الكتب المنزلة: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وأما سؤالكم عن خمسة لا سادس لهم فهم الصلوات الخمس المفروضة على كل مسلم ومسلمة، وأما سؤالكم عن ستة لا سابع لهم فهم الستة أيام التى ذكرها الله فى قوله تعالى: ﴿ولَقَد خَلَقْنا السَّمواتِ والأَرْضَ ومابَيْنَهُما فى سِتَّةِ أيَّامِ﴾ وأما سؤالكم عن سبعة لا ثامن لهم فهم السبع سموات لقوله تعالى: ﴿سَبْع سَمواتٍ طبَاقاً﴾، وأما سؤالكم عن ثمانية لا تاسع لهم فهم حملة العرش لقوله تعالى: ﴿ويَحْمل عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُم يَومِئِذٍ ثَمانِيَة﴾، وأما سؤالكم عن تسعة لا عاشر لهم فهم التسعة رهط المفسدون لقوله تعالى: ﴿وَكانَ فى المَدِينَةِ تَسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فى الأَرْضِ ولايُصْلِحُونَ﴾، وأما سؤالكم عن عشرة فهى العشرة أيام التى يصومها المتمتع عند فقد الهدى لقوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلاَةِ أيَّامٍ فى الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُم تِلْكَ عَشَرةٌ كامِلَة﴾، وأما سؤالكم عن أحد عشر فهم إخوة يوسف لقوله تعالى حكاية عنه: ﴿إنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَر كَوْكَباً، وأما سؤالكم عن اثنى عشر فهى عدة الشهور لقوله تعالى: ﴿إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَىْ عَشَرَ شَهَراً فى كِتَابِ اللهِ﴾، وأما سؤالكم عن ثلاثة عشر فهى رؤيا يوسف لقوله تعالى: ﴿إنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَر كَوْكَباً والشَّمْسَ والقَمَرَ رَأَيْتُهُم لِى سَاجِدِينَ﴾، وأما سؤالكم عن قوم كذبوا وأدخلوا الجنة فهم إخوة يوسف لقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاأَبانَا إنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنا فَأَكَلُه الذِئْبُ﴾، فكذبوا وأدخلوا الجنة، وأما سؤالكم عن قوم صدقوا وأدخلوا النار فهم اليهود والنصارى لقوله تعالى: ﴿وقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَئٍ وقَالَتِ النَّصارَى لَيْستِ اليَهُودُ عَلَى شَئٍ﴾ فصدقوا وأدخلوا النار، وأما سؤالكم أين مستقر اسمك من جسمك فمستقره أذناك، وأما سؤالكم عن الذاريات ذرواً فهى الرياح الأربع، وأما سؤالكم عن الحاملات وقراً فهى السحب لقوله تعالى: ﴿والسَّحَاب المُسَخَر بَيْن السَّمَاء والأَرْضِ﴾، وأما سؤالكم عن الجاريات يسراً فهى السفن الجاريات فى البحر، وأما سؤالكم عن المقسمات أمراً فهى الملائكة الذين يقسمون على الناس أرزاقهم من نصف شعبان إلى نصف شعبان، وأما سؤالكم عن أربعة عشر تكلموا مع رب العالمين فهم السبع سموات والسبع أراضين لقوله تعالى: ﴿فَقالَ لَها وَللأَرْض إئِتيا طَوْعاً أوْ كَرهاً قَالتَا أتَينَا طَائِعينَ﴾، وأما سؤالكم عن قبر مشى بصاحبه فهو حوت يونس عليه السلام، وأما سؤالكم عن شئ تنفس بلا روح فهو الصبح لقوله تعالى: ﴿وَالصُّبْحِ إذَا تَنفَّسَ﴾، وأما سؤالكم عن ماء لا نزل من السماء ولا نبع من الأرض فهو الماء الذى بعثته بلقيس فى قارورة من عرق الخيل إلى سليمان بن داود عليهما السلام، وأما سؤالكم عن أول دم أهريق على وجه الأرض فهو دم هابيل لما قتله قابيل وأما سؤالكم عن شئ خلقه الله ثم اشتراه فهو نفس المؤمن لقوله تعالى: ﴿إنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنينَ أَنْفُسَهُم وَأمَوالَهُم بأَنَّ لَهُم الجنّة﴾ وأما سؤالكم عن شئ خلقه الله وأنكره فهو صوت الحمار لقوله تعالى: ﴿إنَّ أَنْكَر الأَصْواتِ لَصَوتُ الحَمِير﴾، وأما سؤالكم عن شئ خلقه الله واستغظمه فهو كيد النساء لقوله تعالى: ﴿إنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾، وأما سؤالكم عن شئ خلقه الله وسأل عنه فهى عصا موسى قال تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى قَالَ هِىَ عَصَاىَ أتَوَكَّأُ عَلَيْها وأَهُشٌ بِهَا عَلَى غَنَمِى﴾ أما سؤالكم عن أفضل النساء فهى حواء أم البشر وخديجة وعائشة وآسية ومريم ابنة عمران رضى الله عنهم أجمعين، وأما سؤالكم عن أفضل البحار فهو سيحون وجيحون والدجلة والفرات ونيل مصر، وأما سؤالكم عن أفضل الجبال فهوجبل الطور، وأما سؤالكم عن أفضل الدواب فهى الخيل، وأما سؤالكم عن أفضل الشهور، فهو شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن، وأما سؤالكم عن أفضل اليالى فهى ليلة القدر لقوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ وأما سؤالكم عن الطامة فهو يوم القيامة، وأما سؤالكم عن شجرة لها اثنا عشر غصنا فى كل غصن ثلاثون ورقة وخمس زهرات اثنان فى الشمس وثلاثة فى الظل، أما الشجرة فهى السنة، وأما الأغصان فهى الشهور، وأما الأوراق فهى الأيام، وأما الخمس زهرات فهى الصلوات الخمس فى اليوم والليلة ثلاثة فى الظل وهم المغرب والعشاء والصبح، واثنتان فى الشمس وهما الظهر والعصر، وأما سؤالكم عن شئ حج إلى بيت الله الحرام وطاف وليس له روح ولا وجبت عليه فريضة فهى سفينة نوح عليه السلام، وأما سؤالكم كم خلق الله من نبى وكم منهم مرسل وغير مرسل فأما الأنبياء فهم مائة ألف نبى، وأربعة وعشرون ألف نبى، وأما المرسلون منهم فثلثمائة وثلاثة عشر، وأما سؤالكم عن أربعة أشياء مختلف طعمها ولونها والأصل واحد فهى العينان والأنف والفم والأذنان، فماء العينين مالح وماء الفم حلو وماء الأنف حامض، وماء الأذنين مر، وأما سؤالكم عن النقير فهى النقرة التى فى ظهر النواة، والقطمير هى القشرة البيضاء والفتيل الذى يكون فى بطن النواة، وأما سؤالكم عن السبد واللبد فهو شعر الضأن والمعز، وأما سؤالكم عن الطم والرم فهو الأمم الماضية قبل أبينا آدم عليه السلام، وأما سؤالكم عما يقول الحمار فى نهيقه فإنه يرى الشيطان فيقول لعن الله العشار وهو المكاس، وأما سؤالكم عما يقول الكلب فى نباحه فإنه يقول ويل لأهل النار من غضب الجبار، وأما سؤالكم عما يقول الثور فى خواره فإنه يقول سبحان الله وبحمده، وأما سؤالكم عما يقول الفرس فى صهيله فإنه يقول سبحان حافظى إذا التقت الأبطال واشتغلت الرجال بالرجال، وأما سؤالكم عما يقول البعير فى رغائه، فإنه يقول حسبى الله وكفى بالله وكيلاً، وأما سؤالكم عما يقول الطاووس فى صياحه يقول الرحمن على العرش استوى، وأما سؤالكم عما يقول البلبل فى تغريده فإنه يقول سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وأما سؤالكم عما يقول الضفدع فى تسبيحه فإنه يقول سبحان المعبود فى البرارى والقفار، سبحان الملك الجبار، وأما سؤالكم عما يقول الناقوس فى نقيره فإنه يقول سبحان الله حقاً حقاً انظر يابن آدم فى هذه الدنيا غرباً وشرقاً ما ترى فيها أحداً يبقى، وأما سؤالكم عن قوم أوحى الله إليهم لا هم من الإنس ولا من الجن، ولا من الملائكة فهم النحل لقوله تعالى: ﴿وأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أنِ اتَّخِذى مِنَ الجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجرَ ومِمَّا يَعْرِشُونَ﴾، وأما سؤالكم عن الليل أين يكون إذا جاء النهار وأين يكون النهار إذا جاء الليل فإنهما يكونان فى غامض علم الله تعالى ما ظهر عليه نبى مرسل ولا ملك مقرب، بل كان ذلك فى غامض علم الله تعالى، ثم قال أبو يزيد رضى الله عنه: هل بقى لكم سؤال! قالوا: لا.. قال: فأخبرنى أنت عن مفتاح السموات ومفتاح الجنة ما هو؟ فسكت كبيرهم فقالوا: سألته عن مسائل كثيرة فأجاب عنها جميعاً، وقد سألك عن مسألةٍ واحدةٍ فعجزت عن جوابها، فقال: ما عجزت ولكنى أخاف أن أجيبه عن سؤاله فلا توافقونى، فقالوا: بلى نوافقك إذا أنت كبيرنا ومهما قلت لنا سمعناه ووافقناك عليه، قال: مفتاح السموات والجنة قول لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلما سمعوا ذلك منه أسلموا عن آخرهم وخربوا الدير وبنوه مسجداً، وقطعوا زنانيرهم فهناك نودى أبو يزيد رضى الله عنه فى سره يا أبا يزيد أنت شددت من أجلنا زناراً واحداً قطعنا من أجلك خمسمائة زنار.
روى أنه لما دخل هارون الرشيد حرم مكة ابتدأ بالطواف ومنع الناس من الطواف فسبقه أعرابى وجعل يطوف معه، فشق ذلك على أمير المؤمنين والتفت إلى حاجبه كالمنكر عليه، فقال الحاجب: يا أعرابى خل الطواف ليطوف أمير المؤمنين، فقال الأعرابى: إن الله قد ساوى بين الأنام فى هذا المقام والبيت والحرام، فقال تعالى: ﴿سَوَاءُ العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ، ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بإلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيمٍ﴾، فلما سمع الرشيد ذلك من الأعرابى أمر حاجبه بالكف عنه ثم جاء الرشيد إلى الحجر الأسود ليستلمه فسبقه الأعرابى فاستلمه، ثم أتى إلى المقام ليصلى فيه فسبقه الأعرابى فصلى فيه، فلما فرغ الرشيد من صلاته وطوافه قال للحاجب: ائتنى بالأعرابى فأتى الحاجب الأعرابى وقال له أجب أمير المؤمنين، فقال مالى إليه حاجة إن كانت له حاجة فهو أحق بالقيام غليها، فانصرف الحاجب مغضباً ثم قص على أمير المؤمنين حديثه، فقال صدق نحن أحق بالقيام والسعى إليه، ثم نهض أمير المؤمنين والحاجب بين يديه حتى وقف بإزاء الأعرابى وسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال له الرشيد: ياأخا العرب أأجلس ههنا بأمرك؟ فقال له الأعرابى: ليس البيت بيتى ولا الحرم حرمى البيت بيت الله والحرم حرم الله، وكلنا فيه سواء إن شئت تجلس، وإن شئت تنصرف، قال فعظم ذلك على الرشيد حيث سمع ما لم يخطر فى آذانه، وما ظن أحداً يواجهه بمثل ذلك فجلس إلى جانبه وقال له: ياأعرابى أريد أن أسألك عن فرضك فإن قمت به فأنت بغيره أقوم، وإن عجزت عنه فأنت بغيره أعجز، فقال له الأعرابى: سؤالك هذا سؤال متعلم أو سؤال متعنت؟ قال فعجب الرشيد من سرعة جوابه وقال: بل سؤال متعلم، فقال الأعرابى: قم واجلس مقام السائل من المسئول، قال فقام الرشيد وجثا على ركبتيه بين يدى الأعرابى، فقال له: قد جلست سل عما بدا لك، قال: أخبرنى بما فرضه الله عليك؟ فقال: تسألنى عن أى فرض أعن فرض واحدٍ أم عن خمسة فروض، أم عن سبعة عشر فرضاً، أم عن اربعةٍ وثلاثين فرضاً، أم عن أربعة وتسعين فرضاً، أم عن واحدةٍ من أربعين أم عن واحدةٍ طول العمر، أم عن خمسة من مائتين، قال فضحك الرشيد مستهزئاً ثم قال: سألتك عن فرض فأتيتنى بحساب الدهر، قال: ياهرون لولا الدين حساب لما أخذ الله الخلائق بالحساب يوم القيامة قال تعالى: ﴿فَلاَ تَظْلمُ نَفْسٌ شَيْئاً وإنْ كانَ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدلٍ أَتَيْنا بِهَا وكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾، قال فظهر الغضب فى وجه أمير المؤمنين وتغير من حالٍ إلى حال، قال له: يا هارون ولم يقل له يا أمير المؤمنين، وبلغ منه ذلك مبلغاً شديداً غير أن الله عصمه من ذلك الغضب، ورجع إلى عقله لما علم أن الله هو الذى أنطقه بذلك، ثم قال له الرشيد: وتربة آبائى وأجدادى إن لم تفسر لى ما قلت وإلا أمرت بضرب عنقك بين الصفا والمروة، فقال الحاجب: ياأمير المؤمنين اعف عنه وهبه لله تعالى، لأجل هذا المقام الشريف، قال فضحك الأعرابى من قولهما حتى استلقى على قفاه، فقال له الرشيد: مم تضحك؟ قال: عجباً منكما فإن أحدكما يستوهب أجلا قد حضر، والآخر يستعجل آجلاً لم يحضر، فلما سمع الرشيد ما سمع منه هانت عليه الدنيا، ثم قال: سألتك بالله إلا ما فسرت لى ما قلت فقد تشوقت نفسى إلى شرحه فقال الأعرابى: أما سؤالك عن فرض الله على فقد فرض الله على فروضاً كثيرةً فقولى لك عن فرض واحد فهو دين الإسلام، وأما قولى لك عن خمسة فروض فهى الصلوات الخمس. وأما قولى لك عن سبعة عشر فهى سبع عشر ركعة فى اليوم والليلة، وأما قولى لك عن أربعة وثلاثين فهى السجدات، وأما قولى لك عن أربع وتسعين فهى التكبيرات وأما قولى لك عن واحدةٍ من أربعين فهى الزكاة شاة من اربعين شاة وأما قولى لك عن واحدةٍ فى طول العمر فهى حجة فى طول العمر على الإنسان، وأما قولى لك عن خمسة من مائتين فهى زكاة الورق، فامتلأ الرشيد فرحاً وسروراً من تفسير هذه المسائل، ومن حسن كلام الأعرابى وعظم فطنته، واستعظمه فى عينه ثم إن الأعرابى قال للرشيد: سألتنى فأجبتك، فإذا سألتك أنا تجيبنى؟ فقال الرشيد: سل. فقال الأعرابى: ما يقول أمير المؤمنين فى رجل نظر إلى امرأة وقت الصباح، فكانت عليه حراماً، فلما كان الظهر حلت له، فلما كان العصر حرمت عليه، فإذا كان المغرب حلت له فإذا كان العشاء حرمت عليه، فإذا كان الفجر حلت له، فإذا كان الظهر حرمت عليه، فلما كان العصر حلت له، فلما كان المغرب حرمت عليه، فلما كان العشاء حلت له، فقال له الرشيد: فقد أوقعتنى فى بحر لا يخلصنى منه غيرك، فقال الأعرابى: أنت أمير المؤمنين وليس أحد فوقك، ولا ينبغى أن تعجز عن شئ فكيف تعجز عن مسألتى؟ فقال له الرشيد: لقد عظم قدرك العلم ورفع ذكرك، فأريد أن تفسر لى ما ذكرت إكراماً لى، ولهذا البيت الشريف، فقال الأعرابى: حباً وكرامة أما قولى لك فى رجل نظر إلى امرأةٍ وقت الصبح، فكانت عليه حراماً، فهذا رجل نظر إلى أمة غيره فهى حرام، ففلما كان الظهر اشتراها فحلت له، فلما كان العصر أعتقها فحرمت عليه، فلما كان المغرب تزوجها فحلت له، فلما كان العشاء طلقها فحرمت عليه، فلما كان الفجر راجعها فحلت له، فلما كان الظهر ارتد عن الإسلام فحرمت عليه، فلما كان العصر استتيب فرجع فحلت له، فلما كان المغرب ارتدت هى فحرمت عليه، فلما كان العشاء استتيبت فرجعت فحلت له، قال فتعجب الرشيد وفرح به، واشتد عجبه، ثم أمر له بعشرة آلاف درهم، فلما حضرت قال: لا حاجة لى بها ردها إلى أصحابها، قال فهل تريد أن أجرى لك جراية تكفيك مدة حياتك؟ قال: الذى أجرى عليك يجرى على، قال: فإن كان عليك دين قضيناه فلم يقبل منه،

ثم أنشد يقول:
هــب الدنـيا تؤاتينا سنـينا . فتكــدر تــارة وتلـذ حــينا .
فمـا أرضى بشئ ليس يبقى . وأتــركــه غــداً للوارثيـنا .
كأنى بالتــراب على يحــثى . وبالإخــوان حولــى نائـحينا .
ويوم تزفــر النــيران فــيه . وتقســم جهــرةً للسامعــينا .
وعــزة خالــقى وجــلال ربى . لأنتقــمن منكـــم أجمعـينا .
فلما فرغ من إنشاده تأوه الرشيد وسأل عنه وعن أهله وبلاده، فأخبروه أنه على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن شهيد كربلاء بن الإمام على رضى الله عنهم أجمعين وكان تزيا بزى الأعرابى زهداً فى الدنيا وتورعاً عنها فقام وقبله بين عينيه ثم قرأ: ﴿اللهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رَسَالَتَهُ﴾.

الله أكبر لا كبير ســواه جلت محامده وعــز ثناه
هادى العباد إلى سنا عرفانه لولا التفضل ما اهتدوا لسناه
ملك الملوك وحكمه فى خلقه ماض فلاحكم يرى لسواه
وهو السلام فلم يزل متقدساً ذاتاً ووصفاً فى كمال غناه
سبحانه القدوس فى حضراته عن كل ما لا ينبغى لعلاه
حقاً رداء الكبرياء له فما أردى المنازع فيه ما أشقاه
وهو الحفيظ لنا وليس يووده فى أرضه حفظ ولا بسماه
وهو اللطيف لما يشاء حقيقة من حفه باللطف منه كفاه
حسبى العليم بكنه حالى كافياً فى كل ما أرجوه أو أخشاه
ياحى ياقيوم يامن كلما ناداه مضطر أجاب دعاه
أنت الجليل الفرد والصمد الذى يعطى الذى يدعوه كل مناه
ياربــنا ياربــنا ياربــنا ياربــنا يــارب ياربــاه
يارب بالذات العلية باسمها بمصون سر فيــه ياغوثاه
اكشف كروب المسلمين جميعهم وأغثهم منا بنصرك ياهو
وأكيد مصر الكيد واردد كيده فى نحره وبلاه ما أرداه
وعلى حبيبك من سرى فى ليلة لعلاك فابتهج العلا لسراه
أذكى الصلاة مع السلام المرتضى ما أشرقت أرض النهى لسناه
والآل والأصحاب ماداع دعا بادى الضراعة فاستجيب دعاه

الدرس الثانى
التصوف هو التقوى. والصوفية هم المتقون:
هؤلاء هم الصوفية عند الإمام على. من خالف عن هذا فليس بصوفى. سأل همام عليا كرم الله وجهه فقال: صف لى المتقين كأنى أنظر إليهم فقال:
هم الذين منطقهم الصواب. وملبسهم الاقتصاد. ومشيهم التواضع غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم. ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم نزلت أنفسهم فى البلاء كالتى نزلت فى الرخاء.
لولا الأمل الذى كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم فى أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى ربهم. عظم الخالق فى أنفسهم فصغر مادونه فىأعينهم. قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة. وأجسادهم نحيفة. وأنفسهم غصيفة. صبروا أياماً قصيرةً أعقبتهم راحة طويلة. تجارة رابحة يسرها لهم ربهم. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها. أما الليل فصافون أقدامهم يرتلون إجزاء القرآن ترتيلاً. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً. وتطلعت نفوسهم إليها تشوقاً. وإذا مروا آية فيها تخويف صغوا إليها بمسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها فى أصول آذانهم. فهم جاثون على ركبهم. يطلبون من الله فكاك رقابهم. وأما النهار فحلماء علماء. أبرار أتقياء. قد براهم الخوف برى القداح. ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرضٍ. لا يرضون من أعمالهم بالقليل. ولا يستكثرون الكثير فهم لأنفسهم متهمون. ومن أعمالهم مشفقون. إذا ذكى أحدهم خاف مما يقال له. فيقول أنا أعلم بنفسى من غيرى. وربى أعلم بنفسى منى. اللهم لا تؤاخذنى بما يقولون واجعلنى أفضل مما يظنون. واغفر لى مالا يعلمون. فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة فى الدين. وحزناً فى لين. وإيماناً فى يقين. وحرصاً فى علم. وعملاً فى حلم. وقصداً فى غنى وتجملاً فى فاقةٍ. وخضوعاً فى عبادة. وصبراً فى شدة. وطلباً فى حلال. ونشاطاً فى هدى. وتحرجاً عن طمع. يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل. يمسى وهمه الشكر. ويصبح وهمه الذكر. يبيت حذراً. ويصبح فرحاً. حذراً من الغفلة. وفرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة إذا استعصت عليه نفسه فيما يكره، لم يعطها سؤلها فيما تحب قرة عينه فيما لا يزال وزهادته فيما لا يبقى. يمزج العلم بالحلم والقول بالعمل تراه قريباً أمله. قليلاً زلله خاشعاً قلبه. قانعة نفسه. سهلاً أمره حريزاً دينه. ميته شهوه. كظوماً غيظه. الخير منه مأمول. والشر منه مأمون. إن كان فى الغافلين كتب فى الذاكرين، يعفوا عمن ظلمه ويعطى من حرمه ويصل من قطعه. بعيداً فحشه لينا قوله. غائباً منكره. حاضراً معروفه. فى الزلازل وقور. وفى المكاره صبور. وفى الرخاء شكور. لا يحيف على من يبغض. ولا يأثم فيمن يحب. يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه. لا يضيع ما استحفظ. ولا ينابز بالألقاب. ولا يضر بالجار. ولا يشمت بالمصائب. إن بغى عليه صبر. حتى يكون الله هو الذى ينتقم له نفسه منه فى عناء. والناس منه فى راحة. أتعب نفسه لإخوته. وأراح الناس من نفسه. بعده عمن يتباعد عنه زهد ونزاهة. ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ليس تباعده بكبر وعظمة ولا دنوه بمكر وخديعة.
التصوف جاء به الوحى السماوى:
القائلون بأن التصوف بدعة. أو منكر مفتعل فى الدين أظنهم لا يعنون أبداً تصوف المسلمين وإنما يعنون هذا الركام المتنافر من الفلسفات الإلحادية والمذاهب الانحلالية بما فيها من النزوات والنزعات التى وفدت من التبطن والشعوبية والقرمطة. والتسلل الانحرافى بمختلف مستوياته. ثم اندست فى خضم هذا العلم. وليس هذا بمنطبق أبداً على التصوف الإسلامى النقى. ولا على الصفوة من رجاله بحمد الله، ولا نحب أن ندافع هنا عن أشخاص بالذات. ولكننا نحب أن نحسن الظن بالناس. وأن نتأول المنسوب إليهم. ما دام إلى ذلك سبيل من معقول أو منقول، ونرى أن التحوط فى مثل ذلك هو مقتضى الأدب والعلم والحكمة. وحين لا يكون إلى تأول من سبيل. فهم بشر يجتهدون فيخطئون أو يصيبون. وحسابهم على الله. والخطأ لا يخرج المخطئ من دين الله ولا يحرمه فضل الله. وكونه أخطأ فى جانب. لا يمنع أنه أصاب فى جوانب وفى الحديث المشهور بالبخارى ومسلم. أن جبريل جاء يعلم الناس مراتب الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان. وقد اتفق السلف والخلف على تسمية مقام الإحسان باسم "التصوف" فيكون معنى هذا أن التصوف مؤسس بالوحى. وأن الطريقة الصوفية الشرعية مما نزل به وحى السماء. من هذه الوجهة. ثم إذا عرفنا أن موضوع التصوف هو تصحيح العبودية للرحمن بالتحقق بأوصاف عباده (عباد الرحمن) مع معاناة الإيمان بالغيب وممارسة ما أمر به الله فى كتابه من نحو الذكر. والصبر. والمحبة والتوكل. والتوبة والإيثار. والمجاهدة المرتبطة بأحوال النفس والتطهر من نقائص الحسد والمكر ومختلف الرذائل. ودراسة أحوال الولاية والصديقية. ورعاية الأنفاس. وحفظ القلوب وما إلى ذلك مما يتعلق إجمالاً وتفصيلاً بالفضائل والعبادة. والسلوك وقدس الغيب وحقوق الألوهية. إذا عرفنا أن هذا جميعاً من القرآن الكريم. قلنا أيضاً بأن التصوف أو الطرق الشرعية قد أسسها الوحى السماوى مرتين: مرة بالقرآن. ومرة بالحديث كما رأيت وما أسسه الوحى فهو دين الله! !.
والوحى لايؤسس الأمور لتهمل وتتهم. ولكن لتمارس وتحترم ولا علينا من تسمية هذا المستوى الإسلامىالأعلى بالتصوف أو الطريقة أو غير ذلك. فهذه اصطلاحات لا تتأثر بها حقائق المسميات وماهيأتها.
ثم إن مراتب الدين التى فصلها الوحى فى الحديث المتفق عليه كما قلنا ثلاث:
أولها: الإسلام. وقد تكفل بخدمته علماء الفقه. فى مسائل العبادات والمعاملات.
وثانيها: الإيمان وقد تكفل بخدمته علماء العقائد فى مسائل التوحيد والسمعيات.
وثالثها: الإحسان. وقد تكفل بخدمته علماء التصوف فى مسائل السلوك والآداب العامة والخاصة وأحوال القلوب.
ومرجع ثلاثتها بالضرورة الفطرية إلى علوم التفسير والحديث ومقتضاهما من العلوم الخرى أى إلى الكتاب والسنة وعلومهما. وبهذا يثبت ثبوتاً علمياً قاطعاً أن البدعة كل البدعة. وأن المعصية كل المعصية. إنما هى فى ترك التصوف. وفى الدعوة إلى تركه. وفى الحملة الآثمة عليه وعلى رجاله الأبرار. من حيث إنه عبادة وخلق وسلوك جاء بها الكتاب والسنة كما رأيت.

الحقيقة والشريعة أيضاً:
وكلاهما شئ واحد. فالشريعة نظام ظاهر الشرع. والحقيقة إدراك التزامات اسراره وحكمه. وممارسة أهدافه وآثاره. وقد قلنا إن نسبة الماء إلى العود. ونسبة الثمرة إلى الشجرة. قال السيوطى نسبة الحقيقة إلى الشريعة. نسبة علم المعانى والبيان إلى علم النحو فهو لطائفة ومتعه وسره ولذائذه وجماله. فالنحوى يحكم بصحة قول الشاعر: (وليس قرب قبر حرب قبر) ولكن علماء البلاغة يرون هذا الكلام فاسداً لا جمال فيه ولا قوة، وقال العز بن عبد السلام: معرفة أحكام الظواهر معرفة لجل الشرع. ومعرفة أحكام البواطن معرفةً لدق الشرع. ولا ينكر شيئاً منهما إلا كافر أو فاجر. وقال الغزالى يضرب المثل ما جملته: إن المشرع يحكم بصحة الصلاة. بمجرد أداء هيكلها الظاهرى. أما المتحقق فلا يحكم بصحتها غلا مع الخشوع والتدبر والحضور. وإلا فهى عنده فاسدة. وإن كان ظاهرها سليماً. وإذا فلنعد إلى القول بأن الدين شئ واحد. هيكله وظاهره هو الشريعة ولبه وباطنه هو الحقيقة. فلا قيام لشريعة بغير حقيقة ولا قيام لحقيقة بغير شريعة فهما متلازمتان أبداً ولا تنافى. ولا اختلاف بينهما على الإطلاق. ولا غنى لإحداهما عن الأخرى. وبهذا قال الشيخ شلتوت أخيراً. والقائل بغير هذا ليس صوفياً مسلماً وإن تمسلم! ! والاحتجاج بقصة الخضر هنا مغالطة خبيثة قد تصل إلى الزندقة، فليس كل متشرع هو موسى، ولس كل متحقق هو الخضر، فكونوا كما كان الخضر، نصبر معكم كما صبر موسى معه! ! والاحتجاج بهذه القصة احتجاج بالأخص على الأعم وهو باطل، أو احتجاج على شريعة الإسلام بشريعة الخضر التى نسخها الإسلام. وهو أشد بطلاناً. وكل مايؤخذ من هذه القصة أن لكل حق حقيقة، ولكلظاهر باطناً، ومن وراء كل أمر سراً، وأن العقل أصغر من أن تكون له الإحاطة، وأن لكل صاحب مقام علماً، لا ينبغى لصاحب المقام الآخر، هذا هو تصوف المسلمين، وإنما إثمه على الذين يبدلونه.










_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 31, 2015 1:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067




الاخيار والأبدال والنجباء:
أخرج الطبرانى، وأبو نعيم، وابن عساكر، عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله r خيار أمتى فى كل قرن خمسمائة، والأبدال أربعون. فلا الخمسمائة ينقصون، ولا الأربعون، كلما مات رجل أبدل من الخمسمائة مكانه قالوا: يارسول الله دلنا على أعمالهم، قال: يعفون عمن ظلمهم، ويحسنون إلى من ما أساء إليهم، ويتواسون فيما أتاهم الله عز وجل.
قلنا: والأخيار الخمسمائة، هم المتفق على تسميتهم عند الصوفية بالأقطاب يعنى صفوة الأولياء. وأخرج أحمد فى مسنده عن شريح، قال: قال على بن أبى طالب: سمعت رسول الله r يقول: الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً، يسقى بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب. وأخرج الطبرانى عن ابن مسعود (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله r: لا يزال أربعون رجلاً من أمتى قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، يدفع الله بهم عن أهل الأرض يقال لهم الأبدال، إنهم لم يدركوها بصلاةٍ ولا صومٍ ولا صدقةٍ قالوا: يارسول الله فبم أدركوها؟ قال: بالسخاء والنصيحة للمسلمين. وأخرج الطبرانى، فى الأوسط عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله r: لن تخلو الأرض من أربعين رجلاً، فبهم تسقون. وبهم تنصرون ما مات رجل إلا أبدل الله ما كانه آخر. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس، عن على بن أبى طالب قال: الأبدال من الشام. والنجباء من أهل مصر. والأخيار من أهل العراق.
ومن مجموع هذه النصوص التى يعتضد بعضها ببعض، فتأخذ الرتبة التى تستعلى على الطعن والتجريح، فى مثل موضوعها يتبين أن:
أولاً: من عامة الصوفية الصادقين يختار الله السادة وهم (المفردون) الذين يأتون يوم القيامة خفاقاً كالغمام لا يحصيهم عدد، كما جاء فى الجامع الصغير وغيره. وأولئك هم الأولياء.
ثانياً: من (المفردين) يختار الله (الأخيار) الخمسمائة ولفظ الأخيار فيه معنى الاختيار والاصطفاء، وهؤلاء الأخيار هم أقطاب الأمة، فهم خلاصة الأولياء (المفردين).
ثالثاً: من الأخيار الخمسمائة وهم الأقطاب يختار الله (الأبدال) أربعون رجلاً. كلما مات منهم رجل بدله الله برجل من الخمسمائة.
رابعاً: من الأبدال يختار الله النجباء، وهم الأربعة الخواص. من أهل القطبانية العظمى.

خامساً: من الأربعة الخواص يختار الله (الغوث) الذى هو وارث المقام المحمدى حالاً وفعالاً ومقالاً، ويسمى الغوث لأن الله يغيث العباد ببركته وتوجهاته ولأن المستغيث به إلى الله مستجاب الوسيلة.
وكما أن هذا الغوث عندهم هو وارث المقام المحمدى، الأعظم فهم يقولون: إن الأقطاب الأربعة، كل منهم وارث للمقام الروحى لواحد من الخلفاء الأربعة، أبى بكر، وعمر، وعثمان وعلى رضى الله عنهم أجمعين. كما أنهم يقولون إن بقية الأقطاب على اقدام الخيرة من الصحابة رضى الله عنهم جميعاً. وإن هؤلاء الصفوة كانوا على أقدام الأنبياء والمرسلين. وهذا الترتيب لا يختلف مع العلم ولا مع العقل ولا مع الدين فى شئز فإنه لابد من جماعة هى خير من جماعة (هم درجات عند الله. ولكل درجات مما عملوا وما منا غلا له مقام معلوم) ثم إن طبيعة التفاضل تقتضى أنه لابد من رجل يكون له منزلة هى أفضل منازل أهل عصره. فهو سيد هذا العصر وصاحب وقته. وهو الذى يسميه الصوفية القطب الأعظم أو الغوث. ولا يعنينا التسميات. بقدر ما تعنينا الحقيقة الفعلية الواقعة. وليس أحد ملزماً باعتقاد هذا الترتيب فبعض السادة يخالف عنه، بحسب ذوقه وحاله. وكشفه ومقامه كما لا يكون اعتقاده إثما كذلك. ولكنه أمر منسق مع السنن الكونية. ومؤيد بالخبر النبوى. والإدراك الصحيح وكل امرئ حر فيما اختار لنفسه فيه. إلا فى إنكاره نهائياً، فتلك مجازفة علمية. وواقعية لا ينبغى لأهل الحق ولا تكون من العلماء بأية حال. وإنما هى من التعصب والجمود العقلى. والتخلف العلمى والروحى. ومن عمى البصائر والقلوب.

وقت الورد الأسبوعى:
وأما أن بعض الشاذلية والتجانية يلازمون الورد الأسبوعى بعد عصر الجمعة بصفة خاصة، فدليلهم ما نقله المنذرى. قال: أكثر الحديث فى الساعة التى ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر وثمة آثار ثابتة تدل أيضاً على أنها بين العصر والمغرب. وأفضل الدعاء الذكر، أخرج الترمذى وغيره: يقول الرب: من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين. وهكذا يختم هؤلاء المتعبدون أسبوعهم السابق بعبادة، وفى الوقت نفسه يستقبلون الأسبوع الجديد بنفس العبادة رجاء غفران ما مضى، وإصلاح ما بقى، ومعروف أن أوثق الأحاديث فى الصلاة الوسطى، أنها صلاة العصر، فهذا الوقت من الأوقات المشهودة فى أيام الأسبوع بعامة وفى يوم الجمعة بخاصة. ثم إن هذا الوقت وقت الأصيل، الذى كلفنا الله تعالى بذكره فيه حيث يقول عز شأنه: ﴿واذْكُر اسْم ربَك بُكْرةً وأَصِيلا﴾ وقد تكرر هذا المعنى على صورة متعددة.
وليس الناس ملزمين بإدراك الصواب، ولكنهم ملزمون بتحرى الصواب، ومن هنا لم يكن قول مجتهد مفروضاً على مجتهد آخر. وهذا هو السر فى أن شيئاً مندوباً فى مذهب ثم يكون هو مكروهاً فى مذهب آخر، واختيار وقت الورد الأسبوعى من هذا الباب. ولو لم يكن فيه إلا صرف العبد عن اللهو مع الركون إلى الله فى هذا الوقت لكفى وشفى.

