موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: عُلُوم الصُّوفِيَّة عُلُوم الْأَحْوَال
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 18, 2016 1:44 am 
غير متصل

اشترك في: السبت ديسمبر 21, 2013 9:44 pm
مشاركات: 1662
عُلُوم الصُّوفِيَّة عُلُوم الْأَحْوَال

أَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق اعْلَم أَن عُلُوم الصُّوفِيَّة عُلُوم الْأَحْوَال وَالْأَحْوَال مَوَارِيث الْأَعْمَال وَلَا يَرث الْأَحْوَال إِلَّا من صحّح الْأَعْمَال
وَأول تَصْحِيح الْأَعْمَال معرفَة علومها وهى علم الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من أصُول الْفِقْه وفروعه من الصَّلَاة وَالصَّوْم وَسَائِر الْفَرَائِض إِلَى علم الْمُعَامَلَات من النِّكَاح وَالطَّلَاق والمبايعات وَسَائِر مَا أوجب الله تَعَالَى وَندب إِلَيْهِ وَمَا لاغناء بِهِ عَنهُ من أُمُور المعاش
وَهَذِه عُلُوم التَّعَلُّم والاكتساب فَأول مَا يلْزم العَبْد الِاجْتِهَاد فى طلب هَذَا الْعلم وإحكامه على قدر مَا أمكنه ووسعه طبعه وقوى عَلَيْهِ فهمه بعد إحكام علم التَّوْحِيد والمعرفة على طَرِيق الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع السّلف الصَّالح عَلَيْهِ الْقدر الَّذِي يتَيَقَّن بِصِحَّة مَا عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فَإِن وفْق لما فَوْقه من نفى الشّبَه الَّتِى تعترضه من خاطر أَو نَاظر فَذَاك وَإِن أعرض عَن خواطر السوء اعتصاما بِالْجُمْلَةِ الَّتِي عرفهَا وتجافى عَن المناظر الَّذِي يحاجه فِيهِ ويجادله عَلَيْهِ وباعده فَهُوَ فِي سَعَة إِن شَاءَ الله عز وَجل واشتغل بِاسْتِعْمَال علمه وَعمل بِمَا علم فَأول مَا يلْزمه علم آفَات النَّفس ومعرفتها ورياضتها وتهذيب أخلاقها ومكائد الْعَدو وفتنة الدُّنْيَا وسبيل الِاحْتِرَاز مِنْهَا وَهَذَا الْعلم علم الْحِكْمَة
فَإِذا استقامت النَّفس على الْوَاجِب وصلحت طباعها وتأدبت بآداب الله عز وَجل من زم جوارحها وَحفظ أطرافها وَجمع حواسها سهل عَلَيْهِ إصْلَاح أخلاقها وتطهير الظَّاهِر مِنْهَا والفراغ مِمَّا لَهَا وعزوفها عَن الدُّنْيَا وإعراضها عَنْهَا
فَعِنْدَ ذَلِك يُمكن العَبْد مراقبة الخواطر وتطهير السرائر وَهَذَا هُوَ علم الْمعرفَة
ثمَّ وَرَاء هَذَا عُلُوم الخواطر وعلوم المشاهدات المكاشفات وهى الَّتِى تخْتَص بِعلم الْإِشَارَة وَهُوَ الْعلم الذى تفردت بِهِ الصُّوفِيَّة بعد جمعهَا سَائِر الْعُلُوم الَّتِى وصفناها
وَإِنَّمَا قيل علم الْإِشَارَة لِأَن مشاهدات الْقُلُوب ومكاشفات الْأَسْرَار لَا يُمكن الْعبارَة عَنْهَا على التَّحْقِيق بل تعلم بالمنازلات والمواحيد وَلَا يعرفهَا إِلَّا من نَازل تِلْكَ الْأَحْوَال وَحل تِلْكَ المقامات
روى سعيد بن الْمسيب عَن أَبى هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الْعلم كَهَيئَةِ الْمكنون لَا يُعلمهُ إِلَّا أهل الْمعرفَة بِاللَّه فَإِذا نطقوا بِهِ لم يُنكره إِلَّا أهل الْغرَّة بِاللَّه
وَعَن عبد الْوَاحِد بن زيد قَالَ سَأَلت الْحسن عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت رَسُول الله عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت جِبْرِيل عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت الله عز وَجل عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ هُوَ سر من سرى أجعله فى قلب عبدى لَا يقف عَلَيْهِ أحد من خلقى قَالَ أَبُو الْحسن بن أَبى ذَر فى كِتَابه منهاج الدّين أنشدونا للشبلى
