النيل الخالد كتب:
ذكر الشيخ محيي الدين ابن عربى إحدى وقائعه الكاشفة عن وظيفته الروحية في التربة حتى خارج دائرة أصحابه المباشرين، ففال : (111 : 431 ) : [ وفي ليلة تقييدي هذا الوجه...( أي كلامه عن العرش والكرسي، في الفصل الثاني من الباب 371, المتعلق بسورة الرعد)، أراني الحق في واقعتي رجلا ربع القامة فيه شقرة، فقعد بين يدي وهو ساكت ، فقال لي الحق : هذا عبد من عبادنا أفِدْه ليكون هذا في ميزانك . فقلت له : من هو؟ فقال لي : هذا أبو العباس بن جودي من ساكني البشرّات، وأنا إذ ذاك في دمشق.
فقلت له : يارب، وكيف يستفيد مني، وأين أنا منه؟ فقال لي : قل فإنّه يستفيد منك، فكما أريتك إياه أريته إياك، فهو الآن كما تراه فخاطبه يسمع منك، ويقول هو مثل ما تقول أنت .
يقول أُرِيتُ رجلا بالشام يقال له محمد بن العربي وسماني، أفادني أمراً لم يكن عندي فهو أستاذي. فقلت له : يا أبا العباس، ما الأمر؟ قال : كنت أجتهد في الطلب وأنصب وأبذل جهدي، فلما كشف لي، علمت أني مطلوب ، فاسترحت من ذلك الكدّ.
فقلت له يا أخي، من كان خيرا منك وأوصل بالحق وأتم في الشهود وأكشف للأمر قيل له : ( وقل ربي ذدني علما ) طه : 114
فأين الراحة في دار التكليف؟! ما فهمت ما قيل لك!
قولك علمت أني مطلوب، ولم تدر بماذا، نعم، أنت مطلوب بما كنت عليه من الاجتهاد والجد.
وما هذه الدار دار راحة. فإذا فرغت من أمر أنت فيه، فانصب في أمر يأتيك في كل نفّس. فأين الفراغ؟ فشكرني علي ما ذكرته به. فانظر عناية الله بنا وبه ]
ويقول أيضا [ ولقد رأيت من فتح الله عليه بصحبتي، واستفاد أحوالا وعلوما وخرق عوائد، أعطاه الله ذلك من حسن معاملته مع الله . وأخبرني إنه ما استفاد شيئا مما هو عليه إلا مني، وأنا لا علم لي بذلك، إنمّا أدعو إلي الله والله يعلم من يجيب ].
يامدد يامدد يامدد