أصل السبحة عند الصوفية:
جاء فى صحاح الأحاديث تكرار الندب وتكرار الحث على الذكر والتسبيح والتحميد وغيره، بأعدادٍ مخصوصةٍ، ثلاثة أو سبعة أو عشرة، أو أحد عشر، أو ثلاثة وثلاثين، أو سبعين أو مائة. إلخ كما هو ثابت فى أحاديث متعددة صحيحة كلها، ومازاد على ذلك فهو مأخوذ عن الصحابة والتابعين والسلف بأدلتهم الثابتة. وليس كل الناس قادراً على أن يسبح التسبيحات الكثيرة. بالقدر المطلوب هذا على أصابعه لاختلاف القدرات. والاستعدادات، وبعض الناس لو ذهب يعد على أصابعه لصرفه ذلك عن الأصل فى الذكر وهو التأمل والاستغراق، والتحقق، بما يقول حتى يندمج فى أنوار الفيض والمدد: فكان لابد من وسيلة للجمع بين الحصر وبين التأمل والتحقق والانتفاع بالعبادة.
وقد ثبت أن النبى دخل على بعض نسائه. وبين يديها حصى تعد به الذكر فسألها: هل لازلت على الحال التى تركتك عليه؟! ومعنى هذا أنه رأى بين يديها الحصى الذى تعد به. وهو خارج من داره ثم رآه وقد عاد إلى داره مرة أخرى. ولم ينكر عليها ذالك. r.
ثم علمها رسول الله صيغة تتعبد بها فيجتمع لها الخير الكثير، وليس فى هذا الحديث سنداً أو متناً طعن لطاعن، وجاء نحوه من طرق متعددة وألفاظ مختلفة. فكان هذا هو أصل السبحة فى الإسلام. وقد أخرج الإمام أحمد فى (الزهد) عن القاسم بن عبد الرحمن قال: كان لأبى الدرداء نوى من نوى العجوة فى كيس، فكان إذا صلى الغداة. أخرجهن واحدةً واحدةً يسبح بهن حتى ينفدن.
وأخرج ابن أبى شيبة عن أبى سعيد الخدرى أنه كان يسبح بالحصى، وأخرج عبد الله بن أحمد فى زوائد (الزهد) وأخرج أبو نعيم فى الحلية: أنه كان لأبى هريرة خيط عقد فيه ألف عقدة فلا ينام حتى يسبح به. وفى مسند الفردوس عن على مرفوعاً "نعم المذكر السبحة" وللسيوطى رسالة خاصة فى هذا الباب سماها: [المنحة فى اتخاذ السبحة].
ومن هذه الحاديث نستخلص:
أولاً: أنه السنة الثابتة جاءت بعبادة محصورة فى عدد خاص يجب أن تؤدى كما جاء بها الإذن، لما فى ذلك من أدب الطاعة وسر العدد.
ثانياً: ليس كل الناس قادراً على العد على يديه. مع استجماع الهمة والاستحضار فكان مما لا يتم الواجب إلا به اتخاذ سبب ووسيلة يتحقق بها الجمع بين العدد وفقه القلب. فكانت السبحة.
ثالثاً: كان ممن اتخذ هذه الوسيلة بعض زوجات النبى التى كانت تعد ذكرها على الحصى. وقد رآها النبى غير مرة فلم يمنعها. فأصبح اتخاذ وسيلة العد سنة إقرارية مستحسنة الاتباع.
رابعاً: فهم الصحابة: وعتهم أخذنا الدين: بعد رسول الله. أن الباب واسع فاتخذ بعضهم للعد كيس النوى. واتخذ البعض الآخر الخيط المعقد. حتى لا ينشغل بالعدد عن المدد الذى هو هدف الذكر والعبادة.
ثم تطورت الوسائل إلى السبحة المعروفة الآن. وربما اتخذها بعضهم من خامة غالية الثمن. فإن كان يريد بذلك تمجيد العبادة وتذكير نفسه بها، فلا نعلم بذلك بأساً، والأعمال بالنيات. وإن كان يريد بذلك شهرة ورياء ولفتاً لنظر الناس وعبثاً بأداة العبادة، فإثمه عليه، ولكل امرئ ما نوى.
وقد كان من وصايا أشياخنا أن يجعل الرجل يده وسبحته فى جيبه. ويذكر بقلبه أو لسانه، ويعد لا يراه أحد. ولا يحس به حتى من معه. اللهم إلا إذا كان فى محارمه وإخوانه فله أن يخرج مسبحته ليؤدى عليها راتب العبادة. منعاً من أن يحيط عمله بالرياء وعبث الشيطان. ومن المضحك المبكى أن تنصب الآن المعارك القلمية فى بعض الصحف من الفارغين والجامدين والحمقى. ليشغلوا الناس بما إذا كان استخدام السبحة جائزاً أو غير جائز. وحولهم النيا تمور وتفور بمتلاحق الفواجع. والبلاء المحيق بالدين والوطن. ثم لا تحس منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً.

الإنشاد الصوفى سنة نبوية:
أخرج الشيخان فى صحيحيهما عن البراء بن عازب أن النبى r كان ينشد يوم الخندق من شعر عبد الله بن رواحة:
والله لولا الله ما اهتدينا . ولا تصــدقنــا ولا صليــنا .
فأنــزلن سكــينة عليـــنا وثــبت الأقــدام إن لاقيــنا
إلخ.. إلخ../
روى البخارى، أن النبى r كان يمد صوته بالكلمات الأخيرة من المقطع فيقول: (لاقينا.. أبينا...) وكان الصحابة يرددون عليه إنشاه r فتأمل وتأمل! !.
وفى هذا الحديث وحده غناً وكفاية أى كفاية. وإقناع أى إقناع. فى بيان جواز الإنشاد الفردى كما كان يفعل النبى r. والإنشاد الجماعى كما كان يردد عليه الصحابة ومعنى هذا أن الإنشاد الفردى بالتلحين والإنشاد الجماعى به كلاهما سنة نبوية فعلية ثابتة. وأن رسول الله r هو إمام المنشدين المسلمين. أفراداً كانوا أو جماعات ولعل وراثة هذا المقام هى السبب فى النجاح الأكبر الذى كان يصادفه المنشدون الدعاة من أمثال ذى النون المصرىورابعة وأضرابهما. وممن كان يدعو إلى الله بجهاده وإنشاده، والحديث المذكور متفق عليه بين الشيخين البخارى ومسلم. وهما صاحبا أصح كتابين نأخذ عنهما ديننا بعد كتاب الله عز وجل. فالحديث فى أعلى مراتب الصحة. ولا حاجة بعده إلى دليلٍ فى هذا الباب.
ومع ذلك فقد ثبت أن ابن رواحة كان يغنى حادياً للعبس بين يدى النبى (ص)، وقصة غنائه عند منصرفه من خيبر. وقول النبى له إعجاباً وتذليلاً "رفقاً بالقوارير" يريد بالقوارير النساء المصاحبات للركب. فإنهن أضعف من احتمال هزات البعران وهى تنتشى مأخوذة بجمال الإنشاد لحناً وصوتاً، كل ذلك ثابت وثابت معه غناء أنس وإنشاده. مما يمنح مزيداً من القطع بسنية الإنشاد الفردى بحده الشرعى.
وإلى جانب ذلك ما ثبت من تغنى جماعة الصحابة وإنشادهم فى أثناء إقامة المسجد النبوى بقولهم:

اللهم إن العيش عيش الآخــرة . فبــارك الأنصــار والمهاجـــرة .
أو كما كانوا يقولون ثم ما ثبت من استقبال أهل المدينة له (ص) بالنشيد المشهور "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع".. إلخ .. إلخ. ففىهذا وذاك جديد من تعزيز الدليل على سنية الإنشاد الجماعى شأن الإنشاد الفردى سواء بسواء كلاهما سنة نبوية فعلية أو إقرارية! ! وبجوار ذلك مسألة جمال الصوت بالتلحين فإنها ثابتة فى الصحاح من قصة ابن مسعود فى التلاوة وقصة بلا وأبى محذورة فى الأذان وقصة ابن رواحة وأنس فى الحداء والإنشاد، ولا أحسبنى بعد هذا بحاجة إلى تفريغ الكلام فى هذا المقام وما جاء به فى باب [الإنشاد والسماع] من كلام حكم الشعر الصوفى فى الإسلام.
ولم يقل أحد بحرمة الشعر فى الإسلام حتى يقال إن تعاطى الصوفية للشعر خروج على مبادئ الإسلام. بل إن قول الشعر وسماعه سنة نبوية محققة. فقد استشهد الرسول (ص) بالشعر وأجراه الله على لسانه غير مقصود. فى مثل قوله: "أنا النبى لا كذب . أنا ابن عبد المطلب" ومثل قوله (ص) "إن أنت إلا أصبع دميت وفى سبيل الله مالاقيت" فلو كان الشعر رجساً ما أجراه الله على لسان النبى (ص)، وهذا إجازته (ص) كعباً على شعره ببردته التاريخية المشهورة. ثم نصبه المنبر لحسان فى المسجد ليلقى الشعر من فوقه مع دعائه (ص) لحسان. وتأييده وتشجيعه له. (ص) وقوله: "إن من الشعر لحكمة" إلخ.. إلخ. فكل ذلك دليل على سنية سماع الشعر، وقوله، والشعر كلام من الكلام: حسنه حسن. وقبيحه قبيح! !.
أما الآية: ﴿والشُّعَراءُ يَتَّبعُهُم الغَاوُونَ﴾ ففيها التنديد بنوع خاص من الشعراء الآثمين. الذين يناوءون دعوة الله. وليس فيها أى مساس بالشعر نفسه، وبجوار التنديد بهوؤلاء الشعراء الذين يتبعهم الغاوون. والذين هم فى كل وادٍ يهيمون والذين يقولون مالا يفعلون: فيها التمجيد بالاستثناء للشعراء الذين أمنوا وعملوا الصالحات. وذكروا الله كثيراً. مدافعين عن دعوته فى شعرهم. وانتصروا لدينهم ولرسولهم بشعرهم ذلك. من بعد ما ظلموا. من الشعراء وغير الشعراء. وبجوار التنديد والتمجيد. تهديد ووعيد. يرفع رتبة التنديد والتمجيد فى قوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَم الَّذِين ظَلَمُوا..﴾ إلخ هذا هو صريح الآية: تنديد بالشعراء الذين لا تقيدهم قيم ولا مثل ولا مبادئ ولا دعوات. وتمجيد اللسالكين المجاهدين منهم. حتى لقد قال ابن كثير: إن المراد بالشعراء فى هذه الآية هم الكفار بالذات وهو رأى على بن طلحة عن ابن عباس. ومجاهد. وعبد الرحمن بن زيد وجمعة. أما قوله تعالى: ﴿ومَا عَلَّمناهُ الشِّعْرَ ومَايَنْبَغى لَهُ﴾ فليس فيه المساس بالشعر كقيمة أدبية أو فنية بل فيه ارتفاع به. يجعل مستواه أعلىمستوى تستطيعه البشرية، ثم يجعل القرآن فوق هذا المستوى الأعلى حيث ﴿نزلَهُ رُوحُ القُدُس مِنْ رَبّك بالحَقِّ﴾ وليس سواء ما يصعد من الأرض، وما ينزل من السماء. وما يقال هنا. يقال فى قوله تعالى: ﴿وما هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ﴾ ونفى الشاعرية عن النبى هنا ضرورية لإثبات أن ما يقوله إنما هو من عند الله. على عكس ما يقوله الشاعر فإنه من أثر العبقرية والذكاء والتوفيق. وفرق هائل بين العبقرية والنبوة، وأظن الأمر قد وضح بعد. فسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

بماذا نتوسل؟!
مرة أخيرة نتحدث فى هذا الموضوع باختصار. فنقرر أن إجماع أهل الحق من الصوفية على أن التوسل إلى الله بأحد من خلقه حياً كان أو ميتاً ليس توسلاً بالذات الشرية ذات الطول والعرض، والحجم والجرم، واللون والظل، والحيز المعين فليس معقولاً ولا مقبولاً. أن يتوسل العبد إلى المعبود بكومةٍ من لحم وعظم وعصب، وإلا فإن الفيلة والأبقار والجمال والدببة أضخم جثة من الإنسان، ثم إن ذات الذهب والفضة ومختلف المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، أغلى قدراً من ذات اللحم والعظم. فلو كان المتوسل يعنى أن يتوسل بالذوات لذهب إلى ما هو أضخم. أو ما هو أغلى (ولا تنس بقرة موسى وعجل السامرى) فتعين أن يكون توسل المسلم بذات الحى والميت إنما هو توسل بشئ آخر غير الذات المتحيز الذى يشغل قدراً صغيراً أو كبيراً من الفراغ الكونى. هذا الشئ الآخر الذى يتوسل به المسلم. هو المعنى لخالد المحبوب للحق تعالى فى ذات عبده: من نحو الإيمان. والإخلاص والمحبة والصفاء واليقين والطاعة والجهاد والعلم والصبر والبركة والمعرفة والعمل الصالح. الذى تكون هذه الذات وعاءه ومصدره. وهذا هو المعنى المحبوب لله. هو التوسل. وبه يكون التوجه إله جل وعلا وهذا المعنى خالد ملازم لحقيقة الإنسان فى حياته الدنيا. وحياته الآخرة لأن الجزاء فى اليوم الآخر إنما يكون على أساسه. وهذا هو مفهوم جمهور المسلمين الذى به يعلمون جميعاً فى توسلهم بالحى والميت تؤيدهم هذه الأدلة العقلية، ثم النقلية معاً. أما تكريمهم لذات المتوسل به فمن حيث إن هذه الذات كانت ظرفاً ووعاء ومصدراً للمعنى الكريم المحب إلى الله وهو الذى به يكون التوسل كما قدمنا.

أنواع التوسل وحديث الأعمى:
إنه لا خلاف بين طوائف المسلمين إجماعاً. على ثلاثة أنواع من التوسل
النوع الأول: توسل الحى بالحى الصالح إلى الله.
النوع الثانى: توسل الحى بالعمل الصالح إلى الله.
النوع الثالث: التوسل إلى الله بذاته تعالى وبأسمائه وصفاته ونحوها.
وبما أن هذه النواع متفق عليها. فلا داعى لسرد الأدلة.
وإنما الخلاف هو على التوسل بالميت الصالح. فمنعه الوهابية ومن لف لفهم. أما جمهور المسلمين فأجازه إجماعاً للدليل العقلى الذى أسلفنا. ثم للأدلة النقلية المتعاضدة التى قد نكتفى منها بحديث الأعمى. من حيث إنه المحور الأكبر فى هذا الباب وحوله غالباً يدور النقاش.
روى الترمذى بسنده عن عثمان بن حنيف أن رجلاً أعمى أتى النبى (ص) فقال: إنى أصبت فى بصرى. فادع الله لى. قال: اذهب فتوضأ. وصل ركعتين، ثم قل: اللهم إنى أسألك وأتوجه اليك. بنبيى محمد. نبى الرحمة. يامحمد: إنى استشفع بك إلى ربى. فى رد بصرى. ثم قال (ص) وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك.
(وفى بعض روايات الحديث خلاف يسير فى الألفاظ ليس بذى بالٍ) ومن هذا الحديث. أخذ الفقهاء مندوبية صلاة الحاجة. فمن كانت له إلى الله تعالى حاجة صلى هذه الصلاة وتوجه إلى الله بهذا الدعاء. مع ما يناسبه من الدعاء المأثور وغيره. مما تمس إليه الحاجة.
ومنطوق الحديث حجة فى صحة التوسل بالحى. ومفهومه حجة على صحة التوسل بالميت على الأساس الذى قدمناه. من أن التوسل بالحى أو الميت. ليس توسلاً بالجسم ولا بالحياة ولا بالموت، ولكن بالمعنى الطيب الملازم للإنسان فى الموت والحياة، وما الجسم إلا حقيبة لصيانة هذا المعنى، فاستوجب بهذا تكريمه حياً كان أو ميتاً. على أن قوله (يامحمد) نداء للغائب الذى يستوى فيه الحى والميت.

حديث العمى والتوسل بالموتى:
ومع هذا فقد أخرج الطبرانى فى معجمه الصغير. عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه فى حاجة له وكان عثمان بن عفان لا يلتفت إليه ولا ينظر فى حجته فلقى ابن حنيف فشكا إليه ذلك فقال له عثمان بن حنيف: إيت الميضأة فتوضأ. ثم إيت المسجد. فصل فيه ركعتين. ثم قل: اللهم إنى اسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبى الرحمة، يامحمد إنى أتوجه بك إلى ربى. فيقضىحجتى. وقال: (وتذكر حاجتك. وروح. حتى أروح معك) فانطلق الرجل يصنع ما قال له: ثم أتى بالباب عثمان بن عفان رضى الله عنه فجاء البواب حتى أخذ بيده. فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة فال: ما حاجتك؟! فذكر حاجته. وقضاها له. ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت الساعة! ! وقال: ما كانت لك من حاجة فاذكرها! ! ثم إن الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيراً ما كان ينظر فى حاجتى ولا يلتفت إلى. حتى كلمته (يريد أن ابن حنيف كلمه وتوسط له) فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته. ولكنى شهدت رسول الله (ص) وأتاه ضرير. فشكا إليه ذهاب بصره فقال له. النبى (ص) أو تصبر؟! فقال يارسول الله إنه ليس لى قائد. وقد شق على فقال (ص): إيت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات. قال ابن حنيف فوالله ما تفرقنا. وطال بنا الحديث. حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط. وهذا نص قطعى فى صحة التوسل بالموتى.
تحقيق صحة حديث الضرير: قال الطبرانى: إنه حديث صحيح. وذكر أن عثمان بن عمر تفرد به عن شعبة. قال الشيخ ابن تيمية: إن الطبرانى ذكر تفرده بمبلغ علمه ولم يبلغه رواية روح بن عبادة عن شعبة. وذلك غسناد صحيح يبين أنه لم ينفرد به عثمان بن عمر(أهـ) وحتى لو سلمنا بانفراده به عن شعبة. وانفراد أبى جعفر عن عمارة. فهما ثقتان بإجماع علماء الحديث. وبهذا ينتفى تغريب الحديث عند الترمذى، وكم من حديث صحيح. ولكنه غريب كحديث (إنما الأعمال بالنيات) قلنا: وبهذا يتحقق علمياً أن الحديث صحيح على شرط الشيخين (البخارى ومسلم) ومع هذا فبعض من فى صدورهم غرض معين يضعف حديث الأعمى هذا من رواية الترمذى. بحجة أن فى سنده رجلاً غير معروف. والقاعدة عند علماء الحديث. أن المجهول عند واحدٍ. إذا كان معلوماً عند غيره. فالحجة للعالم به والمثبت مقدم على النافى عند أهل العلم وقد قال الترمذى عنه (حجديث: حسن صحيح غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه من حديث أبى جعفر. قال: وهو غير الخطمى) بفتح الخاء. ومعنى هذا أن رواة الحديث مع مجهولية أبى جعفر عند الترمذى: مقبولون.
وعلماء الحديث الذين سبقوا الترمذى حققوا أن أبا جعفر هذا المجهول عند الترمذى هو الخطمى بعينه. قال ابن أبى خيثمة: أبو جعفر هذا. الذى حدث عنه حماد بن سامة اسمه عمير بن يزيد. وهو أبو جعفر الذى يروى عنه شعبة، ثم روى الحديث من طريق عثمان عن شعبة عن أبى جعفر. قال ابن تيمية بعد أن روى حديث الترمذى: (وسائر العلماء قالوا هو أبو جعفر الخطمى وهو الصواب) قلنا: وفى (تغريب التهذيب) للحافظ بن حجر أنه الخطمى. وأنه صدوق (من السادسة) وفى (الاستيعاب) لابن عبد البر. أنه الخطمى كذلك. ثم إن الحديث كذلك رواه البيهقى من طريق الحاكم وأقر تصحيحه. وقد رواه الحاكم بسند على شرط اشيخين وأقره الحافظ الذهبى. ومعنى هذا أن جميع رجال السند معروفون لكبار أئمة الحديث كالذهبى (وهو من هو تشدداً) وابن حجر (وهو من هو ضبطاً وحفظاً وتحقيقاً) والحاكم والبيهقى والطبرانى وابن عبد البر وابن تيمية إلخ. ثم إن هذا الحديث أخرجه البخارى فى (التاريخ الكبير) وابن ماجه فى (السنن) ونص على صحته. والنسائى فى (عمل اليوم والليلة) وأبو نعيم فى (معرفة الصحابة) والبيهقى فى (دلائل النبوة) والمنذرى فى (الترغيب) والهيثمى فى (المجمع) والطبرانى فى (الكبير) وقد نص على صحته نحو خمسة عشر حافظاً. وهكذا جاء الحديث كما قدمنا على شرط الصحيحين: البخارى ومسلم فلم يبق بعد هذا مطعن لطاعن أو مغمز لمغتمز فى صحة الحديث، وبالتالى فى جواز التوسل بالحى والميت جميعاً. وأنف الكارهين فى الرغام.

موضوع توسل الصحابة بالعباس:
وتوسل بعض الصحابة بالعباس عم رسول الله فى الاستسقاء بعد وفاة النبى لا ينفى أبداً صحة التوسل بالنبى فى قبره. إذ لا تنافى بين الأمرين. بدليل أنه بينما كانت طائفة تتوسل بالعباس لقرابته من النبى (ص) (ومعنى هذا أنهم يتوسلون بالنبى) كان بعضهم يتوسل إلى الله مستسقياً بالرسول فى قبره فقد أخرج البخارى فى (التاريخ) وابن أبى خيثمة. والبيهقى: أن بلال بن الحارث الصحابى أتى إلى قبر رسول الله (ص) أيام الرمادة (القحط) فى عهد عمر. وقال: (يارسول الله: استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا) إلخ. وهو نص من فعل الصحابة فى صحة التوسل بالميت لم ينكر عليه أحد.
وقد روى ابن عبد البر فى الاستيعاب سبب توسل الصحابة بالعباس وهو لا يتنافى مع التوسل بالنبى (ص) فى قبره. بل هو هو. قلنا: لأن علة توسلهم به (رضى الله عنه) هى قرابته من الرسول. فكأنهم توسلوا بالرسول وبعمه فى وقت واحدٍ.
وكلام الحافظ فى (الفتح) يؤيد هذا الجانب شأن جمهور علماء المسلمين وهو معتضد بخبر فتح الكوى فى سقف الحجرة المشرفة توسلاً إلى الله باللطف بالعباد.

علماء الأصول والتوسل بالموتى:
وعلماء (أصول الدين) هم أهل الاختصاص فى هذا المجال. وليس لمنكر من بعد مقالهم مقال. فقد أجازوا التوسل بصالحى الموتى. وفى مقدمتهم. علامة الدنيا الإمام فخر الدين الرازى فى (المطالب العالية) وإمام البيان العلامة سعد الدين التفتازانى فى شرح (المقاصد) وإمام الإعجاز العلامة الشريف الجرجانى. فى حاشية (المطالع) ولهم فى ذلك توجيهات. وتفاصيل. ونقول وفلسفات تؤكد مايكون بين الزائر والمزور من المدد والإفاضة الروحانية. على نسبة منزلة كل منهما فى الحياتين وفى (مناسك) الإمام أحمد. رواية أبى بكر المروزى. فى التوسل إلى الله تعالى بالنبى (ص) فى قبره. وهناك صيغة طويلة للتوسل به (ص) عند الحنابلة ذكرها أبو الوفاء بن عقيل فى (التذكرة) فلا خلاف عند كبار الحنابلة على ذلك، وتوسل الإمام الشافعى بالإمام أبى حنيفةمذكور فى أوائل (تاريخ الخطيب) بسند صحيح.
والاحتجاج على منع التوسل بالموتى بقصة (ود وسواع) احتجاج، بما هو غريب عن مواطن النزاع فلا يلتفت إليه لأن المغالطة شئ غير العلم.

آية الوسيلة:
بعد كل ما تقدم يظهر لك بغاية الوضوح. والصراحة المطلقة علمياً وعاطفياً أن قوله تعالى: ﴿يَا أَيُها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ﴾ أمر عام يشمل الوسيلة بالأحياء والأموات. بقدر ما يشمل الوسيلة بالمعانى الرفيعة والأعمال الصالحة والقول بتخصيص الآية أو تحديدها. إنما هو تحكم فى دين الله. وشذوذ لم يقبله الجمهور من قبل. ولن يقبله من بعد. على علم وبصيره وإيمان ومنطق مقنع مسكت ملجم كما رأيت.

الفرق بين الوسيلة والوساطة:
ولابد من الإشارة هنا إلى أننا نفرق بين التوسل والوساطة.
فالتوسل هو الطلب من الله تعالى مباشرة مع الاستشفاع إليه بما يحب أو بمن يحب فالله تعالى هو المقصود والمتفرد بالعطاء وهو المطلوب منه وحده.
وقد ثبت عند أبى دوادٍ: أن الحصابى قال لرسول الله (ص) إننا نستشفع بك إلى الله. ويستشفع بالله إليك فأقر النبى الاستشفاع به إلى الله ونهى عن الاتشفاع إلى أحدٍ من الخلق بالله تعالى. فهذا هو التوسل: تقول اللهم إنى أسألك. أو أتوجه إليك. أو أتوسل إليك بك أو بأسمائك أو ببركة فلان أو بحبه أو إيمانه. أو يقينه أو نحو ذلك من عمله وعملك الصالح إلخ. والقائل اللهم إنى أسألك بفلان (مباشرة) إنما هو يريد التوسل إلى الله ببركته أو منزلته عند الله أو عمله الصالح فكلامه كما يقول علماء اللغة والنحو: (على حذف مضاف) ملحوظ فى نفس المتوسل. بقدر ما يناسب المقام. وبهذا يثبت المتوسل لله تعالى الفعل والترك المطلق. ويقرر الاستعانة به وحده فيما يبغى ويطلب. ويعترف له بالتوحيد المطلق الأكيد. مع اعترافه بالتفريط فى جنب الله. حتى لا يرى نفسه أهلاً للجرأة بالأنفراد فى الإقبال عليه. فهو لهذا يطلب الوسيلة إليه. أما الوساطة فشئ غير ذلك. ليس من المسلمين رجل واحد يقول بها. علم أو جهل فهى طلب من ذات الوسط، وإيمان بأنه قادر على الفعل والترك. دون التفات إلى الله تعالى من قريب أو بعيد. أو مع التفات هو أدنى إلى الشرك بالله. أو لعله الشرك بالله. وليس ف المسلمين إطلاقاً من يعتقد أن لأحد مع الله فعل أو ترك. أو خلق. أو رزق. أو إحياء. أو إماتة. وقول بعضهم: جهلا أو خطأ أو عادة. أو تقليداً (ياسيدى فلان). إنما يريد (يارب سيدى فلان) فكلامه كما قدمنا على حذف مضاف أو منادى. إذ أنه يريد الاستشفاع به إلى الله فيخطئه التعبير فقط. ولكن لا يخطئه التوحيد والإيمان وتسمية سوء التعبير شركاً جهل بالعلم والدين وإخراج لجمهور المسلمين من حظيرة الإسلام. بغير حق.

آية ليقربونا إلى الله:
وقد بين الله تعالى كفر القائلين بالوساطة بطلبهم من وسطائهم مباشرة. ولرفعهم إياهم إلى رتبة العبادة والفعل مع الله. قال الله تعالى: ﴿والَّذِينَ تَدْعُون مِنْ دُونِهِ أوْلَيَاء. مانَعْبُدُهُم إلاَّ لِيُقرِّبُونا إلّى اللهِ زُلْفَى﴾ فانظر إلى قوله: ﴿مانَعْبُدهم﴾ وانظر إلى قوله: ﴿لِيقرِّبُونا﴾ وتأمل!. فقد أثبت تعالى فى العبادة الأولى. أنهم يعبدونهم. وفرق كبير بين (نَعْبُدهم) وبين (نتوسل بهم. أو نستشفع بهم) فالتوسل والاستشفاع غير العبادة. لغة واصطلاحاً وعقلاً وشرعاً، وواقعاً وحقيقة. وهكذا أثبت أن الكفر والشرك كان بعبادتهم لوسطائهم ولم تتعرض الآية للتوسل ولا الاستشفاع بتاتاً. فثبت أنه غير ممنوع. ولا معنى لإقحامه فيما ليس منه تقليداً أو تعصباً. أو حمقاً. أو جهلاً. أو ضيق أفق.
وفى العبارة الثانية أثبت تعالى أنهم عبدوهم ليقربوهم فقولهم ليقربونا فيه إثباتهم قدرة الفعل والترك للمخلوقين الذين اتخذوهم وشطاء فجعلوهم آلهة بيدهم الأمر دون الله. ولا كذلك التوسل الذى هو كما قدمنا طلب مباشر من الله انفراداً. مع مزيد رجاء القبول بالتوسل والاستشفاع ثم مع التماس الأماكن التى قد يرجى فيها رفع الدعاء. وفيض السماء. مما تقل فيه المعاصى، كالمساجد والأضرحة. وبهذا تظهر المغالطة الكبرى. فى استشهاد بعضهم بهذه الآية على منع التوسل فإنما هى منع للشرك. وهو شئ غير التوسل. وعلى الناس أن يسموا الأشياء بأسمائها حتى لا يخونوا أمانة العلم والإنصاف والديانة، ثم إن هذه الآية. مما نزل نصاً فى المشركين فسحب حكمها على الموحدين نقل للحكم إلى غير موضعه بلا وجه حق. وقد نص البخارى على أن هذه الطريقة إنما استحدثها الخوارج فى دين الله. حينما عمدوا إلى ما أنزل الله فى الكفار فطبقوه على المسلمين تعصباً ومغالاةً بغير دليل.

من معنى قولهم: أهل التصريف:
والقائلون: بأن فلاناً من (أهل التصريف) ثلاً: يريدون أنه من أهل الوجاهة عند الله والقبول لديه. وأنه من أهل استجابة الدعاء. سواء كان نطقاً باللسان أو توجهاً بالقلب أو تحركاً للإرادة وكنه الهمة فى حدود ما جاء فى الحديث القدسى الصحيح: (ولئن سألنى لأعطينه. ولئن استعاذنى لأعيذنه) وحديث (أعطيته أفضل ما أعطى السائلين) أو كما قال (ص): (رب أشعث أغبر ذى طمرين مدفوع بالأبوب. لو أقسم على الله لأبره) وهو معنى قول السادة: (إن لله عباداً إذا أرادوا أراد) ترجمة لقوله تعالى: ﴿أدْعُونى أَسْتَجِبْ لَكُم﴾ فافهم! ! فالمراد بالتصريف هنا. هو تفضل الله تعالى على عبده بإيقاعه تعالى للأمر. (كما سبق فى علمه القديم) على مراد عبده الظاهرى. كما يجئ فى دعائه القولى، أو توجهه القلبى أو تحرك إرادته الروحية وذلك تنفيذاً لترتيب الأسباب والمسببات على مقتضى ما فى اللوح وأم الكتاب.
فليس العبد مصرفاً شيئاً مع الله. ولكن الله تعالى يتفضل فيصرف الأشياء كما هى فى علمه. على مراد أوليائه وأحبائه ظاهراً. تنفيذاً لسبق إرادته. فأهل التصريف يعنون بهم أهل الفضل الإلهى، الذين يكرمهم الله بتحقيق مرادهم فيما يطلبونه من الكونيات. سواء كان الطلب بالقول أو الفعل أو الهمة. والهمة يعنى بها كثير من الصوفية. تحرك الإرادة الروحية. التى يجعلها الله سبباً عادياً من أسباب انفعال الأكوان بقدرته تعالى، ليحقق بها المطلوب لعباده الصالحين وبطريقة أخرى: إن الله تعالى يجعل عبده الصالح نفسه. أداة من أدوات تنفيذ المراد الإلهى الأزلى. الذى قد يظهر فى صور مراد العبد البشرى ومثل ذلك: أن عيسى كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله: وكان ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون فى بيوتهم. وهو ليس إلا عبد أنعم الله عليه وليس له فى الأمر شئ ككل عبد. لكن الله جعل إرادة العبد سبباً عادياً فى سابق علمه. وجعل هذا العبد أداة لتنفيذ المراد الإلهى الذى انفعلت به إرادة العبد البشرية ففاضت به من عالم الغيب إلى عالم الشهود وهذا المقام خاص بالربانيين. الذين هم على أقدام الأنبياء فكل ما يصدر عنهم ليس منهم. فقد ذابت بشريتهم وفنيت إرادتهم. وبقيت روحانيتهم أثراً لقيامهم فى مقام المحبوبية كما جاء فى الحديث القدسى عن الله يقول: (فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به. وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها) ومعنى هذا تجرده من كل شئ إلا من مظاهر انعكاس الصفات الإلهية عليه، فتظهر كأنها منه وما هى إلا من الله. وهو معنى قول السادة رضى الله عنهم على لسان الحق تعالى: (عبدى: أطعنى أجعلك ربانيا تقول للشئ كن فيكون). وقد بين الله طريق الدخول إلى هذا المقام فقال: (كونوا ربانين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون﴾ فافهم ذلك لئلا تخطئ أو تضل أو تتجنى. ولم تكن تعلم. من معنى قولهم: مدد ياسيدى والقائل: (مدد ياسيدى فلان) فهو إما بطلب المدد من الحى أو من الميت.
فطلب المدد من الحى معناه: طلب دعائه، وإرشاده وروحانيته وتوجيهه، وتربيته وبركة صلاحه وتقواه. وما هو من هذا السبيل.
وطلب المدد من الميت معناه: طلب التوسل به غلى الله. والاستشفاع به إليه تعالى فى قضاء الحوائج. ودفع الجوائح والتماس بركة مقامه عند الله.
والاستمداد من مدد الله الذى أعطاه (وللآخِرةُ أكْبر دَرَجَاتٍ وأَكْبُر تَفْضِيلاٍ﴾ وفى أول هذا البحث أثبتنا أن التوسل إلى الله بصالحى الأحياء والموتى ليس معناه التوسل بالذات المشخصة من اللحم والدم والعظم والعصب. وإنما هو التوجه إلى الله بالمعنى الطيب فى الإنسان الطيب والمعنى الطيب ملازم للروح سواء تعلقت الروح بالجسم فى الحياة! أو تخلصت من الجسم بالموت واستقرت فى برزخها على مقامها هناك ﴿وهُمْ دَرَجاتُ عِنْدَ اللهِ﴾ (زوَلِكلِّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ ﴿وَمَا مِنَّا إلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ (أَمْ نَجْعَلُ المتَّقِينَ كالفُجَّارِ؟!﴾.
وهذا القدر من العلم البسيط هو الكم المشترك بين الجمهور المسلم ثم ينفرد الخاصة من أهل الله بما يقرره الدين والعلم القديم والحديث. من إثبات الطاقات والقوى والسالات والتيارات والأسرار الروحية. التى تنفعل لها الأشياء بقدرة الله كسبب من الأسباب الطبيعية فى سنة الله ونواميس الكون. ولهذه الطاقات والقوى والسيالات آثار إيجابية مسلم بها علماً وديناً. وتوجهها من الإنسان إلى الإنسان. أو منه إلى بعض الأكوان. له ماله من التأثير العجيب عند أهل العلم والمعرفة قديماً وحديثاً.
ولنضرب مثلاً بالحسد، أو بالتنويم المغناطيسى. وأثرهما محسوس مكرر مقرر فى العلم والشريعة. ويشهد لذلك مما ترى من قوة الشخصية وهيبتها وضعف الشخصية وتفاهتها. وانعكاس هذا وذاك على الاخرين. فهذا من بعض معانى المعدد عند المحققين. ولا يقولن قائل. عالم أو جاهل إن فى هذا دعاء لغير الله. أو طلباً من سواه. فطالب المدد طالب خير من الله. ملتمس منه بوسيلة مشروعة. وهو صاحب استشفاع مستحب. كما أسلفنا ذلك. وأساليب اللغة من حيث المجاز والاستعارة والكناية. والبلاغة فى حذف المضاف ثم واقع الأمر فى ذات طالب المدد كل ذلك يحمل عنه وزر الجهل والخطأ وحكم العادة. والنبى يقول: "كفوا عن أهل لا إله إلا الله. لا تكفروهم بذنب. ولا تخرجوهم من الإسلام بعمل" وبهذا ينضم الدين إلى جانب الجاهل والمخطئ فى التعبير بغير عمد ولا إصرر وقد قررنا أن الموسل والمستشفع وطالب المدد، كلهم معترف بذنوبه مقر بعيوبه. متجرد من حوله وقوته. فهو لا يرى نفسه أهلاً للمثول فى الحضرة العلية بما عليه من الأوزار والأوضار. وبخوفه حتى من أن تكون طاعاته مدخولة مردودة فهو يرجو أن يتقبله الله ويغفر له بتجرده من ظلمه علمه وعمله. ثم ببركة من يعتقد الخير فيه من أهل الله. فهو كما يتوجه إلى الله بخوفه من نفسه يتوجه إليه تعالى برجائه فى حبه لغيره. وهكذا يبدأ المتوسل (تذللاً وتواضعاً وانكساراً) من مقام الخوف من الله والفقر إليه. إلى مقام الرجاء فيه والثقة به فانيا عن ذاته وجهده فيتردد بين فضلين ربانيين لايخطئه أحدهما بإذن الله.
والأعمال أولاً وأخيراً بالنيات. ولكل امرئ ما نوى. والحديث النبوى يقول: "ألا هلك المتنطعون"! ! "سددوا وقاربوا". "ويسروا ولا تعسروا" وقد سئل رسول الله: أين التقوى؟ فأشار إلى صدره ثلاثاً يقول: التقوى ههنا.