. علم التصوف علم لَا نفاد لَهُ ... علم سنى سماوى ربوبى ...
فِيهِ الْفَوَائِد للأرباب يعرفهَا ... أهل الجزالة والصنع الخصوصى ...
ثمَّ لكل مقَام بَدْء وَنِهَايَة وَبَينهمَا أَحْوَال مُتَفَاوِتَة وَلكُل مقَام علم وَإِلَى كل حَال إِشَارَة وَمَعَ كل مقَام إِثْبَات وَنفى وَلَيْسَ كل مَا نفى فى مقَام كَانَ منفيا فِيمَا قبله وَلَا كل مَا أثبت فِيهِ كَانَ مثبتا فِيمَا دونه
وَهُوَ كَمَا روى عَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ
فنفى إِيمَان الْأَمَانَة لَا ايمان العقد والمخاطبون أدركوا ذَلِك إِذْ كَانُوا قد حلوا مقَام الْأَمَانَة أَو جاوزوه إِلَى مَا فَوْقه وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام مشرفا على أَحْوَالهم فَصرحَ لَهُم
فَأَما من لم يشرف على أَحْوَال السامعين وَعبر عَن مقَام فنفى فِيهِ وَأثبت جَازَ أَن يكون فى السامعين من لم يحل ذَلِك الْمقَام وَكَانَ الذى نَفَاهُ الْقَائِل مثبتا فى مقَام السَّامع فَيَسْبق إِلَى وهم السَّامع أَنه نفى مَا أثْبته الْعلم فخطأ قَائِله أَو بدعه وَرُبمَا كفره
فَلَمَّا كَانَ الْأَمر كَذَلِك اصطلحت هَذِه الطَّائِفَة على أَلْفَاظ فى علومها تعارفوها بَينهم ورمزوا بهَا فأدركه صَاحبه وخفى على السَّامع الذى لم يحل مقَامه فَأَما أَن يحسن ظَنّه بالقائل فيقبله وَيرجع إِلَى نَفسه فَيحكم عَلَيْهَا بقصور فهمه عَنهُ أَو يسوء ظَنّه بِهِ فيهوس قَائِله وينبه إِلَى الهذيان وَهَذَا أسلم لَهُ من رد حق وإنكاره
قَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين لأبي الْعَبَّاس بن عَطاء مَا بالكم أَيهَا المتصوفة قد اشتققتم ألفاظا أغربتم بهَا على السامعين وخرجتم عَن اللِّسَان الْمُعْتَاد هَل هَذَا إِلَّا طلب للتمويه أَو ستر لعوار الْمَذْهَب
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس مَا فعلنَا ذَلِك إِلَّا لغيرتنا عَلَيْهِ لعزته علينا كَيْلا يشْربهَا غير طائفتنا ثمَّ انْدفع يَقُول ...
أحسن مَا أظهره ونظهره ... بادئ حق للقلوب نشعره ...
يُخْبِرنِي عني وَعنهُ أخبرهُ ... أكسوه من رونقه مَا يستره ...
عَن جَاهِل لَا يَسْتَطِيع ينشره يفْسد مَعْنَاهُ إِذا مَا يعبره ...
فَلَا يطبق اللَّفْظ بل لَا يعشره ... ثمَّ يوافي غَيره فيخبره ...
فَيظْهر الْجَهْل وتبدو زمره ... ويدرس الْعلم وَيَعْفُو أَثَره ...

وأنشدونا أَيْضا لَهُ ...
إِذا أهل الْعبارَة ساءلونا ... أجبناهم بأعلام الإشاره ...
نشِير بهَا فنجعلها غموضا ... تقصر عَنهُ تَرْجَمَة العباره ...
ونشهدها وتشهدنا سُرُورًا ... لَهُ فِي كل جارحة إثاره ...
ترى الْأَقْوَال فِي الْأَحْوَال أسرى ... كأسر العارفين ذَوي الخسارة ...

الكتاب: التعرف لمذهب أهل التصوف
المؤلف: أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري الحنفي (المتوفى: 380هـ)

_________________
مدد ياسيدى يارسول الله
مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة
اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 13 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط