خلف الظلال كتب:
جاء في حقائق التفسير للسلمي عند قوله تعالى: ( ولله على الناس حج البيت... ) الآية.
قيل: إنَّ رجلاً جاء إلى الشبلي فقال له الشبلي : إلى أين؟
قال: إلى الحج.
قال: هات غرارتين فاملأهما رحمة، واكبسهما، وجئ بهما لتكون حظنا من الحج، نعرضُها على من حضر، ونحيي بها من زار.
قال: فخرجت من عنده فلما رجعت قال لى: أحججت؟
قلت: نعم.
قال لي: أي شيء عملت؟
قلت: اغتسلت وأحرمت وصليت ركعتين ولبيت.
فقال لي: عقدت به الحج؟
قلت: نعم.
قال: أفَسَختَ بعقدك كل عقدٍ عقدت منذ خُلِقت مما يضاد هذا العقد؟
قلت: لا.
قال: فما عقدت.
قال: ثم نزعت ثيابك؟
قلت: نعم.
قال: تجردت عن كل فعل فعلته؟
قلت: لا.
قال: ما نزعت.
قال: ثم تطهرت؟
قلت: نعم.
قال: أزلت عنك كل علةٍ بطهرك؟
قلت: لا.
قال: ما تطهرت .
قال: ثم لبيت؟
قلت: نعم.
قال: وجدت جواب التلبية مثلاً بمثلٍ؟
قلت: لا.
قال: ما لبيت.
قال: ثم دخلت الحرم؟
قلت: نعم.
قال: عقدت بدخولك ترك كل محرم؟
قلت: لا.
قال: ما دخلت الحرم.
قال: أشرفت على مكة؟
قلت: نعم.
قال: أشرف عليك من الله حالٌ بإشرافك؟
قلت: لا.
قال: ما أشرفت على مكة.
قال: دخلت المسجد الحرام؟
قلت: نعم.
قال: دخلت فى قربه من حيث علمته؟
قلت: لا.
قال: ما دخلت المسجد.
قال: رأيت الكعبة؟
قلت: نعم.
قال: رأيت ما قصدت له؟
قلت: لا.
قال: ما رأيت الكعبة.
قال: رملت ثلاثًا ومشيت أربعًا؟
قلت: نعم.
قال: هربت من الدنيا هربًا علمت أنك به فاصلتها، وانقطعت عنها ووجدت بمشيك الأربع أمنًا مما هربت منه فازددت لله شكرًا لذاك؟
قلت: لا.
قال: فما انقطعت.
قال: أصافحت الحجر؟
قلت: نعم.
قال: ويلك ؛ قيل: من صافح الحجر فقد صافح الحق ومن صافحه فهو في محل الأمن، أظهر عليك أثر الأمن؟
قلت: لا.
قال: ما صافحت الحجر.
قال: أصليت ركعتين بعدها؟
قلت: نعم.
قال: وقفت الوقفة بين يدى الله جل وعز، ووقفت على مكانك من ذلك وأديت قصدك؟
قلت: لا.
قال: ما صليت.
قال خرجت إلى الصفا ووقفت بها؟
قلت: نعم.
قال: أي شيء عملت؟
قلت: كبرت عليها.
قال : هل صفا سرك بصعودك على الصفا، وصَغُرَ في عينيك الأكوان بتكبيرك ربك؟
قلت: لا.
قال: ما صعدت ولا كبرت.
قال: هرولت في سعيك؟
قلت نعم.
قال: هربت منه إليه؟
قلت: لا.
قال: ما هرولت ولا سعيت.
قال: وقفت على المروة؟
قلت: نعم.
قال: رأيت نزول السكينة عليك وأنت على المروة؟
قلت: لا.
قال: لم تقف على المروة.
قال: خرجت إلى منى؟
قلت: نعم.
قال: أعطيت ما تمنيت؟
قلت: لا.
قال: ما خرجت إلى منى.
قال: دخلت مسجد الخيف؟
قلت: نعم.
قال: هل تجدّد عليك خوف بدخولك مسجد الخيف؟
قلت: لا .
قال: ما دخلته.
قال مضيت إلى عرفات؟
قلت: نعم.
قال: عرفت الحال التي خلقت لها والحال التي تصير إليها ؟ وهل عرفت من ربك ما كنت منكرًا له ؟ وهل تعرَّف الحق إليك بشيء مما تعرَّف به إلى خواصه؟
قلت: لا.
قال: ما مضيت إلى عرفات.
قال: أنفدت إلى المشعر؟
قلت: نعم.
قال: ذكرت الله فيه ذكرًا أنساك فيه ذكر من سِواه؟ وهل شعرت بماذا أجبت وبماذا خوطبت؟
قلت: لا.
قال: ما نفدت إلى المشعر.
قال: ذبحت؟
قلت: نعم.
قال: أفنيت شهواتك وإرادتك في رضا الحق؟
قلت: لا.
قال: ما ذبحت.
قال: رميت؟
قلت: رميت جهلك منك بزيادة علم ؟ طهرعلمك ؟.
قلت: لا.
قال: ما رميت.
قال: زرت؟
قلت: نعم.
قال: كوشفت شيئًا من الحقائق، أو رأيت زيادة الكرامات عليك للزيارة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " الحجاج والعمَّار زوار الله حقٌّ على المزور أن يكرم زائره ".
قلت: لا.
قال: ما زرت.
قال: أحللت؟
قلت: نعم.
قال: عزمت على أكل الحلال؟
قلت: لا.
قال: ما أحللت.
قال: ودَّعت؟
قلت: نعم.
قال: خرجت من نفسك وروحك بالكلية؟
قلت: لا.
قال: ما ودَّعت ولا حججت وعليك العود إن أحببت وإذا حججت فاجتهد أن تكون كما وصفت لك.