التوسل بالجاه والحق للحى والميت:
يقول الألوسى. فى الجزء الثانى من تفسيره: أنا لا أرى بأساً فى التوسل إلى الله تعالى بجاه النبى (ص) حياً وميتاً. ويراد من الجاه معنى يرجع إلى صفة من صفاته تعالى مثل أن يراد به المحبة العامة، المستدعية عدم رده وقبول شفاعته. إلى أن قال: بل لا أرى بأساً بالإقسام على الله تعالى بجاهه (ص) بهذا المعنى والكلام فى الحرمة. كالكلام فى الجاه. اهـ.
قلنا: وقد جعل الله لخلقه عليه حقاً فضلاً منه ونعمة قال: ﴿وكانَ حَقًّا عَلينَا نَصْر المؤْمِنِينَ﴾ وقال: ﴿وَعْداً عَليهِ حَقًّا﴾ وقال: ﴿كَتَبَ رَبْكُم عَلَى نَفْسِه الرَّحْمَة﴾ لطفاً وتفضلاً. لا وجوباً ولا إلزاماً. ومن هنا جاز الإقسام على الله _بحقه وحق) أحيائه. استغلالاً للهدية التى أهداها الله من فضل لعباده، وليس من الدين أن ترد هدية الله عليه وعليه جاء حديث أبى سعيد عند ابن ماجه الذى يقول فيه (ص): "اللهم إنى أسألك بحق السائلين عليك" وقد رواه (ابن خزيمة) فى صحيحه. عن طريق فضيل بن مرزوق. وذكره (رزيق) ورواه (أحمد بن منيع) فى مسنده. ولعلك تلاحظ أن السائلين هنا تشمل الأحياء والموتى. وعليه جاء حديث عمر (رضى الله عنه): لما اقترف آدم الخطيئة. قال: "يارب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لى" أخرجه الحاكم فى المستدرك بسند صحيح. وأخرجه الطبرانى فى الأوسط والصغير. وهو مما قد قبله مالك رضى الله عنه فى مضمون ما روى ابن حميد من قصته مع أبى جعفر كما أخرجه عياض (رضى الله عنه) فى الشفاء بسند جيد. وعليه أيضاً جاء حديث الطبرانى فى الأوسط والكبير الذى يدعو فيه النبى لفاطمة بنت أسد أم الإمام على عند قبرها. فيقول (ص): "اللهم ارحم فاطمة بنت أسد بحق نبيك. والأنبياء من قبلى". قال علماؤنا ورجال هذا الحديث ثقات كلهم. واختلف بعضهم فى (روح بن صلاح) أحد رواته ولكن ابن حبان ذكره فى الثقات. وقال عنه الحاكم: ثقة مأمون. وكلا الحافظين صحح الحديث. وهكذا قال الهيثمى فى (مجمع الزوائد) ورجاله رجال الصحيح.
وتلاحظ هنا أيضاً أن الأنبياء الذين توسل النبى 0ص) بحقهم على الله فى هذا الحديث قد ماتوا فثبت جواز التوسل إلى الله (بالحق) وبأهل الحق أحياء وموتى. وعليه كذلك جاء حديث أبى سعيد "أسألك بحق السائلين عليك" وقد اختلف بعضهم فى (ابن الموفق وابن مرزوق) من رواته ولكن ابن الموفق لم ينفرد عن ابن مرزوق وابن مرزوق من رجال مسلم. وابن الموفق شاركه فى الرواية ابن منيع. وابن دكين وابن فضيل. والحديث أخرجه ابن السنى فى (عمل اليوم والليلة) عن بلال. بسند ليس فيه ابن الموفق ولا ابن مرزوق ولا عطية. وقد حسنه العراقى وابن حجر. وله شواهد ومتابعات شتى، وقوله (ص) هنا بحق السائلين شامل للأحياء والأموات جميعاً. ولك أن ترجع الحق إلى معنى آخر كالفضل والبركة ونحوه والباب واسع.

التوسل بالبهائم:
من طرائف مايذكر عن فضيلة السيد العالم الصوفى الشيخ "عبد ربه سليمان" قوله فى هذا الموضوع: إن الله قد شرع التوسل إليه (بالبهائم) فى صلاة الاستسقاء. كما شرع فيها التوسل إليه (بالأطفال) فهل يكون المؤمن الصالح حياً كان أو ميتاً. أقل عند الله منزلة من (المواشى والأطفال)؟! وهو ملحظ طريف بحق. وقياس منطقى ملجم.

الوسائل والمسائل:
نقول: إن فى قوله تعالى: ﴿إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ إذ قدم القبادة على الاستعانة الندب إلى تقديم الوسائل بين يدى المسائل. فتكون الوسيلة عملاً تعبدياً من جانب وتكون سنة كونية كسبب يترتب عليه المسبب. من جانب آخر. ثم تكون الوسيلة أمراً مطلوباً. وشريعةً مفضلةً من قبل ومن بعد.

التزوير العلمى:
قوله تعالى: ﴿ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وقوله: ﴿فَإنِّى قَريبٌ. أُجيبُ دَعْوةَ الدَّاعِ إذا دَعانِ﴾ ونحو هذه الآيات. وما فى معناها من الحديث الشريف كقوله r: "إذا استعنت فاستعن بالله" له مفاهيم أساسية لا تقبل الجدل. منها أن الدعاء والاستعانة يجوز أن يكون بوسيلة وبغير وسيلة. لإطلاق الأمر فى النص بالدعاء والاستعانة دون قيد معين لا فى الكتب ولا فى السنة. ومنها أن التحكم فى الإلزام بالدعاء والاستعانة من غير وسيلة نوع من التعصب لم يقم عليه دليل من هذه النصوص ولا من غيرها، إذا الدليل مع غيره بل إن من أكبر أسباب القاق فى هذه المسألة. وما هو منها. أو نحوها بين جمهور المسلمين والمتمسلفة والوهابية. الإصرار على هذا التزوير العلمى. والإطلاقات المبهمة ومن ذلك تسمية الأشياء بغير أسمائها كما يسمون الزيارة: عبادة ويسمون التوسل شركاً. ويسمون سوء التعبير أو الفهم كفراً. وهكذا.
ومن ذلك تنقل الأحكام إلى غير مواضعها. فينقلون أحكام الحلال والحرام تعسفاً ومجازفة. إلى أحكام الكفر والإيمان. فى مثل مسائل الزيارة والتوسل ونحوهما. ومن ذلك مخاطرتهم بالمغالطة فى سحبهم الآيات التى نزلت نصاً فى الكافرين والمشركين والمنافقين على أهل القبلة مع الفارق الأكبر من كل الوجوه ليصلوا بالسفسطة إلى إخراجهم من دين الله بغير شرع ولا منطق، وليس ذلك غليهم ولا إلى أحدٍ أبداً، مهما كان شأنه. ولو أنا سمينا الأسماء باسمائها. وبحثنا بروح العلم والإنصاف حجج الآخرين وحقائق أحوالهم وترفعنا عن المجازفة والمهاترة لم يخرج موقفنا مع مسلم مهما كانت مخالفته لغيره. عن حد النصح أو العذر، ولكان من وراء ذلك جمع الشمل. وتوحيد الصف والتفرغ لمواجهة ما هو أخطر وأنكر.

التوسل بالأدنى:
ولا يشترط أبداً فيمن تتخذه وسيلة إلى الله. أن يكون أفضل منك أو من غيرك من المسلمين فقد صح أن النبى r لما استأذنه عمر فى العمرة قال r له: "لا تنسنا ياأخى من دعائك".
وكذلك صح أن النبى r أمر عمر أن يطلب الدعاء من أويس القرنى. رضى الله عنهما. وقد طلب النبى r من أمته أن تدعو له بالوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود. وفى هذه المسائل الثلاث طلب الأعلى ممن هو دونه وبهذا يندفع اعتراض بعضهم. حين يقول: لعل الذى نتوسل به إلى الله لم يكن شيئاً مذكوراً عند الله. ثم إن الأمر أولاً وأخيراً بحسب موضعه من النية والقلب وهبنى أحسنت الظن برجل مستور الحال. أو رجل غير ذى بال. فالله يجزينى على حسن ظنى ويجزيه على سوء فعله. والمسلم غير مأمور بأن ينقب عن قلوب الناس كما ورد عن رسول الله r، بل نحاسب على الظواهر والله يتولى السرائر.

معنى انقطاع عمل الميت:
حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. إلخ" لا ينفى أبداً جواز انتفاع الميت بعمل الغير. بل إن الحديث نفسه يثبت انتفاع الميت بعمل غيره. وهو الابن فإن الابن غير الأب. وقد ثبت انتفاع الأب به. وقد بوب إمام المتمسلفة الشيخ ابن تيمية لانتفاع الميت بعمل غيره. وأثبت ذلك إثباتاً كاملاً. عقلاً ونقلاً. كماأثبته تلميذه ابن القيم فى كتاب (الروح) ورد سوء فهم قوله تعالى: ﴿وأنْ لَيْسَ لِلإنْسانِ إلاَّ ما سَعَى﴾ فيرجع إليه.
والخلاصة أن انقطاع عمل الميت من الدنيا لا ينفى انتفاعه بعمل الغير فيها. وأقرب الأدلة المكررة على ذلك صلاة الجنازة والصدقة. والحج عنه. والدعاء له. وفى القرآن: ﴿رَبَّنا اغِفْرْ لَنا ولإخْوانِنا الَّذينَ سَبَقُونا باِلإيَمانِ﴾ وهو نص فى انتفاع الميت بعمل الحى. فانقطاع العمل لا يعنى انقطاع البركة والمدد ﴿هُمْ دَرجَاتٌ عِنْدَ اللهِ﴾ ﴿أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِم يُرْزَقُون﴾.

قصد المعالم المباركة:
وقصد الأماكن والمعالم المباركة التى يرجى فيها استجابة الدعاء والتوسل لسبب أو لآخر. شرع منصوص. كما حدث فى ليلة الإسراء لسيدنا المصطفى r حيث وهو فى طريقه إلى المسجد الأقصى. نزل عن براقه فصلى فى عدة أمكنة معينة فى كتب الحديث والسيرة. ومنها طور سيناء. ومولد عيسى. ثم إن فى مشاهد الحج واختيار أماكن معينة فيه للدعاء والتعبد ونحوه أكبر دليل على ذلك.

التبرك بآثار الصالحين:
التبرك بآثار الصالحين جائز, وقد نقل الحافظ العراقى فى (فتح المتعال) بسنده أن الإمام أحمد ابن حنبل أجاز تقبيل قبر النبى r وغيره تبركاً، وقال وعندما رأى ذلك الشيخ ابن تيمية عجب قال: وأى عجب فى ذلك وقد روينا أن الإمام أحمد تبرك بالشرب من ماء غسل قميص الإمام الشافعى. بل روى ابن تيمية نفسه تبرك أحمد بآثار الشافعى.
وفى (الحكايات المنثورة) للإمام الحافظ الضياء المقدسى. أن الحافظ عبد الغنى المقدسى الحنبلى أصيب بدمل أعجزه علاجه. فمسح به قبر الإمام أحمد بن حنبل تبركاً. فبرئ. وفى تاريخ الخطيب: أن الإمام الشافعى كان يتبرك بزيارة قبر الإمام أبى حنيفة مدة إقامته بالعراق.
ولعل أصل ذلك (أولاً) تبرك المسلمين بشعر النبى وضوئه وسوره وملابسه وإقراره r لذلك.و(ثانياً) ما جاء من أن (فاطمة) رضى الله عنها عندما زارت قبر أبيها سيدنا الرسول r قبضت قبضة من التراب. وقالت الشعر المشهور. ثم قبلت هذا التراب. و(ثالثاً) ماثبت من أن بلالاً مرغ خديه على عتبات الحجرة النبوية باكياً بين يدى الصحابة (رضى الله عنهم). ثم لم يرد أن أحداً من الصحابة أنكر عليه. ولا على فاطمة و(رابعاً) ما ورد عن ابن عمر من أنه كان يتبرك بوضع يديه مكان يدى رسول الله r على منبره. إلخ.

الحياة البرزخية:
حياة الموتى، عند الله، أتم وأكمل من حياة الأحياء على الأرض. ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ومِنْ وَرَائِهِم بَرْزَخُ إلَى يَوْم يُبْعَثُونَ﴾ ثم دليلة ما ورد فى الصحاح من اجتماع أرواح الأنبياء بالنبى r فى ليلة الإسراء. واحتفالهم المقدس به وما تبادلوه معه من خطب. وما حدث بينه وبينهم من أخذ ورد فى المعراج من سماء إلى سماء. مما يدل على أن حياة الأرواح موصولة بأهل الأرض ثم دليل آخر فى موقفه r على المشركين الذين قتلوا يوم بدر وسحبوا إلى القليب. وقد جعل يحدثهم فلما سئل عن ذلك قال: "ما أنتم والله بأسمع منهم" وكل هذا ثابت فى الصحاح لم يمار فيه أحد. فإذا كان المشركون بعد الموت أشد سماعاً من المسلمين فى الحياة فكيف يكون شأن موتى المسلمين؟ ذلك مضاف إلى حديث عرض الأعمال. وقد بلغ رتبة التواتر أو كاد. وتؤيده قوله تعالى: ﴿ويَسْتَبْشِرُونَ بالَّذينَ لَمْ يَلْحقُوا بِهمْ﴾ الآية. ودليل آخر فى أخبار القرآن عن عذاب آل فرعون بالقبور. ﴿النَّارُ يُعْرضُونَ عَلْيها غُدُوًّا وعشِيًّا﴾ ومقتضاه أن يكون هناك نعيم قطعى يعرض الصالحون عليه غدواً وعشياً عدلاً من الله وفضلاً. ولا يكون العذاب ولا النعيم. إلا للمدرك الحى. فالإنسان موجود فى الدنيا بصورة خاصة. وهو موجود كذلك بعد الممات، ولكن بصورة خاصة أيضاً وإنما الموت انتقال من حال إلى حال. ومن دار إلى دار. فالإنسان بكل خصائصه ومميزاته موجود سواء كان حياً أو ميتاً. ووجوده بعد الموت أكمل من وجوده الدنيوى. لتخلصه من قيود البشرية. وأغلال الحد والزمن وتمتعه بالانطلاق الذى لا يعرف القيد ولا الحد، ولا الأوقات. وقد ألف فى الحياة البرزخية غير واحد من علمائنا الأعلام. وفى صدرهم العلامة المحدث الشيخ اللكنوى فى (تذكرة الراشد) وقد قرر المرحوم الشيخ الكوثرى. أنه رأى فى مخطوطات دار الكتب المصرية كتاباً عجيباً اسمه (مصباح الظلام) للشيخ محمد بن موسى التلمسانى حقق فيه حياة أهل القبول وموضوع التوسل بالنبى r بمالا مزيد عليه.

الفاتحة لكذا أو لفلان:
أولاً: سورة الفاتحة قرآن والتوسل إلى الله بالقرآن لم يمنعه أحد. هو مندوب إليه. ولم يقل أحد إنه بدعه! !.
وثانياً: قراءة سورة الفاتحة (نفس حركة القراءة) عمل صالح. والتوسل إلى الله بالعمل الصالح لم يمنعه أحد. بل هو مستحب. ولم يستنكره مسلم.
وثالثاً: سورة الفاتحة هى الكم المشترك حفظه من القرآن من جميع المسلمين فى مختلف الأوطان. وعلى مختلف المستويات. وما جاء فى فضلها لم يجئ فى سورة سواها، ويكفى فى جلالها أن تكون أساس كل صلاة، ورقية رسول الله r وهذه القضايا الثلاث لم يختلف عليها أحد من الأمة. وهى أصول هذا الموضوع وملاكه. فالقائل: (الفاتحة لكذا وكذا) متوسل إلى الله تعالى بشئ من كتابه. ثم هو متوسل إليه بعمل صالح. هو قراءة الشئ من كتابه. رجاء أن يقضى الله له كذا وكذا مما يهمه من حاجته.
والقائل: (الفاتحة لفلان) حجياً كان أو ميتاً. متوسل إلى الله بعمل صالح. هو قراءة هذا الشئ من كتابه. رجاء أن يكرم الله الحى بما هو أهله. وأن يكرم الله الميت بما هو أهله فيقضى بنعمته حاجة الحى. أو يرفع درجة الميت وكما ترى هو أمر من حيث الفقه سائع مشروع. ومن حيث المنطق بالغ مرفوع. ثم هو مؤيد بالإجماع العام المجدد من الأمة وهى لا تجمع على ضلالة قط (وما رآه المسلمون حسناً. فهو عند الله حسن) فإنكاره هو المنكر الشنيع ونستغفر الله.

الدرس الثالث
يقول مولانا العارف بالله السيد برهانن الدين أبو الإخلاص عميد أهل التوحيد الإخلاصى: لما تم الديوان أتانا نفر من الخلان يقولون إن أحد المتنطعين يتهجم على سيد المرسلين وأهل بيته والمحبين فى بيت من بيوت رب العالمين، فقلت لهم: هلا قرأ قول عالم السر والنجوى ﴿قَلْ لاَ أَسْأَلكُم عَلْيهِ أَجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فى القُرْبَى﴾ قال أبو العباس عبد الله بن عباس رضى الله عنه لما نزلت هذه الآية قالوا يارسول الله من قرابتك الذين وجبت مودتهم؟ قال r: على وفاطمة وولداها.
وروى مسلم والترمذى والنسائى عن زيد بن أرقم أن رسول الله r قال: "أذكركم الله فى أهل بيتى" وروى ابن حبان والحاكم عن أبى سعيد قال: قال رسول الله r: "لايبغضن أهل البيت رجل إلا أدخله الله تعالى النار" وفى بعض الآثار ما يدل على عموم القربى وشمولها لبنى عبد المطلب. وقد أخرج الإمام أحمد والترمذى وصححه عن المطلب بن ربيعة قال: دخل العباس على رسول الله r فقال: إنا لنخرج فنرى قريشاً تحدث فإن رأونا سكتوا فغضب رسول الله r ودر عرق بن عينيه ثم قال: "والله لايدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم لله تعالى ولقرابتى" وآثار تلك المودة التعظيم والاحترام والقيام بأداء الحقوق أتم قيام لقول الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: من سره أن يحيا حياتى ويموت مماتى وليسكن جنة عدن التى غرسها ربى فليوالى علياً من بعدى وليوالى وليه وليعتقد بأهل بيتى من بعدى خلقوا من طينتى ورزقوا فهمى وعلمى، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتى القاطعين فيهم حليتى لا أنالهم الله شفاعتى. كذا فى الترمذى. وقال r: استوصوا بأهل بيتى خيراً فإنى أخاصمكم عنهم غداً ومن أكن خصمه خصمه الله. وأخرج البخارى. قال r: "إنى أوشك أن أدعى فأجيب. وإنى تارك فيكم الثقلين: كتاب الله حبل ممدود من الأرض إلى السماء. وعترتى أهل بيتى. وإن اللطيف الخبير أخبرنى أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض يوم القيامة، فانظروا بما تخلفونى فيهما" وروى الحاكم والترمذى وصححه على شرط الشيخين قال r: "أحبو أهل بيتى" وروى الطبرانى والدار قطنى (وصححه الهيثمى والسبكى) قال r: "ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببى ونسبى" وروى أحمد والحاكم والبيهقى. عن حمزة بن أبى سعيد الخدرى قال: سمعت رسول الله r يقول: "ما بال رجال يقولون إن رحم رسول الله لاتنفع يوم القيامة بلى. والله إن رحمى لموصولة فى الدنيا والآخرة" قال عمر بن الخطاب: فتزوجت أم كلثوم بنت الإمام على رضى الله عنه رجاء أن يكون بينى وبينه r نسب وسبب (أو كما قال) وأخرج أحمد فى المناقب. قال r: "يامعشر بنى هاشم والذى بعثنى بالحق نبياً. لو أخذت بحلق الجنة. ما بدأت إلا بكم" وأخرج السرى والملا فى السيرة قال r: "لو أن رجلاً صف قدميه وصلى. ولقى الله وهو مبغض لأهل البيت لدخل النار" وأخرج الملا أيضاً عن أنس. قال r: "نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد" (تأمل كثيراً) ويجب أن يقف عند هذا الحديث كثير من المتعالمين الذين لا يعلمون! ! وأخرج الإمام الرضا عن على قال: قال r: "إن الله حرم الجنة على من ظلم أهل بيتى أو قاتلهم أو أغار عليهم أو سبهم" فتأمل يرحمك الله! وأخرج الترمذى وأبو حاتم. يقول r لآل بيته: "أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم".
من يــوم ألســت أوحــده إذ خاطــبنى وأمــجــده
يتعــرف لى بتــود ومــدى الأنفــاس تـودده
كــم يبعث لى مالا يحصى تتدفق إنعــامــاً يــده
يأتى بالليل ليســترنى وخطــايا زاد تعـــدده
أنظر للأفق وقد بزغت من فوق الجو فراقده
والبدر تبدى أوسطها يرمى بالنور يصعده
والليل على الأكوان رمى ثوباً غطاها أسوده
وعوالم مولانا سكنت وسكون الحادث مرقده
وإذا ما الفجر بدا يسعى خلف الديجور يشرده
والخلق جميعاً قد قاموا والكل جفاه مقعده
قد ساقهم لمقاصدهم إذ حاجة كل مقصده
يسعون لعيش منقسم ولكل أجل حدده
وأعد نظراً للأرض وما تحوى والكل موائده
شجرة ومياه ونبات والجبل العالى أطوده
والوحش به إذ يكفلها والبهم وكل وحده
من ردد فى الأشياء نظراً فبأية كيف يجحده
والأشيا حقا ناطقة وجميع الكون يوحده
يشهده عبد وفقه وبسير منه يشهده
كشف الأغيار بلا ريب عن قلب فيه تفرده
ماوسع المولى كرسى والعرش كذاك وأعمده
ووجود يبدو فى كون لوفى مولاى توجده
بل قلب العارف معمور يتجليه إذ يفرده
أثر يرويه أساتذة عرفوا والكل أماجده
فالزم إن شئت طريقهم يلزمها عبد يسعده
والذكر طريق الوصل به وسلاح فتى قد يقصده
من يجعله من ديدنه بشهود منه يفرده
فالهج بالذكر تجد عجباً من ربك فيما تقصده
تلج الملكوت وتدخلها والقلب تجلى شاهده
وتناجى من عالم قدس وتحل الصدق ومقعده
وهنالك تضرب آلات والعز تلوح وسائده
من يذكر ربى يذكره ويشــرفــه ويؤيـــده
ويهــذبــه ويطــهــره ويــحــادثـه ويــوادده
يفنــيه فــيه ويعــدمه يبـقـيه بصـحـو يردده
يتجــلى الله لــه دومـا بنـتعـيم فـيـه يخـلده
فـزمــان العـارف أعيــاد مــادام العــارف يشــهده
وطريق القـتوم صـراط الله يســير بـتها من يسـعده
وبـها قبــلا سلف سعدوا رفعــوا فى الهــو قواعده
فاحـذر أن تتبع غيرهــم أو تسمع مـمــن شـرده
فالحــق قديــما حـاربه بعـض والبــعض عانده
والسير إليه بوصفهم نــور يتلآلآ زائــده
رحماك إلهى ضـاع الحق وراح يقينــاً مرشـده
فبجاهــهم ربـى كرمــا هب لى وصــلا لا أفقده
وامنحنى نــوراً قدســيا يعلــو فى دينــك واجده
وأملأ سرى فيــضاً طهراً واكشف لى مــالا أشهده
وصلاة الله على طــه من تأتى مــنه فوائده
والآل وأصحــاب كرمــوا هــم عمد الدين وأعمده

يقول خويدم الفقراء: عذرى أكرره لأحبابى الصوفية الذين يبعثون إلى بأسئلتهم واستفتاءاتهم. ثم أجدنى مضطراً إلى تأجيل الإجابة عليها انشغالاً بتسجيل هذا العمل العلمى. رجاء قطع دابر نذالة التوقح على سيدنا رسول الله المصطفى. باسم الدين والإصرار على أذاه r فى قبره باسم السلفية. والتمكين لأعداء دعوته منه r، ومن دينه باسم السنة المظلومة والتمتع بغريزة الاستئساد على الموتى باسم التوحيد افخلاصى المفترى عليه. لكل هذا وهو خطر عميق عريض أرجو أن يعذرنى اصحاب الأسئلة والاستفتاءات. فإن الذى أحاوله الآن هو الحفاظ على الأصل العظيم. ووقايته من عوامل التحطيم بالحمق والغفلة، ومن أسباب التدمير بالوقاحة والتعالم. ومن وسائل التخريب فى سبيل شهوة الشهرة. وتحصيل المال الحرام، والمركز الدنيوى الفانى الذليل، وكل ذلك يهم إخوانى كما يهمنى أو يزيد. إن جوهر الإيمان والعقيدة لا يقدس غلا بقدسية مبلغ الإيمان والعقيدة وحاملهما إلى الناس فإن الطيب لا يحمل إلا الطيب. والخبيث لا يحمل إلا الخبيث. ومحاولة استنقاص النبى r تحت أى ستار كمحاولة اغتمازه r فى شخصه باسم البشرية. أوفى أبوية باسم التوحيد الإخلاصى فى خصائصه ومعجزاته باسم العلم. إنما كل ذلك بقية من حملات الزندقة والتبطن والقرمطة وميراث من الشعونبية والاستشراق والتبشير، وتلوث ببقايات التعالم والجهل والقشرية الفاضحة ولعبة خطيرة من أقذر ألعاب الاستعمار اللئيم. كما فصلنا ذلك فيما أسلفنا من مقال. وقد قدمنا فى كلماتنا السابقة الأدلة القاطعة (رغم التركيز والإجمال بحكم ضيق الوقت والصحة والمجال) على أن معجزاته 0ص) قطعية الثبوت واليوم نقدم بإذن الله مصرع دعوى كفر أبويه أو أنهما (كما يزعمون) فى النار حتى يكون اعتقاد بنجاتهما بمشيئة الله كذلك قطعى الثبوت ثم نقدم ذلك كله إلى الله ورسوله شفاعة نلتمس بها الستر والمغفرة والنجاة من النار. ونقدمه للمسلمين مدداً روحياً. يثبت الإيمان وينمى اليقين ويزيد الله به الذين اهتدوا هدى ﴿والَّذِين لا يُؤمِنونَ فى آذَانِهِم وَقْرٌ وهُوَ عَلْيهِم عَمّى﴾.
أصل هذه الفتنة:
أما أصل هذه الفتنة هو فى الحقيقة. ضيق الأفق العلمى وسوء الأدب الجبلى وتجميد المفاهيم على مستوى السطحية والسذاجة والاعتصام بنقيصة التعالم ومخالفة الجماهير لسبب لايرفع الخسيسة ولا يعذر به صاحبه. كل هذا عند حسن الظن. وإلا فنعوذ بالله من انحراق البواطن. والتواء الغايات. والزندقة فى مظهر الإيمان وكل مايملكه القائلون بكفر أبوى النبى وأنها فى النار بزعمهم: هو حديث مسلم عن أبى هريرة. أن النبى r عندما زار قبر أمه قال: "استأذنت ربى تعالى على أن أستغفر لها فلم يأذن لى. فاستأذنته أن أزور قبرها فأذن لى" وحديث مسلم عن أنس أن رجلاً قال: يارسول الله أين أبى؟ فقال r "إن أبى وأباك فى النار" أو نحو هذين الحديثين. وقد كان ممن سقط بهم الفهم الساذج فى هذا الجانب ملا على القارئ وآخرون غفر الله له ولهم. وقد لقى فى حياته وبعد مماته. ما كان ينبغى أن يكون عبرة لغيره رغم ما جاء من توبته ورجوعه عن سقطته فلم تحترم له ذات. ولم ينتفع له بعلم ولا ارتفع لأثره ذكر، وكان يكفينا وييقطع الألسنة من البلاعيم أن تقول: إن الدليل الظنى إذا عارضه دليل يقينى تعين أحد أمرين إما القول بالنسخ أو محاولة التوفيق بين الدليلين وإلا سقط الدليل الظنى وفقد اعتباره بقيام الدليل اليقينى. والخبران اللذان ذكرناهما، من أخبار الآحاد التى لا تفيد علمياً إلا الظن! ! وهما معارضان بالقرآن الذى لا يفيد علمياً إلا اليقين! ! فإن أبوى النى كانا من أهل الفترة لم تبلغهما رسالة ولم يبعث فى عهدهما رسول. والله تعالى يقول: ﴿وما كُنَّا مُعذِّبِينَ حتَّى نَبعَث رَسُولاً﴾ والآية محكمة من أمهات الكتاب. فهى ناسخة أو مسقطة لما عارضها من أخبار الآحاد. وإن صحت نسبة هذه الأخبار من الوجهة الفنية. وهذا هو رأى القسطلانى وقد أطبقت الأئمة الأشاعرة من أهل الأصول والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة مات ناجياً. قال السيوطى وهذا مذهب لا خلاف عليه بين الأشاعرة والشافعية. كان يكفينا هذا إغلاق هذا الباب والوقوف مع الإيمان والأدب وقطع دابر البلبلة. ومنع إهدار أوقات الناس فيما لا خير معه ولا فيه على الإطلاق وبخاصة أن هذه المسألة ليست من المسائل التى يتعين العلم بها، ولا هى مما يضر الجهل به. ولا هى مما يسأل عنه فى القبر. ولا فى الحشر لحفظ اللسان على الأقل من الكلام فيها أحوط وأسلم.








_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 31, 2015 1:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067




بعض الأئمة وبعض الأدلة:
وقد سئل إمام المالكية أبو بكر بن العربى عن رجل قال: إن أبويه r فى النار فأجاب بأنه ملعون.. لقوله تعالى: ﴿إنَّ الَّذينَ يُؤْذُونَ الله ورَسُولَهُ لَعَنَهُم اللهُ فى الدُّنْيا والآخِرَة﴾. قال. ولا أذى أعظم من أن يقال إن أباه فى النار! ! وقال العلامة السحيمى فى شرحه على (عبد السلام) إنه يجب اعتقاد أن جميع آباء الأنبياء وأمهاتهم مؤمنون. وأنهم فى الجنة مخلدون. قال: وهذا هو الذى نعتقده ونلقى الله عليه. نقول: وهو أجمعت عليه الجماهير وتلقته الأمة بالقبول. وقال الحلوانى فى (المواكب). القول بكفر أبويه r ذلة عاقل نعوذ بالله من ذلك فمن تفوه به فقد تعرض للكفر بإيذائه r. وذكر أبو نعيم فى (الحلية) أن عمر بن عبد العزيز غضب على كاتبه. وعزله من جميع دواوينه لأنه سمع منه ماهو من هذا الباب. ومن أدلة هؤلاء الأئمة ما رواه الطبرانى: من أن عكرمة ابن أبى جهل اشتكى إليه r أن الناس يسبون أباه (أبا جهل) فقال r لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات. وإذا كان الإسلام يوجب الأدب مع عكرمة فى أبيه المتفق على كفره وشركه فلا شك أن رسول الله أولى بهذا الأدب. وهو r فى قبره حى يرزق عند ربه.
وفى المنهل: جاءت بنت أبى لهب تشكو غليه 0ص) وهو مغضب شديد الغضب فقال: ما بال أقوام يؤذوننى فى نسبى وذوى رحمى. ألا من أذى نسبى وذوى رحمى فقد آذانى، ومن آذانى فقد آذى الله عز وجل.
وفى هذا الحديث مزجر ومقنع لمن أدبه الله. وعليه كان السادة الأحناف يكرهون القراءة فى الصلاة بسورة (اللهب) تحاشياً وتحوطاً وأدباً فى حقه r، ثم إن أبوى النبى r قد ماتا. والنهى عن سب الموتى ثابت صريح. ولا شك أن اتهامها بالكفر أو نحوه سب قبيح. فهو فى جملته مخالف للنهى القاطع وفى الحديث الصحيح( مانهيتكم عنه فاجتنبوه).

المفاهيم العلمية فى حديث أم النبى r:
أما المفاهيم العلمية (فيما نعتقد) فى حديث منع الرسول من الاستغفار لأمه فهى:
1- أن الاستغفار فرع المؤاخذة على الذنب. ومن لم تبلغه الدعوة لايؤاخذ على ذنبه. فلا حاجة إلى الاستغفار له من ذنب لن يؤاخذه الله عليه. فيقع الاستغفار آنئذ لغواً ليس من شأن الأنبياء.
2- أن هذا الاستغفار وقتئذ كان مما يراد به مشرك أو منافق. ولم تكن أم الرسول r من أى من هذين الصنفين فلو ترك الله رسوله ليستغفر لها. لعدها الناس منهم. بحكم العرف وليس كذلك شأنها.
3- أن أهل بيته r ومنهم أمه لا يدخلون النار لما أخرجه ابن سعد عنه 0ص): "سألت ربى ألا يدخل النار أحد من أهل بيتى فأعطانى ذلك" ولما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس فى آية ﴿ولَسَوْف يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ على أن رضا سيدنا محمد r ألا يدخل أحد من أهل بيته النار. وهكذا إلا يكون ثمت مقتضى للاستغفار لها وهى من أهل الجنة بإذن الله.
4- قولهم إن آية ﴿ولا تسأل عَنْ أصْحَابِ الجَحِيمِ﴾ نزلت فى خصوص أبويه. أجمع علماء الحديث على ضعف إسناده وعدم الاحتجاج به على الأقل والمقطوع به إجماعاً أن الآية نزلت فى أهل الكتاب بدليل السياق الصريح.
5- روى أبو نعيم فى (دلائل النبوة) عن أسماء بنت دهم أنها شهدت آمنة فى مرض موتها تنظر إلى ولدها (محمد) وهو غلام. وتنشده شعراً كله توحيد وإيمان بالله كما جاء عنها نثر كثير يقرر هذا المعنى ويؤكده فهى من المؤمنات. قال لارزقانى فى شرح (المواهب اللدنية) نقلاً عن الجلال السيوطى بعد ذكر هذه الأبيات التى أنشدتها آمنة لابنها وهذا القول منها صريح فى أنها موحدة إلى أن قال: وهذا القدر كاف فى التبرى من الكفر. وثبوت صفة التوحيد... إلخ.
6- منع النبى من الاستغفار لأمه. لا يستلزم عقلاً ولا علماً أن تكون كافرة. فقد منع الله النبى فى أول الإسلام من الاستغفار لمن مات وعليه دين. لم يترك له وفاء بل كان قد منع النبى r من الصلاة عليه. فضلاً عن الاستغفار له. وهو مسلم لا ريب فيه فمنعه r من الاستغفار لأمه قد يكون لمعنى آخر كالذى ذكرنا. فهو من أدلة النجاة فيما رأيناه (إن سلمنا بالأخذ بهذا الحديث).

المفاهيم العلمية فى حديث والد النبى r:
1- أما حديث رد النبى على من سأله قائلاً: "إن أبى وأباك فى النار" فإنما هو من رواية حماد ابن سلمة. وهو معارض بحديث معمر بن راشد. كلاهما أى (حماد ومعمر) عن ثابت وليس فى حديث معمر عبارة: "إن أبى وأباك فى النار" بل فيه أن النبى r رد على الرجل قائلاً: "إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار" وفى رواية (لفظ مشرك بدلاً من كافر). وعند العلماء أن معمراً أثبت من حماد لأن حماداً فى أحاديثه مناكير وقد تكلم علماء الرجال فى حظه. ولم يخرج له البخارى ومسلم فى الأصول إلا من روايته عن ثابت. أما معمر فلم يتكلم أحد فى حفظه ولا أتهم بالمناكير وقد اتفق البخارى ومسلم على التخريج له. فهو أثبت. وحديثه مقدم بالإجماع ويؤيد حديث معمر ما رواه الطبرانى والبيهقى والبزار عن حديث سعد بن أبى وقاص بمثل لفظه. وأخرج بن ماجه من طريق الزهرى عن سالم ونحوه وهكذا تترجح رواية معمر علمياً. بقدر ما يرجحها العقل. ومن ثم قال بعض المحدثين: لعل رواية حماد. كانت من تصرف الراوى بالمعنى على حسب فهمه لاستبعاد أن يكون هذا هو المنطوق النبوى. فليس عليه من نور النبوة شئ. وهكذا يسقط هذا الجزء (على الأقل) من رواية حماد. نيثبت مكانه الجزء المروى عن معمر بترجحاته العلمية والعقلية. فتسقط حجية الحديث فيما اقاموه فيه.
2- نقل ثقات مؤرخى السيرة الشريفة بإسنادهم عن عبد الله والد النبى r قصة المرأة التى دعته إلى نفسها فاستعصم. وقال شعراً يؤكد إيمانه بالله واستمساكه بالشرائع السماوية السابقة. فلم يثبت من طريق قوى ولا ضعيف أن عبد الله مات كافراً أو مشركاً. أو أنه عبد وثناً أو اتخذ له صنما أو جاء بفعل كفرى من أفعال الجاهلية فهو مؤمن ناج بإذن الله.
3- وحتى لو سرنا إلى آخر الشوط مع الذين يؤذون الرسول فى أبيه. وسلمنا جدلاً بصحة الحديث (وقد عرفت تفاهته بما فيه) فالحديث غير محكم. بل هو معلول بالاحتمال، ومتى ثبت الاحتمال فقد بطل الاستدلال. إذ أنه يحتمل أن يكون المراد بأبيه r عمه أبو طالب (إذا قلنا بأنه فى النار) فقد كان مشهوراً بأبوته له. لسابق تربيته والمدافعة عنه، وقد كان رسول الله r يحدث عنه ويناديه بلفظ الأب. وكان من معتاد العرب أن ينادى العم باسم الأب. وبخاصة إذا كانت له على الآخر تربية أو نعمة. ومن هنا جاء ما قاله بعض المفسرين من أن (آزر) لم يكن والد إبراهيم أبداً بل كان عمه يناديه باسم أبيه على الاعتبار السابق.
4- وإذا عرفت قيام العم مقام الأب. عرفت عند التسليم جدلاً بسلامة الحديث أن النبى r استعمل التورية والإيهام فى الإجابة تطبيقاً لمقتضى الحال. كما كان شأنه r فى استخدام المعاريض فى مواضعها التزاماً بالحق. مع مدافعة الفتنة أو تطييب النفس. أو تأليف الشاذ النافر فى وقت جميعاً. وقد سأل السائل هنا: أين أبى فقال: "إن أبى وأباك فى النار" يريد أبا طالب الذى يصدق عليه لفظ الأب لغة وعرفاً. وفى الوقت نفسه يدفع الفتنة وبجانب مظنة الاستئثار والتفضيل ثم يطيب نفس السائل بهذا التعبير.
وهكذا نخرج من حديث والد النبى (ونحوه) كما خرجنا من حديث أمه (ونحوه) بحقيقة واحدة. هى تأكيد واقع إيمانهما ونجاتهما من النار بإذن الله.
عود إلى أهل الفترة: وقد قررنا أن الخبر القرآنى اليقينى. قد قضى على الخبر النبوى الظنى وقد قرر القرآن أن الله لايعذب من لم يبعث إليهم رسولاً. عدلاً منه وهو الذى لا يظلم الناس شيئاً فقد اعتبر الله حجة القائل: ﴿ماجاءَنَا مِنْ بَشير ولا نَذِيرٍ﴾ فقال تعالى: ﴿فَقْد جاءَكُم بَشِيرٌ ونَذِيرٌ﴾ والآيات فى هذا الصدد مكررة صريحة اللفظ والمعنى وصرفها عن وجهها تكلف مدخول. وهذا هو مقتضى العقل والعدل. وعليهما قام دين الله ﴿وَمَا كُنَّا مُعّذِّبينَ حَتَّى نَبْعثَ رَسُولاً﴾ قال الحافظ فى (الإصابة) عند ترجمة أبى طالب: ورد من عدة طرق فى حق الشيخ الهرم ومن مات فى هذه الفترة. ومن ولد أعمى وأصم. ومن ولد مجنوناً. أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ. ونحو ذلك. أن كلا منهم يدلى بحجته ويقول: "لو عقلت أو ذكرت لآمنت فترفع لهم نار. ويقول لهم ادخلوها فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً. ومن امتنع دخلها كرها" أهـ. ثم قال: هذا معنى ما ورد. وقد جمعت طرقه فى جزء مفرد. قلنا: وأحاديث اختبار أهل الفترة كثيرة. متقاربة المعانى. روى بعضها أحمد وابن راهويه. والبيهقى. وأبو يعلى. والذهلى. والبزار. والحاكم.(وأقره الذهبى) وكلها تدور حول المعنى الذى أجمله صاحب (الإصابة) رضى الله عنه. قال الحافظ: (والظن بآبائه r كلهم. الذين ماتوا فى الفترة أن يطيعوا عند الامتحان. لتقر بهم عينه r ويرضى. قلنا ولن يرضى وفى النار أحد من أهل البيت كما سبق بيانه. على القول بأن الحديث محمول على الحقيقة. أما على القول بأن الحديث كفاية ورمزاً وهو ساقط بالمعارضة فقد انحل الإشكال من كل نواحيه. وفى حديث ابن شاهين والحاكم: يقول r عن أبويه: "ما سألت ربى فيهما فيعطينى فيهما. وإنى لقائم يومئذ المقام المحمود" فهو نص فى أن الله يكرم أبويه من أجله r بما يدخلانه به الجنة. هذا وقد ذكر السيوطى أكثر من دليل على نجاة أبويه r منها حديث البخارى فى أنه r بعث فى خير قرون بنى آدم ومن معانى القرن آباء الرجل. ومنها حديث الترمذى صحيحاً: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل. واصطفى من ولد إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً. واصطفى من قريش بنى هاشم. واصطفانى من بنى هاشم ولا يقبل العقل أن الله يسمى الكفار أو المشركين خير القرون. ولا أن يصطفى منهم سلالة بعد سلالة فدل هذا بالقطع على أن الإيمان هو سبب النجاة من النار ثابت فيهم ولهم. وعلى ضوء هذا المعنى نفهم حديث ابن عباس فى (السيرة الحلبية) قال: "يبعث جده عبد المطلب فى زى الملوك وأبهة الأشراف". قال السهيلى: "إن عبد المطلب لم تبلغه الدعوة. وجاءت أدلة كثيرة تشهد بأنه كان على الحنيفية والتوحيد" قلنا ويتأكد هذا من قرأ سيرة عبد المطلب وعرف فضله وكرمه وخلقه وعقله وبلاغته ودعوته إلى الخير والإيمان (خصوصاً شعره فى حادثة الفيل) وقد ثبت أن كثيراً من أهل الفترة تحنثوا وتمسكوا بدين إبراهيم قال الشيخ خطاب فى (شرح أبى داود): "إذا علمت هذا تعلم أن آباءه 0ص) ناجون إما لأنهم كانوا على الملة القديمة ملة إبراهيم عليه السلام. وإنما لانهم من أهل الفترة الذين لم يغيروا ولم يبدلوا" إلخ. ونحوه فى (الدين الخالص) له قلنا وأما ما جاء فى تعذيب بعض أهل الفترة كعمرو بن لحى. وصاحب الحجر. فذلك لأسباب من نحو الظلم البين. والإضرار الواضح بالناس مما تنكره الأذواق بالحيلة والعقول بالفطرة ولا حاجة معه إلى رسالة رسول. أما عمه r فإن عذابه على الكفر والشرك ولكن العذاب على معصية إضمار الإمان. وعدم إعلانه وفرق بين عذاب الكفر وعذاب العصيان. وكذلك جاء فى البخارى عن ابن عباس قوله r عن عمه: "هو فى ضحضح [قليل] من النار ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل" فليس هو بخالد فيها. إذ لا خلود فى نار المعصية فافهم!.
كلمة خاتمة: وأما بعد فأحسب أن الحديث قد طال بى. فوق ما كنت أتوقع ولكننى أردت أن يشهد المؤمنون معى مصرع هذه الدعوى القبيحة المتبجحة ككما أشهدناهم مصارع إخوة لها من قبل فليس أعجب من أن يقول قائل إن سب رسول الله دين من الدين. وإن أذاه r علم من العلم أو عبادة من العبادة لا دفاعاً عن رسول الله r الذين أمرنا الدين أن نصلى عليه وعليهم معه فى كل تشهد من كل صلاة. فإن رسول الله بما خصه به الله. فى غير حاجة إلى دفاع ولكنه دفاع عن إيماننا نحن ودفاع عن ديننا وعن أدبنا. وعن عقولنا بل هو دفاع عن كياننا وذاتيتنا المسلمة.
وبقيت جولات فى (معية النبى r ولكنها على أهميتها دون هذا الجولات الثلاث خطراً فلندعها الآن لمناسباتها. حتى نعود بإذن الله بعد أن نكون قد أرضينا بعض إخواننا من أصحاب الأسئلة واصحاب الاستفتاءات الموصولة المتكاثرة. ولا على أن أموت بعد ذلك. فقد شفيت نفسى وأرحت ضميرى أو كدت. فى هذه المسائل الثلاث. التى كانت تقلقنى. أعنى ثبوت معجزاته وعصمته ونجاة أبويه وكنت لا أجد لها فيما سبق ما يشفى تماماً أو يريح. وحسبى بذلك سبباً أرجو به المغفرة من الله والشفاعة من رسوله الطاهر المطهر r.
وأخيراً هذا رأينا على مبلغ اجتهادنا وما نلقى الله ورسوله عليه وهو رأى كل مؤمن عالم عامل مهذب فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والله يعلم المفسد من المصلح ونستغفره ونتوب إليه. أجملنا لك فى الكلمة السابقة فكرة نزع العصمة عن النبوة وكشفنا عورتها المغلظة فى أصولها وفروعها ومقاصدها وأهدافها الخطيرة. تلك التى تنشر بدعوى نشر التوحيد تارة. وبدعوى المعقولية الفكرية تارة. وبدعوى تطهير العقيدة من الغلو والشبهات تارة. إلى آخر هذه الترهات المفتعلات. وقد انكشف لك كيف أن هذه الفكرة جملة وتفصيلاً من تركات الزندقة والباطنية تلقفها الاستعمار والاستشراق والتبشير فتاجر بها. واستأجر على ترويجها أدعياء التسلف. ثم استغلها فى مخابث أغراضه. وأرجاسه العملية والفكرية على مختلف المستويات والاتجاهات وأثبتنا لك من طريق العقل والنقل. استحالة تجريده r من العصمة فى أى جانب من جوانب حياته. لتعين أنسحاب عدم العصمة آنئذ تلقائياً على بقية ما يصدر منه r من أمر الدين أو أمر الدنيا. ثم لأن العقل والنقل متضافران على أنه r.
1- النموذج الأعلى للإنسان القدرة والفدوة كما تكون فى جانب تكون فى كل جانب.
2- وإلا كانت القدوة جامعة للنقيضين فلا تستقيم وظيفتها بحال وكذا بينا أدب العلماء فى فهم ما قد يوهم الخطأ فى تصرفاته r.
وقررنا رأينا فى غاية الوضوح الانكشاف ملخصاً فى أن ما جاء فى الكتاب والسنة مما قد يوهم الخطأ أو عدم العصمة فإنما هو (صورة للخطأ المقصود وصورة للاجتهاد المتعمد) حتى يأتى التشريع على أساس من واقع حياة الناس ومقتضيات تجاربهم وبينا أن اجتهاده r. إنما يكون فى المفاضلة بين صوابين. فإذا اختار القرآن الأصوب فلأن علم الله أتم بما هو أهدى. وليس معنى اختيار القرآن شيئاً. أن النبى قد أخطأ فى اختيار الشئ المقابل له. ولكن معناه أن المصلحة هنا وهناك موجودة بالفعل. ولكنها فيها اختيار الله أشمل وأكمل. هذا إجمال بعض ما قررناه فى الكلمة الأولى أما هنا فسوف نسوق إليك طائفة أخرى من الأدلة القاطعة على عصمته r حتى لا يكون ثمت مجال لأى جدال بعد فى هذا الموضوع إن شاء الله.
أولاً: ماهى السنة: سمى الله تعالى السنة (حكمة) وهو مذهب السلف ومنهم الحسن وقتادة وابن كثير وقد قرنها الله بالكتاب. وبين أن وظيفة النبى لتعليمها للناس مع القرآن وتزكيتهم بهما معاً فقال: ﴿لَقدْ مَنَّ اللهَ عَلَى المُؤْمِنينَ إذْ بَعَث فِيهِم رَسُولاً مِنْ أنْفُسِهِم يَتْلُو عَلَيْهم آيَاتِهِ ويُزَكِّيهِم ويُعلِّمُهمِ الكِتابَ والحِكْمَة﴾ فإذا جاز فى السنة الخطأ لم يجز أن تقرن بالكتاب الأقدس الذى لاخطأ فيه، ولم يجز أن يأمر الله بالأخذ بها المطلق صدورها منه r دون انتظار أمر الله فيها كما قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُولُ فَخذُوهُ وما نَهاكُم عَنْه فانْتَهُوا﴾ ولا أمر برد المتنازع فيه إليه. ولا علق كمال الإيمان على التسليم لحكمه فيما شجر بينهم دون انتظار تصويب أو تخطئ من السماء إذ الأمر على الحقيقة كله من الله بدءاً ونهاية. ولهذا سميت السنة (مثلاً) للقرآن (بكسر الميم) ولم تسم (نحوا) له. والمثل يجرى عليه ما يجرى على مثيله (على خلاف النحو) ففى حديث المقدام ابن معد يكرب عنه r: (ألا وإنى أوتيت القرآن ومثله معه) وتردد هذا المعنى بلفظه فى نحو سبع أحاديث لا مطعن لأحد عليها فى دراية ولا رواية ولا سند ولا رتبة وإذا ثبت هذا فقد ثبتت العصمة للسنة كما ثبتت للكتاب وإلا بطلت الحجية فيهما معاً. بحكم أنهما مثلين! !
فتأمل (وسواء فى السنة الثابتة أحاديث التواتر والآحاد).
ثانياً: الشافعى والسنة: وهنا يجب أن يكون مفهوماً أن السنة هى قول النبى وعمله وإقراره. بل قال بعضهم. من أمثال ابن الحاج والشاطبى بأن هناك سنة تركية فى مقابل السنة الفعلية (غير أن هذا القسم لنا فيه نظر) وليس هو محل النزاع. قال البيهقى بعد ذكر أحاديث التبليغ عنه (دون انتظار تصويب أو تخطئ) قال الشافعى: "دل ذلك على أنه لا يأمر أن يؤدى عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أد إليه. لأنه إنما يؤدى عنه: حلال يؤتى. وحرام يجتنب وحد يقام ومال يؤخذ ويعطى ونصيحة (تأمل) فى دين ودنيا. قلنا ومثل هذا لا يكون فيه الخطأ، وفى إحدى روايات المقدام بن معد يكرب عنه r: إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله. ويقابله أن ما أحل الرسول مثل ما أحل الله، ولن يكون ذلك لخطأ نساءٍ فإنه إذا ما ثبت عليه الخطأ فى جانب. فقد ثبت عليه الخطأ فى كل جانب. وبهذا يكون قد ضاع الدين جميعاً كما قلنا غير مرة. قال الشافعى فى الرسالة يقسم السنة (أحدها) ما أنزل الله فيه نص كتاب فسن رسول الله بمثل نص الكتاب. (والثانى) ما أنزل الله فيه جملة كتاب فبين الرسول عن الله معنى ما أراده عاماً أو خاصاً. وكيف يأتى به العباد. (والثالث) وهو من موضوع البحث: ماسن رسول الله r مما ليس نص كتاب. فمنهم من قال: جعل الله له: بما افترض من طاعته وسبق علمه من توفيقه لرضاه (تأمل بل قارب بين الأدبين والاعتقادين) قال الشافعى: ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلا ولها أصل فى الكتاب، ومنهم من قال: بل جاءته به رسالة الله فأثبت سنته بفرض الله، ومنهم من قال: ألقى فى روعه كل ما سن وسنته الحكمة التى ألقيت فى روعه عن الله. هذا كلام الشافعى ولم يقل فيه باجتهاد الرسول وخطئه ولا نقله عن أحدٍ. كما قال علماء آخر الزمن: ومنه يتضح أن القول باجتهاد النبى r فضلاً عن اتهامه بالخطأ بدعة مستقبحة استحدثت بعد عصر الشافعى. فهى من زلات الأفهام والدسائس على الإسلام.
ثالثاً: عمر والشعبى وغيرهما والسنة: أخرج البيهقى بسنده عن عمر بن الخطاب أنه قال على المنبر: "ياأيها الناس إن الرأى إنما كان من رسول الله مصيباً. لأن الله تعالى يريه (تأمل بعمق) وإنما هو من الظن والتكلف فيقول هذا عمر وهو أعلم بالنبى ودينه. ونقول نحن إنه اجتهد واخطأ لأن الله يريه شيئاً وإنما هو الانفعال العقلى أو البشرى المجرد بكل أخطائه وانحرافاته.
قال الشعبى: إن رسول الله كان يقضى بالقضاء. وينزل القرآن بغير ما قضى فيستقبل حكم القرآن. ولا يرد قضاءه الأول. (تأمل) نقول: لأن كليهما صواب ولأن هذا وذاك من عند الله جميعاً. ونسخ السنة بالكتاب لحكمة. هى نفس الحكمة التى نسخ الكتاب من أجلها بالكتاب حتى التشريع على سببه من واقع مجريات الأمور. نعم السنة كالكتاب من عند الله. وتعالى الله أن يخطئ على لسان نبيه. ثم يعود فيصوب ما أخطأ. أخرج الدرامى بسنده عن حسان بن عطية: "كان جبريل ينزل على رسول الله بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن. ويعلمه إياها كما يعلمه القرآن" وأخرج بسنده عن طريق القاسم بن مخيمرة عن طلحة قيل لرسول الله r فى عام سنة [أى عام جدب] سعر لنا. قال: "لا يسألنى الله عن سنة أحدثتها فيكم لم يأمرنى الله بها". أى أنه لا يصدر حتى فى أمور الدنيا عن اجتهاد. ولكنه يصدر أبداً عن توجيه إلهى، فليس هو من يقول بالرأى لا فى الدين ولا فى الدنيا. أخرج الشيخان: خاصم رجل الزبير فى أرض. فقضى النبى بها للزبير فقال الرجل للنبى يارسول الله. إن كان ابن عمتك، فتلون وجه النبى، قال أبو هريرة: ثم قال رسول الله r: "من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى الله" ذلك لأنه لايصدر عن نفسه. ولكن عن ربه يصدر. فهل المستمد من الله يخطئ إذن لكان المخطئ الله. وحاشا له. أما الاستشكال بمثل حديث: "إنما أنا بشر مثلكم وإن أحدكم يكون ألحن بحجته فاقضى له" إلخ فقد قررنا أنه التشريع على الطبيعة. كما يقولون. ثم هو معارض بالحديث السابق وهو أثبت وأقوى. وأخرج الشيخان عن ابن مسعود حديث: لعن الله الواشمات والمستوشمات إلخ. فبلغ ذلك امرأة يقال لها (أم يعقوب) فقالت لابن مسعود إنه بلغنى كيت وكيت. فقال مالى لا ألعن من لعن الله ورسوله؟ وهو فى كتاب الله. فقالت لقد قرأت مابين اللوحين فما وجدته قال أما قرأت: ﴿ومَا أَتَاكُم الرَّسُول فَخذُوهُ وما نَهاكُم عَنْه فانْتَهُوا﴾ والمعنى أن كل ما جاء عن النبى ولو لم يكن منصوصاً بالحرف فى الكتاب فقد جاء من عند الله بهذه الآية، ولذا قال الشافعى. من قبل عن الرسول فقد قبل عن الله.
رابعاً: مثل القرآن أو أكثر: وفى حديث المتكئ عند أبى داود ألا إنى والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر. تأمل القسم وتأمل قوله أو أكثر وهذه المثلية مقررة مطبقة فيما رواه الشيخان فى قصة الزانى. قال النبى r لأقضين بينكم بكتاب الله. ثم قضى بالجلد والتغريب. وليس التغريب فى القرآن. كما أنها مقررة ومطبقة أيضاً بإلحاق الجمع بين البنت وعمتها أو خالتها بالمحرمات من النساء دون نص فى القرآن وهى مقررة ومطبقة فى غير ذلك من أمثال تحريم الحمر الأهلية وحل ميتة البحر وحرمان القاتل من الإرث. إلخ إلخ. ومقررة مطبقة أيضاً فيما رواه الشيخان عن يعلى بن أمية فى قصة المتطيب المعتمر. حين سألنى النبى فنزل قوله تعالى: ﴿وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَة لله﴾ ثم قال له النبى: أما الطيب الذى بك فاغسله ثلاثاً. وأما اللحية فانزعها. ثم اصنع فى عمرتك ما تصنع فى حجك. فذكر الطيب واللحية لم يأت فى القرآن. قال البيهقى فى مدخله: ثم أوحى إليه نوعان أحدهما وحى يتلى والآخر وحى لا يتلى فأنى يتأتى الخطأ. وأمره r متردد بين وحى يتلى ووحى لا يتلى ولهذا نقل فى المدخل عن الأوزاعى: "مابلغك عن رسول الله قخذ به. فإن رسول الله كان مبلغاً عن الله تعالى: ﴿فَلْيحَذر الَّذين يُخالِفون عَن أمْرِه أنْ تُصِيبَهُم فِتْنةَ أوْ يُصِيبَهم عَذابٌ أَلِيمٌ﴾.
خامساً: لم أقله ولكن قاله الله: ثم اسمع علمك الله. عن عبد الله بن عمر. قال: كنت أكتب كل شئ سمعته عن رسول الله واريد حفظه. فنهتنى قريش. وقالوا تكتب كل شئ سمعته من رسول الله 0ص). ورسول الله بشر يتكلم فى الرضا والغضب (ولعل من قال هذا قديماً كان جداً للقائل به الآن) قال فأمسكت فذكرت ذلك لرسول الله. فقال: "اكتب فوالذى نفسى بيده ماخرج منه إلا حق" وأشار بيده إلى فمه، أخرجه الدارمى والحاكم أرجو أن يتأمل المسلم بعمق فى هذا الحديث وكيف أن النبى يقول إن فمه لا ينطق إلا بالحق. وهؤلاء يقولون بل إنه يخطئ. أى ينطق بالباطل. فأيهما تصدق أيها المسلم؟ ثم اسمع أدبك الله. أخرج الحاكم فى المستدرك عن أبى هريرة قال: قال رسول الله r: غفار [اسم قبيلة] غفر الله لها. وأسلم [اسم قبيلة] سلمها الله. أما أنى لم أقله. ولكن قال الله. أسمعت؟ قال الله حتى دعاءه r كان من عند الله هذه البسائط (كما يقولون) كانت من الله على لسان نبيه. أفيقول بعد هذا عاقل بما قال به هؤلاء الخلف التافه المغرور.
سادساً: النسخ وفلسفة العتاب الإلهى. لك أن تسأل كيف إذن نفهم بعض ما يشبه الحجج من القائلين بخطئه r وحاشا له. قلت فاعلم ماسبق تقريره من أن الأمر لا يتعدى نسخ الصواب بالأصوب لحكمة فقد نسخ القرآن بالقرآن. فهل معنى هذا أن الله كان مخطئاً ثم رجع عن خطئه؟ قطعاً لا ونستغفر الله، وإنما هى الحكمة وكذلك السنة تنسخ بالسنة لنفس الحكمة ونفس العلة، أخرج البيهقى عن ابن عمر. قال رسول الله r: إن أحاديثى ينسخ بعضها بعضاً كنسخ القرآن بعضه بعضاً (كما حدث فى قصة تأبير النخل والنزول ببدر وما هو من هذا الباب) وأخرج عن الزبير بن العوام أن النبى r كان يقول القول ثم ينبث حيناً ثم ينسخه بقول آخر. كما ينسخ القرآن بعضه بعضاً. قلنا والنسخ هنا كما كررنا هو العدول من صواب إلى أصوب منه لسبب من الأسباب. أى أنه صورة خطأ ظاهرى مقصود لغرض التشريع والتربية كما جاء صريحاً فى حديث سجود السهو. حين صلى الرسول ركعتين من أربع. فقالوا أقصرت الصلاة أم نسيت يارسول الله؟ قال: كل ذلك لم يكن فإذا طبقت هذا على كل ما ذويع به القائلون يخطئه r اتضح ألا خطأ عنده. وإنما سببه عندهم مرض نفسى أو انعكاس عقلى أو اعتقادى أو أخلاقى لسبب من الأسباب. أيضاً ثم خذها حكمة جديدة. فكل عتاب كان من الله لرسوله مما طرب له المساكين من المتحاملين على نبى المؤمنين. فإنما كان عتاباً لا على الخطأ ولكن كان على الاكتفاء بالأخذ بالصواب دون الأصوب الذى هو أشبه بمقام النبوة الخاتمة، فكان العتاب مفاضاً من مقام التكريم والتوجيه الأقدس وكان الأخذ النبوى مستمداً من نبع التواضع البشرى المطلق، وقس على هذا كل ما قالوه عن أسرى بدر. والإذن للمنافقين فى تبوك. استغفاره r للمشركين وقصة ابن أم مكتوم إلى آخر هذه القضايا. ولا ننس أن الصواب من باب الكمال لا يتناهى. فكما أنه ما من كمال إلا وثم ما هو أكمل منه فكذلك ما من صواب إلا وثم ما هو أصوب منه، والترقى فى مدارج الكمال لا يقف عند حد. فعتابات الله لمصطفاه إنما هى من قبيل الخفر والتوجيه والإغراء بالتماس مالا يتناهى من مراتب التسامى لأن هذا هو الأليق بمنزلته عند ربه واختيار النبى بين صوابين إنما هو من قبيل الأدب والقناعة بالواقع من المدد. والاعتراف بالعجز عن الشكر فلا ذنب ولا جزاء ولا خطأ ولا تصويب وإنما هو طلب الأهدى والأمثل ولله الحمد. وهذا هو وجه نسخ السنة بالكتاب كما يفهمه أهل الأدب واليقين وكما يقال (حسنات الأبرار سيئات المقربين) ولانزكى على الله أحداً.
سابعاً: دعوى وجهل وسوء أدب: قالوا. عفا الله عنهم وأفاض عليهم مما أدب به نبيه. إن غير النبى كان يفهم القرآن صواباً. وكان فهم النبى له خطأ ونعوذ بالله أن نتهم الله بسوء الاختيار إذ يكون الله قد اختار لرسالته من لا يفهمها. ولكتابه من لا يحسن إدراك مافيه. وكان غيره أولى بذلك منه. فيكون سوء اختيار من الله (نستغفره) ونعوذ بالله أن نتهم رسوله بالبلادة أو البلاهة أو العجز عن فهم ما جاء به وما استنبئ من أجله وهكذا ترى كيف صاحب هذه الدعوى ربه ونبيه عالماً كان أو جاهلاً. وكان بذلك على حافة الكفر والخروج من الملة. وروى الدرامى فى مسنده عن سعيد بن جبير أنه حدث يوماً بحديث عنه (أى عن رسول الله) فقال رجل فى كتاب الله ما يخالف هذا، فقال سعيد لا أرانى أحدثك عن رسول الله وتعارض فيه بكتاب الله كان رسول الله أعلم بكتاب الله منك. ونقل السيوطى فى المفتاح. أن السنة الثابتة ليست منافية للقرآن. بل معاضدة له. وإن لم يكن فيه نص صريح بلفظها. قال فإن النبى يفهم من القرآن مالا يفهم غيره. وقد قال r لما سئل عن الخمر قبل تحريمها: ما أنزل الله على فيها شيئاً إلا هذه الآية الفاذة الجامعة ﴿فَمنْ يَعْمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ومَنْ يَعْمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرهُ﴾. فانظر من أين أخذ حكمها r ذلك أن الله أرسله ليبين للناس مانزل إليهم. فكيف يكون ذلك من رجل لا يفقه ما أوحى إليه به. قال ابن مسعود فيما أخرجه ابن أبى حاتم: ما من شئ إلا بين لنا فى القرآن ولكن (فهمنا) يقصر عن إدراكه فلذلك قال تعالى: ﴿لِنُبِيِّنَ للِنَّاس مانُزِّل إلَيْهِم﴾ فانظر إلى كلام ابن مسعود أحد أجلاء الصحابة وأقدمهم إسلاماً وأعرفهم برسول الله، وقس إن شئت عليه ما يعبث به اللاعبون بالعقيدة من هرف وخوف وتلف. وقد قرءوا قوله تعالى فى تربية نبيه r: ﴿إنْ أتَّبعُ إلاَّ مايُوحَى إلّىَّ﴾ وإخباره تعالى عنه بقوله: ﴿وما يَنْطق عَنِ الهَوى﴾ بعض الحياء أيها الناس.

ثامناً: شك فى الدين وتأييد للمبشرين.
وهكذا لن تستوعبنا مجلة ولا كتاب فى هذه البدعة المفتراة على وجه التفضيل. فلعل فيما أوردنا مايهدم الأساس الأول فى هذه الفكرة. وما يكشف كيف أنها كانت عورة مغلظة من لم يرها فقد أسمعناه بها. فإذا لم يكن يرى ولا يسمع فعليه أن يتحسس فلسوف تصيبه أو يصيبها ولئن سألتهم أذلك من معالى الأمور أتحسبون أن ذلك قربة تواجهون بها الرسول يوم القيامة أو فضيلة تشغلون بها الأمة عن مهام الأمور ألا يساوى النبى فرداً من عامة الأموات لا ينبغى أن يقض مضجعه بهرف وخوف لا يثبت، ولا ينبت إلا الشر والشك والفتنة. ما ألف واحد منكم فى مناقص إبليس ولا فى معايب زنديق ولا فاجر ولا وجودى ولا منحل ولا مبشر ولا ملحد ممن يعايشونكم ويدمرون بنيانكم بالمسموع والمنظور والمنطوق والمفهوم أفيكون القول بعصمة الرسول خطر فوق كل خطر وجهل دون كل جهل، إنك لن تجد جواباً ولكنك تسمع ادعاء كذباً. وختلاً وسباباً وإفكاً يفتعلونه صواباً. تعالوا. عفا الله عنكم. سنقول معكم (سفها) بخطأ الرسول وأنتم تقولون (إن الله يوصب له خطأه) فسيقول قائل: إنه أخطأ ثم صوب الله له فأخطأ ونسى التصويب بحكم جواز الخطأ عليه. وهو ليس ببعيد فى هذه القضية فماذا يكون الجواب؟ إنه إذا وقى الله هؤلاء شر التوقح والمراوغة. فسوف يسلمون بأن الجواب هو الشك فى هذا الدين جميعاً. وقد كان ماخشينا أن يكون فليقرءوا بعض كتب المبشرين ومجلاتهم التى تنقل عنهم هذا الإفك الهراء. ثم تمعن فى التعليق عليه ثم ليحكموا إن كان ثمة بقية من عدالة. إلى أى حد قدموا لأعداء الدين من مواد الطعن عليه والتشكيك فيه. والتهكم به مما لم تجد بمثله أربعة عشر قرناً مرت على على الإسلام. أين أنتم وحديث الإمام الصالح. فإذا أخذتم عن رسول الله r شيئاً فظنوا به الذى هو أهدى والذى هو أهنا والذى هو أتقى.
تاسعاً: الاقتداء به r حتى فيما لم تفهم حكمته.
عرفت زادك الله معرفة به. كيف أن الرسول ﴿لايَنْطِق عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْىُ يُوحَى﴾ وكان هذا الأمر بديهياً فى الصدر الأول. إذا الفطرة لم تتلوث بعد بالأغراض والدعاوى أليس أرسل الله رسوله للقدوة. فكل سنته القولية والعملية والإقرارية موصولة النسب بالله تعالى لذلك كان الصحابة الذين عرفوا النبى حق المعرفة وعرفوا الدين حق المعرفة وشهدوا عهد الوحى ونضارة الرسالة يقلدون رسول الله فى كل شئ من خصوصياته وعمومياته وأمور دينه وأمور دنياه فقد كانت دنياه r لدينه ومن دينه وذلك ما حدا بعلماء الأمة إلى تسجيل شمائله وتجميع كل ما يتعلق بظاهره وباطنه. والتخلق بما جاء عنه ولو لم تعرف حكمته، أخرج أحمد والبزار عن مجاهد. قال: كنا مع ابن عمر فى سفر فمر بمكانٍ. فحاد عنه فسئل لم فعلت؟ قال: رأيت رسول الله فعل هذا ففعلت، أى أنه أرسل r ليكون قدوةً واجبة الاتباع فيما فهمنا وفيما نفهم من أمر الدين والدنيا معاً، وأخرج أحمد عن أنس بن سيرين. قال كنت مع ابن عمر بعرفات فلما أفاض أفضت معه حتى انتهى إلى المضيق بين المأزمين فأناخ. فأنخنا ونحن نحسب أنه يريد أن يصلى. فقال غلامه إنه لايريد الصلاة ولكنه ذكر أن النبى r لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته منه فهو يحب أن يقضى حاجته فيه. (تأمل يرحمك الله)، وأخرج البزار عن ابن عمر أنه كان يأتى شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتها ويخبر أن النبى كان يفعل كذلك. وأخرج أبو يعلى عن زيد بن أسلم قال: رأيت ابن عمر محلول الأزرار. وقال رأيت النبى r محلول الأزرار (أرجو أن نتأمل بعمق). فهذا مثل لبعض أئمة الصحابة الذين أخذنا عنهم ديننا أدرك أنه لا فارق فى حياة النبى بين شئ وشئ. ولم يأت فى كتاب الله مخصص لفضله عليه فى جانب دون جانب. بل جاءت السنة واضحة مشرقة بعموم الفيض وشمول المدد فلا معنى للتحكم. وقصر نوع من الحكم على ناحية من حياته دون ناحية.
عاشراً: السنة قاضية على الكتاب: ولقد أردت أن أعتمد فى كلمتى هذه على الأدلة فى نبعها الأول وذلك أن السنة جاءت قاضية على الكتاب. ولم يجئ الكتاب قاضياً على السنة كما ورد عن الأوزاعى وأخرج الدارمى عن يحيى بن كثير مثله وكذلك أخرجه سعيد بن منصور. قال البيهقى ومعنى ذلك أن السنة مع الكتاب أقيمت مقام البيان عن الله لا أن شيئاً من السنة يخالف الكتاب. قال السيوطى وذلك لأنها (أى السنة) شرح له (أى القرآن) وشأن الشرح أن يكون أوضح وأبين وأبسط من المشروح (وهو يقتضى بالطبع التبرئة عن الخطأ) لهذا اعتمدنا على صافى الحديث والأثر ومقتضى الفهم الطبيعى فى ذلك إذ وجدنا أن التأويل قد انسحب بتعسف من هؤلاء على الكتاب الحكيم. وقد أخرج الدارمى واللالكائى عن عمر بن الخطاب قال: سيأتى ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله. وأخرج اللالكائى مثله عن على بن أبى طالب، وأخرج ابن سعد فى الطبقات من طريق عكرمة عن ابن عباس أن على بن أبى طالب أرسله إلى الخوارج فقال: اذهب فخاصمهم بالسنة ولا تحاججهم بالقرآن فإنه ذو وجوه. وفى رواية قال ابن عباس فأنا أعلم بكتاب الله منهم فى بيوتنا نزل. قال صدقت ولكن القرآن حمال. ذو وجوه نقول ويقولون ولكن حاججهم بالسنن. لهذا أدرنا أسلوبنا هذه المرة على ما يديره عليه خدام الحديث والأثر بعد أن أدرناه مع العقل والمنطق والتاريخ فى الكلمة الأولى وتعمدنا تكرار بعض المعانى والألفاظ بغية التثبت والتأكيد حتى يظهر خبث هذا المذهب. وبعده عن الأدب وعن الصواب. بل بعده عن الإنسان نفسه وكيف أنه كان ميراث الزنادقة والباطنية. ورثه الاستعمار والاستشراق والتبشير تلقياً عن التمسلف، أهذا تمجيد للنبى؟ أم توقح عليه لايمكن أبداً أن نسمى هذه الوقاحة تمجيداً للرسول الذى أمرنا الله أن نعزره ونوقره فلاشك إذن فى أنها أذى. وما أشبه هؤلاء بمن ذكر القرآن أنهم كانوا يؤذون النبى ويقولون: هو أذن فحق عليهم قوله تعالى: ﴿والَّذِين يُؤذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ أليس يكفى قوله تعالى. ﴿ومايَنْطِق عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْىٌ يُوحَى﴾. والضمير عائد إلى نطقه r وهو يشمل كل ما يجرى على لسانه r من أمور الدنيا والدين معاً. فإن مايجرى على لسانه إنما هو من علم الله وتعليمه ﴿وعلَّمكَ مالَمْ تَكُن تَعْلَم﴾ وتفاعل هذا العلم الإلهى بنوعية تلقياً وإلهاماً. إنما بثمر الاجتهاد الصحيح لأنه صادر عن الإنسانية المتكاملة التى تجعل صاحبها فى كافة تصرفاته تفسيراً عملياً لهذه الدعوة المقدسة ومن هنا كان التوجيه لإلهى إلى القدوة المطلقة به r فى كل ما يصدر عنه ﴿لَقدْ كانَ لَكُم فى رَسُولِ اللهِ أسْوَةٌ حَسَنَهٌ﴾ وكانت طاعته متعينة ﴿مَنِ يُطِع الرَّسُولَ فَقدْ أطَاعَ الله﴾ وكانت يده نائية عن الله ﴿﴾ وكانت يده نائية عن الله ﴿نَّ الَّذينَ يُبايِعُونكَ إنَّما يُبَايِعُونَ اللهَ﴾ وكان لسانه مبلغاً عن الحق تعالى يقول إن الله يحب كذا وكذا ويكره كذا وكذا ثم ختم الله له بخاتم العصمة الأقدس. فقال تعالى: ﴿وإنَّك لَتهِدى إلّى صِراطٍ مُسْتَقيم﴾ فجعل كل ما يصدر منه r هداية إلى الصراط المستقيم وهذا يستوجب أن يكون معصوماً لا يضل به سبيل قول ولا عمل وإلا كان ذلك معارضاً لقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَك ضَالاً فَهَدَى﴾ ومن سجل الله هدايته إياه لا يتطرق إليه خطأ ولا ضلال. ثم إن الله تعالى يقول: ﴿يَاأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَكُم فُرْقَاناً﴾. أى قوة وطاقة تفرقون بها بين المراضى والمساخط والمضار والمنافع فأولى بهذه الطاقة الإلهية أن تتفجر يابيعها فى سيد المؤمنين r فلا يضل ولا يخطئ.

والله تعالى يقول: ومَنْ يُؤْمِنْ بالله يَهْدِ قَلْبَه﴾ فهو تعالى يقدح فى قلبه نوراً يهديه إلى دقائق الأسرار والحقائق فتكامل بشريته بهذه القوى والملكات والإرادة والطاقات الموصولة النسب بالسماء. فلا يكون مجرد آلة للاستقبال والإذاعة ولكنه يكون جوهراً إنسانياً ربانياً متكاملاً فى مختلف قابلياته واستعداداته وأساليب أدائه التى اختص بها. محفوظاً مطهراً يتلقى ويلهم ويفكر ويخطط وينفذ مستنداً إلى نبع واحد وأصل واحد. هو المدد الإلهى وفيض السماء ليس لغير الله عليه سلطان فأنى يتأتى الخطأ بعد كل هذا أوليس يقرأ الناس قول الله عنه ﴿فإنَّكَ بأعْيُننا﴾ اللهم إن قولهم إفك لا يرضينا ولا يرضيك ﴿فَوقَع الحَقٌّ وبَطَل ماكانُوا يَعْمَلُون فَغُلبُوا هُنالكَ وانْقَلبُوا صاغرِرين﴾.
أيها المتخصصون فى أذى رسول الله وأحبابه. علمنا كم لوجه الله. فخذوها من غير دعى. ولا محترف ولا منحرف ولا فضولى ولا أجير. ولا متعالم ﴿فَمنْ جَاءتْهُ موْعِظةٌ مِنْ رَبِّه فانْتَهَى. فَلَهُ ماسَلَفَ وأمْرهُ إلى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَينْتَقم الله مِنْهُ﴾ وصل اللهم على سيدنا المصطفى المعصوم الأعظم وعلى آله وصحبه وسلم.

الأوراد السبعة لأيام الجمعة
الأحد
لبيك اللهم يا أحد صل على سيدنا محمد عبدك الأسعد ونبيك الأحمد ورسولك الأمجد الذى أنزلت عليه ﴿قُل هُوَ الله أحَدٌ اللهُ الصَّمَد. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد. ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُقْواً أحْدٌ﴾ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أسست السموات السبع والأرضون السبع على قُل هُوَ الله أحَدٌ. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن لكل شئ نسباً ونسبة الله قُل هُوَ الله أحَدٌ.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الله خلق الجبال يوم الأحد. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: جعل اللع عز وجل أول الأيام يوم الأحد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: وحدوا الله بكثرة الصلاة فى يوم الأحد: وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى من أكثر الصلاة عليه يوم الأحد كان له من الأجر عدد من كفر وجحد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت والأحد. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يكره أن يشاركه فى طهوره أحد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن من أحب أن يشترى نفسه من النار فليكثر من قراءة: قُل هُوَ الله أحَدٌ. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الآمر من نسى أن يسمى الله على طعامه. أن يقرأ: قُلْ هُو اللهُ أحَد. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: لولا وعيد الله وعقابه لتكل كل أحد. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع فى الجنة أحد. ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ماقنط من الجنة أحد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أكثر ما يدخل النار الكبر والحسد. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الآمر بتأديب الأهل والولد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أفضل الجهاد من أصبح لا ينوى ظلم أحد. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: حجوا قبل أن لا تحجوا يوشك أن تقعد أعرابها على أعتاب أوديتها فلا يصل إلى الحج أحد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة تستغرق العد وتحيط بالحد لاغاية لها ولا أمد. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد عدد الأعداد كلها حتى لا يبقى عدد.
اللهم صل وسلم وبارك على سلطان مظاهر الجنهود الكمالية شمس آفاق المشاهد الجمالية سيدنا ومولانا محمد أعظم من شكر وأكرم من حمد وأعز من ركع وسجد وعلى آل وأصحابه عدد من هلل وكبر ومجد وتحرك وحمد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد الجامع لأسرار الأحدية والمفيض للأنوار الصمدية على أهل الخصوصية أكمل من اقترب وعبد وعلى آله واصحابه عدد من أبى وشرد وأطاع وعند.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خلاصة العباد والقبل الأعظم فى العباد أفضل من حمد وأكمل من حمد وعلى آله واصحابه ومن إليه انتمى واستند.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وأهل بيته ذوى الأنفاس النفاس والمدد. واحفظ على النفس والقلب والمال والأهل والولد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله واصحابه وأهل بيته صلاة دائمة مستمرة فى كل لحظة ولمحة تتجدد.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه وأهل بيته عدد الأعداد كلها من حيث انتهاؤها فى علمك ومن حيث لا أعداد من حيث إحاطتك بما تعلم لنفسك يأحد. اللهم إنى أسألك باسمك العلى الأكبر الواحد. ويغيب غيب أنية هوية الأحدية ياأحد أن تصلى على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأهل بيته صلاة لاتحد ولا تعد من الأزل إلى الأبد فى كل لمحة ونفس بقدر عظمتك ياأحد. وأغننى بفضلك عن كل أحدٍ واجعلنى ممن هدى واسترشد وسلك الطريق الأحمد. وأنقذنى اللهم بجاهه من كل هم وغم ونكد، وأعذنى من اللوثة والكمد والدعث والوبد، وأقض بها جميع الحوائج يافرد ياصمد. باسم الإله الواحد الأحد وهو حرز مانع من كل بلاء ووباء ونكد. إيل أهـ الله لا إله إلا هو إله الآلهة أزلى أبدى أولى ولا ابتداء لأوليته. آخر لا انتهاء لآخريته جعل الشمس سراجاً وهاجاً. وأنزل من المعصرات ماء ثجاجاً تقدس فى سمو جلاله عن سمات المحدثات. ونارت بشهود ذاته الأرض والسموات. أسألك اللهم يا الله ياالله بكل اسم استمد من ألف الغيب المحيطة بكل مشهور. يالاهوت كل ناسوت وإله كل معبود، وباسمك الذى ترقرقت منه الخنس والأزهران وتجلجلت منه العنان. بمقاعد العز من عرشك الكريم. ومنتهى الرحمة من كتابك العظيم. وبالأسماء الثمانية المرقومة على قرن الشمس بتحلى الحب ومنازل القرب ومقام الأنس. بالشمس وضحاها. وعظم أسمائك وسناها. أن تفيض على من ملابس أنوارك. وأردية جلالك وأسرارك. ماتجلو لى به كل أمر خفى. وتكشف لى به كل سر على. وطهر نفسى من الأرجاس واجعل لى نوراً أمشى به فى الناس. وارزقنى من العيش أرغده. ومن العمر أسعده، ومن الرزق أوسعه، ومن العلم أنفعه ومن النور أسطعه. وأعذنى من الهبرمة والخطربة والخيلولة والفيهج والرماء. والفتنة الدهماء. والمعيشة الضنكاء. واحجبنى من الزلات والخطيئات، واحرسنى واكلأنى من جميع المؤذيات العلويات والسفليات. أعوذ بك وبنور قدسك وبعظمة طهارتك وبركات جلالك من كل آفة وعاهة وطارق الجن والإنس إلا طارقاً يطرق بخير، أنت عياذى فيك أعوذ، وأنت ملاذى فبك ألوذ. يامن ذلت له رقاب الجبابرة ولا يعظم عليه هلاك المتمردين من الملوك والأكاسرة يامن جمعت له مقاليد الرعاية وبيده ملكوت الهداية والعناية. أعوذ بجلال وجهك وكرم جلالك من خزيك وكشف سترك ونسيان ذكرك والانصراف عن شكرك أنا فى كنفك ليلى ونهارى ونومى وقرارى وظعنى وأسفارى. ذكرك شعارى وثناؤك دثارى لا إله إلا أنت تنزيها لاسمك وتكريماً لسبحات وجهك. أجرنى من الخزى والهوان وشر ما يكون وكان. واجعلنى من أولى الهواء والهاء وشعشع نورى فى الجيوب والجرباء. يامن الخضراء بقدرته مبنية والغبراء بعزته مدحية. والشواهق بحكمته مرسية. والشمس بنور جلاله محرقة مضنية، والكواكب من أنوار جماله مشرقة بهية. يامن العيون والأنهار والمياه بأمره مجرية. وحوائج خلقه بلطفه عنده مقضية سخر لى هذا العالم العلوى والسفلى واحفظنى فى قلبى ونفسى وجزئى وكلى. وأسألك اللهم باسمك الأكبر الأعلى وجدك الأعظم الأعلى وبما أودعت فى الشمس من الحكم والأسرار الباهرات وبيوم الأحد وساعة الأحد وملائكة الأوقات حرزاً مانعاً وفرجاً قريباً فإنك لم تزل إلهاً كريماً سميعاً مجيباً. وعافية من جميع البلايا وسلامة من طرق المحن والرزايا، ولا تردنا بالفاقة إلى غيرك ولا تحرمنا اللهم سعة برك وخيرك واملأ قلوبنا بالغنا واكفناهم الدنيا وشر العنا، واكس وجوهنا حياء منك ونوراً وأسرارنا محبة وفرحاً بك وسروراً، ومن انتمى إلى من أهلى وسربى وكل صب صبا حباً بكأس شربى وأسألك اللهم بما دعوتك به أن تأذن لروحانية الشمس أن يسرعوا بقضاء حوائجى. وإصلاح طرقى ومناهجى إنك أنت الفعال لما تريد والكل لك عبيد. السلام على جميع الأملاك. السلام على خدام الأفلاك. السلام على رجال الغيب وأرباب الجهات. السلام على عباد الله الصالحين من أهل الأرض والسموات، أعينونى عباد الله بقضاء حاجتى بأسماء الله ومحمد رسول الله r وبحق يوم الأحد واسم الله الأكبر الصمد وبحق آل آل آه يوم أحد أحد لا إله إلا هو رب كل شئ ذلكم الله رب العالمين.

الاثنين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد عبدك ونبيك وحبيبك النبى الأمى الطاهر الذكى بوح الثقلين وضياء الخافقين الموحى إليه ثانى اثنين 0ص) وعلى آله وأصحابه عدد كل متحابين ومتباغضين ولاحقين ومفترقين ومجتمعين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد المنزل عليه ﴿ومِنْ كُلّ شْئٍ خَلَقْنا زَوْجَيْن﴾ وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: خلق الله عز وجل الأرض يوم الأحد والاثنين.
الهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الله خلق الشجر يوم الاثنين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل تفتح أبواب السماء فى كل خميس واثنين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى من أحب أن يكون مع النبيين والصديقين فليكثر الصلاة عليه يوم الاثنين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن من صلى الصبح فى جماعة ثم جلس فى مصلاة يذكر الله حتى تطلع الشمس انقلب بأجر حجة وعمرة تامتين تامتين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: امش ميلاً عد مريضاً امش ميلين أصلح بين اثنين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى شرف الله الكون بوجوده ليلة الاثنين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أول مانزل عليه جبريل يوم الاثنين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى هاجر يوم الاثنين وتوفى يوم الاثنين، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى جعله الله فى قبره حياً يرد على من سلم عليه من الثقلين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان واسع الصدغين أشكل العينين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان أفلج الثنيتين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد حلو المنظر سهل الوجنتين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد شتن الكفين والقدمين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد عرى الثديين أشعر الذراعين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: من اعتكف عشراً فى رمضان كان كحجتين وعمرتين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن الله حى كريم يستحى إذا رفع الرجل يديه أن يردهما صفراً خائبتين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: من قرأ قل هو الله أحد مائتى مرة كتب الله له ألفاً وخمسمائة حسنةٍ إلا أن يكون عليه دين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: من قرأ آية الكرسى عند حجامته كانت منفعتها منفعة حجامتين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: من رأى شيئاً يعجبه فقال ماشاء الله لا قوة إلا بالله لم تضره العين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: لو كان شئ سابق القدر لسبقته العين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: ماضاق مجلس بمتحابين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى نهى أن يمشى الرجل بين المرأتين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين. وصل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان أكثر ما يستعيذ من غلبة الدين. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى قال: من سمع اسمى فى الأذان فقيل إبهاميه وصل على أمن من وجع العين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أحب أهل بيتى إلى الحسن والحسين. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأهل بيته ومن هاجر الهجرتين. وصل للقبلتين واصحاب العقبتين وشهداء بدر وأحد وحنين. صلاة دائمةً مستمرةً عدد كل نفس ولمحة وطرفة عين وعدد ما تعلق به العلم القديم فى الكونين صلاة تطهرنا بها من كل نقص وشين وتقضى به عنا كل تبعة ودين وتعيذنا بها من وجع العين وألم البين ياأرحم الراحمين.

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الحمد لله الذى تدكدكت الجبال من هيبته وخفض الأرض ومدها بإرادته. وزينها بالأشجار والثمار والأزهار والمياه بحكمته ورفع السماء بغير عمد بقدرته وزينها بالكواكب والنجوم. لا إله إلا هو سبحانه حى قيوم. سبحان من جعل القمر نوراً. وقدره منازل خفاء وظهوراً. وأظهر فيه من محاسن أسمائه. ومايمن بركاته وآلائه. ما عمت به البركات. وسخر فيه ملائكة الحضرات. سبحان من أضاء كل نور بنور جماله وسبح كل شئ بحمده وخضع لعزة جلاله. تباركت ربنا بعثت سر حياتك إلى القلوب والصدور. ونشرت روح نفحاتك لانتظام الأمور. وصححت ضمائر أهل الكشف بالروح ونوعت أسرار المنح والفتوح. وجعلت فى سير القمر وحالاته حكماً وأسراراً لمن عقل واعتبر. فأسألك اللهم بالقدرة العظمى. والمشيئة العليا وبأسمائك الحسنى. ونورك الأتم الأسنى وبمجدك الذى كلمت به موسى فى المقدسين. بملائكة التسخير وجميع الكروبيين والروحانيين بكل رسول ونبى وموصول وصفى وولى. أن تخلع على من ملابس أنوارك ونفائس حلل أسرارك ما تذعن له القلوب. وتفتح له أبواب الغيوب فتكون العوالم الجلالى مقهورة وعقولهم فى محبتى مدهوشة مغمورة. وقلوبهم بى خاشعة ورقابهم ونفوسهم لى خاضعة، وابق على ذل العبودية وحققنى بقيام آداب الربوبية. وسخر لى جميع الخلق بقدرتك كما سخرت القمر يجرى حيث شئت بإرادتك. وسخر لى كل بحر هو لك فى الأرض والسماء وسخر لى كل ريح وهواء. وسخر لى كل سهل وجبل وحجر. وكل قفز ووعر ومدر، وسخر لى كل شجر وثمر. وسخر لى كل أنثى وذكر، يامن تقدس وعلا واقتدر، وسخر لى كل دبيب وطير وحيوان. وسخر لى كل إنس وجان، وسخر لى كل عفريت ومارد وشيطان. ياعظيم السلطان. وسخر لى مئلاكة يوم الاثنين. ورجال الاثنين. يقضوا لى جميع المطالب، واكشف لى بنورك العلى ظلم الغياهب. واصببت على من الخير أكمله وأجمله واصرف عنى من السوء أكبره وأصغره. طمس حمعسق مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان.
اللهم إنا نعوذ بك من موت الفجاءة، ومن أخذ البغته، ومن حمة العقرب والحية، ونعوذ بك من العنت والغرة، ومن التباب والدقم والزغلمة، ونعوذ بك من حرق المأنوسة والأوار ومن الوشر والنهترة والمماحلة والغمار ونعوذ بك من الأمور المطمرات، ومن جميع البلايا والآفات والجائحات.
اللهم اكشف رزايانا، واغفر خطايانا، ونور بالمعرفة قلوبنا، وزك بالعلم واليقين عقولنا، وأصلح أطوارنا واقض أوطارنا. ولاتجعل العاجلة أكبر همنا. ولا مبلغ علمنا، وهب لنا إخلاصاً ذاتياً. وعملا مقبولاً زكياً، وفتحاً قريباً ربانياً، وتنزلاً عجيباً عرشياً، ونوراً واسعاً ساطعاً هادياً مهدياً، واسدل علينا الستر الجميل دنيا وأخرى، وأرض عنا عدما ووجوداً ونشرا، ونسألك اللهم نظراً بك. ومعرفة لك ومحبة فيك، وشوقا إليك. وخوفا منك وخشية لك. وتوكلا عليك ورضا بك وبرسولك r وبما جاء به وحققنى اللهم بنوره ومتعنى بشهوده ومدنى بمدد يزيد انتعاشى ويفيد نحمو سمو رياشى ويهمى بارقات قربى. وطارقات وهبى. واكشف عن قلبى حجاب الغبن، وأزل من بينى وبينك البين. وسخر لى روحانية يوم الاثنين يقوموا بشأنى من غير شين. يامن لا يحيط به وهم ولا تراه عين. اللهم بتلألؤ سناء سبحات وجهك أدم علينا مواهبك ونعمك وأجرنا مما يوجب خزيك ونقمك، وأسألك بساعة القمر وملائكة القمر وبأسماء القمر وبما كتب فى قلب القمر، وبمالك فيه من حكم وأسرار. وباسمك الذى وضعته على الليل فأظلم وعلى النهار فاستنار. أن تسخر لى جنودك يقضوا مطالبى ويعينونى فى مآربى أجيبوا أيتها الأرواح القمرية الطاهرة الزكية وأعينونى بقضاء مصالحى بطول آل آل ذلكم الله رب العالمين. وصل الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آل وأصحابه الطيبين الطاهرين، فى كل وقت وحين إلى يوم يبعثون. كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون.

الثلاثاء
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ماسمت العرب جباراً يوم الثلاثاء. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما عدت ثلاثاً وكرت ثلاثاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أنزلت عليه سورة الحديد يوم الثلاثاء. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الله تعالى خلق المكروه يوم الثلاثاء. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن ابن آدم قتل أخاه يوم الثلاثاء.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن أول دم أهريق على وجه الأرض يوم اثلاثاء. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الحجامة صحة فى البدن يوم الثلاثاء.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أما أنا فأفيض على رأسى ثلاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان إذا سلم سلم ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى جعل الاستئذان ثلاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى شرع للحيض عشرة أيام وجعل أقله ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى شرع للبكر سبعاً وللثيب ثلاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: استنشقوا مرتين بالغتين أو ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يتوضأ واحدةً واحدةً واثنين اثنين وثلاثاً ثلاثاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يستاك عرضاً ويشرب مصاً ويتنفس ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أمر الآكل أن يقسم بطنه ثلاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: جمروا كفن الميت ثلاثاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان إذا ركع قال سبحان ربى العظيم وبحمده ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يعيد الكلمة لتعقل عنه ثلاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: عن الغلام شاتان ون الجارية شاة ولا يضركم أذكر أتاكم أم أنثى. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أمر من أتى ماشية ولم ير صاحبها أن يصوت قبل أن يحلها ثلاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وهب لنا إنعاماً وأثاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما غفل غافل أو أكتمل حثاثاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: اللهم اغفر لأمتى ثلاثاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: اللهم صل على المحلقين ثلاثاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وباعد عنا عائثاً وعثاثاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد البحر الخضم والنور الأكمل الأعم وعلى آله وأصحابه وأهل بيته ومن فى الملكوت أحاثاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبى الأمى الطاهر الزكى الذى أنزلت عليه فى كتابك العلى وخطابك الشهى تنبيهاً لأمته: ﴿ولا تَكُونوا كالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْد قُوَّةِ أنْكاثاً﴾ r وعلى آله وأصحابه وأهل بيته ما جادت الخضراء أحداثاً وأظهرت الغبراء إحداثاً وأتم لنا بكرمك رياشاً وانتعاشاً وأثاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أهل بيت سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد عدد ما كان وما يكون وما هو كائن فى علمك القديم صلاة تنور لنا قلوباً وأسماعاً وأبصاراً وأجداثاً. واجعلنا ممن أعز بحب هذا الحبيب r وفى طريقه رسخاً مكاثاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد أكمل العبيد وجدد لنا الفتح المبين، فى هذا اليوم السعيد وعلى جميع آله وسائر أصحابه القائمين عنه فى أحواله والنائبين منابه فى افعاله وأقواله، واجعلنا لهم بكرمك وراثاً، واجعل صلاتنا من كل هم وغم وكرب وداء وبلاء حصناً لنا وعياذاً وغياثاً.
بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. الحمد لله الذى أشرقت الأرض والسموات بجلال هيبته. وسير الكواكب بقدرته وصنعته ووضع البروج وقدر المنازل بحكمته. وبسط الروحانية بقوى أفعالها بعظمته، وخلق المكروه والمحبوب بمشيئته ورتب الأسباب وفتح الأبواب بتدبيره وإرادته. فتقدس فى ملكوته وتنزه فى جبروته وعاظم ع صفات مخلوقاته. وكل ذرات الوجود تشهد بآلائه وآياته أحاط علمه بالأشياء كلها جملة وتفصيلاً. لا إله إلا هو سبحانه وبحمده بكرةً وأصيلا. أسألك اللهم بالاسم الذى خلقت به كل شئ فقدرته تقديراً. وبالاسم الذى منحت به من شئت من عبادك خلافة وملكاً كبيراً أن تفيض على سوابغ النعماء وأن تعلمنى من الأسماء ما أصلح معه للأخذ والإلقاء. وعافنى من كل بلاء ووباء ومكروه واحفظنى من كل داء وقذاء وإثم ومشبوه. واملأ باطنى خشيةورحمة، وظاهرى عظمة وهيبة وهمة حتى ترتاح إلى أرواح الأولياء وتخافنى قلوب الأشقياء. اللهم إنى أعوذ بعظمتك وجلالك ومجدك وكمالك وبكبريائك وسلطانك وبقدرتك ونفوذ مشيئتك وأحكامك وبجميع أسمائك وصفاتك وبتجليات قاب قوسين نزلك وآلائك من المعازف والعضه والمحضور والعتو والنفاخ واللهث والنفث والسخمة والتقاعد عن معالى الأمور، ومن حوادث العصران وشر الآجران ومن عين الإنسان ووسوسة الشيطان ومن عثرة اللسان وحسد الأهل والجيران ومن كل ذنب ومكروه وإثم ومشبوه ومن شر ما كان وما يكون وما هو كائن فى هذا اليوم وما بعده إلى يوم القيامة، وفى البرزخ والآخرة ومن شر كل معلوم لك يارحمن ياحفيظ يالطيف يامنان، حرز الله مانع وسر أسمائه ساطع كهيعص حمعسق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
اللهم بعظمة اللاهوتية وبجمال الصمدانية وبهيمنة أطلاق القيومية. أن تنقل طباعنا عن طباع البشرية وترفع مهجنا مع ملائكتك المهيمنة الكروبية، وأغمسنا فى راموز اللطائف وأفض علينا من عوارف المعارف ما ترفع به وجودنا إلى فلك العرفان، وتنبت شهودنا فى مقام الإحسان والإيقان، وابعث لى من بر واسع برك إبعاثاً. وزدنى قوة وطمأنينة وانتعاشاً وأثاثاً. وزك علمى وفهمى لآخذ منك علمى وحكمى واجعلنى مظهر جمالك الأقدس وصدرنى فى المبهج الأونس الأنفس وأيدنى فى ذلك بهيبة تصحبها رحمة، واحفظنى من سوء الأدب، وفجأة النعمة، وأكفنى جميع العلائق والعوائق والاحتياج إلى أحد من الخلائق. وعم بفضلك أتباعى ومن لعهدى يراعى، وأسألك بكل مقرب من حضرتك محبب فى عوالم قدرتك أرجه عبق الكون وطبق دوائر الصون. أن تصرف عنى وعن أحبتى ضراً وبوساً وتكديراً. وأن تعظم لى ولهم فى الدارين نوراً، وسلمنا من الموانع والقواطع، وارفع عن الفؤاد ستوراً ليكون القلب والعقل فى حبك مغموراً، وأنمنا اللهم على فراش أمنك بمنك، واضرب علينا سرادقات حفظك وصونك. ووافرق بينناوبين معضلات الفتن. وأسرع لنا سريان لطفك الخفى قبل نزول المحن. لا إله إلا أنت سبحانك مخرج النفوس الطاهرة من بيوت النقصان إلى مواضع الكمال الأسنى.
الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى. أهلنى اللهم لقبول فيضك الأقدس واستنشاق نفسك الأنفس، لأكون خليفة لك فى بلادك. وأدفع بك سخطك عن عبادك فإنك تستخلف من تشاء وأنت الخبير البصير، تؤتى الملك من تشاء وأنت على كل شئ قدير. اللهم إنى أسألك بالخاتم السلمانى وبالاسم الجامع السبحانى وبيوم الثلاثاء وملائكة الثلاثاء وبالنجوم الثواقب وبالأسرار التى أودعتها فى الكواكب أن تسخر لى الملك الأحمر وكل إنس وجن وملك. وتدير بإرادتى وحركتى هذا الفلك. فإنك الخلاق الفعال الرب الرحيم المنعم المفضال أجيبوا معاشر العوالم السفلية والعلوية. وأعينونى فى المصالح الدنيوية والأخروية. عجلوا عباد الله بأسماء الله وكلمات الله بألف ألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.






_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 31, 2015 1:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067





الأربعاء
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الله تعالى خلق النور والنون يوم الأربعاء، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أوجبت عليه المشورة وغسل الجمعة عند الزوال أربعً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن الملائكة صلت على آدم وكبرت أربعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى اختص له من الخلفاء أربعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما المرابيع أطلعت أزاهرها أربعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما أربع القوم وكرت عليهم أربعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما أربعت الإبل ووردت أربعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان أكثر جلوسه أربعاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: يوشك أحدكم أن يصلى الفجر أربعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وابن لى عندك مقعداً واسعاً أربعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ماعد عاد أربعاً. وسميت ديار ليلة الأربعا. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الله أنزل من الجنة أنهاراً أربعاً. وجعل من الملائكة رؤساء أربعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يرمل من الحجر إلى الحجر ثلاثاً، ويمشى أربعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ماحج حاج أو اعتمر معتمر وطاف وسعى. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: هل أنتم منتهون أصلاتان معاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما الصبح والكوب ابلنقعا.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أنا أول الناس يشفع فى الجنة وأنا أكثر الناس تبعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد مامحب يذكر حبيبه ولعاً.
الهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: ستكون أمراء تشغلهم أشياء يؤخرون الصلاة عن وقتها فاجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إذا لم تستطع قاعداً فصل مضطجعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يخرج للاستسقاء متبذلاً متواضعاً متضرعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: ياأنس أكثر من الأصدقاء فإنهم شفعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ماغزال أو طالب فى مطلبه مرتعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: قوموا فإن للموت فزعاً. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد مااستأمع جبان وبذعا.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد عدد من سبح وحمد وهلل وكبر ودعا. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ماذكر دواء أو أمر نجعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأهل بيته وحفنى بنورك وخصنى بشهودك واجعلنى ممن برع واتلعاً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله واصحابه وأهل بيته صلاة تكون لقلوبنا مربعاً، ولنفوسنا مرتعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وأهل بيته صلاة تذهب بها عنا فى الدارين هماً وفزعاً، وتزيل بها مرضاً وألماً ووجعاً.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله واصحابه وأولاده وأزواجه وأهل بيته وعشيرته وورثته من أمته واسمع ندائى وأجب دعائى ياأكرم من أجاب وسمعا وأصلح أحوالنا واقض أوطارنا وعم من كان لى تبعاً وارعنا بعنايتك العظمى ياخير من رعى.
بسم الله الرحمن الرحيم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سيدى نظمت طباق السفليات كما نظمت طباق العلويات. وفتحت أبواب التنزلات لظهور التجليات وتنزلت إلى الغيب لإجابة الدعوات وظهرت فى كل ظهوراً مقدساً عن التأنس بالمحدثات فلك المثل الأعلى فى الأرض والسموات، أسألك يقيناً يقينى الشبهات، وقلباً متواضعاً لهيبة السبحات، ونوراً محيطاً بى من سائر الجهات يامن أبرق النور فى حلل البرق بأبرق برق واضمحلت بأنواره الأزمنة والأمكنة والدهور والجهات ولم يزل قدوساً جباراً ملكاً قادراً قهاراً أضاءت بنوره الظلمات وكشفت غياهب الموجودات. أسألك بنور الوجه الصمدانى وبمظهر الاسم الأتم الجامع السبحانى. أن تملأ وجودى نوراً من نورك الذى هو مادة كل كمال وغاية كل تنزل من ظلمة العمى إلى أنوار المجال حتى لا يخفى على شئ مما أودعته فى ذرات الوجود فأقدسك وأحمدك وأعبدك بالعيان والشهود. وأطلقنى من سائر القيود، وافتح لى أبواب التجلى والتملى والسعد والسعود ياواحد ياأحد ياصمد يامقصود. وسخر لى بقدرتك الملوك والأملاك وأدر لى باسمك الأكبر الأعظم جميع الأفلاك. واعصمنى من كل شرك وشك، وغصر وإفك، واحفظنى من الزيغ والإلحاد. ومن الجم والمكر والفساد، وزدنى علماً ونوراً، وألبسنى هيبة ومحبة وسروراً واجعل لى اللهم من كل ذنب وإثم وهم وغم وكرب وضيق وسهوة وشهوة ورهبة ورغبة وخطرة وفكرة وفعلة وغفلة ومن كل قضاء وأمر فرجاً قريباً ومخرجاً بنورك إنك على كل شئ قدير.
اللهم أحسن إملائى ولا تخيب رجائى وعافنى من البلاء والآلام والأسقام ومرض القلوب والأرواح والأجسام. واكنفنى اللهم بغواشى البهاء وبهاء النور. ما ترتاح إليه الأرواح وتنشرح له الصدور. ياذا البهاء والجمال. ياذا العظمة والجلال. آه آه ياإله موسى بن عمران آل آل ياعظيم لشان يانور النور أسألك بملائكة النور وبأسماء النور التى سبحك بها ملك النور فقدست الملائكة بأقطار السموات وارتجت البحر وتلاطمت الأمواج خوفاً وفزعاً، وخضع كل من عظمة نور اسمك يانور أن تخصنى بنور تشرح به صدرى وتيسر به أمرى وتفع به فى العالمين ذكرى وتقدس به سرى وتنزه به فكرى وتذهب به أوضارى، وتصلح أطوارى وأوطارى إنك مفيض الجود الفاتح المانح البر الودود يامن هدى بنوره إلى نوره من شاء وحض بنوره لنوره من شاء أجعلنى ممن شئته يانور النور. يامن بيده مقاليد الأمور. واهدنى اللهم بنورك لنورك حتى أتنعم دائماً بشهودك سمت الأفئدة بالهم فوقفت حيث انتهت، وشخصت الأبصار لاستماع أمرى يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ﴿يُقلِّب اللهُ اللَّيلَ والنَّهارَ إنَّ فى ذلكَ لَعبرةً لأُولى الأَبْصَار﴾ إيل إيل سبحان من تعزز بالعز والعظمة والهيبة والكبرياء والجلال آه آه سبحان ذى القوة والقدوة والثناء والضياء والجمال والكمال يوه يوه سبحانه عدد ماسبحه المسبحون، ومجده الممجدون وهلله المهللون، وكبره المكبرون وذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. اللهم أشرق علينا من أنوار الاستسلام إليك وأسرار الإقبال عليك ما تبتهج به أسرارنا وتكمل به أنوارنا وأدخلنا ميادين الرضا، واشملنا بالصفح والعفو عما مضى، واجعلنا ممن كرع من تنسيم التسليم وغب وارتوى من حمياً خندريس رحيق غاية التعظيم. وغمس فى راموز اللطائف وجنى من ثمرات المعارف وألبس من خلع التخصيص حلل المحبة ونمى فتحه ومنحه فى كل لمحة وحبة. وأتحف بتحف القرب. وفوتح من حضرة الحب مرفوعة عنه الأستار مكشوفة له الحجب يارب (ثلاثاً) وأسألك بنبراس الأنبيا وزبرقان الأصفيا. وبيوم الأرعا وملائكته وبكوكبه وروحانيته وخدمته وبكل عبد مغيب فى الجلال والجمال. أن تحول حالنا إلى أحسن حال. وأجب دعائى. وبلغنى جميع آرابى. وفرج همى. واكشف غمى وألطف بى وبأحبابى. ومن يلوذ برحابى وأعذنا من تسأسؤ الأمور ومن ضيق الصدور وعافنا من الفتن والمحن. واكفنا كل هم وغم وحزن. وعمنا جميعاً بالمغفرة العميمة والمبرة المدرة الكريمة. أجيبوا أيتها الأرواح الروحانية والنفوس الطاهرة الزكية من العلوية والسفلية. وقسما على خدمة عطارد وروحانيته الكرام الأماجد إسراعاً إسراعاً بالنون والنور. والبيت المعمور. واسم الله العلى الكبر. وكلمات الله التامات التى لا تعد ولا تحصى أجيبوا بألف ألف لا حول ولا قوة إلا بالله رحمكم الله عباد الله يانور كل شئ وهداه أنت الذى فلقت الظلمات بنورك سخر لى عبادك أجمعين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخميس
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد عبدك ونبيك ورسولك السيد الرئيس الذى كان يعجبه من الأيام الجمعة والخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد الحبيب الأعظم والقيل الأكرم والإمام الحميس الذى أخبر أن الله تعالى جعل ملائكة أقلامهم من الذهب النفيس يكتبون الصلاة عليه يوم الخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ماسمت العرب بالمونس يوم الخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الله خلق الدواب يوم الخميس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن أعمال أمتى تعرض يوم الاثنين والخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الآمر بصيام الاثنين والخميس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يتحرى صيام الاثنين والخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يحب أن يخرج إذا غزا يوم الخمي. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان إذا سافر خرج يوم الاثنين والخميس.
الهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان من دعائه: اللهم بارك لأمتى فى بكروها يوم الخميس وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: يابربرة اكنسى المسجد يوم الخميس. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن لأهلك عليك حقاً صم رمضان والذى يليه وكل أربعاء وخميس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذىنهى عن الاحتجام يوم الخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: قص الظفر وانتف الإبط واحلق العانة يوم الخميس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أفضل الحسنات تكرمة الجليس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن أول من خط بالقلم إدريس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن لله ملكاً يستغفر للخياطين رأسه فى حجر إدريس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما كر خميس وفر خميس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد مالبس اللبيس من الثياب والخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما رفع إدريس إلى السماء يوم الخميس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما طرد إبليس يوم الخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى نهى عن القياس فى الدين وقال أول من قاس إبليس. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: الثوم والبصل والكرات من نسك إبليس.
.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: لو شاء الله ألا يعصى ماخلق إبليس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما وقع تخميس وطلع برجيس. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان جليس المشاش ضخم الكراديس. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما عسعس الليل وهجع ذو تعريس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد مظهر الجلال وعين الجمال وقاموس كل سر نفيس r وعلى آله وأصحابه وأهل بيته الذين طهرتهم من الرجس والتدنيس. وافتح لنا ياربنا بجاههم الفتح المبين كما فتحت مكة للحبيب الأعظم يوم الخميس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد المقدم الرئيس صاحب السف والخميس r وعلى آله واصحابه وأهل بيته الذين أنزلت بهم الحماقيس واحفظنا بجاههم من الخزى والتنكيس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عروس المملكة وإمام الحضرة وشفيع الأمة يوم التعبيس والتفليس. r وعلى آله وأصحابه وأهل بيته الذين ذهب بهم الظلام والتغليس وارتفع بهم الحسيس وصار أنفس نفيس.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وعلى آل بيت سيدنا محمد صلاة أبدية فى كل لمحة ونفس عدد من استعمل التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والتقديس واحمنا من شرك إبليس التعيس وخذ أعداءنا بعذاب بئيس. واحفظنا من شر الخلابيس والدهاريس.
اللهم صل بمقتضى ذاتك على مظهر أسمائك وصفاتك سيدنا وملاذنا محمد المختار من بنى هاشم وعلى آله وأصحابه وأهل بيته الأكارم صلاة تكون فى الجدث أذكى طيب وخير أنيس، ونفس الكرب عنى وعن أحبتى أعجب تنفيس وأعطنا من بر إهدائك الطام وبحر عطائك الطمطام لايدخل تحت مقيس، واجعلنا فى الحضرة الأقدسية من أكمل جليس وأرنا إياك بك من غير اشتباه ولا تلبيس ياخالق الحسيس والمسيس. بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله إله الآلهة الرفيع جلاله البديع منه العظيم نواله. سبحان من قامت السموات والأرض بأمره. وخضعت الخلائق لعظمة جلاله. وجلال قهره، ودارت الأفلاك وسبحت الأملاك وكل المخلوقات. باختلاف اللغات وإن من شئ إلا يسبح بحمده، سبحانك ربنا ما أعظم شأنك وأجسم مامتنانك سبحت فى بحار عظمتك الأفكار. وتاهت فى بيداء عزتك عقول المقربين الأخيار، ترديت بالمجد والثنا وتعظمت بالعزة والعلا. وتازرت بالعظمة والكبرياء، وتغشيت بالنور والضياء، وتجللت بالمهابة والبها. واحتجبت بالنور فلا يطيق شهودك غيرك ياشكور. سبحانك لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، بل أنت أجل وأعظم من أن يثنى عليك، وإنما هى أعراض تدل على كرمك وقد منحتها لنا على لسان رسولك r لنعبدك بها على قدرنا لا على قدرك يامن به ومنه وإليه كل شئ صل على سيدنا محمد عبدك ورسولك حتى لايبقى من الصلاة شئ وأعطنى من فضلك كل شئ وسخر لى بقدرتك كل شئ واكفنى كل غفلة وسهوة ومعصية وشهوة مما تقدم أو تأخر واكفنى كل طالب يطلبنى بالحق أو بغير الحق فى الدنيا والآخرة فإن لك الحجة البالغة وأنت على كل شئ قدير وبالإجابة جدير. واكفنى هم الرزق. وخوف الخلقز وضيق الصدر وشتات الأمر وأيدنى بالصدق. وانصرنى بالحق، واحمنى من كل فتنة ومحنة وبلاء، واحفظنى من كل رزية وبلية ووباء، وعافنى من كل داء. وما يوجب القمأة والكأكأ وقنى وأحبتى كل عذاب من فوقنا ومن تحت أرجلنا أو يلبسنا شبعاً أو يذيق بعضنا بأس بعض، واكفنا كل هم وهول دون الجن، واكفنا شر ما تعلق به علمك مما كان أو يكون أو هو فى سر غيبك مخزون يامن لا يدعى إلا بأسمائه، ولا يرجى إلا جزيل نعمه وآلائه. بك استنزل المحبوب فى كل مطلوب، وبك استدفع الكروب وضيق القلوب فى السكون والممشا يامن له الإنشا فيما أراد وكيف شاء. لا إله إلا أنت يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين ويا أسرع الحاسبين أسرع بالفرج القريب بما أودعته بالمشترى من كل سر غريب. يامن إذا ضاق الفضاء وتراكمت جمل الدواهى فرجتها بدقيقة من حسن لطفك ياإلهى. ليس فى الوجود فاعل سواك ولا منفعل لغير أمرك تعالى قدسك عن أن يزاحمك فى الوجود وجود غيرك وتنزه شأنك أن يكون فى ملكك إرادة سواك. فبقدرتك التامة الشاملة وإرادتك المخصصة الكاملة أن تحل عقدة عقالى وتسرع بإجابتى وإصلاح حالى. ياذا القدرة الباهرة والعظمة القاهرة، يامالك أزمة الدنيا والآخرة. أدعوك باسمك الذى ملأت به القلوب رعباً وباسمك الذى أبرزت به الوجود شرقاً وغرباً وبوجهك الذى عنت له الوجوه واضمحلت الأفكار. وبنورك الذى أذعنت له النفوس وشخصت الأبصار أن تهدينى إلى طريقك الخاص هداية تصرف بها وجهى عن كل مطلوب سواك. وسخر لى بقدرتك روحانية ذواش وجميع الملاك. لأتصرف فى ملكك بما أريد كما تحب وتريد. وهبنى ملكةً سارية فى قواى وذرات وجودى أقهر بها كل متكبر، وأذل كل عزيز وبرديس. منو شجا فى كل آن بأسرار البرجيس. وضاعف اللهم هذه الملكة ماضعفت وأمدنى بالمعونة إن عجزت. وهب لى فكراً مشرقاً وطرفاً مطرقاً وشوقاً إلى جمالك محرقاً ووجداً فيك مقلقاً. ويداً قادرة وقوة قاهرة، ونفساً زكية وسيرة عبودية وأثبت اسمى فى ديوان المحبين. مبرهناً بوحيك الأمين المنزل على أشرف النبيين إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً. أقبل ولا تخف لا تخاف نكداً ولا ضداً امتلأت القلوب من محبتى ففاضت وامتلأت الجوارح من هيبتى فجمدت وامتلأت الأبصار من عظمتى فشخصت، وباح السر بالكتمان، تباركت وتعاليت يامشرق البرهان، يامن رحمته وآلاؤه فى كل زمان ومكان. هلموا وأجيبوا معاشر الأرواح باسم الله العظيم الفتاح وبنور وجهه الكريم الوضاح أعينونى بقضاء حوائجى ياخدمة المشترى وياملائكة يوم الخميس بما تلوته من كل اسم وحرف نفيس، هيا هيا! هيا شراهيا. اللهم إنى أقسم عليك بحبيبك الأعظم الرئيس وبيوم الخميس وبرجال الخميس وساعة الخميس وبما أبدعته وأودعته فى البرجيس. أن تسرع بقضاء مآربى وتعم اتباعى وأهل مشاربى. اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة. ومنا الرمى بسهز الرجا ومنك الإصابة. فاجعلنا اللهم ممن دعا محبوبه فأجابه وأعطاه ما تمناه وما أخابه. آمين آمين آمين استجب لنا ياأمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

الجمعة
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: سيد الشهور المحرم وسيد الأيام يوم الجمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن اليوم الذى فيه الصعقة أو النفخة يوم الجمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا ريح ولا جبل ولا حجر إلا هو مشفق من يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: اليوم الموعود يوم القيامة واليوم امشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى من أحب أن يأتى يوم القيامة يتبلج بالنور فليصل عليه مائة مرة يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى من أحب أن تغفر له ذنوب مائتى عام فليصل عليه مائة مرة ليلة الجمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: تضاعف الحسنات يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن حج الفقراء والمساكين يوم الجمعة. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أنه لا يسأل من مات يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى خص بساعة الإجابة يوم الجمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أخبر أن الغسل والطيب واللباس يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الآمر بمس الطيب يوم الجمعة. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يلبس برده الأحمر ف العيدين والجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذىكان إذا استجد ثوباً لبسه يوم الجمعة. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يخطب بسورة ق فى كل جمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى من صلى عليه عند خطبة الجمعة حفظ الله عليه شمله وجمعه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الآمر بالندا والسعى يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: من تواضع لله رفعه. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: من علم أن الليل يأويه إلى أهله فليشهد الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: على كل محتلم رواح الجمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن الله يسعر جهنم كل يوم فى نصف النهار ويخبتها فى يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى نهى عن الحبوة يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: اقرءوا سورة هود يوم الجمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام وقل ما يفطر يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن لكم فى كل جمعة حجة وعمرة فالحجة التهجير للجمعة والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى من أحب أن تغفر له ذنوب ثمانين سنة فليصل عليه ثمانين مرة بعد صلاة عصر الجمعة. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إذا كان يوم الجمعة تنادت الوحوش والطيور والسباع سلام عليكم هذا يوم الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء فى الجنة وذلك أنهم يزورون الله تعالى فى كل جمعة.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى حاز جميع الحسن وجمعه. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان فخماً مفخماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر جل من صوره وصنعه. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان أشكل العينين أهدب الأشفار أزهر اللون فى جبينه سعه. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان أغر أبلج ضليع الفم أشنب منهوس العقب كامل الخلق والخلق سبحان من فطره وأبدعه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: إن أعمال بنى آدم تعرض على الله عشية كل خميس ليلة الجمعة. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: أكثروا من الصلاة على فى يوم الجمعة وليلة الجمعة r وعلى آله واصحابه وأزواجه وأهل بيته ومن أحبه واتبعه عدد ماتعلق به العلم القديم وأحصاه اللوح المحفوظ وجمعه r وعلى آله وأصحابه وأولاده وأهل بيته صلاة دائمة أبدية متصلة فى كل نفس ولمحة وطرفة غير منفصلة ولا منقطعة، وهب لنا بالصلاة عليه فيوضات متسقة متسعة، واجعلنا ممن لزلال صافى المحبة كرعة وارفع عن هذا الجسم الضعيف وجعه وخذ قلوبنا منا إليك وانفع بهذا الحزب من قرأه أو حفظه أو كتبه أو سمعه إنك أنت الله الفاتح المانح لمن وقف ببابك وقرعه.
بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله استفتحت وهو خير الفاتحين. وسبحان الله عدد عوالم الله وما خلق الله فى السموات والأرضين، والحمد لله حمداً كثيراً يفوق حمد الحامدين ولا إله إلا الله عدد كمال الله وإفضاله والله أكبر كما ينبغى لجلال عظمة ربنا وجماله. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله عدد الأفلاك ومطالعها. وعدد الملاك ومجامعها أملت الخلق سطوتى وقهرتهم فهم بأمرى يعملون. وجذبتهم إلى محبتى فهم لأنوار هيبتى خاضعون. واستعنت عليهم بالحى القيوم الثابت الذى لا يحول ولا يزول. ولا تكيف كنه ذاته الفهوم ولا العقول سيدى سجدت لعظمتك الجباه. وتنعمت بذكرك القلوب والأفواه روح روحى بذكرك وقيد قلبى بشكرك وارزقنى راحة الأنس بك. ورقنى إلى مقام القرب معك وردنى برداء الرضوان وأوردنى مورد القبول والامتنان، وهبنى استعداداً لقبول فيضك الأقدس واستنشاقاً لنفح نفسك الأنفس. حتى أقابل كل دقيقة من حضرة الاسم باللائق بها، واحفظنى فى الأخذ والإلقاء. اكفنى بغواشى النور والبهاء مصحوباً بسر به تنقاد إلى النفوس والأرواح انقياد محبة وعشق وارتياح، وقابلنى بحضرة اسمك الأتم الجامع مقابلة تملأ وجودى وتبسط جودى. فاظهر لعبادك بكل وصف مضاف إليك. وسر مفاض منك ونور من لديك. فاكشف لهم عن زبد أسمائك مرقومة فى ألواح الأشباح فإذا هم شاخصون يامن أمره بين الكاف والنون.
اللهم إنى أسألك بالكلمات التامات والأسماء المعظمات والأحرف النورانيات والكتب المنزلات وبما وراته السرادقات من العظمة والجلال، والقدرة والهيبة والكمال وبما أودع فى الحروف والأسماء من الأنوار والخواص والأسرار بروحانية الزهرة وملائكة الحضرة، وبما دعاك به الأنبياء والمرسلون. وذكرك وعبدك الأولياء والعارفون وبما سبحك وقدسك ومجدك به حملة عرشك والمقربون بالحضرة الشريفة بالشريعة المنيفة بالصلوات الخمس وصيام رمضان، وإيصال الأسرار والرحمة والإحسان. لخواص العباد وأهل السعادة والأمداد. بخدام الساعات من أعلام السادات. وبحراس الأيام، والشهور والأعوام بساعة الجمعة بالإمام وما جمعه والروح وما تبعه والقلب وما وسعه، أن تجعل جميع مخلوقاتك طوع يدى مالكاً أزمة قلوبهم محبوباً عندهم مبروراً، مهاباً موقوراً بالنور والبر والسر مغموراً. لا يعصون أمرى ولا يخالفون حكمى معصوماً من أذاهم بشدة المحبة. والعشق والجذبة بأنوار أسرار وألقيت عليك محبة منى. واحفظنى اللهم من العجب والكبر والرياء والدنس والعيوب الظاهرة والباطنة وعافنى من كل بلية. ونجنى من كل هلكة، وامنحنى لطفاً وعطفاً منحته لأحبابك وارونى من صافى زلال شرابك، ولا تجعلنى من القانطين. ياهو يامن هو هو أمطر على من سحائب لطفك ما تطهرنى به من رجس الطبع ويحفظ على آداب الشرع. وهب لى خلقاً أسع به كل خلق. واقض به كل حق كما وسعت كل شئ رحمة وعلماً. وامنحنى نوراً محيطاً بى يكشف لى عن حقائق الأشياء خبرة وفهماً.
اللهم يامن تقدس بذاته وتنزه فى أسمائه وصفاته. أعطنا إيماناً لاضد له وتوحيداً لايقابله شرك وطاعة لا يقابلها معصية وهب لنا محبة لالشئ ولا على شئ وخوفاً لا من ئ ولا على شئ ونزيهاً لا من نقص ولا من دنس بعد التنزيه من النقائص والأدناس. وتقديساً ليس وراءه تقديس وكمالاً ليس وراءه كمال وعلماً ليس فوقه علم ونسألك الإحاطة بالأسرار وكتمانها عن الأغيار. ونسألك اللهم الرزق الواسع الهنى الذى لا حجاب به فى الدنيا ولا سؤال عليه فى الآخرة على بساط التوحيد والشرع سالمين من الهوى والشهوة والطبع. واسمع ندائى ياسميع يالطيف، ياقادراً على كل شئ يامن بيده ملكوت كل شئ يامؤنس كل غريب. ياصانع كل عجيب ياصاحب كل وحيد. ياقريباً غير بعيد ياشاهد كل غائب. ياقاهراً لا يفوته هارب ياغالباً غير مغلوب. ياعزيز أنت وجهة كل مطلوب ياملجأ كل خائف يامنجى كل تالف. يافارج كل كربة ياولى كل نعمة ياكاشف كل غمة. يامزيل كل نقمة. ياعالم كل نجوى يامنتهى كل شكوى. ياحاضر كل ملأ. ياخالق كل كلإ. يامسخر السحاب(7) ياكافى محمد المصطفى الأحزاب. يامنجى نوح من الطوفان يامنقذ إبراهيم الخليل من النيران. ياكائد فرعون يامن بيده مقاليد الكون ياراحم عبرة يعقوب. ياكاشف ضر أيوب. يامخلص يوسف من الرق ياسائق القوت لكل الخلق يامن أنجى لوطاً من العذاب النازل بقومه، يامن أيقظ عزيراً بعد مائة سنة من نومه يامن ألان لداود الحديد. يامن جعل علوم الخضر كل يوم فى مزيد. يامن وهب لسليمان الملك العظيم. يامن أعاذ عيسى وأمه من الشيطان الرجيم. يامن سمع نداء زكريا يامن منح الحكمة يحيى. يامن قبل تسبيح يونس بن متى ياحافظ ابنة شعيب ياساتر كل عيب. يامن رد الشمس ليوشع بن نون يامن إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ياحى ياقيوم. يامن لا تحيط بعظمته العقول ولا الفهوم. اسمع ندائى وأجبنى بما دعوت ولا تخيب رجائى يامسامع كل صوت. واقذف فى قلبى رجاك. وعمنى بنورك حتى لا يكون لى شغل بسواك. وفرج همى وكربى وكل من دخل سربى واستقى من شربى. وأذن لروحانية الزهرة. وملائكة الجمعة. وأرباب الحضرة. أن يسرعوا بقضاء حاجتى. ويفعلوا ببغيتى بإرادتى بحرمة أصحاب هذه الدعوات والأحرف العاليات وصلى الله على سيدنا محمد عدد الأنفاس واللحظات وعدد الحجار والرمل والقطر والنباتات وسلم عليه وعلى آله وأصحابه عدد كل حركة وسكون فى جميع الكائنات وأجب لنا جميع الدعوات واقض لنا جميع الحاجات فى المحيا وبعد الممات آمين آمين آمين آمين والحمد لله رب العالمين.

السبت
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كامل الحسن والسبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد المنزل عليه واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى حرص على الإكثار من الصلاة عليه ليلة السبت ويوم السبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى من أحب أن يعتق نفسه من الناس فليصل عليه مائة مرة يوم السبت.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى زينت بنجوم بعثته سماء السبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد القائل: خلق الله التوبة يوم السبت. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى عامل أهل الشقاق والنفاق بالسبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما ترك مطلق شعره العقص، واستعمل السبت.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما تحلل محرم من إحرامه بالسبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما سارت الجمال إلى طيبة التى تحط بها الأحمال بالسبت. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان يكره انفراد يوم الجمعة بالصوم، فمن أحب أن يصومه فليصم معه الخميس والسبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما ذهب سبت وجاء سبت.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ما فازا الملى واستعمل الخلى السبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وكن بنا عطوفاً رءوفاً عند السبت. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد واحمنا ونجنا من كل سبت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى أنزلت عليه ردعاً لأهل الضلال بفصيح المقال: ﴿أوْ نَلْعَنهُم كَما لَعنَّا أصْحَاب السَّبْت﴾. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الذى كان عظيم الهدى حسن السمت. وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد عدد كل ذرة وقطرة ومدرة وسهوة وفكرة وبنت.
اللهم صل صلاة ذاتك على طور تجلياتك ومحل تنزلاتك سيدنا ومولانا محمد الذى أقلت به العثرات ومنحت به المواهب والمكرومات ومحقت به كل هم وغم وكرب ومقت r وعلى آله واصحابه وأهل بيته الذين أظهرت بهم الدين ونشرت صلاة تكبت بها أعداءنا أى كبت وتفل جمعهم وتفت شملهم أى فت. اللهم صل وسلم وبارك فى جميع الشئون فى عوالم الظهور والبطون على سرك المخزون الذى رفعت به كل دون، وجعلت بالصلاة عليه كل أمر يهون سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وعلى آله وأصحابه وأهل بيته الأكارم ماهبت نسائم وصدحت حمائم وانتشأ بست ووقع بست وطلع نجم ونبت صلاة بها الذنوب تحت والقلوب فى بحر المحبة تغت أعظم غت r وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة لا غاية لها ولا أمت عدد كل متحرك وساكن وكل ما كان وما هو كائن فوق وتحت وخط ونحت صلاة تستعملنا برضاك ولا تحوجنا لأحد سواك ياهو لا إله إلا أنت.
بسم الله الرحمن الرحيم آلم آلمص آلر آلمر كهيعص طه طسم طس يس ص حم معسق ق ن الله لا إله إلا هو الحى القيوم والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ، أعيذ نفسى ومالى وأهلى وأولادى وما أحاط عليه شفقة قلبى من شر ما يكون فى الليل والنهار من الآفات والعاهات والبليات، ومن شر الحوادث والطوارق والعوارض والإنس والجن والقرنا والتوابع وأم الصبيان وعمار هذا المكان، ومن شر السحرة والمكرة والمردة ومن شر كل عين ناظرة وألسن ناطقة وأذن واعية، ومن شر كل ريح وبلاء ووباء وداء وألم برب زحل الذى إذا ما شاء فعل آل آل شلع آل إهياس مهياش. ما أعظم اسمك ياآل إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون حسبى الله آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة غلا بالله اهـ لاهـ ياهـ واهـ العظمة لله الاقتدار لله أينما تكونوا يأت بكم الله، وقل جاء الحق وظهر أمر الله كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله قوله الحق وله الملك أمروا بطاعتى فأجابوا وندبوا إلى خدمتى فأطاعوا لا آلاء إلا آلاؤك ياالله سبحانك سبحانك زنة عرشك سبحانك سبحانك عدد أجزاء ذرات فرشك سبحانك سبحانك أنت كما أثنيت على نفسك. اللهم يامن سيرت زحل فى الفلك السابع وأبدعت بما أودعت فيه من الأسرار والحكم والمنافع وأظهرت المحاسن والخصائص لكل الكواكب تفعل ما تشاء وأنت رب المشارق والمغارب أسألك مدداً روحانياً تقوى به قواى الكلية والجزئية حتى أقهر به كل نفس منفوس وروح فى بحر الوجود مغموسة فتنقبض لى رقابها انقباضاً يسقط قواها. إذ أنت ممدها ومولاها فلا يبقى فى الكون ذو روح إلا ونار القهر أخمدت ظهوره وأذهبت نوره. ياشديد البطش ياذا البطش الشديد ياقادر ياقاهر يافعال لما يريد، أسألك بما أودعته فى عزرائيل من قوى أسمائك القهرية. ياقهار ياجليل فانفعلت له النفوس، وأذعنت له الرءوس وأرباب البؤوس. أن تلبسنى هذا السر فى هذه الساعة حتى ألين به كل صعب وأذل به كل ممتنع بحولك وقوتك ياذا القوة المتين طآء طآء طآء إن تشأ تنزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين، حكمت الطاء على أنفس الخلق وقهرتهم بها. طهور طهور باءق قلقلت عقول الخلق بالقاف بدعق بدعق حاء (3) فتحت بها باب الاستمطار من الفتاح العليم محببه محببه وألقيت عليك محبة منى ص ص صادق س س ساتر سلبت الأسواء عنى وعن أحبتى سورة سورة صورة صورة م م عين (3) ملأت قلبى عزة ونوراً لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم سين (3) سلام أسألك بالسناء الأعظم أن تعطينى مفتاح قلبى سلام قولاً من رب رحيم سقفاطيس (3) سبقاطيس (3) فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم الله الله رب أسألك حولاً من حولك وقوة من قوتك وتأييداً من تأييدك حتى لا أرى غيرك ولا أشهد سواك. سقاطيم سقاطيم قادر مقتدر جبار قهر العلوية والسفلية لا يعجزه شئ تبارك الذى بيده الملك وله الحكم وهو على كل شئ قدير. أحون ق أدم حم هاء آمين. يامن هو هكذا ولا يكون هكذا سواه ألق على هيبة من هيبة أسمائك وعظمة من عظمة جلالتك وذاتك ونوراً من أنوار صفاتك وجلالك وجمالك. فأتمكن من فعل ما أريد بإذن الفعال العلى المجيد فلا يصل إلى ظالم بسوء ولا يسط على متكبر ولا يقطعنى عنك قاطع. واجعل غضبىمقروناً بغضبك. وإرادتى موافقة لإرادتك واحجبنى بعز حجبك وحجب عزتك. وعمنى بفيض نوالك واحمنى من غيض أثقالك. وأعمرنى بآثار كمالك واغمرنى بأنوار جلالك وجمالك. وسخر لى أمر هذا الرزق. واعصمنى من الخلق والحرص والتعب فى طلبه. ومن شغل القلب وتعلق النفس والهم به. ومن الذل والحمق بسببه ومن التجبل والتدبر فى تحصيله ومن الشح والبخل بعد حصوله. واجعله اللهم سبباً لإقامة العبودية ومشاهدة أحكام الربوبية. وامنعنى من كل عدو ظاهر وباطن من العوالم الخفية. واحمنى من الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن ونجنى برحمتك من الهم والغم والحزن.وعافنى من كل داء وبلاء وعلل وآلام ومن كل وباء وأقداء وشدة وضر وأسقام. وألحق بى كل من انتسب إلى من النام. ووسع علينا بفضلك ضيق المعاش والأرزاق. وامنحنا شربة من صافى حندريس رحيق غنيق قرقف حبك الذى رق وراق. وهب لنا علماً يوافق علمك وحكماً يصادف حكمك وقلباً قابلاً لفيضك الأقدس ونفساً مستنشقة نسائم نفسك الأنفس وأسمعنى نطق الموجودات وحقائق الأملاك وسخر لى هذا الفلك بل وجميع الأفلاك إنك ذو الملكوت والجبروت إله الآلهة ملك الملاك السلام، على الملك كسفيائيل السلام، على أمين الوحى جبرائيل السلام، على روفائيل السلام، على غسرافيل السلام، على أمين الرزق ميكال السلام، على الملك الأعظم كهيال السلام، على سمسمائيل السلام، على عينيايل السلام، على عيكيائيل السلام، على صمصمائيل السلام، على الملك الأكبر أرخيال السلام، على الملائكة المغيبين بأنوار الجمال السلام، على الملائكة المقربين السلام، على عباد الله الصالحين من أهل السموات والأرضين قسماً من الله العزيز الحكيم على جميع الروحانيين أن تعينونى عباد الله بقضاء حاجتى وتفريج كربتى بزحل وحكمته واسم الله العظيم الأكبر وعظمته وبيوم السبت وساعة السبت وملائكة السبت ورجال الوقت وأسألك اللهم بحرمة هذه الكلمات واصحاب هذه الدعوات أن تعجل لى الإجابة وتجعلنى ممن دعا محبوبه فأجابه وكذا كل من لازم على قراءة كتابى هذا فأصابه، وضاعف اللهم ثوابه ومنابه ولا تردنا بالخيبة ياكريم وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه فى كل وقت وحين آمين (سبعا) وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

الصلوات الخاتمة
اللهم صل على النور الأول، والسر الأنوه الأكمل، عين الرحمة الربانية وبهجة الاختراعات الأكوانية. صاحب الملة الإسلامية، والحقائق الإيمانية، نور كل شئ وهداه. وسر كل سر وسناه، من فتحت به خزائن الحكمة والرحموت. ومنحت بظهوره أنوار الملك والملكوت. قطب دائرة الكمال. وياقوته تاج محاسن الجلال. إنسان عين المظاهر الإلهية. ولطيفة تروحنات الحضرة القدسية. مدد الأمداد. وجود الجود. وواحد الآحاد. وسر الوجود. واسطة عقد السلوك. وشرف الأملاك والملوك. بدر المعارف فى سماء الدقائق. وشمس العوارف فى عروش الحقائق. بابك الأعظم وصراطك المستقيم الأقوم. برقك اللامح. ونورك الساطع. أو ضيائك الذى هو بأفق كل قلب سليم طالع. وسرك المنزه السارى فى جزئيات العالم وكلياته. علوياته وسفلياته من جوهر وعرض وسائط ومركبات وبسائط. مغرب أسرار الذات. ومشرق أنوار الصفات ومظهر أنوار التجليات بأنوار السبحات من سنا السرادقات بأرواح التروحنات. المصلى فى محراب جامع الجمع بأحمد. والقارئ بقرآن الفرق بمحمد. القائم فى الملك بشرعه وجلاله. والراحم فى الملكوت برحمته وجماله. عين غيبك الكاملة. وخليفتك على الإطلاق فى مملكتك الشاملة. صل اللهم عليه صلاة تعرفنا بها إياه فى مراتبه وعوالمه. ومواطنه ومعالمه. حتى نشهده بعين العيان لا بالدليل والبرهان. نعرفه بالتحقيق. فى كل موطن وطريق. ونرى سريان سره فى الأكوان. ومعناه المشرق من مجاليه الحسان. واجعل اللهم مددنا من شمس حقيقته. ومن نور شريعته. حتى نستضئ فى ليل جهلنا بأنوار حقائق معارفه. وآنس فى قربه مسرانا بإنياس لطائفه. واحملنا إلى حضرته القدسية الأحمدية. على كاهل شريعته المحمدية. وعمر أوطان نقصنا بأوطار كماله. وألبسنا مع خلع جلاله وجماله. وأفردنا فى حبه كما أفردته فى حسنه وإحسانه، وخصصنا بخصائص قربه وامتنانه. حتى نكون وارثين لديه. وناظرين منه إليه. وجامعين له به عليه.
اللهم وصل عليه صلاتك الأزلية الأحدية. فىمظاهرك الأبدية الواحدية. ما توحد تجليك وتكثر الفرد فى العدد. وأشرقت أنوار الصفات بتوالى المدد. واتسعت ربوبية الحكيم. وتقدست سبحات العليم: بتسبيح التمجيد والتكريم. بلسان القدم أزل الأزل. وتقديسه فى صفتنا الجلال والكمال. وسلم عليه سلام الفردانية ماتعددت مراتب العددية. فى وحدة مراقى درجاته العلوية فى مقامات العبودية. بتوالى شهود الرحمة الذاتية. واندراج الأنوار الصفاتية. فى المجالات الأطوارية والمطارات الملكية وسجدت له الأرواح الروحانية فى محراب الآدمية فى جامع حيطته الأحمدية. المحيطة بالأنوار السبوحية. الكاتبة بالأقلام المعنوية. فى الألواح الشهودية بالأسرار الخفية عن الإدراكات البشرية. وصل عليه صلاة وسلاماً يتقدس بهما عن عوارض الإمكان لوجوب انصافه بالكمالات. وعموم عصمته فى جميع الخطرات ماتنزه شامخ عزه عن النقص والسلوب. وثبت راسخ مجده بالذات والوجوب. وارض عن أصحابه أئمة الهدى ونجوم الاقتدا. ماتعاقبت أدوار الأنوار. وأشرقت الأسرار بالأسرار. وسلم تسليماً كثيراً وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم والحمد لله رب العالمين.
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد نقطة دائرة الوجود وحيطة أفلاك مراقى الشهور. ألف الذات السارى سرها فى كل ذرة. حاء حياة العالم الذى جعل منه مبدأه وإليه مقره. ميم ملكك الذى لا يضاهى. دال ديموميتك التى لاتتناهى. من أظهرته من حضرة الحب فكان منصة لتجليات ذاتك. وأبرزته بك من نورك فكان مرآة لجمالك الباهر فى حضرة أسمائك وصفاتك. شمس الكمال المشرق نورها على جميع العوالم. الذى كونت منه جميع المكونات فكل منها به قائم. من أجلسته على سباط قربك وخصصته بأن كان مفتاح خزانه حبك. المحبوب الأعظم. السر الظاهر المكتم الواسطة بينك وبين عبادك. والسلم الذى لا يرقى إلا به فى مشاهد كمالاتك. وعلى آل ينابيع الحقائق. وأصحابه مصابيح الهدى لكل الخلائق. صلاة منك عليه. مقبولة بك منا لديه. تليق بذاته. تغمسنا بها فى أنوار تجلياته. تطهر بها قلوبنا. وتقدس بها أسرارنا وترقى بها أرواحنا. وتعمم بركاتها علينا ومشايخنا ووالدينا وإخواننا الإخلاصية الموحدين. ولك الحمد منك فى كل وقت وحين. والحمد لله رب العالمين.
اللهم إنى أسألك باسمك الأعظم المكوب من نور وجهك الأعلى المؤبد. الدائم الباقى المخلد فى قلب نبيك ورسولك محمد، وأسألك باسمك الأعظم الواحد بوحدة الأحد المتعلى عن وحدة الكم والعدد المقدس عن كل أحد وبحق.
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿قُلْ هو اللهِ أحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أحَدٌ﴾ أن تصلى على سيدنا محمد سر حياة الوجود. والسبب الأعظم لكل موجود. صلاة تثبت فى قلوبنا الإيمان. وتحفظنا القرآن وتفهمنا منه الآيات. وتفتح لنا بها نور الجنات. ونور النعيم ونور النظر إلى وجهك الكريم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً بقدر عظمة ذاتك فى كل وقت وحين آمين والحمد لله رب العالمين.






_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 01, 2016 2:33 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067



عقيدة الختم الأعظم
الحمد لله الذى كيف الكيف وتنزه عن الكيفية. وأين الأين وتعزز عن الأبنية. ووجد فى كل شئ وتقدس علن الظرفية. وحضر عند كل شئ وتعالى عن العندية فهو أول كل شئ وليس له أخرية. إن قلت أين فقد طالبته بالأينية. وإن قلت كيف فقد طلبته بالكيفية. وإن قلت متى فقد زاحمته بالوقتية. وإن قلت ليس فقد عطلته عن الكونية. وإن قلت لو فقد قابلته بالنقصية. وإن قلت لم فقد عارضته فى الملكوتية. سبحانه وتعالى لا يسبق بقبلية ولا يلحق ببعدية ولا يقاس بمثلية ولا يقرن بشكلية. ولا يعاب بزوجية ولا يعرف بجسمية. سبحانه وتعالى لو كان شخاً لكان معروف الكمية ولو كان جسماً لكان متألف البنية، بل هو واحد رداً على البنوية. صمد رداً على الوثنية لا مثيل له طعناً على الحشوية. لاكفء له رداً على من الحد بالوصفية. لا يتحرك متحرك فى خير أو شر فى سر أو جهر فى بر أو بحر إلا بإرادته رداً على القدرية. لا تضاهى قدرته ولا تتناهى حكمته تكذيباً للهذلية. حقوقه الواجبة وحجته البالغة ولا حق لأحد عليه إذا طالبه نقضاً لقاعدة النظامية. عادل لا يظلم فى أحكامه صادق لا يخلف فى إعلامه متكلم بكلام قديم أزلى لا خالف لكلامه أنزل القرآن فأعجز الفصحاء فى نظامه إرغاماً لحجج المرادية. يستر العيوب ربنا ويغفر الذنوب لمن يتوب فإن امرؤ إلى ذنبه عاد فالماضى لا يعاد محضاً للبشر تنزه عن الزيف وتقدس عن الحيف (ونؤمن) أنه ألف بين قلوب المؤمنين وأنه أضل الكافرين رداً على الهشامية (ونصدق) أن فساق هذه الأمة خير من اليهود والنصارى والمجوس رداً على الجعفرية. ونقر أنه يرى نفسه ويرى غيره وأنه سميع لكل نداء بصير بكل خفاء رداً على الكعبية. خلق خلقه فى أحسن فطرة وأعادهم بالفناء فى ظلمة الحفرة ويعيدهم كما بدأهم أول مرة رداً على الدهرية فإذا جمعهم ليوم حسابه يتحجلى لأحبابه فيشاهدونه بالبصر يرى كالقمر لا يحجب إلا عن من أنكر الرؤيا من المعتزلة كيف تحجب عن أحبابه أو يوقفهم دون حجابه وقد تقدمت مواعيده القديمة الأزلية. ﴿أأَيَّتُها النَّفْس المطْمئنَّة ارْجِعى إلى رَبِّك رَاضِيةً مَرْضِيَّةً﴾ أترى ترضى من الجنان بحورية. أم تقنع من البستان بالحلل السندسية. كيف يفرح المجنون بدون ليلى العامرية. كيف يرتاح المحبون بغير النفحات العنبرية. أجساد أذيبت فى تحقيق العبودية كيف لا تتنعم بالمقاعد العندية. أبصار سهرت فى الليالى الديجورية. كيف لا تتلذذ بالمشاهدة الأنسية. وألباب عذبت باللبانات الحبية. كيف لاتشرب من المدامة الربية. وأرواح حبست فى الأشباح الحسية. كيف لا تسرح فى الرياض القدسية وترتع فىمراتعها العلية. وتشرب من مواردها الروية وتنهى مابها من فرط شوق ووجد شرح الحال عن تلك الشكية. ويبرز حاكم العشاق جهراً، ويفصل عن تلك القضية. إذا خوطبت عند التلاق لمولاها ابتدأها بالتحية فيأمرها إلى جنات عدن فتأبى أنفساً منها أنية. وتقسم فيه أن لا نظرت سواه ولا عقدت لسواه نية. ولا رضيت من الأكوان شيئاً، ولا كانت مطالبها دنية فما هجرت لذيذ العيش إلا لتحظى منه بالصلة السنية. ويسقيها مدير الراح كأساً صفاه من صفواته هنية. إذ أدرت على الندماء جهراً حفت بالبواكر والعشية تزيدهم ارتياحاً واشتياقاً إلى أنوار طلعته البهية. وحقك إن عينا لن تريها جمالك فإنها عين شقية. قتلت بحسنك العشاق جمعاً بحق هواك رفقاً بالرعية. قلوب تذوب إليك شوقاً ولم يبق الهوى منها بقية. فإن أقض وماقضيت قصدى فإنى من هواك على وصية. ولست بآيس عند التلاقى. يا إلهى بأن تمحو عواطفك الخطية. كيف يكون الرد ياإخوانى وفى الأسحار أوقات ربانية. وإشارات سماوية ونفحات ملكية. والدليل على صدق هذه القضية غناء الأطيار فى الأشجار بالألحان الداودية. وتصفيق الأنهار المنكسرة فى الرياض الروضية. ورقص الأغصان بالحلل السندسية. من الجنة إذ كل ذلك إذعاناً واعترافاً له بالوحدانية.
(ألا يا أهل المحبة) إن الحق يتجلى فى وقت السحر وينادى هل من تائب فأتوب إليه توبة مرضية. هل من مستغفر فأغفر له الخطايا بالكلية. هل من مستعط فأجزل له النعم والعطية "ألا وإن الأرواح" إذا صفت كانت ببهجته مشرقة مضيئة وتساوت فى الأحوال وهان عليها كل رزية لا جرم أن رائحة دموعهم فى الآفاق عطرية. وبصبرهم على بعض الهجر استحقوا الوصل من المراتب العلية. وصحة أحاديثهم فى طبقات المحبين مسندة مروية. وراحوا من غير سؤال حاجاتهم مقضية هدية الحب قد أصبحت واضحة جلية. فيالها من قواف بهية "وعقيدة" سنية على أصول مذاهب الحنفية والشافعيةوالمالكية والحنبلية. عصمنى الله تعالى وإياكم من الذين فرقوا فمرقوا كما يمرق السهم من الرمية. وجعلنى من الذين لهم غرف من فوقها غرف مبنية. وصل الله على سيدنا محمد أشرف البرية. وعلى آله وأصحابه وخصهم بأشرف التحية. وسلم تسليماً كثيراً دائماً متجدداً مترادفاً فى كل بكرة وعشية. آمين ثم آمين.

التأييد بمقامات التوحيد
قال الله تعالى: ﴿فاعْلَم أنَّهُ لا إلهَ إلاَّ الله﴾.
(حقيقة) أحدية الذات غيب فى الزل ووحدانيتها ظهور فى الأبد. والواحد القديم مالا أول له ولا آخر.
(دقيقة) عمل التوحيد علمه. وعلمه عمله. لذلك من علمه عمل. ومن عمل به علم.
وما عمل التوحيد عـند محقـق سوى علمه فافهم لحكمة وحدة
تشاهد أنـواراً تلـوح وتـجتلى وكثرتها تبدو من الفرد فاثبت
(حقيقة) توحيد هو تعداد. وتوحيد أنا إفراد. فإن أردت أن تستغرق فى بحر الإفراد، وتقف على الساحل مع الأفراد. فاجعل توحيدك هو بلا هو. فهناك تذهب بينونة البين. برفع نقطة الغين عن العين بلا أين فى حضرة الغيب والحضور. ويقابل البطون والظهور.
(دقيقة) ليس بتوحيدك يتوحد الواحد. بل هو على كل حال واحد. كما أن العالم عالم كذلك ما وحد الأحد أحد. سبحانك من حيث أنت ما وحدك حقيقة إلا أنت. سبحانك لا نحصى ثناء عليك كل ذلك منك وإليك.
راح الموحد والتوحيد حيـن فنى وصف الموحد والتوحيد بالأحد
(حقيقة) توحيد الذات فى الأزل بشهود الأحديثة.
لا تشهد حقيقة بمشاهد أبد الواحدية. لأن بالأحدية كان التجلى الأول فى حضرة أحديةالجمع. وبالواحدية كان التجلى الثانى فى تعين فرقها. لذلك اختلف الشهود لتباين المشهود.
(دقيقة) التجلى الذاتى. غير التجلى الصفاتى. لهذا كان فى أحكام التجريد لكل حقيقة ما يخصها من التوحيد.
(حقيقة) وجوب الذات. هو وجوب الصفات. وتعدادها لايوجب تعديد الذات بذوات نعم لا هى عينها. ولا هى غيرها. فقد اتحد المسمى. وتعددت الأسماء.
ما فى التكثر فى الأوصاف من عجب بل كونها عينها مع ما ترى عجب
(دقيقة) تعداد الأسماء يدل على تنزيه المسمى. حيث تكثر أسماؤه فى حضرات سبحانه وهو موحد فى غيب قدس ذاته.
(حقيقة) تجلى ذات الحق تمحق الكائنات. وتجلى صفاته توجب لها الثبات. لذلك لم تطق رؤية الذات بالأبصار. ولا يدرك كنهها بالعقول والأفكار. كيف وأنى لجائز حادث سقيم، أن يثبت لوجوب الوجود القديم.
كل المعارف والعوارف أغرقـت فى بحر إجلال الوجوب الأول
ياطـالـبـاً لجـوازه بجـوازه هذا الجواز قد استحال بمعزل
(دقيقة) القديم غير الحادث. فإذا اختلفت الحقائق. فقد تعسرت الطرائق.
كيف الوصول إلى سعاد ودونهـا قنـن الجبال ودونهن حتوف
الرجـل حـافية ومـالى مركب والكف صفر والطريق مخوف
لكن إذا أراد وصولك إليه أفناك عنك. فتراه به كما هو حقيقة يراك.
ومخطوبـة الحسـن محجـوبة فــلا تألفن سـوى إلفها
إذا مـا تجـلت علـى عـاشق وأهـدت إليه شذى عرفها
تغـيب الصفات وتغنى الـذوات بما أبرز الحسن من لطفها
فــإن رام عاشـقـها نـظـرة ولم يستطع إذ علا وصفها
أعــارته طـرفاً رآهـا بــه فكـان البصير لها طرفها
(حقيقة) لما تنزه الواحد بكل وجه عن النهاية. انتفى الضد والند عند الغاية.
لا تنتـهى فيـه النـهى لنـهاية من شاء يطنب فيه أولا يطنب
(دقيقة) نفى السلوب. وإثبات الوجوب. هما حضرة التنزيه فيما عليه سبحانه استحال. من جائزات المحال.
(حقيقة) توحيد الهوية. لا يدرك كنه الماهية. فوحده من حيث هو بما هو على ما هو تكن ممن وحد. ولا فى الحقيقة ألحد.
(دقيقة) إشارة هو فى التوحيد خاص للخواص. كما أن الإثبات بعد النفى عام للعوام. لذلككانت تلك الإشارة فى حضرة محاضرة العيان. وهذه العبارة فى مقام الدليل والبرهان.
(حقيقة) الواقف مع رتبة الدليل بالكائنات محجوب عن عيان المشاهدات. قانع بالقشر عن اللباب. وإن كان من أولى الألباب. ألا ترى أنه شتان بين واقف بالباب. وبين من هو أهل الكرامة فحوى الخطاب.
ومـا البحث فـى الآثار إلا مبعد عن المقصد الأسنى من الغاية القصوى
فـلا تقنـعن بالقشر دون لبـابـه ولا تحتجب بالباب عن حضرة النجوى
(دقيقة) شقائق أبحاث الجدال. أوهام فىمهامه الخيال لا تفيد صاحبها غير قعقعة اللسان. مع خلو الخشوع من الجنان. من قنع بها زلت به القدم. ومن وقف معها أورثته الندم.
لعمـرى لقـد طفت المعاهد كلها وسرحت طرفى بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاً كـف حـائـر عـلى ذقـنه أو قارعاً سن نادم
(حقيقة) كل حقيقة أخدتها عن الغير. ودلتك على سواء فى السير. فهى لك حجاب فى الحال والمآل. هذا وإن دققت أفكار الأنظار فطير العناء فى جو الخيبة بك قد طار. فاترك العقل المعقول. وكثرة الأبحاث والفضول.
عقـال عقـلك بالأوهـام معقول قد قلب القلب منك القال والقيل
تهـيم فـى مهمه الأوهام من وله أفـاده فيـك مـعقول ومنقول
بـخت بالـفكر مـعبوداً وقلت به وذاك عقد بكف الحق محلـول
قـد عشـت مثلك دهراً فى مكابدة ولـى فـؤاد بهذا الداء معلول
(دقيقة) ماشهد الحق من استدل عليه. وما وصل إليه من زعم أنه يسير إليه. إذ لو شهده لكان برؤيته فى طرب. ولو وصل إليه لزال عنه التعب.
(حقيقة) الموحد من فنيت رسومه فى حضرات التوحيد. وأنس بالواحد فى مقامات التفريد، غلب عليه نور الشهود بمرايا الكائنات. وجلى ما تجلى له فيها من حقائق الأسماء والصفات. فأنشأ لسان تحقيقه فىمسالك طريقه.
هـذا الـوجود وإن تعـدد ظاهراً وحـياتـكم مـافيه إلا أنتـم
(دقيقة) علامة الموحد ياقوم. وحدانه فى اليقظة والنوم.
جمالـك فـى مخـيلتى وطـرفى مـقيم لـيس يخفى بعد كشف
إذا استيقظت كـان بـك ابتـدائى وإن أغفيت كـان عليك وقفى
(حقيقة) وجود المعارف. فى أهل العوارق. تكسبهم إدراك الحقائق الذوقية. بل العنايات الكشفية. وغيرهم ليس له هذا الاتصاف ولا خلق الإنصاف.
لو شئت أنصفت والإنصاف محمدة عند الرجال بنور الحق كالقبس
يـاشر بعقـلك هـذا الأمر مجتلياً مـنه حقـيقة حـق غير ملتبس
(دقيقة) شهدت شواهد التوحيد لمن استدل به عليه، وانجلت حضرات التغريد لمن دعته إليه. فطوبى لمن رفعت عليه الأستار. واستغنى عن الجدال والإنظار.
رفعت لنا عن وجهها طرف الخبـا أهـلاً وسهـلاً بالحبب ومرحبا
(حقيقة) غلبة نور الظهور. هو الذى أوجد الستور أى ستور النور بالنور.
ومـا احتجبت إلا بـرفع حجابها ومـن عجب أن الظهور تسـتر
(دقيقة) ما من شئ إلا دلك عليه. لكنك لا تدرى كيف تسير إليه. دلت مصنوعاته على وحدانيته. وبرهنت آياته على فردانيته.
وفــى كـل شـئ لـه آيــة تــدل علـى أنـه الواحــد
(حقيقة) قيام القيومية بالمخلوقات. هو الذى أوجد لها قيام الصفات. فلو انمحى من عينك خبال الخيال. شهدت فى الكون من لم يزل ولا يزال.
ألا كل شئ ما خلا الله باطل.
(دقيقة) إذا عظم نور المشهود. عز إدراكه فى الشهود.
ألا تـرى الخـفاش فـى الحـس لا يطــيق رؤيــه الشـمس
مـثل النهـار يزيد أبصار الورى نـوراً ويعمى أعـين الخـفاش
(حقيقة) ظهور تجلى الحقيقة الإلهية. إذا تجلى للحقيقة الإنسانية. محا منها تنوية الناسوت. وأثبت فيها فردانية اللاهوت.
تجلـى لـى الرحمن فى كـل ذرة من العالم العلوى إلى العالم السفلى
وقـال كمالى حـبر النـاس جملة وأعجز مـن ينشى الكتابة أو يملى
فـإياك لا تشهـد لغـير جـمالـه وقـدسه إجلالاً عـن البعد والقبل
(دقيقة) صنعة الفنا: هى التى أوجبت لبعضهم النطق بأنا
(حقيقة) تجلى وصفه الباقى أوجب فناء العالم والمعالم ولسان فردانيته فى الإفراد حبر المتعلم والعالم.
(دقيقة) من الفاعل بالاختيار كانت البداية. وبوصف قيوميته قامت الأكوان إلى غاية لها ونهاية. فالحظ بنظر بصيرتك أيها الملحوظ ﴿والله مِنْ وَرَائِهِم مُحيطٌ ، بلْ هُوَ قرْآنُ مَجيدٌ فى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾.
(حقيقة) حيطة حضرة ذاته. محيطة بصفاته. وحيطة صفاته. محيطة بسبحات اسمائه. وأسماؤه فعالة فى الكائنات. بما أودعها من بدائع التجليات.
(دقيقة) من حكمته ستر ظهور الذات. بحجاب مظاهر الصفات. واختفى بما به ظهر من الكائنات وغاب بما به حضر وحاضر من التعرفات.
(حقيقة) حضور العبد حضور العجز عن محاضرته فى حظيرة مشاهدته ومطالعه هو نهاية من اعترف. وذاق الشراب واعترف.
والعجز عن درك الإدراك شمس ضحى جرت بها فوق جو الشك أفلاك
(دقيقة) العجز. سلب والإدراك وجود. فكيف جعل الصديق ذلك غاية المقصود. نعم تفهمه إذا أدركت حقيقة الفنا. وتتحقق به إذا تجلت لك الحسنى بأسمائك الحسنى.
(حقيقة) تجلى الحقيقة الإلهية للأكوان. يتفاوت بحسب الاستعداد والإمكان. لذلك من القوم من يملك الحال. ومنهم من يملك المقام. ومن يملك المقام يثبت له التجلى على الدوام.
(دقيقة) لما تجردت الحقيقة الذاتية عن الاتصاف تكون معناها فى القابل لها من الأوصاف "لون الماء لون إنائه" ﴿يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ ونُفَضِّل بَعْضَها عَلَى بَعْضِ فى الأُكُلِ﴾.
على قدرك الصهباء تعطيك نشوة ولست على قدر السلاف تصاب
ولـو أنها تعطيك يـوماً بقدر ما لضاقت بك الأكوان وهى رحاب
(حقيقة) تجلى الجمال فى المشاهد. بحسب ما أعطى المشاهد. فالعوام لا يشهدون غير مشهد حسن الصورة الحسية. والخواص رفع لهم الستر عن صورة الحس المعنوية. التى تجلى بها اسمه تعالى الظاهر. فى جميع الأكوان بكل المظاهر.
تـراه إن غـاب عنى كل جارحة فى كل معنى لطيف رائـق بهـج
فـى نعمة العود والناى الرخيم إذا تـالفا بيـن ألحـان من الهـزج
وفـى مسارح غزلان الخمائل فـى برد الأصائل والإصباح فى البلج
(دقيقة) المزاحم على برقشة الجمال السفلى. محجوب عن شهود الجمال العلوى. فاترك لمضايقة فى طريق المركز الأدنى. وارق بهمتك إلى الأوج الأعلى.
ومـا نـحن إلا خطـوط وتعـن عــلى نـقطة وقـع مستوفز
مـحـيط العـوالم أولـى بــنا فمـاذا التزاحم فـى المركــز

الزهد
قال الله تعالى: ﴿بَقيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُم﴾.
(تنوير) إذا لم تزهد فى الدنيا الدنية. فأنت بعيد عن خير الآخرة العلية.
(تحرير) خلو قلبك من المعصية للمولى. أحق بك أيها العاقل وأولى.
(تنوير) لو لم يكن من خبث الدنيا إلا أن حلا لها حساب وحرامها عقاب. لكفى ذلك عبرة فاعتبروا ياأولى الألباب.
(تحرير) الفارغ من شلغها ياقوم لا يحترق بنار شعلها فى ذلك اليوم.
(تنوير) الزهد فى الشرع واجب فى المحرمات. ومندوب فى الكثرة من المباحات. وفى أحكام الحقيقة عند أهل الطريقة. واجب فى الجميع. فقل نعم يامطيع.
(تحرير) تعطيل جيد دنيا العبد الزاهد السالك. أعظم عند الله من حلى الراغب العفيف المالك.
(تنوير) الدنيا كحية منظرها يزين. ومسها يلين، وباطنها قبيح، وسمها دفين.
(تحرير) كل يوم أهل الدنيا يرحلون عنها. وكل نفس هم يبعدون منها. لكنهم عميان الشهود وفى غفلة عن فهم المقصود.
(تنوير) قد ذوقتك الدنيا ألم المشقة. بعد مسافة الشقة فاحذر عداوتها أيها الإنسان فقد وعظم الملوان.
إذا امتـحن الدنـيا لبـيب تكشفت لـه عـن عـدو فى ثياب صديق
(تحرير) إذا أردت أن تعرف ما للدنيا من حقيقة البقاء والكمال. فاستجلها فى مرآة الحق تجدها كالخيال إذا نظرت فيها حضر. وإن غبت عنها زال. فهى خيال فى خيال فى خيال.
(تنوير) الزاهد المجرد استراح من حمل الأثقال. وخفت مؤونته من العيال. حيث حل فلباسه فراشه وغطاؤه قماشه.
(تحرير) زهرة الدنيا ذبولها سريع. والمفتون بها صريع. الدنيا وسيلة المرء غداً. فلا تجعل الوسيلة مقصداً.
(تنوير) عيش أهل الدنيا بالتعب والنكد. وعيش أهل الآخرة بالهناء والمدد. أرباب الدنيا أرقاء المشاق وإخوان الآخرة خلصوا من رداءة الأخلاق. من كانت همته الدنيا فهو جعلى النفس لا ينتعش بغير نتنها. ومن كانت همته الآخرة فهو ملكى الروح لايرتاح لغير طيب عرفها.
(تحرير) الدنيا لمحة من الآخرة وعمرك وإن طال طرفة بينهما فلله اشكو من حال. كالمحال. هذا قولى وإن لم أكن به أنتبه. فانتبه أنت به.
(تنوير) أنوار أعمال الزهد تضئ من مشكاة قلب الزاهد وتتضاعف وتزيد على أعمال الراغب العابد.
(تحرير) التجريد على قسمين: قسم يظهره أصحابه للأبصار وقسم يكتمه أهل البصائر الكبار.
(تنوير) الزهد على قسمين: زهد فى الدنيا. وزهد فى الآخرة. فالأول للسعداء. والثانى للأشقياء وقد يكون الزهد فى الآخرة لمن لارغبة له فيها شغلا بالله عما سواه ﴿قُل الله ثم ذَرْهم فى خَوضِهم يَلْعَبون﴾ ثم إن الزهد وإن كان من الوصف المحمود. فهو يتفاوت باعتبار كل شاهد ومشهود. فزهد المريد فى أمتعة الدنيا والمال. وزهد العابد فى كل ما شغل البال. وزهد أهل الورع. فى مباح الحلال والطمع. وزهد السالكين. فيما يحجبهم عن قيام الدنيا. وزهد أهل الأحوال. فى أحوال غيرهم من الرجال. وزهد أرباب المقامات. فيما يصدهم عن المشاهدات. وزهد أصحاب المعارف فيما يقطعهم عن العوارف. وزهد أهل التحقيق الكبار فيما سوى الحق من الأغيار. وهؤلاء يرون مقام الزهد عندهم عين الحجاب. وقشراً شغل به أهله عن اللباب. وموجب ذلك رؤية الغير فى الشهود. ولهذا لم يفهموا المقصود.
قـالوا تزهد فقلت الزهد لى حجب عـن الحـقيقة فى أطوار تحقيق
الـزهد غـير ومـا للغير من أثر عنـد العـيان إذا قـوا بتوفيق

الفقر
قال الله تعالى: ﴿ياأَيُّها النَّاسُ أنْتُم الفُقَراءُ إلَى اللهِ﴾.
(تحقيق) حقيقة الفقر فى ظاهر الطريقة غير ما هو باطن الحقيقة. فالظاهر فقر الزهاد من الأعراض الدنيوية. والباطن فقر الأفراد من الأغراض الأخروية شغلا بالله عما سواه لمن شهد ذلك ورآه.
(تدقيق) تفاخر الغنى مع الفقر فقال الغنى: أنا وصف الرب الكبير. فما أنت أيها الحقير. فقال الفقر: لولا وصفى لما تميز وصفك. ولولا تواضعى مارفع قدرك فأنا وصفى وسم بذل العبودية. وأنت وصفك نازع الربوبية ومن نازع قصم. ومن سلم سلم.
(تحقيق) التبس حال الفقير على غير النبيه. فقال الفقير غير الفقيه. وما علم أن الراء هى الهاء.
إن الفـقير هـو الفقـيه وإنـمـا راء الـفقير تـجمعت أطـرافها
(تدقيق) الفقير الفقيه من حط حمل الرحال على أعتاب الرجال. حتى أرضعته طرى لبن الصدور. وأغنته عن قديد ميت السطور. فانتصح يافقيه القال. واسمع يافقير الحال. وافن بالله عن الرسوم. واخرج عن كل معلوم. يافقيه الجدال. هذا الجدال ادخل حان أخيارنا. نصيرك من أحبارنا. ونسقيك صافى الشراب. بعد نقيع السراب. يافقيه النقل يامعقول العقل ستر عنك نور الكشف. حجاب أنيتك العقلية. والذوق غي رطمعه عندك مرارة العلوم النقلية يافقيه الاسم دون المسمى. الغلط أوجبه تشابه الأسما. لو عرفت معنى الفقير والفقيه كنت الحاذق النبيه. الفقيه من فقه عن الله. وفنى به عمن سواه. فلو كنت بهذا الوصف كنت الفقير صدقاً. والفقيه عند الله حقاً.
(تحقيق) فضل قوم الغنى على الفقر. وعكس آخرون الأمر. والحق أن غنى النفس بالأعراض البشرية لايخرجها عن افتقار صفاتها الذاتية.
(تدقيق) من ادعى الغنى، وقع فى العنا. بخلاف من أظهر الفقر. فإنه خلص من الأمر.
(تحقيق) الفقير من اتصف بحقيقة الافتقار. عن إرادة منه واختيار. لا عن ضرورة ردته لمركز الاضطرار.
(تدفيق) من استكبر بوصف الغنى على الفقير. استوجب حكم العكس من القدير.
ألـم تـر أن الفقر يرجى له الغنى وأن الغنى يخشى عليه مـن الفـقر
(تحقيق) سمة الفقر سمة الأحباب. وحليته حلية العبد الأواب. من لبس أسماله. كان ذلك وسما له فى وجود أهل القبول. ولهم من الله نيل المسئول.
وجـوه علـيها للقـبول عـلامة وليـس علـى كـل الوجوه قبول
(تدقيق) من افتخر على الفقراء بماله. أوتباهى عليهم بجماله افتقر وعاد وقد انكسر.
لاتفـخرن بـما أوتيـت من نعم على سواك وخف من كسر جبار
فـأنت فى الأرض بالفخار مشتبه مـا أسرع الكسر فى الدنيا لفخار
(تحقيق) جواهر معانى الزمان. أنفس من أن تضيعها فى الهذيان. فيالله العجب ممن عمره انقضى وذهب فى جمع الفضة والذهب. وهو بما جمع فقير. ليس له نصير.
ومـن ينفق الساعات فى جمع ماله مخافـة فـقـر فالذى فعل الفقر
(تدقيق) من افتقر إلى الله استغنى به عن كل شئ ومن استغنى عنه افتقر إلى كل شئ. ومن افتقر إلى كل شئ. فقد أوحشه كل شئ. ولم يتعرض عن الله بشئ من كل شئ.
لكـل شـئ إذا فـارقته عـوض وليـس لله إن فـارقت من عوض
(تحقيق) خاصية مغناطيس فقر الذات. هى الجاذبة للعطايا والهبات. فمن كان وصف افتقاره أكثر. كان نصيبه أجزل وأكبر.
(تدقيق) اختصاص الفقراء بالسؤال. خصوصية لهم فى الحال والمآل. يعرفها من وجد ثمر المطالب قضيت له الحاجات والمآرب.
(تحقيق) اتصاف الرب سبحانه بوجود الغنى المطلق. هو الذى أوجب لنا الفقر المحقق. وبهذا الاتصاف حصلت الألطاف. لأن من رحمة الغنى أن يجود على الفقير. ويجبر المسكين الكسير.
(تدقيق) ما أتى باب الغنى الكريم فقير فخاب. ولا قصد حماه فغلق دونه الأبواب.
عـلى بابك الأعلى مددت يد الرجا ومن جاء هذا الباب لا يختشى الردى

الرياء
قال الله تعالى: ﴿فَمَن كانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمل عَملاً صَالِحاً ولايُشْركِ بِعِبَادَة رَبِّه أحَداً﴾.
(تدقيق) إخلاص العمل لله فى القيام بما أمر الله. نتيجة الفناء فى الله على بساط البقاء بالله.
(ترويق) وجود الشركة فى العمل لغير الله. من تعظيم القلب لسوى الله. فلو استحضر عظمة الله. مازين عمله لغير الله.
(ترقيق) شرك الرياء يدب دبيب النمل فى كل إنسان إلا من عصمه الله تعالى بالأمان.
(ترويق) حلية الرياء حلية الأنذال. وصفة الإخلاص صفة الأبدال.
(ترقيق) عاقبة المرائى مفضوحة قبيحة. وإن كانت بدايته مستورة مليحة.
(ترويق) ربما مازج الرياء الإخلاص. فيقل من ذلك الخلاص.
(ترقيق) موارد الرياء حلوة للنفوس. وأحلى منها التحلى بصفة القدوس.
(ترويق) علامة المرائى الكذوب. تبريه عند الناس من العيوب.
(ترقيق) من رأيته يصعر وجهه للناس. ولا يزال فى تخشع وإطراق رأس. وهو ينتقص كل صالح. ولا يقبل نصح ناصح. فاعلم أنه مرائى دجال. لم ينتشق مسك إخلاص الرجال.
وإن أخـس النقص أن ينفى الفتى قذى النقص عنه بانتقاص الأفاضل
ومـا عبر الإنسان عن فضل نفسه بمثـل اعتقاد الفضل فى كل فاضل
(ترويق) ماسلم من الرياء فى الطريق. سوى الأقل فى التوفيق.
(ترقيق) أحوال المرائى توجب له المقت فى عين الرائى.
(ترويق) المرائى صاحب دعوى. لم يتحقق بحقائق التقوى إذا أراد دخول المحال. لعبت به صغار الأطفال.
(ترقيق) مثال صاحب الرياء عند الصوفية. كمنافق علمت منه الطوية كلما أراد أن يستر بقاله ما علم القوم من حاله. كذبوه واستفشروه. وهتكوه وفضحوه.
ومهـما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
(ترويق) الرياء من أحوال العجب والغرور. وقل والله من يسلم من هذه الأمور لنقص البشرية وعزة الحرية.
(ترقيق) زين فى هذا الزمان العوام طواهرهم وتشبهوا بالفقراء ونصبوا شبكة خيامهم على النساء والأمراء. فإن كان ذلك حظهم من الله. فيافضيحتهم بين يدى الله.
طـلـع الـفقر مستغـيثاً إلـى الله إن بعـض العبـاد قـد ظلمونى
نسـبوا لـى وحـق حـقك أنـى لسـت أعرفـهم ولا يعرفـونى
(ترويق) كما زين الفقراء الأحوال. كذلك زين الفقهاء الأقوال وزخرفوها بالبديع. وأساليب الترصيع فهشت لها الطباع. وتشنفت بها الأسماع.
(ترقيق) الناقد بصير بالنيات. عليم بالضمائر والخفيات.
والقول والفعل معروضان منك على مـن يفصل الجـد مما أنت هازله
لاتـرض بالقـول دون الفعل منزلة فـإن ذاك خسيس الحـظ نـازلـه
(ترويق) العالم حقيقة. من سلك الطريقة. وكان بعلمه النافع. كثير المنافع. فهذا الذى يحيا بعد الموت. ولا يتحسر على الفوت.
(ترقيق) من تعلم العلم للمراء. ولمواجهة الأمراء. قسمى الله عليه القلوب. ومنعه من كل مرغوب.
(ترويق) العلم حياة. والجهل ممات. ألا ترى العالم ذكره بعد الموت منشور. والجاهل فى حيات كأنه من أهل القبور.
وفى الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسادهـم قـبـل القبـور قبور
وإن امـرأ لـم يـحى بالعلم ميت وليـس لـه حتى النشـور نشور
(ترقيق) ليس العالم من يقنع بالقال. دون تحقيق الحال ذلك البطال عند الأبطال.
(ترويق) العلم نور فمن رأيته فى ظلمة وادعاه فلا تصدقه تكن معه فى ظلمة دجاه.
(ترقيق) من زين منه اللسان. وأقام على قبح الجنان. أظهر الله عليه الشين. وأخفى منه ما أراد من الزين.
(ترويق) لاخير فى إعراب اللسان. مع عجمة الجنان ولا تقاوم فصاحة إعراب الكلمات. فصاحة الذات. ألا ترى كيف جعل الحق سبحانه موسى أفضل من أخيه لفصاحة ذاته. وكان هارون أفصح منه فى لغاته. ﴿اللهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَل رِسَالاَته﴾.
سـر الفصـاحة كامن فى المعدن لخصـائص الأرواح لا لـلألسـن
(ترقيق) يامن أعرب. فأغرب. وعبر. فما غير. وأثار المعنى. وأنار المغنى. أفتنا أهل الجنان لمن أصلح الجنان؟. أهو لمن أتى بالإغراب. فى الإعراب. تالله وبالله إن الأحبار الأخيار. أولى البصائر والأبصار. قالوا من أعجم وكان أرضاً كان لله أرضى. ومن أعرب. ورأى نفسه كثيراً لم يكن عند الله كبيراً.
لسـان فصيـح معرب فى كلامه فيا ليته فـى موقف الحشر يسلم
وما ينفع الإعراب إن لم تكن تقى وما ضر ذا تقـوى لسان معـجم
(ترويق) كل من أراد قطع أصول الريا. فلا يتراءى للمرايا. وليحرص على مقام الاصطفاء. فى خمول الاختفاء.
ليــس الخــمـول بــعـار عـلى امــرئ ذى كــمـال
فلـيــلة القــدر تـخـفــى وتـلـك خــيــر اللـيـالى
(ترقيق) من ترايا للناس. فقد وقع فى الباس. سيما إذا طلب العلا. ففى ذلك البلا.
لقـد رضيـت هـمتى بالخـمول ولـم تـرض بالـرايـة العالية
ومـا جهـلت طيب طعـم العـلا ولكـنهـا تـطـلب العافـيـة
(ترويق) طيب العيش فى الخمول. وترك اللغو والفضول.
عش خامل الذكر بين الناسوارض به فـذاك أسلـم للـدنـيا وللـدين
مـن خالـط الناس لـم تسلم ديانته ولـم يـزل بين تحريك وتسكين
(ترقيق) طالب الشهرة بين الناس. صاحب رياء وفقر وإفلاس. لا يرضيهم إلا بغضب مولاه ولا يصاحبهم إلا لجهله وهواه.
(ترويق) إذا أردت سلامة الأعمال. فاعتزل عزلة الرجال. واجتل عرائس الخلوة. فيالها من بهجة وجلوة. تأنس هناك بأبكار الأفكار. التى يطوى عليهن فتق رتق الابتكار.
قـد كـنـت بالخـلوة مستوحشاً فـصـرت بالوحــدة مستأنسـا
وصـارت العزلـة لـى مـألفـاً وعـادت الخـلـوة لـى مجلسـا
(ترقيق) من طبع النفس حب زينة الظاهر فى المظاهر. وهذا حجاب للقلوب. عن مطالعة لغيوب.
(ترويق) الفرق بين العزلة والخلوة أن العزلة تكون للأبدان. والخلوة للقلب بحقائق المعان وربما يكون عند قوم العكس. وليس فى ذلك لبس. واعلم أن من ليس له خلوة. فما له عند القوم جلوة. وجد تحت وسادة الإمام حجة الإسلام:
قـد كنـت حـراً والهوى مالكى فصرت عبداً والهـوى خادمى
وصـرت بالـعزلـة مستأنسـاً مـن شـر أنـواع بـنى آدم
مـافـى اختلاط الناس خـير ولا ذو الجـهـل بالأشياء كالعالم
يـالائمى فـى تـركهـم جاهـلاً عـذرى منقوش عـلى خاتمى
فنظر إلى نقش خاتمه. فإذا هو ﴿وَمَا وجَدْنا لأكْثَرهم مِنْ عَهْدٍ وإنْ وَجَدْنا أكْثَرهم لَلَاسِقين﴾.
(ترقيق) رب امرئ فى الخلا. وقلبه عند الملا. فهذا فى خلوته كالمحبوس. لم يتطهر بعد من شهوات النفوس.
(ترويق) المختلى من أخلى بيت القلب مما سوى الرب وإن كان بقالبه مع القوالب فهو بقلبه حاضر غائب.
(ترقيق) من اعتزل ليقال اعتزل. فقد باين أهل الحق واعتزل. ما الشأن أن ينقطع بالقفار. الشأن أن يتأدب بآداب الأبرار.
(ترويق) من لم يدخل تحت قهر الترابى. ويصدق عليه أنه الترابى. كان باعتزاله صاحب هوى. ووقع فى الغلط والدعوى.
(ترقيق) كثيراً مايقع للجهال. التشبه بالرجال فى بعض الأحوال. هيهات هيهات. وأين الحال من المحال.
قـالت لنـا سودة الأهداب والمقل ليس التكحل فى العينين كـالكـحل
(ترويق) بوجود الخوف المزعج والشوق المقلق يكون باعث الخلاص. من الرياء للإخلاص. من أعطى مقام الخوف فليبشر بالأمان. من العدو والشيطان. ومن أعطى مقام الرجاء. مع الصدق والالتجاء فليمزج ذلك الجمال بالجلال. ليقف على حدود الكمال.
(ترقيق) من ادعى مقام الجمال. دون التأدب بالجلال فارفضه فإنه دجال. ليس له تحقيق بين الرجال.
(ترويق) قل لمن فى الخلوة خالى خالى. أنا الذى فى الجلوة حالى حالى. حبس النفوس عن شهواتها فى خلواتها هو ملاك فطامها عن شهواتها فى جلواتها.

المعرفة
قال الله تعالى: ﴿وإذَا سَمِعُوا ماأنْزِلَ إلَى الرَّسُول تَرَى أعْيُنَهم تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقّ﴾.
(مشهد) حقيقة المعرفة انكشاف يوجب رفع الغطا. عما اشتر وتغطى. وهو يكون بحسب كل خطرة مثول. ومقام استعداد وقبول.
(شاهد) معرفة الفرد فريدة الإفراد. غريبة الوجود بين الآحاد.
الطـرق شتى ونـهج الحق مفردة والسالكون لـهـا فى القوم أفراد
(مشهد) شهود حضرة العرفان. مانع من شهود الغير فى الأكوان روح حياتها منادمة الحبيب. عند غيبة الرقيب.
أنـتم حيـاتى وأنتم مشتكى حزنى وأنتم فـى ظلام اللـيل سمارى
فـإن تكلمت لـم أنـطق بغيركم وإن سكت فـانتم عقد إضمارى
(شاهد) دليل وجدان العارف. ورود واردات المعارف. مناغية له بحديث حبيبه ومشهوده فى حضرة وصاله وشهوده.
وأمـيل نحـو محـدثى لـيـرى أنـى أعـير حـديـثه عـقلى
وشغـلت عـن فـهم الحديث سوى مـا كـان مـنـك فـإنه شغلى
(مشهد) ظهرت مخايل القرب والتدانى. على عبد يعانى للمعانى. سما إذا حليت بحلية الجمال. فقد بشرته بقرب الوصال.
يـبشرنى جمـالـك بالـتدانـى فـأطمـع بالأمـان مـع الأمانى
فـلى فـى كـل جـارحة سرور ولـى فـى كـل ناطـقة معـانى
(شاهد) لما حضر العارف حضرة الحضور. رفعت له الغياهب والستور. فهو وإن توارى عند المحبوب فى بعض الزمان. عند مطالعة العيان. فقد تراءى له فى الجنان.
لئـن كنـت عنى فى العيان مغيباً فـما أنت عن قلبى وسرى غائب
إذا اشتـاقـت العينان منك لنظرة تجليت لى فى القلب من كل جانب
(مشهد) هب عرف روضة الرياضة لعارف اشتاق إلى الوصال فحرك أشجار ثمار معارفه فقال:
هـبـت نسيـم وصالهـم سحراً فـجرى نسيم الشوق فـى قلبى
واهـتز غـصن الوجد من طرب فتـناثرت ثـمرات مـن الحب
وبـدت شموس الـوصل خارقـة بشعاعـها لسـرادق الحـجـب
وصفـا لـه وقـت أضـاء بـه وجـد الـرضا عن ظلمة العتب
وبقـيـت لاشـئ أشـاهـــده إلا ظنـنـت بـأنـه حـبـى
هذا حال من وقته صفا. وذهب عنه الجفا. وحل حضرات الوفا. مع أهل القرب والاصطفا.
(شاهد) أهل المعرفة لهم حنين إلى المحبوب. وزفرات بها القلب يذوب. ومدامع لولاها أحرقتهم نار الاشتياق. ولهيب وجد به منعت الدموع الإغراق.
لـولا مـدامع عشـاق ولـوعتهم لبـان فى الناس عز الماء والنار
فـكل نـار فـمن أنفـاسهم قدحت وكـل مـاء فمن دمع لهم جارى
(مشهد) استغرق صاحب المعرفة فغاب عن الوجود. وفنى بالمشهود عن الشهود.
وجـودى أن أغيـب عـن الوجود بـما يبـدو عـلى مـن الشهود
(شاهد) لطفت كؤوس الأذواق. واستعذبت فى يد المذاق. بل حليت وطابت وجليت وطافت على ملوك ملكوا حضرة التدانى وخلاع سكروا بخمرة المعانى فلله ماسمعوا فى الحان. من توقيع الألحان حين أنشدهم الحادى معرباً. وأسكرهم مطرباً.
وأمطـر الكـأس ماءً من أبارقها فـأنبت الدر فى أرض من الذهب
وسبـح القـوم لما أن رأوا عجبا نوراً من الماء فى أرض من العنب
سلافـة ورثـتها عـاد عـن إرم كانت ذخيرة كسرى عن أب فـأب
(مشهد) غاب العارف بخمرة حبه عن الحس. فانجلى نور محبوبه كالشمس. فهناك دام له السكر وطفحت الدنان. ودارت عليه كؤوس المحبة بالعرفان.
مـازال يشربـها وتشـرب عقله خـبـلاً وتـؤذن روحه برواح
حـتى انـثنى متوسـداً ليمـيـنه سـكـراً وأسلم روحـه للـراح
(شاهد) العارف إذا امتحن بالهجران. قام بالأدب مع الكتمان وإن عدد وناح. لم يكن أن يقال باح.
ياشمـس ضـحى جبينها وضاح سـاعـات وصلـك كلها أفراح
عشـاقـك لـو فعلت ماشئت بهم مـاتـوا كمـداً وبالهوى ماباحوا
(مشهد) تجلت أنوار بهجة الحضرة. فهام العارف لما نظر هناك نظرة. وعجب حيث شهد وجه جمالها فى جميع تطوراتها وأحوالها.
تنـاهـت جمالاً فهى وجه جمالها فمقـبلة تـأتى ومقبـلة تمـضى
(شاهد) حضرة مشهد الإحسان. تأبى إلا الكمال دون النقصان لأنها طاهرة بوصف القدوسية للقدوس. ظاهرة بذلك لأرباب الأرواح والعقول والنفوس.
لـيـس فيـها مـا يـقـال لـه كـامـل إذا كـلـهـا كـمـلا
كـل شـئ مــن محـاسـنـها كـائـن فــى نفـسه مـثـلا
(مشهد) تجلى كشف العيان. بما يزيد على العرفان. هو حضرة انقلاب الأعيان. ألا ترى كيف شهد العارف ذلك لكليته. وسمع وقت المناجاة بجميع إنيته.
إذا مـا بـدت لـيلى فلكى أعين وإن هـى نـاجتـنى فكلى سامع
(شاهد) العارف من جمع الكمال. وحصل له القال والحال.
حـال وقـال يشـهـدان بـأنـه حـاز الكـمال بـكل معنى أنفس
(مشهد) تجلت أسرار الكائنات. لعارف فهم منها الإشارات. وقرأ ما سطرها من العبارات..
نـأمـل سطـور الكائـنات فإنها مـن المـلإ الأعـلى إليك رسائل
(شاهد) ليس العارف من نفى جميع الطرق غير طريقه ولم يشهد سوى سلوكه وتحقيقه بل المسلك السالك. من سلك جميع المسالك.
إشاراتـنا شتـى وحسـنك واحد وكـل إلـى ذاك الـجمال يشـير
(مشهد) العارف من ورد البحر دون العيون. وأبرز حقائق المعارف والفنون.
مـن كل معنى يكاد الميت يفهمه حسـاً ويعشـقه القرطاس والقـلم
(شاهد) العارف مع عزته ذليل لأهل الحى. مكرم لكل من فى حمى ليلى ومى.
ومن أجل ليلى صرت عبداً لأهلها وأكرمهم طفلاً وعبـداً وراجـلا
وبالحى إن شاهـدت حياً أحبــه فكنت لهم خـلا حبيباً مواصـلا
(مشهد) العارف من هو كمجنون ليلى. قد هام بها نهاراً وليلاً. إن اشتاق فإليها. وإن بكى فعليها.
لئن كان هذا الدمع يجرى صبابة على غير ليلى فهو دمع مضيع
(شاهد) معرفة الأمين على الأسرار. تأبى أن يطلع على سرها غير الأحرار. وهذا شأن الكبار دون الصغار.
ومستخـبر عـن سر ليلى رددته بعـمياء مـن ليـلى بغير يقين
يقـولون حدثـنا فأنت أمينهاــا ومـا أنـا إن حدثتـهم بأمـين
(مشهد) تراءى الأقمار للأحرار. فحدث بالأخبار الأحبار. وكذبهم الأشرار. فصلوا جميعاً الإنكار.
وإن كـنـت بالـمـدارك غـراً وتـرى ثـم حاذقـاً لا تمارى
وإذا لـم تــر الـهـلال فسلـم لأنـــاس رأوه بالإبـصـار
(شاهد) العارف ينمو حاله فى حال حياته. ويشتهر عند الناس بعد وفاته.
يمـوت قـوم ويحيى العلم ذكرهم والجـهل يلحـق أحياء بأموات
(مشهد) لما طاب العارف. بطيب المعارف. فاحت منه الأردان. وعبقت فى جميع الأكوان.
فإن كنت مزكوماً فليس بلائق مقالك أن المسك ليس بفائح
(شاهد) سرت نسمة شذا خمرة المحبين. فاهتدى إليها الناشق الصادق من السالكين.
ولولا شذاها ما اهتديت لحانها ولولا سناها ما تصورها الوهم
(مشهد) حضر العارف حضرة الوصال. فشرب كؤوسها وتجلى له الجمال. فزاده الشرب لهيب الإوام على مر الليالى والأيام.
(شاهد) المعرفة توجب الحيرة والقلق. فميز بهذين من كذب وصدق. وتظهر عليه الحزان ويرى البعد فى القرب ولو كان ما كان.
يامن تباعد صبرى من تباعده وضاع قلبى بين الحـزن والقلق
أدرك بقية روح فيك قد تلفت قبل الممات فهذا آخـر الرمـق
(مشهد) نور المعرفة هو الدليل. وعلى صاحبه عند القوم التعويل. من ضل عنه ارتدى. ومن استضاء به اهتدى.
من لم يكن خلف الدليل مسيره طرائق قد أكثرت عليه الأوهام
(شاهد) العارف إذا تنكر اعترف بالعجز للمشكور. وغيره على العكس للقيام بوصف الغرور.
ومتى أقوم بشكر ما أوليتنى والشكر فيه علو قدر القائل
(مشهد) العارف من أجل مشيئة الفعال لما يريد. لا يزال قائماً على نفسه بالتشديد. يطلب حسن التدبير ويخاف سوء التقدير.
فياليت شعرى أين أو كيف أو متى يقدر ما لابد أن سيكون
(شاهد) العارف فى مقامه العزيز. لا يطرأ عليه التغير لأنه كالإبريز.
أيا سائلى عنه هو الذهب الذى وجدناه لا يصدأ وإن قدم الدهر
(مشهد) العارف تسمع أوصافه فتشتاق إليه. وتراه فتجله وتعظمه وتحنو عليه. وتستقل الوصف عند عيانه لعلو مقامه ورفعة شأنه.
كانت محادثة الركبان تخبرنى عن وصفكم وعلاكم أطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت أذنى بأحسن مما قد رأى بصرى
(شاهد) العارف كلما علا به المقام. صغرت رؤيته فى أعين العوام.
كالنجم تستصغر الأبصار رؤيته والعيب للعين لا للنجم فى الصغر
(مشهد) أوحى لنا وحى الإلهام. فى حضرة غابت عنها الأوهام. قال رسول هذه الحضرة. اعلموا ياأهل الخبرة أن الحق سبحانه قد ستر سره بما به هتكه. وخلصه بما به مزجه. أما ترون النار كيف جعل بها نعيم الانتفاع وإضاءة الإشراق، وظلمة الدخان وعذاب الإحراق. فالعارف من فصل حقائق الحكمة. ورأى بهجة النور فى الظلمة. فكان لغلبة نوره لديه. وعظيم ظهوره عليه لاتذكيه النار لأن فى جسده سلطان الأنوار. بل تقول يامؤمن جزبى. فقد أطفأ نورك لهبى. ومن قوى عليه رفع هذا الحجاب. فهم منها ما كان للكليم وقت الخطاب.
تكفى اللبيب إشارة مرموزة وسواه يدعى بالنداء العالى
(شاهد) ليس المخصوص العارف. من شاركه العوام فى المعارف. ولا من فهمت أسراره وتراءت للأبصار أنواره. بل من ينطوى فى الأشعار. ويخفى بظهور الأنوار.
تسترت عن دهرى بظل جناحه فعينى ترى دهرى وليس يرانى
فلو تسأل الأيام ما أسمى ما درت وأين مكانى ما عرفن مكانى

الفناء
قال الله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْها فَانٍ. ويَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾.
(منزع) حقيقة الفناء محو واضمحلال. وذهاب عنك وزوال. وإن شئت قلت: فناء المريد طهارة النفس من التدنيس. وفناء المراد تخلقه بأوصاف التقديس. وإن شئت قلت: فناء السالك عن السكون إلى الأنوار. وفناء العارف عن شهود لمحة الأغيار. وإن شئت قلت: الفناء محو النية. وذهاب الإنية. وإن شئت قلت. الفناء التخلى لنور التجلى.
(مشرع) فناء عوام الطريق بمحبة أهل التحقيق فإن حصلت لهم العناية. سلكتهم مسلك الهداية.
(منزع) فناء المحب بمحبة الحبيب. وفناء المحبوب بالوصل عند غيبة الرقيب.
(مشرع) اجتاز قوم ببعض طرق الفنا. ولم يحصل لهم ما طلبوا من المنى. وإنما حرموا الرشاد لعدم الاسترشاد.
(منزع) أهل الصدق ف الإرادة فى باب الأعمال فانونه. أدباً مع قوله تعالى: ﴿واللهُ خَلَقكُم وَمَا تَعَملُونَ﴾. وأهل المعرفة فناؤهم فى حضرة الصفات والأسما. وذلك لهم أسمى. تحقيقاً لقوله تعالى: ﴿وما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولكنَّ اللهَ رَمَى﴾.
(مشروع) فناء المريد. بشهود التوحيد. وفناء المراد بالخروج عن المراد. وفناء العارف بشهود الأحدية فى حضرة الواحدية. وفناء الفرد يتجلى الأحد بالغيبة عن كل أحد.
(منزع) كون مشهد الحس. هو محل جريان الشمس. إذا استوت شمسك عند الزوال ما كان موجوداً من الظلال. فاحرص على استواء شمسك بذاهاب ظل غمامة حسك.
كـان لى ظــل رسوم فاسـتوت شـمس فــزالا
عشت بالمـحـبوب حـقـا بعد ما كـانت خـيـالا
(مشروع) أفنى التائب المهلكات. وأفنى السالك العادات. وأفنى المسلك القواطع. وأفنى العارف المطامع. وأفنى الواصل الأكوان. وأفنى الموصل ما سوى حضرة الإحسان.
(منزع) إذا غلب الفناء بشهود التجلى. عند صدق التخلى. لا ترى الأكوان إلا كالخيال فى حرة هذا المثال.
إنـمـا الـكـون خـيـال وهـو فى حـق الحقيقة
كـل مـن يشـهـد هـذا حــاز أسـرار الطريقة
(مشروع) فناء الفناء. أعلى من الفناء. لأنه دهليز البقا. عند أهل التقى. فإياك أن تقف مع بداية الفنا. فتقع فى الخلط والدعوى. وتخالف أهل الأدب والتقوى. انظر حال الحسين الحلاج لما قنع ووقف عند أوائل الفنا. كيف وقع فى العنا. بقوله ها هو أنا ومن أيسر أقواله. ما أعرب به عن بعض أقواله بقوله:
عجـبـت مـنـك ومـنـى أفـنـيتنى بــك عـنـى
أذنـيتنى مـنـك حـتــى ظـنـنت أنــك أنــى
قوله [حتى ظننت أنك أتى] فيه شعور بأدب فناء الفنا. لكنه لم تكمل له حقيقة هذا المعنى. إذ لو كملت لتخلص من غلظ البشرية. وتأدب بكمال الأدب مع الربوبية.
يانـزهــتى فـى حـيـاتى وراحــتى بـعـد دفـنـى
مــالى بغــيـرك أنــس إذ كـنـت خـوفـى وأمنى
(منزع) الفانى المحقق عند المحققين. من شعر بوجوده عند الغيبة والحضور. وعلمه وإن لم يشهد فى ظلمة فناء ذلك الديجور. ألا ترى أن من طلعت عليه الشمس فاشتغل بصره بنور شهودها. لا ينكر باء نور الكواكب وإن لم ينظر حقيقة وجودها. كذلك الفانى إذا غلب عليه شهود أنوار الحق. استشعر وجوده ووجود الخلق فذلك سلوك الكمل الأنبياء. والسادات الأتقياء.
(مشرع) قال غير واحد فى الفناء (أنا) وفى البقاء قالوا (أنت) فقيل يافانى فى الأول ما كذبت ولكن فى الثانى أحسنت.
(منزع) مقام الفنا. به الوصول إلى المنى. كلما توالى على صاحبه دنا. واصطلمه السنا فى المقام الأسنى.
ويزيدنـى تلــفاً فاشكر فعـله كالمسك تسحقـه الأكـف فيعبق
(مشرع) الفنا هو أساس الطريق. وبه يتوصل إلى مقام التحقيق. ومن لم يجد بمهر الفنا لم يستجل طلعةالحسنا. وليس له فى غد واليوم نصيب مع القوم.

البقاء
قال الله تعالى: ﴿واللهُ خَيْرُ وأبْقَى﴾.
(قاعدة) البقاء مقام يملك حقيقة الشهود على بساط الأدب مع الشهود.
(فائدة) بقاء البقاء أكمل من البقا. وصاحبه هاد مهتدٍ بكمال التقى.
(قاعدة) متى وجد البقاء وجد الصحو. وغذا ذهب جاء السكر لصاحب المحو.
(فائدة) الباقى فانى. وليس كل فانٍ باقى.
(قاعدة) مقام البقاء جامع حيطة الجمع. ونقاء البقاء جامع حيطة جمع الجمع.
(فائدة) الجمع غير الجمعية. الجمع شهود وحدانية النور والجمعية غيبة مع الحضور. فالجمعية غيبة عن الخلق مع الحضور بالحق. والجمع شهود الحق بلا خلق. فمقام الجمعية أكمل من مقام الجمع.
(قاعدة) القيام بحقيقة الجمع دون الشريعة زندقة والقيام بمقام الفرق دون الجمع تفرقة.
(فائدة) الحقيقة خفى الباطن. والباطن جلى الظاهر لهذا كان فى المصطلح: الباطن حقيقة. والظاهر شريعة.
(قاعدة) لا يصح مقام البقاء. إلا بعد فناء الفناء.
(فائدة) فى مقام البقاء يعطى المولى التمكين. وفى مقام بقاء البقاء ينصرف بالتمكين فى التلوين.
(قاعدة) وصف البقاء للباقى يختلف بحسب ما تقدم من الفناء. لذلك اختلفت المقامات. وتباينت الحالات.
(فائدة) من الرجال من لا يجد البقاء. إلا بعد الفناء وهذا هو الأكثر. ومنهم من يجد البقاء لأول وهلة دقيقة يجدها أهل الخصوصية من حقيقة الأنبياء وهؤلاء هم الكمل الورثة.
(قاعدة) البقاء يقتضى وجود الفناء بعدم أوصاف البشرية التى يجب التقديس منها. والبعد عنها.
(فائدة) البقاء مرآة التجلى. كما أن الفناء بساط التخلى. كما أن الباقى على منصة التجلى.
(قاعدة) بقاء القديم غير بقاء الحادث. وإن حصل للسالك طريقة. فهو مجاز حقيقة.
(فائدة) لا يحصل رفع البقاء. إلا بخفض الفناء فقم فى باب نصب البدل. واترك حروف العلل تبلغ ما أملته من الأمل.
(فائدة) الراقى درجة الفناء. يشاهد أول مقام البقاء. ويبشر هنالك فى بدايته. بما سيكون له فى نهايته. لأنها أول خلع القبول. وفى مقام الوصول.

الولاية العامة
قال الله تعالى: ﴿ألاَ إنَّ أَوْلياءَ الله لا خَوفُ عَلَيْهِم ولاَ هُمْ يحزَنُون الذِّين آمَنُوا وكَانُوا يتقون﴾.
(ضابط) حقيقة الولاية العامة التى يتولى بها العبد رعاية حقوق الله سبحانه وتعالى صفة جامعة لما يحبه الرب ويرضاه. مانعة لما يسخطه ويأباه.
(رابط) الولاية مرتبطة بالاتباع دون زيغ الابتداع، فمن خرج عن الاقتداء ليس فى شئ من الاهتداء.
(ضابط) من ظهرت عليه الكرامة. بسبب الاستقامة. فهو صفى ولى. ومن أتى بخرق العادة. بلا عبادة فهو شيطان غوى.
(رابط) التقوى شعار الهداية. والذكر منشور الولاية. فمن خلا من الذكر والتقوى. فهو من أهل الهوى والدعوى.
(ضابط) الولى عبد عابد قائم بالعبودية. صادق مصدق صديق فى الصوفية.
(رابط) الولى مؤثر للفقير على الأمير. والقليل على الكثير. والصغير على الكبير. صادق الحال. عند الرجال ومن عكس انتكس.
(ضابط) الولى من عمر الأوقات. بأنواع القربات. فبورك له فى الزمان. وتبرك به المكان.
(رابط) من أنفق زمانه فى الضياع. حرم بركة الحد والانتفاع. وتعلق بأمانى آماله. واشتغل بصور خياله.
(ضابط) الولى لا يسوف عمله بالاستقبال. فيمنع بركة الوقت فى الحال. بل يشتغل بالمؤقت عن الوقت ويتقى بذلك الطرد والمقت.
(رابط) لا يمكن عند القوم شهود صور الظلال إلا بعد المحو والزوال. فإذا رأيت من تجرأ على مشاهدة الصور وهو لم يصل إلى العين بعد الأثر. فاعلم أنه مفتون مغرور. لم يدخل حضرة الشهود بالنور.
(ضابط) الولى لا يعصم من الكبيرة. ولا تنقصه الصغيرة. لكنه يحفظ من الكبائر وتغفر له الصغائر.
(رابط) الولى عمله مرتبط بالأقوال العلمية. وعلمه مستعمل فى أحواله العملية.
(ضابط) الولى إن استغفلته النفس البشرية بالنسيان لايدوم على اتباع الشيطان. بل يرغمه بالمتاب وكلما وقع آب.
(رابط) ولى حضرة الجمال مفتون. وولى حضرة الجلال مغبون. وولى الجمال مع الجلال صاحب الكمال.
(ضابط) صاحب مشهد الجمال ضعيف والمقتدى به غوى وصاحب مشهد الجلال هاد مهتد قوى والكامل من شهد جلال الجمال. وجمال الجلال.
(رابط) على قدر المقام. يكون المقام. فى حضرة الإنزال. ومحاضرة الوصال.
(ضابط) الولى إذا سلمت عليه بش. وإن حدثته هش. وإن سألته أعطى. وإن فضحت عنده غطى. لا ينطق بالفحشا. ويكتم إذا غيره أفشى. ولا يتباهى بالأمراء. ولا يهين الفقراء. ولا يشين بهجة محياه ولا يبيع آخرته بدنياه. يستغنى بالله. ويتواضع لله. ويأخذ من الله. ويعطى فى الله. ويتوكل على الله. ولا يخاف إلا الله. ولا يرجو سوى الله. فهذه بعض صفات القوم فيما مضى وإلى اليوم. ولله در من قال. فى سنى هذا الحال:
هينون لينون أيسار بنو يسر سواس مكرمة أبناء أيسار
لاينطقون عن الفحشاء إن نطقوا ولا يمارون إن ماروا بإكـثار
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التى يسرى بها السارى

الولاية الخاصة
قال الله تعالى: ﴿اللهُ وَلىُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجهُمُ مِنَ الظُّلُماتِ إلّى النُّورِ﴾.
(فتح طلسم الكنز) خذ حروف الطلسم الإنسانى. واستخرج منها الاسم الروحانى. ووفقه بتوفيقك وتحجب به فى طريقك. فإذا جئت إلى الباب. ووقفت على الأعتاب. فاشتغل بصرف العائق. واستعذ من شر الطارق. ولا تذكر الموكل إلا بأحسن أسماه. ولا تغفل عن عزيمتك حتى يحضر مسماه وقدم بخورك المطيب للوارد فى حالة استحضار العون المساعد وإياك إن أذن لك وفتح. وتفضل وسمح. أن تسارع إلى الأمتعة وأخذ المال. فإن ذلك مهلكة فى الحال والمآل بل اجعل قصدك الملك لاغير. فإن وهبك سر خاتمه فى السير. فقد ظفرت بكل خير.
هنالك يضوع نشر الاستخدام. لكل الخواص والعوام. فاهنا بوراثة الملك. من غير معاند ولا هلك.
(حل معمى اللغز) السر المكنون. هو لولى المصون. مغنى أهل الإرادة بكيمياء السعادة.
(فتح طلسم الكنز) حقيقة الولاية الخاصة التى يتولى بها الحق سبحانه وليه. خصوص عناية ورعاية أزلية. وسبق محبة تظهر عليه فى الأبدية.
وآثـار تلـوح عـلى الـولى كمثل الرقم فى الثـوب الوشى
وهذا الوصف هو مفتاح طلسم كنز الأسرار الربانية. الجامعة للصحف العبرانية والسريانية.
(حل معمى اللغز) ولى الله المحبوب. هو خزانة الأسرار والغيوب. وليلة القدر السامية الفعال. والاسم المجاب والحرف الفعال. فلا تجب إن ظهرت عليه الكرامات. وخرقت له العادات. لأنه فى بقاه صار فعله فعل مولاه.
أمــره كـلـه عـوائد فيـنا ليس فى الكون عندنا خرق عاده
(فتح طلسم الكنز) ولى الله المخصوص دخل حضرة الذات. وانجلت له حقائق الصفات. وشهد معانى الأسماء بسائر التجليات. هنالك رأى مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
(حل معمى اللغز) الإكسير يانحرير. هو ولى الله الكبير. من حصل له حصل الغنى. واستراح من التعب والعنا.
(فتح طلسم الكنز) إذا رأيت عارفاً جلس على بساط الإرشاد. ونادى لسان حاله أو قاله للعباد. فبادر أيها الطالب لما فتح من المطالب.
(حل معمى اللغز) تأمل حروف الهجاء تجدها فىحرف الألف تصور.وعم جميع المراتب لما تطور. كذلك الولى الكامل يتطور بجميع الأطوار. ليقضى سائر الأوطار.
غـدوت إمـامـاً للمحبين فاقتضى تنوعهـم فى الحـب أن أتلونا
(فتح طلسم الكنز) الفتح لا يكون عادة بغير مفتاح ولا فتاح. فالمفتاح هو التيسير. والفتاح هو الرجل الكبير. فإذا حصلت مرآة الهبات. انفتح طلسم الكائنات. بحقائق كنز الذات. فلا تكن ممن جحد وأنكر. لفتح هذا الكنز الأكبر.
(حل معمى اللغز) قال عارف: العلم حجاب. قيل مذمومه لا محموده. قال: أقول ولا أستثنى. قلنا: لا يكون إلا باعتبار التكثر بالصفة العلمية فى حضرة الوحدة الذاتية.
(فتح طلسم الكنز) إذا دخل المخصوص حضرة الذات قلبت منه الرسوم والصفات. لذلك لا يعرج على المقامات. ولا يكون بسبب ذلك له إليها التفات. فإن أردت ذلك. فانهج نهج هذه المسالك.
ومهما تـرى كـل المراتب تجتلى عليك فحل عنها فعـن مثلها حلنا
وقل ليس لـى فى غير ذاتك مطلب فلا صورة تجلى ولا طرقة تجنى
(حل معمى اللغز) قال عارف: خضنا بحراً وقفت الأنبياء بساحله. قلنا: خاض العارفون بحر التوحيد أولا بالدليل والبرهان. وبعد ذلك وصلوا إلى رتبة الشهود والعيان. والأنبياء وقفوا بأول وهلة على ساحل العيان. ثم وصلوا إلى مالا يعبر عنه العرفان. فكانت بدايتهم عليهم السلام. نهاية العارفين والسلام.
(فتح طلسم الكنز) قال رسول الله 0ص): يقول الله تعالى: [لايزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعاً وبصراً ويداً ومؤيداً] قلنا سمعاً بإخبار الإلهام. وبصراً بأنواع عناية الاصطلام. ويداً بالتأييد. ومؤيداً بالتسديد.
(حل معمى اللغز) قال عارف: (وكل بلا أيوب بعض بليتى) (قلنا) بلاء أيوب فى الجسد دون الروح. وبلاء هذا العارف فيهما معاً فى الروح بالأوام. وفى الجسد بالسقام.
(فتح طلسم الكنز) قال عارف:
مـقـام النـبـوة فى بـرزخ فويق الرسول ودون الـولى
(قلنا) هذا ينكشف بوزن الحقائق. ذلك أن النبوة تعطى الأخذ عن الله بواسطة وحى الله ومقام الرسالة يعطى تبليغ أمر الله لعباد الله. ومقام الولاية أخذ عن الله بالله. أى الولاية الخاصة دون العامة يامن فهم عن الله وهذه الحقائق موجودة فيمن كان رسولاً، فافهم التحقيق. من كلام أهل الطريق ولا تظن أنهم يعتقدون تفضيل الولاية على النبوة والرسالة ونزههم عن ذلك فإنه ضلالة.
(حل معمى اللغز) قال عارف: يصل الولى إلى رتبة تزول عنه فيها كلفة التكليف (قلنا) يكون الولى أولاً يجد كلفة التعب. فإذا وصل وجد بالتكليف الراحة والطرب. من باب (أرحنا بها يابلال) وذلك مقصد الرجال.
(فتح طلسم الكنز) قال عارف: للربوبية سر لو ظهر نوره لعطل نور الشريعة (قلنا) أى سر الإحاطة بجميع الأفعال بالخلق والاختراع حتى فى معنى الكسب المطاع الذى هو مناط التشريع لكل عبد مطيع.
(حل معمى اللغز) قال عارف:
توضأ بمـاء الغيب إن كنت ذا سر وإلا تيمم بالصعـيد وبالصخر
وقدم إماماً كنت أنت إمامــه وصل صلاة الفجر فى أول العصر
فهذى صلاة العارفــين بربـهم فإن كنت منهم فانضح البر بالبحر
(قلنا) الوضوء هنا: طهارة أعضاء الصفات القلبية من النجاسات المعنوية بماء غيب التوحيد الذى ليس على تطهيره من مزيد. ويريد به توحيد العيان. فإن لم تجده فتطهر بصعيد البرهان. وقدم إماماً كان فى يوم الخطاب. ثم صرت أنت إمامه بعد سدل الحجاب. وصل صلاة الفجر. أى صلاة نهار كشف شهودك. بعد حجاب ظلمة وجودك. فى أول العصر. أى فى أول زمان العمر. تجرد بفقرك ولا تتأخر عن دورك. لأن الحكم للوقت. والتوقيت له مقت. هذا فى صلاة المحققين العارفين بربهم الذين لا يخرجون عن متابعة الأحكام الشرعية فى جميع مشاهد شهود الربوبية فإن كنت منهم. وقمت بآدابهم. فانضح البر بالبحر. أى اغسل بماء بحر الحقيقة ما تدنس من بدنك فى بر الشريعة.
ما نال من جعل الشريعـة جانباً شيئاً ولو بـلغ السماء مناره
(فتح طلسم الكنز) قال لسان الوارد: هذه نجوم فرائد. طلعت بسماء فوائد. وأشرقت بشموس مشاهد: اعلم أيها المشاهد أن الجلال والجمال هما عيب ظاهر ما يبدو عنهما فىكل حضرة من حضرات التلوين وأطوار تجليات التعيين. مثال ذلك فى التلوين فى أطوار البشرية الكاملة الموصوفة بالنبوة والرسالة ظهور خوف الإجلال للجلال. ومحبة الجمال للاتصال. وفى طور الولاية ظهور خوف العاقبة لعدم العصمة. ورجاء القرب للكرم الواسع والرحمة. فلهذا يكون الولى فيها محرر اللسان ميزان سيره بين الخوف والرجاء حذراً من نقصان إحدى الكفتين. لأن بهاتين الكفتين يصير له جناحان بهما يطير على سلسلة الاستقامة فى الدنيا ويسرع فى صراط الامتحان فى الآخرة وحكمة ظهورهما تختلف بحسب كل مقام.
ففى مقام الخلافة يظهران بالعفو والقصاص. لأجل مقام الاختصاص. قال اللسان الشريف. العزيز التعريف.
لـه خلق الرحمن فى العفو مثلما له خلق الجبار حقـا إذا اقتفى
ويظهران فى مقام كرم الأخلاق العلية. والأوصاف المرضية باللين والخشونة الأبية. لأجل نزاهة النفس من الأوصاف الدنية.
كريم يغض الطـرف فـضل حيائه ويرنو وأطراف الرمـاح دوانى
حكى السيف إن لاينته لأن مسـه وحـداه إن خاشنـته خشنان
ويظهران فى مقام الجبروية. لأجل مصلحة الحكمة فى البرية والإضرار. يشهد ذلك أولوالبصائر والأبصار.
إذا أنت لــم تنفع فضر فإنما يرجـى الفتى كـما يضـر وينفع
وأما ظهورهما فى أسرار التكوين ففيما يشهده من الحسن والقبيح والألكن والفصيح. والمريض والصحيح والناقص والكامل. والقاطع والواصل. والظلام والنور والحزن والسرور. إلى غير ذلك من الأمور. وأما ظهورهما بأطوار تجليات التعيين. فما أشهده الحق لأولى البصائر والاطلاع. فى حضرات شهود مشاهد الدرجات الرفاع. من حكمة التدبير. وقضاء التقدير. فى كل تعسير وتيسير.
فلهذا تراهم قد استوى عندهم شهود وصف الجلال والجمال. علماً منهم أن ذلك يورث مقام الكمال.
يا حـاكــمـى وحــكيـمى أحــكامك الكـل حكــمة
إن أثبت بالنعمة فذلك منك فضل. وإن حكمت بالنقمة فذلك منك عدل. فلا تحجبنا بأحد الوصفين عن شهود الآخر فتكون من المحوبين عنك. بل اكشف لنا عنك بك يامن كل وصف لمخلوق نشأ عن وصفه ولولا وصفك ما كان وصفنا. فصفنا من كدرنا. حتى نرى وصفك فى مرآة وجودنا المستفاد من جود وجودك إنك على كل شئ قدير. فمنك بدأنا وبك قمنا وإليك المصير. أنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
(حل معمى اللغز) نزل العارف على ساحل بحر المعانى الذوقية وأشرقت عليه هناك شمس المعارف الكشفية فصار بذلك أفق طلوعها بنور شروقها ومحل غروبها بعد بروقها. له التصرف فى جواهر التحقيق. واليد الطولى فى التدقيق. فيامن دخل بحر التوحيد واستغنى بشمس الذات. واستنار بنور الصفات. وقرأ سره المكتوم. وفهم تعلق العلم بالمعلوم. وحل بحبوحة ذلك الفضاء الواسع فى حضرات شهود النور الساطع. أنت الغريب فى الأكوان لما جمعت من حقائق العرفان. حضرة غيبك لا تفهم واسرار حكمتك لا تعلم.
ومذ عنك غبنا ذلك العـام إنـنا نزلنا على بحـر وساحلـه معنـا
وشمس على المعنى توافـق أفقنا فمغربها فينا ومشرقهـا مــنا
ومست يدانا جواهراً منه ركبت نفوس لنـا لمـا صفت فتجوهرنا
فما السر والمعنى وما الشمس قل لنا وما جوهر البحر الذى عنه عبرنا
حللنا وجوداً واسمه عندنا الفضـا يضيق بنا وسقا ونحن فما ضقنا
تركنا البحار الزاخــرات وراءنا فمن أين يدرى الناس أين توجهنا
(فتح طلسم الكنز) قال الله تعالى: ﴿وإذْ قُلْنا لِلْملائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجدُوا﴾.
فإن قلت: السجود لغير الله حرام فكيف جاز هذا السجود؟ قلنا: هذا السجود معناه خضوع الأصغر للأكبر. لا أنه سجود المربوب للرب لأن آدم عليه السلام عبد لارب. لكنه أكرم فى الصورة الأدمية بظهور النسمة المحمدية. فهذا الذى أوجب السجود له فى هذا المحراب. يا أولى الألباب. وذلك أن رأس محمد ميم ويداه حاء وسرته ميم وساقاه دال ولذلك كان يكتب فى الخط القديم على صورة الإنسان. فإن قلت: هلا ظهرت اليد الأخرى. حتى تقرأ يمنى ويسرى؟ قلنا: وإذا كتب كذلك كان أبلغ فى المدح. وذلك أنه ثبت عنه r أنه كان ينظر من خلفه كما ينظر أمامه فيصير يسار الخلف يميناً لذلك الوجه المختص به r. ولهذا قال بعض العارفين. لا يصح أن يقال له يسار بل يقال له اليمين الأولى واليمين الثانية أو يمين وجهه ويمين خلفه. هذا أدب أهل الحقيقة. ويؤيد مقالنا ما قال أستاذنا:
لـو أبصر الشيطان طلعة نـوره فى وجه آدم كان أول من سجد
وهو r نور كل الرسل والأنبياء. وجميع أهل الصلاح من الاتقياء.
عيسى وآدم والصدور جميعهــم هم أعين هو نورها لما ورد
وذلك أنه r جمع الله له نور الأنبياء وإرشاد الرسل وهداية الأولياء. ثم اختصه بنور الختم.
(وههنا لطيفة) وهى أن اسم محمد. الميم الأول منه إذا قلت ميم كان ثلاثة أحرف والحاء حرفان حاء وألف والهمزة لاتعد لأنها ألف والميمان المضعفان كذلك ستة أحرف والدال كذلك دال ألف لام فإذا عددت حروف اسمه كلها ظاهرها وباطنها حصل لك من العدد ثلثمائة وأربعة عشر على عدد الرسل الجامعين للنبوة، ويبقى واحد من العدد هو مقام الولاية المفرق على جميع الأولياء والصالحين التابعين للأبياء وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
(وههنا دقيقة) وهى كونه لم يبق للأولياء من العدد إلا الفرد لأن فيهم الأفراد الذين اختصوا فى التحقيق بالانفراد. أولئك الآحاد. الواحد منهم يجعله الحق فىكيانه. جامعاً لنور زمانه. وهذه الدقيقة الفردية من الحقيقة الجامعة المحمدية.
وليس عـلى الله بمستنـكر أن يجمع العالــم فى واحـد
(حل معمى اللغز) قال عارف: النبى مشرع للعموم. والولى مشرع للخصوص. قلنا أى الرسول النبى الولى مبين للعوام برسالته. ومبين للخواص بولايته. لا أن الولى يشرع الأحكام الشرعية لكن تتبين له الحقائق الكشفية. بطريق الوراثة للأنبياء. وهذا لا ينكر على السادة الأولياء.
(فتح طلسم الكنز) قال عارف. الخضرية مقام فأنكر عليه هذا الكلام. قلنا. الولى المحبوب. المطلع على الغيوب. يعطى من الكرامات. ما كان للخضر من المعجزات. وذلك عند الوراثة الخضرية قبل الوراثة الموسوية. والوارثة مقام. فافهم يامنكر الكلام.
(حل معمى اللعز) قال عارف (لس فى الإمكان أبدع مما كان) قلنا: إمكان الحكمة الإلهية لا إمكان القدرة الربانية. وهذا اللائق بفهم كلام هذا الإمام. حجة الإسلام.
(فتح طلسم الكنز) قال عارف (أخبرنى قلبى عن ربى) قال: من أنكر أن الله تعالى لم يكلم إلا موسى الأكبر قلنا موسى عليه السلام. اختصه الله بالكلام والولى يمنحه الله خبر الإلهام. وهو وحى الأولياء الذى هو دون وحى الأنبياء. ففرق بين خبر وكلم. يامن أنكر وتوهم.
(حل معمى اللغز) قال على بن أبى طالب رضى الله عنه:
أتحسب أنك جـرم صغــير وفيك انطوى العالــم الأكبر
قلنا: الإنسان: يوازى الكيان. وذلك أن الحكيم سبحانه وتعالى: لما ركب العالم العلوى جعل الأفلاك فيه تسع طباقاً بعضها فوق بعض. وجعل فى كل طبقة جنساً من الملائكة ﴿يُسبِّحون اللَّيلَ والنَّهار لايَفْترُون﴾ وكذلك ركب بنية الإنسان من تسع جواهر بعضها فوق بعض وجعل فى كل واحدة من القوى والحركة الدائمة كالنبض مالا يفتر عن الحركة إلى وفاء المدة وهى العظام والمخ والعصب والعروق والدم واللحم والشحم والجلد والشعر وكل جوهر منها يزيد وينمو. ولما كان الفلك مقسوماً لاثنى عشر برجاً كذلك فى بنية الإنسان اثنا عشر ثقباً مماثلة لها وهى العينان والأذنان والمنخران والسسبيلان والفم والسرة. ولما كانت منها ستة شمالية وستة جنوبية كذلك انقسمت الأثقب ستة فى الجانب الأيمن وستة فى الجانب الأيسر. ولما كان فى الفلك سبع كواكب سيارةكذلك وجد فى الإنسان سبع قوى يكون بها صلاح الجسد.
ولما كانت هذه الكواكب أعطيت من باريها الفعل بروحانيتها فى النفوس كذلك جعل فى جسد الإنسان سبع قوى جسمانية وهى القوة الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغازية والنامية والمصورة ثم جعل فيه سبع قوى روحانية. وهى الباصرة والسامقةوالذائقة والشامة واللامسة والناطقة والعاقلة ولما كانت تحت فلك القمر أربعة أركان وهى الأمهات. أعنى النار والهواء والماء والأرض وبهذه قوام الأشياء المولدة فى الحيوان والنبات والمعدن. كذلك وجد فى بنية جسده أربعة أعضاء هى تمام جملة الإنسان. أولها الرأس ثم الصدر ثم البطن ثم جوفه إلى قدمه فالرأس موازن للنار والصدر موازن للهواء والبطن موازن للماء. وجوفه إلى قدمه موازن للأرض.
(وبيان المشابهة) إن الرأس إنما أشبه النار لأجل أشعة البصر وما يتصاعد إليه من أبخرة أنفاسه الحارة. والصدر شبه بركن الهواء لاستنشاقه الهواء وتردده فى الرئة مرة إلى داخل ومرة إلى خارج ومرة يسكن ومرة يتحرك. والبطن شبه بالماء لما فيه من الرطوبات المائعات. ومن عانته إلى قدمه شبه بالأرض لما فيه من العظام اليابسة الجامدة التى يكون المخ فيها مخفياً كما أخفيت المعادن فى التراب. واستقرار الثلاثة عليها كذلك الرأس والصدر والبطن مستقرة جميعها على الرجلين. ولما كان فى العالم الشمس والقمر جعل فى الإنسان روح وعقل. فالروح كالشمس والعقل كالقمر. ولما كان فيه ملائكة وشياطين جعل فى الإنسان إرادته ونياته الحسنة كالملائكة. وخواطره ونياته السيئة كالشياطين. إلى غير ذلك مما يكثر جلبه. ولا يسع هذه الكراريس كتبه. فإذا تأمل اللبيب سر حكمة بنية الإنسان وانفتح له فيها أبواب النظر بالعرفان. علم يقيناً أن هذه النسخة الإنسانية. نسخة كمال قوبل بها الحضرة الربانية:
ياتائها فى مهمــه عـن سـره ارجع تجـد فيك الوجود بأسره
أنت الكمـال حقيقـة وطريقـة ياحاويــاً سر الإلـه بأسـره


تم بحمد الله تعالي








_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: ديوان أهل الذكر
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 01, 2016 5:06 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 22, 2011 2:18 am
مشاركات: 2067



تم النقل بحمد الله لكتاب ديوان أهل الذكر
رضي الله عن سيدي ابي الاخلاص




_________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي ادركني اغثني يا رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 27 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 19 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط